أبوحمزة السيوطي
2009-02-04, 03:20 PM
الحمد لله رب العالمين واالصلاة والسلام على رسولنا الأمين
أما بعد ,,,
فنزولا على طلب إخواني ممن أثق في رأيهم أُفرد هذا الموضوع فأقول :
لا شك أن هموم الدنيا والمعيشة ملازمة للإنسان من يوم ولدته أمه حتى يموت قال الله عز وجل " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) " البلد
وابتلاء الله عز وجل سنة ماضية في عباده مؤمنا وكافرا كذلك ما يصيب الإنسان من الخير .
لكن فرق الله عز وجل بين المؤمن والكافر فجعل له الإبتلاء خيرا فأمر المؤمن كله خير وأعطنا من الحكمة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ما يُذهب به الكرب والهم والحزن مما يدل على أن الله عز وجل لا يريد أن يَصدُرَ من المؤمن إلا ما ينبع من منابع الرضا والحمد والتفاؤل فقال " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) " الضحى
أما البلاء فعمل الصالحين والمؤمنين من سلفنا ومن تبعهم على كتمانه عن البشر فلا مُشتكى إلا لله وحده وإن ضاقت بك فلصالح من عباده حتى يذكرك بالله ويعطيك الحلول ومفاتيح السعادة التي علمها الله عز وجل لعباده والآن سأحيلكم على مفاتيح السعادة هذه التي فرق الله بها بعضا من عباده على بعض ألا وهم المسلمين .
فمن مفاتيح السعادة وكيفية الحصول عليها :
1- إنشراح الصدر :
إن أكبر نعمة من الله بها عباده هي الإسلام حيث الطهارة والنضارة والحكمة وحلاوة الإيمان وإن الفرق الذي ينبغي أن يظهر على المسلم حقا دون غيره من الخلق هي أن يكون دائما مُنشرح الصدر مُبتهجا بإسلامه مهما دارة عليه الدوائر لأنه يعلما دئما أن العاقبة للمتقين وأن المنقلب إلى رب العالمين أما الكافر فنعلم لماذا دائما ضيق الصدر مهموم على وجه قترة .
قال الله عز وجل : " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) " الأنعام
2- الحياة الطيبة :
فإن المسلم إذا أراد أن يحيى حياة حقيقية فعليه بعد شكر الله عز وجل على نعمة الإسلام أن يُدرك جيدا لماذا خلق قال تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) " الذاريات
فإذا أدرك ذلك فعليه أن يعبد ربه بالعمل الصالح الخالص لوجه الله وحد فتكون النتيجة كما قال تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) " النحل
وذروة سنام هذا الأمر الصلاة ...
3- سلامة القلب :
وهذا أمر غفل عنه أكثر المسلمين وظنوا أنه بلا قيمة وأن سبب هموم المرء وتكدر حياته بسببه أمر بعيد وإنه لو يعلمون الحل القويم لإنشاء قلبٍ سليم أل وهو تعلم العقيد الصحيحة في الله وأركان الإيمان .
فتعلم وتصحيح العقيدة هو تصحيح هو السبيل لتطهير القلب من الشوائب وتجنب الأفكار الخبيثة .
وايضا هو التحصين من الشيطان وأتباعه لأن مهمتهم الأولى والأخيرة قلب المؤمن .
وأيضا هو السبيل لتحصين القلب وتطهيره من البدع التي هي أخطر من معاصي الشهوات .
وفيها معرفة ربك وحقه عليك ومعرفة نبيك وحقه عليك ومعرفة آل بيته وأصحابه وحقهم عليك ومعرفة الإيمان وأركانه ونواقضه ومعرفة أشراط الساعة وما تعده لها ومعرفة الموت ومعرفة البعث ومعرفة يوم القيامة وموقف الخبيث وموقف الطيب ومعرفة الجنة ومعرفة النار وغير ذلك مما يجب على المسلم معرفته وتصحيح مُعتقده فيها ليلقى الله بقلب سليم .
4- طُمئنينة القلب :
فالقلب ملك البدن وطُمئنينة القلب يرجع أثرها بطبيعة الحال على الفكر وجميع الجوارح وكذلك إذا لم يطمئن القلب تأثر بذلك الفكر والجوارح وإن المسلم ليس له للحصول على هذه الطُمئنينة إلا شيئا واحدا ...
