أبوحمزة السيوطي
2008-12-15, 07:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على إمام المسلمين وسيد الخلق أجمعين
فهذه كلمات للشيخ عمرو عبد المنعم سليم أنقلها لكم بين يدي الدورة التي تقيمها إدارة المنتدى لعلها تكون معينة للإخوة المشتركين ليزداد حماسهم ولعل إخواننا الذين لم يشتركوا بعد يشعروا بالغيرة وفضل هذا العلم فيبادروا بالمشاركة ..
أهل الحديث هم - كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -:
" كل من يستعمل الحديث " ( أخرجه السمعاني في " أدب الإملاء والاستملاء "[ص:110]).
وهذا حد دقيق ، فإنه - رحمه الله - فرق به بين من يطلب الحديث لمجرد الطلب ، لا لنشره وتبليغه واستخدامه في مواطن الاحتجاج ، وبين من يطلبه تعلما وتعليما ، ويستخدمه في الاحتجاج والعمل ، ولا يعارضه برأي ولا بهوى ، فمذهبه إليه ، وعمله بمقتضاه ، لا كمن يطلبه تكثرا ، أو يعارضه برأيه أو برأي غيره ، أو يحتج بغرائبه ومناكيره ، ويضرب بها صحاحه وحسانه كما هو معلوم عن كثير من أهل الرأي .
وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - :
" تركنا أصحاب الرأي ، وكان عندهم حديث كثير ، فلم نكتب عنهم ، لأنهم معاندون للحديث ، لا يفلح منهم أحد " ( مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانىء النيسابوري )[ 1930 ].
فهؤلاء مع أنهم قد طلبوا الحديث ، وكتبوا منه وفرة وكثرة ، إلا أنهم لا ينسبون إلى أهل الحديث ، لأنهم لم يطلبوه للتعلم أو التعليم كما لم يطلبوه للاحتجاج أو للعمل به ، بل هم معاندون له ، مخالفون لمقتضى نصوصه ، فهم أصحاب حيل وزيوف .
فمتى بذل المرء نفسه في طلب العلم ، وسماعه ، وكتابته ، وكتب العالي والنازل ، وقرأ الأصول ، وأدمن مطالعة الأجزاء ، وتفقه في معانيه ، وطلب ناسخه ومنسوخه ، ثم دان الله تعالى به ، وقام بحقه ، والتزم بأوامره ، وانتهى عن نواهيه ، وعظمه باتباعه ، ونشره ، والدعوة إليه ، وتعصب له ، ولم يضرب بعضه ببعض ، ولم يدن بالرأي ، ولم يقدم العقل عليه فهو آنذاك من أهل الحديث .
فإن قيل : فما الحجة في تثبيت فضل أهل الحديث على غيرهم ؟
فالجواب :
الحجة في ذلك ظاهرة من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتشهد لهم أقوال السلف والأئمة المعتبرين.
وسوف نذكر من ذلك ما تطمئن به قلوب المؤمنين ، ويزدادوا به إيمانا مع إيمانهم ، فنقول :
أما الحجة في ذلك من الكتاب الكريم :
فقوله تعالى : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " [ التوبة : 122 ] .
فهذه الآية مصداق على أهل الحديث ، الذين نفروا لطلب الحديث والفقه في الدين ، فهؤلاء قد رفع الله تعالى بخروجهم لطلب الحديث والفقه الإثم والحرج عن غيرهم ، ومثل هذا لا يتهيأ لأحد كما تهيأ لأهل الحديث .
وقد قال يزيد بن هارون لحماد بن زيد :
يا أبا إسماعيل ، هل ذكر الله عز وجل أصحاب الحديث في القرآن ؟ فقال : بلى ، ألم تسمع إلى قوله : " لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ " فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه ، ويرجع به إلى من وراءه ، يعلمهم إياه ( أخرجه الخطيب البغدادي في " شرف أصحاب الحديث " [ 112 ] بسند صحيح ).
وأما الحجة في ذلك من السنة الشريفة :
فحديث تقدم :
{ لن تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة } ( أخرجه أحمد [ 34 / 5 ] ، وابن أبي عاصم في " السنة " [ 333 / 2 ] ، وأبو داود الطيالسي [ 1076 ] ، والترمذي [ 2192 ] ، وابن ماجة [ 6 ] ، وابن حبان [ موارد : 2313 ] بسند صحيح من حديث معاوية بن قرة ، عن أبيه به .
