تــــــــــحــــــــــت . . الــــمــــجــــهــــر
((الحلقة الأولى))
القسم المقدس .. في .. الكتاب المقدس
سنتناول بالدارسة في هذه الحلقة ـ بإذنه تعالى ـ أحد الطقوس الغريبة الواردة في الكتاب المقدس ـ وما أكثرها .. والكتاب المقدس ـ لمن لا يعرفه ـ قد فاقت غرائبه الحصر والوصف .. فهو الكتاب الذي لا تنقضي غرائبه ولا تحل مشاكله ولا تستقيم مسالكه.
وقد ورد هذا الطقس في موضعين من العهد القديم، كلاهما في سفر التكوين .. وكان الهدف الأساسي من ممارسته فيهما هو توثيق وتوكيد بعض العهود بين طرفين باسم ((يهوه)) إله العهد القديم .. وهو ما يمكننا أن نطلق عليه ((القسم)) أو ((الحلف)).
ولا خلاف أن ((القسم)) كان ولا زال أحد الطقوس المهمة في حياة البشر على اختلاف ألوانهم ومشاربهم وعقائدهم .. وتتم مراسم القسم غالباً باسم الإله المعبود .. وذلك لأغراض شتى .. منها .. توثيق وتوكيد العهود بين طرفين .. أو استنطاق شاهد بالحق في قضية ما .. أو غير ذلك.
وتختلف مراسم القسم اختلافاً بيناً باختلاف الزمان والمكان والأديان والأعراف .. فمثلاً .. قد يرفع الحالف يده اليمنى ثم يقسم .. في حين قد يضع آخر يده على الكتاب الذي يؤمن بقدسيته ثم يقسم .. وثالث يشد على يد المحلوف له ثم يقسم .. وهكذا .. فآداب ومراسم هذا الطقس تختلف وتتباين.
إلا أن مراسم القسم تمارس بأسلوب فريد في الكتاب المقدس .. وأكاد أجزم أنه لا يوجد كتاب آخر على وجه البسيطة يدانيه أو يجاريه في أسلوب القسم الوارد فيه .. ولما لا .. وهو الكتاب المقدس جداً.
وتتلخص مراسم هذا الطقس المقدس كما وردت في الكتاب المقدس في أن (( يأخذ الحالف بيده .. العضو التناسلي للمحلوف له .. نعم العضو التناسلي .. ثم يقسم بأغلظ الأيمان وأقواها وأضخمها على الوفاء ببنود العهد الذي بينهما. )).
وعلى الرغم من أن يسوع قد تفضل مشكوراً فنسخ في عهده الجديد هذا القسم المخل بالآداب من عهد يهوه القديم .. بل نسخ القسم بأنواعه المقدس منه وغير المقدس .. كما نُقِلَ ذلك عنه في (متى5/33ـ37) [ أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ. ] .. إلا أن ذلك لم ينسخ حقيقة ممارسة هذا الطقس البارد في العهد القديم .. والذي لا يقل في برودته عن برودة القس المشلوح زكريا بطرس ـ عامله الله تعالى بما هو أهله .. والذي يقيم الدنيا على كلمة ((نكاح)) الواردة في القرآن الكريم .. والتي تأتي بمعنى ((زواج)) ـ كما تعلمون .. فيزعم هذا المشلوح أنها كلمة قبيحة ـ قبحه الله تعالى في الدنيا والآخرة .. وأنا أطلب من جنابته أن ينظر الآن في هذا الطقس الوارد في كتابه اللامقدس وليخبرنا .. أفيه قبح أم لا ؟ .. وأغلب ظني أنه من أولئك الذي قال الله تعالى فيهم [ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ] (الأعراف179) .. فكما جرت به العادة .. سيخرج هذا المعتوه على الدنيا بسحنته المعهودة ـ أراحنا الله تعالى وإياكم منها ـ زاعماً أن هذا الطقس هو طقس روحاني سماوي لا قبح فيه أبداً ـ كما زعم ذلك من قبل في حق الكلام الداعر الوارد في نشيد الإنشاد .. وحينئذ .. يحق لنا أن نطلب من جنابته ممارسة هذا الطقس الروحاني السماوي عملياً على شاشات التلفاز .. بأن يمسك العضو التناسلي لأحد كبراء ملته ـ ولن أطلب منه القسم حتى لا يخالف قرار يسوع السابق .. أو فليسمح لبعض محبيه والمفتونين به من النصارى بأن يمسك عضوه التناسلي ـ وأرجو أن لا يكون عضوه التناسلي هو الآخر مشلوح .. ويا حبذا لو تبرعت السيدة الفاضلة ناهد متولي ـ بصفتها من محبيه ـ للقيام بهذا العمل المقدس الجليل أمام المشاهدين على قناة الحياة .. حتى نقيس عملياً مدى روحانية وسمو هذا الطقس المقدس من خلال التغيرات الفسيولوجية التي ستطرأ على السادة المشاهدين .. وعندئذ سنرى فعلياً وبما لا يدع مجالاً لشك .. هل القبح كل القبح في ممارسة هذا ((الطقس)) الوارد في الكتاب المقدس ؟ .. أم القبح ـ كما زعم صحاب القلب العليل والنظر الكليل ـ في كلمة ((نكاح)) الواردة في القرآن الكريم ؟ .. [ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ] (الشعراء227).
