حرية المرأة وكرامات الرجال
يقول كاتب المقال :
"لا حُرِّيةَ للمرأةِ في أمةٍ من الأمم،
إلاَّ إذا شعرَ كلُّ رجلٍ في هذه الأمةِ بكرامةِ كلِّ امرأةٍ فيها؛
بحيثُ لو أُهينتْ واحدةٌ ثارَ الكلُّ فاستقادوا لها،
كأنَّ كراماتِ الرجالِ أجمعين قد أُهينت في هذه الواحدة؛
يومئذٍ تصبحُ المرأةُ حرةً، لا بِحُرِّيتِها هي،
ولكن بأنَّها محروسةٌ بملايينَ من الرجال".
هذا مِن كلامِ الأديب "مصطفى صادق الرَّافعي" - رحمه الله –
عندما قرأتُه تساءلتُ :
هل تشعرُ المرأةُ في مجتمعاتنا الآن
أنَّها محروسةٌ فعلاً بملايينَ مِن الرجال أو حتى بمئات؟
قلتُ: "في مجتمعاتِنا"، لا في أمَّتِنا؛
فنحنُ فِعليًّا لسنا أمَّةً واحدةً على أرضِ الواقع؛
فالحواجز التي مَزَّقَ بها المُحتَلّونَ أمّتَنا
ليست على الأرض أو الخارطة فحسب،
بل إنها مزروعةٌ ومُتغلْغِلةٌ في العقولِ والنفوس،
يفوح منها نَتَنُ القوميات البغيضة،
وما أنْتَنَها مِن ريحٍ تزْكمُ الأُنوفَ!
وإنْ لَمْ نقْتَلِعْ هذه الجُدُرَ الفولاذيّةَ مِن نفوسنا،
فلن تُزالَ الحواجزُ الأرضيةُ ويُعْفى أثَرُها،
حتى يُمَهَّدَ الطريقُ إلى القدس.
أعودُ لسؤالي:
هل المرأةُ في زمانِنا محروسةٌ بملايينَ مِن الرجال؟
إنْ كانَ جوابُكم: نعم، فأعطوني الدليلَ،
والدليل بالأفعالِ لا بالكلام الذي يُدَغْدِغُ العواطفُ،
أو الخُطبِ الرَّنّانةِ التي تُخدرُ الوجدانَ والإحساسَ.
كم مِن امرأةٍ أُهينتْ أو هُتِكَ عِرْضُها ولم يثأرْ لها أحدٌ!
فالرجلُ يغلي الدمُ في عروقِه إن دُنَّسَ عِرضُه،
ولكن هل تتحركُ فيه شعرةٌ
أو يشعر أن كرامتَه قد أهينت لو دُنّسَ عرضُ غيره؟
كلُّكُم يعرفُ قصة تلك المرأةِ المسلمةِ
التي كشف ذلك اليهوديُّ الخبيث من بني قينقاع سوْءَتَها في المدينة،
فصرخَت تسْتنجِدُ، فثأرَ لها رجلٌ مسلمٌ غيور لم تحتمِلْ مروءَتُه أن تُهان
امرأةٌ مسلمة، وتُنتَهَكَ حُرمتُها، وأيُّ صاحب مروءة يحتملُ ذلك؟
أيُّ صاحبِ مروءةٍ لا يثورُ لما يرى مِن انتهاك لحُرُماتِ النساء ؟
إحدى الأخوات لِكثْرةِ ما سمِعتني أتحدثُ عن المروءةِ،
قالت لي: نحن لسنا في عصرِ الصحابة - رضي الله عنهم!
قلتُ لها: هذا صحيح،
فنحنُ غيَّرْنا وبَدَّلنا كثيرًا منذ ذلك العصر المبارك،
حتَّى صِرنا إلى ما صِرنا إليه،
ولكن هل يعني هذا أن نرضى بِنقائصِنا وعيوبِنا،
ولا نسعى للتغيير؟
إنَّنا إن ثُرنا على الظُّلم والفسادِ الواقعِ علينا من غيرنا،
ولم نَثُرْ عليه في نفوسِنا،
فسريعًا ما سيدبُّ الضعف والفتور فينا مرَّة أخرى،
ونخسر حقوقنا التي ثُرنا من أجلها.
منقولpvdm hglvHm ,;vhlhj hgv[hg
المفضلات