الشيخ على الصعيدى
2008-11-10, 01:22 AM
وأول ما يمكن أن نستخلصه أن المسيح عليه السلام كان عالماً بأنه سيسلم ليصلب وبهذا اخبر تلاميذه ، بينما تآمر رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب وعلى رأسهم رئيس الكهنة الذي يدعي قيافاً لكي يمسكوا بالمسيح بمكر ويقتلوه ، وكان أن خان يهوذا الأسخريوطي المسيح عليه السلام وذهب إلى رؤساء الكهنة يعرض عليهم أن يسلمهم المسيح فوافقوا واتفقوا معه على أن يدفعوا له مبلغاً من المال مقابل ذلك ، ومنذ هذا الاتفاق أخذ يهوذا الأسخريوطي يتحين الفرصة ليسلمه إليهم .
واجتمع التلاميذ الاثني عشر ، ومن بينهم الخائن يهوذا الاسخريوطي ، اجتمعوا بعد ذلك في الفصح ، وبينما هم يأكلون مع المسيح عليه السلام أخبرهم أن واحداً منهم سيسلمه ، وجزعوا جميعاً ، وسأله كل واحد منهم عما إذا كان هو الذي سيسلمه فرد عليهم بما نفهم منه أنه يعرف أن يهوذا الاسخريوطي هو ذلك الذي سيسلمه .وبعد أن أكلوا خرج المسيح مع تلاميذه جميعاً عدا يهوذا الاسخريوطي ، حتى وصلوا إلى ضيعة يقال جثسيمناني ، وهناك جلس التلاميذ بينما ابتعد المسيح عنهم قليلاً ليصلي ، وابتدأ يحزن ويكتئب حتى أنه قال أن نفسه حزينة جداً حتى الموت وواضح أنه يحس في هذه اللحظات بقرب وصول يهوذا الاسخريوطي ومن معه من جند وغيرهم للقبض عليه وصلبه بعد ذلك ، وهنا يجثوا ويصلي ، يخر على وجهه ، يخر على الأرض ، ويسأل الله أو الآب أن يجيز عنه هذه الكأس ، أن يعبر عنه هذه الكأس المرة التي سيجرعها ، وما امر كأساً تكون الصلب ، ولذا يصلي لله أو للأب بحرارة ، بعمق ، ويدعوه في رجاء ، في أمل ، وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة ، وصار عرقه كقطرات الدم نازلة على الأرض ، يصلي كل هذه الصلاة ويدعو كل هذا الدعاء ليخلصه الله أو الآب من هذه الكأس ، وواضح هنا أن الله أو الآب هو الذي أراد له أن يشربها ، وهو وحده الذي يستطيع أن يجيزها عنه إذا شاء ، ويكرر المسيح هذه الصلاة ثلاث مرات ، ويبدو عليه اليأس من استجابة الله أو الآب لها في النهاية . ولذا ، ولإيمانه وتقواه ، يستسلم لإرادة الله أو الآب ويقول ( إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك ) ، أو ( ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت ) أو ( لتكن لا إرادتي بل إرادتك ) وهذه الجمل التي وردت في الأناجيل تؤكد أن صلب المسيح إنما كان مشيئة الله أو الآب ، وأن المسيح ، بعد أن صلي لله أو الآب ودعاه في حرارة وعمق أن يخلصه من الصلب استسلم أخيراً لمشيئة الله أو الآب ، بعد أن لم يبد له أن الله أو الآب قد استجاب لصلاته وأجاز عنه هذه الكأس .
وهذا المعني السابق للآيات هو ما تقوله به آيات أخرى تالية لها في العهد الجديد وهي التي تقول ( الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه ) (عبرانيين ص 5 : 7).وبينما المسيح عليه السلام يؤدي هذه الصلاة العميقة ، ينام تلاميذه ، حتى أنه يتوجه إليهم بعد كل صلاة ويحاول إيقاظهم ، وفي المرة الأخيرة يصل يهوذا الأسخريوطي ومعه جمع كثير - جند وخدام من عند رؤساء الكهنة والفريسيين - يحملون سيوفاً وعصياً ومشاعل ، وكان يهوذا قد أعطاهم علامة ليعرفوا بها المسيح فيقبضون عليه ، وكانت العلامة أن من يقبله يكون هو المسيح ، ويتقدم يهوذا من المسيح ليقبله ، والجمع من خلفه ليقبضوا علي من سيقبله ، وهنا يسألهم المسيح - كما ورد في أنجيل يوحنا - عمن يريدون ، فيقولون يسوع الناصري ، فيجيبهم بأنه هو ، وعندئذ رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض - كرواية إنجيل يوحنا - ، ويتهيج بطرس فيستل سيفه ويضرب أذن عبد رئيس الكهنة ، ولكن المسيح يمنعه ، فيقبضون على المسيح ويهرب جميع التلاميذ.
