العائدة إلى الله
2009-10-13, 12:55 PM
يقترب القس البريطاني "مايكل برير" في كتابه الجديد من قضية غالبا ما هجرها الباحثون الغربيون، وهي التي تتعلق بتوظيف الدول الاستعمارية الغربية للكتاب المقدس عموما في تسويغ الاستيلاء على بلاد "الكفار" ونهب ثرواتها واستعباد سكانها.
وفي كتابه "الكتاب المقدس والاستعمار" يرى القس البريطاني أن بعض تأويلات الكتاب المقدس اكتسبت أبعادا عنصرية عندما تم توظيفها استعماريا في إبادة شعوب أخرى بامتداد تاريخي من أمريكا الجنوبية إلى فلسطين.
ويطالب القس برير الذي يرى أن ترحيل العرب الفلسطينيين عام 1948 صدر عن تفسير "ساذج" للكتاب المقدس، بإخضاع أي أفكار تدعو إلى تدمير البشر تحت ذرائع إلهية لتحليل أخلاقي.
ويؤكد الكاتب أن البحث اللاهوتي الغربي رغم تشدده في نقد أنظمة الحكم القمعية حول العالم "يترك مساحة كبيرة للصهيونية، في حين يجب رؤية الصراع الحديث من وجهة نظر الضحايا".
كما طالب القس في كتابه بضرورة قراءة الكتاب المقدس من وجهة نظر الكنعانيين في إطار ما وصفه "بالمصداقية الأخلاقية".
الإنقاذ وليس الهجوم
وأشار المؤلف إلى أنه لا يهدف إلى الهجوم على الكتاب المقدس أو اليهود أو المسيحيين بل يحاول إنقاذ الكتاب المقدس كنص مؤسس من استخدامه كأداة لقمع الشعوب واضطهادها.
وتساءل: "أليس الله إله محبة؟.. لماذا يجعلون منه قائدا لحملة تطهير عرقي ويصورونه كأنه يرتدي رداء عسكريا ويشن حرب إبادة ويكره الغرباء؟".
وقال برير: إن الكتاب المقدس يتمتع بسلطة فريدة لدى اليهود والمسيحيين؛ "فهو كلمة الله، إلا أنه يثير مشكلة أخلاقية أساسية بالنسبة لمن يقرؤه ظاهريا"، مشيرا إلى ملاحظة المؤرخ البريطاني "أرنولد توينبي" حين قال: إن استيلاء اليهود على فلسطين قبل نحو 60 عاما انطلق من "نفس الاعتقاد الذي دفع بني إسرائيل لإبادة الكنعانيين بأمر من الرب. وهو أيضا الذي دفع بالبريطانيين للاستيلاء على أمريكا الشمالية وأيرلندا الشمالية وأستراليا، ودفع الهولنديين للاستيلاء على جنوب إفريقيا، والصهاينة للاستيلاء على فلسطين".
قصة التأليف
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1188371127422&ssbinary=true إسرائيل دولة قامت بنشر الموت والدمار باستحضار تأويلات الكتاب المقدس
وروى برير قصته مع تأليف هذا الكتاب قائلا: قبل حرب يونيو حزيران 1967 لم يكن معنيا بإسرائيل رغم إعجابه بقدرة اليهود على إنشاء دولة وإحياء اللغة العبرية، لكنه بعد حرب أكتوبر تشرين الأول 1973 لم يشعر بحماس تجاه إسرائيل.
وقال برير: إنه اكتشف في مطلع الثمانينيات أن سياسة الدولة العبرية تهدف إلى "قيام إسرائيل الكبرى التي كانت الهدف النهائي للصهيونية. وبعد ذلك فهمت البعد الديني للصراع؛ حيث كان الصهاينة يربطون بشكل وثيق بين النشاط الاستعماري ونصوص الكتاب المقدس... تراث الكتاب المقدس بشأن الأرض يشجع على إبادة السكان الأصليين".
وأضاف أنه شارك عام 1991 في مسيرة دولية من أجل السلام من القدس إلى عمان لكنها لم تكتمل؛ إذ قبض عليه وأودع السجن مرتين، وبدأ يتعرف على تاريخ المنطقة، وعندما عاد إلى بريطانيا كتب دراسة عنوانها "الكتاب المقدس.. أداة قمع" بالتطبيق على ثلاثة نماذج لما اعتبره إبادة، وهي أمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا وفلسطين.
ثم بدأ عام 1995 في تأليف هذا الكتاب وانتهى منه خلال فترة إقامته كأستاذ في جامعة بيت لحم، وكأستاذ مقيم في المعهد المسكوني للاهوت في الطنطور بالقدس بين عامي 1996 و1997.
وقت مناسب
وقال ناشر الكتاب عادل المعلم في كلمة على الغلاف الأخير: إن كلمة الاستعمار ربما بدت من مصطلحات الماضي حين بسط الاستعمار الغربي نفوذه على كثير من دول الجنوب "قبل إرساء حق التدخل على طريقة المحافظين الجدد الليبرالية"، في إشارة إلى اليمين الحاكم في الولايات المتحدة الذي قاد عقب هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يأوي تنظيم القاعدة في أفغانستان. كما شن حربا على العراق، وأنهى حكم الرئيس السابق صدام حسين عام 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع تحت ذرائع ثبت عدم صدقها منها أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف المعلم أن ترجمة هذا الكتاب تأتي في الوقت المناسب، مشيرا إلى ما يتمتع به المؤلف من عقلانية "وما أملته عليه روحه الحرة في وقت نرى فيه الكثيرين يمجدون المجرم ويجرمون الضحية".
وكتب المترجم المصري أحمد الشيخ الذي راجع الكتاب في المقدمة أن المؤلف برير: "ليس مثل رجال الدين الآخرين، إنه يمثل بالفعل لحظة شجاعة نادرة لرجل دين فهم بحق معنى العمق الأخلاقي للنصوص المقدسة... نتوقع أن يكون هذا الكتاب الرائد فتحا جديدا في مجال فهم النصوص المقدسة وقراءتها وكذلك الواقع المتأثر بها".
بانوراما تاريخية
وسجل المؤلف صوت أحد الذين اعتبرهم ضحايا الاستعمار الذي أججته "الإمبريالية الدينية" ناقلا عن عالم اللاهوت الفلسطيني نعيم عتيق قوله: إنه منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 فسر بعض اليهود والمسيحيين العهد القديم "على أنه نص صهيوني بحت لدرجة أنه أصبح نصا بغيضا بالنسبة للفلسطينيين المسيحيين".
"والسؤال الأساسي الذي يتساءله الفلسطينيون هو: كيف يمكن النظر إلى العهد القديم على أنه كلمة الله من وجهة نظر فلسطيني مسيحي إذا أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي يستخدم بها الكتاب (المقدس) لتبرير السياسة الصهيونية؟".
واستعرض برير في بانوراما تاريخية الطريقة "الاستغلالية" لنصوص الكتاب المقدس في تبرير الغزو بداية من الاستعمار الأسباني والبرتغالي لأمريكا اللاتينية، مرورا باستعمار البيض لجنوب إفريقيا، وصولا إلى "غزو الصهاينة لفلسطين" بزعم أن هذه الأعمال التي وصفها بالوحشية مؤيدة إلهيا بل إنها أمر من الله.
وشدد على أن أية فكرة تزعم تعاون الله في تدمير البشر يجب أن تخضع لتحليل أخلاقي.
كما ويولي الكتاب أهمية استثنائية لمسائل لاهوتية نظرية ذات أهمية استثنائية، ومن ذلك ضرورة تقديم فهم جديد لقصص الخروج وفتوحات يشوع وما إلى ذلك من الروايات التي تحض على قتل الآخر وتسوغ -باسم الرب- استعباد البشر والقتل الجماعي.
بقي أن نقول إن الكتاب الذي ترجمته الجزائرية "وفاء بجاوي" صدر عن (مكتبة الشروق الدولية) في القاهرة، ويقع في 211 صفحة من القطع الكبير.
المصدر:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1179664457603
وفي كتابه "الكتاب المقدس والاستعمار" يرى القس البريطاني أن بعض تأويلات الكتاب المقدس اكتسبت أبعادا عنصرية عندما تم توظيفها استعماريا في إبادة شعوب أخرى بامتداد تاريخي من أمريكا الجنوبية إلى فلسطين.
ويطالب القس برير الذي يرى أن ترحيل العرب الفلسطينيين عام 1948 صدر عن تفسير "ساذج" للكتاب المقدس، بإخضاع أي أفكار تدعو إلى تدمير البشر تحت ذرائع إلهية لتحليل أخلاقي.
ويؤكد الكاتب أن البحث اللاهوتي الغربي رغم تشدده في نقد أنظمة الحكم القمعية حول العالم "يترك مساحة كبيرة للصهيونية، في حين يجب رؤية الصراع الحديث من وجهة نظر الضحايا".
كما طالب القس في كتابه بضرورة قراءة الكتاب المقدس من وجهة نظر الكنعانيين في إطار ما وصفه "بالمصداقية الأخلاقية".
الإنقاذ وليس الهجوم
وأشار المؤلف إلى أنه لا يهدف إلى الهجوم على الكتاب المقدس أو اليهود أو المسيحيين بل يحاول إنقاذ الكتاب المقدس كنص مؤسس من استخدامه كأداة لقمع الشعوب واضطهادها.
وتساءل: "أليس الله إله محبة؟.. لماذا يجعلون منه قائدا لحملة تطهير عرقي ويصورونه كأنه يرتدي رداء عسكريا ويشن حرب إبادة ويكره الغرباء؟".
وقال برير: إن الكتاب المقدس يتمتع بسلطة فريدة لدى اليهود والمسيحيين؛ "فهو كلمة الله، إلا أنه يثير مشكلة أخلاقية أساسية بالنسبة لمن يقرؤه ظاهريا"، مشيرا إلى ملاحظة المؤرخ البريطاني "أرنولد توينبي" حين قال: إن استيلاء اليهود على فلسطين قبل نحو 60 عاما انطلق من "نفس الاعتقاد الذي دفع بني إسرائيل لإبادة الكنعانيين بأمر من الرب. وهو أيضا الذي دفع بالبريطانيين للاستيلاء على أمريكا الشمالية وأيرلندا الشمالية وأستراليا، ودفع الهولنديين للاستيلاء على جنوب إفريقيا، والصهاينة للاستيلاء على فلسطين".
قصة التأليف
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1188371127422&ssbinary=true إسرائيل دولة قامت بنشر الموت والدمار باستحضار تأويلات الكتاب المقدس
وروى برير قصته مع تأليف هذا الكتاب قائلا: قبل حرب يونيو حزيران 1967 لم يكن معنيا بإسرائيل رغم إعجابه بقدرة اليهود على إنشاء دولة وإحياء اللغة العبرية، لكنه بعد حرب أكتوبر تشرين الأول 1973 لم يشعر بحماس تجاه إسرائيل.
وقال برير: إنه اكتشف في مطلع الثمانينيات أن سياسة الدولة العبرية تهدف إلى "قيام إسرائيل الكبرى التي كانت الهدف النهائي للصهيونية. وبعد ذلك فهمت البعد الديني للصراع؛ حيث كان الصهاينة يربطون بشكل وثيق بين النشاط الاستعماري ونصوص الكتاب المقدس... تراث الكتاب المقدس بشأن الأرض يشجع على إبادة السكان الأصليين".
وأضاف أنه شارك عام 1991 في مسيرة دولية من أجل السلام من القدس إلى عمان لكنها لم تكتمل؛ إذ قبض عليه وأودع السجن مرتين، وبدأ يتعرف على تاريخ المنطقة، وعندما عاد إلى بريطانيا كتب دراسة عنوانها "الكتاب المقدس.. أداة قمع" بالتطبيق على ثلاثة نماذج لما اعتبره إبادة، وهي أمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا وفلسطين.
ثم بدأ عام 1995 في تأليف هذا الكتاب وانتهى منه خلال فترة إقامته كأستاذ في جامعة بيت لحم، وكأستاذ مقيم في المعهد المسكوني للاهوت في الطنطور بالقدس بين عامي 1996 و1997.
وقت مناسب
وقال ناشر الكتاب عادل المعلم في كلمة على الغلاف الأخير: إن كلمة الاستعمار ربما بدت من مصطلحات الماضي حين بسط الاستعمار الغربي نفوذه على كثير من دول الجنوب "قبل إرساء حق التدخل على طريقة المحافظين الجدد الليبرالية"، في إشارة إلى اليمين الحاكم في الولايات المتحدة الذي قاد عقب هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يأوي تنظيم القاعدة في أفغانستان. كما شن حربا على العراق، وأنهى حكم الرئيس السابق صدام حسين عام 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع تحت ذرائع ثبت عدم صدقها منها أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف المعلم أن ترجمة هذا الكتاب تأتي في الوقت المناسب، مشيرا إلى ما يتمتع به المؤلف من عقلانية "وما أملته عليه روحه الحرة في وقت نرى فيه الكثيرين يمجدون المجرم ويجرمون الضحية".
وكتب المترجم المصري أحمد الشيخ الذي راجع الكتاب في المقدمة أن المؤلف برير: "ليس مثل رجال الدين الآخرين، إنه يمثل بالفعل لحظة شجاعة نادرة لرجل دين فهم بحق معنى العمق الأخلاقي للنصوص المقدسة... نتوقع أن يكون هذا الكتاب الرائد فتحا جديدا في مجال فهم النصوص المقدسة وقراءتها وكذلك الواقع المتأثر بها".
بانوراما تاريخية
وسجل المؤلف صوت أحد الذين اعتبرهم ضحايا الاستعمار الذي أججته "الإمبريالية الدينية" ناقلا عن عالم اللاهوت الفلسطيني نعيم عتيق قوله: إنه منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 فسر بعض اليهود والمسيحيين العهد القديم "على أنه نص صهيوني بحت لدرجة أنه أصبح نصا بغيضا بالنسبة للفلسطينيين المسيحيين".
"والسؤال الأساسي الذي يتساءله الفلسطينيون هو: كيف يمكن النظر إلى العهد القديم على أنه كلمة الله من وجهة نظر فلسطيني مسيحي إذا أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي يستخدم بها الكتاب (المقدس) لتبرير السياسة الصهيونية؟".
واستعرض برير في بانوراما تاريخية الطريقة "الاستغلالية" لنصوص الكتاب المقدس في تبرير الغزو بداية من الاستعمار الأسباني والبرتغالي لأمريكا اللاتينية، مرورا باستعمار البيض لجنوب إفريقيا، وصولا إلى "غزو الصهاينة لفلسطين" بزعم أن هذه الأعمال التي وصفها بالوحشية مؤيدة إلهيا بل إنها أمر من الله.
وشدد على أن أية فكرة تزعم تعاون الله في تدمير البشر يجب أن تخضع لتحليل أخلاقي.
كما ويولي الكتاب أهمية استثنائية لمسائل لاهوتية نظرية ذات أهمية استثنائية، ومن ذلك ضرورة تقديم فهم جديد لقصص الخروج وفتوحات يشوع وما إلى ذلك من الروايات التي تحض على قتل الآخر وتسوغ -باسم الرب- استعباد البشر والقتل الجماعي.
بقي أن نقول إن الكتاب الذي ترجمته الجزائرية "وفاء بجاوي" صدر عن (مكتبة الشروق الدولية) في القاهرة، ويقع في 211 صفحة من القطع الكبير.
المصدر:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1179664457603