أبو عمر الباحث
2013-07-28, 03:09 PM
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف افتراءات د/ عدنان إبراهيم حول الصحابة
فرية أمر السيدة عائشة بقتل عثمان بن حُنيف!
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا (http://antishubohat.files.wordpress.com/2013/07/7onayf.pdf)
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى عدنان إبراهيم في مقطع له منشور على اليوتيوب أنَّ أُمَّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَمَرَتْ بقتل الصحابيِّ الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه وأنه لما قٌتل نتفوا لحيته وجفون عينيه!
وعند البحث عن مصدر هذه الفرية نجدها في تاريخ الطبري.
روى الإمام الطبري قال:
{ حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَـمَّـا أَخَذُوا عُثْمَـانَ بْنَ حُنَيْفٍ أَرْسَلُوا أَبَانَ بْنَ عُثْمَـانَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْتَشِيرُونَهَا فِي أَمْرِهِ، قَالَتِ: اقْتُلُوهُ، فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَـانَ وَصُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ: رُدُّوا أَبَانًا، فَرَدُّوهُ، فَقَالَتِ: احْبِسُوهُ وَلا تَقْتُلُوهُ، قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تَدْعِينَنِي لِهَذَا لَمْ أَرْجِعْ، فَقَالَ لَهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ: اضْرُبُوهُ وَانْتِفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ، فَضَرَبُوهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَنَتَفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارِ عَيْنَيْهِ وَحَبَسُوهُ ؟}.(1)
وللردِّ على هذه الفرية أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
أقول أن هذه الرواية لا تصح فسندُها فيه راوٍ كذاب.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً بقسميه الصحيح والحسن فقط ، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح :
{أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
والرواية تُخالف الشَّرْطَ الثاني وهو عدالة الرواة.
علة الرواية: أبو مخنف لُوْط بْنُ يَحْيَى كذاب.
قال الإمام شمس الدين الذهبي:
{ لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ.تركه أبو حاتم وغيره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال مَرَّةً: ليس بشيء.
وقال ابن عدي: شيعي محترق، صاحب أخبارهم.تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ }.(3)
ثانياً: محققو تاريخ الطبري يُضَعِّفُون الرواية:
أقول: لقد حكم محققو تاريخ الرسل والملوك للإمام الطبري على الرواية بالضعف
قال محققو تاريخ الطبري:
{ إسناده تالف، فهو من طريق الهالك أبي مخنف، ولم ترد في رواية صحيحة أن أصحاب الجمل أمروا بقتل والي البصرة عثمـان بن حنيف، والرواية التي قبل هذه وهي تكملة الرواية (952) من طريق شعيب عن سيف تذكر أنهم نتفوا شعر وجهه وأنَّ عائشة أمرت بإطلاق سراحه( ان خلوا سبيله فليذهب حيث شاء ولا تحبسوه) وإسناده ضعيف جدًا، فكلا الإسنادين كما ترى لا يمكن الاحتجاج بهمـا، وعلى هذه الأخبار الواهية المختلفة اعتمد المستشرق الألماني (بروكلمان) في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية، فقال عن أصحاب الجمل أنهم قتلوا والي البصرة، وعلمـًا بأن هاتين الروايتين على ضعفهمـا لم تذكر أنهم قتلوه، بل عذبوه ثم أطلقوا سراحه، ولا يصح }.(4)
والآن، ماذا يريد عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ثالثاً: تعظيم الصحابة واجب على الأمة:
أقول أنَّ تعظيمَ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واجب شرعي على هذه الأمة.
روى الإمامُ مسلم:
{ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَـاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَـاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ }.(5)
الله أكبر الله أكبر !
وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي أي أمن وأمان وحِفاظٌ لأمَّتي.
أفلا يحملنا هذا على تعظيمهم وتبجيلهم، وقد جعلهم اللهُ جلَّ جلاله أَمْنًا وأَمَانًا لهذه الأمة ؟
رابعاً: تحذير النبي من الخوض في الصحابة وسبهم:
لقد حذرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الخوض في أعراض أصحابه، ونهانا عن سَبِّهِم
.روى الإمام البخاريُّ:
{ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ}.(6)
فمن امتثل أمر نبيه أفلح، وَمَنْ تَنَكَّبَهُ ضَلَّ سعيه في الدنيا والآخرة.
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة النور 63.
وهذه شهادة عبد الله بن مسعود في أصحاب نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد:
{ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَـا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ }.(7)
مراجع البحـث:
(1)تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج4 ص468، ط دار المعارف - القاهرة، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر - لبنان ، دار الفكر - سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج7 ص88 ، ط دار الكتب العلمية - بيروت.
(4) ضعيف تاريخ الطبري للشيخين محمد طاهر البرزنجي ومحمد صبحي حسن حلاق ج8 ص662، ط دار بن كثير - دمشق.
(5) صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ج2 ص1177 ح207 - (2531)، ط دار طيبة - الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(6) صحيح البخاري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ص903 ح3673، ط دار ابن كثير - بيروت.
(7) مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل ج6 ص84، ط مؤسسة الرسالة - بيروت، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
نسف افتراءات د/ عدنان إبراهيم حول الصحابة
فرية أمر السيدة عائشة بقتل عثمان بن حُنيف!
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا (http://antishubohat.files.wordpress.com/2013/07/7onayf.pdf)
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى عدنان إبراهيم في مقطع له منشور على اليوتيوب أنَّ أُمَّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَمَرَتْ بقتل الصحابيِّ الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه وأنه لما قٌتل نتفوا لحيته وجفون عينيه!
وعند البحث عن مصدر هذه الفرية نجدها في تاريخ الطبري.
روى الإمام الطبري قال:
{ حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَـمَّـا أَخَذُوا عُثْمَـانَ بْنَ حُنَيْفٍ أَرْسَلُوا أَبَانَ بْنَ عُثْمَـانَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْتَشِيرُونَهَا فِي أَمْرِهِ، قَالَتِ: اقْتُلُوهُ، فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَـانَ وَصُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ: رُدُّوا أَبَانًا، فَرَدُّوهُ، فَقَالَتِ: احْبِسُوهُ وَلا تَقْتُلُوهُ، قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تَدْعِينَنِي لِهَذَا لَمْ أَرْجِعْ، فَقَالَ لَهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ: اضْرُبُوهُ وَانْتِفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ، فَضَرَبُوهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَنَتَفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارِ عَيْنَيْهِ وَحَبَسُوهُ ؟}.(1)
وللردِّ على هذه الفرية أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
أقول أن هذه الرواية لا تصح فسندُها فيه راوٍ كذاب.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً بقسميه الصحيح والحسن فقط ، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح :
{أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
والرواية تُخالف الشَّرْطَ الثاني وهو عدالة الرواة.
علة الرواية: أبو مخنف لُوْط بْنُ يَحْيَى كذاب.
قال الإمام شمس الدين الذهبي:
{ لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ.تركه أبو حاتم وغيره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال مَرَّةً: ليس بشيء.
وقال ابن عدي: شيعي محترق، صاحب أخبارهم.تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ }.(3)
ثانياً: محققو تاريخ الطبري يُضَعِّفُون الرواية:
أقول: لقد حكم محققو تاريخ الرسل والملوك للإمام الطبري على الرواية بالضعف
قال محققو تاريخ الطبري:
{ إسناده تالف، فهو من طريق الهالك أبي مخنف، ولم ترد في رواية صحيحة أن أصحاب الجمل أمروا بقتل والي البصرة عثمـان بن حنيف، والرواية التي قبل هذه وهي تكملة الرواية (952) من طريق شعيب عن سيف تذكر أنهم نتفوا شعر وجهه وأنَّ عائشة أمرت بإطلاق سراحه( ان خلوا سبيله فليذهب حيث شاء ولا تحبسوه) وإسناده ضعيف جدًا، فكلا الإسنادين كما ترى لا يمكن الاحتجاج بهمـا، وعلى هذه الأخبار الواهية المختلفة اعتمد المستشرق الألماني (بروكلمان) في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية، فقال عن أصحاب الجمل أنهم قتلوا والي البصرة، وعلمـًا بأن هاتين الروايتين على ضعفهمـا لم تذكر أنهم قتلوه، بل عذبوه ثم أطلقوا سراحه، ولا يصح }.(4)
والآن، ماذا يريد عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ثالثاً: تعظيم الصحابة واجب على الأمة:
أقول أنَّ تعظيمَ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واجب شرعي على هذه الأمة.
روى الإمامُ مسلم:
{ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَـاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَـاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ }.(5)
الله أكبر الله أكبر !
وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي أي أمن وأمان وحِفاظٌ لأمَّتي.
أفلا يحملنا هذا على تعظيمهم وتبجيلهم، وقد جعلهم اللهُ جلَّ جلاله أَمْنًا وأَمَانًا لهذه الأمة ؟
رابعاً: تحذير النبي من الخوض في الصحابة وسبهم:
لقد حذرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الخوض في أعراض أصحابه، ونهانا عن سَبِّهِم
.روى الإمام البخاريُّ:
{ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ}.(6)
فمن امتثل أمر نبيه أفلح، وَمَنْ تَنَكَّبَهُ ضَلَّ سعيه في الدنيا والآخرة.
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة النور 63.
وهذه شهادة عبد الله بن مسعود في أصحاب نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد:
{ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَـا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ }.(7)
مراجع البحـث:
(1)تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج4 ص468، ط دار المعارف - القاهرة، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر - لبنان ، دار الفكر - سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج7 ص88 ، ط دار الكتب العلمية - بيروت.
(4) ضعيف تاريخ الطبري للشيخين محمد طاهر البرزنجي ومحمد صبحي حسن حلاق ج8 ص662، ط دار بن كثير - دمشق.
(5) صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ج2 ص1177 ح207 - (2531)، ط دار طيبة - الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(6) صحيح البخاري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ص903 ح3673، ط دار ابن كثير - بيروت.
(7) مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل ج6 ص84، ط مؤسسة الرسالة - بيروت، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه