النتائج 1 إلى 2 من 2
 

العرض المتطور

  1. #1
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    متميز اعترافات نصراني : مصر لم تكن دولة مسيحية أبداً من قبل


    السلام عليكم روحمة الله وبركاته

    في كتاب رائع كتبه نصراني يُدعَى اسكندر وصفي يرد فيه بالدلائل والوثائق أن مصر لم تكن أبداً دولة مسيحية ولم يأتها عصر يُدعى " بالعصر المسيحي "
    بل لم تر غير العصر الفرعوني والعصر الروماني ثم الفتح الإسلامي
    والنصارى في مصر طوال عمرهم أقلية في مصر ليس لهم صوت ولا حق ولم تكن أبداً بلادهم في يوم من الأيام :)

    يا من تقولون على المسلمين ضيوف على مصر
    أيها الجهلاء ادرسوا وافهموا وفتشوا الكتب قبل أن تثبتوا أنكم جهال العالم

    هذا رابط مباشر لتحميل الكتاب

    http://krwetatnt.net/lara/6/166.pdf

    وهذا مقال كتبه
    عبد المنعم الشحات بالاستعانة بما ورد في كتاب المؤلف النصراني اسكندر وصفي


    الحالة العرقية والسياسية والدينية في مصر قبل الفتح الإسلامي

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فقد أرسل الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالنور والهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ومن ثمَّ فجميع الأرض يجب أن تنعم بالإسلام؛ لا فرق بين أرض كان يسكنها الروم، وأرض كان يسكنها الفرس فضلاً عن غيرهم من الشعوب التي كانت واقعة تحت سيطرتهم وقت بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-: كالقبط، والبربر، ونحوهم.
    ولا فرق بين أرض كان تنتشر فيها الوثنية، وبين أخرى كانت تدين بالأديان المحرفة المبدلة -وإن كان أصلها من عند الله-.
    ومستندنا في هذا أنه دين الحق، ونحن نعلم أن كل متبع لدين يزعم أن دينه هو دين الحق فالمحك هنا في المجادلة والمناظرة، ثم المباهلة إذا اقتضى الأمر، كما أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بها: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ . فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:59-61).
    هذه مقدمة لابد منها قبل أن نناقش من باب العلم بالشيء من ناحية، ومن باب التنزل في المناقشة مع من يسمون أنفسهم بـ"أقباط المهجر"؛ الذين وصلت بهم الوقاحة إلى حد المطالبة بجلاء العرب المحتلين عن مصر متبعين سنن أسيادهم من اليهود في ادعاء الحق التاريخي في مصر، والذي لو طـُبق؛ لطـُرِدوا هم والأمريكيون الحاليون من أمريكا؛ لا سيما وعمرهم فيها أقصر من عمر الإسلام في مصر بكثير.
    إن النظام العالمي: الذي يدعوننا ليل نهار إلى احترامه قد اعتبر الأوضاع السياسية عند تكوين "عصبة الأمم" هي الأساس الذي يتم به التعامل عالميًا، ولم يسثنِ من ذلك إلا إسرائيل مع محاولة إعطائها المشروعية القانونية من خلال "وعد بلفور" بصفته معطى من قبل دولة الحماية، ومنطلق اتفاق مع "الشريف الحسين" الذي فرضوه على العرب كممثل لهم!
    الحاصل أن حتى إسرائيل لم تنتحل نظرية الحق التاريخي إلا بمساندة وحيلة قانونية؛ لكي تتمكن الأمم المتحدة وريثة عصبة الأمم من الاعتراف بها.
    وأما هؤلاء الثـُلة: فيريدون الاستقواء بدولة عمرها في الدنيا خمسمائة عام فقط، وعمرها السياسي لا يتعدى مائتي عام، وعمرها كدولة عظمى لم يكمل بعد مائة عام ولا قاربها!!
    يريدون أن يغيروا خريطة العالم، ويعودوا بمصر إلى ما أسموه بـ"العصر القبطي"؛ فهل يوجد في التاريخ المصري عصر يمكن أن نسميه بـ"العصر القبطي"؟؟
    وهل كانت الملة النصرانية الأرثوذكسية يومًا ما هي دين الأغلبية في مصر؟!
    وهل يوجد عِرْق مصري يمكن أن يقال عنه أنه العرق المصري الأصيل وغيره هو الدخيل؟!
    فإذا كان علماء التاريخ يقسمون تاريخ الشعوب إلى فترات باعتبار تعاقب "الدول" -أي: الأنظمة السياسية-، فسوف نجد أن تاريخ مصر ينقسم إلى ثلاث فترات كبار، وهي:
    1- العصر الفرعوني: ويمتد من 3200 ق. م إلى استيلاء "الإسكندر الأكبر" على مصر عام 333 ق. م.
    2- العصر اليوناني والروماني: ويبدأ من استيلاء "الإسكندر الأكبر" على مصر إلى الفتح الإسلامي لمصر عام 641م، وهو ينقسم إلى فترتين:
    الأولى: العصر البطلمي حتى عام 31 ق. م.
