Ahmed_Negm
2009-10-24, 01:12 AM
الدكتور يوسف زيدان يحكى لنا فى رواية عزازيل مشهد مقتل العالمة العظيمة هيباتيا باسم الكنيسة و كأننا نراها، و هذ هى تلك الفقرة الهامة:
جئناك يا عاهرة يا عدوة الرب
التقط بطرس السكين الطويلة الصدئة , راة سائق عربة هيباتيا , فقفز كالجرذان وجرى متواريا بين جدران البيوت , كان بامكان السائق ان يسرع بحصانية فى الشارع الكبير , وما كان لأحد ان يلحق بالعربة , لكنة هرب ولم يحاول احدهم ان يلحق بة , ظل الحصانان يسيران مرتبكين , حتى أوقفهما بطرس بذراعة الملوحة بالسكين .... أطلت هيباتيا برأسها الملكى من شباك العربة , كانت عيناها فزعة مما تراة حولها , انعقد حاجباها وكادت تقول شيئا لولا ان بطرس زعق فيها : جئناك يا عاهرة يا عدو الرب .
امتدت نحوها يدة الناهشة وأيد أخرى ناهشة ايضا حتى صارت كانها ترتقى نحو السحاب فوق اذرعهم المشرعة
وبدأ الرعب فى وضح النهار
الايادى الممدودة كالنصال منها ما فتح باب العربة ومنها ما شد ذيل الثوب الحريرى ومنها ما جذب هيباتيا من ذراعها فألقاها على الارض , انفلت شعرها الطويل الذى كان ملفوفاً كالتاج فوق راسها فانشب فية بطرس اصابعة ولوى الخصلات حول معصمة , فصرخت فصاح :بأسم الرب سوف نطهر ارض الرب , سحبها بطرس من شعرها الى وسط الشارع , وحوله اتباعة من جند الرب يهللون .
حاولت هيباتيا ان تقوم , فرفسها احدهم فى جنبها , فتكومت , ولم تقو على الصراخ , اعادها بطرس الى تمددها على الأرض بجذبة قوية من يدة الممسكة بشعرها الطويل . الجذبة القوية انتزعت خصلات من شعرها فرماها , نفضها من يدة , ودس السكين فى الزنار الملفوف حول وسطة , وامسك شعرها بكلتا قبضتية , وسحبها خلفة .. ومن خلفة اخذ جند الرب يهتفون هتافة , ويهللون لة , وهو يجر ذبيحتة .
كنت لحظتها واقفا على رصيف الشارع ,. مثل مسمار صدىء . لما وصلوا قبالتى نظر بطرس ناحيتى بوجة ضبع ضخم , وتهلل وهو يقول : ايها الراهب المبارك , اليوم نطهر ارض الرب .. وبينما هى تتأرجح من ورائة على الارض , تقلبت هيباتيا , استدار وجهها نحو موضعى . نظرت الى بعين مصعوقة , ووجة تكاد الدماء منة تنفجر , حدقت فى وجهى لحظتها فأدركت انها عرفتنى مع اننى كنت فى الزى الكنسى !
مدت ذراعيها ناحيتى وصاحت مستصرخة بى
يا أخى
تقدمت الى منتصف الشارع خطوتين , حتى كادت اصابعى تلمس اطراف اصابعها الممدودة نحوى .
كان بطرس القارىء يلهث منتشياً وهو يمضى ناحية البحر ساحباً غنيمتة . وكان البقية يتجمعون حول فريستهم , مثلما تجتمع الذئاب حول غزال رضيع .. لما اوشكت اصابع هيباتيا ان تعلق بيدى الممدودة اليها , امدت يد نهشت كم ثوبها , فتطوحت كفها بعيداً عنى , وتمزق الثوب فى اليد الناهشة , فرفعة الناهش ولوح بة , وهو يزعق بعبارة بطرس :
باسم الرب , سوف نطهرأرض الرب ..
العبارة التى صارت يومها أنشودة للمجد الرخيص
من بعيد , اقبلت امرأة حاسرة الرأس كانت تصرخ وهى تقبل نحونا مسرعة فزعة قائلة :
يا أختاة .. ياجنود الرومان ..
أغثنا يا سرابيس !
المرأة المسرعة نحونا كان ثوبها وشعرها يرفان ورائها وكنا قد اقتربنا من ناحية البحر .. أقبلت المرأة تجرى نحو الجمع حتى أرتمت فوق هيباتيا , ظانة انها بذلك سوف تحميها فكان ما كان متوقعا. أندثت فيها الاذرع فرفعتها عن هيباتيا وألقتها بقوة الى جانب الطريق , أصطدم رأسها بالرصيف , وأنسحج وجهها , فتلطخ بالدم والتراب . حاولت المرأة ان تقوم , فضربها أحدهم على رأسها بخشبة عتية , بأطرافها مسامير فترنحت المرأة وسقطت من فورها على ظهرها أمامى , والدم يتفجر من أنفها وفمها , ويلطخ ثوبها . عند سقوطها أمامى صرخت من هول المفاجأة فقد عرفتها .. هى لم تعرفنى , فقد كانت تنتفض وهى تلفظ اخر انفاسها وهكذا ماتت أوكتافيا يوم الهول , تحت أقدامى من دون ان ترانى .
رجعت خطوات حتى ألتصق ظهرى بجدار بيت قديم , لم أستطع انتزاع عينى عن جثة أوكتافيا التى اهاجت دماؤها الصخب , فاشتدت بجند الرب تلك الحمى التى تتملك الذئاب حين توقع صيداً . صارت عيونهم الجاحظة مثل عيون المسعورين , وهاجت بواطنهم طلبا لمزيد من الدم والإفتراس , تجمعوا فوق هيباتيا , حين وقف بطرس ليلتقط انفاسة أمتدت الى يدها يد مازعة , ثم امتدت اياد اخرى الى صدر ردائها الحريرى الذى تهرأ , واتسخ بالدماء والتراب , أمسكوا برداء الثوب المطرز وشدوا فلم ينخلع وكاد بطرس يقع فوق هيباتيا من شدة الشدة المباغتة , لكنة سرعان ما عاد واستعاد توازنة , ومضى يجر ذبيحتة , ومن ورائة انحنى اتباعة محاولين اقتناص رداء هيباتيا ..
هيباتيا .. استاذة الزمان .. النقية .. القديسة ..
التى عانت الام الشهيد وفاقت بعذابها كل عذاب
على ناصية الطريق الممتد بحذاء البحر صاحت عجوز شمطاء
وهى تلوح بصليب , أسحلوا العاهرة
وكأن العجوز نطقت بأمر إلهى
توقف بطرس فجأة , وتوقف اتباعة , ثم تصايحوا بصرخات مجلجلة , تركت جثة أوكتافيا ورائى , ولحقت بهم مبهوتاً , املا ان تفلت هيباتيا من ايديهم , او يأتى جنود الحاكم فيخلصوها منهم أو تقع معجزة من السماء .. أو ..
كنت غير بعيد عنهم وغير قريب , فرأيت نتيجة ما أوحت بة المرأة الشمطاء .. رأيت .. انهالت الايدى على ثوب هيباتيا فمزعتة .. الرداء الحريرى تنازعوة حتى انتزعوة عن جسمها , ومن بعدة انتزعوا ما تحتة من ملابس كانت تحيط بجسمها بإحكام . كانوا يلتزون بنهش القطع الداخلية ويصرخون , وكانت العجوز تصرخ فيهم كالمهووس : أسحلوها
وكانت هيباتيا تصرخ يا اهل الاسكندرية !
وكان البعيدون عن الوصول الى جسمها , يصرخون , العاهرة , الساحرة ! .. وحدى أنا , كنت صامتاً
صارت هيباتيا عارية تماماً ومتكومة حول عريها تماماً
ويائسة من الخلاص تماماً
ومهانة تماماً
لا اعرف من اين اتوا بالحبل الخشن الذى لفوة حول معصمها وأرخوة لمترين أو ثلاثة , ثم راحوا يجرونها بة وهى معلقة من معصمها .. وهكذا عرفت يومها معنى كلمة السحل التى أوحت بة المرأة الى بطرس القارىء واتباعة .
شوارع الإسكندرية تفترشها بلاطات حجرية متجاورة , تحمى الطرقات أيام الشتاء من توحل الأرض بسبب المطر . البلاطات متجاورة لكنها غير متلاحمة , وحوافها حادة بفعل طبيعتها الصلبة , فإذا جر عليها أى شىء مزقنة وإن كان ذا قشر قشرتة , وإن كان إنساناً كشطتة .. وهكذا سحلوا هيباتيا المعلقة بحبلهم الخشن الممدة على الأرض , حتى تسحج جلدها وتقرح لحمها .
وسط الصخور المتناثرة عند حافة الميناء الشرقى , خلف كنيسة قيصرون التى كانت فى السابق معبداً , ثم صارت بيتاً للرب يقرأ فية بطرس الأنجيل كل يوم !
كانت هناك كومة من أصداف البحر . لم أر أول من ألتقط منها واحدة , وجاء بها نحو هيباتيا , فاللذين رأيتهم كانوا كثيرين . كلهم أمسكوا الصدف , وأنهالوا على فريستهم .. قشروا بالأصداف جلدها عن لحمها ..
علا صراخها حتى ترددت أصداؤة
فى سماء العاصمة التعيسة
عاصمة الله العظمى , عاصمة الملح والقسوة
الذئاب انتزعوا الحبل من يد بطرس وهم يتصايحون , وجروا هيباتيا بعدما صارت قطعة , بل قطعاً من اللحم الأحمر المتهرىء . عند بوابة المعبد المهجور الذى بطرف الحى الملكى البرخيون ألقوها فوق كومة كبيرة من قطع الخشب , وبعدما صارت جثة هامدة .. ثم .. أشعلوا النار علا اللهب , وتطاير الشرر ..
وسكتت صرخات هيباتيا بعدما بلغ نحيبها من فرط الألم عنان السماء
حيث كان الله والملائكة والشيطان يشاهدون ما يجرى
ولا يفعلان شيئاً
Ahmed_Negm
2009-12-19, 05:59 PM
http://dostor.org/ar/templates/hood_news/images/logo.gif
الرقابة تنفي وصول أي طلب لمنع عرض فيلم «أجورا» بحجة إساءته للمسيحية
كتب- أحمد خير الدين:
نفي الدكتور سيد خطاب- رئيس جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية- وصول أي طلب للرقابة بمنع عرض فيلم «أجورا» للمخرج الإسباني أليخاندرو أمينابار في حفل ختام بانوراما الأفلام الأوروبية والتي تنظمها شركة مصر العالمية في الفترة من 16 إلي 22 ديسمبر الجاري ،وأشار خطاب إلي أن الفيلم موجود حالياً في الرقابة بانتظار إجازة عرضه في قاعات السينما التابعة للبانوراما، بينما أكدت مصادر مقربة من الأنبا بيشوي- سكرتير المجمع المقدس- قيامه بإرسال خطاب رسمي إلي الرقابة يطالب فيه بمنع عرض الفيلم الإسباني في دور العرض المصرية لاحتوائه علي العديد من الأكاذيب التي تسيء إلي الديانة المسيحية،
خصوصاً فيما يتعلق باتهام رجال الدين المسيحي بالتحريض علي قتل الفيلسوفة هيباتيا، كما أشارت هذه المصادر إلي اعتزام الأنبا بيشوي والأنبا موسي- أسقف الشباب- القيام بتحركات أخري لمنع عرض الفيلم وذلك بعد عودة الأنبا بيشوي من رحلته إلي اليونان، خصوصاً أن الفيلم تم منعه في عدد من الدول منها إيطاليا علي سبيل المثال.
ومن جهتها أعلنت المنتجة ماريان خوري- المشرفة علي البانوراما- عدم وجود أي إلغاءات في عروض بانوراما الأفلام الأوروبية وعدم وصول أي طلب لهم بمنع عرض الفيلم.
جدير بالذكر أن فيلم «أجورا» يتناول الصراعات الدينية والتعصب المذهبي من خلال شخصية العالمة هيباتيا التي تلقي مصرعها علي يد مجموعة من المتعصبين.
http://dostor.org/ar/index.php?optio...40985&Itemid=1 (http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=40985&Itemid=1)
Ahmed_Negm
2010-01-25, 01:05 PM
بين الحمار و«المجنون» والبردعة
ضحى شمس
كنت نويت ألا أكتب عن الموضوع. فلسنا بحاجة إلى قصة إضافية مفادها أن عنف الشارع اللبناني يزداد سوءاً، وأن التعصب، الذي لا يوصف بالعمى من فراغ، لم يعد يُخجل المصابين به. فالمرء، بدون أن ينتبه أحياناً، يخضع، تعباً ربما، لابتزاز ليحظى ببعض سلام في أيامه الغارقة مثلنا بالعنف اليومي. لكن الصمت لا يؤدي إلا لمفاقمة الوضع. هكذا، يصبح «عادياً» أن يتعدى عليك زملاؤك المواطنون، شفهياً غالباً... حتى الآن: في الشارع، في المكتب، على موقع الجريدة، حتى وأنت تبحث عن بعض الترفيه، في عتمة صالة سينما، كما حصل معي الأسبوع الماضي.
فقد قصدت وصديقاً لي مغرماً بكل ما هو فلسفة يونانية، سينما في منطقة فرن الشباك، لمشاهدة فيلم «أغورا»، للإسباني أليخاندرو أمينابار، الذي يروي كيف أن حضارة مستقرة مترفة يدمرها التعصب الديني. يختصر الفيلم حقبة تاريخية نهاية القرن الثالث للميلاد في الإسكندرية. و«أغورا» هي لفظة يونانية تفيد مكان التجمع للتداول بالأفكار، ويحكي قصة فيلسوفة وفلكية شابة، هي «هيبيشيا»، تبحث في كروية الأرض، وكانت تدرّس لطلابها في مكتبة الإسكندرية الشهيرة، لكن ميليشيا من متعصبي المسيحيين الأوائل، تحرقها، ليحرقوا في نهاية الفيلم الفيلسوفة لرفضها اعتناق الديانة.
الفيلم مبني على حقائق وثائقية غيبتها كليشيهات التاريخ. وجزء من روعته كان استخدامه مفردات الأفلام الهوليوودية الضخمة في خدمة رواية مخالفة للروايات الرسمية المنتصرة.
هكذا، وفي اللحظة التي كان فيها «الملتحون» المتعصبون لدينهم الجديد، يقتحمون مكتبة الإسكندرية المترعة بلفائف ومخطوطات العلم والفلسفة، ليحرقوها، وفيما كانت الفيلسوفة الشابة، تركض في أنحاء المكتبة محاولة إنقاذ بعض المخطوطات، كان الصديق، وهو بالمناسبة رجل قانون، يهز برأسه متأثراً هامساً: «له له له...»!
وإذ يدوّي صوت قريب في العتمة: «خلص يا كلب! أنقبر فلّ من هون... قوم من حدنا... قوم انقبر عم قلك!». التفتنا إلى مصدر الصوت فلم نر شيئاً في عتمة القاعة، لكننا لم نفهم لمن كان الشاب الغاضب يوجه كلامه! نظرنا حولنا، فلم نجد إلا نحن، الجالسين على مسافة عشرة مقاعد على الأقل عن الشاب الغاضب! يسأل الصديق المذهول: «عفواً مع مين عم تحكي؟ معي؟»، يجيب الرجل بالصراخ «انت يا خ... ايه انت، قوم من هون عم قلك انت واللي معك وله».
«معنا عم يحكي هيدا»، لم يكف الصديق عن التساؤل. فكل ما صدر عنه هو تلك الهمهمة الآسفة، التي بالكاد، أنا الجالسة بقربه، سمعتها! يهمس الصديق: «هيئتو مجنون هيدا، قومي نبعّد عنو». ولأنه رجل، وفي لبنان، أي إنه هو المطالب بردة الفعل، لم أعارض رغبته. فلست من النساء اللواتي يرتحن لمشهد رجال يتضاربون، ولم يكن الصديق الدمث، رجل القانون، من هذا النوع. ولم يكن مفهوماً ما هي مشكلة الرجل أصلاً، وحتى تعبير وجهه لم نره في العتمة، كل ما سمعناه هو صوته الغاضب وعباراته الشوارعية التي لم تستدع في ذاكرتي كابنة حرب أهلية، إلا مآثر مسلحي الميليشيات.
وسط هذه الفوضى، ولأن الفيلم كان مستمراً، استجبت لرغبة الصديق، وغيّرنا مكاننا. لكني لم أكن مرتاحة. وبدلاً من أن أتابع الفيلم، بقيت أفكر في «المجنون»، كما وصفناه. كان في داخلي صراع. أحسست أن أحداً تعدى عليّ ولم أدافع عن نفسي. لا بل إن «المجنون» ربّى فينا الصالة بكاملها. كان عليّ أن أدافع عن نفسي، فانتظرت حتى نهاية الفيلم. وما إن أضيئت الصالة، حتى خرج «المجنون» أمامنا، وحرص على النظر إلينا شذراً، قبل أن يخرج وأصحابه كديك منفوش الريش.
«أين المدير» سألت الموظف. فيما كان الصديق ما زال يجادلني أن «فيوزات الرجل طاقّة»، لكن كان من الواضح أن مشكلة الشاب أننا شهدنا على صورة لا يرضاها لنفسه وما يعتبره «قومه». لم يكن يهمه أن الحدث تاريخي وموثق، كان كل همه ألا يشمت به «الآخرون». وبما أننا في لبنان، فلا شك بأننا «الآخرون». بالطبع هو لا يعرف أن هذا الصديق مسيحي، لكن الصورة التي جاءت من «غربي» (مرجع الحضارة) وتطابقها مع صورة المتعصبين المسلمين في عصرنا، وبوجود «أغراب»، أي نحن، كان أكثر مما يقدر على تحمله. لكنه لم يقدر على «الحمار» أي المخرج الإسباني غير الموجود بيننا، فما كان منه إلا أن جرب مع «البردعة»، أي المشاهدين المعجبين بالفيلم. لكن، كيف يعتدي شخص في مكان عام وبتلك الطريقة الصاخبة على الناس، بدون أن يعترضه معترض من موظفي القاعة؟ لو حصل ما حصل في سينما فرنسية مثلاً لكان شبان الصالة سحبوه من رقبته إلى الخارج واستدعوا الشرطة.
