نوران
2008-12-20, 10:29 PM
هَل المَاء حَقًّا سَمِيعٌ عَلِيم
http://1.1.1.1/bmi/www.55a.net/firas/ar_photo/1228650491654646561323..jpg
صورة لبلورات الثلج مكبرة
إعداد فضيلة الدكتور محمد دودح
طبيب وداعية إسلامي مقيم في مكة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
مع تساقط الثلجSnow على الأرض يكاد يُذهلك التنوع الهائل للبلورات Crystals؛ فلكل بلورة تصميم فريد ولا تكاد تلمس تشابهًا, وتحصل على نفس التنوع بتجميد الماء ومعاينة بلوراته مجهريًا خاصةً بإضاءة جانبية وحقل مظلم Dark field illumination, ولم تُعرف بعد الأسباب وراء هذا التنوع الهائل في شكل البلورات ولم تحدد بعد العوامل المؤثرة, وبناءً على استخدام الموسيقى الهادئة في الطب البديل لتخفيف التوتر بخلاف الضجيج حاول الياباني معلم الطب البديل ماسورو إيموتو Masaru Emoto استخدامها لمعرفة بعض أسباب تنوع البلورات, ووفق ما نُقِل عنه في مقابلاته المنشورة وما جاء في كتابه: رسالة من الماء Message from Water؛ وَضَعَ ماء مقطر بين مكبرين للصوت يُصْدِرَان موسيقى متنوعة لعدة ساعات, وأختبر عدة عوامل أخرى مثل اختلاف مصدر الماء, ونشر النتائج معلنًا حصوله على بلورات تميز كل تأثير, ومن أروع البلورات في رأيه كانت هي التي استمعت إلى معزوفات بتهوفن والصلوات الدينية كالهندوسية والبوذية والكنسية!, واستنتج أن لجزيئات الماء ذاكرة تشكله وفقًا لما سمعه قبل التجميد!, وتوهم إمكان إدراك الماء للقصد والنية Intent والتفهم لدلالة الكلمات, فكتب على أوراق بجوار القوارير أسماء وعبارات وتركها تبيت معها مثل "الأم تريزا" و"شكرا لك" و"هتلر" و"سوف أقتلك", ولكن القول بأن جزيئات الماء تسمع وتقرأ وتعلم بالضمائر وتميز الأعداء بتكوين أشكال ملوثة والفضلاء بأشكال نقية للبلورات؛ قد أدى إلى اعتبار تلك النتائج محض مزاعم زائفة منبعها خلفية فلسفية تحاول ارتداء لباس العلم, فالمعلوم أن بلورات الماء طبيعتها التباين؛ ويُمكن أن ينتخب منها المُدَّعِي أي شكل يُريد ويجعله مُمَيِّزًا لمعزوفة راقت له أو لصلاة تؤديها طائفة ينتمي إليها, ويجعل معيار الحكم على شكل البلورة بالنقاء والتلوث هواه بلا قاعدة واحدة ضابطة, فضلا على أن تلك المزاعم لم تؤكدها أي تجربة أخرى نظيرة مُحايدة تلتزم بالقواعد العلمية, ولهذا نسبها المجتمع العلمي إلى الروحانيات Spirituality أو العلم الكاذب Pseudoscience ؛ خاصة مع إدخال مصطلحات وثنية كتعبير الطاقة الروحية Spiritual Energy وروح مايت Ma'at وهو في المعتقدات المصرية القديمة معبود وثني يُجَسِّد معاني روحية هي الحقيقة والعدل والنظام الكوني, وفكرة الطاقة الروحية الكونية تقوم على فلسفة بديلة للاعتقاد ببينونة الإله عن خلقه؛ فيعتقد الطاويون مثلا بتمثل الذات العلية كوجود روحي معرفي يملأ الفراغ ويتخلل العالم الحسي أسموه الطاقة الكونية!, ومضمون تلك التجارب بالمثل هو استمداد الماء للطاقة من حوله فتعكس بلوراته نقاء المحيط وصفاء الضمير أو تلوثه.
وإذا استبعدنا الأثر الفلسفي تثور جملة تساؤلات تنتظر إجابات يقبلها الفَطِين مثل: هل فقد الثلج فجأة طبيعة التنوع بإخضاعه لمحيط كلمة كُتِبَت باليابانية أو الألمانية فتشكلت كل بلوراته بهيئة واحدة؟, وهل يستطيع بالمثل قراءة كلمات ببقية اللغات السائدة والبائدة!, وهل يمكنه حَقِيقَةً تمييز مضمون التعبير عن ظاهره إذا تناقضا!, ولا يمكن تصنيف الكلمات إلى سَيِّء فَيَسْتَاء الثلج منه أو جَيِّد فَيَبْتَهِج؛ فأي حيرة تُصيبه مع كلمات مثل "جَاءَ" أو "ذَهَب"!, وقد تكون موسيقى الجاز الصاخبة عند بعض الشباب رائعة بخلاف غيرهم فإلى مَن تَحَيَّز!, وكيف شَكَّلَ الثلج البلورات لتبدو ملوثة فصَنِّف هتلر سيئًا بخلاف ما كان يعتقد شعبه!, وكيف مَيَّزَه من بين كل الأسماء المشابهة!, وكيف عَرَفَ أن آغنيس غونكزا بوجاكسيو راهبة أُعِدَّت للتبشير في الهند وعُرِفَت بالأم تريزا ونالت جائزة نوبل عام 1979 لنجاحها؛ فِيُصَنِّفها نقية مع المَرْمُوقِين!.
والقول بأن كل شيء في الطبيعة مثل الكلمة المكتوبة أو المسموعة؛ مهما اختلفت اللغة, يمثل روحًا تسري تؤثر فيما حولها وأن رسم شكل كالصليب يستدعي بالمثل روحًا مُؤَثِّرة قد تشفي أو تدفع ضرر؛ أليس هو مضمون كل العبادات الوثنية حيث الصنم تجسيد لروح ذات مقدرة كما التمائم تجسيد لأرواح يُتَوَهَّم إمكانها جلب منفعة أو دفع ضرر؟, وأما قول إيموتو أن الكلمة ذات تأثير روحي حتى أنها تجسدت وأنشأت الوجود مستشهدا بعبارة ركيكة الصياغة بإنجيل يوحنا مستمدة من الفلسفة اليونانية بلا خلاف عند المحققين؛ فقد كشفت كثيرا من المستور رغم حذره وأيدت أن مقولاته خليط Mixture دخلته الفلسفة اليونانية مع النصرانية وبقية المعتقدات الوثنية كالطاوية؛ وربما المزيد, فيذهب دُوَان Doane مثلا في كتابه أساطير الكتاب المقدس (Bible Myths and Their Parallels in other religion, P172) إلى أن تثليث الطاوية أحد مصادر تثليث النصرانية، فالعقل الأول طاو انبثق من واحد وانبثق منه ثالث هو مصدر الأجساد, وهي نفس فلسفة أزلية الكلمة Logos أو العقل الأول في التثليث, واقتبسها سفر يوحنا المعتمد في كل الكنائس منذ مؤتمر نيقية عام 325م للتصويت حول تأليه المسيح عليه السلام وسماه الكلمة: "في البدء كان الكلمةLogos والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله؛ هذا كان في البدء عند الله.. والكلمة صار جسداً", وأما قوله بأن مقياس ابتهاج البلورات تكون الشكل السداسي Hexagon؛ أي المثلثين المتقابلين وهو رمز طائفي عنصري, فسيجعل الشك في أصالة عمله وموضوعيته أقرب لليقين.
http://1.1.1.4/bmi/www.55a.net/firas/ar_photo/122865044895456868321.jpg
صورة لبئر زمزم تتدفق المياه منها
ولا تعني المنهجية العلمية في تناول الخبر إنكار تضمنه بعض الحقيقة, وإنما الاحتراز أسلم بعدم التسليم لزعم يعوزه الدليل احتياطًا خشية الاستدراج في وقت لم يكتف المتربصون فيه انتظار زَلَّة؛ بل يُحِيكُون المكائد للمسلمين بغية السخرية والتشكيك بالإثارة العاطفية استنادًا إلى الموروث الثقافي ليضيف البعض اغترارًا تفصيلات بلا تحقيق في مصداقية الخبر, والإدعاء بأن بلورات الماء تعي وتفهم وتتجاوب مع المحيط ومع النقاء تنتشي ومع التلوث تخبو أو حتى ترفض التكون؛ انتهى بالتضخيم إلى أنها تتألق مأخوذة من الوَجْد مع البسملة والقرآن خاصةً بماء زمزم!, ومع قيمته عند المسلمين حيث تهفو النفوس للتَضَلُّع ومعاينة الكعبة المشرفة جاشت العواطف وانتشر الخبر بلا توثيق ولا تحقيق وتبارت النِيَّات الحَسَنة في إضافة الشروح والتفاسير لتتضح المعجزة, ولكن؛ ألا تكفي وفرته بوادٍ جاف لم يشتهر يومًا بزراعة وفي موضع يؤمه الحجيج منذ زمن بعيد دليلا على رعاية الله!, ولا يغرنك قول إيموتو بامتناع ماء زمزم عن التحول لثلج والتبلور حتى خففه ألف مرة بماء سواه؛ فقد احتاط لنفسه ومنحك سعة لِتُفَسِّر كيف شِئْت, وطالما براعة معرفة الطَّالِع وقراءة الكف واستلهام الوَدَع تعود لنفس الكاهن والماء ذو بصيرة سميع عليم؛ فلا يُستبعد إذن أن يُفْتِيه الماء في الكنائس وأنهار الهندوس حول صحة ما يُنْسَب إليه من قدسية فيومئ مُوَافِقًا بِدَهَاء, ليحظى الكل بالسعادة ويَعُم الأرض السَّلاَم!.