وقد فسر الأئمة [ الطائفة المنصورة ] في هذا الحديث بأنهم : أهل الحديث .
ذكر من قال ذلك :
1- عبد الله بن المبارك - رحمه الله - قال :
" هم عندي أصحاب الحديث" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 42 ] .
2- يزيد بن هارون - رحمه الله - قال :
" إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم" ( أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة ببيان المحجة " [ 1 / 247 ] ، وهو عند الخطيب [ 41 ] من وجه آخر تالف .
3 - الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - قال :
" إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم" ( أخرجه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " [ ص : 3 ] ، وصححه الحافظ ابن حجر في " الفتح " [ 13 / 306 ] .
4 - علي بن المديني - رحمه الله - قال :
" هم أصحاب الحديث" ( أخرجه الترمذي في " الجامع " [ 4 / 485 ] بسند صحيح ، ومن طريقه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 45 ] وهو عند الخطيب [ 9 ] من وجه آخر بإسناد واه ) .
قال الخطيب البغدادي - رحمه الله - :
(( قد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، وصرف عنهم كيد المعاندين ، لتمسكهم بالشرع المتين ، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين .
فشأنهم حفظ الآثار ، وقطع المفاوز والقفار ، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى .
قبلوا شريعته قولا وفعلا ، وحرسوا سنته حفظا ونقلا ، حتى ثبَّتوا بذلك أصلها ، وكانوا أحق بها وأهلها ، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها ، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها ، فهم الحفاظ لأركانها ، والقوَّام بأمرها وشأنها إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون : { أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة : 22 ] ) " شرف أصحاب الحديث " [ ص : 31 ] .
وأما الخبر الثاني في تثبيت فضل أهل الحديث :
فهو حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : عن النبي ، قال :
{ نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه ، حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه} ( أخرجه أحمد [ 5 / 183 ] ، وأبو داود [ 3660 ] ، والترمذي [ 2656 ] ، وابن حبان [ 72 و 73 ] بسند صحيح ) .
فهذه هي خاصية أهل الحديث طلب الأحاديث والآثار ، فاستحقوا بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم .
ويروى عن سفيان بن عيينة - رحمه الله - أنه قال :
" ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 23 ] بسند ضعيف ، وإنما أوردناه استئناسا لا احتجاجا ) .
والحديث الثالث في تثبيت فضل أهل الحديث وتقدمهم على غيرهم :
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : : [ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ غريبا ، فطوبى للغرباء ] ( أخرجه مسلم [ 1 / 130 ] ، وانب ماجة [ 3986 ] من طريق : يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة به ) .
قال عبدان بن أحمد الأهوازي - رحمه الله - :
" هم أصحاب الحديث الأوائل" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 34 ] ) .
وأما الحجة في تثبيت فضلهم من أقوال من تقدم من السلف والأئمة المعتبرين :
فهي كثيرة جدا ، وإنما نورد منها بعضها دفعا للتطويل .
قال سفيان الثوري - رحمه الله - :
" الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الأرض" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 80 ] بسند لا بأس به ) .
وقال يزيد بن زريع - رحمه الله - :
" لكل دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 81 ] بسند صحيح ) .
وقال عثمان بن أبي شيبة - رحمه الله - وقد رأى بعض أهل الحديث يضطربون :
" أما إن فاسقهم خير من عابد غيرهم" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح ) .
وقال صالح بن محمد الرازي - رحمه الله - :
" إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال ، فلا أدري من الأبدال " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 95 ] بسند صحيح ) .
وقال الإمام الشافعي - رحمه الله - :
" إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حيا" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 85 ] بسند صحيح ) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - :
" ليس قوم عندي خير من أهل الحديث ، ليس يعرفون إلا الحديث" .
وقال :
" أهل الحديث أفضل من تكلَّلَم بالعلم " ( أخرجه الخلال في " العلل " ، ومن طريقه الخطيب [ 90 ] بسند صحيح ) .
قلت : بل شهد لهم من خالفهم في منهجهم كأبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة ، وهو من أهل الرأي .
فقال - وقد خرج يوما وأصحاب الحديث على الباب - :
" ما على الأرض خير منكم ، أليس قد جئتم - أو بكرتم - تسمعون حديث رسول الله " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح إلى إبراهيم الحربي ، قال : خرج أبو يوسف .... فذكره ) .
بل شهد لهم إمام المتكلمين في عصره الوليد الكرابيسي ، واعترف لهم بفضلهم ، وأوصى بنيه بالتزام مذهبهم وطريقتهم فعن أحمد بن سنان ، قال :
" كان الوليد الكرابيسي خالي ، فلما حضرته الوفاة ، قال لبنيه : تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني ؟ قالوا : لا ، قال : فتتهموني ؟ قالوا : لا ، قال : فإني أوصيكم ، أتقبلون ؟ قالوا : نعم ، قال : عليكم بما عليه أصحاب الحديث ، فإني رأيت الحق معهم ، لست أعني الرؤساء ، ولكن هؤلاء الممزقين ، ألم تر أحدهم يجيء إلى الرئيس منهم ، فيخطئه ، ويهجنه "
قال أبو بكر بن أبي داود : كان أعرف الناس بالكلام بعد حفص الفرد الكرابيسي ، وكان حسين الكرابيسي منه تعلم الكلام ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 105 ] بسند صحيح ) .
فإذا ثبت عندك - مما تقدم ذكره - التعريف بأهل الحديث وبفضلهم ، فلنشرع في ذكر أصولهم التي بنوا عليها منهجهم ودعوتهم إلى الله تعالى مستمدين من الله تعالى العون والتوفيق.
هذا الأصل منقول من كتاب :
الأصول التي بنى عليها أهل الحديث منهجهم في الدعوة إلى الله
للشيخ عمرو عبدالمنعم سليم -حفظه الله-
فهلم أخي الكريم مشمرا لتكن من هؤلاء الأفذاذ حتى تنال شرفهم ولتكون من حراس هذا الدين ومن حراس حدوده فبه ستدافع عن كل العلوم الإسلامية وستخدم به كل العلوم سواء العقيدة أو التفسير أو السيرة أو الفقه الكل يحتاج لعلم الحديث ولا يصح إلا بعلم الحديث فلا تضيع هذه الفرصة لتخدم دينك
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على إمام المسلمين وسيد الخلق أجمعين
فهذه كلمات للشيخ عمرو عبد المنعم سليم أنقلها لكم بين يدي الدورة التي تقيمها إدارة المنتدى لعلها تكون معينة للإخوة المشتركين ليزداد حماسهم ولعل إخواننا الذين لم يشتركوا بعد يشعروا بالغيرة وفضل هذا العلم فيبادروا بالمشاركة ..
أهل الحديث هم - كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -:
" كل من يستعمل الحديث " ( أخرجه السمعاني في " أدب الإملاء والاستملاء "[ص:110]).
وهذا حد دقيق ، فإنه - رحمه الله - فرق به بين من يطلب الحديث لمجرد الطلب ، لا لنشره وتبليغه واستخدامه في مواطن الاحتجاج ، وبين من يطلبه تعلما وتعليما ، ويستخدمه في الاحتجاج والعمل ، ولا يعارضه برأي ولا بهوى ، فمذهبه إليه ، وعمله بمقتضاه ، لا كمن يطلبه تكثرا ، أو يعارضه برأيه أو برأي غيره ، أو يحتج بغرائبه ومناكيره ، ويضرب بها صحاحه وحسانه كما هو معلوم عن كثير من أهل الرأي .
وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - :
" تركنا أصحاب الرأي ، وكان عندهم حديث كثير ، فلم نكتب عنهم ، لأنهم معاندون للحديث ، لا يفلح منهم أحد " ( مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانىء النيسابوري )[ 1930 ].
فهؤلاء مع أنهم قد طلبوا الحديث ، وكتبوا منه وفرة وكثرة ، إلا أنهم لا ينسبون إلى أهل الحديث ، لأنهم لم يطلبوه للتعلم أو التعليم كما لم يطلبوه للاحتجاج أو للعمل به ، بل هم معاندون له ، مخالفون لمقتضى نصوصه ، فهم أصحاب حيل وزيوف .
فمتى بذل المرء نفسه في طلب العلم ، وسماعه ، وكتابته ، وكتب العالي والنازل ، وقرأ الأصول ، وأدمن مطالعة الأجزاء ، وتفقه في معانيه ، وطلب ناسخه ومنسوخه ، ثم دان الله تعالى به ، وقام بحقه ، والتزم بأوامره ، وانتهى عن نواهيه ، وعظمه باتباعه ، ونشره ، والدعوة إليه ، وتعصب له ، ولم يضرب بعضه ببعض ، ولم يدن بالرأي ، ولم يقدم العقل عليه فهو آنذاك من أهل الحديث .
فإن قيل : فما الحجة في تثبيت فضل أهل الحديث على غيرهم ؟
فالجواب :
الحجة في ذلك ظاهرة من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتشهد لهم أقوال السلف والأئمة المعتبرين.
وسوف نذكر من ذلك ما تطمئن به قلوب المؤمنين ، ويزدادوا به إيمانا مع إيمانهم ، فنقول :
أما الحجة في ذلك من الكتاب الكريم :
فقوله تعالى : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " [ التوبة : 122 ] .
فهذه الآية مصداق على أهل الحديث ، الذين نفروا لطلب الحديث والفقه في الدين ، فهؤلاء قد رفع الله تعالى بخروجهم لطلب الحديث والفقه الإثم والحرج عن غيرهم ، ومثل هذا لا يتهيأ لأحد كما تهيأ لأهل الحديث .
وقد قال يزيد بن هارون لحماد بن زيد :
يا أبا إسماعيل ، هل ذكر الله عز وجل أصحاب الحديث في القرآن ؟ فقال : بلى ، ألم تسمع إلى قوله : " لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ " فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه ، ويرجع به إلى من وراءه ، يعلمهم إياه ( أخرجه الخطيب البغدادي في " شرف أصحاب الحديث " [ 112 ] بسند صحيح ).
وأما الحجة في ذلك من السنة الشريفة :
فحديث تقدم :
{ لن تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة } ( أخرجه أحمد [ 34 / 5 ] ، وابن أبي عاصم في " السنة " [ 333 / 2 ] ، وأبو داود الطيالسي [ 1076 ] ، والترمذي [ 2192 ] ، وابن ماجة [ 6 ] ، وابن حبان [ موارد : 2313 ] بسند صحيح من حديث معاوية بن قرة ، عن أبيه به .
وقد فسر الأئمة [ الطائفة المنصورة ] في هذا الحديث بأنهم : أهل الحديث .
ذكر من قال ذلك :
1- عبد الله بن المبارك - رحمه الله - قال :
" هم عندي أصحاب الحديث" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 42 ] .
2- يزيد بن هارون - رحمه الله - قال :
" إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم" ( أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة ببيان المحجة " [ 1 / 247 ] ، وهو عند الخطيب [ 41 ] من وجه آخر تالف .
3 - الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - قال :
" إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم" ( أخرجه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " [ ص : 3 ] ، وصححه الحافظ ابن حجر في " الفتح " [ 13 / 306 ] .
4 - علي بن المديني - رحمه الله - قال :
" هم أصحاب الحديث" ( أخرجه الترمذي في " الجامع " [ 4 / 485 ] بسند صحيح ، ومن طريقه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 45 ] وهو عند الخطيب [ 9 ] من وجه آخر بإسناد واه ) .
قال الخطيب البغدادي - رحمه الله - :
(( قد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، وصرف عنهم كيد المعاندين ، لتمسكهم بالشرع المتين ، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين .
فشأنهم حفظ الآثار ، وقطع المفاوز والقفار ، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى .
قبلوا شريعته قولا وفعلا ، وحرسوا سنته حفظا ونقلا ، حتى ثبَّتوا بذلك أصلها ، وكانوا أحق بها وأهلها ، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها ، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها ، فهم الحفاظ لأركانها ، والقوَّام بأمرها وشأنها إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون : { أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة : 22 ] ) " شرف أصحاب الحديث " [ ص : 31 ] .
وأما الخبر الثاني في تثبيت فضل أهل الحديث :
فهو حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : عن النبي ، قال :
{ نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه ، حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه} ( أخرجه أحمد [ 5 / 183 ] ، وأبو داود [ 3660 ] ، والترمذي [ 2656 ] ، وابن حبان [ 72 و 73 ] بسند صحيح ) .
فهذه هي خاصية أهل الحديث طلب الأحاديث والآثار ، فاستحقوا بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم .
ويروى عن سفيان بن عيينة - رحمه الله - أنه قال :
" ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 23 ] بسند ضعيف ، وإنما أوردناه استئناسا لا احتجاجا ) .
والحديث الثالث في تثبيت فضل أهل الحديث وتقدمهم على غيرهم :
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : : [ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ غريبا ، فطوبى للغرباء ] ( أخرجه مسلم [ 1 / 130 ] ، وانب ماجة [ 3986 ] من طريق : يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة به ) .
قال عبدان بن أحمد الأهوازي - رحمه الله - :
" هم أصحاب الحديث الأوائل" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 34 ] ) .
وأما الحجة في تثبيت فضلهم من أقوال من تقدم من السلف والأئمة المعتبرين :
فهي كثيرة جدا ، وإنما نورد منها بعضها دفعا للتطويل .
قال سفيان الثوري - رحمه الله - :
" الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الأرض" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 80 ] بسند لا بأس به ) .
وقال يزيد بن زريع - رحمه الله - :
" لكل دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 81 ] بسند صحيح ) .
وقال عثمان بن أبي شيبة - رحمه الله - وقد رأى بعض أهل الحديث يضطربون :
" أما إن فاسقهم خير من عابد غيرهم" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح ) .
وقال صالح بن محمد الرازي - رحمه الله - :
" إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال ، فلا أدري من الأبدال " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 95 ] بسند صحيح ) .
وقال الإمام الشافعي - رحمه الله - :
" إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حيا" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 85 ] بسند صحيح ) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - :
" ليس قوم عندي خير من أهل الحديث ، ليس يعرفون إلا الحديث" .
وقال :
" أهل الحديث أفضل من تكلَّلَم بالعلم " ( أخرجه الخلال في " العلل " ، ومن طريقه الخطيب [ 90 ] بسند صحيح ) .
قلت : بل شهد لهم من خالفهم في منهجهم كأبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة ، وهو من أهل الرأي .
فقال - وقد خرج يوما وأصحاب الحديث على الباب - :
" ما على الأرض خير منكم ، أليس قد جئتم - أو بكرتم - تسمعون حديث رسول الله " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح إلى إبراهيم الحربي ، قال : خرج أبو يوسف .... فذكره ) .
بل شهد لهم إمام المتكلمين في عصره الوليد الكرابيسي ، واعترف لهم بفضلهم ، وأوصى بنيه بالتزام مذهبهم وطريقتهم فعن أحمد بن سنان ، قال :
" كان الوليد الكرابيسي خالي ، فلما حضرته الوفاة ، قال لبنيه : تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني ؟ قالوا : لا ، قال : فتتهموني ؟ قالوا : لا ، قال : فإني أوصيكم ، أتقبلون ؟ قالوا : نعم ، قال : عليكم بما عليه أصحاب الحديث ، فإني رأيت الحق معهم ، لست أعني الرؤساء ، ولكن هؤلاء الممزقين ، ألم تر أحدهم يجيء إلى الرئيس منهم ، فيخطئه ، ويهجنه "
قال أبو بكر بن أبي داود : كان أعرف الناس بالكلام بعد حفص الفرد الكرابيسي ، وكان حسين الكرابيسي منه تعلم الكلام ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 105 ] بسند صحيح ) .
فإذا ثبت عندك - مما تقدم ذكره - التعريف بأهل الحديث وبفضلهم ، فلنشرع في ذكر أصولهم التي بنوا عليها منهجهم ودعوتهم إلى الله تعالى مستمدين من الله تعالى العون والتوفيق.
هذا الأصل منقول من كتاب :
الأصول التي بنى عليها أهل الحديث منهجهم في الدعوة إلى الله
للشيخ عمرو عبدالمنعم سليم -حفظه الله-
فهلم أخي الكريم مشمرا لتكن من هؤلاء الأفذاذ حتى تنال شرفهم ولتكون من حراس هذا الدين ومن حراس حدوده فبه ستدافع عن كل العلوم الإسلامية وستخدم به كل العلوم سواء العقيدة أو التفسير أو السيرة أو الفقه الكل يحتاج لعلم الحديث ولا يصح إلا بعلم الحديث فلا تضيع هذه الفرصة لتخدم دينك