يسألنا مدير الصالة: أي فيلم هذا؟ تجيبه الموظفة: «فيلم حساس شويه، بين إسلام ومسيحية»! يهتف الصديق وهو يضحك: «عفواً بس ما كان في إسلام وقتها مدام». يجيبنا المدير أنهم كانوا ليتدخلوا لو خرجنا واشتكيناه، في تلك اللحظة يمر بجانبنا شاب، ويقول لنا: «يا ريتك ضربتو، كنا ناوين لو معك، بس انت صاحب الحق وما تحركت!».
http://al-akhbar.com/ar/####/172385
Ahmed_Negm
2010-02-07, 12:43 AM
نَفَس هيباتيا الأخير..
باسمة القصاب
لم أملك دموعي وأنا أشاهد المقطع الأخير من فيلم «أجورا» (المعروض حالياً على شاشات السينما)، رغم تخفيف مخرج الفيلم للقتل المتوحش الذي أنهى حياة الفيلسوفة والفلكية وعالمة الرياضيات هيباتيا (370 - 415م). في هذا المقطع الأخير، يتم جر هيباتيا وضربها وركلها وتعريتها بالكامل، ونعتها بالكافرة والفاجرة والساحرة من قبل متطرفين دينيين مسيحيين هائجين، وفيما يستعد هؤلاء لإحضار حجارة الرجم، يدخل عبدها الذي أعتقته، يخنق نَفَسها بيده، لينجيها الشعور بما سيقع عليها بعد لحظات. أقول إن المخرج خفف بشاعة القتل؛ لأن الروايات التاريخية تقول إن هيباتيا تعرضت إلى الرجم والسحل والحرق وهي حيّة، لم تلفظ بعد أنفاسها الأخيرة. لم يكفِ هذا التخفيف ليمنع دمعة ساخنة أن تخرج، وأن تطلق سؤالاً ساخناً، أظنه يائساً هو الآخر، تماماً كما كانت نظرة هيباشيا في لحظتها الأخيرة: هل الإنسان متوحش بطبعه أم أن التوحش دخيل عليه؟ بمعنى هل ولعه بالقتل وسفك الدماء سابق لتعصباته الدينية والعرقية والسياسية والفكرية، أم أن هذه التعصبات هي ما يتوحش به؟! وهل الشعار الذي كان يرفعه المسيحيون يومها «باسم الرب سوف نطهر أرض الرب» هو حجتهم حينها للتوحش، أم هي ذريعتهم؟!
* * * * *
هنا، في هدوء العالِم، كانت هيباتيا تُفلسفُ العالَم، تحاول فهم العلاقة بين الشمس والكواكب الدائرة حولها، الوصول إلى قانون ينظم هذه العلاقة بما يستوعب جميع الكواكب في السماء. وهناك، في صخب الواقع، كان المتصارعون الدينيون يشعلون الإسكندرية حرقاً في علاقة اهتياجية ومضطرمة. كان أفق هيباتيا يحركه العالم الذي يحتضن أنفاس كل الناس، وكان أفق رجالات الإسكندرية يحركه العالم الذي لا يستوعب إلا النفس الواحد. لهذا كانت هيباتيا تكتم أنفاسها عن الدخول في انحيازات الأرض الصاخبة، وتطلقها نحو حياد السماء الهادئ والرزين.
أن تكون هادئاً في وسط صاخب، لا يعني أن تكون غير مكترثٍ بما يدور حولك، بل أنْ ترفض الانجراف خلف سلطة الصخب. هل قلت إن الصخب سلطة؟ تقود السلطة وعيك وإرادتك، أو تقودك من دون وعيك ومن دون إرادتك أحياناً أخرى. الصخب سلطة لأنه قادر أن يسلبك هدوء نفسك، أن يمنع صوت عقلك من الوصول إلى أذنيك، أن يقودك إلى أن تكون جزءاً منه، يفقدك عقلك واتزانك ووعيك، يجعلك غيرك. أحدٌ لا تعرفه: متوحش قاسٍ مهتاج. سريعاً ما ستدرك بعد أن ينتهي منك الهياج، أنك ما كنت لتكون ذاك الآخر، لولا أن الأمور سارت على النحو الهياجي الذي قادتك إليه. هكذا سينجرف والد هيباتيا الرياضي الفيثاغوري السكندري (ثيون)، غير ذات مرة، إلى ما سيندم عليه لاحقاً، مما لم يكن ليأتيه، لولا سلطة الصخب، ذلك الانجراف الذي تختلط فيه الأصوات، وتتداخل المشاعر، وتهتاج الانحيازات والتحاملات والعصبيات. حين يعلو صوت الصخب، ستجد نفسك رهينة مشاعرك البدائية المتمثلة في الغضب والهياج والحماسة، وستنجر حتماً لجماعتك التي تنتمي إليها بالفطرة (لا بالاختيار ولا بالعقل).
* * * * *
لم تعد ساحة «أجورا» ميداناً عاماً مفتوحاً على جدل المتخالفين، بل صارت ميداناً مفتوحاً على تناحر أصحاب العقائد من المسيحيين والوثنيين واليهود. لهذا كانت هيباتيا تجاهد أن تأمن بنفسها وتلاميذها عن الوقوع في هاوية التعصبات العقائدية، تلك التي لم ينجُ منها أحد. وفي درسها الذي يجمع المتناقضين والمتخالفين عقائدياً، لم تسمح بالاحتكام إلا إلى الاحترام الذي يجب أن يبقى أصلاً بين الأشقاء، كان درسها يرفض الصخب بقدر ما يحتفي بالاختلاف. الاختلاف يجعلك متساوياً مع الآخرين، لكن الصخب يعميك.
تسميهم الأشقاء؛ تلاميذها الذين يتحلقون في دائرة درسها[1]. تعلمهم أن الثابت بينهم هو تلك العلاقة الرياضية التي تتساوى بالجميع «إذا كان الأول يساوي الثاني، والثاني يساوي الثالث، فالنتيجة أن الأول يساوي الثالث». الجميع متساوٍ إذاً في دائرة درس هيباتيا، بمن فيهم هيباتيا نفسها. كانت هيباتيا تحلّق بطلابها خارج دائرة خلافاتهم العقائدية، تثير شهوتهم إلى الدوران (متساوين) حول الشمس بما يشبه الكواكب. في هذه القاعة فقط، سيبدو كل شيء مثالياً وهادئاً. ستصرّ هيباتيا على دافوس أن يعرض على تلاميذها مجسم طاليس الذي صنعه بيده من خلال فهمه لدروسها. لم يكن دافوس تلميذاً، بل عبدها الذي ينصت لدروسها عاشقاً ومتلهفاً.
خارج هذه القاعة، حيث ساحة «أجوراً» العامة، تأخذ الأمور منحى آخر. إنه المنحى النقيض تماماً. لا أحد يقبل أن يتساوى مع أحد. الجميع يريد أن يكون الأول الذي لا يساويه أحد. أنت تطلب المساواة مادمت ضعيفاً، لكنك ما إن تملك القوة، حتى تمسح الآخرين مسحاً لتساوي نفسك فقط.
* * * * *
ذنب هيباتيا أنها أتت في عصر بدأ فيه العقل الفلسفي يضمحل لصالح العقل الإيماني. ستصير الفلسفة كفراً وتهديداً للدين، وتصير هرطقة، بل مصدر للهرطقات كافة كما يقول طرابيشي في كتابه «مصائر الفلسفة في المسيحية والإسلام»، فـ «وراء كل هرطوقي فيلسوف».
في هذا العصر (منتصف القرن الرابع الميلادي)، كفّت المسيحية أن تكون ديانة مضطهدة لتغدو ديانة دولة[2]. ولكي نكون منصفين (كما حاول الفيلم أن يفعل)، فإن مثقفي العالم الوثني أيضاً لم يكونوا قد قابلوا المسيحية بغير الازدراء، بوصفها ديانة بربرية موجهة إلى أناس بلا ثقافة. وهو ما كانت هيباتيا تقاومه وترفضه وسط ثقافتها الوثنية، وهو ما جرّ عليها غضب بعض الكبراء لولا تدخل تلاميذها لحمايتها.
حين صارت المسيحية دين دولة، تحوّل أتباعها من أقلية مضطهدة إلى أكثرية سلطة. ولأن الاضطهاد حين يتحول إلى قوة، يمارس الآليات نفسها التي مورست ضده عندما كان ضعفاً، فقد راح المسيحيون يكررون آليات الاضطهاد نفسها على أهل الاعتقادات الدينية السابقة من وثنيين ويهود. يمارسون ما يسمونه تطهير الأرض من الوثنيين واليهود. من هنا جاء حرق مكتبة الإسكندرية وبما فيها من بحوث علمية ووثائق وخرائط. حُرقت كلها بدعوى انتمائها للتراث الوثني. صارت الفلسفة تعادل كلمة الكفر، كما أصبح نعت أحدهم بأنه يوناني يعادل وسمه بأنه وثني. وهكذا وصمت هيباتيا أنها وثنية كافرة عاهرة وساحرة.
وسط هذا العنف الديني، كانت هيباتيا تحاول أن تحافظ على هدوء دائرة درسها، لكن الصخب سرعان ما يجرف معه كل شيء. نجح الصخب أن يقتلع تلاميذها عن دائرتها، وأن يلقي بهم في هاوية أجورا. تتفرق بهم المصالح والاعتقادات والتطرفات. في الصخب أنت مائة ما لم تكن جزء منه. سيخنق الصخب نَفَس هيباتيا الأخير ليخنق معه عصر الحضارة الهيلينية ولتبدأ عصور الظلام. حتى لحظتها الأخيرة، ستحتفظ هيباتيا بهدوئها وإصرارها أن تكون ذاتها فقط. لن تذعن لاعتراف كاذب تجرّها نحوه سلطة الصخب. ولن تقدِّم اعتراف خائف ينجيها من الموت: «أنا فيلسوفة، أؤمن بالفلسفة» ستقول معرّفة بإيمانها. ستسلّم هيباتيا نَفَسها إلى قتل تحمل شرفه ويحمل التاريخ عاره. وسترمق حياد السماء، قبل أن يغيب نفسها الأخير، بنظرة أخيرة، تسألها عن قُبحٍ يؤتى على الأرض باسمها.
[1] انظر علي أحمد الديري: دائرة هيباتيا. الوقت 27 يناير/ كانون الثاني.
[2] جورج طرابيشي: مصائر الفلسفة في المسيحية والإسلام.
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=12587
Ahmed_Negm
2010-02-07, 12:46 AM
استقامة «أجورا»
علي أحمد الديري
يجري التحريض ضدّ هيباتيا في أجورا: الساحة العامة، في الدائرة المشتركة لسكان مدينة الإسكندرية، لقد تم تسميم بئر هذه الدائرة وصارت خاصة بجماعة، ولم تعد صالحة ليرتوي منها الناس ثقافة جامعة مشتركة، من هنا خطورة تسميم هذه الدائرة المشتركة، وهي دائرة تجد فيها السلطة المستبدة دوماً مكانها المفضل لتسميم الأفكار والشخصيات التي لا ترغب فيها، السلطة تريد أن تكسب قوة الناس (الشعب) بسلب قوة العقل، ليغدو من في هذه الساحة أداة سهلة الاستعمال والتحريك والإخضاع والركوع.
تحرك السلطة يد أجورا، لترمي من تشاء بحجارتها. لقد جرى رمي هيباتيا وسحقها وسحلها بالعبث في شكل هذه الساحة الدائرية بتحويلها من الانحناءة إلى الاستقامة، حتى صارت مصدر خوف (Agoraphobia أجورا فوبيا)[1] الخوف من جماهير الساحات العامة، والضحية دوماً هم الأقلية أو المثقف الذي يفكر خارج السلطة ولا تسعفه أدواته في تهييج الجمهور، هكذا ذهب الحلاج والسهروردي وكتب ابن رشد وابن عربي ضحية تهييج هذه الساحة من قبل السلطة السياسية في حلفها المقدس مع السلطة الدينية. في لحظات معاناة أبيها «ثيون» الرياضي الفيثاغورثي من آثار الضرب الذي تلقاه من عبده «ميدروس» الذي كشف عن إيمانه المسيحي في لحظة اهتياج أجورا، وهي لحظة قد ساهم في تأجيجها هذا العالم الرياضي الفذ، حين لم يسمع اعتراض هيباتيا، ودعا إلى ضرب المسيحيين الذين تمادوا في السخرية من آلهة الوثنيين، في هذه اللحظات أدرك خطأه فقال لابنته في اعتذار نادم، أردت لك أن تكوني حرة دوماً. فقالت له: أنا حرة.
هو كان يشير إلى حريتها العقلية التي أتاحها لها بتعليمها الرياضيات والفلسفة، وحريتها في المشي في «أجورا» والحديث فيها مع الناس وإثارة أسئلتها فيهم، وبعد هذا الاهتياج الذي تسبب هو أيضاً فيه، أصبح متعذراً عليها الخروج إلى الساحة العامة وصار عليها البقاء خلف أسوار المعبد والمكتبة، لم تعد تملك حرية الكلام، وحين نفقد هذه الحرية نقترب من الموت.
وجواب هيباتيا يشير إلى أنها حرة من ضغط الساحة العامة والخوف من جماهيرها (أجورا فوبيا)، كان خوفها فقط على مخطوطات مكتبة الإسكندرية، فهي تجد حريتها العقلية والدينية مدينة لهذه المخطوطات التي ابتكرها العقل الإنساني واعتبرتها المسيحية هرطقة ووثنية ومرضاً وسماً، فقد أطلق القديس غريغوريس (330 - 390م) هجاءه على مدينة أثينا (إنّ أثينا لمشؤومة) ومن قبله كان القديس هيبوليتس (ت236م) الذي كان يطيب له أن يلقب نفسه بأسقف روما قد قال: وراء كل هرطوقي فيلسوف. وأصدر الإمبراطور قسطنطين في العام 323م مرسومه بحرق كتب الفيلسوف فرفوريوس. ولاحقاً الإمبراطور يوستنيانس (527 - 565م) أمر بإغلاق جامعة الفلسفة في أثينا في 529م، ومنع الفلاسفة الذين سمَاهم (المرضى بالجنون الإغريقي) من التدريس.[2]
في 415م تمّ رجم هيباتيا أو سحلها أو حرقها أو كشط جلدها على اختلاف الروايات في تصوير بشاعة اغتيالها، لم يكن هذا الفعل وليد لحظة وشاية أو خيانة، بل هو محصلة (عذابات الفلسفة في المسيحية الأولى) كما يسميها جورج طرابشي، وهي تسمية دالة تجمع بين الحقيقة التاريخية التي واجهتها الفلسفة وبين المحنة النفسية التي عاشها الفلاسفة.
حين قالت هيباتيا: أنا فيلسوفة وأؤمن بالفلسفة، كانت تثبّت على نفسها تهمة الهرطقة والشؤوم. الساحات العامة التي كان يشغلها سقراط بمهاراته الحوارية، رافضاً أن يعتزل في الأوراق أو في الجبال، مفضلاً أن يمشي في الأسواق ليعلم الناس الفلسفة بحواراته المولدة للمعرفة عن الحق والعدل والفضيلة والحقيقة والجمال والإنسان، صارت هذه الساحات طرقاً إلى كنائس لا تتسع لغير المؤمنين. في لحظة ما لم تعد الساحات العامة تتسع لدائرة سقراط الفلسفية ولم تعد تسع مشيه في الأسواق وهو يقول «ليس بإمكان الأشجار التي في الجبل أن تعلمني شيئاً».
وحين حكم عليه بالموت رفض أن يهرب بعد أن مهّد له تلاميذه طريقاً للهرب، وفضل مواجهة الموت، لأنه مشروع بقاء أبدي، فتجرّع سم الشوكران الذي حكم عليه به. ويبدو أن هيباتا قد أتقنت درس سقراط وجعلت من موتها درساً فلسفياً، درساً يقول إن الساحة العامة متى تم العبث بها بإشعالها بمهيّجي الجماهير فقدت قدرتها على أن تكون ساحة مشتركة للحوار والجدل والبحث عن الحقيقة. والفيلسوف أو المثقف متى خضع لسلطة الحلف المقدس بين السياسي ورجل الدين، فقد صدقيته وانسجامه الداخلي وقدرته على أن يتكلم بما يراه. في هذه اللحظة يبرز الموت مقابلاً للكلام، وهذا ما يشي به كتاب مصطفى صفوان «الكلام أو الموت»[3].
في مشهد الركوع، كما يحلو لي أن أسميه، في فيلم «أجورا»، وقف الأسقف «سيرل» يتلو من الكتاب نصوصاً تحقّر المرأة وتحتكر الحقيقة فيما ينص عليه الكتاب المقدس فقط، وتفرض على الجميع الامتثال لهذه النصوص. بعد موعظته رفع الكتاب المقدس إلى الأعلى وأمر جميع رجال الدولة بالركوع لهذه النصوص تعبيراً عن الامتثال لها وتعبيراً عن صدق إيمانهم بالمسيح، ركع الجميع على مضض ورفض المحافظ تلميذ هيباتيا وعاشقها «أوريسيوس» الركوع وسط ضغط توتر جمهور «أمونيوس» الذي كان يهتف له بأن يركع. لم يركع وكان يصرخ أنه مسيحي، لكنه لن يركع لتلاعبات «سيرل» بالنصوص المقدسة للنيل من هيباتيا، فقال له صديقه وزميله السابق في دائرة درس هيباتيا الأسقف «سينيوس»: لكنه (سيرل) كان يقرأ من الكتاب المقدس ولم يكن يفسره، فاضطر أن يركع لاحقاً، ليحافظ على منصبه السياسي. في الحقيقة لم يكن «سيرل» يقرأ النصوص المقدسة بقدر ما كان يضع قانوناً للكلام في أجورا «إن قانون الكلام هو المؤسس للكلام»[4].
الركوع خضوع لسلطة من يُمثل الله في الأرض أو من يدّعي ذلك، يريد «سيرل» ممثل التحالف المقدس أن تركع أجورا كلها لقانون كلامه، ليس بقوة الحجة بل بحجة القوة. أي الركوع لقوة السلطة الدينية المسنودة بقوة سلطة السياسة، وليس لقوة حجة العقل والخطاب. حجة العقل تصنع دائرة وحجة السلطة تصنع خطاً مستقيماً. صنعت هيباتيا دائرة بطلابها وأرادت لأجورا الإسكندرية أن تكون دائرة تتسع لخطابات الجميع، والمسيحية في تحالفها المقدس مع روما صنعت خطاً مستقيماً وفرضت على الجميع أن يتطابق معه ويركع له، والنقطة التي تخرج عن الخط، سيكون مصيرها المحو، وإلى هذا المصير آل جسد هيباتيا، لكن بقيت هالة دائرتها ترفرف في التاريخ، في حين أن الذين تماثلوا مع الخط فقدوا حتى ظلهم.
[1] http://en.wikipedia.org/wiki/Agoraphobia
[2] انظر: الفصل الثاني من: كتاب مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام، جورج طرابيشي.
العقل المستقيل في الإسلام؟، جورج طرابيشي، ص.134
[3]، [4] الكلام أو الموت: اللغة بما هي نظام اجتماعي: دراسة تحليلية نفسية، مصطفى صفوان، ترجمة د.مصطفى حجازي.
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=12596
Ahmed_Negm
2010-02-26, 11:53 PM
http://www.almesryoon.com/images/main_r2_c5.jpg
فضيحة فيلم "أجورا" !!
جمال سلطان | 23-02-2010 23:24
قررت الرقابة على المصنفات الفنية منع عرض الفيلم الإسباني التاريخي "أجورا" في مصر بناءا على اعتراض المجمع المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية ، وقال رئيس الرقابة سيد خطاب في توضيحه لأسباب منع عرض الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا ، أنه قد يفهم منه الإساءة إلى إخواننا المسيحيين ، هكذا ببساطة وأدب كبير وبدون الجعجعة المعتادة ، انتظرت أن أسمع صوتا واحدا من "الحنجوريين" المدافعين عن حرية الإبداع وحرية الفن ، والأقلام الذين طالما أعطونا الدروس العظيمة عن خطورة وصاية الدين على الفن والذين شنعوا على أي مسلم اعترض ـ مجرد اعتراض ـ على فيلم إباحي أو مشين أو مهين للرموز الإسلامية ، ووصفهم له بأنه ظلامي وأنه يعيش في تراث قمع القرون الوسطى ، انتظرت أحدا من النقاد الأشاوس يخرج صوته منددا بهذا العدوان الفج على فيلم عالمي يناقش مرحلة تاريخية في القرن الرابع الميلادي ، فلم أجد أحدا ، الجميع ابتلعوا ألسنتهم ، وأحنوا رؤوسهم لعواصف التطرف ، خوفا وطمعا ، صحف الملياردير ساويرس الثلاثة جعلوا أذنا من طين وأذنا من عجين ، وهي الصحف الأكثر شنشنة بالحديث عن الحداثة والحرية والانفتاح والتعددية والإبداع والتنوير ، والهجوم الساخر البذيء على الإسلام ورموزه وحرماته ، كلهم خرسوا، لأن صاحب النعمة والعطايا ودفتر الشيكات لن يقبل انتقادهم للكنيسة ولا أي موقف لهم دفاعا عن فيلم يكشف أن واقعة حرق مكتبة الاسكندرية الشهيرة قام بها متشددون مسيحيون في القرن الرابع الميلادي ، ويكشف عن وقائع المذابح التي قام بها متشددون مسيحيون ضد المختلفين معهم في الرأي والدين ، وكيف أن الكنيسة قامت برجم الفيلسوفة "هيباتيا" التي كانت تتحدث عن "الجاذبية الأرضية" واعتبروا كلامها هرطقة تستحق عليها القتل رجما بالحجارة ، وحاولت تهريب جانب من مكتبة الاسكندرية لإنقاذها من التدمير والحرق ففشلت ، هذا فيلم تاريخي ، لا يتعلق بعقائد ولا كتب مقدسة ، وإنما رؤية تاريخية ، كتبها مسيحي وأنتجها مسيحي وأخرجها مسيحي ، وكلهم أوربيون أسبان ، وهو فيلم بالمقاييس الفنية التي تحدث عنها النقاد واحد من أعظم الأفلام في تاريخ السينما الإسبانية ، فلماذا منعوا من عرضه في مصر ، هل أصبح رجال الإكليروس هم الذين سيحددون للمصريين ما هو التاريخ ، وهل تاريخ العالم المعتمد هو الذي تعتمده الكنيسة المرقصية وما رفضته فهو مرفوض ولا يجوز الكتابة عنه أو تمثيله ، هل تحول التاريخ وعلومه إلى دروس كنسية يحتكر "الكهنة" معرفة أسرارها وخفاياها ولا يجوز "للعوام" الخوض فيها ، لقد طرح "الأفاكون" طويلا في الصحف المصرية والفضائيات وفي الخارج الاتهامات الفاجرة إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه ، فاتح مصر ، بأنه هو وجنوده الذين أحرقوا مكتبة الاسكندرية ، وهي أكذوبة فندها الباحثون بعلمية صارمة ، فهل عندما يأتي فيلم أجنبي يطرح رؤية تاريخية فنية تقول بأن الذي أحرق المكتبة هم متشددون مسيحيون في القرن الرابع الميلادي يتم إخراسهم وإسكاتهم ومنع أصواتهم من الوصول إلى المثقف المصري ، لأن قولهم هذا يسيئ إلى "إخواننا الأقباط" ، وأين المنظمات الحقوقية التي انتثرت بالعشرات بل المئات في أزقة القاهرة وحواريها ، ولا تترك موقفا لعالم مسلم أو داعية أو معمم ينتقد فيه فيلما سينمائيا أو يبدي تحفظه على شيء في السينما أو الفن عموما إلا وأهانوه وأمطروا الصحف والانترنت بالبيانات العنترية عن حماية المبدعين وحماية الدولة المدنية ومنع وصاية رجال الدين على الفن ، أين اختفت هذه "الدكاكين" ، وبوجه آخر ، ما هو المبلغ المطلوب دفعه لكي يصدروا بيانا يدين اعتداء الرقابة المصرية على الفن وفرضها وصاية على العقل والوعي المصري .