قال تعالى : " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) " الرعد
5- الغنى والرغد والرفاهية والحياه الكريمة :
وذلك ليس بكثرته وإنما بما ارتضاه العبد مما قدره الله له وتحصيل ذلك أيضا بذكر الله وهذا ما علمناه بمفهوم المخالفة في مصير من أعرض عن ذكر ربه فإنه تتكدر حياته ومعيشته فلا يشعر بخير أبدا .
قال تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) " طه
وذروة سنام هذين الأمرين القرآن وبعده الأذكار الموظفة مثل أذكار النوم والصباح والمساء وغيرها ..
6- معرفة حقيقة الدنيا :
عن سهل بن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بذي الحليفة . فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها . فقال :
: ( أترون هذه هينة على صاحبه ؟ فو الذي نفسي ييده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها . ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة أبدا ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني
( شائلة برجلها ) أي رافعة رجلها من الانتفاخ .
فإذا أنت علمت حقيقة الدنيا وقد شبهها النبي عليه الصلاة والسلام بالجيفة مقارنة مع ما عند الله عز وجل لم تقبل على نفسك أن يحزن قلبك وتملئ حياتك بالهموم والكروب بسبب أي شيء من هذه الدنيا فكله فان وسلامة قلبك أمر يتوقف عليه مصيرك وإن تنغيص القلب بهموم الحياة أثره السيء سيعود على ما خلقت لأجله وهو تحقيق العبودية لله .
واقرأ معي أخي الكريم هذه الآيات التي تمس القلب إذا تدبرتها وتُجمل لك ما سبق شرحه قال تعالى :
" اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) " الحديد
فلا تأسى على ما فاتك ولا تفرح بما أتاك فرب إبتلاء من الله لو صبرت عليه ورضيت به فرفعك الله بصبرك فلكان خيرا لك ورب نعمة لو فرح الإنسان بها وركن إليها لكان شرا له والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
7- معرفة مصادر الرزق :
قال الله عز وجل :
" .... فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) " العنكبوت
" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) " الذاريات
فقرن الله عز وجل الرزق بتحقيق العبودية في أكثر من موضع وكيف لا وهو الرزاق العليم .
والسعي لتحصيل الرزق مع تحقيق العبودية لله عين الكمال ولا يفهم بذلك أن يتقاعص عن تحصيله ولكن المذموم والمرفوض أن تجعله همك وحزنك وكربك وأن تخشى مستقبلا هو في يد كريم تبارك وتعالى فيلبسك الهم ويتكدر القلب فتفتر الجوارح والقلب عن تحقيق العبودية ويمشي المرء في الدنيا كوحش يضرب بنابه ..
قال تعالى " وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) " الذاريات
فتعلم بذلك أن رزقك آتيك حتما لن يأخذه غيرك ولن تأخذ غيره ..
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إن الله وكل في الرحم ملكا فيقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يخلقها قال يا رب أَذَكَر يا رب أنثى يا رب شقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه ) رواه البخاري
وذروة سنام هذا الأمر التوكل ...
8- الرضا :
وهو من أعظم مفاتيح السعادة والرضا نتاج الصبر على البلوى ودليل شكر النعمة وأبشر بما أبتلاك الله به ولا تحزن فمهما كان هذا الأمر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " رواه مسلم
وهذا هو الرضا بالمقدور خيره وشره ...
9- التقوى :
ومن أصدق من الله قيلاً وحديثا قال تعالى :
" ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)" الطلاق
" ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) " الطلاق
وذروة سنام هذا الأمر ترك المعاصي ...
10 – الدعاء :
مفتاح السعادة العملي وذروة سنام جميع ما سبق وهو مخ العبادة ودليل التوحيد وبرهان الإخلاص لله وأساس التوكل ونتاج الصبر والرضا وهو الشكر على النعمة وصريح العبودية والخضوع والانقياد للمولى .
وهو جنة المؤمن في الدنيا وسلاحه وحصنه الحصين ..
