الداعي
2014-06-03, 10:30 PM
بحقٍّ، مفهوم الزمن حسب (النظرية النسبية) لألبرت آينشتين يبين لنا كيف أنَّ الله فوق الزمان والمكان، وكيف أنَّ الله يعلم الغيب، وهو بذلك يستوي عنده الماضي والحاضر والمستقبل. إنَّ مفهوم (الزمكان) صفعة لكل ملحد يشكك في قدرة الله سبحانه على علم الغيب، وهذا بيانه في الأسطر التالية:
يرى الأب الروحي للعلوم الحديثة إسحاق نيوتن أن الزمن هو هو على وتيرته في أرجاء الكون، فالزمن عنده من خواص الكون الثابتة، يتغير دائما بالمعدل نفسه، فالزمن يسير من الماضي مرورا بالحاضر إلى المستقل، ونحن عاجزون أمام هذا الواقع، فقلنا: الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
وبما أنَّ المشاهد يؤيد هذه النظرة، إلا أن آينشتاين يراها نظرة سطحية، وحقيقة الزمن هي خلاف ذلك. فالزمن لا يتغيير بالمعدل نفسه، ولكن بسرعات مختلفة، ويبدو من هذا الطرح الغريب الفريد أن الزمن بالنسبة لي قد لا يكون مماثلا لما هو عندك، وقد شدَّ انتباهه، واسترعى حفيظته إلى هذا هو اكتشاف علاقة خفية بين الزمان والمكان، وهذه العلاقة تحتم علينا أن لا نفصل بين الزمان والمكان، بل هما وحدة غير مجزأة، سماها (الزمكان).
وعليه، فحقيقة الزمن أنه لقطات منفصلة متتابعة من المشاهد واللحظات، فكل شيء يحدث هو بتتابع، لحظات آخذ بعضها برقاب بعض، ولو استطعنا رؤية جميع المشاهد واللحظات مصفوفة بتتابع، لاستطعنا رؤية ما حدث ويحدث وسيحدث، وبهذا فالأحداث كلها موجودة حقيقة، فالماضي لم يتلاشَ، والمستقبل حاصل بالفعل، ولكن الحركة تؤثر على تدفق الوقت؛ فلو افترضنا أنَّ شخصا في مجرة درب التبانة وشخصا في مجرة القبعة العريضة ثابتان؛ فإن ساعتهما تدق بالوتيرة نفسها.
فإذا بدأ الشخص الثاني يتحرك بعيدا عن مجرتنا فإن الحركة تبطئ الزمن، فلم تبق ساعتاهما متفقتين، وبحكم بعد المسافة فإن الفارق سيكون كبيرا، فيدرك أحداثا قبلك في الماضي. وإذا بدأ يتحرك قريبا من مجرتنا، يدرك أحداثا بعدك في المستقبل. ولحظة إدراكنا أن حاضرك لنا قد يكون هو ما اعتبرته الماضي، أو أن حاضرك هو المستقبل عندي، وأن حاضري وحاضرك واقعيان، عندها نعلم أن الماضي والمستقبل حقيقة موجودة فعلا! وهذا حسب قوانين الفيزياء. وعلى حد قول آينشتاين: (ليس الماضي والحاضر والمستقبل إلا مجرد وهم!)، مع أنه من مسلماتنا وبديهياتنا!
وهنا لا بدَّ من تقرير هذه الحقائق:
1. إنَّ مفهوم (الزمكان) يؤكد حقيقة البعد الرابع لهذا الكون وإن لم ندركه، وهو الزمن.
2. كما أنَّ البعد الثنائي لا يرى الكرة إلا دائرة، ولا يرى المكعب إلا مربعا، كذلك البعد الثلاثي، لا يرى الأحداث إلا بأبعادها الثلاثة، ولا يراها بأبعادها الحقيقية إلا الله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
3. البعد الرباعي قدم تفسيرا رائعا لعلم الغيب، فالله يستوي عنده الماضي والحاضر والمستقبل؛ لأنه يقدر على رؤية جميع المشاهد واللحظات مصفوفة بتتابع: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).
4.إن علم الله هذا لا يجبر أي شخص على طاعة أو معصية، بل المرء يقوم بأعماله باختياره: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، وعلمه هذا آية على عظم الله سبحانه وفائق قدرته: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
5. مفهوم (الزمكان) يبين أن الله ليس خاضعا للمكان والزمان؛ لأنه ليس بحادث، بل هو منزه عنهما، ويبين بطلان السؤال: كم مكث الله قبل أن يخلق الكون؟؛ لأنه لا زمان من دون مكان، والله ليس مفتقرا للمكان، بل هما خلقا في الانفجار الكبير (بيغ بانغ).
6. ما يؤيد هذه النظرية أنَّ النجوم التي نراها ما هي إلا الماضي السحيق لها: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)، وقد تكون قد غدت ثقوبا سوداء، ولن نعلم ذلك؛ لأن ذلك يحتاج آلاف السنين حتى يظهر لنا. وقد اعتبرناه الماضي السحيق لها؛ لأنها تبتعد عنا لا تقترب: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ). فاتساع المجرات يقتضي بعدها، وهذه من آياته، ومن معجزات كتابه.
7. لن يأتي علينا يوم نعبر فيه الزمن إيجابا أو سلبا؛ لأن الله يقول: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)؛ فالعبور الإيجابي هو استقدام وتعجيل للأجل، والسلبي هو تأخير.
8. هذه محاولة رمنا فيها وجه الله؛ إن أصبنا فله الحمد والمنة، وإن أخطأنا فذلك من نقصنا وعجزنا، وكل ذلك عندنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أ. علي غيث
3/ 6/ 2014م
يرى الأب الروحي للعلوم الحديثة إسحاق نيوتن أن الزمن هو هو على وتيرته في أرجاء الكون، فالزمن عنده من خواص الكون الثابتة، يتغير دائما بالمعدل نفسه، فالزمن يسير من الماضي مرورا بالحاضر إلى المستقل، ونحن عاجزون أمام هذا الواقع، فقلنا: الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
وبما أنَّ المشاهد يؤيد هذه النظرة، إلا أن آينشتاين يراها نظرة سطحية، وحقيقة الزمن هي خلاف ذلك. فالزمن لا يتغيير بالمعدل نفسه، ولكن بسرعات مختلفة، ويبدو من هذا الطرح الغريب الفريد أن الزمن بالنسبة لي قد لا يكون مماثلا لما هو عندك، وقد شدَّ انتباهه، واسترعى حفيظته إلى هذا هو اكتشاف علاقة خفية بين الزمان والمكان، وهذه العلاقة تحتم علينا أن لا نفصل بين الزمان والمكان، بل هما وحدة غير مجزأة، سماها (الزمكان).
وعليه، فحقيقة الزمن أنه لقطات منفصلة متتابعة من المشاهد واللحظات، فكل شيء يحدث هو بتتابع، لحظات آخذ بعضها برقاب بعض، ولو استطعنا رؤية جميع المشاهد واللحظات مصفوفة بتتابع، لاستطعنا رؤية ما حدث ويحدث وسيحدث، وبهذا فالأحداث كلها موجودة حقيقة، فالماضي لم يتلاشَ، والمستقبل حاصل بالفعل، ولكن الحركة تؤثر على تدفق الوقت؛ فلو افترضنا أنَّ شخصا في مجرة درب التبانة وشخصا في مجرة القبعة العريضة ثابتان؛ فإن ساعتهما تدق بالوتيرة نفسها.
فإذا بدأ الشخص الثاني يتحرك بعيدا عن مجرتنا فإن الحركة تبطئ الزمن، فلم تبق ساعتاهما متفقتين، وبحكم بعد المسافة فإن الفارق سيكون كبيرا، فيدرك أحداثا قبلك في الماضي. وإذا بدأ يتحرك قريبا من مجرتنا، يدرك أحداثا بعدك في المستقبل. ولحظة إدراكنا أن حاضرك لنا قد يكون هو ما اعتبرته الماضي، أو أن حاضرك هو المستقبل عندي، وأن حاضري وحاضرك واقعيان، عندها نعلم أن الماضي والمستقبل حقيقة موجودة فعلا! وهذا حسب قوانين الفيزياء. وعلى حد قول آينشتاين: (ليس الماضي والحاضر والمستقبل إلا مجرد وهم!)، مع أنه من مسلماتنا وبديهياتنا!
وهنا لا بدَّ من تقرير هذه الحقائق:
1. إنَّ مفهوم (الزمكان) يؤكد حقيقة البعد الرابع لهذا الكون وإن لم ندركه، وهو الزمن.
2. كما أنَّ البعد الثنائي لا يرى الكرة إلا دائرة، ولا يرى المكعب إلا مربعا، كذلك البعد الثلاثي، لا يرى الأحداث إلا بأبعادها الثلاثة، ولا يراها بأبعادها الحقيقية إلا الله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
3. البعد الرباعي قدم تفسيرا رائعا لعلم الغيب، فالله يستوي عنده الماضي والحاضر والمستقبل؛ لأنه يقدر على رؤية جميع المشاهد واللحظات مصفوفة بتتابع: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).
4.إن علم الله هذا لا يجبر أي شخص على طاعة أو معصية، بل المرء يقوم بأعماله باختياره: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، وعلمه هذا آية على عظم الله سبحانه وفائق قدرته: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
5. مفهوم (الزمكان) يبين أن الله ليس خاضعا للمكان والزمان؛ لأنه ليس بحادث، بل هو منزه عنهما، ويبين بطلان السؤال: كم مكث الله قبل أن يخلق الكون؟؛ لأنه لا زمان من دون مكان، والله ليس مفتقرا للمكان، بل هما خلقا في الانفجار الكبير (بيغ بانغ).
6. ما يؤيد هذه النظرية أنَّ النجوم التي نراها ما هي إلا الماضي السحيق لها: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)، وقد تكون قد غدت ثقوبا سوداء، ولن نعلم ذلك؛ لأن ذلك يحتاج آلاف السنين حتى يظهر لنا. وقد اعتبرناه الماضي السحيق لها؛ لأنها تبتعد عنا لا تقترب: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ). فاتساع المجرات يقتضي بعدها، وهذه من آياته، ومن معجزات كتابه.
7. لن يأتي علينا يوم نعبر فيه الزمن إيجابا أو سلبا؛ لأن الله يقول: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)؛ فالعبور الإيجابي هو استقدام وتعجيل للأجل، والسلبي هو تأخير.
8. هذه محاولة رمنا فيها وجه الله؛ إن أصبنا فله الحمد والمنة، وإن أخطأنا فذلك من نقصنا وعجزنا، وكل ذلك عندنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أ. علي غيث
3/ 6/ 2014م