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=25106
ساجدة لله
2010-02-27, 10:03 AM
قررت الرقابة على المصنفات الفنية منع عرض الفيلم الإسباني التاريخي "أجورا" في مصر بناءا على اعتراض المجمع المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية
:) يعني الفيلم إن لم يدخل مصر لن نستطع مشاهدته؟
الناس دي ما سمعتش عن حاجة اسمها نت ؟
جزاكم الله خيرا
Ahmed_Negm
2010-03-25, 09:57 PM
http://www.al-ayyam.ps/znews/site/controls/images/top_header.jpg
"أجورا" - السينما والواقع
ليانة بدر
قبل أقل من عام عرض فيلم "أجورا" للمخرج الإسباني أليخاندرو أمينابار، والذي قوبل بردود فعل عنيفة تتراوح ما بين الرفض والإدانة التأمين كما جرى من بعض المحافل الكنسية في العالم، ومن بينها الكنيسة القبطية في مصر، إلى التصفيق الشديد كما حدث في عروض عالمية جرى واحد منها في مصر وفي مكتبة الإسكندرية تحديداً. تعني كلمة "أجورا" الساحة العامة للمدينة، ومركزها حيث السوق والوسط التجاري الذي يتجمع فيه الناس، أي مركز المدينة وقلبها النابض. وربما كان الفيلم قد عنى مدينة الإسكندرية التي كانت "أجورا" العالم القديم حيث اجتمع الفكر والعلم في تلك الآونة، وجمعت في مكتبتها عشرات الآلاف من الكتب والمخطوطات المهمة.
يدور "أجورا" حول صراع مأساوي بين الملل والأديان التي كانت موجودة في ذلك العصر، وذلك خلال فترة بدا أنها فترة صعود للمسيحية الناشئة وتقويضها لما سبقها من أديان ومعتقدات خلال القرن الرابع الميلادي. ويروي الفيلم دمار وخراب مكتبة الإسكندرية التي ضمت في ذلك الحين خلاصة الفكر البشري في حكمته وتجلياته إثر الحروب والمذابح الطائفية التي بدأت أولاً بين أنصار الوثنية الفرعونية والمسيحيين، ثم اندلعت بين اليهود والمسيحيين، ثم بين الأخيرين وفرقهم المتعددة. وعبر تلاميذ المعلمة (هيباتيا)، عالمة الفلسفة والفلك - وليس بمعنى التنجيم المبتذل الذي تتسابق الشاشات الفضائية على بثه - نشهد الدمار والتدهور حين يحيقان بالمدينة الكبرى، ويبيدان أهلها ويمحوان كل ما فيها من ألق أو تقدم. ويتم تحويل الإسكندرية من عاصمة للعالم القديم بكل ما في المعنى من اختلاط حضارات متعددة، إلى حاضنة للمذاهب الطائفية حيث البشر يتخاصمون كالذئاب على بقايا وليمة قتل يسود فيها الذباب. وحينها يتم نهب وتدمير المكتبة الكبرى نهائياً، والقضاء على خلاصة الفكر البشري في كتبها، وتمزيق مخطوطاتها وحرق وثائقها كنتيجة حتمية لهذا التقاتل المتواصل بين المذاهب والطوائف والأديان.
تشكل القدس جوهرة فريدة بين المدن في هذا العصر كما في العصور السابقة، ويتم العمل حالياً على تحويلها من مدينة تاريخية مثلت التسامح بين البشر إلى ساحة تطهير عرقي يتم فيه تهويد المدينة والعمل على جعلها ملكية خاصة لدولة الاحتلال. ومن يعرف القدس يدرك أهمية دورها الحضاري، وغناها بكل ما هو سماوي وروحاني للبشر. على كل زاوية أو منعطف أو زقاق نجد عبقاً من تاريخ صار لشدة قدمه مثل الماس. وعلى كل سلم أو جادة أو عطفة ندرك كم عانت المدينة وجاهدت كي تظل ملكاً لأهلها، وللناس الذين يدركون معنى الدين، وأول معانيه احترام الحياة، وأهلها وبشرها وأناسها.
الآن تريد دولة الاحتلال أن تستثمر القدس تحت حجج متنوعة، فهي تبغي طرد سكانها كي يتم تحويلها بسهولة ويسر إلى ممتلكات سياحية تدر المال والنفوذ. فلقد وقفت قداسة المدينة حائلاً دون إعلان أوامر المصادرة المعهودة أمام كل أرض فلسطينية، وليس من سبيل سوى الاستعانة بحجج متنوعة كي تطيح بها داخل محرقة من التطهير العرقي العنصري. وإن كان الجهل هو السبب الرئيس للهدم والتدمير في العصور القديمة كما شهدنا في فيلم "أجورا"، فإن التخطيط هو السبب الأول الذي يجعل من دولة الاحتلال واللغة في تصميم خطط استفزازاتها المتواصلة كي تقضي على الوجود الفلسطيني في المدينة وتستفرد بالمكان. إسرائيل تخترع الأسباب والمسببات لإثارة الغضب والاستفزاز، لكي تسرق المزيد والمزيد من الأرض. ولهذا فهي تشعل الشرر والنيران في كل مكان، على ظن أن الدخان قد يعمي العيون في العالم، بحيث لا يشاهد أحد نوع السرقة الجنونية التي تتعرض لها أرضنا. حتى أنها لم توفر مقابر الأموات كي تسرقها كما يجري في "ماميلا". وهي تتابع الأحياء في بيوت الشيخ جراح، سلوان، وفي أي مكان كي تسرق أكثر وأكثر. وتعمل على مصادرة هويات المقدسيين، وإلى سحب ما في جيوبهم من نقود للبقاء كي تسرق "الارنونا" التي لا ينال منها أهل القدس أي مقابل سوى المزيد من السرقة والسرقة. إنها حكاية "أجورا" من جديد يكررها كل من يستخدم الدين مجرداً من طبيعته السماوية لكي يفوز بالمزيد من الغنائم والتجارة.
http://www.al-ayyam.ps/znews/site/template/article.aspx?did=136529&Date=3/24/2010
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir