للشيخ عبد الصمد الفلوجة رحمه الله
بعد حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم نواصل فضح افتراءات النصارى على رسولنا العظيم بأبي هو أمي والأفتراء الذي نحن بصدده هو خاص بزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة زنيب بنت جحش. استشهدوا في ذلك بروايات وردت في بعض الكتب الإسلامية لكنهم لجهلهم أو حقدهم لم يعرفوا أنهم ما تمسكوا به هو أوهن من بيت العنكبوت وأن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لا ينال منه بمثل هذه الفرية فإن أخلاقه علمت البشرية النقاء والطهر والأمانة والعفة
وإليك أخي القارئ النقول التي أتوا بها وتمحيصها بناء على المنهاج العلمي الموضوعي.
الراوية الأولى:
تفسير الطبري ج: 22 ص: 13
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يريده وعلى الباب ستر من شعر فرفعت الريح الستر فانكشف وهي في حجرتها حاسرة فوقع اعواد في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فلما وقع ذلك كرهت إلى الآخر فجاء فقال يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي قال ما لك أرابك منها شيء قال لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله ولا رأيت إلا خيرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك واتق الله فذلك قول الله تعالى وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها
هذا سند ضعيف لانه من رواية ابن زيد قال المزي في تهذيب الكمال : أسامة بن زيد بن أسلم القرشى العدوى ، أبو زيد المدنى ، مولى عمر ابن الخطاب ، و هو أخو عبد الله بن زيد بن أسلم ، و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم . اهـ .و قال المزى :قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه : أخشى أن لا يكون بقوى فى الحديث . و قال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه : منكر الحديث ضعيف . و قال عباس الدورى عن يحيى بن معين : أسامة بن زيد بن أسلم و عبد الله بن زيدابن أسلم و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هؤلاء إخوة و ليس حديثهم بشىء جميعا . و قال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين : أسامة بن زيد بن أسلم ضعيف و عبد الله ابن زيد بن أسلم ضعيف و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف .و قال عثمان بن سعيد الدارمى سألت يحيى بن معين عن أسامة بن زيد الليثى فقال : ليس به بأس قلت : فأسامة بن زيد الصغير ؟ فقال : ضعيف .و قال أبو بكر بن أبى خيثمة عن يحيى : ضعيف الحديث .و قال إبراهيم بن عبد الله السعدى الجوزجانى : أسامة و عبد الله و عبد الرحمن ضعفاء فى الحديث من غير خربة فى دينهم ولا زيغ عن الحق فى بدعة ذكرت عنهم . و قال أبو حاتم : يكتب حديثه و لا يحتج به .و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سئل أبو زرعة عن أسامة بن زيد بن أسلم و عبد الله بن زيد بن أسلم أيهما أحب إليك ؟ قال : أسامة أمثل . و قال النسائى : ليس بالقوى . و قال الواقدى : سمعت أسامة بن زيد بن أسلم يقول : نحن قوم من الأشعريين و لكنا لا ننكر منة عمر . قال محمد بن سعد : مات فى زمن أبى جعفر . روى له : ابن ماجة حديثا واحدا عن أبيه عن ابن عمر : " لا تؤخذ صدقات المسلمين إلا على مياههم " . قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 1/207 : و قال ابن سعد : كان كثير الحديث و ليس بحجة . و قال ابن حبان : كان واهيا يهم فى الأخبار فيرفع الموقوف و يصل المقطوع . و قال ابن عدى : لم أجد له حديثا منكرا لا إسنادا و لا متنا و أرجو أنه صالح . و قال أبو زيد القلوسى : سمعت على ابن المدينى يقول : ليس فى ولد زيد بن أسلم ثقة . و قال البخارى : ضعف على ( أى ابن المدينى ) : عبد الرحمن بن زيد و أما أخواه أسامة و عبد الله فذكر عنهما صلاحا . و ذكره يعقوب الفسوى فى باب من يرغب عن الرواية عنهم ، و كنت أسمع أصحابنا يضعفونهم . وقال ابن الجارود : و هو ممن يحتمل حديثه . و قال الآجرى عن أبى داود : ضعيف قليل الحديث . اهـ .إذن سند الحديث ضعيف من جهة اسامة بن زيد فهو قد اجمع علماء الجرح والتعديل على تضعيفه ولهذا لم يروي له أحد من الكتبة التسعة إلا ابن ماجة ولم يروي له إلا حديثا واحدا كما ان السند مقطوع فأسامة ليس صحابيا بل بينه وبين الصحابة طبقتين من الرواة يعني السند سقط منه ثلاث رجال فالحديث ساقط لا يحتج به
الرواية الثانية :
المعجم الكبير ج: 24 ص: 44
121 حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا محمد بن خالد بن عثمة حدثني موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن المنيب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بيت زيد بن حارثة فاستأذن فأذنت له زينب ولا خمار عليها فألقت كم درعها على رأسها فسألها عن زيد فقالت ذهب قريبا يا رسول الله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وله همهمة قالت زينب فاتبعته فسمعته يقول تبارك مصرف القلوب فما زال يقولها حتى تغيب.
السند واه لاسباب اما اولها ابو بكر بن سليمان بن أبي خثمة ليس من الصحابة بل هو تابعي فالحديث مرسل والراوي عنه مجهول لا ذكر له بكتب الرجال اما موسى بن يعقوب قال المزى فى "تهذيب الكمال" : موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى الزمعى ، أبو محمد المدنى . اهـ .و قال المزى :قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ثقة .و قال على ابن المدينى : ضعيف الحديث ، منكر الحديث . و قال أبو عبيد الآجرى ، عن أبى داود : صالح ، قد روى عنه ابن مهدى ، و له مشايخ مجهولون .و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " .قال محمد بن سعد : مات فى آخر خلافة أبى جعفر المنصور .روى له البخارى فى " الأدب " ، و الباقون سوى مسلم . اهـ . قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 10/378 :و قال النسائى : ليس بالقوى .و قال ابن عدى : لا بأس به عندى و لا برواياته .و قال الأثرم : سألت أحمد عنه ، فكأنه لم يعجبه .و قال الساجى : اختلف أحمد و يحيى فيه ، قال أحمد : لا يعجبنى حديثه . و قال ابن القطان : ثقة . اهـ . وجمع هذه الأقوال ابن حجر في التقريب فقال صدوق سيء الحفظ وهذا لا يقبل حديثه إذا تفرد وقد تفرد واما الراوي عنه محمد بن خالد بن عثمة فقال عنه ابن حجر في التقريب صدوق يخطئ فالسند واه اجتمعت فيه علل لا يمكن الاحتجاج به
الرواية الثالثة:
المستدرك على الصحيحين ج: 4 ص: 25
6775 قال بن عمر فحدثني عبد الله بن عامر الأسلمي عن محمد بن يحيى بن حبان قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول أين زيد فجاء منزله يطلبه فلم يجده فتقوم إليه زينب فتقول له هنا يا رسول الله فولى فيولي يهمهم بشيء لا يكاد يفهم عنه إلا سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله فقال زيد ألا قلت له يدخل قالت قد عرضت ذلك عليه وأبى قال فسمعته يقول شيئا قالت سمعته حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه وسمعته يقول سبحان الله العظيم سبحان الله صرف القلوب قال فخرج زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بلغني إنك جئت منزلي فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره فيقول أمسك عليك زوجك فيقول يا رسول الله إذا أفارقها فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم احبس عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وحلت قال فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيمة ثم سري عنه وهو يتبسم وهو يقول من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله عز وجل زوجنيها من السماء وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ يقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه القصة كلها قالت عائشة رضي الله عنها فأخذني ما قرب وما بعد لما كان بلغني من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها زوجها الله عز وجل من السماء وقالت عائشة هي تفخر علينا بهذا قالت عائشة فخرجت سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتد فحدثتها بذلك فأعطتها أوضاحا لها
هذا السند كذلك لا تقوم به حجة لان محمد بن يحي بن حبان تابعي فالحديث مرسل ضعيف واما الراوي عنه عبد الله بن عامر الأسلمي فقال المزى فى "تهذيب الكمال" : عبد الله بن عامر لأسلمى ، أبو عامر المدنى ، كان من قراء القرآن ، و كان يصلى فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان . اهـ .و قال المزى :قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى عن أحمد بن حنبل ، و أبو زرعة ، و أبو حاتم ، و السنائى : ضعيف .زاد أبو حاتم : ليس بالمتروك .و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء ، ضعيف .و قال البخارى : يتكلمون فى حفظه.و قال الخضر بن داود ، عن أحمد بن محمد : سمعت أبا عبد الله ذكر عنده " التكبيرفى العيد " ، فقلت له : روى عبد الله بن عامر الأسلمى ، عن نافع ، عن ابن عمرعن النبى صلى الله عليه وسلم . قال : هذا الآن أضعفها كلها ، ليس فيها كلها أضعف من هذا ، روى هذا ثلاثة ثقات : أيوب ، و عبيد الله ، و مالك ، عن نافع ، عن أبى هريرة . موقوف . و قال أبو أحمد بن عدى : عزيز الحديث ، لا يتابع فى بعض حديثه ، و هو ممن يكتب حديثه . و قال محمد بن سعد : كان قارئا للقرآن ، و كان يقوم بأهل المدينة فى شهر رمضان ، و كان كثير الحديث ، يستضعف ، و مات بالمدينة سنة خمسين أو إحدى و خمسين و مئة . روى له ابن ماجة . اهـ .قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 5/275 :و قال الآجرى ، عن أبى داود : ضعيف .و كذا قال الدارقطنى .و قال السعدى : يضعف حديثه .و قال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوى عندهم .و ذكره البرقى فى باب من غلب عليه الضعف .و قال البخارى أيضا : ذاهب الحديث .و قال ابن حبان : كان يقلب الأسانيد و المتون ، و يرفع المراسيل . اهـ .
فالسند واهي كذلك لا يحتج به فالقصة كلها لا أساس لها من الصحة ولا يتمسك بها إلا هالك وقد يسأل الإنسان لماذا ذكرت هذه الروايات في كتب المسلمين أقول هذا دليل على نزاهة الأئمة في نقولهم وكانوا بذكر السند كأنهم ذكروا النقد على الحديث وتضعيفه وهذا لا يخفى على مطلع على كتب الأئمة لأنهم كما كان معروفا في زمانهم ان من يقرأ السند يعرف بالضرورة ضعف الرواية وعدم حجيتها ولكن عندما غلب الجهل بدأ من لا علم له يأتي بالروايات على علاتها لا يوضح ضعفها ليلبس الحق بالباطل ولكن كما بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
ويجدر بالذكر اني أعرضت عن الروايات التي لا سند لها التي نقلت عن بعض التابعين لان مثلها ليس حجة ونتساءل كيف تختفي هذه القصة في عهد الصحابة الذي عايشوا النبي صلى الله عليه وسلم فلا تروى هذه القصة عن صحابي واحد ثم تظهر هكذا فجأة في عهد التابعين. ويا ليتها نقلت عن التابعين بسند تقوم به الحجة بل كلها أسانيد واهية.وانظر إلى قول الإمام ابن كثير في هذه الرويات قال في تفسيره ج: 3 ص: 492 "ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير هاهنا آثارا عن بعض السلف رضي الله عنه أحببنا ان نضرب عنها صفحا لعدم صحتها فلا نوردها". فالحق الذي لا مراء فيه أن هذه القصة اختلاق محض نسجت من خيال مريض وتناقلها بعض من لا تثبت عنده في الرواية, ومما يؤكد هذا الطرح هو أن من خطب زينب لأسامة هو النبي صلى الله عليه وسلم لأنها ابنة عمته وهو يعرفها جيدا فلو كان النبي يتأثر بما تذكره القصة من جمال زينب لكان خطبها لنفسه من أول الأمر وانتهى الموضوع لكن لأسباب زواج النبي صلي الله عليه وسلم منها أسباب أخرى بعيدة كل البعد عما تشير إليه هذه الخرافة ذكرها القرآن والسنة الصحيحة الثابتة إن شاء سنتطرق إليها في ما يأتي من سطور.
حيثيات زواج زيد رضي الله عنه بالسيدة زينب بنت جحش:
جاء في تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 490
قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة رضي الله عنه فدخل على زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها فخطبها فقالت لست بناكحته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل فانكحيه قال يا رسول الله أؤامر في نفسي فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا الآية قالت قد رضيته لي يا رسول الله منكحا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قالت إذا لا أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكحته نفسي وقال ابن لهيعة عن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة رضي الله عنه فاستنكفت منه وقالت أنا خير منه حسبا وكانت امرأة فيها حدة فأنزل الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية كلها وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل ابن حيان أنها نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه فامتنعت ثم أجابت
إذن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خطبها بنفسه لزيد وهي كانت لم تكن راغبة في زواج منه ولكن عليه الصلاة والسلام كان مصرا على تزويجها لمولاه زيد وهذا ربما كان لحبه لزيد مولاه ورغبة في مصاهرته خصوصا وقد كان يدعى أبنى له قبل تحريم التبني وكان هذا النسب فخرا لزيد لا يدانيه فخر فأراد النبي صلى الله عليه وسلم تطيب خاطره بعد أن بطل التبني وانتساب الإنسان إلى غير أبيه بأن يزوجه من ابنة عمه ويكون صهرا للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، على كل حال أرادت الحكمة الإلهية أن يتم هذا الزواج لسبب تشريعي سيكون له وقع كبير على مجتمع جاهلي بدأ النور الرباني ينتشر بين ربوعه, هذا الزواج لم يكن لينجح نظرا للفروق الاجتماعية التي كانت السيدة زينب توليها أهمية ونحن نعلم أن أبسط شروط استمرار الزواج تقدير كل من المرأة والرجل للآخر واعتباره كفئا له. المهم ازدادت المشاكل بين زيد رضي الله عنه والسيدة زينب يقول ابن كثير في تفسيره ج: 3 ص: 492 وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد زوجه بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها وأمها أمية بنت عبد المطلب وأصدقها عشرة دنانير وستين درهما وحمارا وملحفة ودرعا وخمسين مدا من طعام وعشرة أمداد من تمر قاله مقاتل بن حيان فمكثت عنده قريبا من سنة أو فوقها ثم وقع بينهما فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له أمسك عليك زوجك واتق الله.
زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها وأرضاها
إذن النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد لهذا الزواج الاستمرار لكن إرادة الله هي الغالبة فينزل الوحي يخبر الرسول صلى الله عليه انه زيد سيطلق السيد زينب وإنها ستصبح زوجته فيخفي الرسول هذا في نفسه ولا يبديه لان الأمر جلل لكن أمام القضاء الإلهي لا يمكن للرسول عليه الصلاة والسلام إلا الرضا والانقياد ولندع القرآن يظهر لنا الصورة بأسلوبه المعجز يقول سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب الأية 37 .
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً{37})
النص واضح أبلج يظهر كيف تم الأمر كله زيد يعاني مشاكل مع زوجته فيشتكي للرسول عليه الصلاة والسلام الرسول يعلم انه سيطلقها وستكون زوجة له بإعلام إلهي لكن يخفي ذلك خشية أن يتحدث الناس أنه تزوج طليقة دعيه والذي كان يعتبر ابنا في المجتمع الجاهلي، لكن الله يريد القضاء على هذه العادات الجاهلية ويكون ذلك بأن يزوج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة زينب فيكون القضاء تاما لأنه يتم على يد الرسول الخاتم وهذا واضح من مصدر التزويج الذي زوج هنا هو الله نفسه فزوجناكها فالله زوج النبي ليس لان الرسول رأى جمالها كما يظن المتجاهلون بل لان لا سبيل أن يقضى على عادة التبني الجاهلي إلا بهذا الزواج. وانظر كيف تتضح إرادة الله من هذا الزواج في ختام الآية فيقول وكان أمر الله مفعولا أي لا راد له ومهرب منه. ولو كان سبب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيد زينب هو جمالها الباهر لكانت ذكر ذلك في سبب زواجها وافتخرت به كما هو طبع النساء لكن عندما تذكر السيدة زينب زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم تفتخر بشيء ثاني اسمع لقولها كما ورد في صحيح البخاري ج: 6 ص: 2699 ح6984 "حدثنا أحمد حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول ثم اتق الله وأمسك عليك زوجك قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه قال فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات" إذن الله هو الذي زوج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب لسبب تشريعي أراده الله.
لكن الآن دعونا نسأل هذا السؤال المنطقي يا أيها النصراني الذي تعترض على زواج الرسول صلى عليه وسلم فكيف تقبل هذا النص من الكتاب المقدس. جاء في سفر يشوع الإصحاح الأول:
2 اول ما كلّم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى واولاد زنى لان الارض قد زنت زنى تاركة الرب.
واني لن اعلق النص فقراءته تكفي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد والفرق الواضح بين شرائع الإسلام وما ترمي إليه من النهوض بالبشرية من العادات الجاهلية إلى التعليم الرباني الموافق للفطرة السليمة وبين إله يأمر نبي بالزنا واتخاذ اولاد زنا.
في الأخير لا يفوتنا القول بأن الإسلام هو دين التحقيق والتدقيق ونقد الرويات وتمحيص الأدلة وهذه خصيصة بهذا الدين لا توجد في غيره وقد ظهر جليا كيف أن الروايات التي يوردها من يريد الطعن في هذا الدين كلها تهاوت عند التدقيق والتمحيص وأصبحوا عارين من كل دليل ليس لديهم إلا حقدهم على الإسلام وطعنهم فيه فلو كان يرمون الحق والصواب لكفاهم كتاب الله ووضوح معانيه في هذه المسألة ولكفاهم الروايات الصحيحة الثابتة.
أرجوا أني كنت قد وفقت في توضيح الأمر والرد على هذا الافتراء وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه الشيخ عبد الصمد الفلوجة رحمه الله رحمة واسعة وأسماهv] afim .,h[ hgvs,g fHlkh .dkf fkj [pa
المفضلات