((والآن .. لنبدأ ـ بإذنه تعالى ـ في دراسة هذا الطقس بشيء من الإسهاب))
فأقول .. وردت مراسم هذا القسم في موضعين من الكتاب المقدس كلاهما في سفر التكوين من العهد القديم ـ كما أسلفت.
الموضع الأول : (تكون24/2ـ3) [ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ. ].
الموضع الثاني : (تكوين47/29ـ31) [ وَلَمَّا قَرُبَتْ أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ أَنْ يَمُوتَ دَعَا ابْنَهُ يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي وَاصْنَعْ مَعِي مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً: لاَ تَدْفِنِّي فِي مِصْرَ، بَلْ أَضْطَجعُ مَعَ آبَائِي، فَتَحْمِلُنِي مِنْ مِصْرَ وَتَدْفِنُنِي فِي مَقْبَرَتِهِمْ». فَقَالَ: «أَنَا أَفْعَلُ بِحَسَبِ قَوْلِكَ». فَقَالَ: «احْلِفْ لِي». فَحَلَفَ لَهُ. ].
وكما تلاحظ فإن النص العربي يقول ((ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي)) وكذلك فالنص الإنجليزي ـ في أغلب ترجماته ـ يقول ((Put your hand under my thigh)).. والحق أن النصين متطابقان تماماً .. إلا أنهما في ذات الوقت ترجمتين غير أمينتين لما يقال عنه أصل العبري .. وهذا ما يؤكده ليوتاكسل بقوله [ لقد أصبح طقس القسم هذا موضوعاً للتسلية عند الشارحين من أتباع مذهب الشك، والسبب في ذلك هو أن النص اليهودي القديم يقول دون مواربة : خذ عضوي ـ القضيب ـ وخصيتي بيدك. ويفسر الأتنوغرافيون هذا، بأن الأعضاء التناسلية الذكرية كانت تحظى باحترام كبير، ليس تبعاً لطقس الختان الذي يربطها بيهوه وحسب، بل لأنها، كمصدر لتكاثر الجنس البشري، وضمانة لبركة يهوه، عُدت رمزاً للقوة والجبروت. لكن مهما بدا طقس القسم هذا غريباً، علينا أن ننحني له احتراماً، لأننا يجب ألا نرتاب لحظة واحدة في أن : الروح القدس هو صاحبه. إذاً عندما نصادف كلمة فخذ في الترجمات الحديثة للتوراة، علينا أن نفهمها مجازاً. فإذا قرأنا على سبيل المثال، أن أحد الزعماء خرج من فخذ يهوذا فإننا نقرر بهذا تحريفاً مقصوداً للنص، لأن كلاً منا يعرف أن الأطفال لا يولدون من الأفخاذ، زد على هذا، أن الحمامة الإلهية لم تخجل يوماً أن تدعو الأشياء بأسمائها الحقيقية، مهما كانت هذه الأسماء كبيرة. وهكذا وضع العبد يده تحت فخذ مولاه إبراهيم (أو بالأصح) أخذ العبد عضو إبراهيم ـ القضيب ـ وخصيتيه بيده، وحلف. ] ((ليوتاكسل ـ التوراة .. كتاب مقدس أم جمع من الأساطير! ـ صفحة 116)) .. وموضع الشاهد من قول ليوتاكسل السابق هو تأكيده على أن النص العبري القديم كان يصرح بإمساك الحالف للعضو التناسلي للمحلوف له.
((وإليك عدداً من أقوال علماء النصارى ومصادرهم المعتمدة التي تأكد هذا المفهوم))
(1) بالرجوع إلى قاموس ((Strong)) للكلمات العبرية .. نجد أن كلمة ((فخذ)) = ((Thigh)) = ((ירך)) والتي تحمل الرقم ((H3409)) .. جاء تعريفها كما يلي :
من جذر غير مستعمل بمعنى أن تكون لينة؛ الفخذ (من ليونة لحمته)؛ يكنى به عن أعضاء التوالد؛ ومجازاً بمعنى ساق، خاصرة، جانب.From an unused root meaning to be soft; the thigh (from its fleshy softness); by euphemism the generative parts; figuratively a shank, flank, sideالترجمة
وكما تلاحظ هنا فكلمة ((Thigh)) يكنى بها عن أعضاء التوالد = الأعضاء التناسلية، وتستخدم مجازاً لأشياء أخرى .. وهو ما يؤكد قول ليوتاكسل السابق.
(2) أقرالآباء اليسوعيون في حاشية ترجمتهم للكتاب المقدس على أن مراسم هذا الطقس تمارس بلمس ـ لاحظ محاولتهم تخفيف حدة المعنى ـ الأعضاء التناسلية .. فقالوا [ لجعل القسم غير قابل النقض بلمس الأعضاء الحيوية .... لكن هذا النص مشوه. ] ((الآباء اليسوعيون ـ الكتاب المقدس ـ صفحة101)) .. لاحظ عبارتهم الأخيرة.
(3) يقول المفسر الشهير Adam Clarke ما نصه :
The person binding himself put his hand under the thigh of the person to whom he was to be bound; i.e., he put his hand on the part that bore the mark of circumcision, the sign of God’s covenant, which is tantamount to our kissing the book, or laying the hand upon the New Testament or covenant of our Lord Jesus Christيضع الحالف يده تحت فخذ المحلوف له .. بمعنى .. أنه يضع يده على الجزء الذي يحمل علامة الختان، علامة عهد الله، والتي تعادل تقبيلنا الكتاب، أو وضع اليد على العهد الجديد أو عهد سيدنا يسوع المسيح.
وكما ترى هنا أيضاً .. فقد أقر جناب المفسر بأن مراسم هذا الطقس تتم بوضع اليد على الجزء الذي يحمل علامة الختان .. والجزء الذي يحمل علامة الختان ـ كما هو معروف ـ إنما هو العضو التناسلي .. وهو الذي يحمل علامة العهد ـ المزعوم ـ بين الله تعالى وإبراهيم النبي .. (تكوين17/9ـ11) [ وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. ] .. ومن الغريب اعتبار جناب المفسر أن وضع اليد على الأعضاء التناسلية أثناء القسم له من القداسة ما يعادل وضع اليد على العهد الجديد .. وهي والله مصيبة أن يساوي الإنسان بين فرجه وكتاب ربه.
(4) قريباً من تفسير Adam Clarke السالف، جاء تفسير الأب أنطونيوس فكري .. حيث أقر جنابه أيضاً أن المقصود ليس الفخذ .. بل علامة العهد مع الله ـ العضو التناسلي .. فقال [ ضع يدك تحت فخذي : هو أسلوب القسم وهذا يعني أنه يضع يده تحت علامة العهد مع الله وهي الختان كمن يشهد الكتاب المقدس علي كلامه كعلامة العهد الجديد. والمعني كما أن عهد الله لا يتغير في طبيعته وأن الله لا يتغير ولا يغير في وعوده هكذا يكون من يحلف بهذا الأسلوب ملتزماً بوعوده وإلا خسر بركات الله. وهذه الطريقة للقسم تشير أيضاً أنه قسم بالمتجسد من نسله فكلمة فخذ تترجم صلب بمعني مصدر النسل (تكوين46/26). ].
(5) ورد النص ـ محل الدراسة ـ في ترجمة Good News Bible كما يلي :
Genesis24/2: Place your hand between my thighs and make a vowوعلى الرغم من محاولة تلك الترجمة تخفيف حدة المعنى هي الأخرى .. إلا أنها أقرب الترجمات الإنجليزية إلى حقيقة النص .. وكما تلاحظ فقد استخدم المترجم كلمة between = بين .. my thighs = فخذيا ـ بالجمع أو المثنى .. ليكون المعنى الإجمالي للنص كما يلي .. [ ضع ـ دُس ـ يدك بين فخذيا واقسم. ] .. ولنا أن نتساءل هنا .. ماذا يوجد بين الفخذين ؟ .. وأرجو ألا يكون الجواب هو .. الكتاب المقدس .. فجميعنا يعلم ماذا يوجد بين الفخذين.