    الثانية: العصر الروماني منذ 31 ق. م إلى الفتح الإسلامي.
    3- العصر الإسلامي: والذي يبدأ من عام 641م -20 هـ -أدامه الله إلى قيام الساعة- "يراجع موسوعة تاريخ مصر أحمد محمود مرعي".
    ولذلك فإن الصواب من ناحية البحث التاريخي أن يقال: إن مصر انتقلت بالفتح الإسلامي من العصر الروماني إلى العصر الإسلامي، لاسيما والتاريخ يؤكد أن الحرب بين جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص -رضي الله عنه- كانت مع جيش الروم، وما فتحه من بلادها صلحًا كان صلحًا مع الروم، وأن سكان مصر المدنيين لم يكن لهم في الحرب ناقة ولا جمل!
    وليس أمام المتشدقين بالعصر القبطي إلا أحد احتمالين:
    الأول: إن سكان مصر في ذلك الوقت مع اختلاف تركيبتهم العرقية، والدينية كانوا يرون أن حكم المسلمين أفضل لهم، وهو القول الذي ما زال يردده النصارى المرتبطون مصلحيًا بالمسلمين، ومنهم: معظم نصارى الداخل، وهو الموقف الرسمي للكنيسة المصرية كما ورد في كتاب: "تاريخ الأمة القبطية"، وهو من إعداد الكنيسة المصرية.
    الثاني: أنهم كانوا من سقط المتاع يتقاتل عليهم: اليونان والروم، ثم: الفرس والروم، ثم: المسلمين والروم، وهم ينتظرون لمن تكون الغلبة؛ لكي يؤدوا إليه الجزية والبيعة في آن واحد حيث كانت الجزية مفروضة على كل سكان مصر غير الرومانيين قبل الفتح الإسلامي لمصر، وهو أمر يجعلهم أشبه بعمال التراحيل الذين لا يشغلهم سوى مقدار الضرائب التي ستفرض عليهم، وربما شغلتهم حريتهم الدينية بعض الشيء!
    وأظن أن كلاً من الاحتمالين كافٍ لنفي فِرْية العصر القبطي الذي اكتشفوا وجوده فجأة وهم في أمريكا!
    وأما العرق القبطي الأصيل التي يتغنى به هؤلاء: زاعمين أن العرب دخلاء؛ فأمر لا يثبت أمام النظر التاريخي المنصف، وإذا ما قارنا بين تعداد سكان مصر، وتعداد سكان الجزيرة العربية قاطبة الآن، وعلمنا أن النسبة زمن الفتح الإسلامي كانت أضعاف أضعاف ما هو عليه الآن؛ لندرة المياه في الجزيرة العربية، وعدم توفر وسائل التنقيب عنها علمنا أنه لا يمكن أبدًا أن يُعزى التفوق العددي الساحق للمسلمين على غيرهم إلى أن العرب قد كاثروا أصحاب البلد حتى صاروا أكثر منهم!
    ولو افترض مفترض أن كل المسلمين العرب قد تركوا الجزيرة العربية، وتركوا بلاد العراق، وفارس، وغيرها، وجاءوا؛ ليكاثروا المصريين ما قدورا على ذلك! فلا يوجد إلا احتمال واحد وهو: أن معظم أهل مصر قد أسلموا، ثم تعلموا اللسان العربي فصاروا عربًا؛ هذا بالإضافة إلى توطن بعض القبائل المسلمة العربية في مصر، وامتزاجها مع سائر طوائفه العرقية.
    وبهذا الطرح نستغني عن البحث عن الحالة العرقية والدينية التي كانت عليها تلك الأغلبية التي دخلت في دين الله طوعًا واختيارًا؛ بيد أنه لا مانع من التنزل مرة ثانية، وثالثة؛ لمناقشة الحالة العرقية والدينية لمصر قبل الفتح الإسلامي.
    وتشير الدراسات الأمريكية الحديثة حول الأصول العرقية للشعوب وفقـًا لتحليل الحامض النووي: إلى أن الفراعنة جزء من جنس سكن ما يسمى الآن: ببلاد مصر، والصومال، والحبشة، وليبيا -"ومن الجدير بالذكر أن هذه البلاد جمعتها وحدة سياسية في بعض العصور القديمة"-، وهو أمر أشار إليه كثير من الباحثين قبل بحوث الحامض النووي، ومن الشواهد على ذلك الاعتقاد السائد بأن الفراعنة كانوا ذوي بشرة سوداء، أو شديدة السمرة على الأقل.
    ومن ثمَّ فإن أقرب الأجناس الموجودة في مصر إلى أن يكونوا من نسل الفراعنة هم: "سكان النوبة"، أو "سكان سيوه"، وهم مسلمون عن بكرة أبيهم -والحمد لله رب العالمين-، وغالب الظن إن لم يكن يقينـًا أن قبائل النوبة قد تحولوا من الوثنية إلى الإسلام رأسًا دون أن يمروا بالمرحلة النصرانية، بل كان هذا هو حال كثير من غيرهم كما يأتي بيانه -إن شاء الله-.
    وأما من سوى سكان النوبة: فقد حصل امتزاج شديد بينهم وبين اليونانيين بعد استيلاء "الإسكندر الأكبر" على مصر، واصطباغ البلاد بصبغة يونانية وواضحة في عهده؛ مما أثر على التركيبة العرقية للمصريين.
    واليونانيون هم من سمَّى المصريين ببلاد القبط: الذي اشتقوه من اسم معبد الإله الوثني "تاح"، ويُسمى بيته أو معبده "هاي كا بتاح"، وهو ما نطقه اليونانيون Egeaptus.