ويمضي الجند والخدام بالمسيح عليه السلام إلى قيافا رئيس الكهنة أولا وكما جاء في الأناجيل الثلاثة الأولي ، أو إلى حنان حما قيافا أولا كما ورد في أنجيل يوحنا الذي أرسله بدوره إلى قيافا ، أما بطرس فتبع المسيح ومن قبضوا عليه من بعيد ليري ماذا سيكون من أمره ، ولكن كاد أمر صلته بالمسيح أن ينكشف لولا أن أنكر ثلاث مرات صلته بالمسيح ، ثم انصرف بعد ذلك.
وطلبوا شهود زور يشهدون على المسيح ، فتقدم شاهدا زور قالا أنهما سمعاه يقول بأنه يقدر ينقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام يبنيه ، وكان المسيح ساكتاً لا يتكلم حتى استحلفه رئيس الكهنة بالله أن يقول إن كان هو المسيح ابن الله ، فأجابه المسيح قائلاً ( أنت قلت ، وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء .) فيمزق رئيس الكهنة ثيابه ويقول بأنه قد جدف ، ويسأل الحاضرين عما يرون فيقولون أنه مستوجب للموت .وفي الصباح دفعوا المسيح إلى بيلاطس البنطي الوالي ، الذي سأله عما إذا كان هو حقاً ملك اليهود ، فأجابه بقوله ( أنت تقول ) ، ولم يجبه بعد ذلك عن أية كلمة أخرى كما ورد في الأناجيل الثلاثة الأولي ، أو أخذ يجيبه عن كل أسئلته ويناقشه في كلامه كما ورد في أنجيل يوحنا.
ويفهم أن الوالي لم يجد في المسيح علة ليقتله ، وكان من عادته أن يطلق الأسير الذي يطلبونه في العيد ، وأراد أن يكون المسيح هو الأسير الذي يطلقه ولكن الجموع ترفض ، وتطلب أسيراً آخر اسمه باراباس ، فيسألهم بيلاطس عما يفعله بالمسيح ، فيطلبون إليه أن يصلبه ، ويتردد بيلاطس ، ولكن صياح الجماهير يعلو ويعلو أن اصلبه اصلبه ، ويأخذ بيلاطس ماء ويغسل يديه أمام الجميع قائلاً أنه برئ من دم هذا البار ، ويترك لهم أن يقرروا (أبصروا أنتم ) فأجاب جميع الشعب وقالوا (دمه علينا وعلى أولادنا ) ، فأطلق لهم باراباس ، وأما المسيح فجلده وأسلمه ليصلب.
وسخر الجنود من المسيح ، وأخذوا يستهزئون به ، ثم سخروا رجلاً قيرواناً اسمه سمعان ليحمل صليب المسيح ، ولما وصلوا إلى موضع الجمجمة صلبوه هناك ، وصلب لصان معه واحد عن يمينه وآخر عن يساره ، وكان المجتازون يسخرون من المسيح وهو على الصليب وكذلك رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ ، وكان مما عيروا به أنه أتكل على الله فلينقذه إن أراده ، كما كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه أيضاً كما ورد في أنجيل متى ومرقس ، أو عيره أحدهما بينما عاتب الآخر من عيره كما ورد في أنجيل لوقا.
وأخيراً ، صاح المسيح على الصليب قائلاً ( إلهي إلهي لماذا تركتني ) ، وهنا ركض واحداً واخذ اسنفجة وملأها خلاً وجعلها على قصبة وسقاه ، بينما طلب منه الباقون أن يتركه ، ليروا ما إذا كان إيليا سيخلصه ، ثم صرح المسيح على الصليب بصوت عظيم واسلم الروح ، وهكذا تم الصلب فداء للبشرية كما يعتقد المسيحيون .