((إذاً .. تأكدنا الآن بما لا يدع مجلاً للشك .. أن مراسم هذا القسم كانت تتم بإمساك الحالف الأعضاء التناسلية للمحلوف له))
والآن .. لنعاود الرجوع إلى الموضعين محل الدراسة .. لنرى .. من هم الأفراد الذين مارسوا هذا القسم فعلياً :
الموضع الأول : (تكون24/2ـ3) [ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ. ] .. (تكوين24/9) [ فَوَضَعَ الْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هذَا الأَمْرِ. ] .. هذا العبد ـ بحسب التقليد ـ هو أليعازر الدمشقي .. والذي نعته صاحب التفسير الحديث بنعوت القديسين حيث قال [ يعد ـ أليعازر الدمشقي ـ من بين أكثر الشخصيات الصغرى جاذبية في الكتاب المقدس، بما يتميز به من حس سليم، وتقوى، وإيمان ] ((دريك كندر ـ التفسير الحديث للكتاب المقدس <تفسير سفر التكوين> ـ صفحة162)) .. وفي هذا الشاهد .. نرى أليعازر العبد التقي المؤمن وهو يمسك بالعضو التناسلي للنبي إبراهيم كي يقسم له على أن لا يزوج إسحاق ـ ابن إبراهيم ـ من بنات كنعان .. بل يزوجه من عشيرة إبراهيم.
الموضع الثاني : (تكوين47/29ـ31) [ وَلَمَّا قَرُبَتْ أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ أَنْ يَمُوتَ دَعَا ابْنَهُ يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي وَاصْنَعْ مَعِي مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً: لاَ تَدْفِنِّي فِي مِصْرَ، بَلْ أَضْطَجعُ مَعَ آبَائِي، فَتَحْمِلُنِي مِنْ مِصْرَ وَتَدْفِنُنِي فِي مَقْبَرَتِهِمْ». فَقَالَ: «أَنَا أَفْعَلُ بِحَسَبِ قَوْلِكَ». فَقَالَ: «احْلِفْ لِي». فَحَلَفَ لَهُ. ] .. وفي هذا الشاهد أيضاً نري يوسف النبي وهو يمسك بالعضو التناسلي لأبيه إسرائيل الذي هو يعقوب النبي كي يقسم له على أن لا يدفنه في مصر بل يدفنه في كنعان.
فانظر أخي في الله ـ غفر الله تعالى لنا ولك .. كيف نسب هذا الكتاب المنعوت زوراً وبهتاناً بالمقدس لأنبياء الله عز وجل والصالحين من عباده فعل السفاهات والخوض في المنكرات .. فيمسك بعضهم عورة بعض .. كما يفعل بعض السفهاء أو الصبية الأغرار في زماننا .. ووالله .. لو أن هذا الكتاب المقدس قد نسب هذا الفعل الشائن إلى بعض النكرات من الناس .. ثم لم يوبخهم على فعلهم هذا .. لكن هذا منقصة في حقه وقادحاً في كونه كتاباً سماوياً .. فما بالك وهو ينسب هذا الفعل إلى الأنبياء والصالحين من عباد الله تعالى .. بل ويجعله عملاً تقوم به العهود ولا تخفر به ذمة المعبود .. نعوذ بالله من هذا الضلال.
وأنا الآن أوجه كلامي إلى العقلاء من النصارى والباحثين عن الحق منهم ـ هدانا الله تعالى وإياهم إلى الحق .. فأقول .. تخيل نفسك ـ أيها الإنسان المُكرم ـ مكان نبي الله يوسف .. وتخيل أبيك مكان نبي الله يعقوب .. وتصور نفسك وأنت تمد يدك الآن لتمسك بالعضو التناسلي لأبيك حتى تقسم له .. تخيل هذا المنظر .. أو تخيل نفس الموقف مع تبدل الأدوار .. أي أن ابنك يريد أن يقسم لك فيمد يده الآن كي يمسك بعضوك التناسلي .. ما هو إحساسك عندئذ ؟ .. وهل ستسمح لنفسك أو لابنك بفعل ذلك بمرأى ومسمع من أخواتك أو بناتك أو أمك أو زوجك ؟ .. لا أظن .. فوالله الذي لا إله غيره .. إن كنت إنسان من أهل المروءة والرجولة لما فعلت ذلك أبداً .. فبالله عليك .. كيف ترضي هذا الفعل في حق نبيين كريمين من أنبياء الله تعالى ؟!! .. إن كتاباً ينسب النقائص والسفاهات ـ التي يترفع أتباعه عن فعلها ـ إلى أنبياء الله تعالى .. ليس بمقدس .. وليس من عند الله.
وفي الختام
فإني استغفر الله تعالى لما أوردته في حق أنبيائه عليهم السلام .. وأعتذر عن تلك الألفاظ والإيحاءات الخادشة للحياء
فهذا هو دين القوم وكتابهم
وادعوا الله عز وجل أن يرزق الجميع الهداية والرشاد
سبحان ربك رب العزة عما يصفون .. وسلام على المرسلين .. والحمد لله رب العالمين
بقلم الطامع في عفو ربه الكريم
EgyMuslimتــــــــــحــــــــــت . . الــــمــــجــــهــــر
((الحلقة الأولى))
القسم المقدس .. في .. الكتاب المقدس
سنتناول بالدارسة في هذه الحلقة ـ بإذنه تعالى ـ أحد الطقوس الغريبة الواردة في الكتاب المقدس ـ وما أكثرها .. والكتاب المقدس ـ لمن لا يعرفه ـ قد فاقت غرائبه الحصر والوصف .. فهو الكتاب الذي لا تنقضي غرائبه ولا تحل مشاكله ولا تستقيم مسالكه.
وقد ورد هذا الطقس في موضعين من العهد القديم، كلاهما في سفر التكوين .. وكان الهدف الأساسي من ممارسته فيهما هو توثيق وتوكيد بعض العهود بين طرفين باسم ((يهوه)) إله العهد القديم .. وهو ما يمكننا أن نطلق عليه ((القسم)) أو ((الحلف)).
ولا خلاف أن ((القسم)) كان ولا زال أحد الطقوس المهمة في حياة البشر على اختلاف ألوانهم ومشاربهم وعقائدهم .. وتتم مراسم القسم غالباً باسم الإله المعبود .. وذلك لأغراض شتى .. منها .. توثيق وتوكيد العهود بين طرفين .. أو استنطاق شاهد بالحق في قضية ما .. أو غير ذلك.
وتختلف مراسم القسم اختلافاً بيناً باختلاف الزمان والمكان والأديان والأعراف .. فمثلاً .. قد يرفع الحالف يده اليمنى ثم يقسم .. في حين قد يضع آخر يده على الكتاب الذي يؤمن بقدسيته ثم يقسم .. وثالث يشد على يد المحلوف له ثم يقسم .. وهكذا .. فآداب ومراسم هذا الطقس تختلف وتتباين.
إلا أن مراسم القسم تمارس بأسلوب فريد في الكتاب المقدس .. وأكاد أجزم أنه لا يوجد كتاب آخر على وجه البسيطة يدانيه أو يجاريه في أسلوب القسم الوارد فيه .. ولما لا .. وهو الكتاب المقدس جداً.
وتتلخص مراسم هذا الطقس المقدس كما وردت في الكتاب المقدس في أن (( يأخذ الحالف بيده .. العضو التناسلي للمحلوف له .. نعم العضو التناسلي .. ثم يقسم بأغلظ الأيمان وأقواها وأضخمها على الوفاء ببنود العهد الذي بينهما. )).
وعلى الرغم من أن يسوع قد تفضل مشكوراً فنسخ في عهده الجديد هذا القسم المخل بالآداب من عهد يهوه القديم .. بل نسخ القسم بأنواعه المقدس منه وغير المقدس .. كما نُقِلَ ذلك عنه في (متى5/33ـ37) [ أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ. ] .. إلا أن ذلك لم ينسخ حقيقة ممارسة هذا الطقس البارد في العهد القديم .. والذي لا يقل في برودته عن برودة القس المشلوح زكريا بطرس ـ عامله الله تعالى بما هو أهله .. والذي يقيم الدنيا على كلمة ((نكاح)) الواردة في القرآن الكريم .. والتي تأتي بمعنى ((زواج)) ـ كما تعلمون .. فيزعم هذا المشلوح أنها كلمة قبيحة ـ قبحه الله تعالى في الدنيا والآخرة .. وأنا أطلب من جنابته أن ينظر الآن في هذا الطقس الوارد في كتابه اللامقدس وليخبرنا .. أفيه قبح أم لا ؟ .. وأغلب ظني أنه من أولئك الذي قال الله تعالى فيهم [ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ] (الأعراف179) .. فكما جرت به العادة .. سيخرج هذا المعتوه على الدنيا بسحنته المعهودة ـ أراحنا الله تعالى وإياكم منها ـ زاعماً أن هذا الطقس هو طقس روحاني سماوي لا قبح فيه أبداً ـ كما زعم ذلك من قبل في حق الكلام الداعر الوارد في نشيد الإنشاد .. وحينئذ .. يحق لنا أن نطلب من جنابته ممارسة هذا الطقس الروحاني السماوي عملياً على شاشات التلفاز .. بأن يمسك العضو التناسلي لأحد كبراء ملته ـ ولن أطلب منه القسم حتى لا يخالف قرار يسوع السابق .. أو فليسمح لبعض محبيه والمفتونين به من النصارى بأن يمسك عضوه التناسلي ـ وأرجو أن لا يكون عضوه التناسلي هو الآخر مشلوح .. ويا حبذا لو تبرعت السيدة الفاضلة ناهد متولي ـ بصفتها من محبيه ـ للقيام بهذا العمل المقدس الجليل أمام المشاهدين على قناة الحياة .. حتى نقيس عملياً مدى روحانية وسمو هذا الطقس المقدس من خلال التغيرات الفسيولوجية التي ستطرأ على السادة المشاهدين .. وعندئذ سنرى فعلياً وبما لا يدع مجالاً لشك .. هل القبح كل القبح في ممارسة هذا ((الطقس)) الوارد في الكتاب المقدس ؟ .. أم القبح ـ كما زعم صحاب القلب العليل والنظر الكليل ـ في كلمة ((نكاح)) الواردة في القرآن الكريم ؟ .. [ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ] (الشعراء227).