خلاصة :
فإذا أسلمت لله شرح صدرك وإذا صححت إيمانك واعتقادك سَلِمَ لك قلبك وإذا عملت صالحا وحققت العبودية أحياك حياة طيبة وإذا ذكرت ربك اطمئننت ووسع لك في رزقك وإذا علمت حقيقة الدنيا لن تضيع الآخرة ومهما أصابك فيها تحتقره وتصبر عليه و اعلم مصدر الرزق وأنه سيصبك ولن يُخطئك وأن ترضى بما قسمه الله لك وترضى باختباره وتصبر على بلاءه فتنعم في الدنيا والآخرة وأن تتقي الله فيجعل لك من كل مشاكلك وهمومك المخرج وأن تدعو الله بقلب مخلص سليم فيستجيب الله لك بفضله ومنه وكرمه .
فمن وعى ذلك لن تتكدر حالته الميزاجية أبدا مهما مر به والمشتكى لله وحده والتفاؤل سمة المؤمن والبُشرى من خصاله .
لأن الذي ينبغي على المسلم إذا سئل كيف حالك يقول الحمد لله إنما أنا في فضل الله ونعمته ولا يصرح بهمه وكربه وهمه وحزنه لعموم الناس بل يرفعه لله وحده أو يذهب إلى طبيب قلوب متخصص فيضع يده على أساس الداء ويدله على الدواء وإني والله لأجد في قلبي أثرا سيئا وحزنا عندما أجد أحد إخواني مهموما أو حزينا أو تائها .
وعليكم بالقرآن العظيم ففيه حل لكل مشكلة في الدنيا وأتحدى الناس جميعا على ذلك والله المستعان
أخي الكريم أرجوا أن تقرأ ما سبق جيدا وأدعوا الله أن يرفع عنا ما أصابنا بذنوبنا ولا نريد أن نرى حالتك هنا إلا سعيد مطمئن مُنتشي بإسلامك فرح بإيمانك .
أعتذر للإطالة ولكني اختصرت قدر الإمكان والله أسأل أن يجعل لهذه الكلمات صدى في قلوبكم وأن يكن فيها حلا لجميع مشاكلكم إنه هو ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد ,,,
فنزولا على طلب إخواني ممن أثق في رأيهم أُفرد هذا الموضوع فأقول :
لا شك أن هموم الدنيا والمعيشة ملازمة للإنسان من يوم ولدته أمه حتى يموت قال الله عز وجل " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) " البلد
وابتلاء الله عز وجل سنة ماضية في عباده مؤمنا وكافرا كذلك ما يصيب الإنسان من الخير .
لكن فرق الله عز وجل بين المؤمن والكافر فجعل له الإبتلاء خيرا فأمر المؤمن كله خير وأعطنا من الحكمة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ما يُذهب به الكرب والهم والحزن مما يدل على أن الله عز وجل لا يريد أن يَصدُرَ من المؤمن إلا ما ينبع من منابع الرضا والحمد والتفاؤل فقال " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) " الضحى
أما البلاء فعمل الصالحين والمؤمنين من سلفنا ومن تبعهم على كتمانه عن البشر فلا مُشتكى إلا لله وحده وإن ضاقت بك فلصالح من عباده حتى يذكرك بالله ويعطيك الحلول ومفاتيح السعادة التي علمها الله عز وجل لعباده والآن سأحيلكم على مفاتيح السعادة هذه التي فرق الله بها بعضا من عباده على بعض ألا وهم المسلمين .
فمن مفاتيح السعادة وكيفية الحصول عليها :
1- إنشراح الصدر :
إن أكبر نعمة من الله بها عباده هي الإسلام حيث الطهارة والنضارة والحكمة وحلاوة الإيمان وإن الفرق الذي ينبغي أن يظهر على المسلم حقا دون غيره من الخلق هي أن يكون دائما مُنشرح الصدر مُبتهجا بإسلامه مهما دارة عليه الدوائر لأنه يعلما دئما أن العاقبة للمتقين وأن المنقلب إلى رب العالمين أما الكافر فنعلم لماذا دائما ضيق الصدر مهموم على وجه قترة .
