أسد الدين
2007-11-25, 06:21 AM
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط القرشي العدوي.
كنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق.
ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش في الجاهلية والمتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل الأخرى.
لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كان عمر شديداً عليه وعلى المسلمين، ثم كتب الله له الهداية فأسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، في ذي الحجة سنة ست من البعثة، بعد إسلام حمزة رضي الله عنه بثلاثة أيام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا:
«اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام ـ يعني أبا جهل».
وخلاصة الروايات مع الجمع بينها ـ في إسلامه رضي الله عنه أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وقد استفتح سورة (الحاقة) فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه،
قال: فقلت ـ أي في نفسي ـ هذا والله شاعر كما قالت قريش.
قال: فقرأ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: 40-41]
قال: قلت: كاهن.
قال: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 42]
إلى آخر السورة: قال فوقع الإسلام في قلبي، كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه، لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية، والعصبية التقليدية والتعاظم بدين الآباء هي غالبة على مخ الحقيقة التي كان يتهامس بها قلبه، فبقي مجداً في عمله ضد الإسلام، غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة.
وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوماً متوشحاً سيفه، يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه نعيم بن عبدالله النحام العدوي، أو رجل من بني زهرة، أو رجل من بني مخزوم، فقال أين تعمد يا عمر؟
قال: أريد أن أقتل محمداً.
قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمداً؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه
قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر! إن أختك وختنك قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه.
فمشى عمر دامراً حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها سورة طه يقرئهما إياها ـ وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، وسترت فاطمة ـ أخت عمر ـ الصحيفة، وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما:
قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟
فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا.
قال: فلعلكما قد صبوتما.
فقال له ختنه: يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟
فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأً شديداً.
فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها ـ وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ـ فقالت ـ وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
فلما يئس عمر، ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحى.
وقال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه
فقالت أخته: إنك نجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)
فقال: أسماء طيبة طاهرة. ثم قرأ: (طه) حتى انتهى إلى قوله:
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]
فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قولة عمر خرج من البيت
فقال: أبشر يا عمر، فإنى أرجو أن تكون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس:
«اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام» ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.
فأخذ عمر سيفه، فتوشحه، ثم انطلق حتى أتى الدار، فضرب الباب، فقام رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشحاً السيف، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستجمع القوم.
فقال لهم حمزة: مالكم؟
قالوا: عمر!
فقال: وعمر ، افتحوا له الباب ، فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان جاء يريد شراً قتلناه بسيفه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه فخرج إلى عمر حتى لقيه في الحجرة، فأخذه بمجامع ثوبه وحمائل السيف، ثم جبذه جبذة شديدة.
فقال: « أما أنت منتهياً يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم! هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب»
فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام، وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين بالذلة والهوان، وكسا المسلمين عزةً وشرفاً وسروراً.
روى ابن إسحاق بسنده عن عمر قال: "لما أسلمت تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة، قال: قلت: أبو جهل، فأتيت حتى ضربت عليه بابه فخرج إلي، وقال أهلاً وسهلاً، ما جاء بك؟
قال: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به. قال فضرب الباب في وجهي، وقال قبحك الله، وقبح ما جئت به.
وبعد أن أسلم عمر استشار النبي صلى الله عليه وسلم في أن يخرج المسلمون ويعلنوا إسلامهم في المسجد الحرام فأذن له، وخرج المسلمون ـ وهم يومئذ أربعون رجلاً ـ في صفين، يتقدم أحدهما حمزة بن عبد المطلب ويتقدم الثاني عمر بن الخطاب، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالفاروق.
عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل ».
وبإسلامه رضي الله عنه قويت شوكة المسلمين وأعلنوا إيمانهم، عن عبد الله بن مسعود قال: "كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا"
وعندما جاء الأمر بالهجرة إلى المدينة هاجر عمر، وتعمد أن يهاجر في العلن ليغيظ الكفار، فطاف بالبيت سبعاً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف في كامل سلاحه وقال للمشركين: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ـ أي الأنوف ـ من أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. فما تبعه أحد.
شهد عمر بن الخطاب جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أقرب الناس إلى قلبه.
وعمر هو أحد المبشرين بالجنة، وهو أبو حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها.
وكثيراً ما نزل القرآن الكريم موافقاً لآراء عمر، عن عبد الله بن عمر قال: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر ـ أو قال ابن الخطاب ـ إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر".
اشتهر رضي الله عنه بالزهد، وسعة العلم، والجرأة في الحق، وبعدما تولى الخلافة صار مضرب المثل في العدل في زمانه وإلى يوم الناس هذا.
عن ابن عباس قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى.
تولى عمر خلافة المسلمين بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في السنة الثالثة عشر من الهجرة، ودامت خلافته عشر سنوات وستة أشهر وخمس ليال. وفي عهده أصبحت دولة الإسلام الدولة العظمى الأولى في العالم، حيث تمت الفتوحات التي بدأت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وكسرت شوكة الروم، وزالت دولة الفرس نهائياً من الوجود؛ ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان، وغيرها. وأدر عمر العطاء على الناس، وجعل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال.
وكان عمر بن الخطاب أعسر يسر: يعمل بيديه، وكان أصلع طويلاً، أبيض البشرة، إلا أن لون بشرته تغير عام الرمادة ـ عام الشدة والقحط ـ لأنه أكثر من أكل الزيت، وحرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس وتنصلح أحوالهم؛ فتغير لونه لذلك، وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، وأول من اتخذ التاريخ الهجري، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وأول من دون الدواوين في الدولة الإسلامية.
استشهد رضي الله عنه بعد أن طعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس، وقال عمر حين عرف شخصية قاتله: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام! ومكث ثلاثاً، ثم دفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، بجوار قبري النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه.
من موقع طريق الاسلام
(http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=2197)
كنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق.
ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش في الجاهلية والمتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل الأخرى.
لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كان عمر شديداً عليه وعلى المسلمين، ثم كتب الله له الهداية فأسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، في ذي الحجة سنة ست من البعثة، بعد إسلام حمزة رضي الله عنه بثلاثة أيام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا:
«اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام ـ يعني أبا جهل».
وخلاصة الروايات مع الجمع بينها ـ في إسلامه رضي الله عنه أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وقد استفتح سورة (الحاقة) فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه،
قال: فقلت ـ أي في نفسي ـ هذا والله شاعر كما قالت قريش.
قال: فقرأ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: 40-41]
قال: قلت: كاهن.
قال: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 42]
إلى آخر السورة: قال فوقع الإسلام في قلبي، كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه، لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية، والعصبية التقليدية والتعاظم بدين الآباء هي غالبة على مخ الحقيقة التي كان يتهامس بها قلبه، فبقي مجداً في عمله ضد الإسلام، غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة.
وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوماً متوشحاً سيفه، يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه نعيم بن عبدالله النحام العدوي، أو رجل من بني زهرة، أو رجل من بني مخزوم، فقال أين تعمد يا عمر؟
قال: أريد أن أقتل محمداً.
قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمداً؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه
قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر! إن أختك وختنك قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه.
فمشى عمر دامراً حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها سورة طه يقرئهما إياها ـ وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، وسترت فاطمة ـ أخت عمر ـ الصحيفة، وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما:
قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟
فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا.
قال: فلعلكما قد صبوتما.
فقال له ختنه: يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟
فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأً شديداً.
فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها ـ وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ـ فقالت ـ وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
فلما يئس عمر، ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحى.
وقال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه
فقالت أخته: إنك نجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)
فقال: أسماء طيبة طاهرة. ثم قرأ: (طه) حتى انتهى إلى قوله:
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]
فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قولة عمر خرج من البيت
فقال: أبشر يا عمر، فإنى أرجو أن تكون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس:
«اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام» ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.
فأخذ عمر سيفه، فتوشحه، ثم انطلق حتى أتى الدار، فضرب الباب، فقام رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشحاً السيف، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستجمع القوم.
فقال لهم حمزة: مالكم؟
قالوا: عمر!
فقال: وعمر ، افتحوا له الباب ، فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان جاء يريد شراً قتلناه بسيفه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه فخرج إلى عمر حتى لقيه في الحجرة، فأخذه بمجامع ثوبه وحمائل السيف، ثم جبذه جبذة شديدة.
فقال: « أما أنت منتهياً يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم! هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب»
فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام، وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين بالذلة والهوان، وكسا المسلمين عزةً وشرفاً وسروراً.
روى ابن إسحاق بسنده عن عمر قال: "لما أسلمت تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة، قال: قلت: أبو جهل، فأتيت حتى ضربت عليه بابه فخرج إلي، وقال أهلاً وسهلاً، ما جاء بك؟
قال: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به. قال فضرب الباب في وجهي، وقال قبحك الله، وقبح ما جئت به.
وبعد أن أسلم عمر استشار النبي صلى الله عليه وسلم في أن يخرج المسلمون ويعلنوا إسلامهم في المسجد الحرام فأذن له، وخرج المسلمون ـ وهم يومئذ أربعون رجلاً ـ في صفين، يتقدم أحدهما حمزة بن عبد المطلب ويتقدم الثاني عمر بن الخطاب، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالفاروق.
عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل ».
وبإسلامه رضي الله عنه قويت شوكة المسلمين وأعلنوا إيمانهم، عن عبد الله بن مسعود قال: "كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا"
وعندما جاء الأمر بالهجرة إلى المدينة هاجر عمر، وتعمد أن يهاجر في العلن ليغيظ الكفار، فطاف بالبيت سبعاً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف في كامل سلاحه وقال للمشركين: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ـ أي الأنوف ـ من أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. فما تبعه أحد.
شهد عمر بن الخطاب جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أقرب الناس إلى قلبه.
وعمر هو أحد المبشرين بالجنة، وهو أبو حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها.
وكثيراً ما نزل القرآن الكريم موافقاً لآراء عمر، عن عبد الله بن عمر قال: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر ـ أو قال ابن الخطاب ـ إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر".
اشتهر رضي الله عنه بالزهد، وسعة العلم، والجرأة في الحق، وبعدما تولى الخلافة صار مضرب المثل في العدل في زمانه وإلى يوم الناس هذا.
عن ابن عباس قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى.
تولى عمر خلافة المسلمين بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في السنة الثالثة عشر من الهجرة، ودامت خلافته عشر سنوات وستة أشهر وخمس ليال. وفي عهده أصبحت دولة الإسلام الدولة العظمى الأولى في العالم، حيث تمت الفتوحات التي بدأت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وكسرت شوكة الروم، وزالت دولة الفرس نهائياً من الوجود؛ ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان، وغيرها. وأدر عمر العطاء على الناس، وجعل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال.
وكان عمر بن الخطاب أعسر يسر: يعمل بيديه، وكان أصلع طويلاً، أبيض البشرة، إلا أن لون بشرته تغير عام الرمادة ـ عام الشدة والقحط ـ لأنه أكثر من أكل الزيت، وحرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس وتنصلح أحوالهم؛ فتغير لونه لذلك، وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، وأول من اتخذ التاريخ الهجري، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وأول من دون الدواوين في الدولة الإسلامية.
استشهد رضي الله عنه بعد أن طعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس، وقال عمر حين عرف شخصية قاتله: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام! ومكث ثلاثاً، ثم دفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، بجوار قبري النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه.
من موقع طريق الاسلام
(http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=2197)