المهمة الصعبة
تجول (يوسف) بعينيه بين الحضور في مطار ملبورن عله يجد لافتة باسمه و سرعان ما وجدها في يدي ( بيكي ) القطة الصينية التي أرسلها (كراوش ) بنفسه لاستقبال (يوسف) مباشرة فتوجه إليها مبتسماً بينما شعر في قلبه باختلاجة و كأنما تجمعت لديه هموم الدنيا فهو لا يعرف إلى أين يذهب و ماذا سيفعل بالضبط؟؟
" لقد تشرفت بلقائك أيها الوسيم "قالتها( بيكي ) و هي ترمقه بنظرة إعجاب فقال لها خافضاً عينيه و متمتاً " شكراً " ... بينما ركبا السيارة الفارهة التي سبق و أن ركبها دكتور ( بيرت ) عند وصوله..
" حسناً ما رأيك في المدينة؟؟ " قالتها ( بيكي ) محاولة فتح الحديث مع ( يوسف ) فقال لها " لم أرى شيء بعد ثم أنني قادم إلى هنا من أجل المدينة الأخرى و ليست ملبورن " فقالت " نعم . لديك كل الحق .. ولا تعرف مدى سعادة مستر ( كراوش ) بوصولك إلى هنا و صدقني الجميع يتمنى أن تعبر الاختبار الذي أعده لك "
فرد ( يوسف) مندهشاً " اختبار؟؟ و أي اختبار هذا " فردت بغموض " غير مسموح لي بالتحدث عن ذلك الآن و لكن الأكيد أنك لن تدخل مدينتنا بالسهولة التي دخلت بها ملبورن " فقال ( يوسف) " المشكلة في أوراقي و أعرف روتين الحكومة هنا في أوراق الهجرة و .... " قاطعته ( بيكي) قائلة بحزم " لا تقلق من شيء كهذا أبداً فنحن ندفع الكثير لكي لا يقع أي ساكن من جنتنا في أي مشكلة سواء معنا أو مع غيرنا .. و كل الإجراءات تتم مقابل المال "
فقال (يوسف) متمتماً" فهمت " بينما يداه تتحسس المصحف الصغير في جيبه
" ها قد وصلنا ... يخبرك السيد (كراوش ) أن هذا الفندق هو الأفضل على الإطلاق في ملبورن كما أنك لو تجولت في ربوع المدينة فلن تجد ما هو أفضل منه "قالتها ( بيكي) بالفخر المعتاد فرد ( يوسف ) " بالفعل الفندق رائع ... و أثق بكلمتكم في أنه الأغلى "
" حسنا ميعادك مع مستر ( كراوش ) في الثانية ظهر الغد أتمنى أن تكون قد نلت كفايتك من الراحة "
" نعم هذا يكفي بشكل جيد.... . أشكرك يا آنسة " فردت القطة بموائها الرقيق " بيكي .. اسمي (بيكي) "
فرد (يوسف) " شكرا (بيكي) " .
صعد (يوسف) سلالم الفندق حاملاً حقيبته الصغيرة متوجهاً إلى الاستقبال و قلبه يدق بشدة فلأول مرة يشعر أن وجود المصحف في جيبه قد يسبب له أزمة و لكنه هدأ من نفسه و تذكر أن هذا المصحف هو سبب وجوده هنا و ها هو آت لبذل كل ما هو غال و رخيص من أجل نصرة الإسلام و لو كان الثمن حياته ..
" مرحباً بك يا ( مستر (جوزيف) في الفندق " قالها موظف الاستقبال الأنيق راسما ابتسامة ودودة
" عفواً . اسمي (يوسف ) و ليس (جوزيف ) بامكانك استعمال حرف (الواى) بديلاً عن ال (جيه) "
" أوه حسناً عذراً سيدي لم انتبه لذلك ..غرفتك رقم (702) و تفضل الكارت الخاص بك "
ثم صعد يوسف بصحبة الرجل الذي يحمل حقائبه و وصل إلى الغرفة... ليجد شخص ما يحاول فتح غرفة مجاورة و بدا أنه فقد الكارت الخاص بدخوله بعد أن فتش كل جيوبه بعصبية و سرعة بالغة فقال حامل الحقيبة " عذرا سيدي هل فقدت الكارت الخاص بك؟؟ "
هنا شعر دكتور ( بيرت) بإحراج بالغ خصوصاً أن الرجل تحدث أمام ( يوسف) فقال بعصبية " اممم ... حتى الآن نعم فأنا لا أجده في جيبي "
" اطمئن يا سيدي بإمكانى فتحه لك و لكني مضطر لإحضار كارت بديل من الاستقبال "
هنا قال (يوسف ) " بامكانك الانتظار في غرفتي لحين قدومه " شعر دكتور ( بيرت) بالإحراج البالغ و لكنه أومأ إلى (يوسف )بنظرة امتنان حينما فتح ( يوسف) باب غرفته و دخلا سوياً إلى الغرفة الأنيقة.
" ملامحك شرقية أليس كذلك ..؟؟ " فرد ( يوسف) بابتسامة " نعم كما أن لكنتك إنجليزية بريطانية "
اندهش (بيرت) " و هل تعرف لكنة البريطانيين أيضاً ؟؟ "
فقال ( يوسف) ببساطة " و من لا يعرفها ؟؟" فقال ( بيرت) " هل يدرس العرب لغات أجنبية ؟"
فقال ( يوسف ) " و هل زرت أي دولة عربية لتسأل هذا السؤال ؟؟ "
شعر (بيرت) بسذاجة سؤاله فعلاً و لكنه قال " لقد كان لي جيران شرقيون مثلك و لكن إنجليزيتهم كانت ضعيفة جداً و لكن أنت تتحدثها ببراعة " فرد (يوسف ) بابتسامة متواضعة.
" أنا (بيرت) دكتور مهندس معماري من انجلترا " قالها ماداً يده إلى ( يوسف ) الذي سرعان ما صافحه قائلاً " و أنا (يوسف) من مصر و اعمل بمجال التسويق "
" لطالما تمنيت زيارة أهرامكم " فرد ( يوسف) " هي في انتظارك دائماً " فابتسم (بيرت) قائلاً " و هل هي زيارة عمل أم للترفيه " فقال (يوسف) " للعمل "
" حسنا سيدي غرفتك مفتوحة الآن " هنا قام ( بيرت ) قائلاً " شكراً لك على استضافتي مستر ( جوزيف ) و أتمنى أن أراك مرة أخرى و غرفتي بجوارك تماماً "
فقال ( يوسف) " يشرفني لقاءك .. و لكن اسمي (يوسف) و ليس جوزيف "
عاد شعور الحرج إلى ( بيرت ) مرة أخرى الذي تلعثم قائلاً " أوه حسنا .. جو . .. يوزيف . إلى اللقاء "
ثم اغلق الباب خلفه ليقوم (يوسف) و يصلي.
***
Masjed Eleman""
قرأها (يوسف) على ذلك المبنى الجميل الهادىء فطوى الورقة الصغيرة في جيبه و دخل إلى المسجد الهادىء الذي جلس في أحد أركانه شيخ ذو لحية بيضاء يقرأ القرآن في خشوع فجلس ( يوسف) عن يمينه دون أن يشعر به الشيخ
حتى انتهى فالتفت يمينه و هنا بدا عليه الفرحة الممزوجة بالاندهاش أو بمعنى أدق الاندهاش الممزوج بفرحة فوقف صائحاً " ابني الحبيب .. ها أنت ذا معي الآن فعلاً لا أصدق عيني " فقال (يوسف) " يعلم الله كم كنت أفتقدك يا شيخنا الحبيب " فرد الشيخ (فيصل) " لقد توقعت أن تتأخر في القدوم فأنا اعلم أن هناك إجراءات كثيرة لكي تقيم هاهنا ... لكن الله شاء أن يجمعنا الآن بعد أن افترقنا لسنوات " فقال ( يوسف) " و كيف حال المسلمين هنا و حال الدعوة ؟" فرد الإمام " الحمد لله بخير و على ما يرام فيدخل الكثيرون في الإسلام رغم حملات التشويه المستمرة علينا و لكن الناس هنا في ملبورن مسالمون نوعاً ما فلا تجد الهمجية الموجودة خارجاً و المشاكل الطائفية نادرة .. لا يعكر صفونا سوى وكر الملحدين هذا الذي يبنونه " فقال (يوسف) " لقد جئت من أجل هذا الوكر خصيصاً يا شيخنا " فاندهش الإمام الذي قال " هل جننت يا ( يوسف) هل تريد العيش مع الملحدين في مدينة واحدة ؟؟ ... ألا تخشى على إيمانك يا بني ؟؟ "
" يا شيخنا الحبيب إنه أفضل مكان للدعوة فهؤلاء القوم يهربون من مشاكلهم و قدومهم إلى هنا ما يعني عدم استقرارهم النفسي و هو البيئة الملائمة للنقاش حول مختلف الأديان و أن يهدي الله بي رجلاً واحداً خير لي من حمر النعم كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم "
" صلى الله عليه وسلم . .و لكن كيف تعيش معهم و شرط الإقامة فيها عدم الاعتراف بوجود اله هل ستقدم تنازلات ؟؟" فرد (يوسف) " بالطبع لا .. و لكن هناك بعض الثغرات التي أتمنى أن تمر عليهم فيسمحوا لي بالوجود بينهم "
" أنا قلق عليك جداً يا (يوسف) ... و لا أدري ما الذي جعلك تفكر في هذا ؟؟"
" لقد تظاهر العالم ضد بناء مثل هذه المدينة و لم يتخذ أحد أي إجراء فكيف نصمت نحن؟؟ ... كما أنني قد أحزنني ما قالوه عن وجود مئات المسلمين الملحدين في هذه المدينة فعسى أن يعودوا إلى رشدهم ..."
" لا تصدق كل ما يقولونه .. فلا يوجد سوى شخص أو اثنين حتى الآن ممن يدعون أنهم كانوا مسلمين سابقين " فرد (يوسف) باهتمام " و كيف عرفت ذلك ؟؟"
فأخرج الشيخ من جيبه ورقة بيضاء فاخرة بدا و كأنها دعوة إلى حفل زفاف و أعطاها لـ (يوسف) الذي فتحها ليقرأها بصوت خافت " الأستاذ/ فيصل الرحماني
نتشرف بدعوتكم لحضور مؤتمر الأديان الخاص بمدينة(واي سي بارادايز) و ذلك لمناقشة بعض المسلمين السابقين في أمور تخص الإسلام ... و ذلك في الميعاد الموجود أسفل الرسالة "فقال الشيخ " و هؤلاء السابقين حتى الآن اثنين فقط حسب من أرسل لي هذه الدعوة "
فطوى ( يوسف) الورقة قائلاً " و هل ستذهب ؟؟ " فقال الشيخ " لا أدري ماذا سيحدث و لكن الآ ن نعم سأذهب إن شاء الله " فلمعت عينا ( يوسف) و عاد بأدراجه إلى الفندق ليستعد ليوم شاق جداً غداً حيث تبدأ المهمة الصعبة
المفضلات