زهرالفردوس
2009-08-26, 02:37 PM
بقلم الشيخ أحمد ديدات
قمت بالاتصال بالكنائس الإفريقية وشرحت مقاصدي للقساوسة الذين اهتممت أن يكون بيننا حوار , لكنهم رفضوا بأعذار شبه مقبولة. لكن المكالمة الثالثة عشر جائتني بالفرحة. لقد وافق القس فان هيردن على مقابلتي بمنزله في يوم السبت بعد الظهر . استقبلني القس في شرفة منزله بترحيب وود. وقال إذا كنت لا أمانع فأنه يود حضور حميه البالغ من العمر سبعين عاما للمشاركة معنا في النقاش . ولم أمانع في ذلك, جلس ثلاثتنا في قاعة المكتبة.
لماذا لاشيئ :
تصنعت سؤالا : ماذا يقول المتاب المقدس عن محمد؟.
وبلا تردد أجاب : لاشيئ.
لماذا لاشيئ, وفقا لشروحاتكم فان الكتاب المقدس مليئ بالتنبؤات , فيخبر عن قيام دولة السوفيت الروس وعن الأيام الأخيرة وحتى عن بابا كنيسة الروم الكاثوليك.
فقال : نعم , ولكن لاشيئ عن محمد.
فسالت ثانية : لكن لماذا لاشيئ؟.
أجاب الرجل المسن: يابني لقد قرأت الكتاب المقدس لخمسين سنة مضت ولو كان هناك أي شيئ عن محمد لكنت عرفته.
ولا واحدة بالاسم :
استفسرت : ألست تقول أن هناك مئات النبؤات التي تتكلم عن مجيئ المسيح , في العهد القديم؟.
قال القس : لا مئات بل الاف.
قلت: إني لن أجادل في الألف نبؤة التي تتحدث عن مجيئ المسيح. فاننا كمسلمون آمنا وصدقنا بالمسيح دون الحاجة الى اي نبؤة كتابية . إنما آمنا , تصديقا لمحمد صلى الله عليه وسلم. لكن بعيدا عن هذا الكلام , هل يمكن أن تعطيني نبؤة واحدة مضبوطة , حيث ذكر اسم المسيح حرفيا؟ ان التعبير المسيا المترجم بالمسيح ليس بأسم انما هو لقب. هل توجد نبؤة واحدة تقول ان اسم المسيا سيكون عيسى وان اسم أمه مريم ؟.
أجاب القس : لا لايوجد مثل هذه التفاصيل. إذن كيف تستنتج ان هذه الالف نبؤة هي عن المسيح؟.
ما النبؤة :
اجاب القس قائلا : انك تدرك ان التنبؤات هي الكلمات التصويرية لأي شيئ سيحدث في المستقبل, وعندما يتحقق هذا الشيئ فعلا, فاننا ندرك بوضوح انجاز هذه النبؤة التي سبق الإخبار بها سلفا.
قلت : ما تفعله في الحقيقة هو انك تستنتج, انك تناقش, انك تضع اثنين اثنين معا, قال : نعم .
قلت : اذا كان هذا ما تفعله مع الألف نبؤة لتاكيد دعواك عن عيسى, فلماذا لا نختار نفس المنهج بالنسبة لمحمد؟.
وافق القس على هذا الراي العادل و المنهج المعقول للتعامل مع المشكلة. وطلبت منه ان يفتح الكتاب المقدس عن سفر التثنية (18:18), وقد فتحه وقراء. واليك النص باللغة العربية :( اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به).
نبيا مثل موسى :
بعد أن قرأ النص, استفسرت : لمن تعود هذه النبؤة؟.
وبدون تردد قال : يسوع.
فسألت : لماذا يسوع؟.إن اسمه غير مذكور هنا؟.
اجاب القس: بما ان النبؤة هي الوصف التصويري لأمور ستحدث في المستقبل, فأننا ندرك ان تعبيرات النص , تصف المسيح وصفا دقيقا.
قلت: انك ترى ان أهم ما في النص هي كلمة مثلك, اي مثل موسى .فهل عيسى مثل موسى؟. بأي كيفية كان مثل موسى؟.