    ولم يكن الاختلاط مع اليونانيين هو الاختلاط الوحيد، بل حدثت امتزاجات أخرى نتج عنها عدم وجود عرق محدد ينتمي إليه معظم وادي النيل.
    وبالإضافة إلى النوبيين والقبط كما سماهم بذلك اليونانيون، كان يوجد الأعراب الذين سكنوا الصحارى المشابهة في مناخها للجزيرة العربية، وهؤلاء كانوا في مصر من قبل الفتح الإسلامي بكثير، وجاءوا إليها عن طريق الهجرة من اليمن إلى الحبشة إلى مصر.
    وقد ذكر "إسكندر وصفي" صاحب كتاب: "المنارة التاريخية في مصر: الوثنية والمسيحية":الكثير من المواجهات بين العربان والقبط، وبين العربان والرومان؛ مما يدل على أن العربان منعوا الرومان من السيطرة على ما تحت أيديهم من أراضي في الوقت الذي خضع فيه القبط خضوعًا تامًا لليونانيين، والرومان من بعدهم، ومعظم هؤلاء العربان قد انتقل من الوثنية إلى الإسلام رأسًا دون أن يمر بالمرحلة النصرانية مطلقـًا.
    مما سبق يتضح أنه كان بمصر قبل الفتح الإسلامي أربعة أعراق:
    الأول: هم أقدم الأعراق في مصر وأولاهم بوصف أصحاب البلد الأصليين -إن كان لهذا الوصف أي قيمة تذكر-، وهم: النوبيون، وهم مسلمون عن بكرة أبيهم -بحمد الله-.
    الثاني: عرق خليط أو مهجن، وهم من أسماهم اليونانيون: بـ"القبط"، وسوف يأتي بيان حالتهم الدينية قبل الإسلام وبعده.
    الثالث: الأعراب، وهم: الذين يسيطرون على كل صحارى مصر، وقد أسلموا عن بكرة أبيهم -بحمد الله-.
    الرابع: أقليات عرقية أخرى: كالجالية اليونانية التي لم تختلط نسبًا بالمصريين، والجالية اليهودية الذين هاجروا من مصر مع نبي الله موسى -عليه السلام-، ولكن عاد إليها بعضهم بعد الأزمات التي تعرضوا لها بعد زمن داود -عليه السلام-.
    ومرة جديدة نقرر أن هذا القدر كافٍ لحسم المسألة: بيد أنه لا مانع من مزيد من التنزل في المناقشة؛ لنتكلم عن الحالة الدينية لهذه الطوائف قبل الإسلام، وموقفها من الدخول في الإسلام.
    يزعم النصارى أن دين النصارى وتحديدًا المذهب الأرثوذكسي كان هو دين الأغلبية في مصر قبل الفتح الإسلامي! ثم يضربون أخماسًا في أسداس؛ لتبرير هذا التحول من الأغلبية إلى أقلية ضئيلة تبلغ 7% وفق الإحصاءات التي تمت في عصر الاحتلال الأجنبي، ثم حاول النصارى إرهاب الأجهزة المعنية بالإحصاء؛ ليصمتوا عن محاولات النصارى الزعم بأن نسبتهم 10 %، ثم من باب: "سكتنا له... " يحاولون رفع النسبة إلى 20 % إلى أن فاجأتهم مؤسسة: "بيو" للدراسات الأمريكية، بإعلانها أن مجموع الأقليات الدينية في مصر لا يشكل سوى 5.4 %!!
    فتارة يقولون: إن العرب قد كاثروهم حتى صاروا أكثرية، وقد بينا هشاشة هذا التبرير!
    وتارة يقولون: إن فقراء النصارى اضطروا إلى الإسلام؛ لتفادي دفع الجزية، وبقي أغنياؤهم! وتناسى هؤلاء: أن الأقباط يدفعون الجزية طوال عمرهم، كما تناسوا أن الدولة الرومانية الكاثوليكية عجزت عن تحويل الأرثوذكس إلى الكاثوليكية بالحديد والنار، والزيت المغلي!! فكيف نجحت الجزية الإسلامية المخففة أكثر بكثير من الجزية الرومانية، وبلا حديد ولا نار، ولا زيت مغلي أن تحول كل هذه الجموع؟؟!!
    ثم إن الجزية في الشريعة الإسلامية لا تفرض على الفقراء العاجزين عنها؛ فعن هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ أنه وَجَدَ رَجُلاً وَهُوَ عَلَى حِمْصَ يُشَمِّسُ نَاسًا مِنَ النَّبَطِ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا) (رواه مسلم).
    ثم إن هؤلاء قد تناسوا حقيقة ذكرها "إسكندر وصفي" في كتابه المشار إليه سابقـًا -وشهد شاهد من أهلها-: بأن معظم من تحول من الوثنية إلى النصرانية كانوا من الفقراء أصلاً؛ طمعًا في ملكوت الرب، وهم الذين صمدوا أمام محاولات إعادتهم إلى الوثنية فيما يعرف عندهم بـ"عصر الشهداء الأول"، نحكي هذا من باب التقرير، ومن باب الرد على شبهة: "إن فقراءهم قد أسلموا... " مع أن هؤلاء الفقراء كانوا هم عصب النصرانية في مواجهة الوثنية فكيف دخلوا في الإسلام إلا إذا كان هذا عن اقتناع منهم؟؟!!
    نعم بقي بعض أغنياء النصارى بعد الفتح الإسلامي لم يدخلوا في الإسلام، وجلَّ هؤلاء كانوا من الجالية اليونانية؛ فمحاولات "نصارى المهجر" اليوم الفخر بالغنى الذي منعهم من الدخول في الإسلام؛ فيه اعتراف بعدم مصريتهم التي يدندنون حولها!!
    فلو سلمنا جدلاً أن مذهبًا دينيًا ما وليكن هو المذهب الأرثوذكسي كان هو السائد في مصر؛ فلا يوجد إلا احتمال وحيد لتحوله إلى أقلية، وهو تحول معظم أبنائه إلى الإسلام، وإذا كان من الثابت تاريخيًا عدم استخدام القوة لإجبار أحد على الدخول في الإسلام، بل عدم وجود حرب بين المسلمين والقبط أصلاً؛ دل هذا على أن التحول كان اختياريًا، كما تحول النوبيون والأعراب إلى الإسلام اختياريًا، وإن كان التحول في هذين الفريقين بنسبة مائة بالمائة، وفي الأقباط كان بنسبة كبيرة، ولكنها دون ذلك.
    بيد أن التصور الأدق هو أن النصرانية كانت ديانة تتقاسم هي والوثنية الانتشار في مصر، وفي ذات الوقت كانت مذاهب النصرانية المختلفة تتقاسم الانتشار فيما بينها، وأن معظم هؤلاء دخلوا في الإسلام، وبقيت أقلية من كل فريق مثل: الأرثوذكس غالبيتها؛ فصاروا أكبر أقلية دينية في مصر.
    وتفصيل ذلك تاريخيًا:أن بداية دخول النصرانية في مصر كان على يد "مرقس" صاحب الإنجيل المشهور سنة 51م، وإذا تـَجَوَّزنا غاية التجوز، فاعتبرنا كل هذه المدة حتى الفتح الإسلامي فترة نصرانية -"وهو تـَجَوُّز يأباه التاريخ"-؛ لوجدنا أن عمر الفترة النصرانية من تاريخ مصر هو: 600 سنة، لا يمكن أن تقاس من حيث الطول، ولا من حيث الإسهام الحضاري في العالم بـ 1400 عام، هي فترة العصر الإسلامي في مصر، بيد أن هذه الفترة لا تكاد تصفو على الربع أو ما دونه إذا ما أخذنا في الاعتبار الفترة التي كانت النصرانية فيها تمثل دين الأغلبية في مصر حيث ظلت الوثنية هي الدين السائد في مصر حتى مجمع "نيقية" سنة 325م.
    وقصة هذا المجمع أن النصرانية قد دخلت إلى مصر عن طريق "مرقس" أحد دعاة نصرانية بولس، والذي وضع بذور الغلو في عيسى -عليه السلام- في رسائله، ثم ضمنها مرقس أيضًا في إنجيله، وجاء "أفلوطين" فأكمل بناءها الفلسفي متأثرًا: بالفلسفة اليونانية، والمصرية، والهندية، ثم جاء شماس -"وهي أدني رتبة دينية عند النصارى"-، يُدعى "أثناسيوس" فأكمل صياغتها اللاهوتية -"ترى الكنيسة الغربية أن أثناسيوس كان عالة على الأسقف الجزائري أوغسطين، بينما ترى الكنيسة الشرقية العكس"-.
    وكان "مذهب الموحدين" أكثر رواجًا في بلاد الشام، حتى أظهر أسقف مصري يسمى: "أريوس" انتصاره لعقيدة التوحيد؛ فقام "أثناسيوس" برفع شكوى إلى الإمبراطور "قسطنطين"، ورضوه حكمًا بينهم وبين "آريوس" وأتباعه، رغم أن "قسطنطين" كان وثنيًا قبيل انعقاد مجمع "نيقية"؛ فلما وجد التوافق بين مذهب "أثناسيوس" وبين عقائده الوثنية انحاز إليه ونصره على "أريوس"، ثم أصدر بعدها مرسومًا في عام 331 ينهي فيه الحظر الذي كان مفروضًا على دخول الوثنيين إلى النصرانية، ثم تنصر، وفرض هذا المذهب على الإمبراطورية ككل.
    فجرَت عملية تحويل للوثنيين في مصر من أصول قبطية ويونانية إلى دين النصارى قسرًا، وعلى الرغم من أن دين النصارى المحرف أقل كفرًا من دين الوثنيين إلا أن الجذور الوثنية الواضحة في هذا الدين لا سيما "الثالوث" المستفاد شكلاً وموضوعًا من الديانة المصرية القديمة؛ لم يشجع الكثيرين من الوثنيين على ترك دين آبائهم إلى دين مقتبس منه، بالإضافة إلى أن القسوة المفرطة التي تعامل بها النصارى مع الوثنيين فور حصولهم على دعم الإمبراطور؛ نفـَّر الوثنيين منهم تنفيرًا بالغـًا.
    ومع ذلك فلا يمكن اعتبار كل هذه الفترة فترة سيطرة لدين النصرانية بشكلها الحالي؛ حيث تقاسمت ديانات: ثلاث، أو خمس -إن أردنا الدقة- السيطرة والنفوذ:
    الأول: دين النصارى الموحِّدين أتباع "آريوس"، والذين ظلت لهم كنيسة رغم رفض مجمع "نيقية" لعقيدتهم.
    ومن الجدير بالذكر: أن "مذهب الموحدين" من قبل "آريوس"، ومِن بعده -رحمهم الله وتقبلهم عنده في الشهداء، وإن كان آريوس هو الرمز الأبرز في مسيرة هذه الطائفة- بقي موجودًا، وظلت دعوتهم قائمة إلى ما قبيل البعثة المحمدية بنحو قرن من الزمان، وهو القرن الذي شهد أعظم صراع دموي بين طوائف النصارى؛ لينظر الله إلى أهل الأرض فيمقتهم: عربهم، وعجمهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب، ويرسل رسوله بالنور والهدى ودين الحق.
    الثاني: دين النصارى القائلين: بألوهية عيسى -عليه السلام-.
    وهؤلاء انقسموا فيما بعد إلى فرقتين:
    الأولى: جمهور النصارى.
    الثانية: أتباع "نسطور" الذي رفض وصف "مريم" -عليها السلام- بـ"أم الإله"، وكان له تأثير كبير وأتباع، ودينه يُعد إلى اليوم عند النصارى دينًا آخر غير دينهم، وليس مجرد طائفة.
    ثم انقسم هذا الجمهور إلى فرقتين كبيرتين بعد مجمع "خلقدونية" عام 450: وهما المعروفتان الآن: بـ"الأرثوذكسية"، و"الكاثوليكية"، واستخدم الحاكم الروماني القسوة ذاتها في فرض مذهبه الكاثوليكي على الأرثوذكس، إلى مجيء الفتح الإسلامي؛ فدخل الناس في دين الله أفواجًا من: القبط، واليونانيين، والنوبيين، والأعراب، وبقيت قلة من سائر الطوائف النصرانية تمتعت بما يوفره عقد الذمة من أمان؛ فظهرت فرقة الأرثوذكس على الكاثوليك، وأصبحت أكبر أقلية دينية في مصر.
    الثالث: دين الوثنيين والذي بقي ظاهرًا في مصر إلى زمن الفتح الإسلامي حيث كانوا ما زالوا يحتفلون بـ"وفاء النيل"! ويقدمون عروس النيل قربانـًا لمن ظنوهم آلهة الفيضان حتى أوقف عمرو -رضي الله عنه- ذلك الوأد التي عجزت النصرانية عن إزاحته!
    وقد كان الصراع بين كل هذه الطوائف محتدمًا، وتحتفي الكنيسة المصرية جدًا بعصرين تسميهما:
    الأول: "عصر الشهداء الأول"، وهم من قـُتِل وعُذِّب على أيدي الوثنيين في الفترة التي سبقت تنصر "قسطنطين".
    والثاني: يسمونه: بـ"عصر الشهداء الثاني"، وهم من قتل وعذب على أيدي الكاثوليك، ومن عجيب أمر البعض المطالبة بتمجيد هذه الرموز الدينية باعتبارهم رموز وطنية -"بالمفهوم المعاصر لكلمة وطنية"!- مع أن توصيف هذه الحروب من وجهة النظر القومية المعاصرة؛ أنها كانت حربًا أهلية دينية يجب أن تطوى تفاصيلها، أو على الأقل تترك لأبناء ملتهم يمجدونها كيفما شاءوا!!
    بيد أن ثمة سؤال يجب أن يطرح على هؤلاء وهو: هل سيطالبون بتدريس تاريخ كل المرحلة أم سيكتفون بذكر ما يرْوونه لهم تاركين ما عداه؟!
    إن الدارس للتاريخ التفصيلي لتلك المرحلة، سوف يدرك بوضوح تام أن أسلوب السحل، وحرق المخالفين أحياء، وهدم المعابد على من فيها... ! كان لغة الخطاب المفضلة من الوثنيين مع النصارى؛ فلما جاءت الكرة للنصارى فعلوا بالوثنيين أضعاف أضعاف ما فعلوه بهم!! ثم لما اختلفوا فما بين بعضهم البعض كانت أيضًا هذه هي لغة الحوار الوحيدة بين طوائفهم!!!
    هذا بالإضافة إلى الحرب التي قامت بين الكنيسة الأرثوذكسية خاصة وبين العلماء؛ لاسيما الفلاسفة -"رغم قيام هذا الدين على أساس فلسفي إلا أنهم حرموها إيقافـًا لتيار التعديلات الفلسفية التي كانت تجري على قانون الإيمان شيئًا فشيئًا، ومنها: الصراع الذي دار بين الكنيستين: الشرقية والغربية"-، وكذلك "علم الطب" التي رأت الكنيسة أنه ينافي الإيمان، ويزاحم معجزات القساوسة! وباختصار كان العنوان الأبرز لتلك الحقبة التاريخية هو: "الجهل في الدنيا وحمامات الدم في الدين"!!
    ومن كل ما سبق، ومن خلال مرجع رئيسي كاتبه نصراني -"إسكندر وصفي"- نخلص إلى النتائج التالية:
    الأولى: عدم وجود حقبة تاريخية تسمى بـ"الحقبة القبطية".
    الثانية: إن النصرانية في مصر بجميع طوائفها ظلت طوال عمرها أقلية على الأقل إلى القرن الأخير قبل الإسلام.
    الثالثة:إن النصرانية المحرفة ظلت أقلية مقارنة بنصرانية "آريوس" إلى هذا القرن الأخير المشار إليه.
    الرابعة:إن الفترات التي علا فيها صوت النصرانية في البلاد خـَفتَ فيها صوت العلوم الدنيوية.
    الخامسة: إن حرب تكسير العظام بين الطوائف المتنازعة تم فيه تبادل الأدوار بحيث لا يبقى من يستحق البكاء عليه، ولا وصفه بالبطولة -فضلاً عن الشهادة-؛ إلا من مات في سبيل الحق، وهم "الموحدون"، لا سيما وأن التاريخ لم يسجل عليهم: حالات قتل وحشية؛ كتلك التي سجلها على "المثلِثين"، وإنْ سجل لهم: "حالات مقاومة مشرفة".
    فهذا هو ملخص حالة أهل مصر قبل أن ينورها الله بالإسلام، و"بضدها تتميز الأشياء"، فالحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة.




    hujvhthj kwvhkd : lwv gl j;k ],gm lsdpdm Hf]hW lk rfg











  2. #2
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي


    يحلوا لمسيحي مصر أن يصوروا لأنفسهم أنهم كانوا أغلبية وكثرة كاثرة قبل دخول الإسلام أرض مصر . كما يحلوا لهم أيضا أن يصوروا أنفسهم أنهم أحفاد الفراعنة وأنهم أصحاب البلاد وأصلها (وقد بينا فساد ذلك القول في مقال (مسيحيو بلادنا ليسوا مصريين أصلاء).

    ففي ضوء الحقائق التاريخية التي يراد لها أن تطمس لم تكن مصر مسيحية في أي وقت من الأوقات، لا كمرحلة انتقالية بين العصر الفرعوني والإسلامي، ولا أيام الفتح الإسلامي. ولم يحدث في التاريخ أن كان المسيحيون في مصر يمثلون الأغلبية في أي وقت من الأوقات.

    حيث أن المسيحية ظلت غريبة على أهل مصر الأصليين(1) الذين كانوا هم أغلبية السكان.
    كما أن الصراعات بين الفرق المسيحية في مصر خاصة :" أدت بهم ولا سيما الأقباط إلى الإضمحلال والدمار."(2)
    ولم ينقذ هؤلاء المسيحيين الأقباط المنتحلين الملة الأرثوذكسية من الاندثار سوى الفتح الإسلامي الذي يصفونه اليوم بالغزو والاحتلال؛ يقول ألفرد بتلر: "لقد كان لعودة بنيامين أثر عظيم في حل عقدة مذهب القبط وتفريج كربهم ، إن لم تكن عودته قد تداركت تلك الملة (الأرثوذكسية) قبل الضياع والهلاك"(3).

    ويصور لنا يعقوب نخلة ص 28 ذلك الهلاك فيقول : "جاء في بعض التواريخ أنه قتل في يوم واحد من الأقباط بمدينة الإسكندرية مائتا ألف نفس وإن كان هذا لا يخلو من المبالغة في القول والمغالاة في النقل إلا أنه يدل على شدة اضطرام نار الفتنة ..... وربما كان هذا عدد جميع الذين قتلوا من الأقباط في كل أنحاء مصر ........وهو عدد ليس بقليل "

    فإذا علمت أن عدد المسيحيين ما بدأ ينمو إلا في القرن الثالث الميلادي وأن قوامهم الأساسي كان يتشكل من الجاليات اليهودية واليونانية المقيمة بمصر التى كانت تشكل أغلبية المسيحيين إلا أن تلك الجاليات ما انتحلت جميعها المسيحية وما ادعى أحد من المؤرخين ذلك وما يستطيع أن يدعيه. وما أن نعمت المسيحية بالحرية في القرن الرابع حتى ظهر الشقاق بينهم والانقسام بين فريق يرى تأليه المسيح (عرفوا بالأرثوذكوس) وأخر يرفض (عرفوا بالآريسيين) والذي كان ينتمي إليه أغلب الوطنيين وهذا الفريق كان الأكثر والأغلب طيلة القرن الرابع حتى استنصر الفريق الأول بسلطان الإمبراطور وحاول فرض مذهبه عليهم وعلى بقية أهل الأديان الأخرى من ويهود ووثنين ثم لم يلبثوا إلا قليلا حتى نشب خلاف أخر بين هذا الفريق القائل بتأليه المسيح حول طبيعته وانقسموا مرة أخري فيما عرف بالملكانيين ( خلكدونيين أو كاثوليك) وأرثوذكس وكانت الأكثرية النسبية في مصر للفريق الثاني ثم ما أن دخل القرن السادس حتى انقسم هذا الفريق الأرثوذكسي حول ماهية جسد المسيح .

    تقول بتشر (2/84): وبعد موت تيموثاوس نشأ في الكنيسة شقاق جديد بين حزبين قويين....... وكانت من نتائجه أن أكثرية الشعب مالت إلى انتخاب ثيودوسيوس أحد رجال الحزب الأول...... واختار الحزب الثاني غنياس.

    ويذكر منسي أنهم انقسموا حينها إلى ثلاثة أحزاب لا اثنيين كما تقول بتشر، وقد استمر هذا النزاع مائة وسبعين عاما أي ظل بعد الفتح الإسلامي حوالي خمسين عاما(4).

    ما ذكرناه وهو أعظم وأكبر الانقسامات التي كانت بينهم في ذلك الحين وإلا فهناك انشطارات أخرى كانت أقل عددا وأهون شأنا أعرضنا عنها مع العلم أن كل أمة منهم يلعن بعضهم بعضا حتى أن يوحنا النيقوسي يصف الملكانيين (الكاثوليك) بالوثنيين.
    فلك أن تتخيل كم كانت نسبة أكبر طائفة من هؤلاء أن كانوا هم جميعا مجتمعين لا يشكلون أغلبية كاسحة بل ربما لا يشكلون الأغلبية المطلقة. ثم تخيل بعد ذلك نسبة الأرثوذكسيين (أحيانا يقال عليهم يعقوبيين) الذين كانوا في طريقهم للاضمحلال والهلاك والضياع والاندثار.

    أما الطوائف الأخرى (من مسيحيين أريسة ويهود ووثنيين) فرغم التضييق عليها إلا أنه ظل لها وجود مملموس على الأرض فتقول بتشر : وقد نبغ في نهاية القرن الخامس طبيب قبطي اسمة اتيوس كان وثنيا ودخل المسيحية واعتنق مذهب أريوس(5).
    وكان ذلك بسبب اعتماد الأمبرطور أناستاسيوس (491م-527م) سياسية السلم والتي نعم بها جميع أصحاب المذاهب سواء كانوا وثنيين أم مسيحيين من الذين تبعوا مجمع خلكدونية أم لم يتبعوه.

    وهكذا رغم التضييق والاضطهاد ظلت الطوائف الأخرى قائمة حتى الفتح الإسلامي وبعده ومما يدلل على ذلك أن المصريين الوثنيين ظلوا يحتفلون بعيد وفاء النيل ويقدمون القرابين للإله حابي حتى جاء الإسلام.

    بل ربما كان المسيحيون المثلثين المنتحلين مذهب الطبيعة الواحدة أكثر الطوائف معاناة ولم ينقذها سوى الفتح الإسلامي يقول جاك تاجر:" وفعلا بعثت الكنيسة اليعقوبية من جديد وقويت تحت حكم عمر بن العاص ، واعتقدوا بأن نصر المسلمين سيعيد للمسيحية، أو بالأحرى ـ إن أردنا الدقة في التعبير ـ لمذهب الطبيعة الواحدة سطوته الماضية"(6)

    وبسبب تلك المعاملة اللينة التي لم يعامل بها الأقباط منذ أمد بعيد ازداد عدد المنتمين لذلك المذهب. كما يذكر ساويرس – بن المقفع – في كتابه " سير الأباء البطاركة ": " أنه كان من نتائج عودة الأنبا بنيامين إلى كرسي البطريركية أن رجع كثير من المصريين إلى المذهب الأرثوذكسي بعد أن كانوا قد نبذوه نتيجة لإضطهاد هرقل قيصر الروم". ويضيف أنه :"بعد أن تم لبنيامين لم شمل قومه من القبط، اتجه إلى بناء ما كان هرقل قد هدمه من الكنائس والأديرة، أي أن المذهب الأرثوذكسي بدأ يستعيد مكانته في ظل الحكم العربي ولا عجب إذا عم السرور والفرح على أهل مصر جميعًا."(7)

    أضف إلى ذلك أن العرب أثناء ولاية عمرو لم يحاولوا أن يضغطوا على الأقباط ليعتنقوا الإسلام ولم يضطهدوهم. هذا ما يقوله جاك في كتابه مسلمون وأقباط ص(73)

    ويقول في ص (63): وعلى كل حال لم يحاول الجنود العرب الاختلاط بالشعوب المهزومة لأن رؤساءهم كانوا يمنعونهم من هذا الاختلاط منعا باتا.

    فما العجب في أن المسيحيين اليوم أقلية لا تتجوز نسبة الستة أوالسبعة بالمائة إن كان هذا هو حالهم منذ أن دخلت المسيحية مصر؟

    الأغلبية كيف تكونت
    حتى وإن كانت نسبتهم حين الفتح الإسلامي أكثر بعض الشيء إلا أنه من الثابت أن الكثير منهم ومن أهل مصر قد ارتضى الإسلام دينا منذ أن وطئت أقدام المسلمين مصر فيصف لنا يوحنا النيقوسي تلك الحالة بقوله: "إنه عندما يدخل المسلمون المدن، ومعهم المصريون الذين ارتدوا عن المسيحية، كانوا يستولون على أملاك المسيحيين الفارين ويسمون خدام المسيح أعداء الله" كذا يقول؛ وقد انتقاده جاك تاجر في كتابه وذكر أن ما اكتشف من برديات يؤكد عدم وقوع تلك المثالب؛ بل هو نفسه يقول:" وكان عمرو بن العاص يقوى كل يوم في عمله، ويأخذ الضرائب التي حددها، ولم يأخذ شيئًا من مال الكنائس، ولم يرتكب شيئًا ما، سلبًا أو نهبًا، وحافَظ عليها (الكنائس) طوال الأيام". تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي ص (201-202).

    ولكن على أي حال فهو قد أثبت إسلام المصريين منذ اللحظة الأولي ومشاركتهم في المعارك مع إخوانهم المسلمين كما أثبت ذلك يعقوب نخلة في ص (54) حين ذكر: "أن حاكم دمياط قتل أحد الوطنيين لما نصحه بالمصالحة مع المسلمين فغضب ابن ذلك الرجل وأسلم ثم حشد جيشا من أقباط أهل البرلس والدميرة وغيرهما من البلاد المجاورة وأمد به المسلمين وحاربوا أهل تانيس؛ هذا بعد أن ساعد المسلمين في فتح دمياط".

    ويقول في ص (39) : "وكان عدد جنود عمرو يتزايد كل يوم بانضمام القبائل البدوية , التي كان يلتقي بها في طريقه"
    وذلك بالإضافة لدخول المسيحيين الملكانيين في الإسلام والذين نقم عليهم النقيوسي ووصفهم بالملحدين الخونة وهو يقول:" أن المسيحيين المارقين أصحاب مذهب مجمع خلقدونيا، هم الذين أسرعوا إلى اعتناق الإسلام ، لا أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة"(8).

    أما الوثنيين الخُلص فقد احتاج الأمر إلى بعض الوقت معهم. إذ أنهم احتجوا لأن يروا آية فكان ما اتفق عليه المؤرخون من أن عمرو ـ رضي الله عنه ـ منعهم من تقديم القرابين للإله حابي (رب النيل) فيما عرف بعيد وفاء النيل إذ كانوا يعتقدون أن النيل لا يفيض بالماء إلا إذا أُلقيت فيه القرابين (بغض النظر هل كانت فتاة تلقى في اليم بعد أن يلبسوها الزينة وهو الذي عليه أغلب المؤرخين أم كانت أنواع أخرى من القرابين غير بشرية). فلما مُنِعُوا ظل النيل ثلاثة أشهر لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء والرحيل. حتى ألقى عمراً فيه البطاقة التي أرسلها إليه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ وفيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وأن كان الله الواحد القهار الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك فعرَّفهم عمرو بكتاب أمير المؤمنين وبالبطاقة ثم ألقاها في النيل وقد تهيأ أهل مصر للخروج منها فأصبحوا وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا في ليلة وقطع الله تلك السنة السوء عن أهل مصر.

    وهكذا فقد دخل الكثير من أهل مصر في الإسلام منذ اللحظات الأول حين أعطيت لهم الحرية الدينية فإن كان الوطنيين كما يقول يعقوب نخلة قد اختاروا الإسلام ومعهم المسيحيين أصحاب مذهب الطبيعتين كما يذكر المؤرخ يوحنا. إضافة للمسيحيين من أتباع مذهب آريوس (وهم القائلين بنبوة المسيح عليه السلام، وبسائر ما يعتقده المسلمون في حقه ) فهؤلاء لم يكن بينهم وبين المسلمين كبير فرق. ولم يتبق إلا أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة الذي كان يعاني من الضياع ولم يزد عدد أتباعه إلا بعد دخول الإسلام كما مر بك آنفا فلك أن تتخيل عدد المسلمين منذ اللحظة الأولى للفتح الإسلامي؛ ثم تخيل ما الذي بقي بمصر ولم يسلم كل ذلك قبل أن تكون هناك جزية وقبل أن يستتب وضع المسلمين بها أو حتى يتموا فتحها. ومن أراد التيقن من ذلك فعليه بفتوح الشام للواقدي، ولكني آليت على نفسي إلا أن أنقل من مصادر القوم.

    والذي يؤكد ما ذكرنا أن القوم يبالغون كثيرا في ذكر تعداد سكان مصر حين الفتح فبعضهم وصل بهم إلى ثلاثين مليون ، كما جاء في كتاب ستالي لينبول. تاريخ مصر في العصور الوسطى ( ص19 ). وبعضهم يهبط به إلى دون ذلك بكثير فيصل إلى ثمانية ملايين. فإن كانت الجزية التي جمعها عمرو بن العاص ـ رضي الله ـ عنه في عامه الأول هي عشرة ملايين وكان مقدار الجزية هو دينارين فمعنى ذلك أنه لم يحصل إلا على جزية خمسة ملايين فقط ولعل كان أغلبهم من الوثنيين الذين لما يسلموا بعد ؛ هذا إن كانت العشرة ملايين هي الجزية فقط، أما إن كانت الجزية مضافا إليها خراج الأرض فإن دافعي الجزية من الذين لم يسلموا كان دون الخمسة ملايين بكثير جدا.
    وعلى أي حال كان الأمر فمن الواضح بعد ما مر أن المسلمين بمصر كانت لهم الغلبة والكثرة منذ اللحظة الأولى لقبول أهل البلاد له.

    -------------------------
    (1 )
    مسلمون وأقباط ص(10) جاك تاجر
    (2 )
    تاريخ الأمة القبطية ص (28) ليعقوب نخلة .
    (3 )
    وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها " (ص65) للراهب أنطونيوس
    (4 )
    منسي ص 366
    (5 )
    تاريخ الأمة القبطية لبتشر (2/76) .
    (6 )
    مسلمون وأقباط لجاك تاجر (18) .
    (7 )
    انتشار الإسلام ص (162-163) ل نبيل لوقا
    (8 )
    مسلمون وأقباط جاك تاجر ص( 18).











 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اعترافات اباء الكنيسة بتحريف الكتاب المُقدس ( مراجع مسيحية مصورة )
    بواسطة Eng.Con في المنتدى دراسة نسخ الكتاب المقدس
    مشاركات: 46
    آخر مشاركة: 2021-11-27, 12:23 AM
  2. قال أن البابا "عامل دولة داخل دولة وماشي بالذراع
    بواسطة جمال المر في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2010-09-25, 02:15 PM
  3. لا يجتمعان أبداً
    بواسطة السراج الوهاج في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2010-07-27, 03:48 AM
  4. سأرحل ولن أعود أبداً
    بواسطة أبو أنس في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 2009-12-24, 11:57 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML