السيف الدمشقي
2009-09-13, 06:37 PM
السلام عليكم
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
اللهم علمنا الحق وارزقنا حسن اتباعه.
اللهم أمين
وهذه طامة. يا أخي بارك الله فيك (ولا اجرح) فالاشاعرة متناقضون فيما بينهم مختلفون
لا يأخي بارك الله فيك ليس هناك تناقض و لكن ليس بالضرورة أن يتفق آلوف من العلماء في كل شيء فكل يؤخذ منه و يرد عليه إلا المعصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما إذا كنتم أنتم تقلدون أئمتكم في كل صغيرة و كبيرة فو تلتزمون بكل ما ورد عنهم فهذا شأنكم
مصدر التلقي عند الرازي(القرن 7 هجري).(وهو الذي قعد اصول الاشاعرة وافاض فيها)
لا شك ان الإمام فخر الدين الرازي من أعظم علماء الأشاعرة و رويدك يا أخي لأرى ما الذي تعيب عليه
ملاحظة : حول كلامك قبل أن يتوب أتمنى عدم التطرق لهذا لكي لا يضيع الحوار بيني و بينك أن تقول إمام الحرمين و الرازي و .. تابوا و أن أقول ابن تيمية و ابن خزيمة تابوا و غير ذلك و على كل حال الحق لا يعرف بالرجال
"الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهرالنقلية فكيف يكون الحال فيها ؟
اعلم أن الدلائل القطعيةالعقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لايخلو الحال من أحد أمور أربعة :
1 .إما أن يصدق مقتضى العقلوالنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال .
2 .وإما أن يبطل فيلزمتكذيب النقيضين وهو محال .
3 .وإما أن يصدق الظواهرالنقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل .
هنا الإمام الرازي رحمه الله يتعرض لمسألة و هي : التعارض بين ظواهر النقل و بين الثابت القطعي من العقل و قبل بدأ المناقشة لا بد يا أخي من تقسيم الأدلة النقلية الواردة إلينا إلى أربعة أقسام رئيسة :
1- أدلة نقلية " سمعية " قطعية الثبوت " متواترة " قطعية الدلالة و من المستحيل التعارض بينها و بين الأدلة العقلية " القطعية "
كما أنه من المستحيل تقديم الدليل العقلي الظني على الدليل النقلي القطعي
2- أدلة نقلية قطعية الثبوت ظنية الدلالة
3- أدلة نقلية ظنية الثبوت قطعية الدلالة
4- أدلة نقلية ظنية الثبوت ظنية الدلالة
و أنت تعلم بأنه لا يمكن في طبيعة الحال أن نسوي بين نصوص القرآن الكريم المتواترة و القطعية و بين حديث آحاد و دلالته ظنية !!
فلاحظ هنا أن الإمام الفخر الرازي قد قيد الأدلة العقلية بأنها قطعية
اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء
و لم يطعن في النقل بل قال :
ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك
أي إنها ظنية الدلالة و أن الظاهر الذي ظهر ولاح للمستدِل غير مراد قطعاً و لا يمكن للظن أن يزيل اليقين
و لن تجد عالم أشعري واحد قال بوقوع تناقض بين دليل عقلي قطعي و حكم دليل نقلي قطعي يقيني
و في هذه الحالة نسلك إحدى مسلكين :
1- إما أن تؤول هذه النصوص تأويلا إجماليا أو ما يسمى بالتفويض " التسليم " حيث نؤمن بها و نصدق بها ولا ننكرها و نفوض معاناها إلى الله سبحانه و تعالى و هو ما كان عليه جمهور السلف الصالح و بعض الخلف
2- تؤول تأويلا تفصيليا حيث يرد ظاهر المتشابه إلى المحكم من النقل و العقل و هو ما عليه جمهور الخلف و بعض السلف
و في ذلك يقول القاضي عياض :
لَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَة فَقِيههمْ وَمُحَدِّثهمْ وَمُتَكَلِّمهمْ وَنُظَّارهمْ وَمُقَلِّدهمْ أَنَّ الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى فِي السَّمَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض } وَنَحْوه لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرهَا ، بَلْ مُتَأَوَّلَة عِنْد جَمِيعهمْ .
انظر شرح النووي على صحيح مسلم
كلام مهم للإمام السعدي في تفسيره :
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } .
القرآن العظيم كله محكم كما قال تعالى { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } فهو مشتمل على غاية الإتقان والإحكام والعدل والإحسان { ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } وكله متشابه في الحسن والبلاغة وتصديق بعضه لبعضه ومطابقته لفظا ومعنى، وأما الإحكام والتشابه المذكور في هذه الآية فإن القرآن كما ذكره الله { منه آيات محكمات } أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال { هن أم الكتاب } أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره، { و } منه آيات { أخر متشابهات } أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان: لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق بعضه بعضا ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة، ولكن الناس انقسموا إلى فرقتين { فأما الذين في قلوبهم زيغ } أي: ميل عن الاستقامة بأن فسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي والضلال وانحرفت قلوبهم عن طريق الهدى والرشاد { فيتبعون ما تشابه منه } أي: يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه { ابتغاء الفتنة } لمن يدعونهم لقولهم، فإن المتشابه تحصل به الفتنة بسبب الاشتباه الواقع فيه، وإلا فالمحكم الصريح ليس محلا للفتنة، لوضوح الحق فيه لمن قصده اتباعه، وقوله { وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله } للمفسرين في الوقوف على { الله } من قوله { وما يعلم تأويله إلا الله } قولان، جمهورهم يقفون عندها، وبعضهم يعطف عليها { والراسخون في العلم } وذلك كله محتمل، فإن التأويل إن أريد به علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على { إلا الله } لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، نحو حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله { الرحمن على العرش [استوى ] } فقال السائل: كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها أن يقال كما قال الإمام مالك، تلك الصفة معلومة، وكيفيتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أخبرنا الله بها ولم يخبرنا بكيفيتها، فيجب علينا الوقوف على ما حد لنا، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعني، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيسلمون ويسلمون، وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف { الراسخون } على { الله } فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم ويقولون { كل } من المحكم والمتشابه { من عند ربنا } وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله، وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك. ولما رغب تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال { وما يذكر } أي: يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه إلا { أولوا الألباب } أي: أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور الذي لا حاصل له ولا نتيجة تحته، لا ينفعهم الزجر والتذكير لخلوهم من العقول النافعة...... تفسير السعدي سورة آل عمران
فتبين لكل إنسان منصف بطلان هذه المقولة :
فقد ذهب الرازي اذا الى تقديم الدليل العقلي على الأدلة الشرعية
يتبع ..
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
اللهم علمنا الحق وارزقنا حسن اتباعه.
اللهم أمين
وهذه طامة. يا أخي بارك الله فيك (ولا اجرح) فالاشاعرة متناقضون فيما بينهم مختلفون
لا يأخي بارك الله فيك ليس هناك تناقض و لكن ليس بالضرورة أن يتفق آلوف من العلماء في كل شيء فكل يؤخذ منه و يرد عليه إلا المعصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما إذا كنتم أنتم تقلدون أئمتكم في كل صغيرة و كبيرة فو تلتزمون بكل ما ورد عنهم فهذا شأنكم
مصدر التلقي عند الرازي(القرن 7 هجري).(وهو الذي قعد اصول الاشاعرة وافاض فيها)
لا شك ان الإمام فخر الدين الرازي من أعظم علماء الأشاعرة و رويدك يا أخي لأرى ما الذي تعيب عليه
ملاحظة : حول كلامك قبل أن يتوب أتمنى عدم التطرق لهذا لكي لا يضيع الحوار بيني و بينك أن تقول إمام الحرمين و الرازي و .. تابوا و أن أقول ابن تيمية و ابن خزيمة تابوا و غير ذلك و على كل حال الحق لا يعرف بالرجال
"الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهرالنقلية فكيف يكون الحال فيها ؟
اعلم أن الدلائل القطعيةالعقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لايخلو الحال من أحد أمور أربعة :
1 .إما أن يصدق مقتضى العقلوالنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال .
2 .وإما أن يبطل فيلزمتكذيب النقيضين وهو محال .
3 .وإما أن يصدق الظواهرالنقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل .
هنا الإمام الرازي رحمه الله يتعرض لمسألة و هي : التعارض بين ظواهر النقل و بين الثابت القطعي من العقل و قبل بدأ المناقشة لا بد يا أخي من تقسيم الأدلة النقلية الواردة إلينا إلى أربعة أقسام رئيسة :
1- أدلة نقلية " سمعية " قطعية الثبوت " متواترة " قطعية الدلالة و من المستحيل التعارض بينها و بين الأدلة العقلية " القطعية "
كما أنه من المستحيل تقديم الدليل العقلي الظني على الدليل النقلي القطعي
2- أدلة نقلية قطعية الثبوت ظنية الدلالة
3- أدلة نقلية ظنية الثبوت قطعية الدلالة
4- أدلة نقلية ظنية الثبوت ظنية الدلالة
و أنت تعلم بأنه لا يمكن في طبيعة الحال أن نسوي بين نصوص القرآن الكريم المتواترة و القطعية و بين حديث آحاد و دلالته ظنية !!
فلاحظ هنا أن الإمام الفخر الرازي قد قيد الأدلة العقلية بأنها قطعية
اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء
و لم يطعن في النقل بل قال :
ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك
أي إنها ظنية الدلالة و أن الظاهر الذي ظهر ولاح للمستدِل غير مراد قطعاً و لا يمكن للظن أن يزيل اليقين
و لن تجد عالم أشعري واحد قال بوقوع تناقض بين دليل عقلي قطعي و حكم دليل نقلي قطعي يقيني
و في هذه الحالة نسلك إحدى مسلكين :
1- إما أن تؤول هذه النصوص تأويلا إجماليا أو ما يسمى بالتفويض " التسليم " حيث نؤمن بها و نصدق بها ولا ننكرها و نفوض معاناها إلى الله سبحانه و تعالى و هو ما كان عليه جمهور السلف الصالح و بعض الخلف
2- تؤول تأويلا تفصيليا حيث يرد ظاهر المتشابه إلى المحكم من النقل و العقل و هو ما عليه جمهور الخلف و بعض السلف
و في ذلك يقول القاضي عياض :
لَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَة فَقِيههمْ وَمُحَدِّثهمْ وَمُتَكَلِّمهمْ وَنُظَّارهمْ وَمُقَلِّدهمْ أَنَّ الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى فِي السَّمَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض } وَنَحْوه لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرهَا ، بَلْ مُتَأَوَّلَة عِنْد جَمِيعهمْ .
انظر شرح النووي على صحيح مسلم
كلام مهم للإمام السعدي في تفسيره :
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } .
القرآن العظيم كله محكم كما قال تعالى { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } فهو مشتمل على غاية الإتقان والإحكام والعدل والإحسان { ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } وكله متشابه في الحسن والبلاغة وتصديق بعضه لبعضه ومطابقته لفظا ومعنى، وأما الإحكام والتشابه المذكور في هذه الآية فإن القرآن كما ذكره الله { منه آيات محكمات } أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال { هن أم الكتاب } أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره، { و } منه آيات { أخر متشابهات } أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان: لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق بعضه بعضا ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة، ولكن الناس انقسموا إلى فرقتين { فأما الذين في قلوبهم زيغ } أي: ميل عن الاستقامة بأن فسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي والضلال وانحرفت قلوبهم عن طريق الهدى والرشاد { فيتبعون ما تشابه منه } أي: يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه { ابتغاء الفتنة } لمن يدعونهم لقولهم، فإن المتشابه تحصل به الفتنة بسبب الاشتباه الواقع فيه، وإلا فالمحكم الصريح ليس محلا للفتنة، لوضوح الحق فيه لمن قصده اتباعه، وقوله { وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله } للمفسرين في الوقوف على { الله } من قوله { وما يعلم تأويله إلا الله } قولان، جمهورهم يقفون عندها، وبعضهم يعطف عليها { والراسخون في العلم } وذلك كله محتمل، فإن التأويل إن أريد به علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على { إلا الله } لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، نحو حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله { الرحمن على العرش [استوى ] } فقال السائل: كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها أن يقال كما قال الإمام مالك، تلك الصفة معلومة، وكيفيتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أخبرنا الله بها ولم يخبرنا بكيفيتها، فيجب علينا الوقوف على ما حد لنا، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعني، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيسلمون ويسلمون، وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف { الراسخون } على { الله } فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم ويقولون { كل } من المحكم والمتشابه { من عند ربنا } وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله، وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك. ولما رغب تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال { وما يذكر } أي: يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه إلا { أولوا الألباب } أي: أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور الذي لا حاصل له ولا نتيجة تحته، لا ينفعهم الزجر والتذكير لخلوهم من العقول النافعة...... تفسير السعدي سورة آل عمران
فتبين لكل إنسان منصف بطلان هذه المقولة :
فقد ذهب الرازي اذا الى تقديم الدليل العقلي على الأدلة الشرعية
يتبع ..