أبوسفيان الإسماعيلي
2008-12-15, 04:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اما بعد فقد قلت لاخواني ان يقوموا بقرأة موضوع شرف اصحاب الحديث وقلت لهم ان يقوموا بقراة ترجمة ابن حجر حتى نختصر الدرس لضيق الوقت المقترح للدورة واليوم اقوم ان شاء الله بشرح المتن وقد سميته ( اقتفاء الأثر بشرح نخبة الفكر )
اقول وبالله التوفيق
فال الحافظ ( ابن حجر رحمة الله )
" الحمد الله الذي لم يزل عليما قديرا وصلي الله على سيدنا محمد الذي أرسله إلى الناس بشيرا ونذيرا وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا "
قلــــــــت : اقراء جيدا شرح هذه العبارة من مقدمة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله لشرح نزهة النظر .
قال الحافظ " فإنا التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت وبسطت واختصرت"
قلــــــــــــت : كلمة اصطلاح إذا اطلقت فإنها تفيد : اتفاق طائفة ما على شئ ما فكل طائفة اتفقت وتعارفت فيما بينها على امر فقد اصطلحوا عليه .
ولا مشاحة في الأصطلاح أى لا ينبغي لأحد أن يعيب على أحد اختياره لاصطلاح ما لشيء ما لأن الاصطلاحات ما هي إلا اسماء أو رموز أو علامات على مسميات معينة.
ويقصد ابن حجر هنا في هذه العبارة اول من صنف في كتب المصطلح .
وأول من صنف هو أبو محمد الرامهرمزي المتوفي سنة 360 وكتابه المحدث الفاصل وهو أول كتاب جامع تعرض لعلوم الحديث وليس أو من صنف .
وليس معنى هذا عدم وجود قبل ذلك كلاما في المصطلح فقد ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه جزء كبير من الكلام في هذا العلم وكذلك كلام الأئمة في كتب الرجال والعلل .
ثم تلا الرامهرمزي أبو عبد الله الحاكم المتوفى 405 وصنف كتابه معرفة علوم الحديث
ثم جاء أبو نعيم صاحب الحلية المتوفى سنه 430 وصنف مستدرك على كتاب الحاكم ولكن هذه الكتب لم تكن شاملة .
ثم جاء بعد ذلك أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 فما ترك علم من علوم المصطلح إلا صنف فيه تصنيفا مستقلا ثم جاء القاضي عياض المتوفى سنة 544 فألف كتابه الإلماع .
ثم جاء بعد ذلك العالم أبو عمرو بن الصلاح المتوفى سنة 643 وصنف كتابه المشهور بــ مقدمة ابن الصلاح واسمه علوم الحديث وهو العمدة لمن جاء بعده مثل كتب الخطيب تعتبر عمدة لكل من جاء بعده ولكن ميزة كتاب أبو عمرو جودة الترتيب ولذلك
اشتهرت عبارة كل من جاء بعد الخطيب فهم عيال على كتبه في المصطلح .
قال الحافظ بن حجر " فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك فأجبته إلى سؤاله رجاء الاندراج في تلك المسالك فأقول "
قلــــــــت : ذكرو أن من جملة من سأله الزركشى وهو أحد ثلاميذ الحافظ بن حجر .
قال الحافظ بن حجر "الخبر إما ان يكون له طرق بلا عدد معين أو مع حصر بما فوق الأثنين أو بهما أو بواحد "
قلــــــــت : هذا أول مباحث هذا العلم وهذا الكلام يأخذنا أن نعرف كل من
أ- الحديث ب- الخبر ج- الأثر
أ- الحديث: في اللغة . الجديد وفي الأصطلاح : هم ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة سواء كان خلقية أو خلقية ( الأخيرة بالضم )
ب- الخبر : لغة. النبأ وفي الأصطلاح فيه ثلاث أقوال مشهورة
1- هو مرادف للحديث أي إن معناهما واحد اصطلاحا
2- مغاير له فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عن غيره.
3- أعم منه أي إن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عنه أو عن غيره
ج- الأثر: لغة . بقية الشيء اصطلاحا فيه قولان مشهوران
1- هو مرادف للحديث أي أن معناهما واحد اصطلاحا
2- مغاير له وهو ما اضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال .
قلــــــــــــــت : والذي يترجح عندي أن الثلاث بمعنى واحد وهو كل كا اضيف للنبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين .
قال الحافظ ابن حجر " إما أن يكون له طرق "
قلــــــــــت : هذه الطرق هي الأسانيد وتعريف الإسناد أو السند قال ابن جماعة هو حكاية طريق المتن وعرفه الحافظ نفسه قال هو الإخبار عن طريق المتن .
والسند والإسناد والطريق سواء عند المحدثين يقول شيخي أبي معاذ طارق بن عوض الله هذا هو المعروف في تعريف السند وأما ما شاع واشتهر بين طلبة العلم من أن السند ( هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن ) فهذا غير صحيح أو غير دقيق
أولا . لأن الإسناد يشتمل على جزاين الرجال وأدوات الأداء وهذا التعريف لا يشمل الثاني .
وإن قيل إن وصفة بـ ( سلسلة ) يتضمن أدوات الأداء لأنها هي التي تربط كل راو بمن فوقه .
قلت وتتضمن أيضا الاتصال لأن السلسلة لا توصف بكونها سلسلة إلا إذا كانت متصلة الحلقات وحيث ثبت ذلك فليست كل الأسانيد متصلة كما هو معلوم فرجع التعريف إلى كونه غير جامع والله أعلم.
ثانيا . أن هناك من الأسانيد ما تكون الواسطة في بعض طبقاتها من غير الرواة كما هو الحال فيما أخذ بالوجادة فإن الواسطة فيها تكون الكتاب لا الرجال ولهذا تجد المحدثين يقولون في مثل ذلك ( رواه فلان عن كتاب فلان عن فلان )
أنظر شرح لغة المحدث صـــــ 63 .
قال الحافظ بن حجر " فالأول المتواتر المفيد للعلم اليقيني "
قلــــــــــــــت : أي انا أول أقسام الحديث هو المتواتر ويقصد ما قاله قبل ذلك وهو ( أن يكون له طرق بلا عدد معين "
أولا تعريف المتواتر : قال الخطيب البغدادي في الكفاية صـ 50 .
خبر التواتر : هو ما يخبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدا يعلم عند مشاهديهم بمستقر العادة أن اتفاق الكذب محال وأن التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه معتذر وأن ما أخبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبة في مثله وأن أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتقية عنهم فمتي تواتر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقه وأوجب وقوع العلم ضرورة .
قلت معني هذا أن الأخبار المتواترة لبد لها من عدة شروط حتى نقول أنها متواترة
1- أن يرويه عدد كثير 2- أن توجد الكثرة في جميع طبقات السند
3- أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب
4- أن يكون مستند خبرهم الحس كقولهك سمعنا أو رأينا أو لمسنا
5- أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه .
فهذا هو المتواتر
قال الحافظ في شرح النخبة : وما تختلف إفادة العلم عنه كان مشهورا فقط فكل متواتر مشهور من غير عكس وقد يقال أن الشروط الأربعة إذا حصلت استلزمت حصول العلم وهو كذلك في الغالب ولكن قد تختلف عن البعض لمانع وقد وضح بهذا تعريف المتواتر وخلافه قد يرد بلا حصر أيضا لكن مع فقد بعض الشروط .
واليقين : هو الاعتقاد الجازم المطابق وهذا هو المعتمد أن خبر التواتر يفيد العلم الضروري وهو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه وقيل لا يفيد العلم إلا نظريا . قلت ( هذا قول الرازي فخر الدين وإمام الحرمين أبو محمد الجويني )
ثم قال الحافظ وليس بشيء لأن العلم بالتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر كالعامي إذ النظر ترتيب أمور معلومة أو مظنونة يتوصل بها إلى علوم أو ظنون وليس في العامي أهلية ذلد فلو كان نظريا لما حصل لهم . أ هـ من كلام الحافظ في النزهة
ثم بعد ذلك اقول أنواع الحديث المتواتر :
أ- متواتر لفظي ب - متواتر معنوي
أ- المتواتر اللفظي : قال الشيخ أبو معاذ في شرح لغة المحدث ( صـ 95 وما بعدها )
فهو مثل الخبر بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينه ووفاته بها ودفنه فيها ومسجده وقبره وما روى من تعظيمه الصحابة وموالاتهم وما ورى من عدد الصلوات وركعاتها وأركانها وترتيبها وفرض الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك .
يعني أن المتواتر اللفظي هو أن تجيء روايات متعددة كثيرة كما قلنا كل رواية لا يشترط فيها التواتر ولكن اجتماعها يشكل التواتر لانها حيث رويت هذه الروايات من طرق متعددة فقد رواها عدد كثير وقد استحال عادة أن يتواطأ مثل هؤلاء على الكذب فإذا كان هذا الذي تواردوا على نقله واتفقوا على روايته هها قد صرح به في هذه الروايات وكان منصوصا عليه فيها فقد تواتر هذا الذي تواردوا عليه واتفقوا على روايته وإن لم يكونوا جميعا قد جاءوا به بلفظ واحد وإنما يكفي أن يكون هذا المعنى الذي تواردوا عليه قد جاء منصوصا عليه في هذه الروايات كلها فحيئذ يكون هذا من التواتر اللفظي .
وهذا هو تعريف المتواتر للفظي للخطيب البغدادي وهو أولى من تعريف غيره الذين خصوا المتواتر اللفظي بما جاءت رواياته بلفظ واحد فإن هذا فيه تقييد لهذا النوع من أنواع التواتر .
ب - التواتر المعنوي : فهو أن يروي جماعة كثيرون يقع العلم بخبرهم كل واحد منهم حكما غير الذي يرويه صاحبه إلا أن الجميع يتضمن معنى واحد فيمون ذلك المعنى بمنزلة ما تواتر به الخبر لفظا .
مثال ذلك : ما روى جماعة كثيرون من عمل الصحابة بخبر الواحد والأحكام المختلفة والأحاديث المتغايرة ولكن جميعها يتضمن العمل بخبر الواحد العدل .
وهذا أحد طرق معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روى عنه تسبيح الحصى في يده وحنين الجذع إليه ونبع الماء بني أصابعه وجعل الطعام القليل كثيرا وما أشبه ذلك مما يكثر تعداده .
يعني أن المتواتر المعنوي عند الخطيب هو ان تجيء روايات متعددة كل رواية من هذه الروايات تتعلق بأمر يختلف عن بقية الروايات فرواية متعلقة بالهجرة ورواية متعلقة بالصلاة ورواية متعلقة بالزكاة هذه بمكة وهذه بالمدينة هذه بالصباح وتلك بالمساء فهي روايات متعدد ليس بينها روابط .
إلا أن هذه الروايات المتعددة من الممكن أن نستنبط من كل رواية منها معنى تتفق عليه وهذا المعنى غير منصوص عليه في هذه الروايات ولكنه من الممكن أن يفهم منها وأن يستبط منها .
فإذا جاءت تلك الروايات الكثيرة والتي تضمنت هذا المعنى والذي استخرجناه منها عن طريق الاستنباط فإن هذا المعنى الذي استنبطناه من هذه الروايات كلها واتفقت الروايات كلها على الدلالة عليه يكون من المتواتر المعنوي . أ هـ من كلام الشيخ طارق بن عوض الله في شرح لغة المحدث
ثم أقول بعد ذلك اشهر المصنفات في هذا النوع
لقد اعتنى العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها فمن تلك المصنفات
أ- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : وهو للسيوطي
ب- قطف الأزهار : وهو للسيوطي أيضضا وهو تلخيص للكتاب السابق
ح- نظم المتناثر من الحديث المتواتر : لمحمد بن جعفر الكتاني أ هـ
وهذا أخر شرح هذا المبحث اسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى هذا وما كان من توفيق فمن عند الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله والرسول منه براء .