أما زعم المكابرين بأن ماء زمزم المتدفق بلا انقطاع منذ القدم ﴿لّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشّارِبِينَ﴾ يفسره القرب من البحر الأحمر فشبهة قديمة زائفة؛ وجوابها: ﴿هََذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهََذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾, ولا يفسر بَرَكَة بئر واحد رَوَى ما لا يمكن إحصاؤه من الحجيج على مر القرون بينما جفت كل الآبار المجاورة سواه, ومكة المكرمة تبعد عن البحر بحوالي 75 كم ويصل ارتفاعها لأكثر من 300 متر فوق سطح البحر, فتدفق ماء عذب لا يفسره إذن بحر مالح لبعد مكة وارتفاع جبالها وشدة ملوحته, وقد تكون روافد البئر عميقة وبعيدة ومتشعبة في شبه الجزيرة لتفيض في منطقة اختارتها العناية الإلهية بعلم مُقْتَدِر موضعًا للبيت العتيق, وشبهة التلوث ردتها كل الاختبارات الأوروبية وأثبتت صلاحية ماء زمزم للشرب؛ فضلا عن تركيب عجيب يناسب الحجيج, فهو غني بالفلوريدات Fluorides النادرة بنسبة تكفي لإبادة الجراثيم مع أملاح الكالسيوم والمغنسيوم المنعشة للحجيج, أليست هذه دلائل للنبهاء على أن اختيار مكة المكرمة قبلةً للمسلمين لم يكن باجتهاد بشر وإنما بعلم الله تعالى ورعايته!.
وأما المُفَاجَأَة فهي تَهَرَّب إيموتو عندما سُئل في موقعه الإلكتروني عن صحة ما قاله في مدينة جدة والقاهرة عن بَرِكَة ماء زمزم وتأثير الأسماء الحُسنى بقوله: "أنا لست مُسْلِمًا ولا أعرف العربية", و"لم يكن عندي مترجمًا لليابانية وكنت أتحدث بإنجليزية ركيكة.., ولذا أعتقد أن ما قلته لم يُفَسَّر بشكل صحيح"!, وحول ما نسبوا إليه من إثباته علميًا امتلاك ماء زمزم قدرةً لعلاج المرض تَنَصَّل في جوابه المنشور بعبارات مُلْتَوِيَة أَشْبَه بالسَّاخِرَة فَحْوَاهَا على النحو التالي: "ماء زمزم امتنع عن التجميد وتكوين بلورات؛ ربما لتلوثه بأملاح اقتضت تطهيره وتخفيفه ألف مرة بإضافة ماء نقي!, وتلوثه جعله كماء البحر الأحمر الذي خطر في بالي أنه أشبه برحم الأم, فاستوحيت أنه قد يكون نافعًا كما يقول المسلمون كمنفعة السائل الأمنيوسي!"؛ وهو ملوث في الرحم بفضلات الجنين!, ثم طَعَنَ إيموتو ظهر كل من خَدَعَهُم بقوله صريحًا: "(إذن) الفكرة بأن ماء زمزم قد يمتلك قوة لعلاج المرض هي فقط تَخَيُّل اسْتَوْحَيتُه وليست شيئًا مَبْنِيًّا على تحقيق علمي"!.
و﴿لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾؛ حتى لا يَغْتَر ضَحَية ويخدعه إفك فيردده بغير دليل ويقين خاصةً في أمر الدين, فيتلقى الطعنة ويهوي في ساحة معركة الدَّجَل بتسليمه لحظةً بفرية أن شيئًا نظيرًا لصنم أصم دون الله تعالى سَمِيعٌ عَلِيم, ويكفيه قول العلي القدير: ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ المائدة 76, والتعليل للبسملة قبل الشرب بأن الماء ذو بصيرة وإدراك قد أثار شكوك فَطِين فلم يَغِب عنه المضمون في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ النحل 43؛ فسلك الطريق الأسلم للنجاة بسؤاله أهل العِلْم, فقال فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم: "هذا قول لا أصل له؛ بل هو من الظّن ومن القول على الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) بِغير عِلْم".
إعداد فضيلة الدكتور محمد دودح
mdoudah@hotmail.com
وردتنا تعقيب على مقالة الدكتور محمد دودح من الدكتورة عبير الجهني مديرة مركز طبي بالمملكة العربية السعودية ننشره كما هو للفائدة:
سبقني إليكم الدكتور دودح بمقاله الرائع (هل الماء حقا سميع عليم؟) حول نفي مزاعم الياباني إيموتو في إمكان الماء السمع والبصر والفهم وإدراك محيطه والتناغم معه والاحتفاظ بالمعلومات قبل التجميد في ذاكرته ليشكل بلورات نقية أو مشوهة تبعا لطبيعة المحيط, ولكن الدكتور دودح قد انطلق من أساس ديني بنبذ الوثنيات ومنهج علمي بتجنب الخرافات وحدس شخصي برفض ما لا يقبله العقل والمنطق, والمطلوب أن نثبت ذلك معمليا أيضا فنذب عن الإسلام بالتجربة المعملية التي يمكن أن يعيدها غيرنا, فقد أثمر الزعم أن للماء بصيرة وإدراك فنشر موقع معادي للإسلام نكاية وتكذيبا للمسلمين خبر تراجع إيموتو عن أقواله التي ترجمتها إلى العربية ونشرتها جهات وشخصيات لها ثقلها ووزنها الكبير في المملكة العربية السعودية عندنا اغترارا بأن أعماله قد تكون مفيدة للإسلام فنشرت تعلله بصعوبة التحدث بالإنجليزية واتهامه بغير لياقة لتلك الشخصيات المحترمة ذات النشاط الإجتماعي الخيري الواسع في مدينة جدة وسواها والتي دعته على نفقتها الخاصة وأكرمته بسوء فهم كلماته وتفسيرها على غير قصده.
