صفاء
2007-11-23, 06:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إنتصار محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
إن انطلاق ملايين الأصوات، في مشارق الأرض و مغاربها تردد آناء الليل و أطراف النهار، لا إله إلا الله محمد رسول الله، إن إنطلاق هذه الأصوات طوال أربعة عشر قرناً، لا تصمت و لا تخفت، و لا تموت، تتبدل الدول، و تتغير الأحوال، و لا تتبدل الصيحة الخالدة، التي انطبعت في ضمير الزمان.
إن إنطلاق هذه الأصوات، هو الدليل الحي الناطق على إنتصار محمد بن عبدالله. إنه ليس إنتصاراً في غزورة، و لا إنتصاراً في معركة، انه ليس فتح مكة، و لا ضم جزيرة العرب، و لا إخضاع مملكتي كسرى و قيصر، إنما هو النصر الكوني الذي يدخل في بنية الحياة، و يغير مجرى التاريخ، و يصرف أقدار العالم، و ينطبع في ضمير الزمان.
إن النصر الذي لا يذهب به ضعف طاريء على الأمة المسلمة في وقت من الأوقات، و لا يغض من قيمته بروز مذاهب جديدة و فلسفات، و لا يطفيء من نوره غلبة فريق على فريق في رقعة من الأرض، لأن جذوره ضاربة في أعماق الكون، متأصلة في ضمير البشر، ذاهبة في مسارب الحياة. إن النصر الذي يحمل دليله في ذاته لا يحتاج الى دليل أو برهان.
فلنحاول إذن أن ندرك أسبابه و وسائله، لنحاول نحن الوسائل، و لنأخذ اليوم بالأسباب.
إنه ما من شك أن الله كان يريد لمحمد بن عبدالله أن ينتصر، و كان يريد لهذا الدين القويم أن يسيطر، و لكن الله لم يرد أن يجعل النصر هيناُ سهلاً ميسوراً، و لم يرد أن يجعله معجزة لا يد فيها للجهد البشري و لا وسيلة، إنما جعله ثمرة طبيعية لجهد الرسول صلى الله عليه و سلم و جهاده، و نتيجة منطقية لتضحياته و تضحيات أصحابه.
فمن شاء أن يعرف كيف انتصر الرسول، و كيف انتصر الاسلام، فليدرس ذلك في شخصه و سلوكه، و سيرته و جهاده، ليعلم أن طريق النصر مرسوم، و غن وسائله حاضرة، و أن أسبابه قائمة، و ان على من أراد النصر في أي زمان و في أي مكان أن يجعل قدوته في الرسول نفسه عليه الصلاة و السلام. لقد انتصر محمد بن عبدالله، و كان لنصره مقومات ثلاثة فيها تكمن سائر المقدمات.
إنتصر محمد بن عبدالله، يوم أن جاء وجوه قريش يحاجون عمه أبا طالب، و يطلبون إليه أن يعرض على إن أخيه الذي أقلقهم في دينهم، و أزعجهم في تقاليدهم، و هزهم في معتقداتهم أن يسكت عنهم و عن آلهتهم، و له في ذلك ما يشاء، إن كان يريد مالاً أعطوه، و غن كان يريد سيادة سودوه و له فيهم بعد ذلك ما يريد.
لقد انتصر محمد بن عبدالله، و هو يلقي في أسماعهم و أسماع الزمان، بقولته الخالدة المنبثقة من ينابيع الإيمان، و الله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه. يا الله! يا للروعة المزلزلة، يا للصورة الكونية الهائلة، لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري، إنها صورة منتزعة من ضمير الكون لا من خيال الإنسان، إنها الصورة التي يبعثها الإيمان المطلق من قرارة الوجدان.
لقد انتصر من يومها محمد بن عبدالله، و لقد هز وجدان قريش هزة لم تتماسك بعدها أبداً، إن الإيمان، القوة التي لا يغلبها شيء في الأرض، متى استقرت في وجدان الإنسان.
و انتصر محمد بن عبدالله يوم صنع أصحابه- عليهم رضوان الله- صوراً حية من إيمانه، تأكل الطعام و تمشي في الأسواق، يوم صاغ من كل منهم قرأنا حياً يدب على الأرض، يوم جعل من كل فرد نموذجاً مجسماً للأسلام، يراه الناس فيرون الأسلام. ان النصوص وحدها لا تصنع شيئاً، و إن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلاً، و إن المباديء وحدها لا تعيش إلا ان تكون سلوكاً.
و من ثم جعل محمد هدفه أن يصنع رجلاً لا أن يلقى مواعظاً، و أن يصوغ ضمائر لا ان يدبج خطباً، و أن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة، أما الفكرة ذاتها فقد تكفل بها القرآن الكريم، و كان عمل محمد صلى الله عليه و سلم ان يحول الفكرة المجردة الى رجال تلمسهم و تراهم العيون.
فلما انطلق هؤلاء الرجال في مشارق الأرض و مغاربها، رأى الناس فيهم خلقاً جديداً لا عهد للبشرية به، لأنهم كانوا ترجمة حية لفكرة لا عهد للبشرية بها، عندئذ آمن الناس بالفكرة لأنهم آمنوا بالرجل الذي تتمثل فيه، و اندفعوا يحققونها في ذواتهم بالقدوة، فيسلكون نفس الطريق.
و ما كانت الأفكار المجردة وحدها لتعيش، و إن عاشت، فما كان لها أن تدفع بالبشرية خطوة واحدة الى الأمام، كل فكرة عاشت قد تمثلت بشراً سويا، و كل فكرة عملت قد تحولت حركة إنسانية.
و لقد انتصر محمد بن عبدالله، يوم صاغ من فكرة الإسلام شخوصا، و حول إيمانهم بالأسلام عملاً، و طبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات و ألوفاً، و لكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق، إنما طبعها على صحائف من القلوب، و أطلقها تعامل الناس و تأخذ منهم و نعطي و تقول بالفعل و العمل ما هو الأسلام الذي جاء به محمد بن عبداللهمن عند الله.
و أخيراً فقد انتصر محمد بن عبدالله، يوم أن جعل لشريعة الأسلام نظاماً يحكم الحياة، و يصرف المجتمع، و ينظم علاقات الناس، و يسيطر على أقدار الرجال و الأشياء سواء.
إن الأسلام عقيدة تنبثق منها شريعة، فيقوم على هذه الشريعة نظام، و من العقيدة و الشريعة و النظام تتكون شجرة الأسلام، كما تتكون كل شجرة من جذر و ساق و ثمرة.
فلا ساق و لا ثمار بلا جذور ضاربة في الأعماق، و لا قيمة لجذور لا تنبت ساقاً و لا جدوى في ساق لا تعطي أكلها للحياة، لذلك حرص الأسلام على أن يكون الحكم لشريعته في الحياة: ((و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)). و لذلك أختفت من الأسلام أسطورة فصل الدين عن الدولة لأنه لا دولة بلا دين و لا دين بلا شريعة و نظام. و منذ اليوم الأول لبناء الدولة الإسلامية كانت شريعة الأسلام هي التي تحكم هذه الدولة، و كان صاحب الشريعة هو الذي تولاها.
و لقد بدأت الدولة الإسلامية منذ أن كان المسلمون حفنة من الناس، يملكون أن يدافعوا عن أنفسهم العدوان، و أن يحموا أنفسهم من الفتنة عن دين الله، و ان يتحيزوا في رقعة من الأرض يظللها علم الأسلام.
عندئذ تحول الأسلام الى نظام اجتماعي، ينظم العلاقات بين المسلمين، و الى نظام دولى يعاملون على أساسه سواهم من الناس.
ثم انساح الاسلام في جنبات الأرض يحمل معه حيثما حل عقيدة و شريعة و نظامه، فمن شاء أن يدخل في عقيدته دخل، و من لم يشأ فإنه: (لا إكراه في الدين) و لكن شريعة الأسلام و نظامه يظلان كل أرض دخل إلها الأسلام، فيجد الناس فيهما عدلاً لم تعرفه البشرية من قبل وبراً لم تطعمه البشرية من قبل، و عندئذ يدخل الناس في دين الله أفواجا، و عندئذ يحق وعد الله لرسوله:-{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا 2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } لقد انتصر الأسلام لأن العقيدة الأسلامية ترجمت الى شريعة، فأوجدت هذه الشريعة نظاماً تهفوا إليه مشاعر الناس، و تطمئن إليه قلوب العالمين. عندئذ انتصر محمد بن عبدالله، لأنه نفذ شريعة الله كما أردها الله.
تلك كانت مقومات ذلك النصر الخالد في ضمير الكون الضارب في جذور الحياة، الذي ترتفع به ملايين الأصوات في مشارق الأرض و مغاربها، و تترنم به ملايين الشفاه. و هي مقومات طبيعية منطقية واقعية، مقومات نملكها نحن المسلمين في كل جيل و في كل زمان، مقومات حاضرة في أيدينا نملك أن نحاولها و أن نجربها و أن نصل بها الى النصر الذي قدره الله لمن ينصرون الله:{ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز ،الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور } صدق الله العظيم . اتمنى ان يعجبكم هذا الموضوع الذي نقلته من كتاب (دراسات اسلامية ) للشهيد سيد قطب رحمه الله .
حياكم الله جميعا .
إنتصار محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
إن انطلاق ملايين الأصوات، في مشارق الأرض و مغاربها تردد آناء الليل و أطراف النهار، لا إله إلا الله محمد رسول الله، إن إنطلاق هذه الأصوات طوال أربعة عشر قرناً، لا تصمت و لا تخفت، و لا تموت، تتبدل الدول، و تتغير الأحوال، و لا تتبدل الصيحة الخالدة، التي انطبعت في ضمير الزمان.
إن إنطلاق هذه الأصوات، هو الدليل الحي الناطق على إنتصار محمد بن عبدالله. إنه ليس إنتصاراً في غزورة، و لا إنتصاراً في معركة، انه ليس فتح مكة، و لا ضم جزيرة العرب، و لا إخضاع مملكتي كسرى و قيصر، إنما هو النصر الكوني الذي يدخل في بنية الحياة، و يغير مجرى التاريخ، و يصرف أقدار العالم، و ينطبع في ضمير الزمان.
إن النصر الذي لا يذهب به ضعف طاريء على الأمة المسلمة في وقت من الأوقات، و لا يغض من قيمته بروز مذاهب جديدة و فلسفات، و لا يطفيء من نوره غلبة فريق على فريق في رقعة من الأرض، لأن جذوره ضاربة في أعماق الكون، متأصلة في ضمير البشر، ذاهبة في مسارب الحياة. إن النصر الذي يحمل دليله في ذاته لا يحتاج الى دليل أو برهان.
فلنحاول إذن أن ندرك أسبابه و وسائله، لنحاول نحن الوسائل، و لنأخذ اليوم بالأسباب.
إنه ما من شك أن الله كان يريد لمحمد بن عبدالله أن ينتصر، و كان يريد لهذا الدين القويم أن يسيطر، و لكن الله لم يرد أن يجعل النصر هيناُ سهلاً ميسوراً، و لم يرد أن يجعله معجزة لا يد فيها للجهد البشري و لا وسيلة، إنما جعله ثمرة طبيعية لجهد الرسول صلى الله عليه و سلم و جهاده، و نتيجة منطقية لتضحياته و تضحيات أصحابه.
فمن شاء أن يعرف كيف انتصر الرسول، و كيف انتصر الاسلام، فليدرس ذلك في شخصه و سلوكه، و سيرته و جهاده، ليعلم أن طريق النصر مرسوم، و غن وسائله حاضرة، و أن أسبابه قائمة، و ان على من أراد النصر في أي زمان و في أي مكان أن يجعل قدوته في الرسول نفسه عليه الصلاة و السلام. لقد انتصر محمد بن عبدالله، و كان لنصره مقومات ثلاثة فيها تكمن سائر المقدمات.
إنتصر محمد بن عبدالله، يوم أن جاء وجوه قريش يحاجون عمه أبا طالب، و يطلبون إليه أن يعرض على إن أخيه الذي أقلقهم في دينهم، و أزعجهم في تقاليدهم، و هزهم في معتقداتهم أن يسكت عنهم و عن آلهتهم، و له في ذلك ما يشاء، إن كان يريد مالاً أعطوه، و غن كان يريد سيادة سودوه و له فيهم بعد ذلك ما يريد.
لقد انتصر محمد بن عبدالله، و هو يلقي في أسماعهم و أسماع الزمان، بقولته الخالدة المنبثقة من ينابيع الإيمان، و الله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه. يا الله! يا للروعة المزلزلة، يا للصورة الكونية الهائلة، لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري، إنها صورة منتزعة من ضمير الكون لا من خيال الإنسان، إنها الصورة التي يبعثها الإيمان المطلق من قرارة الوجدان.
لقد انتصر من يومها محمد بن عبدالله، و لقد هز وجدان قريش هزة لم تتماسك بعدها أبداً، إن الإيمان، القوة التي لا يغلبها شيء في الأرض، متى استقرت في وجدان الإنسان.
و انتصر محمد بن عبدالله يوم صنع أصحابه- عليهم رضوان الله- صوراً حية من إيمانه، تأكل الطعام و تمشي في الأسواق، يوم صاغ من كل منهم قرأنا حياً يدب على الأرض، يوم جعل من كل فرد نموذجاً مجسماً للأسلام، يراه الناس فيرون الأسلام. ان النصوص وحدها لا تصنع شيئاً، و إن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلاً، و إن المباديء وحدها لا تعيش إلا ان تكون سلوكاً.
و من ثم جعل محمد هدفه أن يصنع رجلاً لا أن يلقى مواعظاً، و أن يصوغ ضمائر لا ان يدبج خطباً، و أن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة، أما الفكرة ذاتها فقد تكفل بها القرآن الكريم، و كان عمل محمد صلى الله عليه و سلم ان يحول الفكرة المجردة الى رجال تلمسهم و تراهم العيون.
فلما انطلق هؤلاء الرجال في مشارق الأرض و مغاربها، رأى الناس فيهم خلقاً جديداً لا عهد للبشرية به، لأنهم كانوا ترجمة حية لفكرة لا عهد للبشرية بها، عندئذ آمن الناس بالفكرة لأنهم آمنوا بالرجل الذي تتمثل فيه، و اندفعوا يحققونها في ذواتهم بالقدوة، فيسلكون نفس الطريق.
و ما كانت الأفكار المجردة وحدها لتعيش، و إن عاشت، فما كان لها أن تدفع بالبشرية خطوة واحدة الى الأمام، كل فكرة عاشت قد تمثلت بشراً سويا، و كل فكرة عملت قد تحولت حركة إنسانية.
و لقد انتصر محمد بن عبدالله، يوم صاغ من فكرة الإسلام شخوصا، و حول إيمانهم بالأسلام عملاً، و طبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات و ألوفاً، و لكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق، إنما طبعها على صحائف من القلوب، و أطلقها تعامل الناس و تأخذ منهم و نعطي و تقول بالفعل و العمل ما هو الأسلام الذي جاء به محمد بن عبداللهمن عند الله.
و أخيراً فقد انتصر محمد بن عبدالله، يوم أن جعل لشريعة الأسلام نظاماً يحكم الحياة، و يصرف المجتمع، و ينظم علاقات الناس، و يسيطر على أقدار الرجال و الأشياء سواء.
إن الأسلام عقيدة تنبثق منها شريعة، فيقوم على هذه الشريعة نظام، و من العقيدة و الشريعة و النظام تتكون شجرة الأسلام، كما تتكون كل شجرة من جذر و ساق و ثمرة.
فلا ساق و لا ثمار بلا جذور ضاربة في الأعماق، و لا قيمة لجذور لا تنبت ساقاً و لا جدوى في ساق لا تعطي أكلها للحياة، لذلك حرص الأسلام على أن يكون الحكم لشريعته في الحياة: ((و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)). و لذلك أختفت من الأسلام أسطورة فصل الدين عن الدولة لأنه لا دولة بلا دين و لا دين بلا شريعة و نظام. و منذ اليوم الأول لبناء الدولة الإسلامية كانت شريعة الأسلام هي التي تحكم هذه الدولة، و كان صاحب الشريعة هو الذي تولاها.
و لقد بدأت الدولة الإسلامية منذ أن كان المسلمون حفنة من الناس، يملكون أن يدافعوا عن أنفسهم العدوان، و أن يحموا أنفسهم من الفتنة عن دين الله، و ان يتحيزوا في رقعة من الأرض يظللها علم الأسلام.
عندئذ تحول الأسلام الى نظام اجتماعي، ينظم العلاقات بين المسلمين، و الى نظام دولى يعاملون على أساسه سواهم من الناس.
ثم انساح الاسلام في جنبات الأرض يحمل معه حيثما حل عقيدة و شريعة و نظامه، فمن شاء أن يدخل في عقيدته دخل، و من لم يشأ فإنه: (لا إكراه في الدين) و لكن شريعة الأسلام و نظامه يظلان كل أرض دخل إلها الأسلام، فيجد الناس فيهما عدلاً لم تعرفه البشرية من قبل وبراً لم تطعمه البشرية من قبل، و عندئذ يدخل الناس في دين الله أفواجا، و عندئذ يحق وعد الله لرسوله:-{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا 2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } لقد انتصر الأسلام لأن العقيدة الأسلامية ترجمت الى شريعة، فأوجدت هذه الشريعة نظاماً تهفوا إليه مشاعر الناس، و تطمئن إليه قلوب العالمين. عندئذ انتصر محمد بن عبدالله، لأنه نفذ شريعة الله كما أردها الله.
تلك كانت مقومات ذلك النصر الخالد في ضمير الكون الضارب في جذور الحياة، الذي ترتفع به ملايين الأصوات في مشارق الأرض و مغاربها، و تترنم به ملايين الشفاه. و هي مقومات طبيعية منطقية واقعية، مقومات نملكها نحن المسلمين في كل جيل و في كل زمان، مقومات حاضرة في أيدينا نملك أن نحاولها و أن نجربها و أن نصل بها الى النصر الذي قدره الله لمن ينصرون الله:{ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز ،الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور } صدق الله العظيم . اتمنى ان يعجبكم هذا الموضوع الذي نقلته من كتاب (دراسات اسلامية ) للشهيد سيد قطب رحمه الله .
حياكم الله جميعا .