وأحب أن اذكر أخواني بحفظ البيقونية
" كتبه"
العبد الفقير الذي يرجوا رحمه ربه
( أبو سفيان الإسماعيلي الأثري السلفي )
اما بعد فقد قلت لاخواني ان يقوموا بقرأة موضوع شرف اصحاب الحديث وقلت لهم ان يقوموا بقراة ترجمة ابن حجر حتى نختصر الدرس لضيق الوقت المقترح للدورة واليوم اقوم ان شاء الله بشرح المتن وقد سميته ( اقتفاء الأثر بشرح نخبة الفكر )
اقول وبالله التوفيق
فال الحافظ ( ابن حجر رحمة الله )
" الحمد الله الذي لم يزل عليما قديرا وصلي الله على سيدنا محمد الذي أرسله إلى الناس بشيرا ونذيرا وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا "
قلــــــــت : اقراء جيدا شرح هذه العبارة من مقدمة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله لشرح نزهة النظر .
قال الحافظ " فإنا التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت وبسطت واختصرت"
قلــــــــــــت : كلمة اصطلاح إذا اطلقت فإنها تفيد : اتفاق طائفة ما على شئ ما فكل طائفة اتفقت وتعارفت فيما بينها على امر فقد اصطلحوا عليه .
ولا مشاحة في الأصطلاح أى لا ينبغي لأحد أن يعيب على أحد اختياره لاصطلاح ما لشيء ما لأن الاصطلاحات ما هي إلا اسماء أو رموز أو علامات على مسميات معينة.
ويقصد ابن حجر هنا في هذه العبارة اول من صنف في كتب المصطلح .
وأول من صنف هو أبو محمد الرامهرمزي المتوفي سنة 360 وكتابه المحدث الفاصل وهو أول كتاب جامع تعرض لعلوم الحديث وليس أو من صنف .
وليس معنى هذا عدم وجود قبل ذلك كلاما في المصطلح فقد ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه جزء كبير من الكلام في هذا العلم وكذلك كلام الأئمة في كتب الرجال والعلل .
ثم تلا الرامهرمزي أبو عبد الله الحاكم المتوفى 405 وصنف كتابه معرفة علوم الحديث
ثم جاء أبو نعيم صاحب الحلية المتوفى سنه 430 وصنف مستدرك على كتاب الحاكم ولكن هذه الكتب لم تكن شاملة .
ثم جاء بعد ذلك أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 فما ترك علم من علوم المصطلح إلا صنف فيه تصنيفا مستقلا ثم جاء القاضي عياض المتوفى سنة 544 فألف كتابه الإلماع .
ثم جاء بعد ذلك العالم أبو عمرو بن الصلاح المتوفى سنة 643 وصنف كتابه المشهور بــ مقدمة ابن الصلاح واسمه علوم الحديث وهو العمدة لمن جاء بعده مثل كتب الخطيب تعتبر عمدة لكل من جاء بعده ولكن ميزة كتاب أبو عمرو جودة الترتيب ولذلك
اشتهرت عبارة كل من جاء بعد الخطيب فهم عيال على كتبه في المصطلح .
قال الحافظ بن حجر " فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك فأجبته إلى سؤاله رجاء الاندراج في تلك المسالك فأقول "
قلــــــــت : ذكرو أن من جملة من سأله الزركشى وهو أحد ثلاميذ الحافظ بن حجر .
قال الحافظ بن حجر "الخبر إما ان يكون له طرق بلا عدد معين أو مع حصر بما فوق الأثنين أو بهما أو بواحد "
قلــــــــت : هذا أول مباحث هذا العلم وهذا الكلام يأخذنا أن نعرف كل من
أ- الحديث ب- الخبر ج- الأثر
أ- الحديث: في اللغة . الجديد وفي الأصطلاح : هم ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة سواء كان خلقية أو خلقية ( الأخيرة بالضم )
ب- الخبر : لغة. النبأ وفي الأصطلاح فيه ثلاث أقوال مشهورة
1- هو مرادف للحديث أي إن معناهما واحد اصطلاحا
2- مغاير له فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عن غيره.
3- أعم منه أي إن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عنه أو عن غيره
ج- الأثر: لغة . بقية الشيء اصطلاحا فيه قولان مشهوران
1- هو مرادف للحديث أي أن معناهما واحد اصطلاحا
2- مغاير له وهو ما اضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال .
قلــــــــــــــت : والذي يترجح عندي أن الثلاث بمعنى واحد وهو كل كا اضيف للنبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين .
قال الحافظ ابن حجر " إما أن يكون له طرق "
قلــــــــــت : هذه الطرق هي الأسانيد وتعريف الإسناد أو السند قال ابن جماعة هو حكاية طريق المتن وعرفه الحافظ نفسه قال هو الإخبار عن طريق المتن .
والسند والإسناد والطريق سواء عند المحدثين يقول شيخي أبي معاذ طارق بن عوض الله هذا هو المعروف في تعريف السند وأما ما شاع واشتهر بين طلبة العلم من أن السند ( هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن ) فهذا غير صحيح أو غير دقيق
أولا . لأن الإسناد يشتمل على جزاين الرجال وأدوات الأداء وهذا التعريف لا يشمل الثاني .
وإن قيل إن وصفة بـ ( سلسلة ) يتضمن أدوات الأداء لأنها هي التي تربط كل راو بمن فوقه .
قلت وتتضمن أيضا الاتصال لأن السلسلة لا توصف بكونها سلسلة إلا إذا كانت متصلة الحلقات وحيث ثبت ذلك فليست كل الأسانيد متصلة كما هو معلوم فرجع التعريف إلى كونه غير جامع والله أعلم.
ثانيا . أن هناك من الأسانيد ما تكون الواسطة في بعض طبقاتها من غير الرواة كما هو الحال فيما أخذ بالوجادة فإن الواسطة فيها تكون الكتاب لا الرجال ولهذا تجد المحدثين يقولون في مثل ذلك ( رواه فلان عن كتاب فلان عن فلان )
أنظر شرح لغة المحدث صـــــ 63 .
قال الحافظ بن حجر " فالأول المتواتر المفيد للعلم اليقيني "
قلــــــــــــــت : أي انا أول أقسام الحديث هو المتواتر ويقصد ما قاله قبل ذلك وهو ( أن يكون له طرق بلا عدد معين "
أولا تعريف المتواتر : قال الخطيب البغدادي في الكفاية صـ 50 .
خبر التواتر : هو ما يخبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدا يعلم عند مشاهديهم بمستقر العادة أن اتفاق الكذب محال وأن التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه معتذر وأن ما أخبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبة في مثله وأن أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتقية عنهم فمتي تواتر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقه وأوجب وقوع العلم ضرورة .
قلت معني هذا أن الأخبار المتواترة لبد لها من عدة شروط حتى نقول أنها متواترة
1- أن يرويه عدد كثير 2- أن توجد الكثرة في جميع طبقات السند
3- أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب
4- أن يكون مستند خبرهم الحس كقولهك سمعنا أو رأينا أو لمسنا
5- أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه .
فهذا هو المتواتر
قال الحافظ في شرح النخبة : وما تختلف إفادة العلم عنه كان مشهورا فقط فكل متواتر مشهور من غير عكس وقد يقال أن الشروط الأربعة إذا حصلت استلزمت حصول العلم وهو كذلك في الغالب ولكن قد تختلف عن البعض لمانع وقد وضح بهذا تعريف المتواتر وخلافه قد يرد بلا حصر أيضا لكن مع فقد بعض الشروط .
واليقين : هو الاعتقاد الجازم المطابق وهذا هو المعتمد أن خبر التواتر يفيد العلم الضروري وهو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه وقيل لا يفيد العلم إلا نظريا . قلت ( هذا قول الرازي فخر الدين وإمام الحرمين أبو محمد الجويني )
ثم قال الحافظ وليس بشيء لأن العلم بالتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر كالعامي إذ النظر ترتيب أمور معلومة أو مظنونة يتوصل بها إلى علوم أو ظنون وليس في العامي أهلية ذلد فلو كان نظريا لما حصل لهم . أ هـ من كلام الحافظ في النزهة
ثم بعد ذلك اقول أنواع الحديث المتواتر :
أ- متواتر لفظي ب - متواتر معنوي
أ- المتواتر اللفظي : قال الشيخ أبو معاذ في شرح لغة المحدث ( صـ 95 وما بعدها )
فهو مثل الخبر بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينه ووفاته بها ودفنه فيها ومسجده وقبره وما روى من تعظيمه الصحابة وموالاتهم وما ورى من عدد الصلوات وركعاتها وأركانها وترتيبها وفرض الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك .
يعني أن المتواتر اللفظي هو أن تجيء روايات متعددة كثيرة كما قلنا كل رواية لا يشترط فيها التواتر ولكن اجتماعها يشكل التواتر لانها حيث رويت هذه الروايات من طرق متعددة فقد رواها عدد كثير وقد استحال عادة أن يتواطأ مثل هؤلاء على الكذب فإذا كان هذا الذي تواردوا على نقله واتفقوا على روايته هها قد صرح به في هذه الروايات وكان منصوصا عليه فيها فقد تواتر هذا الذي تواردوا عليه واتفقوا على روايته وإن لم يكونوا جميعا قد جاءوا به بلفظ واحد وإنما يكفي أن يكون هذا المعنى الذي تواردوا عليه قد جاء منصوصا عليه في هذه الروايات كلها فحيئذ يكون هذا من التواتر اللفظي .
وهذا هو تعريف المتواتر للفظي للخطيب البغدادي وهو أولى من تعريف غيره الذين خصوا المتواتر اللفظي بما جاءت رواياته بلفظ واحد فإن هذا فيه تقييد لهذا النوع من أنواع التواتر .
ب - التواتر المعنوي : فهو أن يروي جماعة كثيرون يقع العلم بخبرهم كل واحد منهم حكما غير الذي يرويه صاحبه إلا أن الجميع يتضمن معنى واحد فيمون ذلك المعنى بمنزلة ما تواتر به الخبر لفظا .
مثال ذلك : ما روى جماعة كثيرون من عمل الصحابة بخبر الواحد والأحكام المختلفة والأحاديث المتغايرة ولكن جميعها يتضمن العمل بخبر الواحد العدل .
وهذا أحد طرق معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روى عنه تسبيح الحصى في يده وحنين الجذع إليه ونبع الماء بني أصابعه وجعل الطعام القليل كثيرا وما أشبه ذلك مما يكثر تعداده .
يعني أن المتواتر المعنوي عند الخطيب هو ان تجيء روايات متعددة كل رواية من هذه الروايات تتعلق بأمر يختلف عن بقية الروايات فرواية متعلقة بالهجرة ورواية متعلقة بالصلاة ورواية متعلقة بالزكاة هذه بمكة وهذه بالمدينة هذه بالصباح وتلك بالمساء فهي روايات متعدد ليس بينها روابط .
إلا أن هذه الروايات المتعددة من الممكن أن نستنبط من كل رواية منها معنى تتفق عليه وهذا المعنى غير منصوص عليه في هذه الروايات ولكنه من الممكن أن يفهم منها وأن يستبط منها .
فإذا جاءت تلك الروايات الكثيرة والتي تضمنت هذا المعنى والذي استخرجناه منها عن طريق الاستنباط فإن هذا المعنى الذي استنبطناه من هذه الروايات كلها واتفقت الروايات كلها على الدلالة عليه يكون من المتواتر المعنوي . أ هـ من كلام الشيخ طارق بن عوض الله في شرح لغة المحدث
ثم أقول بعد ذلك اشهر المصنفات في هذا النوع
لقد اعتنى العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها فمن تلك المصنفات
أ- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : وهو للسيوطي
ب- قطف الأزهار : وهو للسيوطي أيضضا وهو تلخيص للكتاب السابق
ح- نظم المتناثر من الحديث المتواتر : لمحمد بن جعفر الكتاني أ هـ
وهذا أخر شرح هذا المبحث اسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى هذا وما كان من توفيق فمن عند الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله والرسول منه براء .
وأحب أن اذكر أخواني بحفظ البيقونية
" كتبه"
العبد الفقير الذي يرجوا رحمه ربه
( أبو سفيان الإسماعيلي الأثري السلفي )