وقد قمنا في معمل مركزنا الطبي بعد انتشار مقولات إيموتو بإعادة تجاربه وتوصلنا إلى نتائج أكيدة كنا على وشك نشرها حتى فاجأنا موقعكم العامر بنشر مقال الدكتور دودح فكان لزاما علينا أن نعلن مساندتكم بنتائج تجاربنا, وللعلم ليس إيموتو طبيبا وإنما هو من ممارسي الطب الشعبي البديل المنتشر بكثرة في جنوب شرق آسيا, وفكرة التصوير المجهري باستخدام الإضاءة الجانية أو الحقل المظلم Dark field ilumination ليست بشيء جديد قد اخترعه إيموتو كما أشيع, فهي تقنية مستخدمة طبيا في معاينة الأجسام الشفافة مجهريا مثل لولبية مرض الزهري Syphilis Spirochete.
http://1.1.1.1/bmi/55a.net/firas/ar_photo/1228675678859+9562.jpg
لولبية مرض الزهري باستخدام تقنية الإضاءة الجانية أو الحقل المظلم.
وخلاصة تجاربنا التي أعدناها مرارا في المركز هي أن فقدان الماء لطبيعة التنوع في تكوين البلورات بتكوين بلورة واحدة تميز كل تاثير هي مجرد ادعاء لم يثبت معمليا, فقد حافظت بلورات الثلج على التنوع في جميع التجارب بلا استثناء مهما كان التأثير قبل التجميد, ولم نكتف بليلة واحدة كما أعلن إيموتو وإنما ضاعفنا المدة لتبلغ 24 ساعة من صبيحة دوام رسمي إلى صبيحة اليوم التالي, واستخدمنا عينات مختلفة مثل ماء الصنبور والماء المعدني وماء مطر جمع مباشرة أثناء هطوله وماء من الخليج العربي وآخر من البحر الأحمر, وتطوع أحد العاملين بالمركز واحضر عينة من نهر النيل مباشرة, وأسمعنا تلك العينات من الماء أصواتا مختلفة كما ذكر إيموتو وبدرجات في الشدة متنوعة داخل تجهيز عازل للصوت ولكنه لم يستجب لشيء مطلقا؛ حتى أن أحد المعاونين للمختصين بالمركز اقترح علينا إسماعه شريط أحضره معه لقصيدة دينية بصوت أم كلثوم فظلت طبيعة التنوع كما هي, فاحضر شريطا آخر للسعودي محمد عبده وتندر قائلا: "جايز إن قرد الحاوي الياباني لا يفهم بالمصري", ولكن النتيجة ظلت واحدة, وأسمعناه قراءات وأدعية وأناشيد إسلامية متنوعة وكتبنا له نفس عبارات إيموتو؛ حتى أن ذلك المعاون السابق ذكره قد اقترح علينا أيضا عبارة فكاهية بلهجته الدارجة وكتبناها بعد إلحاح على قارورة هي: "إنطق يا بجم يا أخرس.. أنت والله العظيم أصم وأعمى وأبكم.. دوختنا يا صنم.. متنطق بأه يا بليد إذا كان عندك دم وحس وفهم", ولكن بلا أي تغيير في النتيجة فلم يستجب الماء لشيء على الإطلاق, حتى أننا خجلنا من أنفسنا كيف نجري أساسا مثل هذه التجارب ونتدنى إلى مثل ذلك المستوى الهابط ونستنطق جماد أصم لا عقل له ولا إدراك, فكان عذرنا وعزاءنا في نفس الوقت أن التجربة خير شاهد على أي إدعاء وأن ذلك هو منطق العلم وأن الواجب علينا أن ندع الحقيقة تتحدث عن نفسها لتفضح الأكاذيب.
فقد كان منطلقنا الأساسي هو بحث ما أشاعه إيموتو حول ماء زمزم بالذات وقوله أنه شبيه بماء البحر الأحمر مما قد يعني أنه ملوث بأملاحه كما لو كان يحاول تدعيم الاكذوبة في أن وفرة ماء زمزم وتدفقه بلا انقطاع لقرون بجانب الكعبة المشرفة تحديدا ترجع إلى أنه رافد من البحر الأحمر, وهم بذلك يحاولون نفي خصوصية مكة المكرمة وأن الله تعالى قد اختارها قبلة المسلمين, ولكن نظريا لا يوجد بئر يشهد لهذا الافتراء لقربه من الساحل رغم طول السواحل في العالم, ومعمليا يختلف ماء زمزم عن ماء البحر الأحمر في التركيب, وأما الزعم بامتناع ماء زمزم عن التجمد وتكوين بلورات لتلوثه بأملاح جعلته كالبحر الأحمر فهو أيضا أكذوبة لا تحتاج حتى لمعامل لتنفيها, فماء زمزم يتجمد كغيره إذا أحضرناه من مكة المكرمة ووضعناه في الثلاجات في بيوتنا هنا في السعودية, وحتى ماء البحار الشديد الملوحة يتحول إلى جليد كذلك ويتجمد مع البرودة الشديدة في المناطق القطبية, والتجميد يعني بالطبع تكوين بلورات, وأخيرا نشكركم على ما تنشروه من البحوث الجادة, ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والرشاد ولجميع المسلمين.
