عماد المهدي
2013-06-19, 12:11 AM
نصرة سوريا..و خطاب الرئيس مرسي
بقلم : عماد المهدي
---
1408
يقف الشعب السورى اليوم فى لحظة فارقة فى مواجهة طغيان نظام، وديكتاتورية فرد، واستبداد قلة، وعنصرية مذهب، وفاشية طائفة لم تتردد عن استخدام كافة الأدوات المشروعة وغير المشروعة فى سبيل تحقيق نصر زائف لن يُبقى- إذا ما استمر على النهج- سوريا موحدة بل يقدمها لقمة سائغة للأطماع الدولية والطموحات الإقليمية. وعلى الرغم مما تُسجل التقارير الدولية والإقليمية والمحلية بشأن حجم الابادة والقتل والتشريد والتدمير، تظل الحقائق على أرض الواقع أكبر من ذلك بكثير. ومن هذا المنطلق، كان فرض عين على الامة الاسلامية والعربية بصفة خاصة والإنسانية اجمع بصفة عامة أن تُسرع باتخاذ خطوات عملية لإنقاذ الشعب السورى الشقيق من إبادة جماعية، إلا أن الصمت الدولى ظل مخيمًا على التعامل مع الأزمة رغم الضجيج المرتفع الذى يشبه المثل القائل نسمع صوت الطحن ولكن لا نجد طحنًا. فالتحركات الدولية والاجتماعات الاقليمية واللقاءات الرسمية لم تُثمر عن نتائج ايجابية بشأن الأزمة. وكانت مصر دائمًا وأبدًا سباقة فى تحمل هموم الأمة ومشكلاتها رغم ما تعانيه من مشكلات وأزمات ولكن هذا هو ديدنها وواجبها وقدرها ومسئوليتها التى فرضتها الجغرافيا وأقرها التاريخ. فكان مؤتمر نصرة سوريا الذى مثّل ضوء فى نهاية النفق بعيدًا عن مزايدات البعض حول التخاذل المصرى فى مساندة القضية السورية، وجاءت كلمة الرئيس سواء تلك المتعلقة بالمباديء الثابتة والمحددات الواضحة للموقف المصرى أو تلك المتمثلة فى الرسائل التى حملها الى مختلف الأطراف داخليا وإقليميًا ودوليًا، لتعكس موقفًا مصريًا واضحًا وجليًا فى مساندة الشعب السورى فى أزمته. ولكن، رغم وضوح مفردات الخطاب ومفاهيمه، تظل ثمة ملاحظتين واجبتا التسجيل للكشف عن دلالات هذه المفردات وتسليط الضوء على مضامينها، وذلك على النحو التالى:
أولاً- أكد الخطاب على معارضته للتدخل الدولى فى الشئون الداخلية للدول، ففضلاً عن كونه مبدأ من مبادئ القانون الدولى التى أقرها ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يمثل فى الوقت ذاته مبدأ ثابت من مبادئ السياسة الخارجية المصرية. ولكن، يجب أن يكون واضحًا أن ثمة فارقًا بين التدخل فى الشئون الداخلية للدول على غرار ما تقوم به طهران وأذنابها وتحديدا حزب الله اللبنانى فى الازمة السورية وبين دور انسانى واسلامي وعربي وجب على الجميع اتخاذه حماية لحق الشعوب فى تقرير مصيرها من جانب، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين والإقليميين من جانب آخر. وهو ما يعنى أن تقديم الدعم اللوجسيتى والعسكرى الى المعارضة السورية ومساندتها فى وجه نظام دموى لم يتورع عن استخدام كافة أنواع الأسلحة المحرمة ضد شعبه وليس ضد عدوه الذى يحتل أرضه، يصبح فرض عين على الجميع أن يُسرع فى تقديمه دون انتظار لموافقة دولية أو استئذان اقليمى.
ثانيًا- دعا الخطاب مجلس الأمن إلى تحمل مسئوليته فى حل الأزمة السورية، وكلنا يعلم أن مجلس الأمن ليس هيئة قضائية تصدر أحكاما تراعى فيه السوابق القضائية او القواعد القانونية، وإنما هو هيئة أو جهاز سياسى يصدر قراراته طبقًا للمواءمات والتوافقات بين أعضاءه وخاصة من يملكون حق الفيتو. ومن ثم، فالدعوة من جانب أحد القادة أو الرؤساء لاتخاذ أى قرار لا يحظى بموافقة أحد هذه الاطراف يصبح عديم الجدوى ومجرد اجراء لإبراء الذمم أمام شعوبها والتاريخ. وهو ما ينطبق على الازمة السورية، فالفيتو الروسى- الصينى جاهزًا لمنع اى قرار يُتخذ ضد النظام السورى. ويبقى السؤال، ما العمل؟ اعتقد أن قراءة التاريخ والتعلم من أحداثه تقدم الاجابة الشافية الوافية على هذا التساؤل، فهناك ما يُعرف باسم (قرار الاتحاد من أجل السلام - Uniting For Peace Resolution) الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3/11/1950 تحت الرقم (377/5). وهو القرار الذي تم اعتماده بناء على مبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية، يتضمن هذا القرار ثلاثة أجزاء، يعنينا الجزء الأول، وبخاصة الفقرة (أ-1) التي تشير إلى ما يلي: "إذا لم يتمكن مجلس الأمن، بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين، من مباشرة مسؤوليته الرئيسية في حفظ السلام والأمن الدولي فيما يخص أية حالة يظهر فيها تهديد للسلم، أو إخلال بالسلم، أو وقوع عمل من أعمال العدوان، تنظر الجمعية العامة في المسألة على الفور بهدف تقديم توصيات مناسبة إلى الأعضاء من أجل اتخاذ تدابير جماعية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة في حالة الإخلال بالسلم أو وقع عمل من أعمال العدوان، وذلك لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. إذا لم تكن الجمعية العامة منعقدة في ذلك الوقت فيمكن أن تنعقد في دورة استثنائية طارئة خلال أربع وعشرين ساعة من تلقي طلبا بعقد مثل هذه الدورة. وتنعقد مثل هذه الدورة الاستثنائية إذا ما طلب عقدها أية سبعة أعضاء في مجلس الأمن أو أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة". وقد تم تفعليه فى حالات منها العدوان الثلاثى على مصر 1956، جدار الفصل العنصرى الاسرائيلى 2003. فما المانع من تفعيله الآن؟ وما هو دور مصر وبقية البلدان العربية والإسلامية كأعضاء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
ملخص القول، تظل الأزمة السورية واحدة من الأزمات الكبرى ليس فقط فى منطقتنا بل فى العالم أسره، فعلى إثر حلها أو إنهائها ستتشكل ملامح النظام الدولى الجديد، وهو ما يؤكد بلا شك مدى التعقيد والتشابك فى تلك الازمة، بما يجعل من الصعوبة بمكان ايجاد حلول محلية إو اقليمية لتلك الأزمة فى غياب الدور الدولى، فهى تحمل فى جوهرها البعد الداخلى بتركيبته المعقدة، والبعد الاقليمى بصراعاته المتنوعة، والبعد الدولى بتشكله المستقبلى.
بقلم : عماد المهدي
---
1408
يقف الشعب السورى اليوم فى لحظة فارقة فى مواجهة طغيان نظام، وديكتاتورية فرد، واستبداد قلة، وعنصرية مذهب، وفاشية طائفة لم تتردد عن استخدام كافة الأدوات المشروعة وغير المشروعة فى سبيل تحقيق نصر زائف لن يُبقى- إذا ما استمر على النهج- سوريا موحدة بل يقدمها لقمة سائغة للأطماع الدولية والطموحات الإقليمية. وعلى الرغم مما تُسجل التقارير الدولية والإقليمية والمحلية بشأن حجم الابادة والقتل والتشريد والتدمير، تظل الحقائق على أرض الواقع أكبر من ذلك بكثير. ومن هذا المنطلق، كان فرض عين على الامة الاسلامية والعربية بصفة خاصة والإنسانية اجمع بصفة عامة أن تُسرع باتخاذ خطوات عملية لإنقاذ الشعب السورى الشقيق من إبادة جماعية، إلا أن الصمت الدولى ظل مخيمًا على التعامل مع الأزمة رغم الضجيج المرتفع الذى يشبه المثل القائل نسمع صوت الطحن ولكن لا نجد طحنًا. فالتحركات الدولية والاجتماعات الاقليمية واللقاءات الرسمية لم تُثمر عن نتائج ايجابية بشأن الأزمة. وكانت مصر دائمًا وأبدًا سباقة فى تحمل هموم الأمة ومشكلاتها رغم ما تعانيه من مشكلات وأزمات ولكن هذا هو ديدنها وواجبها وقدرها ومسئوليتها التى فرضتها الجغرافيا وأقرها التاريخ. فكان مؤتمر نصرة سوريا الذى مثّل ضوء فى نهاية النفق بعيدًا عن مزايدات البعض حول التخاذل المصرى فى مساندة القضية السورية، وجاءت كلمة الرئيس سواء تلك المتعلقة بالمباديء الثابتة والمحددات الواضحة للموقف المصرى أو تلك المتمثلة فى الرسائل التى حملها الى مختلف الأطراف داخليا وإقليميًا ودوليًا، لتعكس موقفًا مصريًا واضحًا وجليًا فى مساندة الشعب السورى فى أزمته. ولكن، رغم وضوح مفردات الخطاب ومفاهيمه، تظل ثمة ملاحظتين واجبتا التسجيل للكشف عن دلالات هذه المفردات وتسليط الضوء على مضامينها، وذلك على النحو التالى:
أولاً- أكد الخطاب على معارضته للتدخل الدولى فى الشئون الداخلية للدول، ففضلاً عن كونه مبدأ من مبادئ القانون الدولى التى أقرها ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يمثل فى الوقت ذاته مبدأ ثابت من مبادئ السياسة الخارجية المصرية. ولكن، يجب أن يكون واضحًا أن ثمة فارقًا بين التدخل فى الشئون الداخلية للدول على غرار ما تقوم به طهران وأذنابها وتحديدا حزب الله اللبنانى فى الازمة السورية وبين دور انسانى واسلامي وعربي وجب على الجميع اتخاذه حماية لحق الشعوب فى تقرير مصيرها من جانب، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين والإقليميين من جانب آخر. وهو ما يعنى أن تقديم الدعم اللوجسيتى والعسكرى الى المعارضة السورية ومساندتها فى وجه نظام دموى لم يتورع عن استخدام كافة أنواع الأسلحة المحرمة ضد شعبه وليس ضد عدوه الذى يحتل أرضه، يصبح فرض عين على الجميع أن يُسرع فى تقديمه دون انتظار لموافقة دولية أو استئذان اقليمى.
ثانيًا- دعا الخطاب مجلس الأمن إلى تحمل مسئوليته فى حل الأزمة السورية، وكلنا يعلم أن مجلس الأمن ليس هيئة قضائية تصدر أحكاما تراعى فيه السوابق القضائية او القواعد القانونية، وإنما هو هيئة أو جهاز سياسى يصدر قراراته طبقًا للمواءمات والتوافقات بين أعضاءه وخاصة من يملكون حق الفيتو. ومن ثم، فالدعوة من جانب أحد القادة أو الرؤساء لاتخاذ أى قرار لا يحظى بموافقة أحد هذه الاطراف يصبح عديم الجدوى ومجرد اجراء لإبراء الذمم أمام شعوبها والتاريخ. وهو ما ينطبق على الازمة السورية، فالفيتو الروسى- الصينى جاهزًا لمنع اى قرار يُتخذ ضد النظام السورى. ويبقى السؤال، ما العمل؟ اعتقد أن قراءة التاريخ والتعلم من أحداثه تقدم الاجابة الشافية الوافية على هذا التساؤل، فهناك ما يُعرف باسم (قرار الاتحاد من أجل السلام - Uniting For Peace Resolution) الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3/11/1950 تحت الرقم (377/5). وهو القرار الذي تم اعتماده بناء على مبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية، يتضمن هذا القرار ثلاثة أجزاء، يعنينا الجزء الأول، وبخاصة الفقرة (أ-1) التي تشير إلى ما يلي: "إذا لم يتمكن مجلس الأمن، بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين، من مباشرة مسؤوليته الرئيسية في حفظ السلام والأمن الدولي فيما يخص أية حالة يظهر فيها تهديد للسلم، أو إخلال بالسلم، أو وقوع عمل من أعمال العدوان، تنظر الجمعية العامة في المسألة على الفور بهدف تقديم توصيات مناسبة إلى الأعضاء من أجل اتخاذ تدابير جماعية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة في حالة الإخلال بالسلم أو وقع عمل من أعمال العدوان، وذلك لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. إذا لم تكن الجمعية العامة منعقدة في ذلك الوقت فيمكن أن تنعقد في دورة استثنائية طارئة خلال أربع وعشرين ساعة من تلقي طلبا بعقد مثل هذه الدورة. وتنعقد مثل هذه الدورة الاستثنائية إذا ما طلب عقدها أية سبعة أعضاء في مجلس الأمن أو أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة". وقد تم تفعليه فى حالات منها العدوان الثلاثى على مصر 1956، جدار الفصل العنصرى الاسرائيلى 2003. فما المانع من تفعيله الآن؟ وما هو دور مصر وبقية البلدان العربية والإسلامية كأعضاء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
ملخص القول، تظل الأزمة السورية واحدة من الأزمات الكبرى ليس فقط فى منطقتنا بل فى العالم أسره، فعلى إثر حلها أو إنهائها ستتشكل ملامح النظام الدولى الجديد، وهو ما يؤكد بلا شك مدى التعقيد والتشابك فى تلك الازمة، بما يجعل من الصعوبة بمكان ايجاد حلول محلية إو اقليمية لتلك الأزمة فى غياب الدور الدولى، فهى تحمل فى جوهرها البعد الداخلى بتركيبته المعقدة، والبعد الاقليمى بصراعاته المتنوعة، والبعد الدولى بتشكله المستقبلى.