سيل الحق المتدفق
2014-05-01, 10:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرسل لي أحد النصارى رسالة على الفيس بوك ، معترضا على قطع اليد في حد السرقة ، واصفا إياه بالوحشية وعدم الإنسانية، فأجبته بما يلي :
أولا: الشريعة الإسلامية ليست هي الحدود فحسب، بل الحدود هي أقصى العقوبات الشرعية في الإسلام. والأصل في الشريعة أنها تعمل على إقامة "الإنسان والمجتمع والنظام المسلم" وتجتهد في بناء منظومته الشاملة على كل الأصعدة، دون إغفال جانب، أو عدم اعتبار حال الأمة.
ثانيا: أن حد السرقة في الأساس هو عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه أن يؤذي الناس في أموالهم وأن يأخذها بغير وجه حق ، أنه باقترافه هذه الجريمة يكون قد استغنى بإرادته الكاملة عن يده التي ارتكبت هذه الجريمة.
ثالثا: شروط إقامة حد السرقة: يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية:
1- أن يكون السارق بالغاً، عاقلاً، مختاراً، مسلماً كان أو كافراً.
2- أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة الخمر أو المخدرات أو نحوهما.
3- أن يبلغ المال المسروق قيمة ربع دينار من الذهب فصاعداً. فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا] متفق عليه. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ (الدرع الواقي للمجاهد) قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ] متفق عليه. والدينار = 4.25 جرام ، ذهب عيار 24 أي أن ربع دينار = 320 جنيه تقريبا (بأسعار اليوم). والا فلا قطع ، ويتم تأديب السارق اما بالحبس أو غرامة ضعف المسروق أو نحوه، وهو ما يسمى بالتعزير.
4- أن يأخذ المال على وجه الخفية (السرية والاختفاء)، فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاغتصاب، والاختلاس، والانتهاب ونحوها، وإنما فيها التعزير.
5- أن يأخذ المال من حرزه (مكان مغلق) كالدكان والدار ونحوهما.
6- انتفاء الشبهة، فلا قطع على الأب والأم، والابن والبنت، ولا على من وجبت عليه نفقته، ولا على من سرق في المجاعة [فمن سرق ليأكل لأنه جائع لا يجد طعاما، فلا حد عليه، لأن الدولة الاسلامية ملزمة بألا يبات أحدا فيها جائعا]. قال ابن القيم: "ومقتضى قواعد الشرع إذا كانت السنة سنة مجاعة وشدة، غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجاناً؛ لوجوب المواساة، وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك، والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج".
7- ثبوت السرقة: وتثبت السرقة بأحد أمرين:
أ- الإقرار: بأن يقر السارق على نفسه بالسرقة ، والاقرار أو الاعتراف سيد الأدلة كما يقولون.
ب- الشهادة: بأن يشهد عليه رجلان عدلان (مشهود لهم بالأمانة والصدق وعدم وجود أي ضغائن بينهما وبين المتهم) بأنه قد سرق.
8- أن يرفع صاحب المال المسروق دعواه الى ولى الأمر: فإذا تمت هذه الشروط وجب القطع، وإن اختل شرط منها سقط القطع، وللحاكم التأديب بما يراه مناسباً.
رابعا: عقوبة قطع اليد في الكتاب المقدس: وردت عقوبة قطع اليد في الكتاب المقدس في حق المرأة التي بلا حياء:
التثنية 25 : 11 إذا تخاصم رجلان، رجل وأخوه، وتقدمت امرأة أحدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه، ومدت يدها وأمسكت بعورته،
12 فاقطع يدها، ولا تشفق عينك .
يقول القمص تادرس يعقوب ملطي: ((من حق المرأة أن تدافع عن رجلها في وقت الشدَّة، لكن يجب أن تسلك بروح الاحتشام، لذا إن امتدَّت يدها لتمسك بعورة من يخاصم رجلها تقطع يدها. "إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضًا، رجل وأخوه، وتقدَّمت امرأة أحدهما لكي تخلِّص رجلها من يد ضاربه، ومدّت يدها وأمسكت بعورته، فاقطع يدها ولا تشفق عليها" [11-12]. مهما تكن الظروف فإن المرأة التي تفعل ذلك، ولو بقصد إنقاذ زوجها، تكشف عن فقدانها الحياء تمامًا، وفقدان حياتها الفاضلة وكرامتها. تُقطع يدها بلا رحمة، حتى لا يتسرَّب عدم الحياء إلى غيرها. فإنَّه خير لها أن تبقى مقطوعة اليد عن أن تعثر الفتيات والنساء. ولعل السيِّد المسيح في حديثه عن العثرة كان يُشير إلى هذا القانون: "فإن كانت عينك اليُمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنَّه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنَّم. وإن كانت يدك اليُمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنَّه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنَّم" (مت 5: 29-30). بمعنى أنَّه يليق بالمؤمن أن يكون حذرًا على الدوام من أيَّة عثرة أو خطر يحلّ به أو بمن حوله، وأن يصلب الشهوات الجسديَّة مهما كلَّفه الأمر )) .
فكيف بعد ذلك يصف النصارى حد السرقة في الاسلام بأنه وحشية ؟!!
والحمد لله رب العالمين.
أرسل لي أحد النصارى رسالة على الفيس بوك ، معترضا على قطع اليد في حد السرقة ، واصفا إياه بالوحشية وعدم الإنسانية، فأجبته بما يلي :
أولا: الشريعة الإسلامية ليست هي الحدود فحسب، بل الحدود هي أقصى العقوبات الشرعية في الإسلام. والأصل في الشريعة أنها تعمل على إقامة "الإنسان والمجتمع والنظام المسلم" وتجتهد في بناء منظومته الشاملة على كل الأصعدة، دون إغفال جانب، أو عدم اعتبار حال الأمة.
ثانيا: أن حد السرقة في الأساس هو عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه أن يؤذي الناس في أموالهم وأن يأخذها بغير وجه حق ، أنه باقترافه هذه الجريمة يكون قد استغنى بإرادته الكاملة عن يده التي ارتكبت هذه الجريمة.
ثالثا: شروط إقامة حد السرقة: يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية:
1- أن يكون السارق بالغاً، عاقلاً، مختاراً، مسلماً كان أو كافراً.
2- أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة الخمر أو المخدرات أو نحوهما.
3- أن يبلغ المال المسروق قيمة ربع دينار من الذهب فصاعداً. فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا] متفق عليه. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ (الدرع الواقي للمجاهد) قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ] متفق عليه. والدينار = 4.25 جرام ، ذهب عيار 24 أي أن ربع دينار = 320 جنيه تقريبا (بأسعار اليوم). والا فلا قطع ، ويتم تأديب السارق اما بالحبس أو غرامة ضعف المسروق أو نحوه، وهو ما يسمى بالتعزير.
4- أن يأخذ المال على وجه الخفية (السرية والاختفاء)، فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاغتصاب، والاختلاس، والانتهاب ونحوها، وإنما فيها التعزير.
5- أن يأخذ المال من حرزه (مكان مغلق) كالدكان والدار ونحوهما.
6- انتفاء الشبهة، فلا قطع على الأب والأم، والابن والبنت، ولا على من وجبت عليه نفقته، ولا على من سرق في المجاعة [فمن سرق ليأكل لأنه جائع لا يجد طعاما، فلا حد عليه، لأن الدولة الاسلامية ملزمة بألا يبات أحدا فيها جائعا]. قال ابن القيم: "ومقتضى قواعد الشرع إذا كانت السنة سنة مجاعة وشدة، غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجاناً؛ لوجوب المواساة، وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك، والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج".
7- ثبوت السرقة: وتثبت السرقة بأحد أمرين:
أ- الإقرار: بأن يقر السارق على نفسه بالسرقة ، والاقرار أو الاعتراف سيد الأدلة كما يقولون.
ب- الشهادة: بأن يشهد عليه رجلان عدلان (مشهود لهم بالأمانة والصدق وعدم وجود أي ضغائن بينهما وبين المتهم) بأنه قد سرق.
8- أن يرفع صاحب المال المسروق دعواه الى ولى الأمر: فإذا تمت هذه الشروط وجب القطع، وإن اختل شرط منها سقط القطع، وللحاكم التأديب بما يراه مناسباً.
رابعا: عقوبة قطع اليد في الكتاب المقدس: وردت عقوبة قطع اليد في الكتاب المقدس في حق المرأة التي بلا حياء:
التثنية 25 : 11 إذا تخاصم رجلان، رجل وأخوه، وتقدمت امرأة أحدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه، ومدت يدها وأمسكت بعورته،
12 فاقطع يدها، ولا تشفق عينك .
يقول القمص تادرس يعقوب ملطي: ((من حق المرأة أن تدافع عن رجلها في وقت الشدَّة، لكن يجب أن تسلك بروح الاحتشام، لذا إن امتدَّت يدها لتمسك بعورة من يخاصم رجلها تقطع يدها. "إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضًا، رجل وأخوه، وتقدَّمت امرأة أحدهما لكي تخلِّص رجلها من يد ضاربه، ومدّت يدها وأمسكت بعورته، فاقطع يدها ولا تشفق عليها" [11-12]. مهما تكن الظروف فإن المرأة التي تفعل ذلك، ولو بقصد إنقاذ زوجها، تكشف عن فقدانها الحياء تمامًا، وفقدان حياتها الفاضلة وكرامتها. تُقطع يدها بلا رحمة، حتى لا يتسرَّب عدم الحياء إلى غيرها. فإنَّه خير لها أن تبقى مقطوعة اليد عن أن تعثر الفتيات والنساء. ولعل السيِّد المسيح في حديثه عن العثرة كان يُشير إلى هذا القانون: "فإن كانت عينك اليُمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنَّه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنَّم. وإن كانت يدك اليُمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنَّه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنَّم" (مت 5: 29-30). بمعنى أنَّه يليق بالمؤمن أن يكون حذرًا على الدوام من أيَّة عثرة أو خطر يحلّ به أو بمن حوله، وأن يصلب الشهوات الجسديَّة مهما كلَّفه الأمر )) .
فكيف بعد ذلك يصف النصارى حد السرقة في الاسلام بأنه وحشية ؟!!
والحمد لله رب العالمين.