ولهذا فلقد قال ابن القيم فى قصيدته المشهورة رادا على هؤلاء الضالين ما نصه
ولذك فانى اختم هذا الفصل بهذه الابيات
أعباد المسيح لنا سؤال
إذا مات الإله بصنع قوم
وهل أرضاه ما نالوه منه
وإن سخط الذي فعلوه فيه
وهل بقي الوجود بلا إله
وهل خلت الطباق السبع لما
وهل خلت العوالم من إله
وكيف تخلت الأملاك عنه
وكيف أطاقت الخشابات حمل الإله
وكيف دنا الحديد إليه حتى
وكيف تمكنت أيدي عداه
وهل عاد المسيح إلى حياة
ويا عجبا لقبر ضم ربا
أقام هناك تسعا من شهور
وشق الفرج مولودا صغيرا
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي
تعالى الله عن إفك النصارى
أعباد الصليب لأي معنى
وهل تقضى العقول بغير كسر
إذا ركب الإله عليه كرها
فذاك المركب الملعون حقا
يهان عليه رب الخلق طرا
فإن عظمته من أجل أن قد
وقد فقد الصليب فإن رأينا
فهلا للقبور سجدت طرا
فيا عبد المسيح أفق فهذا
نريد جوابه ممن وعاه
أماتوه فما هذا الإله
فبشراهم إذا نالوا رضاه
فقوتهم إذا أوهت قواه
سميع يستجيب لمن دعاه
ثوى تحت التراب وقد علاه
يدبرها وقد سمرت يداه
بنصرهم وقد سمعوا بكاه
الحق شد على قفاه
يخالطه ويلحقه أذاه
وطالت حيث قد صفعوا قفاه
أم المحيي له ربك سواه
وأعجب منه بطن قد حواه
لدى الظلمات من حيض غذاه
ضعيفا فاتحا للثدي فاه
بلازم ذاك هل هذا إله
سيسأل كلهم عما افتراه
يعظم أو يقبح من رماه
وإحراق له ولمن بغاه
وقد شدت لتسمير يداه
فدسه لا تبسه إذ تراه
وتعبده فإنك من عداه
حوى رب العباد وقد علاه
له شكلا تذكرنا سناه
لضم القبر ربك في حشاه
بدايته وهذا منتهاه( )
واجتمع التلاميذ الاثني عشر ، ومن بينهم الخائن يهوذا الاسخريوطي ، اجتمعوا بعد ذلك في الفصح ، وبينما هم يأكلون مع المسيح عليه السلام أخبرهم أن واحداً منهم سيسلمه ، وجزعوا جميعاً ، وسأله كل واحد منهم عما إذا كان هو الذي سيسلمه فرد عليهم بما نفهم منه أنه يعرف أن يهوذا الاسخريوطي هو ذلك الذي سيسلمه .وبعد أن أكلوا خرج المسيح مع تلاميذه جميعاً عدا يهوذا الاسخريوطي ، حتى وصلوا إلى ضيعة يقال جثسيمناني ، وهناك جلس التلاميذ بينما ابتعد المسيح عنهم قليلاً ليصلي ، وابتدأ يحزن ويكتئب حتى أنه قال أن نفسه حزينة جداً حتى الموت وواضح أنه يحس في هذه اللحظات بقرب وصول يهوذا الاسخريوطي ومن معه من جند وغيرهم للقبض عليه وصلبه بعد ذلك ، وهنا يجثوا ويصلي ، يخر على وجهه ، يخر على الأرض ، ويسأل الله أو الآب أن يجيز عنه هذه الكأس ، أن يعبر عنه هذه الكأس المرة التي سيجرعها ، وما امر كأساً تكون الصلب ، ولذا يصلي لله أو للأب بحرارة ، بعمق ، ويدعوه في رجاء ، في أمل ، وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة ، وصار عرقه كقطرات الدم نازلة على الأرض ، يصلي كل هذه الصلاة ويدعو كل هذا الدعاء ليخلصه الله أو الآب من هذه الكأس ، وواضح هنا أن الله أو الآب هو الذي أراد له أن يشربها ، وهو وحده الذي يستطيع أن يجيزها عنه إذا شاء ، ويكرر المسيح هذه الصلاة ثلاث مرات ، ويبدو عليه اليأس من استجابة الله أو الآب لها في النهاية . ولذا ، ولإيمانه وتقواه ، يستسلم لإرادة الله أو الآب ويقول ( إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك ) ، أو ( ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت ) أو ( لتكن لا إرادتي بل إرادتك ) وهذه الجمل التي وردت في الأناجيل تؤكد أن صلب المسيح إنما كان مشيئة الله أو الآب ، وأن المسيح ، بعد أن صلي لله أو الآب ودعاه في حرارة وعمق أن يخلصه من الصلب استسلم أخيراً لمشيئة الله أو الآب ، بعد أن لم يبد له أن الله أو الآب قد استجاب لصلاته وأجاز عنه هذه الكأس .
وهذا المعني السابق للآيات هو ما تقوله به آيات أخرى تالية لها في العهد الجديد وهي التي تقول ( الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه ) (عبرانيين ص 5 : 7).وبينما المسيح عليه السلام يؤدي هذه الصلاة العميقة ، ينام تلاميذه ، حتى أنه يتوجه إليهم بعد كل صلاة ويحاول إيقاظهم ، وفي المرة الأخيرة يصل يهوذا الأسخريوطي ومعه جمع كثير - جند وخدام من عند رؤساء الكهنة والفريسيين - يحملون سيوفاً وعصياً ومشاعل ، وكان يهوذا قد أعطاهم علامة ليعرفوا بها المسيح فيقبضون عليه ، وكانت العلامة أن من يقبله يكون هو المسيح ، ويتقدم يهوذا من المسيح ليقبله ، والجمع من خلفه ليقبضوا علي من سيقبله ، وهنا يسألهم المسيح - كما ورد في أنجيل يوحنا - عمن يريدون ، فيقولون يسوع الناصري ، فيجيبهم بأنه هو ، وعندئذ رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض - كرواية إنجيل يوحنا - ، ويتهيج بطرس فيستل سيفه ويضرب أذن عبد رئيس الكهنة ، ولكن المسيح يمنعه ، فيقبضون على المسيح ويهرب جميع التلاميذ.
ويمضي الجند والخدام بالمسيح عليه السلام إلى قيافا رئيس الكهنة أولا وكما جاء في الأناجيل الثلاثة الأولي ، أو إلى حنان حما قيافا أولا كما ورد في أنجيل يوحنا الذي أرسله بدوره إلى قيافا ، أما بطرس فتبع المسيح ومن قبضوا عليه من بعيد ليري ماذا سيكون من أمره ، ولكن كاد أمر صلته بالمسيح أن ينكشف لولا أن أنكر ثلاث مرات صلته بالمسيح ، ثم انصرف بعد ذلك.
وطلبوا شهود زور يشهدون على المسيح ، فتقدم شاهدا زور قالا أنهما سمعاه يقول بأنه يقدر ينقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام يبنيه ، وكان المسيح ساكتاً لا يتكلم حتى استحلفه رئيس الكهنة بالله أن يقول إن كان هو المسيح ابن الله ، فأجابه المسيح قائلاً ( أنت قلت ، وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء .) فيمزق رئيس الكهنة ثيابه ويقول بأنه قد جدف ، ويسأل الحاضرين عما يرون فيقولون أنه مستوجب للموت .وفي الصباح دفعوا المسيح إلى بيلاطس البنطي الوالي ، الذي سأله عما إذا كان هو حقاً ملك اليهود ، فأجابه بقوله ( أنت تقول ) ، ولم يجبه بعد ذلك عن أية كلمة أخرى كما ورد في الأناجيل الثلاثة الأولي ، أو أخذ يجيبه عن كل أسئلته ويناقشه في كلامه كما ورد في أنجيل يوحنا.