قال الله عز وجل : " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) " الأنعام
2- الحياة الطيبة :
فإن المسلم إذا أراد أن يحيى حياة حقيقية فعليه بعد شكر الله عز وجل على نعمة الإسلام أن يُدرك جيدا لماذا خلق قال تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) " الذاريات
فإذا أدرك ذلك فعليه أن يعبد ربه بالعمل الصالح الخالص لوجه الله وحد فتكون النتيجة كما قال تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) " النحل
وذروة سنام هذا الأمر الصلاة ...
3- سلامة القلب :
وهذا أمر غفل عنه أكثر المسلمين وظنوا أنه بلا قيمة وأن سبب هموم المرء وتكدر حياته بسببه أمر بعيد وإنه لو يعلمون الحل القويم لإنشاء قلبٍ سليم أل وهو تعلم العقيد الصحيحة في الله وأركان الإيمان .
فتعلم وتصحيح العقيدة هو تصحيح هو السبيل لتطهير القلب من الشوائب وتجنب الأفكار الخبيثة .
وايضا هو التحصين من الشيطان وأتباعه لأن مهمتهم الأولى والأخيرة قلب المؤمن .
وأيضا هو السبيل لتحصين القلب وتطهيره من البدع التي هي أخطر من معاصي الشهوات .
وفيها معرفة ربك وحقه عليك ومعرفة نبيك وحقه عليك ومعرفة آل بيته وأصحابه وحقهم عليك ومعرفة الإيمان وأركانه ونواقضه ومعرفة أشراط الساعة وما تعده لها ومعرفة الموت ومعرفة البعث ومعرفة يوم القيامة وموقف الخبيث وموقف الطيب ومعرفة الجنة ومعرفة النار وغير ذلك مما يجب على المسلم معرفته وتصحيح مُعتقده فيها ليلقى الله بقلب سليم .
4- طُمئنينة القلب :
فالقلب ملك البدن وطُمئنينة القلب يرجع أثرها بطبيعة الحال على الفكر وجميع الجوارح وكذلك إذا لم يطمئن القلب تأثر بذلك الفكر والجوارح وإن المسلم ليس له للحصول على هذه الطُمئنينة إلا شيئا واحدا ...
قال تعالى : " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) " الرعد
5- الغنى والرغد والرفاهية والحياه الكريمة :
وذلك ليس بكثرته وإنما بما ارتضاه العبد مما قدره الله له وتحصيل ذلك أيضا بذكر الله وهذا ما علمناه بمفهوم المخالفة في مصير من أعرض عن ذكر ربه فإنه تتكدر حياته ومعيشته فلا يشعر بخير أبدا .
قال تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) " طه
وذروة سنام هذين الأمرين القرآن وبعده الأذكار الموظفة مثل أذكار النوم والصباح والمساء وغيرها ..
6- معرفة حقيقة الدنيا :
عن سهل بن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بذي الحليفة . فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها . فقال :
: ( أترون هذه هينة على صاحبه ؟ فو الذي نفسي ييده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها . ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة أبدا ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني
( شائلة برجلها ) أي رافعة رجلها من الانتفاخ .
فإذا أنت علمت حقيقة الدنيا وقد شبهها النبي عليه الصلاة والسلام بالجيفة مقارنة مع ما عند الله عز وجل لم تقبل على نفسك أن يحزن قلبك وتملئ حياتك بالهموم والكروب بسبب أي شيء من هذه الدنيا فكله فان وسلامة قلبك أمر يتوقف عليه مصيرك وإن تنغيص القلب بهموم الحياة أثره السيء سيعود على ما خلقت لأجله وهو تحقيق العبودية لله .
واقرأ معي أخي الكريم هذه الآيات التي تمس القلب إذا تدبرتها وتُجمل لك ما سبق شرحه قال تعالى :
" اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) " الحديد
فلا تأسى على ما فاتك ولا تفرح بما أتاك فرب إبتلاء من الله لو صبرت عليه ورضيت به فرفعك الله بصبرك فلكان خيرا لك ورب نعمة لو فرح الإنسان بها وركن إليها لكان شرا له والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
7- معرفة مصادر الرزق :
قال الله عز وجل :
" .... فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) " العنكبوت
" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) " الذاريات
فقرن الله عز وجل الرزق بتحقيق العبودية في أكثر من موضع وكيف لا وهو الرزاق العليم .