اجاب: بادئ ذي بدئ كان موسى يهوديا , وكذلك كان عيسى. كان موسى نبيا وكذلك كان يسوع.
قلت : هل تستطيع ان تجد تشابهات اخرى بين عيسى وموسى؟.
قال القس انه لا يتذكر شيئا اخر.
قلت: إذا كان هذا هو المعيار لاكتشاف مرشح لهذه النبؤة في سفر التثنية. إذن ففي هذه الحالة يمكن ان تنطبق على اي نبي من انبياء الكتاب. سليمان , اشعياء , حزقيال , دانيال , هوشع , يوئيل , ملاخي , يوحنا... الخ . ذلك انهم جميعا يهود مثلما هم انبياء. فلماذا لا تكون هذه النبؤة خاصة باحد هؤلاء الانبياء؟.
فلم يجب القس.
استانفت قائلا: انك تدرك استنتاجاتي , وهي ان عيسى لا يشابه موسى. فأذا كنت مخطأ, فأرجوا ان تردني الى الصواب.
امور غير متشابهة :
قلت : ان عيسى لايشبه موسى , بمقتضى عقيدتكم , فان عيسى هو الاله المتجسد, ولكن موسى لم يكن إلها, أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
قلت : بناء على ذلك فإن عيسى لايشبه موسى. ثانيا.بمقتضى عقيدتكم , مات عيسى من أجل خطايا العالم. لكن موسى لم يمت من أجل خطايا العالم. أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
فقلت: لذلك فان عيسى لايشبه موسى. ثالثا. بمقتضى عقيدتكم ذهب المسيح إلى الجحيم لثلاثة ايام. ولكن موسى لم يكلف بالذهاب إلى الجحيم. أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
واستنتجت : اذن عيسى لم يكن مثل موسى. ولكن أيها القس هذه ليست حقائق غامضة , بل حقائق مكشوفة .
دعنا نتكلم في الامور الدقيقة في حياة موسى وعيسى.
1- الأب والأم : كان لموسى والدان ( واخذ عمرام بوكابد عمته وزوجة له فولدت له هارون وموسى )(خروج:20:6) . وكذلك محمد كان له ام واب . لكن المسيح كان له أم فقط وليس أب بشري , أليس هذا ما يقوله الكتاب المقدس؟.
قال : نعم.
2- الميلاد المعجز : إن موسى ومحمد ولدا ولادة طبيعية. مثال ذلك , الاقتران الطبيعي بين رجل وامراة. ولكن عيسى ولد بمعجزة مميزة.
3- عقد الزواج : لقد تزوج موسى و محمد وانجبا اولاد. ولكن عيسى ظل أعزبا كل أيام حياته .
أهذا صحيح ؟.
اجاب القس : نعم .
قلت : اذن عيسى ليس مثل موسى . بل محمد مثل موسى.
4- مملكة تهتم بالامور الاخروية: إن موسى ومحمد كانا نبيين , مثلما كانا زعيمين. وأعني بالنبوة..
الإنسان الذي يوحى إليه برسالة إلهية لإرشاد الناس.أما الزعيم . فاعني به , الانسان الذي له سلطان وقيادة على شعبه. سواء كان متوجا كملك أو لا .فإذا اقتدر إنسان على توقيع عقوبة الإعدام مثلا والحكم بين الناس ..فهو زعيم.
و لقد كان موسى يملك هذا السلطان, فقد امر بإعدام عباد العجل(خروج:32: 26 )..
و كذلك محمد كان له سلطان في الحكم بين الناس. اما المسيح فانه ينتمي الى الصنف الآخر من الأنبياء .
ومن هنا فإن عيسى ليس مثل موسى , لكن محمد مثل موسى.
5- لا شريعة جديدة : إن موسى ومحمد اتيا بشريعة جديدة واحكام جديدة لشعبيهما .
وان موسى جاء بالوصايا العشرة وطقوس جديدة شاملة لهداية الناس.
وجاء محمد صلى الله عليه وسلم, إلى شعب يغط بالجهالة, اشتهروا بوأد البنات, مدمنون للخمر , عبدة اوثان مولعون بالقمار والميسر.
في وسط هذه الصحراء فان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول ( توماس كاريل ) : قد شرف الذين اتبعوه فجعلهم حاملي مشاعل النور والعلم.
اما بخصوص المسيح كان يحاول دائما ان يثبت لليهود الذين كانوا يتهمونه بالتجديف , بأنه لم يأت بشريعة جديدة , فيقول : لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض بل لأكمل. (متي 5: 17 ).
وبعبارة أخرى أنه لم يأت بشريعة جديدة أو أي أحكام جديدة على الإطلاق.إنما جاء ليكمل الشريعة القديمة.
وباختصار فإنه لم ينشئ دين جديد , مثل ما فعل موسى ومحمد. سألت القس ؟.
فأجاب : نعم.
6- كيف كان رحيلهم : ان كلا من موسى و محمد, قد توفاهم الله وفاة طبيعية. لكن وفقا للعقيدة النصرانية , فإن المسيح مات شر ميتة بقتله على الصليب.أليس هذا صحيح؟.
أجاب : نعم.
قلت : من ثم فإن عيسى ليس مثل موسى ولكن محمد مثل موسى.
7- المقام السماوي : إن كلا من من محمد وموسى يرقد الآن في قبره على الأرض , ولكن طبقا لتعاليمكم فإن المسيح يجلس الآن ( عن يمين قوة الرب ) .(لوقا 22 : 69 ).
قال القس : نعم.
فقلت : ومن ثم فإن عيسى ليس مثل موسى , بل محمد مثل موسى.
بعد هذا الحوار المنطقي و المثبت بالادلة والبراهين , وبعد ان وافق القس , وباستسلام لكل ما طرحته من أراء .
قلت : أيها القس للآن ماتناولناه , إنما للبرهنة فقط على موضوع واحد من هذه النبؤة كلها, ذلك بالتحقيق في كلمة( مثلك) , أي مثل موسى. إن النبوة أوسع من ذلك بكثير , تقول النبؤة ( أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به). (التثنية 18:18).
يجب التركيز على عبارة (من وسط إخوتهم, مثلك). إن الخطاب موجه لموسى , وشعبه اليهود كشخصية معينة . عندما تقول النبوة من (إخوتهم ), تعني يقينا العرب .
إنك تعلم انه يتحدث عن إبراهيم , وكان لإبراهيم زوجتان سارة وهاجر , ولدت هاجر لإبراهيم ولدا . إنه الابن البكر لإبراهيم كما يقول الكتاب المقدس:( ودعا إبراهيم اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل) . (التكوين16 :15).
وحتى الثالثة عشر من العمر فإن إسماعيل بقي الابن الوحيد لإبراهيم, ولقد وهب الله إبراهيم ابنا اخر من سارة أسماه إسحاق.
العرب واليهود :
اذا كان إسماعيل وإسحاق أبناء الوالد نفسه( إبراهيم) , وهوما يقوله الكتاب المقدس. إذن هما أخوان , وهكذا فإن الشعوب التي نشأت من سلالتهما , إخوة بالمعنى المجازي. إن أبناء إسحاق هم اليهود , وأبناء إسماعيل هم العرب, وهو ما يقوله الكتاب المقدس أيضا.
ويؤكد حقيقة هذه الاخوة بالنسب (وأمام جميع إخوته يسكن ).(تكوين16 :12 ).
وعن وفاة اسماعيل تقول التوراة:(( وهذه سنو حياة إسماعيل , مئة وسبع وثلاثون سنة, وأسلم روحه ومات وانضم إلى قومه. وسكنوا من حويلة الى أشور التي أمام مصر حينما تجيئ نحو اشور. أمام جميع إخوته)).(تكوين 25: 17).
إن أبناء إسماعيل هم إخوة لأبناء إسحاق . وبنفس النمط . فإن محمد من قوم هم إخوة بني إسرائيل , ذلك أنه من سلالة إسماعيل (العرب). مثل ما تنبأت عنه التوراة ( أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم).
بل تذكر النبوة بوضوح أن النبي الآتي الذي هو مثل موسى , والذي سيبعثه الله , ليس من بني اسرائيل, لان التوراة لم تقل :(من بين أنفسهم). بل قالت :(من وسط اخوتهم). من ثم فان الرسول صلى الله عليه وسلم , هو الذي من وسط اخوتهم.
واجعل كلامي في فمه :
تستأنف النبوة قولها ( واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه). ماذا تعني النبوة (واجعل كلامي في فمه).?
ان السيرة النبوية تحدثنا , ان محمد صلى الله عليه وسلم, عندما بلغ من العمر اربعين عاما حينما كان يتعبد في غار حراء, الذي يبعد حوالي ثلاثة اميال عن مكة المكرمة. في هذا الغار نزل اليه جبريل وامره بلسان عربي قائلا: اقرا, امتلأ النبي خوفا ورعبا منه, فاجاب ما انا بقارئ , فرد جبريل عليه السلام : اقرا .
قال : ما انا بقارئ.
ثم اعاد الامر عليه قائلا :( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ).
أدرك النبي ان ما يريده منه الملاك هو ان يعيد نفس الكلمات التي وضعها في فمه. ثم توالى نزول القران, في الثلاثة والعشرين سنة من حياة النبوة, نزل جبريل بالقرآن الكريم على قلب محمد ليكون من الرسل.
أليس هذا تصديق حرفي لما جاء في نبؤة الكتاب المقدس. أن القرآن الكريم هو في الحقيقة انجاز لنبوة موسى . انه الرسول الامي .
وضع جبريل الملاك كلام الله في فمه بالفظ والمعنى و استظهره الرسول كما انزل.
انجاز لنبوة اشعياء :
ان اعتكاف الرسول في الغار والطريقة التي انزل اليه بها القران بواسطة جبريل , وكون الرسول اميا لايعرف الكتابة ولا القراءة . انما هي انجاز لنبؤة اخرى , في سفر اشعياء (29 : 12). هذا نصها ( او يدفع الكتاب لمن لايعرف الكتابة ويقال اقرأ هذا , فيقول لا اعرف الكتابة ).
ومن الزم ما يجب ان تعرفه هو انه لم يكن هنالك نسخة عربية من الكتاب المقدس في القرن السادس الميلادي , أي حينما كان محمد حيا . فضلا على ذلك فانه أمي , يقول القران عنه : ( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ).
انذار من الله :
قلت للقس : هل رأيت كيف تنطبق النبؤة على الرسول محمد كانطباق القفاز في اليد.
اجاب القس قائلا: ان جميع شروحاتك وتفسيراتك انما هي فحص دقيق للكتاب المقدس , ولكن ليست ذات قيمة و اهمية, ذلك اننا نحن النصارى نحرز على يسوع الاله المتجسد الذي خلصنا من الخطيئة.
قلت : ليست ذات اهمية!!.
ان الله انزل هذه النبؤة ثم تتاتي انت وتقول انها ليست ذات اهمية!, ان الله يعلم ان من الناس من هم مثلك ايها القس الذين بفلتة لسان وإرادة قلوبهم الهينة يسقطون كلام الله و لا يعيرون له اي اهتمام, لهذا تابع تكملة النبؤة يقول الكتاب المقدس : ( ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم باسمي انا اطلبه ). وفي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس يقول : ( ساكون انا المنتقم ). ان الله القادر يتوعد بالعقاب و العذاب .
ان النبي الذي يشبه موسى كما جاء في النص (مثلك) هو بلا ريب محمد , لقد قدمت البراهين والحجج في فيض من الوضوح , بأن هذه النبؤة عن محمد لا عن المسيح عليهما الصلاة والسلام.
نحن المسلمين لا ننكر ان عيسى هو المسيح الذي ارسله الله إلى بني اسرائيل. ان مانقوله هو ان ما جاء بسفر التثنية (18:18)لا يشير إطلاقا إلى المسيح . إنها نبؤة واضحة تتنبأ عن محمد.
ابتعد القس بمنتهى الأدب قائلا : إنها مناقشة خطيرة ومهمة للغاية .
وسوف أحاول ان اناقش الطائفة في هذا الموضوع.
لقد مضت خمسة عشر سنة منذ ذلك الوقت وانا لا زلت أنتظر ما وعد به!!.
أعتقد أن القس كان مخلصا عندما دعاني ورحب بي وبالبحث العلمي , غير أن التحزب والتعصب لدين الأجداد يقتل بقسوة.
قمت بالاتصال بالكنائس الإفريقية وشرحت مقاصدي للقساوسة الذين اهتممت أن يكون بيننا حوار , لكنهم رفضوا بأعذار شبه مقبولة. لكن المكالمة الثالثة عشر جائتني بالفرحة. لقد وافق القس فان هيردن على مقابلتي بمنزله في يوم السبت بعد الظهر . استقبلني القس في شرفة منزله بترحيب وود. وقال إذا كنت لا أمانع فأنه يود حضور حميه البالغ من العمر سبعين عاما للمشاركة معنا في النقاش . ولم أمانع في ذلك, جلس ثلاثتنا في قاعة المكتبة.
لماذا لاشيئ :
تصنعت سؤالا : ماذا يقول المتاب المقدس عن محمد؟.
وبلا تردد أجاب : لاشيئ.
لماذا لاشيئ, وفقا لشروحاتكم فان الكتاب المقدس مليئ بالتنبؤات , فيخبر عن قيام دولة السوفيت الروس وعن الأيام الأخيرة وحتى عن بابا كنيسة الروم الكاثوليك.
فقال : نعم , ولكن لاشيئ عن محمد.
فسالت ثانية : لكن لماذا لاشيئ؟.
أجاب الرجل المسن: يابني لقد قرأت الكتاب المقدس لخمسين سنة مضت ولو كان هناك أي شيئ عن محمد لكنت عرفته.
ولا واحدة بالاسم :
استفسرت : ألست تقول أن هناك مئات النبؤات التي تتكلم عن مجيئ المسيح , في العهد القديم؟.
قال القس : لا مئات بل الاف.
قلت: إني لن أجادل في الألف نبؤة التي تتحدث عن مجيئ المسيح. فاننا كمسلمون آمنا وصدقنا بالمسيح دون الحاجة الى اي نبؤة كتابية . إنما آمنا , تصديقا لمحمد صلى الله عليه وسلم. لكن بعيدا عن هذا الكلام , هل يمكن أن تعطيني نبؤة واحدة مضبوطة , حيث ذكر اسم المسيح حرفيا؟ ان التعبير المسيا المترجم بالمسيح ليس بأسم انما هو لقب. هل توجد نبؤة واحدة تقول ان اسم المسيا سيكون عيسى وان اسم أمه مريم ؟.
أجاب القس : لا لايوجد مثل هذه التفاصيل. إذن كيف تستنتج ان هذه الالف نبؤة هي عن المسيح؟.
ما النبؤة :
اجاب القس قائلا : انك تدرك ان التنبؤات هي الكلمات التصويرية لأي شيئ سيحدث في المستقبل, وعندما يتحقق هذا الشيئ فعلا, فاننا ندرك بوضوح انجاز هذه النبؤة التي سبق الإخبار بها سلفا.
قلت : ما تفعله في الحقيقة هو انك تستنتج, انك تناقش, انك تضع اثنين اثنين معا, قال : نعم .
قلت : اذا كان هذا ما تفعله مع الألف نبؤة لتاكيد دعواك عن عيسى, فلماذا لا نختار نفس المنهج بالنسبة لمحمد؟.
وافق القس على هذا الراي العادل و المنهج المعقول للتعامل مع المشكلة. وطلبت منه ان يفتح الكتاب المقدس عن سفر التثنية (18:18), وقد فتحه وقراء. واليك النص باللغة العربية :( اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به).
نبيا مثل موسى :
بعد أن قرأ النص, استفسرت : لمن تعود هذه النبؤة؟.
وبدون تردد قال : يسوع.
فسألت : لماذا يسوع؟.إن اسمه غير مذكور هنا؟.
اجاب القس: بما ان النبؤة هي الوصف التصويري لأمور ستحدث في المستقبل, فأننا ندرك ان تعبيرات النص , تصف المسيح وصفا دقيقا.
قلت: انك ترى ان أهم ما في النص هي كلمة مثلك, اي مثل موسى .فهل عيسى مثل موسى؟. بأي كيفية كان مثل موسى؟.
اجاب: بادئ ذي بدئ كان موسى يهوديا , وكذلك كان عيسى. كان موسى نبيا وكذلك كان يسوع.
قلت : هل تستطيع ان تجد تشابهات اخرى بين عيسى وموسى؟.
قال القس انه لا يتذكر شيئا اخر.
قلت: إذا كان هذا هو المعيار لاكتشاف مرشح لهذه النبؤة في سفر التثنية. إذن ففي هذه الحالة يمكن ان تنطبق على اي نبي من انبياء الكتاب. سليمان , اشعياء , حزقيال , دانيال , هوشع , يوئيل , ملاخي , يوحنا... الخ . ذلك انهم جميعا يهود مثلما هم انبياء. فلماذا لا تكون هذه النبؤة خاصة باحد هؤلاء الانبياء؟.
فلم يجب القس.
استانفت قائلا: انك تدرك استنتاجاتي , وهي ان عيسى لا يشابه موسى. فأذا كنت مخطأ, فأرجوا ان تردني الى الصواب.
امور غير متشابهة :
قلت : ان عيسى لايشبه موسى , بمقتضى عقيدتكم , فان عيسى هو الاله المتجسد, ولكن موسى لم يكن إلها, أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
قلت : بناء على ذلك فإن عيسى لايشبه موسى. ثانيا.بمقتضى عقيدتكم , مات عيسى من أجل خطايا العالم. لكن موسى لم يمت من أجل خطايا العالم. أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
فقلت: لذلك فان عيسى لايشبه موسى. ثالثا. بمقتضى عقيدتكم ذهب المسيح إلى الجحيم لثلاثة ايام. ولكن موسى لم يكلف بالذهاب إلى الجحيم. أهذا حق؟.
اجاب : نعم.
واستنتجت : اذن عيسى لم يكن مثل موسى. ولكن أيها القس هذه ليست حقائق غامضة , بل حقائق مكشوفة .
دعنا نتكلم في الامور الدقيقة في حياة موسى وعيسى.
1- الأب والأم : كان لموسى والدان ( واخذ عمرام بوكابد عمته وزوجة له فولدت له هارون وموسى )(خروج:20:6) . وكذلك محمد كان له ام واب . لكن المسيح كان له أم فقط وليس أب بشري , أليس هذا ما يقوله الكتاب المقدس؟.
قال : نعم.
2- الميلاد المعجز : إن موسى ومحمد ولدا ولادة طبيعية. مثال ذلك , الاقتران الطبيعي بين رجل وامراة. ولكن عيسى ولد بمعجزة مميزة.
3- عقد الزواج : لقد تزوج موسى و محمد وانجبا اولاد. ولكن عيسى ظل أعزبا كل أيام حياته .
أهذا صحيح ؟.
اجاب القس : نعم .
قلت : اذن عيسى ليس مثل موسى . بل محمد مثل موسى.
4- مملكة تهتم بالامور الاخروية: إن موسى ومحمد كانا نبيين , مثلما كانا زعيمين. وأعني بالنبوة..
الإنسان الذي يوحى إليه برسالة إلهية لإرشاد الناس.أما الزعيم . فاعني به , الانسان الذي له سلطان وقيادة على شعبه. سواء كان متوجا كملك أو لا .فإذا اقتدر إنسان على توقيع عقوبة الإعدام مثلا والحكم بين الناس ..فهو زعيم.
و لقد كان موسى يملك هذا السلطان, فقد امر بإعدام عباد العجل(خروج:32: 26 )..
و كذلك محمد كان له سلطان في الحكم بين الناس. اما المسيح فانه ينتمي الى الصنف الآخر من الأنبياء .
ومن هنا فإن عيسى ليس مثل موسى , لكن محمد مثل موسى.
5- لا شريعة جديدة : إن موسى ومحمد اتيا بشريعة جديدة واحكام جديدة لشعبيهما .
وان موسى جاء بالوصايا العشرة وطقوس جديدة شاملة لهداية الناس.
وجاء محمد صلى الله عليه وسلم, إلى شعب يغط بالجهالة, اشتهروا بوأد البنات, مدمنون للخمر , عبدة اوثان مولعون بالقمار والميسر.
في وسط هذه الصحراء فان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول ( توماس كاريل ) : قد شرف الذين اتبعوه فجعلهم حاملي مشاعل النور والعلم.
اما بخصوص المسيح كان يحاول دائما ان يثبت لليهود الذين كانوا يتهمونه بالتجديف , بأنه لم يأت بشريعة جديدة , فيقول : لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض بل لأكمل. (متي 5: 17 ).
وبعبارة أخرى أنه لم يأت بشريعة جديدة أو أي أحكام جديدة على الإطلاق.إنما جاء ليكمل الشريعة القديمة.
وباختصار فإنه لم ينشئ دين جديد , مثل ما فعل موسى ومحمد. سألت القس ؟.
فأجاب : نعم.
6- كيف كان رحيلهم : ان كلا من موسى و محمد, قد توفاهم الله وفاة طبيعية. لكن وفقا للعقيدة النصرانية , فإن المسيح مات شر ميتة بقتله على الصليب.أليس هذا صحيح؟.
أجاب : نعم.
قلت : من ثم فإن عيسى ليس مثل موسى ولكن محمد مثل موسى.
7- المقام السماوي : إن كلا من من محمد وموسى يرقد الآن في قبره على الأرض , ولكن طبقا لتعاليمكم فإن المسيح يجلس الآن ( عن يمين قوة الرب ) .(لوقا 22 : 69 ).
قال القس : نعم.
فقلت : ومن ثم فإن عيسى ليس مثل موسى , بل محمد مثل موسى.
بعد هذا الحوار المنطقي و المثبت بالادلة والبراهين , وبعد ان وافق القس , وباستسلام لكل ما طرحته من أراء .
قلت : أيها القس للآن ماتناولناه , إنما للبرهنة فقط على موضوع واحد من هذه النبؤة كلها, ذلك بالتحقيق في كلمة( مثلك) , أي مثل موسى. إن النبوة أوسع من ذلك بكثير , تقول النبؤة ( أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به). (التثنية 18:18).
يجب التركيز على عبارة (من وسط إخوتهم, مثلك). إن الخطاب موجه لموسى , وشعبه اليهود كشخصية معينة . عندما تقول النبوة من (إخوتهم ), تعني يقينا العرب .
إنك تعلم انه يتحدث عن إبراهيم , وكان لإبراهيم زوجتان سارة وهاجر , ولدت هاجر لإبراهيم ولدا . إنه الابن البكر لإبراهيم كما يقول الكتاب المقدس:( ودعا إبراهيم اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل) . (التكوين16 :15).
وحتى الثالثة عشر من العمر فإن إسماعيل بقي الابن الوحيد لإبراهيم, ولقد وهب الله إبراهيم ابنا اخر من سارة أسماه إسحاق.
العرب واليهود :
اذا كان إسماعيل وإسحاق أبناء الوالد نفسه( إبراهيم) , وهوما يقوله الكتاب المقدس. إذن هما أخوان , وهكذا فإن الشعوب التي نشأت من سلالتهما , إخوة بالمعنى المجازي. إن أبناء إسحاق هم اليهود , وأبناء إسماعيل هم العرب, وهو ما يقوله الكتاب المقدس أيضا.
ويؤكد حقيقة هذه الاخوة بالنسب (وأمام جميع إخوته يسكن ).(تكوين16 :12 ).
وعن وفاة اسماعيل تقول التوراة:(( وهذه سنو حياة إسماعيل , مئة وسبع وثلاثون سنة, وأسلم روحه ومات وانضم إلى قومه. وسكنوا من حويلة الى أشور التي أمام مصر حينما تجيئ نحو اشور. أمام جميع إخوته)).(تكوين 25: 17).
إن أبناء إسماعيل هم إخوة لأبناء إسحاق . وبنفس النمط . فإن محمد من قوم هم إخوة بني إسرائيل , ذلك أنه من سلالة إسماعيل (العرب). مثل ما تنبأت عنه التوراة ( أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم).
بل تذكر النبوة بوضوح أن النبي الآتي الذي هو مثل موسى , والذي سيبعثه الله , ليس من بني اسرائيل, لان التوراة لم تقل :(من بين أنفسهم). بل قالت :(من وسط اخوتهم). من ثم فان الرسول صلى الله عليه وسلم , هو الذي من وسط اخوتهم.
واجعل كلامي في فمه :
تستأنف النبوة قولها ( واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه). ماذا تعني النبوة (واجعل كلامي في فمه).?
ان السيرة النبوية تحدثنا , ان محمد صلى الله عليه وسلم, عندما بلغ من العمر اربعين عاما حينما كان يتعبد في غار حراء, الذي يبعد حوالي ثلاثة اميال عن مكة المكرمة. في هذا الغار نزل اليه جبريل وامره بلسان عربي قائلا: اقرا, امتلأ النبي خوفا ورعبا منه, فاجاب ما انا بقارئ , فرد جبريل عليه السلام : اقرا .
قال : ما انا بقارئ.
ثم اعاد الامر عليه قائلا :( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ).
أدرك النبي ان ما يريده منه الملاك هو ان يعيد نفس الكلمات التي وضعها في فمه. ثم توالى نزول القران, في الثلاثة والعشرين سنة من حياة النبوة, نزل جبريل بالقرآن الكريم على قلب محمد ليكون من الرسل.
أليس هذا تصديق حرفي لما جاء في نبؤة الكتاب المقدس. أن القرآن الكريم هو في الحقيقة انجاز لنبوة موسى . انه الرسول الامي .
وضع جبريل الملاك كلام الله في فمه بالفظ والمعنى و استظهره الرسول كما انزل.
انجاز لنبوة اشعياء :
ان اعتكاف الرسول في الغار والطريقة التي انزل اليه بها القران بواسطة جبريل , وكون الرسول اميا لايعرف الكتابة ولا القراءة . انما هي انجاز لنبؤة اخرى , في سفر اشعياء (29 : 12). هذا نصها ( او يدفع الكتاب لمن لايعرف الكتابة ويقال اقرأ هذا , فيقول لا اعرف الكتابة ).
ومن الزم ما يجب ان تعرفه هو انه لم يكن هنالك نسخة عربية من الكتاب المقدس في القرن السادس الميلادي , أي حينما كان محمد حيا . فضلا على ذلك فانه أمي , يقول القران عنه : ( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ).
انذار من الله :
قلت للقس : هل رأيت كيف تنطبق النبؤة على الرسول محمد كانطباق القفاز في اليد.
اجاب القس قائلا: ان جميع شروحاتك وتفسيراتك انما هي فحص دقيق للكتاب المقدس , ولكن ليست ذات قيمة و اهمية, ذلك اننا نحن النصارى نحرز على يسوع الاله المتجسد الذي خلصنا من الخطيئة.
قلت : ليست ذات اهمية!!.
ان الله انزل هذه النبؤة ثم تتاتي انت وتقول انها ليست ذات اهمية!, ان الله يعلم ان من الناس من هم مثلك ايها القس الذين بفلتة لسان وإرادة قلوبهم الهينة يسقطون كلام الله و لا يعيرون له اي اهتمام, لهذا تابع تكملة النبؤة يقول الكتاب المقدس : ( ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم باسمي انا اطلبه ). وفي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس يقول : ( ساكون انا المنتقم ). ان الله القادر يتوعد بالعقاب و العذاب .
ان النبي الذي يشبه موسى كما جاء في النص (مثلك) هو بلا ريب محمد , لقد قدمت البراهين والحجج في فيض من الوضوح , بأن هذه النبؤة عن محمد لا عن المسيح عليهما الصلاة والسلام.
نحن المسلمين لا ننكر ان عيسى هو المسيح الذي ارسله الله إلى بني اسرائيل. ان مانقوله هو ان ما جاء بسفر التثنية (18:18)لا يشير إطلاقا إلى المسيح . إنها نبؤة واضحة تتنبأ عن محمد.
ابتعد القس بمنتهى الأدب قائلا : إنها مناقشة خطيرة ومهمة للغاية .
وسوف أحاول ان اناقش الطائفة في هذا الموضوع.
لقد مضت خمسة عشر سنة منذ ذلك الوقت وانا لا زلت أنتظر ما وعد به!!.
أعتقد أن القس كان مخلصا عندما دعاني ورحب بي وبالبحث العلمي , غير أن التحزب والتعصب لدين الأجداد يقتل بقسوة.