الرافعي
2009-09-28, 02:30 PM
الحمد لله بما حمد نفسه في كتابه ، والصلاة والسلام على نبيه وآله وأصحابه .. وبعد ،
فلا بد أنكم لاحظتم أني في كل موضوع لي أبدأه بعنوان الكتاب ثم أردفه صاحبَه ، إلا في هذا الموضوع فقد أردفت صاحبَ الكتاب عنوانَه ..
وإن لي في ذلك مأرباً ومراماً ، فإن صاحب الكتاب علم على الكتاب ، وإنما يُعرف قدر الكتاب بقدر صاحبه .. ونعم صاحب كتابنا ، ونعم الكتاب كتابه !
ولم لا ، وهو الأديب الأريب ، النابغة النحرير ، بليغ الزمان ، وفارس البيان ، وحارس اللسان ، الذائد الذاب عنه ، حصن العربية المنيع ، شاهق الأسوار ، الذي ذاد دونها عنها هجمات موجات التغريب ، فكان حسامه لسان من حديد ، وقلم سيط من نار .. إنه : مصطفى صادق الرافعي .
وكتابه هذا : القرآن الكريم والبلاغة النبوية ، صنفه رادًّا على كل من تسول له نفسه الخوض فيهما من غير علم أو حتى بعلم ، وهم كثروا في زمان المؤلف ويكثرون في كل زمان ، فلا غنى للذائدين عنهما عنه ، ولا للآخذين منهما منه ، فكان بحق كما قيل فيه : " كأنما هو تنزيل من التنزيل ، أو قبس من نور الذكر الحكيم " .. وصدق من قال فيه : " يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن : أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب " .
يقول صاحبه في مقدمته الخلابة عن هؤلاء المشككين : ( على أنك ترى أصحابنا لا يتحاملون على شيء ما يتحاملون على القرآن الكريم ، فهم يخصونه بمكاره العلم كلها ، ويجفون عنه أشد جفاء ، وإنهم وإياه في غرورهم وأوهامهم لكالطيارات غرَّها أن تصعد في الجو فمضت حاشدة في حملة حربية إلى فلك الشمس .
ألا إن دون الشمس سنن الكون ، وقوانين الأقدار ، ونظام الأبدية ، مما تستوي عنده طيارات الأرض ودبابات الأرض .. حتى ما بين هذه و هذه منزلة أو فرق ، وإن جعل العلم بينهما فروقا وفروقا ، ومنازل ومنازل )
ويقول واصفا جهلهم - مما نراه اليوم ونعانيه أشد معاناة - : ( دع جهلهم باللغة وأسرار البيان ، فهو السبب الحق الذي ضل بهم وجعلهم يرون القرآن كلاماً من الكلام يجرون عليه الحكم الذي يجري على غيره كما يظن الجاهل الذي ليس في نظره معان عقلية كلَّ صورة ككل صورة ، وكل حصاة ككل جوهرة ، ويذهب يقيم لك البرهان على صحة نظره من الخطوط والتقاسيم والألوان والأوصاف ومعانٍ فلسفية اقتصادية .......... )
ويستمر في تفنيدهم فيقول : ( لا يعلمون - أصلحهم الله - أن استقرار القرآن وهو شريعة وأخبار وآداب ، هو بعض أدلة إعجازه ، بل أقواها ، بل دليلها الزمن المنسحب على الزمن ، إذا كانوا قوما يجهلون ولا يحققون ، كالذي يحبس عينه على الظل ولا ينظر فيما وراءه مما يفيء عنه الظل تارة قصيرا وتارة طويلا ، وحينا مجتمعا وحينا ممتدا ثابتا وتارة متحولا .......... )
ويستمر منافحا عن القرآن فيقول : ( إنه وجود لغوي رُكّب كل ما فيه على أن يبقى خالدا مع الإنسانية ; فهو يدفع عن هذه اللغة العربية النسيان الذي لا يُدفع عن شيء . وهذا وحده إعجاز . ثم هو لن يكون كفاء ذلك ولن يقوم به إلا إذا كان معجزاً أهلَ اللغة جميعاً ، فتُذكر به اللغة ولا يُذكر هو بها ; وبذلك يحفظها ; إذ يكون في إعجازه مشغلة العقل البياني العربي في كل الأزمنة ، يأتي الجيل مع الناس ويمضي وهو باقٍ بحقائقه ينتظر الجيل الذي يخلفه ; كما أنه مشغلة الفكر الإنساني إذا أُريدَ درسُ أسمى نظام للإنسانية في حرامها وحلالها مما تحله مصلحة الاجتماع أو تحرمه ..... ) .
وقد قال الشيخ العلامة (رشيد رضا) في صاحب هذا الكتاب : ( استوى إلى هذا وانتدب له الأديب الأروع ، والشاعر الناثر المبدع ، صاحب الذوق الرقيق ، والفهم الدقيق ، الغواص على جواهر المعاني ، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني ، صديقنا الأستاذ (مصطفى صادق الرافعي) فصنف في إعجاز القرآن سفراً كالأسفار ، أتى فيه - وهو الأخير زمانه - بما لم تأت به الأوائل ، فكان مصداقا للمثل السائر : " كم ترك الأول للآخر " )
وقال عن الكتاب : ( وإني على شهادتي للرافعي بأنه جاء في هذا المقام بما تجلت به مباين الإعجاز ومواضحه ، وأضاءت لوائح الحق فيه وملامحه ، وددت لو مد هذا البحث مد الأديم ، بل أمد بحيرات نيله بجداول الغيث العميم ، فعم فيضانه الفروق بين نظم الآيات في طولها وقصرها ، وقوافيها وفواصلها ، ومناسبة كل منها لمواضيع الكلام ، واختلاف تأثيره في القلوب والأحلام ) .
وبعد ، فخشية الإطالة آثرت أن أكتفي بما نقلته لكم من مواضع متفرقة من أول الكتاب ، علها تكون دافعا لكم للغوص فيه وإتمام قراءته فيحصل بذلك النفع العظيم إن شاء الله .
وآخراً أقول : كان الرافعي - رحمه الله - قد وعد بإنجاز كتاب يحوي ذاك كله مما تمناه الشيخ رشيد رضا وأسماه ( أسرار الإعجاز ) ، فكان بحق سيعد آية في ذلك ، لولا أن عاجلته يد المنون ، بعد أن أتم بضعة فصول منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم ارحم الرافعي رحمة واسعة لأجل كل ما وضع في سبيلك من ذب عن كتابك .. واجمعنا به في جنتك مع نبيك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم .
أناشدكم الله إخوتي الدعاء لي مع دعائكم لصاحب الكتاب
--**-- والآن ، أترككم مع الكتاب --**--
تم الرفع على ثلاثة سيرفرات
http://www.albshara.com/imgcache/2/11401albshara.gif (http://hotfile.com/dl/13662213/9bad411/___2_-___.pdf.html)
أو
http://www.albshara.com/imgcache/2/11402albshara.gif (http://www.zshare.net/download/662350091bdd4f3b/)
أو
http://www.albshara.com/imgcache/2/11403albshara.gif (http://www.mediafire.com/?rnd1xxmh02y)
فلا بد أنكم لاحظتم أني في كل موضوع لي أبدأه بعنوان الكتاب ثم أردفه صاحبَه ، إلا في هذا الموضوع فقد أردفت صاحبَ الكتاب عنوانَه ..
وإن لي في ذلك مأرباً ومراماً ، فإن صاحب الكتاب علم على الكتاب ، وإنما يُعرف قدر الكتاب بقدر صاحبه .. ونعم صاحب كتابنا ، ونعم الكتاب كتابه !
ولم لا ، وهو الأديب الأريب ، النابغة النحرير ، بليغ الزمان ، وفارس البيان ، وحارس اللسان ، الذائد الذاب عنه ، حصن العربية المنيع ، شاهق الأسوار ، الذي ذاد دونها عنها هجمات موجات التغريب ، فكان حسامه لسان من حديد ، وقلم سيط من نار .. إنه : مصطفى صادق الرافعي .
وكتابه هذا : القرآن الكريم والبلاغة النبوية ، صنفه رادًّا على كل من تسول له نفسه الخوض فيهما من غير علم أو حتى بعلم ، وهم كثروا في زمان المؤلف ويكثرون في كل زمان ، فلا غنى للذائدين عنهما عنه ، ولا للآخذين منهما منه ، فكان بحق كما قيل فيه : " كأنما هو تنزيل من التنزيل ، أو قبس من نور الذكر الحكيم " .. وصدق من قال فيه : " يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن : أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب " .
يقول صاحبه في مقدمته الخلابة عن هؤلاء المشككين : ( على أنك ترى أصحابنا لا يتحاملون على شيء ما يتحاملون على القرآن الكريم ، فهم يخصونه بمكاره العلم كلها ، ويجفون عنه أشد جفاء ، وإنهم وإياه في غرورهم وأوهامهم لكالطيارات غرَّها أن تصعد في الجو فمضت حاشدة في حملة حربية إلى فلك الشمس .
ألا إن دون الشمس سنن الكون ، وقوانين الأقدار ، ونظام الأبدية ، مما تستوي عنده طيارات الأرض ودبابات الأرض .. حتى ما بين هذه و هذه منزلة أو فرق ، وإن جعل العلم بينهما فروقا وفروقا ، ومنازل ومنازل )
ويقول واصفا جهلهم - مما نراه اليوم ونعانيه أشد معاناة - : ( دع جهلهم باللغة وأسرار البيان ، فهو السبب الحق الذي ضل بهم وجعلهم يرون القرآن كلاماً من الكلام يجرون عليه الحكم الذي يجري على غيره كما يظن الجاهل الذي ليس في نظره معان عقلية كلَّ صورة ككل صورة ، وكل حصاة ككل جوهرة ، ويذهب يقيم لك البرهان على صحة نظره من الخطوط والتقاسيم والألوان والأوصاف ومعانٍ فلسفية اقتصادية .......... )
ويستمر في تفنيدهم فيقول : ( لا يعلمون - أصلحهم الله - أن استقرار القرآن وهو شريعة وأخبار وآداب ، هو بعض أدلة إعجازه ، بل أقواها ، بل دليلها الزمن المنسحب على الزمن ، إذا كانوا قوما يجهلون ولا يحققون ، كالذي يحبس عينه على الظل ولا ينظر فيما وراءه مما يفيء عنه الظل تارة قصيرا وتارة طويلا ، وحينا مجتمعا وحينا ممتدا ثابتا وتارة متحولا .......... )
ويستمر منافحا عن القرآن فيقول : ( إنه وجود لغوي رُكّب كل ما فيه على أن يبقى خالدا مع الإنسانية ; فهو يدفع عن هذه اللغة العربية النسيان الذي لا يُدفع عن شيء . وهذا وحده إعجاز . ثم هو لن يكون كفاء ذلك ولن يقوم به إلا إذا كان معجزاً أهلَ اللغة جميعاً ، فتُذكر به اللغة ولا يُذكر هو بها ; وبذلك يحفظها ; إذ يكون في إعجازه مشغلة العقل البياني العربي في كل الأزمنة ، يأتي الجيل مع الناس ويمضي وهو باقٍ بحقائقه ينتظر الجيل الذي يخلفه ; كما أنه مشغلة الفكر الإنساني إذا أُريدَ درسُ أسمى نظام للإنسانية في حرامها وحلالها مما تحله مصلحة الاجتماع أو تحرمه ..... ) .
وقد قال الشيخ العلامة (رشيد رضا) في صاحب هذا الكتاب : ( استوى إلى هذا وانتدب له الأديب الأروع ، والشاعر الناثر المبدع ، صاحب الذوق الرقيق ، والفهم الدقيق ، الغواص على جواهر المعاني ، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني ، صديقنا الأستاذ (مصطفى صادق الرافعي) فصنف في إعجاز القرآن سفراً كالأسفار ، أتى فيه - وهو الأخير زمانه - بما لم تأت به الأوائل ، فكان مصداقا للمثل السائر : " كم ترك الأول للآخر " )
وقال عن الكتاب : ( وإني على شهادتي للرافعي بأنه جاء في هذا المقام بما تجلت به مباين الإعجاز ومواضحه ، وأضاءت لوائح الحق فيه وملامحه ، وددت لو مد هذا البحث مد الأديم ، بل أمد بحيرات نيله بجداول الغيث العميم ، فعم فيضانه الفروق بين نظم الآيات في طولها وقصرها ، وقوافيها وفواصلها ، ومناسبة كل منها لمواضيع الكلام ، واختلاف تأثيره في القلوب والأحلام ) .
وبعد ، فخشية الإطالة آثرت أن أكتفي بما نقلته لكم من مواضع متفرقة من أول الكتاب ، علها تكون دافعا لكم للغوص فيه وإتمام قراءته فيحصل بذلك النفع العظيم إن شاء الله .
وآخراً أقول : كان الرافعي - رحمه الله - قد وعد بإنجاز كتاب يحوي ذاك كله مما تمناه الشيخ رشيد رضا وأسماه ( أسرار الإعجاز ) ، فكان بحق سيعد آية في ذلك ، لولا أن عاجلته يد المنون ، بعد أن أتم بضعة فصول منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم ارحم الرافعي رحمة واسعة لأجل كل ما وضع في سبيلك من ذب عن كتابك .. واجمعنا به في جنتك مع نبيك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم .
أناشدكم الله إخوتي الدعاء لي مع دعائكم لصاحب الكتاب
--**-- والآن ، أترككم مع الكتاب --**--
تم الرفع على ثلاثة سيرفرات
http://www.albshara.com/imgcache/2/11401albshara.gif (http://hotfile.com/dl/13662213/9bad411/___2_-___.pdf.html)
أو
http://www.albshara.com/imgcache/2/11402albshara.gif (http://www.zshare.net/download/662350091bdd4f3b/)
أو
http://www.albshara.com/imgcache/2/11403albshara.gif (http://www.mediafire.com/?rnd1xxmh02y)