والسعي لتحصيل الرزق مع تحقيق العبودية لله عين الكمال ولا يفهم بذلك أن يتقاعص عن تحصيله ولكن المذموم والمرفوض أن تجعله همك وحزنك وكربك وأن تخشى مستقبلا هو في يد كريم تبارك وتعالى فيلبسك الهم ويتكدر القلب فتفتر الجوارح والقلب عن تحقيق العبودية ويمشي المرء في الدنيا كوحش يضرب بنابه ..
قال تعالى " وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) " الذاريات
فتعلم بذلك أن رزقك آتيك حتما لن يأخذه غيرك ولن تأخذ غيره ..
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إن الله وكل في الرحم ملكا فيقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يخلقها قال يا رب أَذَكَر يا رب أنثى يا رب شقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه ) رواه البخاري
وذروة سنام هذا الأمر التوكل ...
8- الرضا :
وهو من أعظم مفاتيح السعادة والرضا نتاج الصبر على البلوى ودليل شكر النعمة وأبشر بما أبتلاك الله به ولا تحزن فمهما كان هذا الأمر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " رواه مسلم
وهذا هو الرضا بالمقدور خيره وشره ...
9- التقوى :
ومن أصدق من الله قيلاً وحديثا قال تعالى :
" ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)" الطلاق
" ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) " الطلاق
وذروة سنام هذا الأمر ترك المعاصي ...
10 – الدعاء :
مفتاح السعادة العملي وذروة سنام جميع ما سبق وهو مخ العبادة ودليل التوحيد وبرهان الإخلاص لله وأساس التوكل ونتاج الصبر والرضا وهو الشكر على النعمة وصريح العبودية والخضوع والانقياد للمولى .
وهو جنة المؤمن في الدنيا وسلاحه وحصنه الحصين ..
خلاصة :
فإذا أسلمت لله شرح صدرك وإذا صححت إيمانك واعتقادك سَلِمَ لك قلبك وإذا عملت صالحا وحققت العبودية أحياك حياة طيبة وإذا ذكرت ربك اطمئننت ووسع لك في رزقك وإذا علمت حقيقة الدنيا لن تضيع الآخرة ومهما أصابك فيها تحتقره وتصبر عليه و اعلم مصدر الرزق وأنه سيصبك ولن يُخطئك وأن ترضى بما قسمه الله لك وترضى باختباره وتصبر على بلاءه فتنعم في الدنيا والآخرة وأن تتقي الله فيجعل لك من كل مشاكلك وهمومك المخرج وأن تدعو الله بقلب مخلص سليم فيستجيب الله لك بفضله ومنه وكرمه .
فمن وعى ذلك لن تتكدر حالته الميزاجية أبدا مهما مر به والمشتكى لله وحده والتفاؤل سمة المؤمن والبُشرى من خصاله .
لأن الذي ينبغي على المسلم إذا سئل كيف حالك يقول الحمد لله إنما أنا في فضل الله ونعمته ولا يصرح بهمه وكربه وهمه وحزنه لعموم الناس بل يرفعه لله وحده أو يذهب إلى طبيب قلوب متخصص فيضع يده على أساس الداء ويدله على الدواء وإني والله لأجد في قلبي أثرا سيئا وحزنا عندما أجد أحد إخواني مهموما أو حزينا أو تائها .
وعليكم بالقرآن العظيم ففيه حل لكل مشكلة في الدنيا وأتحدى الناس جميعا على ذلك والله المستعان
أخي الكريم أرجوا أن تقرأ ما سبق جيدا وأدعوا الله أن يرفع عنا ما أصابنا بذنوبنا ولا نريد أن نرى حالتك هنا إلا سعيد مطمئن مُنتشي بإسلامك فرح بإيمانك .
أعتذر للإطالة ولكني اختصرت قدر الإمكان والله أسأل أن يجعل لهذه الكلمات صدى في قلوبكم وأن يكن فيها حلا لجميع مشاكلكم إنه هو ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين