جزائري مسلم
2009-10-15, 10:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد وصلتَ متأخِّرا يا كولومبوس
اشتهر علميا أن مكتشف الامريكتين هو كريستوفر كولمبس ، إلاَّ أننا يجب أن نتوقف قليلا ً لنجيب عن سؤال هام وهو:
من هم سكان هاتين القارتين الذين انعزلو عن العالم طيلة قرون عديدة ؟؟
ومن أين جاءوا ؟؟؟
1ـ هجرات قديمة :
بين 35 ألف سنة الى 15 ألف سنة فبل الميلاد: بدأت هجرات مصدرها آسيا،عبر مضيق (بيرنك) حيث بدأ يتجمع أول شعب سكن هذة البلاد من الآسكا فى اتجاه الاراضى الحارة واستقر معطمهم في المكسيك .
2ـ حضارة الإنكا (Inca):
امبراطورية الإنكا هي إمبراطورية قديمة بنتها شعوب هندية في منطقة جنوب غرب أمريكا، و لا يعلم بالضبط متى قامت هذه الحضارة و لكنها بلا شك حضارة ضاربة في القدم .
وتشمل أرض الأنكا بوليفيا والبيرو والاكوادور وجزءاً من تشيلي والأرجنتين قاموا ببناء عاصمتهم كاسكو وهي مدينة مترفة ومليئة بالمعابد والقصور تقع على ارتفاع 11000 قدم فوق مستوى سطح البحر في جبال الانديز وقد أطلق عليها اسم مدينة الشمس المقدسة, تبلغ مساحتها 990000 كيلومتر مربع.
و كان بناء تلك المدينة "كاسكو" في حوالي سنة 1100 م على جبال الأنديز ، واستمرت حتى الغزو الأسباني عام 1532 م ، فبعد قرون من الرخاء انقسمت إمبراطوري الإنكا إلى قسمين ، عند ذلك قام الأسبان بغزوهم ودمروا الإمبراطورية .
من مظاهر رقي حضارة الإنكا :ـ
لقد تركت حضارة شعوب الأنكا بصمة عجيبة ومحيرة تلفها الأساطير التي تقول أنهم أتوا من الفضاء الخارجي لروعة الإرث الذي تركوه.
ـ توصل شعب الأنكا إلى بناء دولة تتسم بنظم حضارية شديدة التعقيد ، و ذلك للوصول إلى نوع من العدالة الاجتماعية ، فقد وضعت الحكومة يدها على الأرض لضمان قوت الشعب، والذهب والفضة ومعادن أخرى وقطعان الماشية وبخاصة حيوان اللاما الذي يقوم بدور المواصلات. وكانت العائلة المقياس الرئيسي في التقسيمات الحكومية، فلكل مجموعة من عشرة عائلات قائد مسؤول أمام الكابتن الذي يشرف على خمسين عائلة والذي يشارك في الحكم, ولكل عائلة مقدار معين من محصول الأرض، كما كانوا يحيكون ملابسهم ويصنعون أحذيتهم ويسبكون الذهب والفضة بأنفسهم, وكان العجزة والمرضى والفقراء يلقون رعاية كافية من المجتمع.
ـ كان لشعب الأنكا خبرة كبيرة في الزراعة حيث كانوا ينتجون محاصيل ممتازة ويشقون السواقي ليجلبوا الماء من المناطق الجبلية لسقاية حقولهم وقد بنوا جسورا مصنوعة من أغصان الكرمة والصفصاف مجدولة بالحبال.
ـ أتقن الإنكيون نسج القطن الناعم بمهارة حتى أن الأسبان عندما غزوهم اعتقدوا بأن نسيجهم مصنوع من الحرير .
3ـ حضارة المـايا :
ـ في شمال جواتيمالا وأجزاء من المكسيك .حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق هي موطن شعب هنود المايا ، حيث قامت حضارة شعب المايا ، ـ و قد تطورت حضارة المايا ببطء خلال سنة 2000ق.م. وسنة 300 م .
ـ ويطلق على هذه الفترة ـأي: من سنة 2000ق.م. وسنة 300 م في حضارة شعب المايا ـ حضارة "ما قبل التقليدية". ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك . وكان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه الفلاحة ، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م و لكنها أفلت في ذلك الوقت بصورة سريعة بسبب الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات ولاسيما في المدن الجنوبية .
. وفي سنة 1000ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة للمايا . وكانت أقوي مما كانت عليه قديما .حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت .
وفي سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان ، و بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م..
في القرن الثامن والتاسع الميلادي ، بدأت حضارة المايا الكلاسيكية بالإنحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية، فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف ، هي ما يعتقد بأنه سبب إنحدارها. وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب ، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية .
ـ كماكان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببا في تدمير هذه الحضارة العريقة .، و قد بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في حدود 1520 . وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت ، وآخر ممالك المايا ، مملكة إتزا ، لم تخضع للإسبان حتى عام 1697.
من مظاهر رقي حضارة المايا :
ـ تميزت إمبراطورية المايا القديمة بمبانيها العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة و كما إشتهرت بمدنها الكبيرة ككولان في هندوراس . وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار . وكانت شوارعها ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية .
ـ كما عرق الماياويون تقنيات زراعية و صناعية متطورة ، و كانت حضارة شعب المايا ـ بلا شك ـ أكثر تطورا من أوربا في ذلك الوقت ، و في المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان
ـ اشتهرت المدن الماياوية ببناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق المستنقعات . وكانوا يبطنون ويمحرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر الجير الأحمر. وكان النحاتون ينقشون علي الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام وحروبهم وإنتصاراتهم فيها .
ـ كان هناك نظام حكمي منظم للماياويين فقد كان يطلق على الملوك لقب كولاهو k’ul ahau ومعناه الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان كان له السلطة السياسية والدينية ، وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.
ـ كانت التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل النقل والمواصلات. وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل والسيراميك وريش الطيورالإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف حشرات cochineal القرمزية
اللون ، والبخورمن راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء المدخنة والأسماك المجففة ، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات( كالفول ) الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء .ـ اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتى مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان .
ـ وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر على آثارٍ لهم من الذهب والفخار .
ـوعرفت حضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية ) كما عرفت التقويم عام 613ٌ.م. . والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم . وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس الدينية.
ـ كما عرفت حضارة المايا الحساب . وكان متطورا . فالوحدة نقطة والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال . وكانوا يتخذون اشكال الإنسان والحيوان كوحدات عددية .
ـ كما أشتهرت حضارة المايا بصناعة الفخار الذي كان علي هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة .
4ـ هجرات تاريخية متباعدة :ـ
ولكن من المؤكد تاريخيا الآن .. قيام هجرات آسيوية و أفريقية محدودة خلال فترات تاريخية متباعدة .
فقد وجدت هنالك مثلاً كتابات كنعانية يقول كاتبوها :
( نحن أبناء كنعان من صيدا مجينة الملك، ركبنا السفن للتجارة، فجاءت بنا الى هذا الساحل النائى من أرض الجبال، لقد ركبنا البحر فى البحر الأحمر ، وأبحرنا فى عشر سفن، ومكثنا فى البحر مدة سنتين ندور حول أرض حام أفريقية، الا أننا فرقنا على يد بعل بواسطة عاصفة فافترقنا عن أصدقائنا ، وهكذ وصلنا الى هنا 12 رجلا ً وثلاث نساء .
ـ و بالنسبة للفينيقيين "ملوك البحر" فقد سجَّل المؤرخ الاغريقى هيرودوت "الملقب بأبي التاريخ" في تاريخه مغامرةً عجيبة قام بها جماعة من الفينيقيين على متن عشر سفن تحت امرة أمير البحر كودمو مؤسس أثينا ومرافئ جزر قبرص وكريت "كريطا"، حيث هبت عليهم عاصفة بحرية فى الساحل الافريقى قبالة البرازيل ، وتشير الأخبار التى أوردها المؤرخ هيرودوت فى تاريخة الى مختلف البطولات والمآثر التى قام بها كودمو حيث قام فى مناسبتين بالدوران حول الأرض بعد أن عبر بحرين ونزل وأصحابة عدة مرات فى العديد من السواحل، وبطولات من هذا القبيل معروفة عن الفينيقيين خاصة فى البحار.
ـ و مما يؤيد ما ذكره هيرودوت أنه اكتشِف عام 1872 م في البرازيل ـ في ساحل باريبا ـ حجرة غريبة متناسقة بها مخطوطاتٌ فينيقية مكتوبة منذ قرابة 25 قرنا ، حيث اكتشفها أحد أبناء تلك المنطقة ، و في عام 1899م كانت المفاجأة الكبيرة عندما أعلن الباحث الآثرى ( الاركيبولوجى) الكبير سيروس جوردن أن الحجرة المكتشفة حقيقية و أصلية ، و وثيقة فينيقية من إضبارة العالم القديم في تاريخ العالم الجديد .
5ـ و بعد حجرة (بارايبا) تم العثور فى تواريخ غير بعيدة على دلائل أخرى تؤكد وجود الفينيقيين فى البرازيل ، ففى مصب نهر الأمازون تم اكتشاف أشكال خزفية عليها عدة رسوم فينيقية والتى يمكن للمرء أن يراها ويتأملها فى متحف (بويل دى بليم) فى البرازيل ، كما تم العثور على عدة معالم فى مناطق الغابات فى أدغال (ماطود جرسو ذات خصائص تشبه إلى حد بعيد البقايا والآثار التى اكتشفت فى تواحى صيدا.
6ـ يضاف إلى ذلك سلسلة من الافتراضات التى تشير إلى رحلات عبر القارات قامت بها شعوب أخرى مثل الفايكنج واليابانيين الذين يقال إنهم وصلوا إلى المكسيك عام 495 قبل الميلاد ، ولايف اريكسون الذى يقال إنه وصل إلى هذه الأرض الجديدة عام 1000 قبل الميلاد .
7ـ إلاَّ أن رحلة كولومبس باحثا عن الذهب الآسيوي ثم وصوله إلى شواطئ جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 كانت هي المنعطف الكبير في تاريخ تلك القارة ، بل و تاريخ العالم أجمع .
5 ـ الوجود الاسلامي في أمريكا :
أـ الشواهد من التراث الاسلامي:
1ـ ذكر المؤرخ المسعودي كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" المكتوب عام 956 ميلادية، أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود، عبر بحر الظلمات مع جماعة من أصحابه إلى أن وصل إلى الأرض وراء بحر الظلمات، ورجع سنة 889م،وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الأرض التي وصلها، ووصفهم، ولذلك لما رسم المسعودي خريطة للعالم، رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها: الأرض المجهولة بينما يسميها الإدريسي بالأرض الكبيرة أي إنه في القرن التاسع الميلادي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات.
بينما لا يزال الأوروبيون حتى في خرائطهم وكتبهم أمريكا بالهند الغربية "L’Inde Occidental. West India". ، بل كريستوف كولومب، والذي ذهب إلى تلك الأرض وعاد وعاش ومات، مات وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند، و لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة. ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي
2ـ كما سجل المؤرخ عمر بن القوطية رحلة ابن فروخ الأندلسي عام 999م، ومما يظهر من كلامه: أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا، غير أنه زار جزر كناريا "Canaries"، في المحيط الأطلسي، وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الأطلسي، ووصف أهالي كناريا ثم عاد إلى الأندلس.
3ـ وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت، وربما يعرفها جميعنا، وهي قصة الشريف الإدريسي الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي بين 1099-1180م، والذي كان من سبتة، شريفا حمّوديا إدريسيا، وكان هو العالم الجغرافي الذي اصطفاه "روجر"، الملك النورماندي لصقلية، الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين تجاه الإسلام، ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم.
ففي كتابه "الممالك والمسالك" جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم: جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة ، وكانت في يد المسلمين وقتها، وقطع هؤلاء المغامرون بحر الظلمات، ورجع بعضهم، وذكروا قصتهم وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها. والغريب في الأمر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون بالعربية هناك
وإذا كان أناس يتكلمون بالعربية هناك فهذا دليل على أن أناسا كثيرين وصلوا قبلهم إلى هناك، حتى تعلم أهلها العربية ليكونوا ترجمانا بينهم وبين الملوك المحليين، وعلى أنه كان هناك وجود إسلامي في ذلك التاريخ على تلك الأرض. الوصف الذي أعطاه هؤلاء المغامرون يظهر أنه وصف للجزر الكارابية، كوبا أو إسبانيولا، أو غيرهما من جزر البحر.
4ـ وكذلك فإن ياسين والد عبد الله بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين – قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل، وغينيا، ونشر فيها الإسلام. ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية. أي: إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال إفريقيا والأندلس والبرتغال فحسب، وإنما كانت أيضا فيما يسمى الآن شمال البرازيل وغينيا، وهذا موثق بالوثائق التي تملكها الدوقة المذكورة.
5ـ عام 1929م، اكتشفت خريطة للمحيط الأطلسي رسمها بيري محيي الدين رايس، الذي كان رئيس البحرية العثمانية في وقته، وذلك سنة 919 هـ/ أي: حوالي: 1510-1515م، الخريطة الموجودة الآن: الغريب فيها أنها تعطي خريطة شواطيء أمريكا بتفصيل متناه غير معروف في ذلك الوقت بالتأكيد، بل ليس الشواطيء فقط، بل أتى بأنهار وأماكن لم يكتشفها الأوروبيون إلا أعوام: 1540-1560م، فهذا يعني – وكما ذكر بيري رايس – بأن هذه الخريطة مبنية على حوالي تسعين خريطة له وللبحارين الأندلسيين والمغاربة الذين قدموا قبله، فسواء هو أو المسلمون قبله سيكونون عرفوا قطعا تلك المناطق، وعرفوا اسمها قبل الأوروبيين.
ومن ضمن المسائل في هذه الخريطة التي تدل على تقدمهم على الأوروبيين بكثير في معرفتهم بالقارة الأمريكية: أنهم أظهروا جزرا في المحيط الأطلسي لم يكن يعرفها الأوروبيون، بما فيها: جزر الرأس الأخضر "Cap Verde"، وماديرا، وجزر الأزور، وبما فيهم جزر كناريا بالتفصيل، التي كنا نسميها "جزر الخالدات". والغريب في الأمر أنه أظهر بالتفصيل جبال الأنتس التي هي جبال تشيلي غرب قارة جنوب أميركا، التي لم يصلها الأوروبيون إلا عام 1527م، وأظهر أنهارا في كولومبيا، ونهر الأمازون بالتفصيل، ومصبه الذيْن لم يكونا معروفين عند الأوروبيين ولا موجودين في خرائطهم. وأظهر نهر الأمازون بالتفصيل، بحيث رسم في مصب النهر المذكور بوضوح جزيرة يسمونها الآن "ماراجو"، وهي الآن موجودة في الخريطة الحالية التي ما وصلها الأوروبيون إلا آخر القرن السادس عشر.
6ـ من بعد ذلك هناك خريطة للحاج أحمد العثماني عام 1559م، وهي تدل كذلك على معرفة واضحة بالقارة الأميركية متفوقة على معرفة الأوروبيين. والحقيقة أن الرعب الكبير الذي كان للأوروبيين في القرن السادس عشر أن تحتل الدولة العثمانية أمريكا وتطردهم منها كان هاجسهم، ونذكر أنه في القرن السادس عشر كان الوجود الإسلامي ما يزال في إسبانيا، كان الموريسكيون مضطهدين محاربين، بيد أنهم كانوا ما يزالون مقاومين.
7ـ هناك خريطة للعالم يسميها الغربيون بخريطة الراهب العربي ، و هي التي اعتمد عليها كولومبوس ـ مع غيرها من الخرائط العربية ـ حيث طلب من أخيه بطليموس نسخها و اصطحبها معه في رحلته إلى العالم الجديد، و قد فام المؤرخ المعاصر فؤاد سزكين بدراسة تلك الخريطة في موسوعة علمية عن الخرائط العربية و دورها في الاكتشافات الجغرافية.
كما أن هناك كشف جغرافي آخر مهم جدا في خريطة الراهب العربي ـ التي هي خريطة عربية 100% ـ ، حيث يتمثل فيها الخط الذي كانت تسير عليه السفن العربية من رأس الرجاء الصالح ـ و الذي كان العرب المسلمون يطلقون عليه اسم "رأس الذئاب" في أقصى نقطة في جنوب أفريقيا ـ، حيث كانت سفنهم تبحر من هناك إلى أمريكا .
و في أسفل خريطة الراهب العربي توجد تعاليق كثيرة لذلك الراهب ، حيث يقول أنه في سنة 1420م أبحرت سفينتهم من الأوقيانوس الهندي مروراً برأس الذئاب .
و هناك عالم ألماني زار هذا الرأس في القرن الخامس عشر الميلادي وأثبت أنه هناك ذئاب في تلك الجزبرة ، و لذلك كان العرب يسمونها برأس الذئاب .
8ـ أما الأفارقة؛ فالذي يظهر أن أول من قطع البحر من مسلمي إفريقيا الغربية كانوا من مملكة مالي، لأن شهاب الدين العمري قال في كتاب "مسالك الأبصار وممالك الأمصار" بأن سلطان مالي من سموسة لما ذهب للحج عام 1327م، ذهب يوزع الذهب في طريقه لحد أن ثمن الذهب رخص في مصر بسبب ما وزعه من الذهب، وأخبر بأن سلفه أنشأ مائتي سفينة وقطع المحيط الأطلسي نحو الضفة الأخرى وأنابه عليه في حكم مالي ولم يعد قط. وبذلك بقي هو في الملك.
ب ـ شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا:
ـ أما شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا فكثيرة جدا
1ـ يقول "مييرا موس" في مقال في جريدة اسمها: "ديلي كلاريون"، "Daily Clarion"، في "بيليز"، وهي إحدى الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى، بتاريخ عام 1946م: "عندما اكتشف كريستوف كولومب الهند الغربية، أي: البحر الكاريبي، عام 1493م، وجد جنسا من البشر أبيض اللون، خشن الشعر، اسمهم: "الكاريب"، كانوا مزارعين، وصيادين في البحر، وكانوا شعبا موحدا ومسالما، يكرهون التعدي والعنف، وكان دينهم: الإسلام، ولغتهم: العربية!". هكذا قال.
و بالطبع تم القضاء على هذا الشعب المسلم ، و لم يبق منهم غير اسم تلك الجزر و التي لازالت تسمى ـ إلى هذا اليوم ـ جزر بالكاريبي، و كذلك اسم ذلك البحر الذي تقع فيه تلك الجزر "البحر الكاريبي" ليبقى هذان الاسمان دليلي إدانة خالدين للوحشية الغربية الهمجية .
أما الذين بقوا منهم – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – فهم: شعب "الكاليفونا"، وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى، ولا شك أن أصولهم إسلامية، لأن الكثير من العادات الإسلامية لا زالت فيهم.
2ـ و لما رسم الأوروبيون عام 1564م خريطة لأمريكا بعيد اكتشافها، ومنها خريطة لفلوريدا، وذلك ، ذكروا فيها مدنا ذات أسماء توجد في الأندلس والمغرب. ولكي تكون أسماء عربية هناك، فبالضروري كانت هجرة عربية قبل المائة أو المائتي عام على الأقل. مثلا: في الخارطة هناك مدينة ميارقة، وواضح أنها تحريف لميورقة، وهي جزيرة من الجزر الشرقية المسماة الآن بالبليار، ومدينة اسمها كاديكا، وهي تحريف لقادس الواقعة جنوب الأندلس. وأخرى اسمها "مارّاكو" تساوي: مراكش...إلخ.
3ـ وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها: فاس، مراكش، تلمسان، سلا...و لا يمكن أن تكون قد جاءت مع الرحالة الإسبان، فالخرائط البريطانية المبكرة تظهر وجود تلك الأسماء الأندلسية حتى قبل وصول الأسبان إليها .
4ـ كما أن ابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي أحد زعماء الولايات المتحدة، الذي هو سليل شعب الميلونجونس ، و الذين تبين أن أصولهم إسلامية من أندلسيي البرتغال و لدى تأمل صورته وصورة أفراد الميلونجونز ترى الشبه الكبير بينهم ، ، هاجروا من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ هرباً من محاكم التفتيش إلى البرازيل، فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش، فركبوا البواخر وهربوا إلى أمريكا الشمالية، قبل أن يصلها الإنجليز، واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر. غير أن الإنجليز لما عادوا عاملوهم معاملة الهنود الحمر، قتلا وإبادة، فهربوا إلى جبال الأبالاش.
واحد منهم اسمه: "بروند كينيدي"، "Brand Kennedy"، أخذ تمويلا من جامعة فرجينيا الغربية "West Virginia"، لدراسة أصول هؤلاء القبائل، ومن أين أتوا، لأنه واحد منهم. وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم - كما ذكرت - من المسلمين الأندلسيين
و لا يبعُد أن يكون لنكولن لدى قيامه بتحرير السود أنه كان بذلك ينتصر بشكل ما لشعبه المضطهد من الجنس الأوربي البيض .
5ـ في عام 2003كتبت لويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو كتابا باللغةالأسبانية أسمته "من إفريقيا إلى أمريكا" ، و المؤلفة سليلة إحدى أكبر العائلات الإسبانية ، إذ هي دوقة مدينة سيدونسا ، ، ولا زالت تعيش في قصرها قريبا من مدينة سان لوقا دو باراميدا قرب نهر الوادي الكبير في الأندلس، لأن أجدادها كانوا حكام إسبانيا وكانوا جنرالات في الجيش الإسباني، وكانوا حكام الأندلس وأميرالات البحرية الإسبانية.. والأهمية في كونها دوقة لمدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومبوس ، لذلك فالوثائق التي في ملكها تعتبر هامة جدا، و قد جمعت كثيرا من تلك الوثائق في كتابها المذكور.
6ـ و لا تزال تُكتشف كتابات عربية بعضها بالخط الكوفي في أمريكا الجنوبية ، فمن أوصلها إلى هناك؟. بل اكتشفوا في عدة أماكن كنوزا تحوي عملات ذهبية رومانية وأخرى إسلامية. وبعض تلك العملات الاسلامية يصل تاريخها إلى القرن الثامن الميلادي، أي أن ثمة باخرة إسلامية وصلت في القرن الثامن الميلادي إلى ذلك المحل وتركت ذهبها هناك.
7ـ و في لغة الهنود الحمر لا تزال هناك كلمات عربية وأمازيغية بكثرة، ولا يمكن أن تكون موجودة إلا بسبب وجود عربي أو أمازيغي قديم هناك، القرائن التاريخية التي جاءت في الكتب القديمة – العربية وغير العربية – والآثار الموجودة إلى الآن رغم المجهود الكبير الذي عمل عليه الإسبان، بعد كريستوف كولومب لمسح أي أثر للإسلام أو الوجود الإسلامي في القارة الأميريكية، وذلك طبعا لتحريف التاريخ.
8ـ ووُجدت كتابات في البيرو والبرازيل وجنوب الولايات المتحدة تدل على الوجود الإفريقي من كتابات إما بالحروف الإفريقية بلغة الماندينك؛ وهي لغة لشعب كله مسلم الآن، يسمونهم: "الفلان"، أو بحروف كوفية عربية. وكذلك تركت اللغة الماندينكية آثارا لها في الهنود الحمر إلى يومنا هذا.
أمَّا في ترينداد و توجو حيثُ يعي المسلمون هناك أصولهم الاسلامية التي تعود إلى ماقبل كولومبوس ، فالوجود الإسلامي هنالك له ثقل سياسي واقتصادي كبير، فمنهم الوزراء وأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء البرلمان.. كما أن السلطات هناك قد وافقت على اعتبار الأعياد والمناسبات الإسلامية إجازات رسمية للمسلمين مدفوعة الأجر.
وقد انتشر المانديك من البحر الكاريبي إلى شمال وجنوب الأمريكتين، وهناك قبائل هندية إلى يومنا هذا مازالت تكتب بحروف لغة الماندينك.
9ـ و الغريب أنا إذا رجعنا إلى كتابات المكتشفين الأوروبيين الأوائل بمن فيهم كريستوفر كولومبوس ؛ نجد بأنهم ذكروا الوجود الإسلامي في أميريكا.
فمثلا؛ في كتاب كتبه ليون فيرنيل عام 1920م، وكان أستاذا في جامعة هارفرد، اسم الكتاب "إفريقيا واكتشاف أمريكا"، "Africa and the discovery of America"، يقول فيه: "إن كريستوفر كولومبوس كان واعيا الوعي الكامل بالوجود الإسلامي في أمريكا"، وركَّز في براهينه على براهين زراعية ولغوية وثقافية، وقال بأن المانديك بصفة خاصة انتشروا في وسط وشمال أمريكا، وتزاوجوا مع قبيلتين من قبائل الهنود الحمر، وهما: "إيروكوا" و"الكونكير" في شمال أمريكا، وانتشروا - كما ذكر - في البحر الكاريبي جنوب أمريكا، وشمالا حتى وصلوا إلى جهات كندا.
10ـ بل وذكر كريستوف كولومب نفسه بأنه وجد أفارقة في أمريكا. وكان يظن بأنهم من السكان الأصليين، ولكن إذا تذكرنا أنه لا يوجد سكان أصليون زنوج في أمريكا. فلا بد من أن يكونوا قد قدموا من افريقيا في وقت مبكر .
11ـ و قد ذكر الكاتب الفرنسي "جيم كوفين" في كتابه "بربر أمريكا"، "Les Berberes d’Amerique"، بأنه كانت تسكن في أمريكا قبيلة اسمها "المامي"، "Almami"، وهي كلمة معروفة في إفريقيا الغربية معناها: "الإمام"، وهي تقال عن زعماء المسلمين، وذكر بأن أكثريتهم كانت في الهندوراس في أمريكا الوسطى، وذلك قبل كريستوف كولومب.
12ـ كذلك في كتاب "التاريخ القديم لاحتلال المكسيك"، "Historia Antigua de la conquesta de Mexico"، لمانويل إيروسكو إيبيرا، قال: "كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة، مستعمرات لشعوب سود جاؤوا من إفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية".
كما اكتشف الراهب فرانسسكو كارسيس، عام 1775م قبيلة من السود مختلطة مع الهنود الحمر في نيوميكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية "المكسيك الجديدة"، واكتشف تماثيل تظهر في الخريطة المرفقة تدل دلالة كاملة بأنها للسود
13ـ وزيادة على كل ما ذكر، هناك آثار للوجود الإفريقي الإسلامي في أمريكا، في شيئين هامين: تجارة الذهب الإفريقي، وتجارة القطن، قبل كولومبوس. ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت تعتمد على تجارة الذهب بشكل خاص ، و من السهل معرفة الذهب الإفريقي في أي مكان كان، لأنه يرتكز على التحليل التالي: لكل 32قسمة من الذهب يوجد 18 من الذهب، و6 من الفضة، و8 أقسام نحاس، وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي، وخاصة منذ القرن الثالث عشر، و قد وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا.
و بالنسبة لتجارة القطن ؛ فمن المعلوم أنه لم يكن هناك أي نوع من زراعة القطن في أمريكا، ، وتعجب كولومب نفسه في كتاباته حيث قال: "إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات". و لذلك فلا بد أن يكون قد جاء من إفريقيا الغربية.
14ـ في عام 1994م، كتب ا لباحث اللبناني الدكتور علي مروة ـ الذي يدرِّس في احدى جامعات نيويورك ـ بحثا بمناسبة مرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا المزعوم ، ، وهو في عشر صفحات بالإنجليزية. ومضمونه: أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا، إنما كان المسلمون قبله منذ القرن الثامن الميلادي، ومن ضمن هذه الإضافات التي ذكرها: نقول عن كتاب "مروج الذهب" للمسعودي، والتي تنص على علاقات بين المممالك الإسلامية في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته، بعض الآثار الإسلامية، وبعض المعالم الإسلامية التي شاهدها، ومن ذلك: أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد مسجدا مبنيا على تل من تلالها، ووصف ذلك المسجد. وهذا يدل على أنه حتى في كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة.
ومن المفيد في هذا البحث: أنه نقل عن حوالي ثلاثين مرجعا، وتلك المراجع أغلبها كتبت في أمريكا وفي أوروبا، أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها، أحدها مقال في بعض الجرائد الغربية يقول: "لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس". كما نص المقال على وجود جامعات إسلامية في أمريكا الشمالية قبل كولومب، وهذه المعلومة تجعلنا نتساءل: ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي أنتجته تلك الجامعات، وأين هو؟
و هناك بحث للدكتور علي الكتاني رحمه الله باسم : "الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب" مفيد جدا ، و قد استفدت كثيرا من بحثه رحمه الله ، و هو على هذا الرابط : www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987) - 306k -
ماذا تبقَّى من الوجود الاسلامي في أمريكا :
لا شك أن الشعوب المتغطرسة لا تزال على محو وجود الشعوب المستضعفة الأخرى، في محاولات متواصلة لطمس و تحريف تاريخ تلك الشعوب .
ولا شك أن العلاقات بين الشطر الغربي من العالم الاسلامي و بالذات المغرب والأندلس كانت متواصلة مع ما يسمى اليوم بأمريكا ، وحسب ما يقرره معظم العلماء الآن – سواء من الطرف الإسباني أو من الطرف الأميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل كريستوف كولومبوس كان الإسلام منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها، وأن أول عمل قام به الكونكيسادور "Conquistador" – الإسبان النصارى – هو متابعة هجومهم على الإسلام الذي كان في الأندلس، بالقضاء على الإسلام والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلامي في تلك القارة.
الغرب و حروب الإبادة :
إن من ابشع الإبادات العرقية ـ خلال تاريخ البشرية ـ هي تلك الإبادة التي تعرض لها الشعب الذي اطلق عليه اسم (الهنود الحمر) ، إبادة استهدفت وجود الشعب وثقافته وتاريخه ومستقبله.
وقد ظهر مؤخرا كتاب لراهب مسيحي كان مع الاسبان أثناء غزو اميركا الجنوبية ، و الذي تحركت فيه بعض احاسيس بشرية كانت قد ماتت عند جميع مرافقيه فحاول ثنيهم عما يعملون ولكنه فشل ولقي منهم كل عدوان ثم لجأ الى الملك والملكة وكذلك فقد فشل ولم يجد بداً من الكتابة لأجل الحقيقة .
يصف هذا الراهب عمليات الإبادة والقتل والحرق ورمي الاطفال على الصخور لتتناثر ادمغتهم امام امهاتهم بكل صلف ، كما يصف عمليات النهب والسلب لشعب بريء مسالم ، لم يعرف حتى ادوات الحرب التي توصل اليها هؤلاء .
في يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 م وصل كولومبس باحثاً عن الذهب في اسيا فوصل الى شواطئ جزر الباهاما ، حيث قابلهم الهنود الحمر من قبيلة أراواك بكل ترحاب ، أولئك الهنود الذين لم يكونوا يختلفون "عن أي هنود اخرين في العالم الجديد فكلهم معروفون بالكرم والترحيب بمشاركة الاخرين لهم في مراعيهم ، و كذلك في ممتلكاتهم المحدودة " و هذه طبيعة الشعوب المتنقلة ، حيث لا تجفل من الغريب ، نظرا لكونها لا تملك أي مدن أو ممالك تخشى عليها من خطر الاحتلال ، بينما كانت المراعي و الثروات الطبيعية تكفي الجميع .
أبحر كولومبس بعد ذلك الى كوبا ثم الى هيسبانيولا وهي الجزيرة التي تشمل اليوم كلا من هايتي وجمهورية الدومنيكان ثم كتب تقريرا الى ممولي رحلته ملك وملكة اسبانيا قائلا ان "الرب الخالد يمنح النصر للذين يسلكون طريقه مهما كانت الصعاب" .
ثم بدأت إبادة السكان الاصليين حيث كان يتم الرجال و الاطفال كعبيد ولتلبية الحاجة للايدي العاملة ، و كلك اختطاف النساء كوسيلة لتحقيق المتعة الجنسية،ة و لقد كانت هايتي قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون "للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة... وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد."
وأشار المؤرخ الامريكي هوارد زن الى أنه "خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين" بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود "وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية ... هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية)."
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه "كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود... كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
"لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم... تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين."
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب "الفظائع" ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن "النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا... وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة."
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه "قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي... بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر."
وانتهى المؤلف الى أن "كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا."
وأضاف أن هايتي كانت قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون "للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة... وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد."
وأشار زن الى أنه "خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين" بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود "وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية ... هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية)."
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه "كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود... كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
"لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم... تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين."
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب "الفظائع" ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن "النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا... وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة."
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه "قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي... بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر."
وانتهى المؤلف الى أن "كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا."
فبعد 500 سنة من الاكتشاف الرسمى لم يتبق من اهل البلاد الاصليين سوى 200 ألف فى البرازيل، 140 ألف فى حماية التونا( جماعة تشى جيفارا)، 150 ألف هندى فى الولايات المتحدة ، 500 الف فى كندا يعيشون فى الاقامات الجبرية. 150 ألف فى كولومبيا، 250 ألف فى الاكوادور، 600 الف فى جواتيمالا، 800 ألف فى المكسيك ، وعشرة ملايين فى البيرو
بينما تذكر المصادر المتحفظة عن الوجود الهندي عند اكتشاف الامريكتين أنه:
ـ كان يوجد 100 مليون هندى يتكلمون 200 لغة.
ـ ويقدر عدد الأنكا منهم بحوالى 12 مليونا ً اضافة الى 25 مليون نسمة يعيشون فى محيطالمكسيك، وحوالى 6 ملايين هندى فى البرازيل ..
لقد ظلت أجيال الهنود الحمر تردد عبارة شهيرة تقول :( الهندى الجيد هو الهندى الميت) .
تلك صورة نتوقف عندها قليلا ًَ وهى صورة تمثل العالم الجديد قبل وبعد الاكتشاف الرسمى الذى يمثل بداية لمجموعة كبيرة من المجازر الدموية التى لم يشهد لها العالم مثيلا من ذى قبل، وأبرز ما فى هذة المجازر هو خيانة العهود والغدر بالسكان الاصليين ..
نقلته لكم من ملتقى اهل الحديث
لقد وصلتَ متأخِّرا يا كولومبوس
اشتهر علميا أن مكتشف الامريكتين هو كريستوفر كولمبس ، إلاَّ أننا يجب أن نتوقف قليلا ً لنجيب عن سؤال هام وهو:
من هم سكان هاتين القارتين الذين انعزلو عن العالم طيلة قرون عديدة ؟؟
ومن أين جاءوا ؟؟؟
1ـ هجرات قديمة :
بين 35 ألف سنة الى 15 ألف سنة فبل الميلاد: بدأت هجرات مصدرها آسيا،عبر مضيق (بيرنك) حيث بدأ يتجمع أول شعب سكن هذة البلاد من الآسكا فى اتجاه الاراضى الحارة واستقر معطمهم في المكسيك .
2ـ حضارة الإنكا (Inca):
امبراطورية الإنكا هي إمبراطورية قديمة بنتها شعوب هندية في منطقة جنوب غرب أمريكا، و لا يعلم بالضبط متى قامت هذه الحضارة و لكنها بلا شك حضارة ضاربة في القدم .
وتشمل أرض الأنكا بوليفيا والبيرو والاكوادور وجزءاً من تشيلي والأرجنتين قاموا ببناء عاصمتهم كاسكو وهي مدينة مترفة ومليئة بالمعابد والقصور تقع على ارتفاع 11000 قدم فوق مستوى سطح البحر في جبال الانديز وقد أطلق عليها اسم مدينة الشمس المقدسة, تبلغ مساحتها 990000 كيلومتر مربع.
و كان بناء تلك المدينة "كاسكو" في حوالي سنة 1100 م على جبال الأنديز ، واستمرت حتى الغزو الأسباني عام 1532 م ، فبعد قرون من الرخاء انقسمت إمبراطوري الإنكا إلى قسمين ، عند ذلك قام الأسبان بغزوهم ودمروا الإمبراطورية .
من مظاهر رقي حضارة الإنكا :ـ
لقد تركت حضارة شعوب الأنكا بصمة عجيبة ومحيرة تلفها الأساطير التي تقول أنهم أتوا من الفضاء الخارجي لروعة الإرث الذي تركوه.
ـ توصل شعب الأنكا إلى بناء دولة تتسم بنظم حضارية شديدة التعقيد ، و ذلك للوصول إلى نوع من العدالة الاجتماعية ، فقد وضعت الحكومة يدها على الأرض لضمان قوت الشعب، والذهب والفضة ومعادن أخرى وقطعان الماشية وبخاصة حيوان اللاما الذي يقوم بدور المواصلات. وكانت العائلة المقياس الرئيسي في التقسيمات الحكومية، فلكل مجموعة من عشرة عائلات قائد مسؤول أمام الكابتن الذي يشرف على خمسين عائلة والذي يشارك في الحكم, ولكل عائلة مقدار معين من محصول الأرض، كما كانوا يحيكون ملابسهم ويصنعون أحذيتهم ويسبكون الذهب والفضة بأنفسهم, وكان العجزة والمرضى والفقراء يلقون رعاية كافية من المجتمع.
ـ كان لشعب الأنكا خبرة كبيرة في الزراعة حيث كانوا ينتجون محاصيل ممتازة ويشقون السواقي ليجلبوا الماء من المناطق الجبلية لسقاية حقولهم وقد بنوا جسورا مصنوعة من أغصان الكرمة والصفصاف مجدولة بالحبال.
ـ أتقن الإنكيون نسج القطن الناعم بمهارة حتى أن الأسبان عندما غزوهم اعتقدوا بأن نسيجهم مصنوع من الحرير .
3ـ حضارة المـايا :
ـ في شمال جواتيمالا وأجزاء من المكسيك .حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق هي موطن شعب هنود المايا ، حيث قامت حضارة شعب المايا ، ـ و قد تطورت حضارة المايا ببطء خلال سنة 2000ق.م. وسنة 300 م .
ـ ويطلق على هذه الفترة ـأي: من سنة 2000ق.م. وسنة 300 م في حضارة شعب المايا ـ حضارة "ما قبل التقليدية". ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك . وكان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه الفلاحة ، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م و لكنها أفلت في ذلك الوقت بصورة سريعة بسبب الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات ولاسيما في المدن الجنوبية .
. وفي سنة 1000ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة للمايا . وكانت أقوي مما كانت عليه قديما .حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت .
وفي سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان ، و بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م..
في القرن الثامن والتاسع الميلادي ، بدأت حضارة المايا الكلاسيكية بالإنحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية، فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف ، هي ما يعتقد بأنه سبب إنحدارها. وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب ، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية .
ـ كماكان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببا في تدمير هذه الحضارة العريقة .، و قد بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في حدود 1520 . وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت ، وآخر ممالك المايا ، مملكة إتزا ، لم تخضع للإسبان حتى عام 1697.
من مظاهر رقي حضارة المايا :
ـ تميزت إمبراطورية المايا القديمة بمبانيها العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة و كما إشتهرت بمدنها الكبيرة ككولان في هندوراس . وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار . وكانت شوارعها ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية .
ـ كما عرق الماياويون تقنيات زراعية و صناعية متطورة ، و كانت حضارة شعب المايا ـ بلا شك ـ أكثر تطورا من أوربا في ذلك الوقت ، و في المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان
ـ اشتهرت المدن الماياوية ببناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق المستنقعات . وكانوا يبطنون ويمحرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر الجير الأحمر. وكان النحاتون ينقشون علي الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام وحروبهم وإنتصاراتهم فيها .
ـ كان هناك نظام حكمي منظم للماياويين فقد كان يطلق على الملوك لقب كولاهو k’ul ahau ومعناه الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان كان له السلطة السياسية والدينية ، وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.
ـ كانت التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل النقل والمواصلات. وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل والسيراميك وريش الطيورالإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف حشرات cochineal القرمزية
اللون ، والبخورمن راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء المدخنة والأسماك المجففة ، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات( كالفول ) الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء .ـ اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتى مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان .
ـ وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر على آثارٍ لهم من الذهب والفخار .
ـوعرفت حضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية ) كما عرفت التقويم عام 613ٌ.م. . والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم . وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس الدينية.
ـ كما عرفت حضارة المايا الحساب . وكان متطورا . فالوحدة نقطة والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال . وكانوا يتخذون اشكال الإنسان والحيوان كوحدات عددية .
ـ كما أشتهرت حضارة المايا بصناعة الفخار الذي كان علي هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة .
4ـ هجرات تاريخية متباعدة :ـ
ولكن من المؤكد تاريخيا الآن .. قيام هجرات آسيوية و أفريقية محدودة خلال فترات تاريخية متباعدة .
فقد وجدت هنالك مثلاً كتابات كنعانية يقول كاتبوها :
( نحن أبناء كنعان من صيدا مجينة الملك، ركبنا السفن للتجارة، فجاءت بنا الى هذا الساحل النائى من أرض الجبال، لقد ركبنا البحر فى البحر الأحمر ، وأبحرنا فى عشر سفن، ومكثنا فى البحر مدة سنتين ندور حول أرض حام أفريقية، الا أننا فرقنا على يد بعل بواسطة عاصفة فافترقنا عن أصدقائنا ، وهكذ وصلنا الى هنا 12 رجلا ً وثلاث نساء .
ـ و بالنسبة للفينيقيين "ملوك البحر" فقد سجَّل المؤرخ الاغريقى هيرودوت "الملقب بأبي التاريخ" في تاريخه مغامرةً عجيبة قام بها جماعة من الفينيقيين على متن عشر سفن تحت امرة أمير البحر كودمو مؤسس أثينا ومرافئ جزر قبرص وكريت "كريطا"، حيث هبت عليهم عاصفة بحرية فى الساحل الافريقى قبالة البرازيل ، وتشير الأخبار التى أوردها المؤرخ هيرودوت فى تاريخة الى مختلف البطولات والمآثر التى قام بها كودمو حيث قام فى مناسبتين بالدوران حول الأرض بعد أن عبر بحرين ونزل وأصحابة عدة مرات فى العديد من السواحل، وبطولات من هذا القبيل معروفة عن الفينيقيين خاصة فى البحار.
ـ و مما يؤيد ما ذكره هيرودوت أنه اكتشِف عام 1872 م في البرازيل ـ في ساحل باريبا ـ حجرة غريبة متناسقة بها مخطوطاتٌ فينيقية مكتوبة منذ قرابة 25 قرنا ، حيث اكتشفها أحد أبناء تلك المنطقة ، و في عام 1899م كانت المفاجأة الكبيرة عندما أعلن الباحث الآثرى ( الاركيبولوجى) الكبير سيروس جوردن أن الحجرة المكتشفة حقيقية و أصلية ، و وثيقة فينيقية من إضبارة العالم القديم في تاريخ العالم الجديد .
5ـ و بعد حجرة (بارايبا) تم العثور فى تواريخ غير بعيدة على دلائل أخرى تؤكد وجود الفينيقيين فى البرازيل ، ففى مصب نهر الأمازون تم اكتشاف أشكال خزفية عليها عدة رسوم فينيقية والتى يمكن للمرء أن يراها ويتأملها فى متحف (بويل دى بليم) فى البرازيل ، كما تم العثور على عدة معالم فى مناطق الغابات فى أدغال (ماطود جرسو ذات خصائص تشبه إلى حد بعيد البقايا والآثار التى اكتشفت فى تواحى صيدا.
6ـ يضاف إلى ذلك سلسلة من الافتراضات التى تشير إلى رحلات عبر القارات قامت بها شعوب أخرى مثل الفايكنج واليابانيين الذين يقال إنهم وصلوا إلى المكسيك عام 495 قبل الميلاد ، ولايف اريكسون الذى يقال إنه وصل إلى هذه الأرض الجديدة عام 1000 قبل الميلاد .
7ـ إلاَّ أن رحلة كولومبس باحثا عن الذهب الآسيوي ثم وصوله إلى شواطئ جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 كانت هي المنعطف الكبير في تاريخ تلك القارة ، بل و تاريخ العالم أجمع .
5 ـ الوجود الاسلامي في أمريكا :
أـ الشواهد من التراث الاسلامي:
1ـ ذكر المؤرخ المسعودي كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" المكتوب عام 956 ميلادية، أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود، عبر بحر الظلمات مع جماعة من أصحابه إلى أن وصل إلى الأرض وراء بحر الظلمات، ورجع سنة 889م،وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الأرض التي وصلها، ووصفهم، ولذلك لما رسم المسعودي خريطة للعالم، رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها: الأرض المجهولة بينما يسميها الإدريسي بالأرض الكبيرة أي إنه في القرن التاسع الميلادي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات.
بينما لا يزال الأوروبيون حتى في خرائطهم وكتبهم أمريكا بالهند الغربية "L’Inde Occidental. West India". ، بل كريستوف كولومب، والذي ذهب إلى تلك الأرض وعاد وعاش ومات، مات وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند، و لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة. ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي
2ـ كما سجل المؤرخ عمر بن القوطية رحلة ابن فروخ الأندلسي عام 999م، ومما يظهر من كلامه: أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا، غير أنه زار جزر كناريا "Canaries"، في المحيط الأطلسي، وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الأطلسي، ووصف أهالي كناريا ثم عاد إلى الأندلس.
3ـ وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت، وربما يعرفها جميعنا، وهي قصة الشريف الإدريسي الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي بين 1099-1180م، والذي كان من سبتة، شريفا حمّوديا إدريسيا، وكان هو العالم الجغرافي الذي اصطفاه "روجر"، الملك النورماندي لصقلية، الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين تجاه الإسلام، ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم.
ففي كتابه "الممالك والمسالك" جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم: جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة ، وكانت في يد المسلمين وقتها، وقطع هؤلاء المغامرون بحر الظلمات، ورجع بعضهم، وذكروا قصتهم وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها. والغريب في الأمر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون بالعربية هناك
وإذا كان أناس يتكلمون بالعربية هناك فهذا دليل على أن أناسا كثيرين وصلوا قبلهم إلى هناك، حتى تعلم أهلها العربية ليكونوا ترجمانا بينهم وبين الملوك المحليين، وعلى أنه كان هناك وجود إسلامي في ذلك التاريخ على تلك الأرض. الوصف الذي أعطاه هؤلاء المغامرون يظهر أنه وصف للجزر الكارابية، كوبا أو إسبانيولا، أو غيرهما من جزر البحر.
4ـ وكذلك فإن ياسين والد عبد الله بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين – قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل، وغينيا، ونشر فيها الإسلام. ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية. أي: إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال إفريقيا والأندلس والبرتغال فحسب، وإنما كانت أيضا فيما يسمى الآن شمال البرازيل وغينيا، وهذا موثق بالوثائق التي تملكها الدوقة المذكورة.
5ـ عام 1929م، اكتشفت خريطة للمحيط الأطلسي رسمها بيري محيي الدين رايس، الذي كان رئيس البحرية العثمانية في وقته، وذلك سنة 919 هـ/ أي: حوالي: 1510-1515م، الخريطة الموجودة الآن: الغريب فيها أنها تعطي خريطة شواطيء أمريكا بتفصيل متناه غير معروف في ذلك الوقت بالتأكيد، بل ليس الشواطيء فقط، بل أتى بأنهار وأماكن لم يكتشفها الأوروبيون إلا أعوام: 1540-1560م، فهذا يعني – وكما ذكر بيري رايس – بأن هذه الخريطة مبنية على حوالي تسعين خريطة له وللبحارين الأندلسيين والمغاربة الذين قدموا قبله، فسواء هو أو المسلمون قبله سيكونون عرفوا قطعا تلك المناطق، وعرفوا اسمها قبل الأوروبيين.
ومن ضمن المسائل في هذه الخريطة التي تدل على تقدمهم على الأوروبيين بكثير في معرفتهم بالقارة الأمريكية: أنهم أظهروا جزرا في المحيط الأطلسي لم يكن يعرفها الأوروبيون، بما فيها: جزر الرأس الأخضر "Cap Verde"، وماديرا، وجزر الأزور، وبما فيهم جزر كناريا بالتفصيل، التي كنا نسميها "جزر الخالدات". والغريب في الأمر أنه أظهر بالتفصيل جبال الأنتس التي هي جبال تشيلي غرب قارة جنوب أميركا، التي لم يصلها الأوروبيون إلا عام 1527م، وأظهر أنهارا في كولومبيا، ونهر الأمازون بالتفصيل، ومصبه الذيْن لم يكونا معروفين عند الأوروبيين ولا موجودين في خرائطهم. وأظهر نهر الأمازون بالتفصيل، بحيث رسم في مصب النهر المذكور بوضوح جزيرة يسمونها الآن "ماراجو"، وهي الآن موجودة في الخريطة الحالية التي ما وصلها الأوروبيون إلا آخر القرن السادس عشر.
6ـ من بعد ذلك هناك خريطة للحاج أحمد العثماني عام 1559م، وهي تدل كذلك على معرفة واضحة بالقارة الأميركية متفوقة على معرفة الأوروبيين. والحقيقة أن الرعب الكبير الذي كان للأوروبيين في القرن السادس عشر أن تحتل الدولة العثمانية أمريكا وتطردهم منها كان هاجسهم، ونذكر أنه في القرن السادس عشر كان الوجود الإسلامي ما يزال في إسبانيا، كان الموريسكيون مضطهدين محاربين، بيد أنهم كانوا ما يزالون مقاومين.
7ـ هناك خريطة للعالم يسميها الغربيون بخريطة الراهب العربي ، و هي التي اعتمد عليها كولومبوس ـ مع غيرها من الخرائط العربية ـ حيث طلب من أخيه بطليموس نسخها و اصطحبها معه في رحلته إلى العالم الجديد، و قد فام المؤرخ المعاصر فؤاد سزكين بدراسة تلك الخريطة في موسوعة علمية عن الخرائط العربية و دورها في الاكتشافات الجغرافية.
كما أن هناك كشف جغرافي آخر مهم جدا في خريطة الراهب العربي ـ التي هي خريطة عربية 100% ـ ، حيث يتمثل فيها الخط الذي كانت تسير عليه السفن العربية من رأس الرجاء الصالح ـ و الذي كان العرب المسلمون يطلقون عليه اسم "رأس الذئاب" في أقصى نقطة في جنوب أفريقيا ـ، حيث كانت سفنهم تبحر من هناك إلى أمريكا .
و في أسفل خريطة الراهب العربي توجد تعاليق كثيرة لذلك الراهب ، حيث يقول أنه في سنة 1420م أبحرت سفينتهم من الأوقيانوس الهندي مروراً برأس الذئاب .
و هناك عالم ألماني زار هذا الرأس في القرن الخامس عشر الميلادي وأثبت أنه هناك ذئاب في تلك الجزبرة ، و لذلك كان العرب يسمونها برأس الذئاب .
8ـ أما الأفارقة؛ فالذي يظهر أن أول من قطع البحر من مسلمي إفريقيا الغربية كانوا من مملكة مالي، لأن شهاب الدين العمري قال في كتاب "مسالك الأبصار وممالك الأمصار" بأن سلطان مالي من سموسة لما ذهب للحج عام 1327م، ذهب يوزع الذهب في طريقه لحد أن ثمن الذهب رخص في مصر بسبب ما وزعه من الذهب، وأخبر بأن سلفه أنشأ مائتي سفينة وقطع المحيط الأطلسي نحو الضفة الأخرى وأنابه عليه في حكم مالي ولم يعد قط. وبذلك بقي هو في الملك.
ب ـ شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا:
ـ أما شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا فكثيرة جدا
1ـ يقول "مييرا موس" في مقال في جريدة اسمها: "ديلي كلاريون"، "Daily Clarion"، في "بيليز"، وهي إحدى الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى، بتاريخ عام 1946م: "عندما اكتشف كريستوف كولومب الهند الغربية، أي: البحر الكاريبي، عام 1493م، وجد جنسا من البشر أبيض اللون، خشن الشعر، اسمهم: "الكاريب"، كانوا مزارعين، وصيادين في البحر، وكانوا شعبا موحدا ومسالما، يكرهون التعدي والعنف، وكان دينهم: الإسلام، ولغتهم: العربية!". هكذا قال.
و بالطبع تم القضاء على هذا الشعب المسلم ، و لم يبق منهم غير اسم تلك الجزر و التي لازالت تسمى ـ إلى هذا اليوم ـ جزر بالكاريبي، و كذلك اسم ذلك البحر الذي تقع فيه تلك الجزر "البحر الكاريبي" ليبقى هذان الاسمان دليلي إدانة خالدين للوحشية الغربية الهمجية .
أما الذين بقوا منهم – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – فهم: شعب "الكاليفونا"، وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى، ولا شك أن أصولهم إسلامية، لأن الكثير من العادات الإسلامية لا زالت فيهم.
2ـ و لما رسم الأوروبيون عام 1564م خريطة لأمريكا بعيد اكتشافها، ومنها خريطة لفلوريدا، وذلك ، ذكروا فيها مدنا ذات أسماء توجد في الأندلس والمغرب. ولكي تكون أسماء عربية هناك، فبالضروري كانت هجرة عربية قبل المائة أو المائتي عام على الأقل. مثلا: في الخارطة هناك مدينة ميارقة، وواضح أنها تحريف لميورقة، وهي جزيرة من الجزر الشرقية المسماة الآن بالبليار، ومدينة اسمها كاديكا، وهي تحريف لقادس الواقعة جنوب الأندلس. وأخرى اسمها "مارّاكو" تساوي: مراكش...إلخ.
3ـ وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها: فاس، مراكش، تلمسان، سلا...و لا يمكن أن تكون قد جاءت مع الرحالة الإسبان، فالخرائط البريطانية المبكرة تظهر وجود تلك الأسماء الأندلسية حتى قبل وصول الأسبان إليها .
4ـ كما أن ابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي أحد زعماء الولايات المتحدة، الذي هو سليل شعب الميلونجونس ، و الذين تبين أن أصولهم إسلامية من أندلسيي البرتغال و لدى تأمل صورته وصورة أفراد الميلونجونز ترى الشبه الكبير بينهم ، ، هاجروا من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ هرباً من محاكم التفتيش إلى البرازيل، فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش، فركبوا البواخر وهربوا إلى أمريكا الشمالية، قبل أن يصلها الإنجليز، واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر. غير أن الإنجليز لما عادوا عاملوهم معاملة الهنود الحمر، قتلا وإبادة، فهربوا إلى جبال الأبالاش.
واحد منهم اسمه: "بروند كينيدي"، "Brand Kennedy"، أخذ تمويلا من جامعة فرجينيا الغربية "West Virginia"، لدراسة أصول هؤلاء القبائل، ومن أين أتوا، لأنه واحد منهم. وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم - كما ذكرت - من المسلمين الأندلسيين
و لا يبعُد أن يكون لنكولن لدى قيامه بتحرير السود أنه كان بذلك ينتصر بشكل ما لشعبه المضطهد من الجنس الأوربي البيض .
5ـ في عام 2003كتبت لويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو كتابا باللغةالأسبانية أسمته "من إفريقيا إلى أمريكا" ، و المؤلفة سليلة إحدى أكبر العائلات الإسبانية ، إذ هي دوقة مدينة سيدونسا ، ، ولا زالت تعيش في قصرها قريبا من مدينة سان لوقا دو باراميدا قرب نهر الوادي الكبير في الأندلس، لأن أجدادها كانوا حكام إسبانيا وكانوا جنرالات في الجيش الإسباني، وكانوا حكام الأندلس وأميرالات البحرية الإسبانية.. والأهمية في كونها دوقة لمدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومبوس ، لذلك فالوثائق التي في ملكها تعتبر هامة جدا، و قد جمعت كثيرا من تلك الوثائق في كتابها المذكور.
6ـ و لا تزال تُكتشف كتابات عربية بعضها بالخط الكوفي في أمريكا الجنوبية ، فمن أوصلها إلى هناك؟. بل اكتشفوا في عدة أماكن كنوزا تحوي عملات ذهبية رومانية وأخرى إسلامية. وبعض تلك العملات الاسلامية يصل تاريخها إلى القرن الثامن الميلادي، أي أن ثمة باخرة إسلامية وصلت في القرن الثامن الميلادي إلى ذلك المحل وتركت ذهبها هناك.
7ـ و في لغة الهنود الحمر لا تزال هناك كلمات عربية وأمازيغية بكثرة، ولا يمكن أن تكون موجودة إلا بسبب وجود عربي أو أمازيغي قديم هناك، القرائن التاريخية التي جاءت في الكتب القديمة – العربية وغير العربية – والآثار الموجودة إلى الآن رغم المجهود الكبير الذي عمل عليه الإسبان، بعد كريستوف كولومب لمسح أي أثر للإسلام أو الوجود الإسلامي في القارة الأميريكية، وذلك طبعا لتحريف التاريخ.
8ـ ووُجدت كتابات في البيرو والبرازيل وجنوب الولايات المتحدة تدل على الوجود الإفريقي من كتابات إما بالحروف الإفريقية بلغة الماندينك؛ وهي لغة لشعب كله مسلم الآن، يسمونهم: "الفلان"، أو بحروف كوفية عربية. وكذلك تركت اللغة الماندينكية آثارا لها في الهنود الحمر إلى يومنا هذا.
أمَّا في ترينداد و توجو حيثُ يعي المسلمون هناك أصولهم الاسلامية التي تعود إلى ماقبل كولومبوس ، فالوجود الإسلامي هنالك له ثقل سياسي واقتصادي كبير، فمنهم الوزراء وأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء البرلمان.. كما أن السلطات هناك قد وافقت على اعتبار الأعياد والمناسبات الإسلامية إجازات رسمية للمسلمين مدفوعة الأجر.
وقد انتشر المانديك من البحر الكاريبي إلى شمال وجنوب الأمريكتين، وهناك قبائل هندية إلى يومنا هذا مازالت تكتب بحروف لغة الماندينك.
9ـ و الغريب أنا إذا رجعنا إلى كتابات المكتشفين الأوروبيين الأوائل بمن فيهم كريستوفر كولومبوس ؛ نجد بأنهم ذكروا الوجود الإسلامي في أميريكا.
فمثلا؛ في كتاب كتبه ليون فيرنيل عام 1920م، وكان أستاذا في جامعة هارفرد، اسم الكتاب "إفريقيا واكتشاف أمريكا"، "Africa and the discovery of America"، يقول فيه: "إن كريستوفر كولومبوس كان واعيا الوعي الكامل بالوجود الإسلامي في أمريكا"، وركَّز في براهينه على براهين زراعية ولغوية وثقافية، وقال بأن المانديك بصفة خاصة انتشروا في وسط وشمال أمريكا، وتزاوجوا مع قبيلتين من قبائل الهنود الحمر، وهما: "إيروكوا" و"الكونكير" في شمال أمريكا، وانتشروا - كما ذكر - في البحر الكاريبي جنوب أمريكا، وشمالا حتى وصلوا إلى جهات كندا.
10ـ بل وذكر كريستوف كولومب نفسه بأنه وجد أفارقة في أمريكا. وكان يظن بأنهم من السكان الأصليين، ولكن إذا تذكرنا أنه لا يوجد سكان أصليون زنوج في أمريكا. فلا بد من أن يكونوا قد قدموا من افريقيا في وقت مبكر .
11ـ و قد ذكر الكاتب الفرنسي "جيم كوفين" في كتابه "بربر أمريكا"، "Les Berberes d’Amerique"، بأنه كانت تسكن في أمريكا قبيلة اسمها "المامي"، "Almami"، وهي كلمة معروفة في إفريقيا الغربية معناها: "الإمام"، وهي تقال عن زعماء المسلمين، وذكر بأن أكثريتهم كانت في الهندوراس في أمريكا الوسطى، وذلك قبل كريستوف كولومب.
12ـ كذلك في كتاب "التاريخ القديم لاحتلال المكسيك"، "Historia Antigua de la conquesta de Mexico"، لمانويل إيروسكو إيبيرا، قال: "كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة، مستعمرات لشعوب سود جاؤوا من إفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية".
كما اكتشف الراهب فرانسسكو كارسيس، عام 1775م قبيلة من السود مختلطة مع الهنود الحمر في نيوميكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية "المكسيك الجديدة"، واكتشف تماثيل تظهر في الخريطة المرفقة تدل دلالة كاملة بأنها للسود
13ـ وزيادة على كل ما ذكر، هناك آثار للوجود الإفريقي الإسلامي في أمريكا، في شيئين هامين: تجارة الذهب الإفريقي، وتجارة القطن، قبل كولومبوس. ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت تعتمد على تجارة الذهب بشكل خاص ، و من السهل معرفة الذهب الإفريقي في أي مكان كان، لأنه يرتكز على التحليل التالي: لكل 32قسمة من الذهب يوجد 18 من الذهب، و6 من الفضة، و8 أقسام نحاس، وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي، وخاصة منذ القرن الثالث عشر، و قد وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا.
و بالنسبة لتجارة القطن ؛ فمن المعلوم أنه لم يكن هناك أي نوع من زراعة القطن في أمريكا، ، وتعجب كولومب نفسه في كتاباته حيث قال: "إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات". و لذلك فلا بد أن يكون قد جاء من إفريقيا الغربية.
14ـ في عام 1994م، كتب ا لباحث اللبناني الدكتور علي مروة ـ الذي يدرِّس في احدى جامعات نيويورك ـ بحثا بمناسبة مرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا المزعوم ، ، وهو في عشر صفحات بالإنجليزية. ومضمونه: أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا، إنما كان المسلمون قبله منذ القرن الثامن الميلادي، ومن ضمن هذه الإضافات التي ذكرها: نقول عن كتاب "مروج الذهب" للمسعودي، والتي تنص على علاقات بين المممالك الإسلامية في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته، بعض الآثار الإسلامية، وبعض المعالم الإسلامية التي شاهدها، ومن ذلك: أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد مسجدا مبنيا على تل من تلالها، ووصف ذلك المسجد. وهذا يدل على أنه حتى في كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة.
ومن المفيد في هذا البحث: أنه نقل عن حوالي ثلاثين مرجعا، وتلك المراجع أغلبها كتبت في أمريكا وفي أوروبا، أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها، أحدها مقال في بعض الجرائد الغربية يقول: "لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس". كما نص المقال على وجود جامعات إسلامية في أمريكا الشمالية قبل كولومب، وهذه المعلومة تجعلنا نتساءل: ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي أنتجته تلك الجامعات، وأين هو؟
و هناك بحث للدكتور علي الكتاني رحمه الله باسم : "الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب" مفيد جدا ، و قد استفدت كثيرا من بحثه رحمه الله ، و هو على هذا الرابط : www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987) - 306k -
ماذا تبقَّى من الوجود الاسلامي في أمريكا :
لا شك أن الشعوب المتغطرسة لا تزال على محو وجود الشعوب المستضعفة الأخرى، في محاولات متواصلة لطمس و تحريف تاريخ تلك الشعوب .
ولا شك أن العلاقات بين الشطر الغربي من العالم الاسلامي و بالذات المغرب والأندلس كانت متواصلة مع ما يسمى اليوم بأمريكا ، وحسب ما يقرره معظم العلماء الآن – سواء من الطرف الإسباني أو من الطرف الأميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل كريستوف كولومبوس كان الإسلام منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها، وأن أول عمل قام به الكونكيسادور "Conquistador" – الإسبان النصارى – هو متابعة هجومهم على الإسلام الذي كان في الأندلس، بالقضاء على الإسلام والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلامي في تلك القارة.
الغرب و حروب الإبادة :
إن من ابشع الإبادات العرقية ـ خلال تاريخ البشرية ـ هي تلك الإبادة التي تعرض لها الشعب الذي اطلق عليه اسم (الهنود الحمر) ، إبادة استهدفت وجود الشعب وثقافته وتاريخه ومستقبله.
وقد ظهر مؤخرا كتاب لراهب مسيحي كان مع الاسبان أثناء غزو اميركا الجنوبية ، و الذي تحركت فيه بعض احاسيس بشرية كانت قد ماتت عند جميع مرافقيه فحاول ثنيهم عما يعملون ولكنه فشل ولقي منهم كل عدوان ثم لجأ الى الملك والملكة وكذلك فقد فشل ولم يجد بداً من الكتابة لأجل الحقيقة .
يصف هذا الراهب عمليات الإبادة والقتل والحرق ورمي الاطفال على الصخور لتتناثر ادمغتهم امام امهاتهم بكل صلف ، كما يصف عمليات النهب والسلب لشعب بريء مسالم ، لم يعرف حتى ادوات الحرب التي توصل اليها هؤلاء .
في يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 م وصل كولومبس باحثاً عن الذهب في اسيا فوصل الى شواطئ جزر الباهاما ، حيث قابلهم الهنود الحمر من قبيلة أراواك بكل ترحاب ، أولئك الهنود الذين لم يكونوا يختلفون "عن أي هنود اخرين في العالم الجديد فكلهم معروفون بالكرم والترحيب بمشاركة الاخرين لهم في مراعيهم ، و كذلك في ممتلكاتهم المحدودة " و هذه طبيعة الشعوب المتنقلة ، حيث لا تجفل من الغريب ، نظرا لكونها لا تملك أي مدن أو ممالك تخشى عليها من خطر الاحتلال ، بينما كانت المراعي و الثروات الطبيعية تكفي الجميع .
أبحر كولومبس بعد ذلك الى كوبا ثم الى هيسبانيولا وهي الجزيرة التي تشمل اليوم كلا من هايتي وجمهورية الدومنيكان ثم كتب تقريرا الى ممولي رحلته ملك وملكة اسبانيا قائلا ان "الرب الخالد يمنح النصر للذين يسلكون طريقه مهما كانت الصعاب" .
ثم بدأت إبادة السكان الاصليين حيث كان يتم الرجال و الاطفال كعبيد ولتلبية الحاجة للايدي العاملة ، و كلك اختطاف النساء كوسيلة لتحقيق المتعة الجنسية،ة و لقد كانت هايتي قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون "للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة... وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد."
وأشار المؤرخ الامريكي هوارد زن الى أنه "خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين" بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود "وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية ... هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية)."
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه "كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود... كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
"لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم... تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين."
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب "الفظائع" ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن "النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا... وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة."
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه "قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي... بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر."
وانتهى المؤلف الى أن "كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا."
وأضاف أن هايتي كانت قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون "للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة... وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد."
وأشار زن الى أنه "خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين" بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود "وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية ... هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية)."
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه "كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود... كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
"لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم... تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين."
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب "الفظائع" ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن "النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا... وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة."
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه "قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي... بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر."
وانتهى المؤلف الى أن "كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا."
فبعد 500 سنة من الاكتشاف الرسمى لم يتبق من اهل البلاد الاصليين سوى 200 ألف فى البرازيل، 140 ألف فى حماية التونا( جماعة تشى جيفارا)، 150 ألف هندى فى الولايات المتحدة ، 500 الف فى كندا يعيشون فى الاقامات الجبرية. 150 ألف فى كولومبيا، 250 ألف فى الاكوادور، 600 الف فى جواتيمالا، 800 ألف فى المكسيك ، وعشرة ملايين فى البيرو
بينما تذكر المصادر المتحفظة عن الوجود الهندي عند اكتشاف الامريكتين أنه:
ـ كان يوجد 100 مليون هندى يتكلمون 200 لغة.
ـ ويقدر عدد الأنكا منهم بحوالى 12 مليونا ً اضافة الى 25 مليون نسمة يعيشون فى محيطالمكسيك، وحوالى 6 ملايين هندى فى البرازيل ..
لقد ظلت أجيال الهنود الحمر تردد عبارة شهيرة تقول :( الهندى الجيد هو الهندى الميت) .
تلك صورة نتوقف عندها قليلا ًَ وهى صورة تمثل العالم الجديد قبل وبعد الاكتشاف الرسمى الذى يمثل بداية لمجموعة كبيرة من المجازر الدموية التى لم يشهد لها العالم مثيلا من ذى قبل، وأبرز ما فى هذة المجازر هو خيانة العهود والغدر بالسكان الاصليين ..
نقلته لكم من ملتقى اهل الحديث