أسد الدين
2007-11-17, 04:54 AM
لماذا الحديث عن المرأة الإيجابية؟
1- لأن المرأة طاقة عظيمة، وقوة كبيرة في الخير أو في الشر، إن استغلت في الخير أصبحت محضناً يربي الأجيال ويخرّج الأبطال، فهي مدرسة إيمانية كما قال حافظ:
الأم مدرسة إذا أعددتها.......أعددت شعباً طيب الأعراق
فهي مدرسة إن أُعدت لمهمتها..
وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معول هدم للأمة، وباب فتنةٍ كبرى ومصيبةٍ عظمى. لقد زالت -يوم أن فسدت المرأة- حضارات كانت في يوم من الأيام مكينة، ولها في الحضارة المادية مكانة رفيعة، ففسدت المرأة فخرّ عليهم السقف من فوقهم. ونحن نرى اليوم الحضارة الغربية وأثر المرأة في فسادها وترنّحها. « ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء »..
2- حاجة الأمة إلى جهود نسائها، وتكاتفها مع الرجال لتكوين الأمة المسلمة القوية. و« النساء شقائق للرجال » { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ }، فللنساء دور في بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله. ليس دور المرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ، بل هناك دور أهم من ذلك وأعظم وهو تربية النشئ ونشر الخير والمشاركة في بناء الأسرة المسلمة المتكاملة.
وأما ماذا نقصد بالمرأة الإيجابية..
فهي المرأةُ ذات الشخصية المسلمة، الحقُ غايتها والقرآنُ والسنةُ منهجُ حياتها، بهما تقتدي وعلى أثرهما تقتفي.. هذا هو التعريف المختصر للمرأة الإيجابية التي نريد أن نتحدث عن سماتها وصفاتها، وإليكم بعض التفصيل لهذا الإجمال.
صور من إيجابية المرأة
المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه، ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال، به يُعرف الله ويُعبد, ويُذكر ويُوحّد، ويُحمد ويُمجّد. به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، وهو إمام والعمل مأموم، وهو قائد والعمل تابع.
مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وطلبه قربه، وبذله صدقة، فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }..
تقتدي بأخواتها المؤمنات اللاتي قلن "يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك" فوعدهن يوماً، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن، والحديث في صحيح الإمام البخاري رحمه الله. فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها، بل أردن أن يخصص لهن مجلساً.
والمرأة الإيجابية ذات لسان سؤول لا يمنعها حياؤها عن تعلم شيء تجهله، وقد أثنت عائشة رضي الله عنها على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة. ولولا خشية الإطالة لأوردت الأحاديث وسؤالاتهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمورهن الخاصة والعامة.
وهذه عائشة رضي الله عنها كانت تراجع النبي صلى الله عليه وسلم في أمور لم تعرفها. قال ابن أبي مليكة إن عائشة كانت لا تسمعُ شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « منْ حُوسب عُذِّب » قالت عائشة فقلت: "أو ليس يقول الله تعالى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } فقال: « إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك » رواه البخاري.
المرأة الإيجابية متميزة في هذا المجال في صور شتى:
- فهي مشاركة فاعلة في الدور لحفظ كتاب الله وتعلمه و « خيركم من تعلم القرآن وعلّمه »..
- ومنها أنها تسمع الأشرطة للمحاضرات النافعة.
- ومنها أنها تقرأ الكتب الشرعية تزداد في دينها بصيرةً.
- ومنها متابعتها للدروس العلمية ولمجالس العلماء، سواء في الحضور المباشر أو عن طريق وسائل الإعلام كإذاعة القرآن الكريم فيها من الدروس العلمية ما لو تابعته المرأة لارتقت إلى مستوً رفيع من العلم بالأحكام الشرعية والأمور الدينية.
أيتها الأخوات:
إن كتب التراجم والتأريخ قد حفظت لنا أخبار كثير من النساء الإيجابيات في مجال العلم، واللاتي أذهب الله عنهن غشاوة الجهل، وحباهن نور العلم والفهم، فتفتحت بصائرهن، وتخرّج في مدارسهن كبار علماء الدنيا.
ومن هؤلاء: معلمة أمير الحفاظ: الحافظ ابن حجر رحمه الله، كان إذا ذكر أخته ستّ الركب -اسمُها ستُ الركب- قال: هي أمي بعد أمي.. فقد ربّته وحدبت عليه وعلّمته..
كما أن الحافظ بن حجر قد تعلّم على جماعةٍ من النساء يشار إليهن بالبنان في العلم حتى إن الحافظ رحمه الله قد قرأ على نيف وخمسين امرأة، كلهن شيوخه في العلم. فمنهن: فاطمة الدمشقية أم الحسن، وكذلك في مشايخه فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية أم يوسف, قال ابن حجر رحمه الله: "ونعم الشيخة كانت"، وكذلك خديجة بنت إبراهيم، وسارة بنت تقي الدين علي السبكي.
وأكثر من الحافظ ابن حجر شيوخاً من النساء الحافظ بن عساكر رحمه الله. فقد ذكر شيوخه من النساء فكنّ بضعاً وثمانين شيخة، و ست الركب -بالمناسبة- ماتت ولم تبلغ الثامنة والعشرين من عمرها. ولكن الإيجابية ترفع صاحبها وتعلي منزلته في الدنيا والآخرة. ويكفيها فخراً أن من تلاميذها الحافظ ابن حجر رحمه الله.
المرأة الإيجابية والدعوة إلى الخير..
المرأة الإيجابية تدرك أن العمل لهذا الدين مسئولية الجميع ذكرهم وأنثاهم { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } فلم يخص الحق عز وجل واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرجال دون النساء. وهذا ما تدركه المرأة الإيجابية, ولذلك فهي تستشعر مسئولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، سواء في محيط بيتها أو خارجه.
فقد روى الإمام ابن كثير ردّ المرأة على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً، وقوله: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" رضي الله عنه. قال الإمام ابن كثير إسنادها جيد. ومراجعة عائشة للكثير من الصحابة في فتاويهم واجتهاداتهم واستدراكها على بعضهم هو من الدعوة التي كانت تقوم بها النساء. وأبواب الدعوة إلى الخير عند المرأة الإيجابية كثيرة يحثها إليها قول الخالق عز وجل: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً }
بيد أننا نذكّر ببعض مجالات الدعوة:
1- العناية بدعوة زوجها وأولادها إلى الخير، وسعيها لتطهير بيتها من المنكرات وإشاعة الفضائل والمكرمات. وقد كانت بعض نساء السلف يقلن لأزواجهن: "اتقوا الله فينا ولا تطعمونا الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".
2- ومن مجالات الدعوة أيضاً: الدعوة في أوساط النساء سواء في مجالسهن أو في المدارس والجامعات، تنشر الخير عبر الكلمة الطيبة والقدوة الصالحة والشريط النافع والنشرة المفيدة.
3- المشاركة في المحاضن التربوية والمدارس الإيمانية، كدور تحفيظ القرآن واللجان النسائية للمؤسسات الخيرية كالندوة العالمية وندوة الإغاثة.
4- الكتابة في المجلات والصحف.
5- متابعة قضايا الأمة وتقديم ما تستطيعه للمجاهدين وربط أخواتها النساء بهذه القضايا وإشعارهن بأن لهن دوراً لابد من القيام به لنصرة الإسلام في أي مكان في العالم. فإذا سقط وجوب الجهاد القتالي على المرأة فإن الجهاد المالي قد لا يسقط إن كانت من أهل المال أو تستطيع أن تنصر إخوانها بالمال، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فالمرأة الإيجابية لا تراها إلا تربي طفلاً، أو توجه زوجاً، أو تدعو رباً، أو تنشر خيراً، أو تبذل مالاً، أو تقدم عوناً..
المرأة الإيجابية ملتزمة بشرع الله.. فهو نهج حياتها.. امرأة مؤمنة.. وصلت بحبل الله عروتها، وأضاءت بنوره خطوتها، وعمرت بحبه قلبها، ورطّبت بذكره لسانها، وشغلت بطاعته جوارحها.. فهي بالله ولله ومن الله وإلى الله..
بالله اعتصامها، ولله قيامها، ومن الله استمدادها، وإلى الله فرارها، وعلى ضوء كتابه وسنة رسوله حركتها وسكونها. تحب في الله، وتبغض في الله، وتصل في الله، وتقطع في الله، وتعطي لله وتمنع لله.. فالله مبدؤها، والله غايتها..
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.لاَ شَرِيكَ لَهُ }.
فالمرأة الإيجابية امرأة موحّدة، توحيدُ الخالق يسري في كيانها، فهي تؤمن به، وتتوكل عليه، وتثق به وتتجه إليه في سرائها وضرائها.. إذا مسّها خيرٌ شكرت ولربها حمدت.. وإذا أصابتها ضراء صبرت وتقرّبت إلى خالقها وتذللت، وراجعت نفسها واستغفرت، لأنها تقرأ قوله تعالى: { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ }..
ولقد كانت بعض النساء المؤمنات من خير القرون إذا أصابها صُداعٌ وضعت يدها على رأسها وقالت: "ذلك بما كسبت يداي وما يعفو عنه ربي أكثر"..
والمرأة الإيجابية: امرأة مستسلمةٌ لله، طائعة له، راضية بشرعه، لا تبتغي غير الإسلام ديناً، ولا ترتضي بغيره منهجاً. وكيف لا ترضاه وقد رضيه اللهُ لها وأتم نعمته به عليها.. { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً }..
فهي ملتزمة به، في أعمالها وأقوالها، وهديها ولباسها، فليس بينها وبين ما تعتقده تناقض وانفصام.
هي مسلمة في بيتها ودارها، مع زوجها وأبنائها، في مدرستها أو وظيفتها، وفي جميع أحوالها. ملتزمة بأوامر ربها مستسلمة لما قضاه محبةٌ لما ارتضاه: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } ..
إن إيجابية المرأة المسلمة تعني المبادرة إلى التطبيق، والمسارعة في الاستجابة دون تلكؤٍ أو تأخير مهما خالف الأمر رغباتها وأهوائها وما اعتادت عليه.
تروي لنا عائشة رضي الله عنها كيف استقبل نساء المهاجرين والأنصار أمر الله لهنَّ بالحجاب والذي يتعلق بتغيير شيء هام في حياة المرأة درجن عليه في الجاهلية وفي بداية الإسلام أيضاً. قالت عائشة وقد أجتمع حولها بعض النساء، فذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت: "إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، ولا أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل. لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } فأنقلب رجالُهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأُخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها المرّحل -المزخرف- فاعتجرت به -أي شدته على رأسها- تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجراتٍ كأن على رؤوسهن الغربان". هذا هو الموقف من أمر طالما اعتدن عليه، المسارعة إلى التنفيذ بفعل ما أمر واجتناب ما نهى بلا تردد، ولا توقف ولا انتظار, لم ينتظرن يوماً أو يومين أو أكثر حتى يشترين أو يخِطْنَ أكسية جديدة تلائم غطاء الرؤوس بل سارعن إلى الالتزام.. بأي كساء وجد، وأي لون تيسّر ما دام فيه طاعة الله والتزامٌ بأمره، فإن لم يوجد الكساء شققن مروطهن وشددنها على رؤوسهن، غير مباليات بمظهرهن الذي يبدو كأن على رؤوس الغربان، كما وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ما أشد حاجتنا لمثل هذه المبادرات في الحجاب، وفي الأغاني وفي النظر إلى المجلات الهابطة التي أفسدت الكثير من بناتنا وفتياتنا.
المرأة الإيجابية..
ترفض التبعيّة، والتقليد للأفكار والمتعلقات الغربية إذا كانت مخالفة لهدي الإسلام. ترفض التقليد والتبعية لأنها تستظل تحت شجرة مباركة وارفةٍ ظلالها وطيبٍ ثمرها { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ }.. وتحذر من الانحدار في مستنقع التقليد الأعمى والتشبه بأهل الزيغ والهوى، قائلةً ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تشبه بقوم فهو منهم ». قدوتها عائشة وفاطمة، وليست فنانة ولا مطربة.
فهي متميزة في شخصيتها كتميّز دينها الذي تنتمي إليه وتؤمن به، بل وكتميّز الأمة التي هي فرد منها { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ }.