الدكتورة عبير الجهني
مديرة مركز طبي بالمملكة العربية السعودية
agohani@gmail.com
http://1.1.1.1/bmi/www.55a.net/firas/ar_photo/1228650491654646561323..jpg
صورة لبلورات الثلج مكبرة
إعداد فضيلة الدكتور محمد دودح
طبيب وداعية إسلامي مقيم في مكة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
مع تساقط الثلجSnow على الأرض يكاد يُذهلك التنوع الهائل للبلورات Crystals؛ فلكل بلورة تصميم فريد ولا تكاد تلمس تشابهًا, وتحصل على نفس التنوع بتجميد الماء ومعاينة بلوراته مجهريًا خاصةً بإضاءة جانبية وحقل مظلم Dark field illumination, ولم تُعرف بعد الأسباب وراء هذا التنوع الهائل في شكل البلورات ولم تحدد بعد العوامل المؤثرة, وبناءً على استخدام الموسيقى الهادئة في الطب البديل لتخفيف التوتر بخلاف الضجيج حاول الياباني معلم الطب البديل ماسورو إيموتو Masaru Emoto استخدامها لمعرفة بعض أسباب تنوع البلورات, ووفق ما نُقِل عنه في مقابلاته المنشورة وما جاء في كتابه: رسالة من الماء Message from Water؛ وَضَعَ ماء مقطر بين مكبرين للصوت يُصْدِرَان موسيقى متنوعة لعدة ساعات, وأختبر عدة عوامل أخرى مثل اختلاف مصدر الماء, ونشر النتائج معلنًا حصوله على بلورات تميز كل تأثير, ومن أروع البلورات في رأيه كانت هي التي استمعت إلى معزوفات بتهوفن والصلوات الدينية كالهندوسية والبوذية والكنسية!, واستنتج أن لجزيئات الماء ذاكرة تشكله وفقًا لما سمعه قبل التجميد!, وتوهم إمكان إدراك الماء للقصد والنية Intent والتفهم لدلالة الكلمات, فكتب على أوراق بجوار القوارير أسماء وعبارات وتركها تبيت معها مثل "الأم تريزا" و"شكرا لك" و"هتلر" و"سوف أقتلك", ولكن القول بأن جزيئات الماء تسمع وتقرأ وتعلم بالضمائر وتميز الأعداء بتكوين أشكال ملوثة والفضلاء بأشكال نقية للبلورات؛ قد أدى إلى اعتبار تلك النتائج محض مزاعم زائفة منبعها خلفية فلسفية تحاول ارتداء لباس العلم, فالمعلوم أن بلورات الماء طبيعتها التباين؛ ويُمكن أن ينتخب منها المُدَّعِي أي شكل يُريد ويجعله مُمَيِّزًا لمعزوفة راقت له أو لصلاة تؤديها طائفة ينتمي إليها, ويجعل معيار الحكم على شكل البلورة بالنقاء والتلوث هواه بلا قاعدة واحدة ضابطة, فضلا على أن تلك المزاعم لم تؤكدها أي تجربة أخرى نظيرة مُحايدة تلتزم بالقواعد العلمية, ولهذا نسبها المجتمع العلمي إلى الروحانيات Spirituality أو العلم الكاذب Pseudoscience ؛ خاصة مع إدخال مصطلحات وثنية كتعبير الطاقة الروحية Spiritual Energy وروح مايت Ma'at وهو في المعتقدات المصرية القديمة معبود وثني يُجَسِّد معاني روحية هي الحقيقة والعدل والنظام الكوني, وفكرة الطاقة الروحية الكونية تقوم على فلسفة بديلة للاعتقاد ببينونة الإله عن خلقه؛ فيعتقد الطاويون مثلا بتمثل الذات العلية كوجود روحي معرفي يملأ الفراغ ويتخلل العالم الحسي أسموه الطاقة الكونية!, ومضمون تلك التجارب بالمثل هو استمداد الماء للطاقة من حوله فتعكس بلوراته نقاء المحيط وصفاء الضمير أو تلوثه.
وإذا استبعدنا الأثر الفلسفي تثور جملة تساؤلات تنتظر إجابات يقبلها الفَطِين مثل: هل فقد الثلج فجأة طبيعة التنوع بإخضاعه لمحيط كلمة كُتِبَت باليابانية أو الألمانية فتشكلت كل بلوراته بهيئة واحدة؟, وهل يستطيع بالمثل قراءة كلمات ببقية اللغات السائدة والبائدة!, وهل يمكنه حَقِيقَةً تمييز مضمون التعبير عن ظاهره إذا تناقضا!, ولا يمكن تصنيف الكلمات إلى سَيِّء فَيَسْتَاء الثلج منه أو جَيِّد فَيَبْتَهِج؛ فأي حيرة تُصيبه مع كلمات مثل "جَاءَ" أو "ذَهَب"!, وقد تكون موسيقى الجاز الصاخبة عند بعض الشباب رائعة بخلاف غيرهم فإلى مَن تَحَيَّز!, وكيف شَكَّلَ الثلج البلورات لتبدو ملوثة فصَنِّف هتلر سيئًا بخلاف ما كان يعتقد شعبه!, وكيف مَيَّزَه من بين كل الأسماء المشابهة!, وكيف عَرَفَ أن آغنيس غونكزا بوجاكسيو راهبة أُعِدَّت للتبشير في الهند وعُرِفَت بالأم تريزا ونالت جائزة نوبل عام 1979 لنجاحها؛ فِيُصَنِّفها نقية مع المَرْمُوقِين!.
والقول بأن كل شيء في الطبيعة مثل الكلمة المكتوبة أو المسموعة؛ مهما اختلفت اللغة, يمثل روحًا تسري تؤثر فيما حولها وأن رسم شكل كالصليب يستدعي بالمثل روحًا مُؤَثِّرة قد تشفي أو تدفع ضرر؛ أليس هو مضمون كل العبادات الوثنية حيث الصنم تجسيد لروح ذات مقدرة كما التمائم تجسيد لأرواح يُتَوَهَّم إمكانها جلب منفعة أو دفع ضرر؟, وأما قول إيموتو أن الكلمة ذات تأثير روحي حتى أنها تجسدت وأنشأت الوجود مستشهدا بعبارة ركيكة الصياغة بإنجيل يوحنا مستمدة من الفلسفة اليونانية بلا خلاف عند المحققين؛ فقد كشفت كثيرا من المستور رغم حذره وأيدت أن مقولاته خليط Mixture دخلته الفلسفة اليونانية مع النصرانية وبقية المعتقدات الوثنية كالطاوية؛ وربما المزيد, فيذهب دُوَان Doane مثلا في كتابه أساطير الكتاب المقدس (Bible Myths and Their Parallels in other religion, P172) إلى أن تثليث الطاوية أحد مصادر تثليث النصرانية، فالعقل الأول طاو انبثق من واحد وانبثق منه ثالث هو مصدر الأجساد, وهي نفس فلسفة أزلية الكلمة Logos أو العقل الأول في التثليث, واقتبسها سفر يوحنا المعتمد في كل الكنائس منذ مؤتمر نيقية عام 325م للتصويت حول تأليه المسيح عليه السلام وسماه الكلمة: "في البدء كان الكلمةLogos والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله؛ هذا كان في البدء عند الله.. والكلمة صار جسداً", وأما قوله بأن مقياس ابتهاج البلورات تكون الشكل السداسي Hexagon؛ أي المثلثين المتقابلين وهو رمز طائفي عنصري, فسيجعل الشك في أصالة عمله وموضوعيته أقرب لليقين.
http://1.1.1.4/bmi/www.55a.net/firas/ar_photo/122865044895456868321.jpg
صورة لبئر زمزم تتدفق المياه منها
ولا تعني المنهجية العلمية في تناول الخبر إنكار تضمنه بعض الحقيقة, وإنما الاحتراز أسلم بعدم التسليم لزعم يعوزه الدليل احتياطًا خشية الاستدراج في وقت لم يكتف المتربصون فيه انتظار زَلَّة؛ بل يُحِيكُون المكائد للمسلمين بغية السخرية والتشكيك بالإثارة العاطفية استنادًا إلى الموروث الثقافي ليضيف البعض اغترارًا تفصيلات بلا تحقيق في مصداقية الخبر, والإدعاء بأن بلورات الماء تعي وتفهم وتتجاوب مع المحيط ومع النقاء تنتشي ومع التلوث تخبو أو حتى ترفض التكون؛ انتهى بالتضخيم إلى أنها تتألق مأخوذة من الوَجْد مع البسملة والقرآن خاصةً بماء زمزم!, ومع قيمته عند المسلمين حيث تهفو النفوس للتَضَلُّع ومعاينة الكعبة المشرفة جاشت العواطف وانتشر الخبر بلا توثيق ولا تحقيق وتبارت النِيَّات الحَسَنة في إضافة الشروح والتفاسير لتتضح المعجزة, ولكن؛ ألا تكفي وفرته بوادٍ جاف لم يشتهر يومًا بزراعة وفي موضع يؤمه الحجيج منذ زمن بعيد دليلا على رعاية الله!, ولا يغرنك قول إيموتو بامتناع ماء زمزم عن التحول لثلج والتبلور حتى خففه ألف مرة بماء سواه؛ فقد احتاط لنفسه ومنحك سعة لِتُفَسِّر كيف شِئْت, وطالما براعة معرفة الطَّالِع وقراءة الكف واستلهام الوَدَع تعود لنفس الكاهن والماء ذو بصيرة سميع عليم؛ فلا يُستبعد إذن أن يُفْتِيه الماء في الكنائس وأنهار الهندوس حول صحة ما يُنْسَب إليه من قدسية فيومئ مُوَافِقًا بِدَهَاء, ليحظى الكل بالسعادة ويَعُم الأرض السَّلاَم!.
أما زعم المكابرين بأن ماء زمزم المتدفق بلا انقطاع منذ القدم ﴿لّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشّارِبِينَ﴾ يفسره القرب من البحر الأحمر فشبهة قديمة زائفة؛ وجوابها: ﴿هََذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهََذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾, ولا يفسر بَرَكَة بئر واحد رَوَى ما لا يمكن إحصاؤه من الحجيج على مر القرون بينما جفت كل الآبار المجاورة سواه, ومكة المكرمة تبعد عن البحر بحوالي 75 كم ويصل ارتفاعها لأكثر من 300 متر فوق سطح البحر, فتدفق ماء عذب لا يفسره إذن بحر مالح لبعد مكة وارتفاع جبالها وشدة ملوحته, وقد تكون روافد البئر عميقة وبعيدة ومتشعبة في شبه الجزيرة لتفيض في منطقة اختارتها العناية الإلهية بعلم مُقْتَدِر موضعًا للبيت العتيق, وشبهة التلوث ردتها كل الاختبارات الأوروبية وأثبتت صلاحية ماء زمزم للشرب؛ فضلا عن تركيب عجيب يناسب الحجيج, فهو غني بالفلوريدات Fluorides النادرة بنسبة تكفي لإبادة الجراثيم مع أملاح الكالسيوم والمغنسيوم المنعشة للحجيج, أليست هذه دلائل للنبهاء على أن اختيار مكة المكرمة قبلةً للمسلمين لم يكن باجتهاد بشر وإنما بعلم الله تعالى ورعايته!.
وأما المُفَاجَأَة فهي تَهَرَّب إيموتو عندما سُئل في موقعه الإلكتروني عن صحة ما قاله في مدينة جدة والقاهرة عن بَرِكَة ماء زمزم وتأثير الأسماء الحُسنى بقوله: "أنا لست مُسْلِمًا ولا أعرف العربية", و"لم يكن عندي مترجمًا لليابانية وكنت أتحدث بإنجليزية ركيكة.., ولذا أعتقد أن ما قلته لم يُفَسَّر بشكل صحيح"!, وحول ما نسبوا إليه من إثباته علميًا امتلاك ماء زمزم قدرةً لعلاج المرض تَنَصَّل في جوابه المنشور بعبارات مُلْتَوِيَة أَشْبَه بالسَّاخِرَة فَحْوَاهَا على النحو التالي: "ماء زمزم امتنع عن التجميد وتكوين بلورات؛ ربما لتلوثه بأملاح اقتضت تطهيره وتخفيفه ألف مرة بإضافة ماء نقي!, وتلوثه جعله كماء البحر الأحمر الذي خطر في بالي أنه أشبه برحم الأم, فاستوحيت أنه قد يكون نافعًا كما يقول المسلمون كمنفعة السائل الأمنيوسي!"؛ وهو ملوث في الرحم بفضلات الجنين!, ثم طَعَنَ إيموتو ظهر كل من خَدَعَهُم بقوله صريحًا: "(إذن) الفكرة بأن ماء زمزم قد يمتلك قوة لعلاج المرض هي فقط تَخَيُّل اسْتَوْحَيتُه وليست شيئًا مَبْنِيًّا على تحقيق علمي"!.
و﴿لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾؛ حتى لا يَغْتَر ضَحَية ويخدعه إفك فيردده بغير دليل ويقين خاصةً في أمر الدين, فيتلقى الطعنة ويهوي في ساحة معركة الدَّجَل بتسليمه لحظةً بفرية أن شيئًا نظيرًا لصنم أصم دون الله تعالى سَمِيعٌ عَلِيم, ويكفيه قول العلي القدير: ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ المائدة 76, والتعليل للبسملة قبل الشرب بأن الماء ذو بصيرة وإدراك قد أثار شكوك فَطِين فلم يَغِب عنه المضمون في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ النحل 43؛ فسلك الطريق الأسلم للنجاة بسؤاله أهل العِلْم, فقال فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم: "هذا قول لا أصل له؛ بل هو من الظّن ومن القول على الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) بِغير عِلْم".
إعداد فضيلة الدكتور محمد دودح
mdoudah@hotmail.com
وردتنا تعقيب على مقالة الدكتور محمد دودح من الدكتورة عبير الجهني مديرة مركز طبي بالمملكة العربية السعودية ننشره كما هو للفائدة:
سبقني إليكم الدكتور دودح بمقاله الرائع (هل الماء حقا سميع عليم؟) حول نفي مزاعم الياباني إيموتو في إمكان الماء السمع والبصر والفهم وإدراك محيطه والتناغم معه والاحتفاظ بالمعلومات قبل التجميد في ذاكرته ليشكل بلورات نقية أو مشوهة تبعا لطبيعة المحيط, ولكن الدكتور دودح قد انطلق من أساس ديني بنبذ الوثنيات ومنهج علمي بتجنب الخرافات وحدس شخصي برفض ما لا يقبله العقل والمنطق, والمطلوب أن نثبت ذلك معمليا أيضا فنذب عن الإسلام بالتجربة المعملية التي يمكن أن يعيدها غيرنا, فقد أثمر الزعم أن للماء بصيرة وإدراك فنشر موقع معادي للإسلام نكاية وتكذيبا للمسلمين خبر تراجع إيموتو عن أقواله التي ترجمتها إلى العربية ونشرتها جهات وشخصيات لها ثقلها ووزنها الكبير في المملكة العربية السعودية عندنا اغترارا بأن أعماله قد تكون مفيدة للإسلام فنشرت تعلله بصعوبة التحدث بالإنجليزية واتهامه بغير لياقة لتلك الشخصيات المحترمة ذات النشاط الإجتماعي الخيري الواسع في مدينة جدة وسواها والتي دعته على نفقتها الخاصة وأكرمته بسوء فهم كلماته وتفسيرها على غير قصده.