ويفهم أن الوالي لم يجد في المسيح علة ليقتله ، وكان من عادته أن يطلق الأسير الذي يطلبونه في العيد ، وأراد أن يكون المسيح هو الأسير الذي يطلقه ولكن الجموع ترفض ، وتطلب أسيراً آخر اسمه باراباس ، فيسألهم بيلاطس عما يفعله بالمسيح ، فيطلبون إليه أن يصلبه ، ويتردد بيلاطس ، ولكن صياح الجماهير يعلو ويعلو أن اصلبه اصلبه ، ويأخذ بيلاطس ماء ويغسل يديه أمام الجميع قائلاً أنه برئ من دم هذا البار ، ويترك لهم أن يقرروا (أبصروا أنتم ) فأجاب جميع الشعب وقالوا (دمه علينا وعلى أولادنا ) ، فأطلق لهم باراباس ، وأما المسيح فجلده وأسلمه ليصلب.
وسخر الجنود من المسيح ، وأخذوا يستهزئون به ، ثم سخروا رجلاً قيرواناً اسمه سمعان ليحمل صليب المسيح ، ولما وصلوا إلى موضع الجمجمة صلبوه هناك ، وصلب لصان معه واحد عن يمينه وآخر عن يساره ، وكان المجتازون يسخرون من المسيح وهو على الصليب وكذلك رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ ، وكان مما عيروا به أنه أتكل على الله فلينقذه إن أراده ، كما كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه أيضاً كما ورد في أنجيل متى ومرقس ، أو عيره أحدهما بينما عاتب الآخر من عيره كما ورد في أنجيل لوقا.
وأخيراً ، صاح المسيح على الصليب قائلاً ( إلهي إلهي لماذا تركتني ) ، وهنا ركض واحداً واخذ اسنفجة وملأها خلاً وجعلها على قصبة وسقاه ، بينما طلب منه الباقون أن يتركه ، ليروا ما إذا كان إيليا سيخلصه ، ثم صرح المسيح على الصليب بصوت عظيم واسلم الروح ، وهكذا تم الصلب فداء للبشرية كما يعتقد المسيحيون .
ولهذا فلقد قال ابن القيم فى قصيدته المشهورة رادا على هؤلاء الضالين ما نصه
ولذك فانى اختم هذا الفصل بهذه الابيات
أعباد المسيح لنا سؤال
إذا مات الإله بصنع قوم
وهل أرضاه ما نالوه منه
وإن سخط الذي فعلوه فيه
وهل بقي الوجود بلا إله
وهل خلت الطباق السبع لما
وهل خلت العوالم من إله
وكيف تخلت الأملاك عنه
وكيف أطاقت الخشابات حمل الإله
وكيف دنا الحديد إليه حتى
وكيف تمكنت أيدي عداه
وهل عاد المسيح إلى حياة
ويا عجبا لقبر ضم ربا
أقام هناك تسعا من شهور
وشق الفرج مولودا صغيرا
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي
تعالى الله عن إفك النصارى
أعباد الصليب لأي معنى
وهل تقضى العقول بغير كسر
إذا ركب الإله عليه كرها
فذاك المركب الملعون حقا
يهان عليه رب الخلق طرا
فإن عظمته من أجل أن قد
وقد فقد الصليب فإن رأينا
فهلا للقبور سجدت طرا
فيا عبد المسيح أفق فهذا
نريد جوابه ممن وعاه
أماتوه فما هذا الإله
فبشراهم إذا نالوا رضاه
فقوتهم إذا أوهت قواه
سميع يستجيب لمن دعاه
ثوى تحت التراب وقد علاه
يدبرها وقد سمرت يداه
بنصرهم وقد سمعوا بكاه
الحق شد على قفاه
يخالطه ويلحقه أذاه
وطالت حيث قد صفعوا قفاه
أم المحيي له ربك سواه
وأعجب منه بطن قد حواه
لدى الظلمات من حيض غذاه
ضعيفا فاتحا للثدي فاه
بلازم ذاك هل هذا إله
سيسأل كلهم عما افتراه
يعظم أو يقبح من رماه
وإحراق له ولمن بغاه
وقد شدت لتسمير يداه
فدسه لا تبسه إذ تراه
وتعبده فإنك من عداه
حوى رب العباد وقد علاه
له شكلا تذكرنا سناه
لضم القبر ربك في حشاه
بدايته وهذا منتهاه( )