وهي تسأل الله عز وجل أن يجعلها على هذا الصراط المتميّز الذي هداها الله إليه { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } وهم اليهود ومن أقتفى أثرهم، { وَلاَ الضَّآلِّينَ } وهم النصارى ومن اتبع سبيلهم في الضلال.
وهي مع تميّزها واستقلاليتها، لا تعبأ باستهزاء المستهزئين من المضيّعات لدينهن وضعيفات الإيمان والدين. ثابتة على دينها رغم المعوّقات والمخذّلات، ترجو رضى خالق الأرض والسموات همّها رضى الله.
ولتتذكر أن الاستهزاء بأهل الأيمان قديمٌ { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ.وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُون.وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ.وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَـؤُلاَءِ لَضَالُّونَ.وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } فلا تبالي المرأة المسلمة باستهزاء السفهاء بها ما دامت طائعةً لربها ملتزمة بشرعه.
المرأة الإيجابية..
ابنة وقتها، لها في كل وقت وظيفة ومن كل خير سهمٌ وغنيمة. تعرف أهمية وقتها، وتدرك مسئولياتها عن عمرها، وأنها مسئولة محاسبة عن أيام حياتها « وعمره فيما أبلاه وعن شبابه فيما أفناه ». ولذلك فالإيجابية تستغل وقتها بما يقربها إلى خالقها، وتوظف طاقاتها في خدمة دينها ودعوتها. لا تسرف في إضاعة الوقت في فنون الرشاقة والماكياج، وتحذر من مزهقات الأوقات، ومضيعات الساعات، مثل:
- مجالس الغفلة والتي يكثر فيها القيل والقال بدون فائدةٍ تذكر.
- المكالمات الهاتفية التي تطول في لغوٍ يضيع ساعات النهار والليل.
- الإسراف في الديكورات وفنون الطبخ والموضات.
- التجول في الأسواق من غير حاجة.
- الجلوس إلى التلفاز ومتابعة المسلسلات ونحوها. فهي بالإضافة إلى ما فيها من محرمات كالموسيقى ونحوها فكذلك فيها ضياع للوقت.
أيتها الأخوات: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد لفت نظر أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها في أهمية استثمار الوقت، حتى ولو كان في طاعة باستبدالها بطاعة أعظم منها.
عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بُكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها. ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: « ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟! » قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لقد قلت بعدك أربع كلمات (ثلاث مرات) لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن.. سبحانه الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.. » بضع كلمات تساوي أضعاف مضاعفة من أجور التسبيح. إنها والله فُرَصٌ كم تغيب عنا، وكم نحن مقصّرون في استغلالها..
واستثمار الوقت له صوره الكثيرة:
- الاستثمار بأداء الفرائض وهو من أجلّ ما يستثمر به الوقت، ومن أحب الأعمال إلى الله.
- ثم الإكثار من النوافل.
- المحافظة على الأوراد.
- الاستثمار الخدمي وتقديم الخدمة لأفراد الأسرة مثل القيام بحق الأهل سواء الأم أم الزوج أو الإخوة والأخوات.
الاستثمار الدعوي:
- نشر الخير بين أفراد الأسرة أو المجتمع.
- المشاركة في دور الذكر والمناشط الدعوية.
- عمل المسابقات والمطويات.
- عمل الأسواق الخيرية واستغلال مهارة الطبخ والخياطة ونحوها من المهارات النسائية في مناصرة الدعوة وقد كانت زينب تصنع بيدها وتبيع ثم تتصدق.
- مساعدة الدعاة في دعوتهم مثل جمع مادة لمحاضرة أو تحضير خطبة أو موعظة أو إسداء النصح له في قضايا الدعوة.
* كانت أم سليم وعائشة تنقلان القُرب على متونهما ثم تفرغانها في أفواه الصحابة ثم ترجعان فتملآنها وهكذا.
* وأم عطية رضي الله عنها تقول: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام".رواه مسلم.
الاستثمار العلمي والثقافي:
الاستثمار المنزلي:
وهي عبادة جليلة؛ كانت أسماء بنت أبي بكر تعلف فرس زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه، وتكفيه مؤونته وتسوسه وتدقّ النوى، وتعجن.
استثمار المواهب والطاقات:
خلق الله كل إنسان وعنده طاقة وموهبة وأودعه من الملكات والمقدرات الشيء الكثير، لكن كثير من الناس من يموت ولم يستغل جلّ هذه الطاقات والمواهب، أو استغلها في غير طاعة.
* أم عطية وصفية، طباخات ماهرات..
* زينب بنت جحش، في الخياطة والخرز.
* عائشة، في طلب العلم والفتوى..
المرأة الإيجابية..
لها دور في محاربة أعداء الإسلام وفضح مخططاتهم.
تدرك مخططات أعدائها، فلا تنخدع بالأفكار العلمانية المنحرفة، ولا تنطلي عليها ضلالاتهم المزخرفة، ولا تتأثر بشبهاتهم، ولا تلتفت إلى باطلهم وافتراءاتهم. ترفض الجاهلية مهما كان رداؤها ومن أي مكان كان مصدرها شرقية أم غربية..
- تحذرُ دعواتهم المضللة التي قلبوا فيها القيم وعكسوا المفاهيم وشوّهوا الحقائق؛ كدعوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، ليصنعوا امرأةً مبتذلةً لشهواتهم وأهوائهم يحررونها من لباسها وعفتها ويتحررون هم من قيود العفة والأخلاق في الوصول إليها فتصبح بين أيديهم في نهارهم وليلهم. جارية لعوب وغانية رخيصة في سوق الملذات ودور الأزياء..
ولما كانت الأسرة أكبر معقل تربوي، حرصوا على تقويض أركانه بأنواع من المكر والخداع، كطرحهم لمبدأ الندية وأن المرأة ندٌّ لزوجها ومناوئٌ له ومتصارعٌ معه.
هذا هو نظرهم. أما نظرة المسلمة، بل مبدأُ الإسلام فالمرأة شقيقةُ الرجل، والعلاقة بينهم علاقة تكامل وتنسيق وتراحم وسكن.. « النساء شقائق الرجال » { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }، بكل ما تعني كلمة اللباس في دلالاتها كالوقاية والحماية، والستر واللطف والتجاور والحب والوئام. هو رجل محتفظ برجولية وهي امرأة متميزة بأنوثتها..
هكذا المرأة الإيجابية ترى الأمور بوضوح تام لا غبش فيه ولا لبس..
- بل نرى المرأة الإيجابية ترصد هذه الدعوات الهدامة، سواء كانت وافدة أم من بني جلدتها وممن يتكلمون بلسانها من بني قومها الحروف عربية، وأفكارهم غربيةٌ أجنبيةٌ شيطانية. تتصدى لهم بخنجر العلم والإيمان، مقتدية بأخواتها اللاتي سبقنها بالإيمان، ومنهن أم سليم؛ كما روى الإمام مسلم عن أنس: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فكان معها، فرآها أبو طلحة -زوجها- فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما هذا الخنجر؟ » قالت: "اتخذته، إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه" فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك..
إنك مدعوة للمشاركة في الرصد و الذب عن بيضة الإسلام. وقد عقد الإمام البخاري باباً في صحيحه في غزو النساء وقتالهن.. فنريد بعض أخواتنا اللاتي آتاهن الله قلماً أن يرصدن الأفكار العلمانية ويكتبن مفندات لتلك الأفكار ومحذرات من تلك الأخطار.
ومما هو مطلوب من المرأة، أن تقاطع بضائع أعداء الله عز وجل لتضيق الحصار عليهم وحتى لا تكون عوناً لأعداء الله على أمتها، فيستخدمون أموالنا في حربنا وقتلنا، وأن تغرس كره اليهود في قلب أبنائها وكذلك من أعانهم وساعدهم.
إن الكثير من شركات الماكياج شركات يهودية تحتاج إلى مقاطعتها واستبدالها بشركات أخرى ليست معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين.
عوائق الإيجابية وموهناتها
1- الذنوب والمعاصي
إن أثرها عظيم على الإنسان في حجبه عن المعالي، والقعود به عن الأعالي. إنها مجلبةٌ لفتور الهمم ووهن العزائم، بل صارفةٌ عن الخير صادةٌ عنه.
قال بعض السلف: "لا نعرف أحداً حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب". فمن اشتغلت بأعراض الناس صدّها عن الذكر والأوراد. ومن اشتغلت بالغناء صدّها عن التلذذ بكتاب الله والاستئناس به.
2- ضعف الثقة بالنفس
"لا أستطيع" كلمة ترددها الكثيرات من النساء عندما تدعوها إلى المعالي، إلى بذل الخير، إلى أن يكون لها أثر في بيتها ومجتمعها.. "لا أستطيع"..
- إذا قيل لها احفظي كتاب الله، قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها الق كلمة، قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها اكتبي مقالاً، قالت لا أستطيع..
لا تقول ذلك إلا من باب التهرب من المسئولية والركون إلى السكون والدعة.
3- عدم الاهتمام بالعلم الشرعي
أساس العمل العلم فهو قائده وكلما ضعف العلم خَمَل العمل.. وهناك بعض الأخوات لا تولي العلم الشرعي اهتمامها وتظن أنه حكراً على العلماء وهذه الشبهة وغيرُها جعلها تقع في بدع كثيرة في عباداتها.
فإذا صلّت صلاة فيها العديد من الأخطاء والبدع في الأفعال والأقوال، وإذا تكلّمت وقعت في الكثير من المؤاخذات الشرعية.. وإذا وقعت في مشكلة لم تتصرف التصرف الذي يمليه عليها دينها وعقيدتها..
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }
4- عدم الاهتمام بتطوير المهارات
هناك العديد من الأخوات عندهن مواهب وقدرات كبيرة لكنها غير مفعّلة، نظراً لأنهن لم تتح لهن الفرصة لتطوير هذه المهارات مثل: الخياطة والتأليف والكتابة، وفن محادثة الناس وفن الديكور والطبخ. بل حتى في العمل الإسلامي، هناك ضعف في الإدارة ووضع الخطط عند الداعيات، نظراً لعدم الاهتمام بتطوير المَلَكات في هذا الجانب.
5- عوائق أسرية
قد تواجه المرأة بعض المعوقات من داخل أسرتها فيسيطر عليها الإحباط واليأس.
6- الحياء
الكثيرات لا نشك في حبهن لتقديم النفع للآخرين ولكنهن يحجمن عن ذلك بسبب الحياء.
7- الانشغال بالدنيا ومتاعها
« تعس عبد الخميلة -أو الخميصة- ».. همّها أن يكون فستانها من أجمل الفساتين وأن تجمع أكبر عدد من الحلي والنياشين.
8- الانفصام عن واقع الأمة
إن التي لا تستشعر مصاب المسلمين في أصقاع العالم يضمحل في قلبها الشعور بالمسئولية تجاههم وتجاه الأمة جميعاً.
تنمية الإيجابية
1- الاتصال بالله والاستمساك بعروته؛ فهي القوة الدافعة لكل خير الصارفة عن كل شر.
2- الاتصال بالوسط الإيماني. كلما كانت المرأة في وسط نسائي صالح، كان ذلك عوناً لها على زيادة الاندفاع إلى عمل الخير والصبر على المعوقات، وقد قال الله تعالى: { وَالْعَصْرِ.إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ.إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ }. { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى }، { قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي.وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي.يَفْقَهُواْ قَوْلِي }.
3- استشعار المسئولية، « كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ».أنت مسئولة عن نفسك.. عن عمرك عن شبابك عن علمك عن مالك.. وما أُصبنا بالسلبية والدعة والسكون واللامبالاة إلا عندما قلّ الشعور بالمسئولية عن نعم الله..
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }.. نعيم العقل، والبصر, والعيش الرغيد، والمسكن الآمن.
4- البعد عن سفاسف الأمور، كلما توسعت المرأة في المباحات ومتع الحياة، ضعفت عن أداء الواجبات، وكلما ركنت إلى السفاسف والنزهات كلما قصّرت في أداء الأمانات والواجبات بل وضيعت المسئوليات التي أنيطت بها.
موقع طريق الاسلام
1- لأن المرأة طاقة عظيمة، وقوة كبيرة في الخير أو في الشر، إن استغلت في الخير أصبحت محضناً يربي الأجيال ويخرّج الأبطال، فهي مدرسة إيمانية كما قال حافظ:
الأم مدرسة إذا أعددتها.......أعددت شعباً طيب الأعراق
فهي مدرسة إن أُعدت لمهمتها..
وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معول هدم للأمة، وباب فتنةٍ كبرى ومصيبةٍ عظمى. لقد زالت -يوم أن فسدت المرأة- حضارات كانت في يوم من الأيام مكينة، ولها في الحضارة المادية مكانة رفيعة، ففسدت المرأة فخرّ عليهم السقف من فوقهم. ونحن نرى اليوم الحضارة الغربية وأثر المرأة في فسادها وترنّحها. « ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء »..
2- حاجة الأمة إلى جهود نسائها، وتكاتفها مع الرجال لتكوين الأمة المسلمة القوية. و« النساء شقائق للرجال » { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ }، فللنساء دور في بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله. ليس دور المرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ، بل هناك دور أهم من ذلك وأعظم وهو تربية النشئ ونشر الخير والمشاركة في بناء الأسرة المسلمة المتكاملة.
وأما ماذا نقصد بالمرأة الإيجابية..
فهي المرأةُ ذات الشخصية المسلمة، الحقُ غايتها والقرآنُ والسنةُ منهجُ حياتها، بهما تقتدي وعلى أثرهما تقتفي.. هذا هو التعريف المختصر للمرأة الإيجابية التي نريد أن نتحدث عن سماتها وصفاتها، وإليكم بعض التفصيل لهذا الإجمال.
صور من إيجابية المرأة
المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه، ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال، به يُعرف الله ويُعبد, ويُذكر ويُوحّد، ويُحمد ويُمجّد. به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، وهو إمام والعمل مأموم، وهو قائد والعمل تابع.
مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وطلبه قربه، وبذله صدقة، فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }..
تقتدي بأخواتها المؤمنات اللاتي قلن "يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك" فوعدهن يوماً، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن، والحديث في صحيح الإمام البخاري رحمه الله. فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها، بل أردن أن يخصص لهن مجلساً.
والمرأة الإيجابية ذات لسان سؤول لا يمنعها حياؤها عن تعلم شيء تجهله، وقد أثنت عائشة رضي الله عنها على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة. ولولا خشية الإطالة لأوردت الأحاديث وسؤالاتهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمورهن الخاصة والعامة.
وهذه عائشة رضي الله عنها كانت تراجع النبي صلى الله عليه وسلم في أمور لم تعرفها. قال ابن أبي مليكة إن عائشة كانت لا تسمعُ شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « منْ حُوسب عُذِّب » قالت عائشة فقلت: "أو ليس يقول الله تعالى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } فقال: « إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك » رواه البخاري.
المرأة الإيجابية متميزة في هذا المجال في صور شتى:
- فهي مشاركة فاعلة في الدور لحفظ كتاب الله وتعلمه و « خيركم من تعلم القرآن وعلّمه »..
- ومنها أنها تسمع الأشرطة للمحاضرات النافعة.
- ومنها أنها تقرأ الكتب الشرعية تزداد في دينها بصيرةً.
- ومنها متابعتها للدروس العلمية ولمجالس العلماء، سواء في الحضور المباشر أو عن طريق وسائل الإعلام كإذاعة القرآن الكريم فيها من الدروس العلمية ما لو تابعته المرأة لارتقت إلى مستوً رفيع من العلم بالأحكام الشرعية والأمور الدينية.
أيتها الأخوات:
إن كتب التراجم والتأريخ قد حفظت لنا أخبار كثير من النساء الإيجابيات في مجال العلم، واللاتي أذهب الله عنهن غشاوة الجهل، وحباهن نور العلم والفهم، فتفتحت بصائرهن، وتخرّج في مدارسهن كبار علماء الدنيا.
ومن هؤلاء: معلمة أمير الحفاظ: الحافظ ابن حجر رحمه الله، كان إذا ذكر أخته ستّ الركب -اسمُها ستُ الركب- قال: هي أمي بعد أمي.. فقد ربّته وحدبت عليه وعلّمته..
كما أن الحافظ بن حجر قد تعلّم على جماعةٍ من النساء يشار إليهن بالبنان في العلم حتى إن الحافظ رحمه الله قد قرأ على نيف وخمسين امرأة، كلهن شيوخه في العلم. فمنهن: فاطمة الدمشقية أم الحسن، وكذلك في مشايخه فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية أم يوسف, قال ابن حجر رحمه الله: "ونعم الشيخة كانت"، وكذلك خديجة بنت إبراهيم، وسارة بنت تقي الدين علي السبكي.
وأكثر من الحافظ ابن حجر شيوخاً من النساء الحافظ بن عساكر رحمه الله. فقد ذكر شيوخه من النساء فكنّ بضعاً وثمانين شيخة، و ست الركب -بالمناسبة- ماتت ولم تبلغ الثامنة والعشرين من عمرها. ولكن الإيجابية ترفع صاحبها وتعلي منزلته في الدنيا والآخرة. ويكفيها فخراً أن من تلاميذها الحافظ ابن حجر رحمه الله.
المرأة الإيجابية والدعوة إلى الخير..
المرأة الإيجابية تدرك أن العمل لهذا الدين مسئولية الجميع ذكرهم وأنثاهم { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } فلم يخص الحق عز وجل واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرجال دون النساء. وهذا ما تدركه المرأة الإيجابية, ولذلك فهي تستشعر مسئولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، سواء في محيط بيتها أو خارجه.
فقد روى الإمام ابن كثير ردّ المرأة على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً، وقوله: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" رضي الله عنه. قال الإمام ابن كثير إسنادها جيد. ومراجعة عائشة للكثير من الصحابة في فتاويهم واجتهاداتهم واستدراكها على بعضهم هو من الدعوة التي كانت تقوم بها النساء. وأبواب الدعوة إلى الخير عند المرأة الإيجابية كثيرة يحثها إليها قول الخالق عز وجل: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً }
بيد أننا نذكّر ببعض مجالات الدعوة:
1- العناية بدعوة زوجها وأولادها إلى الخير، وسعيها لتطهير بيتها من المنكرات وإشاعة الفضائل والمكرمات. وقد كانت بعض نساء السلف يقلن لأزواجهن: "اتقوا الله فينا ولا تطعمونا الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".
2- ومن مجالات الدعوة أيضاً: الدعوة في أوساط النساء سواء في مجالسهن أو في المدارس والجامعات، تنشر الخير عبر الكلمة الطيبة والقدوة الصالحة والشريط النافع والنشرة المفيدة.
3- المشاركة في المحاضن التربوية والمدارس الإيمانية، كدور تحفيظ القرآن واللجان النسائية للمؤسسات الخيرية كالندوة العالمية وندوة الإغاثة.
4- الكتابة في المجلات والصحف.
5- متابعة قضايا الأمة وتقديم ما تستطيعه للمجاهدين وربط أخواتها النساء بهذه القضايا وإشعارهن بأن لهن دوراً لابد من القيام به لنصرة الإسلام في أي مكان في العالم. فإذا سقط وجوب الجهاد القتالي على المرأة فإن الجهاد المالي قد لا يسقط إن كانت من أهل المال أو تستطيع أن تنصر إخوانها بالمال، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فالمرأة الإيجابية لا تراها إلا تربي طفلاً، أو توجه زوجاً، أو تدعو رباً، أو تنشر خيراً، أو تبذل مالاً، أو تقدم عوناً..
المرأة الإيجابية ملتزمة بشرع الله.. فهو نهج حياتها.. امرأة مؤمنة.. وصلت بحبل الله عروتها، وأضاءت بنوره خطوتها، وعمرت بحبه قلبها، ورطّبت بذكره لسانها، وشغلت بطاعته جوارحها.. فهي بالله ولله ومن الله وإلى الله..
بالله اعتصامها، ولله قيامها، ومن الله استمدادها، وإلى الله فرارها، وعلى ضوء كتابه وسنة رسوله حركتها وسكونها. تحب في الله، وتبغض في الله، وتصل في الله، وتقطع في الله، وتعطي لله وتمنع لله.. فالله مبدؤها، والله غايتها..
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.لاَ شَرِيكَ لَهُ }.
فالمرأة الإيجابية امرأة موحّدة، توحيدُ الخالق يسري في كيانها، فهي تؤمن به، وتتوكل عليه، وتثق به وتتجه إليه في سرائها وضرائها.. إذا مسّها خيرٌ شكرت ولربها حمدت.. وإذا أصابتها ضراء صبرت وتقرّبت إلى خالقها وتذللت، وراجعت نفسها واستغفرت، لأنها تقرأ قوله تعالى: { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ }..
ولقد كانت بعض النساء المؤمنات من خير القرون إذا أصابها صُداعٌ وضعت يدها على رأسها وقالت: "ذلك بما كسبت يداي وما يعفو عنه ربي أكثر"..
والمرأة الإيجابية: امرأة مستسلمةٌ لله، طائعة له، راضية بشرعه، لا تبتغي غير الإسلام ديناً، ولا ترتضي بغيره منهجاً. وكيف لا ترضاه وقد رضيه اللهُ لها وأتم نعمته به عليها.. { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً }..
فهي ملتزمة به، في أعمالها وأقوالها، وهديها ولباسها، فليس بينها وبين ما تعتقده تناقض وانفصام.
هي مسلمة في بيتها ودارها، مع زوجها وأبنائها، في مدرستها أو وظيفتها، وفي جميع أحوالها. ملتزمة بأوامر ربها مستسلمة لما قضاه محبةٌ لما ارتضاه: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } ..
إن إيجابية المرأة المسلمة تعني المبادرة إلى التطبيق، والمسارعة في الاستجابة دون تلكؤٍ أو تأخير مهما خالف الأمر رغباتها وأهوائها وما اعتادت عليه.
تروي لنا عائشة رضي الله عنها كيف استقبل نساء المهاجرين والأنصار أمر الله لهنَّ بالحجاب والذي يتعلق بتغيير شيء هام في حياة المرأة درجن عليه في الجاهلية وفي بداية الإسلام أيضاً. قالت عائشة وقد أجتمع حولها بعض النساء، فذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت: "إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، ولا أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل. لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } فأنقلب رجالُهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأُخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها المرّحل -المزخرف- فاعتجرت به -أي شدته على رأسها- تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجراتٍ كأن على رؤوسهن الغربان". هذا هو الموقف من أمر طالما اعتدن عليه، المسارعة إلى التنفيذ بفعل ما أمر واجتناب ما نهى بلا تردد، ولا توقف ولا انتظار, لم ينتظرن يوماً أو يومين أو أكثر حتى يشترين أو يخِطْنَ أكسية جديدة تلائم غطاء الرؤوس بل سارعن إلى الالتزام.. بأي كساء وجد، وأي لون تيسّر ما دام فيه طاعة الله والتزامٌ بأمره، فإن لم يوجد الكساء شققن مروطهن وشددنها على رؤوسهن، غير مباليات بمظهرهن الذي يبدو كأن على رؤوس الغربان، كما وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ما أشد حاجتنا لمثل هذه المبادرات في الحجاب، وفي الأغاني وفي النظر إلى المجلات الهابطة التي أفسدت الكثير من بناتنا وفتياتنا.
المرأة الإيجابية..
ترفض التبعيّة، والتقليد للأفكار والمتعلقات الغربية إذا كانت مخالفة لهدي الإسلام. ترفض التقليد والتبعية لأنها تستظل تحت شجرة مباركة وارفةٍ ظلالها وطيبٍ ثمرها { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ }.. وتحذر من الانحدار في مستنقع التقليد الأعمى والتشبه بأهل الزيغ والهوى، قائلةً ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تشبه بقوم فهو منهم ». قدوتها عائشة وفاطمة، وليست فنانة ولا مطربة.
فهي متميزة في شخصيتها كتميّز دينها الذي تنتمي إليه وتؤمن به، بل وكتميّز الأمة التي هي فرد منها { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ }.
وهي تسأل الله عز وجل أن يجعلها على هذا الصراط المتميّز الذي هداها الله إليه { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } وهم اليهود ومن أقتفى أثرهم، { وَلاَ الضَّآلِّينَ } وهم النصارى ومن اتبع سبيلهم في الضلال.
وهي مع تميّزها واستقلاليتها، لا تعبأ باستهزاء المستهزئين من المضيّعات لدينهن وضعيفات الإيمان والدين. ثابتة على دينها رغم المعوّقات والمخذّلات، ترجو رضى خالق الأرض والسموات همّها رضى الله.
ولتتذكر أن الاستهزاء بأهل الأيمان قديمٌ { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ.وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُون.وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ.وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَـؤُلاَءِ لَضَالُّونَ.وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } فلا تبالي المرأة المسلمة باستهزاء السفهاء بها ما دامت طائعةً لربها ملتزمة بشرعه.
المرأة الإيجابية..
ابنة وقتها، لها في كل وقت وظيفة ومن كل خير سهمٌ وغنيمة. تعرف أهمية وقتها، وتدرك مسئولياتها عن عمرها، وأنها مسئولة محاسبة عن أيام حياتها « وعمره فيما أبلاه وعن شبابه فيما أفناه ». ولذلك فالإيجابية تستغل وقتها بما يقربها إلى خالقها، وتوظف طاقاتها في خدمة دينها ودعوتها. لا تسرف في إضاعة الوقت في فنون الرشاقة والماكياج، وتحذر من مزهقات الأوقات، ومضيعات الساعات، مثل:
- مجالس الغفلة والتي يكثر فيها القيل والقال بدون فائدةٍ تذكر.
- المكالمات الهاتفية التي تطول في لغوٍ يضيع ساعات النهار والليل.
- الإسراف في الديكورات وفنون الطبخ والموضات.
- التجول في الأسواق من غير حاجة.
- الجلوس إلى التلفاز ومتابعة المسلسلات ونحوها. فهي بالإضافة إلى ما فيها من محرمات كالموسيقى ونحوها فكذلك فيها ضياع للوقت.
أيتها الأخوات: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد لفت نظر أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها في أهمية استثمار الوقت، حتى ولو كان في طاعة باستبدالها بطاعة أعظم منها.
عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بُكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها. ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: « ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟! » قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لقد قلت بعدك أربع كلمات (ثلاث مرات) لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن.. سبحانه الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.. » بضع كلمات تساوي أضعاف مضاعفة من أجور التسبيح. إنها والله فُرَصٌ كم تغيب عنا، وكم نحن مقصّرون في استغلالها..
واستثمار الوقت له صوره الكثيرة:
- الاستثمار بأداء الفرائض وهو من أجلّ ما يستثمر به الوقت، ومن أحب الأعمال إلى الله.
- ثم الإكثار من النوافل.
- المحافظة على الأوراد.
- الاستثمار الخدمي وتقديم الخدمة لأفراد الأسرة مثل القيام بحق الأهل سواء الأم أم الزوج أو الإخوة والأخوات.
الاستثمار الدعوي:
- نشر الخير بين أفراد الأسرة أو المجتمع.
- المشاركة في دور الذكر والمناشط الدعوية.
- عمل المسابقات والمطويات.
- عمل الأسواق الخيرية واستغلال مهارة الطبخ والخياطة ونحوها من المهارات النسائية في مناصرة الدعوة وقد كانت زينب تصنع بيدها وتبيع ثم تتصدق.
- مساعدة الدعاة في دعوتهم مثل جمع مادة لمحاضرة أو تحضير خطبة أو موعظة أو إسداء النصح له في قضايا الدعوة.
* كانت أم سليم وعائشة تنقلان القُرب على متونهما ثم تفرغانها في أفواه الصحابة ثم ترجعان فتملآنها وهكذا.
* وأم عطية رضي الله عنها تقول: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام".رواه مسلم.
الاستثمار العلمي والثقافي:
الاستثمار المنزلي:
وهي عبادة جليلة؛ كانت أسماء بنت أبي بكر تعلف فرس زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه، وتكفيه مؤونته وتسوسه وتدقّ النوى، وتعجن.
استثمار المواهب والطاقات:
خلق الله كل إنسان وعنده طاقة وموهبة وأودعه من الملكات والمقدرات الشيء الكثير، لكن كثير من الناس من يموت ولم يستغل جلّ هذه الطاقات والمواهب، أو استغلها في غير طاعة.
* أم عطية وصفية، طباخات ماهرات..
* زينب بنت جحش، في الخياطة والخرز.
* عائشة، في طلب العلم والفتوى..
المرأة الإيجابية..
لها دور في محاربة أعداء الإسلام وفضح مخططاتهم.
تدرك مخططات أعدائها، فلا تنخدع بالأفكار العلمانية المنحرفة، ولا تنطلي عليها ضلالاتهم المزخرفة، ولا تتأثر بشبهاتهم، ولا تلتفت إلى باطلهم وافتراءاتهم. ترفض الجاهلية مهما كان رداؤها ومن أي مكان كان مصدرها شرقية أم غربية..
- تحذرُ دعواتهم المضللة التي قلبوا فيها القيم وعكسوا المفاهيم وشوّهوا الحقائق؛ كدعوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، ليصنعوا امرأةً مبتذلةً لشهواتهم وأهوائهم يحررونها من لباسها وعفتها ويتحررون هم من قيود العفة والأخلاق في الوصول إليها فتصبح بين أيديهم في نهارهم وليلهم. جارية لعوب وغانية رخيصة في سوق الملذات ودور الأزياء..
ولما كانت الأسرة أكبر معقل تربوي، حرصوا على تقويض أركانه بأنواع من المكر والخداع، كطرحهم لمبدأ الندية وأن المرأة ندٌّ لزوجها ومناوئٌ له ومتصارعٌ معه.
هذا هو نظرهم. أما نظرة المسلمة، بل مبدأُ الإسلام فالمرأة شقيقةُ الرجل، والعلاقة بينهم علاقة تكامل وتنسيق وتراحم وسكن.. « النساء شقائق الرجال » { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }، بكل ما تعني كلمة اللباس في دلالاتها كالوقاية والحماية، والستر واللطف والتجاور والحب والوئام. هو رجل محتفظ برجولية وهي امرأة متميزة بأنوثتها..
هكذا المرأة الإيجابية ترى الأمور بوضوح تام لا غبش فيه ولا لبس..
- بل نرى المرأة الإيجابية ترصد هذه الدعوات الهدامة، سواء كانت وافدة أم من بني جلدتها وممن يتكلمون بلسانها من بني قومها الحروف عربية، وأفكارهم غربيةٌ أجنبيةٌ شيطانية. تتصدى لهم بخنجر العلم والإيمان، مقتدية بأخواتها اللاتي سبقنها بالإيمان، ومنهن أم سليم؛ كما روى الإمام مسلم عن أنس: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فكان معها، فرآها أبو طلحة -زوجها- فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما هذا الخنجر؟ » قالت: "اتخذته، إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه" فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك..
إنك مدعوة للمشاركة في الرصد و الذب عن بيضة الإسلام. وقد عقد الإمام البخاري باباً في صحيحه في غزو النساء وقتالهن.. فنريد بعض أخواتنا اللاتي آتاهن الله قلماً أن يرصدن الأفكار العلمانية ويكتبن مفندات لتلك الأفكار ومحذرات من تلك الأخطار.
ومما هو مطلوب من المرأة، أن تقاطع بضائع أعداء الله عز وجل لتضيق الحصار عليهم وحتى لا تكون عوناً لأعداء الله على أمتها، فيستخدمون أموالنا في حربنا وقتلنا، وأن تغرس كره اليهود في قلب أبنائها وكذلك من أعانهم وساعدهم.
إن الكثير من شركات الماكياج شركات يهودية تحتاج إلى مقاطعتها واستبدالها بشركات أخرى ليست معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين.
عوائق الإيجابية وموهناتها
1- الذنوب والمعاصي
إن أثرها عظيم على الإنسان في حجبه عن المعالي، والقعود به عن الأعالي. إنها مجلبةٌ لفتور الهمم ووهن العزائم، بل صارفةٌ عن الخير صادةٌ عنه.
قال بعض السلف: "لا نعرف أحداً حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب". فمن اشتغلت بأعراض الناس صدّها عن الذكر والأوراد. ومن اشتغلت بالغناء صدّها عن التلذذ بكتاب الله والاستئناس به.
2- ضعف الثقة بالنفس
"لا أستطيع" كلمة ترددها الكثيرات من النساء عندما تدعوها إلى المعالي، إلى بذل الخير، إلى أن يكون لها أثر في بيتها ومجتمعها.. "لا أستطيع"..
- إذا قيل لها احفظي كتاب الله، قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها الق كلمة، قالت لا أستطيع..
- إذا قيل لها اكتبي مقالاً، قالت لا أستطيع..
لا تقول ذلك إلا من باب التهرب من المسئولية والركون إلى السكون والدعة.
3- عدم الاهتمام بالعلم الشرعي
أساس العمل العلم فهو قائده وكلما ضعف العلم خَمَل العمل.. وهناك بعض الأخوات لا تولي العلم الشرعي اهتمامها وتظن أنه حكراً على العلماء وهذه الشبهة وغيرُها جعلها تقع في بدع كثيرة في عباداتها.
فإذا صلّت صلاة فيها العديد من الأخطاء والبدع في الأفعال والأقوال، وإذا تكلّمت وقعت في الكثير من المؤاخذات الشرعية.. وإذا وقعت في مشكلة لم تتصرف التصرف الذي يمليه عليها دينها وعقيدتها..
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }
4- عدم الاهتمام بتطوير المهارات
هناك العديد من الأخوات عندهن مواهب وقدرات كبيرة لكنها غير مفعّلة، نظراً لأنهن لم تتح لهن الفرصة لتطوير هذه المهارات مثل: الخياطة والتأليف والكتابة، وفن محادثة الناس وفن الديكور والطبخ. بل حتى في العمل الإسلامي، هناك ضعف في الإدارة ووضع الخطط عند الداعيات، نظراً لعدم الاهتمام بتطوير المَلَكات في هذا الجانب.
5- عوائق أسرية
قد تواجه المرأة بعض المعوقات من داخل أسرتها فيسيطر عليها الإحباط واليأس.
6- الحياء
الكثيرات لا نشك في حبهن لتقديم النفع للآخرين ولكنهن يحجمن عن ذلك بسبب الحياء.
7- الانشغال بالدنيا ومتاعها
« تعس عبد الخميلة -أو الخميصة- ».. همّها أن يكون فستانها من أجمل الفساتين وأن تجمع أكبر عدد من الحلي والنياشين.
8- الانفصام عن واقع الأمة
إن التي لا تستشعر مصاب المسلمين في أصقاع العالم يضمحل في قلبها الشعور بالمسئولية تجاههم وتجاه الأمة جميعاً.
تنمية الإيجابية
1- الاتصال بالله والاستمساك بعروته؛ فهي القوة الدافعة لكل خير الصارفة عن كل شر.
2- الاتصال بالوسط الإيماني. كلما كانت المرأة في وسط نسائي صالح، كان ذلك عوناً لها على زيادة الاندفاع إلى عمل الخير والصبر على المعوقات، وقد قال الله تعالى: { وَالْعَصْرِ.إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ.إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ }. { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى }، { قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي.وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي.يَفْقَهُواْ قَوْلِي }.
3- استشعار المسئولية، « كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ».أنت مسئولة عن نفسك.. عن عمرك عن شبابك عن علمك عن مالك.. وما أُصبنا بالسلبية والدعة والسكون واللامبالاة إلا عندما قلّ الشعور بالمسئولية عن نعم الله..
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }.. نعيم العقل، والبصر, والعيش الرغيد، والمسكن الآمن.
4- البعد عن سفاسف الأمور، كلما توسعت المرأة في المباحات ومتع الحياة، ضعفت عن أداء الواجبات، وكلما ركنت إلى السفاسف والنزهات كلما قصّرت في أداء الأمانات والواجبات بل وضيعت المسئوليات التي أنيطت بها.
موقع طريق الاسلام