وقد قمنا في معمل مركزنا الطبي بعد انتشار مقولات إيموتو بإعادة تجاربه وتوصلنا إلى نتائج أكيدة كنا على وشك نشرها حتى فاجأنا موقعكم العامر بنشر مقال الدكتور دودح فكان لزاما علينا أن نعلن مساندتكم بنتائج تجاربنا, وللعلم ليس إيموتو طبيبا وإنما هو من ممارسي الطب الشعبي البديل المنتشر بكثرة في جنوب شرق آسيا, وفكرة التصوير المجهري باستخدام الإضاءة الجانية أو الحقل المظلم Dark field ilumination ليست بشيء جديد قد اخترعه إيموتو كما أشيع, فهي تقنية مستخدمة طبيا في معاينة الأجسام الشفافة مجهريا مثل لولبية مرض الزهري Syphilis Spirochete.
http://1.1.1.1/bmi/55a.net/firas/ar_photo/1228675678859+9562.jpg
لولبية مرض الزهري باستخدام تقنية الإضاءة الجانية أو الحقل المظلم.
وخلاصة تجاربنا التي أعدناها مرارا في المركز هي أن فقدان الماء لطبيعة التنوع في تكوين البلورات بتكوين بلورة واحدة تميز كل تاثير هي مجرد ادعاء لم يثبت معمليا, فقد حافظت بلورات الثلج على التنوع في جميع التجارب بلا استثناء مهما كان التأثير قبل التجميد, ولم نكتف بليلة واحدة كما أعلن إيموتو وإنما ضاعفنا المدة لتبلغ 24 ساعة من صبيحة دوام رسمي إلى صبيحة اليوم التالي, واستخدمنا عينات مختلفة مثل ماء الصنبور والماء المعدني وماء مطر جمع مباشرة أثناء هطوله وماء من الخليج العربي وآخر من البحر الأحمر, وتطوع أحد العاملين بالمركز واحضر عينة من نهر النيل مباشرة, وأسمعنا تلك العينات من الماء أصواتا مختلفة كما ذكر إيموتو وبدرجات في الشدة متنوعة داخل تجهيز عازل للصوت ولكنه لم يستجب لشيء مطلقا؛ حتى أن أحد المعاونين للمختصين بالمركز اقترح علينا إسماعه شريط أحضره معه لقصيدة دينية بصوت أم كلثوم فظلت طبيعة التنوع كما هي, فاحضر شريطا آخر للسعودي محمد عبده وتندر قائلا: "جايز إن قرد الحاوي الياباني لا يفهم بالمصري", ولكن النتيجة ظلت واحدة, وأسمعناه قراءات وأدعية وأناشيد إسلامية متنوعة وكتبنا له نفس عبارات إيموتو؛ حتى أن ذلك المعاون السابق ذكره قد اقترح علينا أيضا عبارة فكاهية بلهجته الدارجة وكتبناها بعد إلحاح على قارورة هي: "إنطق يا بجم يا أخرس.. أنت والله العظيم أصم وأعمى وأبكم.. دوختنا يا صنم.. متنطق بأه يا بليد إذا كان عندك دم وحس وفهم", ولكن بلا أي تغيير في النتيجة فلم يستجب الماء لشيء على الإطلاق, حتى أننا خجلنا من أنفسنا كيف نجري أساسا مثل هذه التجارب ونتدنى إلى مثل ذلك المستوى الهابط ونستنطق جماد أصم لا عقل له ولا إدراك, فكان عذرنا وعزاءنا في نفس الوقت أن التجربة خير شاهد على أي إدعاء وأن ذلك هو منطق العلم وأن الواجب علينا أن ندع الحقيقة تتحدث عن نفسها لتفضح الأكاذيب.
فقد كان منطلقنا الأساسي هو بحث ما أشاعه إيموتو حول ماء زمزم بالذات وقوله أنه شبيه بماء البحر الأحمر مما قد يعني أنه ملوث بأملاحه كما لو كان يحاول تدعيم الاكذوبة في أن وفرة ماء زمزم وتدفقه بلا انقطاع لقرون بجانب الكعبة المشرفة تحديدا ترجع إلى أنه رافد من البحر الأحمر, وهم بذلك يحاولون نفي خصوصية مكة المكرمة وأن الله تعالى قد اختارها قبلة المسلمين, ولكن نظريا لا يوجد بئر يشهد لهذا الافتراء لقربه من الساحل رغم طول السواحل في العالم, ومعمليا يختلف ماء زمزم عن ماء البحر الأحمر في التركيب, وأما الزعم بامتناع ماء زمزم عن التجمد وتكوين بلورات لتلوثه بأملاح جعلته كالبحر الأحمر فهو أيضا أكذوبة لا تحتاج حتى لمعامل لتنفيها, فماء زمزم يتجمد كغيره إذا أحضرناه من مكة المكرمة ووضعناه في الثلاجات في بيوتنا هنا في السعودية, وحتى ماء البحار الشديد الملوحة يتحول إلى جليد كذلك ويتجمد مع البرودة الشديدة في المناطق القطبية, والتجميد يعني بالطبع تكوين بلورات, وأخيرا نشكركم على ما تنشروه من البحوث الجادة, ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والرشاد ولجميع المسلمين.
الدكتورة عبير الجهني
مديرة مركز طبي بالمملكة العربية السعودية
agohani@gmail.com