((والآن .. لنبدأ ـ بإذنه تعالى ـ في دراسة هذا الطقس بشيء من الإسهاب))
فأقول .. وردت مراسم هذا القسم في موضعين من الكتاب المقدس كلاهما في سفر التكوين من العهد القديم ـ كما أسلفت.
الموضع الأول : (تكون24/2ـ3) [ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ. ].
الموضع الثاني : (تكوين47/29ـ31) [ وَلَمَّا قَرُبَتْ أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ أَنْ يَمُوتَ دَعَا ابْنَهُ يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي وَاصْنَعْ مَعِي مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً: لاَ تَدْفِنِّي فِي مِصْرَ، بَلْ أَضْطَجعُ مَعَ آبَائِي، فَتَحْمِلُنِي مِنْ مِصْرَ وَتَدْفِنُنِي فِي مَقْبَرَتِهِمْ». فَقَالَ: «أَنَا أَفْعَلُ بِحَسَبِ قَوْلِكَ». فَقَالَ: «احْلِفْ لِي». فَحَلَفَ لَهُ. ].
وكما تلاحظ فإن النص العربي يقول ((ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي)) وكذلك فالنص الإنجليزي ـ في أغلب ترجماته ـ يقول ((Put your hand under my thigh)).. والحق أن النصين متطابقان تماماً .. إلا أنهما في ذات الوقت ترجمتين غير أمينتين لما يقال عنه أصل العبري .. وهذا ما يؤكده ليوتاكسل بقوله [ لقد أصبح طقس القسم هذا موضوعاً للتسلية عند الشارحين من أتباع مذهب الشك، والسبب في ذلك هو أن النص اليهودي القديم يقول دون مواربة : خذ عضوي ـ القضيب ـ وخصيتي بيدك. ويفسر الأتنوغرافيون هذا، بأن الأعضاء التناسلية الذكرية كانت تحظى باحترام كبير، ليس تبعاً لطقس الختان الذي يربطها بيهوه وحسب، بل لأنها، كمصدر لتكاثر الجنس البشري، وضمانة لبركة يهوه، عُدت رمزاً للقوة والجبروت. لكن مهما بدا طقس القسم هذا غريباً، علينا أن ننحني له احتراماً، لأننا يجب ألا نرتاب لحظة واحدة في أن : الروح القدس هو صاحبه. إذاً عندما نصادف كلمة فخذ في الترجمات الحديثة للتوراة، علينا أن نفهمها مجازاً. فإذا قرأنا على سبيل المثال، أن أحد الزعماء خرج من فخذ يهوذا فإننا نقرر بهذا تحريفاً مقصوداً للنص، لأن كلاً منا يعرف أن الأطفال لا يولدون من الأفخاذ، زد على هذا، أن الحمامة الإلهية لم تخجل يوماً أن تدعو الأشياء بأسمائها الحقيقية، مهما كانت هذه الأسماء كبيرة. وهكذا وضع العبد يده تحت فخذ مولاه إبراهيم (أو بالأصح) أخذ العبد عضو إبراهيم ـ القضيب ـ وخصيتيه بيده، وحلف. ] ((ليوتاكسل ـ التوراة .. كتاب مقدس أم جمع من الأساطير! ـ صفحة 116)) .. وموضع الشاهد من قول ليوتاكسل السابق هو تأكيده على أن النص العبري القديم كان يصرح بإمساك الحالف للعضو التناسلي للمحلوف له.
((وإليك عدداً من أقوال علماء النصارى ومصادرهم المعتمدة التي تأكد هذا المفهوم))
(1) بالرجوع إلى قاموس ((Strong)) للكلمات العبرية .. نجد أن كلمة ((فخذ)) = ((Thigh)) = ((ירך)) والتي تحمل الرقم ((H3409)) .. جاء تعريفها كما يلي :
من جذر غير مستعمل بمعنى أن تكون لينة؛ الفخذ (من ليونة لحمته)؛ يكنى به عن أعضاء التوالد؛ ومجازاً بمعنى ساق، خاصرة، جانب.From an unused root meaning to be soft; the thigh (from its fleshy softness); by euphemism the generative parts; figuratively a shank, flank, sideالترجمة
وكما تلاحظ هنا فكلمة ((Thigh)) يكنى بها عن أعضاء التوالد = الأعضاء التناسلية، وتستخدم مجازاً لأشياء أخرى .. وهو ما يؤكد قول ليوتاكسل السابق.
(2) أقرالآباء اليسوعيون في حاشية ترجمتهم للكتاب المقدس على أن مراسم هذا الطقس تمارس بلمس ـ لاحظ محاولتهم تخفيف حدة المعنى ـ الأعضاء التناسلية .. فقالوا [ لجعل القسم غير قابل النقض بلمس الأعضاء الحيوية .... لكن هذا النص مشوه. ] ((الآباء اليسوعيون ـ الكتاب المقدس ـ صفحة101)) .. لاحظ عبارتهم الأخيرة.
(3) يقول المفسر الشهير Adam Clarke ما نصه :
The person binding himself put his hand under the thigh of the person to whom he was to be bound; i.e., he put his hand on the part that bore the mark of circumcision, the sign of God’s covenant, which is tantamount to our kissing the book, or laying the hand upon the New Testament or covenant of our Lord Jesus Christيضع الحالف يده تحت فخذ المحلوف له .. بمعنى .. أنه يضع يده على الجزء الذي يحمل علامة الختان، علامة عهد الله، والتي تعادل تقبيلنا الكتاب، أو وضع اليد على العهد الجديد أو عهد سيدنا يسوع المسيح.
وكما ترى هنا أيضاً .. فقد أقر جناب المفسر بأن مراسم هذا الطقس تتم بوضع اليد على الجزء الذي يحمل علامة الختان .. والجزء الذي يحمل علامة الختان ـ كما هو معروف ـ إنما هو العضو التناسلي .. وهو الذي يحمل علامة العهد ـ المزعوم ـ بين الله تعالى وإبراهيم النبي .. (تكوين17/9ـ11) [ وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. ] .. ومن الغريب اعتبار جناب المفسر أن وضع اليد على الأعضاء التناسلية أثناء القسم له من القداسة ما يعادل وضع اليد على العهد الجديد .. وهي والله مصيبة أن يساوي الإنسان بين فرجه وكتاب ربه.
(4) قريباً من تفسير Adam Clarke السالف، جاء تفسير الأب أنطونيوس فكري .. حيث أقر جنابه أيضاً أن المقصود ليس الفخذ .. بل علامة العهد مع الله ـ العضو التناسلي .. فقال [ ضع يدك تحت فخذي : هو أسلوب القسم وهذا يعني أنه يضع يده تحت علامة العهد مع الله وهي الختان كمن يشهد الكتاب المقدس علي كلامه كعلامة العهد الجديد. والمعني كما أن عهد الله لا يتغير في طبيعته وأن الله لا يتغير ولا يغير في وعوده هكذا يكون من يحلف بهذا الأسلوب ملتزماً بوعوده وإلا خسر بركات الله. وهذه الطريقة للقسم تشير أيضاً أنه قسم بالمتجسد من نسله فكلمة فخذ تترجم صلب بمعني مصدر النسل (تكوين46/26). ].
(5) ورد النص ـ محل الدراسة ـ في ترجمة Good News Bible كما يلي :
Genesis24/2: Place your hand between my thighs and make a vowوعلى الرغم من محاولة تلك الترجمة تخفيف حدة المعنى هي الأخرى .. إلا أنها أقرب الترجمات الإنجليزية إلى حقيقة النص .. وكما تلاحظ فقد استخدم المترجم كلمة between = بين .. my thighs = فخذيا ـ بالجمع أو المثنى .. ليكون المعنى الإجمالي للنص كما يلي .. [ ضع ـ دُس ـ يدك بين فخذيا واقسم. ] .. ولنا أن نتساءل هنا .. ماذا يوجد بين الفخذين ؟ .. وأرجو ألا يكون الجواب هو .. الكتاب المقدس .. فجميعنا يعلم ماذا يوجد بين الفخذين.
((إذاً .. تأكدنا الآن بما لا يدع مجلاً للشك .. أن مراسم هذا القسم كانت تتم بإمساك الحالف الأعضاء التناسلية للمحلوف له))
والآن .. لنعاود الرجوع إلى الموضعين محل الدراسة .. لنرى .. من هم الأفراد الذين مارسوا هذا القسم فعلياً :
الموضع الأول : (تكون24/2ـ3) [ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ. ] .. (تكوين24/9) [ فَوَضَعَ الْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هذَا الأَمْرِ. ] .. هذا العبد ـ بحسب التقليد ـ هو أليعازر الدمشقي .. والذي نعته صاحب التفسير الحديث بنعوت القديسين حيث قال [ يعد ـ أليعازر الدمشقي ـ من بين أكثر الشخصيات الصغرى جاذبية في الكتاب المقدس، بما يتميز به من حس سليم، وتقوى، وإيمان ] ((دريك كندر ـ التفسير الحديث للكتاب المقدس <تفسير سفر التكوين> ـ صفحة162)) .. وفي هذا الشاهد .. نرى أليعازر العبد التقي المؤمن وهو يمسك بالعضو التناسلي للنبي إبراهيم كي يقسم له على أن لا يزوج إسحاق ـ ابن إبراهيم ـ من بنات كنعان .. بل يزوجه من عشيرة إبراهيم.
الموضع الثاني : (تكوين47/29ـ31) [ وَلَمَّا قَرُبَتْ أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ أَنْ يَمُوتَ دَعَا ابْنَهُ يُوسُفَ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي وَاصْنَعْ مَعِي مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً: لاَ تَدْفِنِّي فِي مِصْرَ، بَلْ أَضْطَجعُ مَعَ آبَائِي، فَتَحْمِلُنِي مِنْ مِصْرَ وَتَدْفِنُنِي فِي مَقْبَرَتِهِمْ». فَقَالَ: «أَنَا أَفْعَلُ بِحَسَبِ قَوْلِكَ». فَقَالَ: «احْلِفْ لِي». فَحَلَفَ لَهُ. ] .. وفي هذا الشاهد أيضاً نري يوسف النبي وهو يمسك بالعضو التناسلي لأبيه إسرائيل الذي هو يعقوب النبي كي يقسم له على أن لا يدفنه في مصر بل يدفنه في كنعان.
فانظر أخي في الله ـ غفر الله تعالى لنا ولك .. كيف نسب هذا الكتاب المنعوت زوراً وبهتاناً بالمقدس لأنبياء الله عز وجل والصالحين من عباده فعل السفاهات والخوض في المنكرات .. فيمسك بعضهم عورة بعض .. كما يفعل بعض السفهاء أو الصبية الأغرار في زماننا .. ووالله .. لو أن هذا الكتاب المقدس قد نسب هذا الفعل الشائن إلى بعض النكرات من الناس .. ثم لم يوبخهم على فعلهم هذا .. لكن هذا منقصة في حقه وقادحاً في كونه كتاباً سماوياً .. فما بالك وهو ينسب هذا الفعل إلى الأنبياء والصالحين من عباد الله تعالى .. بل ويجعله عملاً تقوم به العهود ولا تخفر به ذمة المعبود .. نعوذ بالله من هذا الضلال.
وأنا الآن أوجه كلامي إلى العقلاء من النصارى والباحثين عن الحق منهم ـ هدانا الله تعالى وإياهم إلى الحق .. فأقول .. تخيل نفسك ـ أيها الإنسان المُكرم ـ مكان نبي الله يوسف .. وتخيل أبيك مكان نبي الله يعقوب .. وتصور نفسك وأنت تمد يدك الآن لتمسك بالعضو التناسلي لأبيك حتى تقسم له .. تخيل هذا المنظر .. أو تخيل نفس الموقف مع تبدل الأدوار .. أي أن ابنك يريد أن يقسم لك فيمد يده الآن كي يمسك بعضوك التناسلي .. ما هو إحساسك عندئذ ؟ .. وهل ستسمح لنفسك أو لابنك بفعل ذلك بمرأى ومسمع من أخواتك أو بناتك أو أمك أو زوجك ؟ .. لا أظن .. فوالله الذي لا إله غيره .. إن كنت إنسان من أهل المروءة والرجولة لما فعلت ذلك أبداً .. فبالله عليك .. كيف ترضي هذا الفعل في حق نبيين كريمين من أنبياء الله تعالى ؟!! .. إن كتاباً ينسب النقائص والسفاهات ـ التي يترفع أتباعه عن فعلها ـ إلى أنبياء الله تعالى .. ليس بمقدس .. وليس من عند الله.
وفي الختام
فإني استغفر الله تعالى لما أوردته في حق أنبيائه عليهم السلام .. وأعتذر عن تلك الألفاظ والإيحاءات الخادشة للحياء
فهذا هو دين القوم وكتابهم
وادعوا الله عز وجل أن يرزق الجميع الهداية والرشاد
سبحان ربك رب العزة عما يصفون .. وسلام على المرسلين .. والحمد لله رب العالمين
الطامع في عفو ربه الكريم
EgyMuslimhgrsl ugn hgHuqhx hgjkhsgdm td hg;jhf hgghlr]s
المفضلات