|
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
رحلات مع بولس ( شاول الفرّيسي)
الــــفــــصـــل الأوّل
جعل الرومان حلال ( كوشير)
شاول الطرسوسي ــ شاهد ليسوع ؟
نـعـلـم من سفر أعـمال الـرسل أن مـوقـف الـقـديـس بـول في بدايته كان " شاول مضطهد المسيحيين " . مع ذلك , إذا كان شاول حقا حارسا للعقيدة اليهودية أثناء مقتل إسطفانوس رجما بالحجارة ( سفر اعمال الرسل7 : 58 , 8 : 3 ) , ثـم صـار رئيس المضطهدين للمسيحيين ـــ فلا أقـل من أن نتساءل : أين كان شاول , قبل ذلك بفترة وجيزة ,حين كان يهوديّ راديكاليّ إسمه يسوع يهـيـّج قرى و مدنا كاملة ؟
لا يبدو شاول قد بدأ ينشط في لعب دور البوليس الديني إلا بعد مـوت الإله البشري بوقت قليل . لكن هذا في حد ذاته يدعونا إلى التفكير في أن يسوع الناصري لم يكن له تأثير يذكر . بعد كل شيء كان شاول معاصرا ليسوع في الزمان و المكان ؛ تربى في أورشليم ( عند رجلي غمالائيل ـ أعمال الرسل 22 : 3 ) و تحديدا في الفترة التي كان يسوع يقلب فيها موائد الصيارفة داخل المعبد , و يستفز اليهود الفرّيسيين و الصدوقيين بوجه عام .
و حيث أن شاول كان شابا يهوديا متدينا حاد الطباع ( زيلوطي = شديد الغيرة على تقاليد الآباء , انظر رسالته إلى غلاطيه 1 : 14 ) ؛ هل لم ينضم إلى تلك الجموع التي كانت تضايق يسوع الناصري نفسه و تتهجم عليه ؟ هل شاول لم يكن شاهدا متحمسا أما م المجلس اليهودي الأعلى ( السنهدرين ) على تجديف يسوع ؟ و أين كان شاول خلال أسبوع الفصح ذاك , من المؤكد أنه في اورشليم يحتفل مع زيلوطيين آخرين بأقدس الأعياد اليهودية ؟ و مع ذلك لماذا لم يذكر كلمة واحدة عن حادثة صلب يسوع ؟
إن بول , أيها السادة , " شاهد آخر ليسوع " لم يسمع و لم ير أي شيء !
إثنـان بول ـــ و وهم واحد
لم يذكر المبشر المسيحي المتميز و الرسول , القديس بول , على الإطلاق من قبل المؤرخين الدنيويين لحقبته تلك ( لا تاسيتوس , و لا بليني , و لا يوسيفوس فلافيوس ..و لا غيرهم) و رغم ان بول كان يخالط حكام المقاطعات و كانت له مقابلات مع ملوك و أباطرة , إلا أنه لا يوجد كاتب واحد رأى أن تلك الأعمال تستحق الذكر !
إن الصورة الشعبية للقديس بول مستخلصة على نحو إنتقائي إنطلاقا من مصدرين : سفر اعمال الرسل , و الرسائل التي تحمل إسمه . لكن المصدرين يقدمان شخصين مختلفين جذريا و روايتين متباعدتين كل التباعد .
المتخصوصون في دراسة الكتاب المقدس متآلفون تماما مع المشكلة المحيرة و المربكة في ان قصة بول عن نفسه التي يمكن تجميع معلوماتها من الرسائل تتناقض و تتضارب مع القصة التي يرويها سفر اعمال الرسل , لكنهم يعزون ذلك إلى " سـرّ إلهي " و يقمعون فكرة إمكانية الإنزلاق إلى الإعتراف بأن كل الحكاية هي مجرد عمل ديني خيالي .
ســفــر أعــمــال الــرســل
بول في سفر أعمال الرسل هو مجرد فرد ضمن فريق . و تحوله إلى الديانة المسيحية , و هو في طريقه إلى دمشق , مهم لدرجة انه يذكر ثلاث مرات ( صوت و ضؤ ) , فمن حالة إنسان من الخطاة ( حين كان شاول المضطهد اليهودي) يحمل إلى إلإعتناق بحب للكنيسة حديثة الولادة .
و الآن كفرد من افراد الأخوية ( يدخل و يخرج معهم من اورشليم ــ 9 : 28 ) , يستخدم من طرف المشايخ .
" حمله " التلاميذ من دمشق ( 9 : 25 ) , و برنابا "أحضره" إلى الرسل ( 9 : 27) . " احضروه إلى "القيصرية" ثم " أرسلوه" إلى طرسوس . برنابا "أرجعه"إلى أنطاكية (11 : 26) , ثم " أرسل " مع برنابا إلى أورشليم بمؤن لتخفيف المجاعة ( 11 : 30 ) ( و كما حدث , زيارة لأورشليم غير المعروفة إطلاقا لبول نفسه )
في نهاية المطاف" أرسلت" الأخوية بول في أول رحلة تبشيرية , و كمبشر كان بول مجرد فرد من الإرسالية الجماعية :{ واذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في اورشليم ليحفظوها. 5 فكانت الكنائس تتشدد في الايمان وتزداد في العدد كل يوم.}
من سالونيك " أرسل " بول بعيدا إلى بيريا من طرف الأخوية ( 7 : 10 ) . و " أرسل أيضا " عن طريق البحر إلى أثينا ( 7 : 14-15) , و في كنخريا وفـّى بول بنذر يهودي و حلق رأسه ( 18 : 18 ) .
رغم ان إسم بول يذكر 177 مرة , إلا أنه لم يرد قط مسبوقا باللقب التشريفي " رسول " . وإن أقرب ما منح سفر اعمال الرسل هذا اللقب لبول كان في الإصحاح 14عدد14 حيث يأتي إسمه بعد إسم برنابا و يستخدم اللقب في صيغة الجمع . و في جميع الأحوال الأخرى يظهر إسم بول كشخص معزول بالكامل و خاضع ضمنيا للرسل .
إن هذا التجاهل صادم إذا ما اخذنا في الإعتبار أن كاتبه ليس إلا لوقا رفيق بول و أحد المعجبين به .
الــرسـائــل
في تباين مطلق يظهر بول في رسائله كشخص إختط لنفسه مسلكا مستقلا على نحو منمّـق طنّـان , لا يمثل أحدا سوى نفسه , و ليس خاضعا لأوامر أحد . إن بول هنا هو الذي يحمل عصا القيادة .
يطرق بول إلى الأعماق تكرارا , و هو مملؤ بأهمية ذاته , أنه رسول , و ان تعيينه أتى مباشرة من السماء . و "برهانه " على ذلك هو النجاح الشخصي الذي احرزه كمبشر ( أنظر مثلا رسالته الثانية إلى كورنثوس2, 3)ــ و هي حجة ذات جدارة مريبة تستخدمها الكنيسة إلى الآن : أنظر إلى نجاحنا ! .. لابد أننا على حق !
لا يذكر بول قصة تحوله إلى المسيحية " في طريق دمشق" و لا أصله من مدينة طرسوس ( جيرونيمو يذكر ان بول من الجليل!) و لا يذكر قبرص و معركته مع ساحر خصم , و لا يشير إلى الأوامر الصادرة من يعقوب عن تحريمات الأطعمة و الزنا .
يظهر بول كأنه لا يدين بشيء لأي شخص . و كمستأسد سيء الطباع لا يخسر قليلا من الود على أولئك الذين لا يقبلون وجهة نظره . فهكذا حين فقد دعم بطرس و برنابا له حول مشاركة الوثنيين الطعام , و بـّـخ بطرس علنا و كتب أنه جحد لأنه كان خائفا , و ان برنابا إنقاد ببلاهة ( غلاطية 2 : 12-13)
بول غير المعقول:
من الغريب أن كتابات الحاخامات في القرنين الأول و الثاني لا تذكر شيئا على الإطلاق عن تلميذ عاص جحود من تلامذة غمالائيل .
بعد ان درس على يد المعلم الكبير , ثم تشدد في فرض الديانة اليهودية في صورتها الأورثوذكسية باسم كبار الكهنة , تعرض لرؤية غيرت حياته . و لا كلمة واحدة ذكرها الحاخامات عن تلميذ متقدم " ضاع و فسد " و صار هرطيقا يحتقر حفظ يوم السبت , و يلح على أتباعه في تجاهل القواعد اليهودية عن أنواع الأطعمة , و يعلن أن الناموس و الختان قد أبطلا !
من المؤكد فعلا أن مثل هذا الجاحد المتمرد لا يمكن أن يهرب بالكامل من إنتباه الكتبة .
ما مدى إمكانية صحة أن بول درس حـقـّا على يد الفـّريسي الكبير ( أعمال الرسل 22 : 3 ) ؟ بول كانت لديه مشكلة بصورة واضحة مع اللغة العبرية : فجميع إشاراته الكتابية مأخوذة من الترجمة اليونانية للعهد القديم المعروفة باسم النسخة السبعينية .
ما مدى إمكانية صحة أن الشاب بول ــ المفترض أنه مواطن روماني من يهود الشتات الذين صاروا ذوي ثقافة يونانية ــ يتم تعيينه رئيسا بوليسيا للأرثذوكسية اليهودية المتطرفة في أورشليم ؟ و إذا كان بول حـقـّا قد وصل إلى هذا المنصب , فلا بد أن هناك أمورا أكثر أهمية يجب الإلتفات لها بدلا من الإهتمام بمجموعة صغيرة من "أتباع يسوع" في دمشق ... يقول سفر أعمال الرسل إن الرسل استمروا في كرازتهم في اورشليم حتى بعد مقتل إسطفان :{ وكان شاول راضيا بقتله.وحدث في ذلك اليوم اضطهاد عظيم على الكنيسة التي في اورشليم فتشتت الجميع في كور اليهودية والسامرة ما عدا الرسل. 2 وحمل رجال اتقياء استفانوس وعملوا عليه مناحة عظيمة.}( أعمال الرسل 8 : 1-2) , و عليه : لماذا لم يلاحق القادة الذين كانوا في متناول يده ؟
""" لا شيء في رسائل بول يقترح أنه كان يتولى منصبا رسميا في تعامله مع المسيحيين ... و على ذلك , و بعكس ما عبر عنه لـوقا , لم يكن بول قادرا على القبض و السجن و التعذيب بهدف إجبار المسيحيين على الإعتراف بأنهم كانوا مخدوعين "" ( Morphy O'Connor , Paul,His History , p 19)
وبالنظر إلى ان المجلس اليهودي الأعلى ( السنهدرين ) لم يكن له من السلطة ما يخوله السماح لصائد هراطقة بالعمل في مدينة دمشق المستقلة , فإن رحلة بول عبر الطريق إلى دمشق أيضا أكثر قابلية لعدم التصديق ....
هــــوامـــش البنود السابقة :
السادة المتصفحون
هنا سأكتب بعض الملحقات التي وردت على هامش النص الرئيس , رأيت إضافتها أولا بأول
لأهميتها , من جهة , و لأنها كثيرة جدا , بحيث يجب أن تواكب فقرات النص الرئيس حتى لا تفقد الغرض منها ... بعد ذلك سوف أواصل تقديم النص الرئيس .. مع الشكر
شاهد على إعدام :قديس مسيحي يبدأ بداية ذات صدى
{{واخرجوه خارج المدينة ورجموه.والشهود خلعوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول. ...... وكان شاول راضيا بقتله... }} ( أعمال الرسل 7: 58 , 8 : 1 )
{{ 10 وفعلت ذلك ايضا في اورشليم فحبست في سجون كثيرين من القديسين آخذا السلطان من قبل رؤساء الكهنة.ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك. 11 وفي كل المجامع كنت اعاقبهم مرارا كثيرة واضطرهم الى التجديف.واذ افرط حنقي عليهم كنت اطردهم الى المدن التي في الخارج }} ( أعمال الرسل 26 : 10 - 11 )
حــــزّر , أي نوع من المتعصبين نتعامل معه .!
مــش معقــول !
من غير المعقول ان فــرّيسيا بارزا , أو أي فــرّيسي في الواقع , يدخل في إرتباط وثيق مع رئيس الكهنة , مثلما سجّل شاول انه كان يفعل .
إن شاول مجرد مسخ , و فـرّيسي بعبع , لا يمكن على الإطلاق فهم دوافعه .
Hyam Maccoby, The Myth Maker, p58.
أبو راس كبيره ,أنا إللي فيكم و الباقي ركش
{{ 13 فاني اقول لكم ايها الامم.بما اني انا رسول للامم امجد خدمتي.... ......
ولكن بنعمة الله انا ما انا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة بل انا تعبت اكثر منهم جميعهم...............
حق المسيح فيّ.ان هذا الافتخار لا يسد عني في اقاليم اخائية .........
كان ينبغي ان امدح منكم اذ لم انقص شيئا عن فائقي الرسل }}
رسالته إلى رومية 11 : 13
رسالته الأولى إلى كورنثوس 15 : 10
رسالته الثانية إلى كورنثوس 11 : 10
رسالته الثانية إلى كورنثوس 12 : 11
تـتـرع رسائل بول بأشاراته إلى نفسه , و نصف الــ37 مرة التي كتب فيها كلمة رسول كانت الكلمة تشير إليه شخصيا !
عــمى مـؤقت
يسوع يلقي إليه بالتحية
{{ 3 وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. 4 فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. }} أعمال الرسل 9 : 3-4
صــوت و ضؤ
فكر بإنتباه حول ما يأتي : من كان في الضؤ , من سمع , من رأى , من سقط على الأرض , ومن يكذب ؟
{{3 وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. 4 فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. }} أعمال الرسل 9: 3 -4
{{ واما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون احدا. }} أعمال الرسل 9 : 7
{{ 9 والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني. }}
أعمال الرسل 22 : 9
{{ 12 ولما كنت ذاهبا في ذلك الى دمشق بسلطان ووصية من رؤساء الكهنة 13 رأيت في نصف النهار في الطريق ايها الملك نورا من السماء افضل من لمعان الشمس قد ابرق حولي وحول الذاهبين معي. 14 فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني.صعب عليك ان ترفس مناخس }}
أعمال الرسل 26 : 13 - 14
إنتهت الهوامش , و عودة إلى النص الرئيس
ـــــــــــــــ
مـــهـــتـــد ؟
ما مدى إمكانية صحة أن بول /شاول قد إهتدى إلى المسيحية في ظرف سنة أو سنتين من الــصلب ( إريناوس يقول 18 شهرا ) ؟ إذا كان هو حقـّا زيلوطيا ( غيورا ) ناضج العقل على الديانة اليهودية , و كان غير متاثر عاطفيا و بمنأى عن كرازات وتجوالات الإله البشري و أعماله الإعجازية ـــ تنقصه "معجزة " العمى ـــ فلماذا يعتنق عن طيب خاطر الهرطقة , من بين كل الناس ؟ إن الأناجيل الأربعة لاتذكر, بل و لا حتى توحي باسم رسول من الرواد الأوائل يدعى بول .
هناك أيضا تواز غريب بين خطاب الإضطهاد المزعوم من يسوع السماوي إلى بول الأعمى (" شاول .... شاول .. لماذا تضطهدني.صعب عليك ان ترفس مناخس " ) و بين إضطهاد ديونيسيوس الذي نجده في أعمال أيوريبديس "The Bacchae " و كلاهما يستخدم كلمة " مناخس " .
إذا كان بول ( شاول ) حـقـّا قد كفر إلى درجة أنه إنضم ( أو أسس ) مذهبا جذريا جديدا , فكيف لم يلعن( أناثيما ) كهنة اليهود إسمه ؟ و للتأكد, فإن اليهود المسيحيين ( الإيبونيين ) قد أدانوا فعلا بول , و فعلوا ذلك بأشد الكلام خشونة ــ بل وقالوا إنه في الحقيقة متحول يوناني متذمر , قوبل تحـّرقه بالرفض من قبل إبنت رئيس الكهنة ! ( إيبيفانيوس , باناريون 16 ) . لكن ذلك حدث في القرن الثاني , بعد حياة و موت بول الرسول بفترة طويلة .
إن " الإضطهاد " الباكر للكنيسة حديثة الولادة يبدو غير محتمل على نحو بارز لأنه ما أن تحول شاول ( مدمر القديسين ) إلى الرسول بول , و إقتادته الأخوية في أمان إلى القيصرية ثم إلى وطنه طرسوس , حتى توقف الإضطهاد على نحو مفاجيء . إن " الإضطهاد " هو بالكامل سيرك ذو مهرج واحد .
{{ 31 واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر }} ( أعمال الرسل 9 : 31 )
إن " شاول مضطهد الكنيسة " قبل المسيحية بأكمله لا معنى له كتاريخ ــ لكن له معنى لاهوتيا . " يهودي زيلوطي ( غيور ) يرى نور يسوع , و يصبح مسيحيا " إن الغرض اللاهوتى واضح وضوح زيف المقالة كتاريخ .
يـهـود قـتـلـة فـي دمـشـق
ما مدى إمكانية صحة هروب بول " في سلة " من مدينة دمشق ( أعمال الرسل 9 : 25 ) ؟؟ تستخدم السلة المربوطة بحبل في العادة لشراء خبز من الباعة المتجولين , تدلى السلة و بها النقود ثم ترفع بعد ذلك و بها الخبز . و لكن سلة بحجم رجل ؟! لماذا لم يستطع بول أن يستمسك ببساطة بالحبل و يهبط كأي شخص عادي ؟
و ممن كان يهرب بول ؟ ..طبقا لشاهدته " نفسه " , ( رسالته الثانية إلى كورينثوس 11: 32 - 33 ) كان يهرب من " الحاكم تحت إمرة الملك الحارث ," الحارث الرابع كان ملكا نبطيا إمتد ملكه على مساحة واسعة من عاصمته البطراء , غير ان بول لا يذكر لنا لماذا كان يطارده .
لكن سفر أعمال الرسل المتماسك في عدوانيته للــ"يهود " يقول لنا أن اليهود نووا إغتياله ( أعمال الرسل 9 : 23- 24) . لماذا كان اليهود ينوون قتلة ؟ .. إن أي سمعة يمكن أن يكون بول قد نالها بين يهود دمشق هي أنه فارض للديانة اليهودية بالقوة , و ليس كهرطيق من المسيحيين .
إن التفسير الضعيف الذي يقدمه سفر اعمال الرسل هو أن بول اربك اليهود في المعبد بيسوعه .
و هذا ظاهريا يبدو سببا كافيا لهم لكي ينظموا محاولة إغتيال و مراقبة بوابات المدينة " ليلا و نهارا " ( كانت هناك سبع بوابات على الأقل ), و هو عمل يستدعي توظيف عدد غير قليل من المستعدين للقتل .
يطرح أوكنور OConnor سؤالا منطقيا و معقولا :
"" لماذا كان على اليهود أن يراقبوا مخارج المدينة بينما كان من السهل عليهم جدا إيجاد أين يقيم بول و تدبير" حادثة " له هناك ؟؟ "" OConnor , A Critical Life, p6.
بعد ان واجه بول عداء من إخوانه في الدين السابقين ., ما مدى إمكانية صحة أنه و هو لتوه جرب تحولا غيّـر حياته , ذهب إلى " العربية " لمدة ثلاث سنوات ــــ العربية التي طاردته من دمشق ــ, بدلا من الإلتحاق بالرفاق الأرضيين لربه المكتسب الجديد ؟؟
أليس من المفروض انه كان سيسعى للأمان مع المسيحيين ؟ أليس من المفروض انه كان سيرغب في التحدث مع أم مخلّـصه التي لا زالت على قيد الحياة , و ان يزور الأماكن التي كرز فيها يسوع و فعل معجزاته , و يسير على طريق الجلجثة , و يتامل في البقعة التي عانى فيها ربه الجديد آلامه ؟ ( هل من الممكن ان بول لم يقم بشيء من هذه الأشياء لأن الميلاد العجائبي , و الأعمال الإعجازية , و عملية الصلب , لم تضف بعد إلى القصة ؟؟!!
هوامش البنود السابقة :
ــــــــــــــــــــ
هل كان يجلس مرتاحا ؟
يهبط بول هبوطا مريحا من سور دمشق . و بالطبع كان في دمشق سلال بحجم رجل , معدة للهروب السريع !
و من الجدير بالملاحظة أن المسيحيين الأولين إذا كانوا قد هربوا و لجأوا بالتحديد إلى دمشق فذلك منطقيا بسبب أنها كانت تشكل ملاذا آمنا بعيدا عن متناول رئيس الكهنة .
باب كيسان من دمشق القديمة ( الآن أبرشية أرثوذكسية يونانية ) يـّدعي شرف هبوط بول الليلي في سلة ( أعمال الرسل 9 : 25 , رسالته الثانية إلى كورنثوس 11 : 32 )
ما الذي كنت ستختار , سـلّـة أم مجرد حبل ؟
من أين يلطشون أفكارهم ؟
الزلزال حقيقي ـــ يفعل على الأرجح أكثر من " فك القيود و فتح الأبواب "
يوسيفوس فلافيوس يتعرض لخيانة من " يوحنا " فيختار حليفا إسمه " سيلا " و يهرب هروبا إعجازيا !
و لما أتي يوحنا ( من جيكالا ) إلى مدينة طبرية , أغرى الرجال بنقض ولائهم لي .
......
و قد أتى رسول من سيلا الذي كنت قد عينته حاكما على طبرية ....
........
و عند وصول هذه الرسالة جمعت مائتي رجل معي و سافرنا طوال الليل ...
...
وقد رفض الحراس الذين كانوا حولي, باستثناء واحد , و عشرة من رجاله المسلحين , حاولت إلقاء خطبة للجموع ..... و لكن قبل أن ابدأ في الكلام ...
و من اجل سلامتي الشخصية , و الهرب من الأعداء هناك ..
......
حملت على ظهر واحد هيرود الطبري , الذي قادني إلى البحيرة , حيث استوليت على مركب , و دخلت فيه , و هربت من اعدائي على نحو مفاجيء , و حضرت إلى تاريتشس ."
– Josephus, Life 17
قارن فكرة النص أعلاه بفكرة هذه الأعداد من الإصحاح 15 لأعمال الرسل
38واما بولس فكان يستحسن ان الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل لا يأخذانه معهما.
39 فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الآخر.وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرس.
40 واما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعا من الاخوة الى نعمة الله( أعمال الرسل 15 : 38 - 40 )
ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصلّيان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما.
26 فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت اساسات السجن.فانفتحت في الحال الابواب كلها وانفكت قيود الجميع.
27 ولما استيقظ حافظ السجن ورأى ابواب السجن مفتوحة استل سيفه وكان مزمعا ان يقتل نفسه ظانا ان المسجونين قد هربوا.
28 فنادى بولس بصوت عظيم قائلا لا تفعل بنفسك شيئا رديّا لان جميعنا ههنا.
29 فطلب ضوءا واندفع الى داخل وخرّ لبولس وسيلا وهو مرتعد .( اعمال الرسل 16 : 25 -29 )
نواصل , من اين يلطشون افكارهم ؟
و كانت خاتمة امره منقلبا سيئا لان الحارث زعيم العرب طرده فجعل يفر من مدينة الى مدينة والجميع ينبذونه ويبغضونه بغضة من ارتد عن الشريعة ويمقتونه مقت من هو قتال لاهل وطنه حتى دحر الى مصر
هل الكلام عن بول ؟ لا ... إنه عن رئيس الكهنة جاسون , مثلما يرد في سفر المكابيين الثاني 8 : 5 . و كان ذلك في سنة 172 قبل الميلاد !
بول الملائكي
لا نعرف شيئا عن ملامح بول أكثر من معرفتنا لملامح الإله البشري , لكن الأبوكريفا تاتي لإسعافنا .. ضئيل الحجم , اصلع الرأس , مقرون الحاجبين , مقوس الساقين , ذو أنف كبير مقوس أحمر .
Onesiphorus ، اعمال بول وثيكلا (القرن الثاني). يواصل القول مضيفا إن بول يظهر بوجه رجل ثم ينتحول إلى وجه ملائكة .
بينما نجد رأي معاصريه طبقا لكلامه في رسالته الثانية إلى كورنثوس الإصحاح 10, انه قوي الأسلوب كتابة , و شخصية ضعيفة الحضور, و متحدث فدم عيي !!
: 10 لانه يقول الرسائل ثقيلة و قوية و اما حضور الجسد فضعيف و الكلام حقير
مــجــمــع أورشـلـيـم ؟
يقـول الإصحاح 15 من سفر أعمال الرسل إن إقامة بول الطويلة في انطاكية ,التي تلت رحلته التبشيرية الأولى , قد إنقطعت بسبب " المشـرّعين " في إقليم اليهودية الذين كانوا يصـّرون على أن الخلاص يقتضي الإختتان . قرع ناقوس الخطر , و أختير بول و برنابا لترأس وفد إلى أورشليم لمقابلة الرسل و الشيوخ . المقابلة هي " مجمع أورشليم " الشهير.
يؤرخ تقليديا بين سنة 48 و سنة 52 , و يسجل سفر أعمال الرسل ان الاجتماع ساده التوافق و الوئام , مع حل المسالة ودّيا و بطيب خاطر . يمــتّـع بول الأخوة هناك بحكايات عن "معجزات و أعاجيب" بين الوثنيين ( 15 : 12 ) و يصدر يعقوب قرارا فيما يتعلق بختان الوثنيين بأن : " لا نثقل عليهم "( 15 : 19 ). و عند الرجوع إلى أنطاكية " فرحت " الأخويّـة ( 15:32 ) .
لكن ما يسجله بول نفسه عن الإجتماع مع " أولئك الذين يبدون ألأكثر ثباتا " مختلف جدّا .
فهو يذهب لأورشليم كنتيجة لــ"ــرؤية " أعلنت له ( رسالته إلى غلاطية 2 : 2 ) و يتحدث في الواقع عن مواجهة و صدام .
إذا كان هناك حقـّا " مجمع اورشليم " الذي ربح فيه بول قضية أن الوثنيين لا يحتاجون إلى الختان , فلماذا قام بول شخصيا , بعد ذلك بقليل , بختان تيموثاوس , التلميذ الذي وجده في ليسترا ؟ ( 16 : 3 ) . للتأكد , يقال لنا إن تيموثاوس نصف يهودي لذا فالحجة الدفاعية هي أن ختانه تـمّ " لكسب قبول " يهود المنطقة , لكن مثل هذه الحجة تفترض مشاهدة علنية عامة لمذاكير تيموثاوس المسكين .( ليس هناك حتى ما يوحي بأن تيموثاوس سوئل عن شعوره نحو ذلك ) . و لكن الأكثر إثارة للتعجب و الإستغراب هو ما يقوله بول نفسه . فهو يعلن على نحو محدد ان , ليس تيموثاوس , بل تابعه اليوناني الآخر تيتوس الذي كان غير مختتن !
{{ 3 لكن لم يضطر ولا تيطس الذي كان معي وهو يوناني ان يختتن. 4 ولكن بسبب الاخوة الكذبة المدخلين خفية الذين دخلوا اختلاسا ليتجسسوا حريتنا التي لنا في المسيح كي يستعبدونا }} ( رسالته إلى غلاطية 2 : 3-4 )
" إخوة كذبة " , " جواسيس " , يحاولون جعل بول و حاشيته " عبيدا " ؟!
مثل هذه المحبة , مثل الزمالة المسيحية .
مــؤسـس كـنـائــس ؟
الكثير من التعجب و الإستغراب هنا . من المفترض أن بول أسـس كنيسة أفسس ( أعمال الرسل 18 : 18 ؛ 19 : 5 -7 ) و أنه انفق وقتا مع إخوانه في الدين في هذه المدينة أكثر مما انفق في اي مكان آخر ( ثلاثة شهور خلال رحلته التبشرية الثانية , و ثلاث سنوات خلال الرحلة الثالثة ) . و يتم تحفيزنا على الإعتقاد بأن رسالتي بول إلى
" كورنثوس " قد كتبتا في افسس , و أنه هناك حيث إستقبل مندوبين مضطربين من كورينثوس , و ترأس أول حرق مسيحي للكتب ( أعمال الرسل 19 : 19 ) .
مع ذلك , كان يوحنا الرسول المقيم في افسس بعد حادثة الصلب , الذي يشار إليه دائما كمؤسس لكنيسة افسس . و برغبة من يسوع نفسه , وضعت مريم العذراء تحت رعاية يوحنا , و يبدو انهما سافرا إلى افسس هناك بنى يوحنا بيديه " بيت مريم " ــ و هو بيت موجود إلى هذه اللحظة !!
يقال لنا ايضا ان يوحنا كان معلما للأسقف بوليكربو الموقـّر , في مدينة ازمير القريبة .
فيما لم يجر الحلم بقدر مريم العذراء النهائي لقرون , يذكر إريناوس في القرن الثاني ( الذي إقتبس من أوسيبيوس 23 ) أن يوحنا بقي في افسس حتى زمن الأمبراطور تراجان (98 م ــ 117 م ) و طبقا لديونيسوس في القرن الثالث كان له , ليس قبرا واحدا , بل قبران في افسس .
و هكذا فالقصة تصرح بأن يوحنا الرسول عاش وقتا طويلا في المدينة التي بشـرها بول في رحلته الثانية و التي يفترض " شعبيا " انها بدأت في سنة 49 م .
مع ذلك , و بالنظر إلى لتداخل في الزمان و المكان , لم يتعرف بول أبدا إلى مريم , و لم يتشاور أبدا مع زميله يوحنا الرسول . . . غريب فعلا !, هذا أقل ما يمكن ان يقال .
ما يحدث هنا هو بالضبط : تجاهل متبادل , فظاظة , و عداء ــــ في قلـب كنيسة المـحـبّـة ؟
vpghj lu f,gs ( ah,g hgtv~dsd)
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
هوامش البندين السابقين:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بـيـت مــريــم . هــل أتـى بـول هـنـا لـتـنـاول الـشـاي ؟
بيت العذراء المباركة , في افسس . كان مزارا مربحا لقرون .
لكن لو كان أصليا حقـّا , فلماذا لم يقم بول بزيارة لأم الـّرب المباركة ؟
و لماذا لم يتقابل , مع المبشر القديس يوحنا , الذي يقال لنا أنه عاش إلى سن متقدمة جدّا؟
مــن أيـن لــطــشــوا الأفكار ؟
الـختان ليس ضروريا , يقول يوسفوس فلافيوس
""في ذلك الوقت جاءني رجلين عظيمين , ممن كانوا تحت سلطة الملك أغريبا , خرجا من إقليم تراخونيوس و أحضرا معهما خيولهما و أسلحتهما , و كذلك كانا يحملان معهما اموالهما, و لما حاول اليهود ان يجبراهما على الإختتان , إذا رغبا في البقاء بينهم , لم اسمح لهم بإجبارهمـا على أي فعل بل قلت لهم :
كل واحد يجب ان يعبد الرب طبقا لميوله , و لا يجب إكراهه بالقوة , و هذان الرجلان اللذان لجئا إلينا في طلب الحماية يجب معاملتهما بحيث لا يندمـان على قدومهمـا .""
– Josephus, Life 23
{{ 1 وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلمون الاخوة انه ان لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم ان تخلصوا.
13 وبعدما سكتا اجاب يعقوب قائلا ايها الرجال الاخوة اسمعوني
19 لذلك انا ارى ان لا يثقل على الراجعين الى الله من الامم. }} ( سفر اعمال الرسل 15: 1 , 19)
إنتهت الهوامش , عودة إلى النص الرئيس :
ــــــــــــــــــ
فــحــص الــواقــع :
ما نتعامل معه هو صنفين من التعاليم المختلفة ( و المتخاصمة ) , أحدهما يركّـز على الرسل في مجموعهم ويؤكّـد زعامة بطرس ( و بالتالي الكاثوليكية الرومانية ) , و الصنف الثاني نجمه الرسول بول , رائد اللاهوت العبقري , و مؤسس الكنائس .
و لمن كان يتكلم " بول " ؟ حسنا , كان يتكلم للفرقة التي خسرت المعركة السياسية ـــــ كنيسة مرقيون , الشخص المحدّد بالضبط و بالدّقّة كأول " مكتشف" للرسائل في أواسط و أواخر القرن الثاني .
كانت رسائل بول في شكلها الأصلي ( بقلم المرقيونيين ) إثنينية *و غنوسطية* زيادة عن اللزوم" لسوق قـدّاس " , فلاهوتها يعتنق الهروب من العالم المادّي . لكنها كانت تزود بحكايات مفيدة عن الرّوح القدس و هو يفعل أفاعيله بين الوثنيين . إن محور اللاهوت البولسي ( المرقيوني ) عن الخلاص الفردي ــ " مبرّر الإيمان " ــ قطع كل الصلات بإرث
يهودي خصوصي , و تخـلّـص من شريعة موسى و قوانينها المزعجة . في البداية , إنزعجت العناصر اليهودية داخل الكاثوليكية , لكن التطورات الجيوسياسية العاجلة جعلت هذا اللاهوت جذابا للغاية .
إن الصراع الذي طال أمده بين الفرق المسيحية المؤيّدة و المناهضة للـ"يهود" في النصف الأول من القرن الثاني إنتهى بعد حرب بار كوخبا 130ــ135 و الإزدراء في روما لكل ما هو يهودي . و في شكل نصف مخبوز , تم عجن صنفي " التعاليم " معا . إن سفر أعمال الرسل هو النصر الكاثوليكي الذي قلّل من حجم بول , و حمل بطل المرقيونيين على البحث عن الآمان في الأرثوذوكسية .
و للتأكيد , كان بول نفسه " ممجّدا " و له فضل في نشاطات تبشرية واسعة النطاق , و يطفح بمعجزات غير مسجلة في الرسائل الرعوية التي كتبها , لكن بول , في القصة الجديدة , لا يكتب رسائل . بل بدلا من ذلك , يقوم بتسليم واحدة من الرؤساء في اورشليم !!
في قصة ضعيفة الفكرة ينتقل " قائد " الرسل من أورشليم إلى روما قبل بول , و يتربـّع هناك على عرش " البابوية " . بول الذي لفقت لمعان نجمه الحملة الصليبية الإنجيلية في القرن الأول سيظل دائما واقفا بصورة سيئة وراء أكتاف شخصية ضعيفة جدا صنعتها الكنيسة في روما ــ القديس بطرس .
هكذا تمت قولبت بول , بطل الهراطقة , في صورة " الرسول الثالث عشر " و تم إمتثاله داخل المجموع الكاثوليكي . كما تم دمج الكنائس المرقيونية في كنيسة رومانية عالمية و أكبر حجما . و الرسائل المنسوبة إلى بول لم يتم التخلص منها لشعبيتها و فائدتها الزائدة عن اللزوم , بل تمت مصادرتها , و تعديلها من اجل القضية الكاثوليكية , و تمت زيادتها مع إضافة رسائل اخرى ألفتها الكنيسة الكاثوليكية .
هذه الرسائل الرعوية الموجهة إلى رعاة " أو القساوسة " كبحت جماح رجال الدين المتمردين المستقلين و أكّـدت السلطة الأسقفية . إن الكاثوليكية الوليدة , و هي تتنظم في روما , كان قدماها في الأرض , و رأت أن مجدها المستقبلي في تسوية مع النظام الأمبراطوري . وتلى ذلك الموافقة على الكانون ( الشريعة ) الذي أوصد الأبواب أمام أي إبتداعات لاهوتية أخرى .
* إثنينية = Dualist
*غنوسطية = Gnostic
بـــول الـمـفـبـرك :
{{ 1 بولس رسول لا من الناس ولا بانسان بل بيسوع المسيح والله الآب الذي اقامه من الاموات .....9 كما سبقنا فقلنا اقول الآن ايضا ان كان احد يبشركم في غير ما قبلتم فليكن اناثيما(ملعون)......12 لاني لم اقبله من عند انسان ولا علّمته بل باعلان يسوع المسيح. }} ( رسلته إلى غلاطية ) .
كان إسباغ صفة القداسة كاثوليكيا القدر النهائي لبطلنا بول . و لكن من أين طلع هذا الرسول الجبّار ؟
إذا كان مرقيون , كما يبدو معقولا , قد إختلق ما سيصبح بول العهد الجديد ليكون رسولا ناقلا لأفكاره الخاصة , فمن المؤكد تقريبا أنه استخدم مادّة روائية من سيرة حياته الخاصة , وخصوصا الصراع على السلطة الذي نشب بينه و بين المجموعة في روما . مرقيون مثل "بول" عرف الحقيقة لوحده بواسطة سـّر غامض ظهر له في رؤية .
كان مرقيون , و هو مالك مراكب من سينوب ( ميناء على البحر الأسود يقع على مسافة 100 ميل من غلاطية ) , يتمتع بإستقلال مالي , و كان قادرا على السفر على نحو واسع. بل وذات مرة قام حتّى بتمويل الكنيسة في روما قبل أن يوقع عليه الحرمان الكنسي و يرجع إلى الشرق . و لا بد انه كان متآلفا مع خطوط السير البحرية و مخاطر البحر البارزة بصورة واضحة في حكاية بول .
لإعطاء لاهوته "تخويلا" إضافيا كان ينبغي أن يسقطه على فترة رسولية مبكرة . و من الممكن أنه إختار إسم بول ( الذي يعني , صغير , بسيط , متواضع ) كإنعكاس لموقفه الخاص .
بعد أن استولت الكاثوليكية على ما فبركه مرقيون , لا بد و ان الروائيين في روما قد لجؤوا إلى أعمال يوسيفوس , الكتب متعددة الأغراض للمسيحيين , من اجل مادة إضافية . و هناك لم يجدوا واحد بول , بل وجدوا واحد شاول , أرستقراطيا هيروديا شرس الطّباع . هذه المادّة الإضافية تحوّلت إلى نواة مقدمة حكاية بول , أي قصة حياته في " الدين اليهودي " .
وإن حياة يوسفوس فلافيوس نفسها قد تمّ استغلالها : فصول من سيرة المؤرخ اليهودي يتردد صداها بصورة ملاصقة لقصة " بول ", خاصّة قصة غرق السفينة في الطريق إلى روما .
يوسيفوس لم يكن مؤرخا فقط . فقد عيّـنه رئيس الكهنة حنانيا قبل الحرب حاكما لمقاطعة الجليل , مع أوامر بقمع " إضطهاد" الحركات الراديكالية , و من العصابات التي تعامل معها في طبرية و حولها , كانت هناك عصابة يقودها زعيم يدعى .... يـسـوع .
"و هكذا يسوع بن صفياس [ رئيس القضاة في طبرية ] أحد الذين ذكرناهم كقائد للفتنة التحريضة لبحارة و ناس فقراء منعنا , و أخذ معه بعض الجليليين و احرق القصر بكامله بالنار ..... يسوع و عصابته ذبح كل اليونانيين الذين كانوا يقيمون في طبرية , كما فعل بكثيرين آخرين من اعدائه قبل بداية الحرب.. "
– Josephus, Life 12.
هوامش البنود السابقة :
ـــــــــــــــــــــــــ
مــن أيـن لــطــشوا أفــكـارهـم ؟
يسجل يوسيفوس عن شاول أنه هيرودي أرستقراطي جشع , خلال تمرد اليهود 66ـ74 .
هل هذا الشاول المثير للإشمئزاز ساعد كاتب سفر أعمال الرسل في حياكة قصة الرسول ؟
يــوســيــفــوس :
[B.. و هكذا أدرك الرجال ذوي السلطة أن التمرد صعب عليهم جدا إخماده , و أن الخطر الذي سيبرز من الرومان سوف يطالهم هم في المقام الأول , لذلك سعوا للنجاة بأرواحهم , و بعثوا سفراء, بعضهم إلى فلورس , التي كان يرأسها شمعون بن حنانيا , و أخرين إلى أغريبّاس , الذين من أبرزهم كان شاول و أنتيباس و كوستوباروس , و هم كانوا من أقرباء الملك , و تمنوا من السفارتين أن ترجعا بجيوش إلى المدينة لإخماد التمرد قبل أن يستفحل و يستعصي على الإخماد "
WAR, 2, 17
عــنــاصــر الــقــصــة :
ـــ شاول رجل ذو سلطان .
ـــ شاول يحظى بمقابلة مع الملك هيرودس اغريبّاس .
ـــ شاول قريب الملك هيرودس أغريبّـاس
ســفــر أعــمــال الــرســل :
شـاول رجل ذو سلطان
{{ واما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم الى السجن }} أعمال الرسل 8: 3
شاول يحظى بمقابلة الملك هيرودس أغريبّاس
{{ 1 فقال اغريباس لبولس مأذون لك ان تتكلم لاجل نفسك.حينئذ بسط بولس يده وجعل يحتج.
2 اني احسب نفسي سعيدا ايها الملك اغريباس اذ انا مزمع ان احتج اليوم لديك عن كل ما يحاكمني به اليهود }} أعمال الرسل 26 : 1-2
شاول من اقارب الملك أغريبّاس ؟
{{ 1 وكان في انطاكية في الكنيسة هناك انبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذي يدعى نيجر ولوكيوس القيرواني ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع وشاول. }} أعمال الرسل 16: 1 .
لاحظ أيضا رسالته إلى روما 16 : 11:
{{ سلموا على هيروديون نسيبي .... }}
يـــوســيــفــوس :
"و كان حنانيا قاسيا جدا مع البقية , لثروته , التي كانت تمكـّنه من كسب أولئك الأكثرإستعدادا للأخذ . كوستوبوراس أيضا و شاول حصلا بنفسيهما معا على جمهور من الأشرار التعساء , ذلك لأنهما من العائلة الملكية , و بالتالي نالا تفضيلا بينهم بسبب قرابتهما لأغريباس , واستمرا في إستخدام العنف مع الناس و كانا مستعدين لنهب أولئك الأضعف منهم . "
– ANTIQUITIES 20.9.4
عــنــاصــر الــقــصــة :
ـــ شاول يستخدم العنف
ـــ شاول ينهب من هم أضعف منه .
ســفــر أعــمــال الــرســل :
{{ اما شاول فكان لم يزل ينفث تهدّدا وقتلا على تلاميذ الرب }} ( 9 : 1 )
يــوســيــفــوس :
" بعد هذه الكارثة التي حـلّـت على سيستوس , الكثير من البارزين اليهود سبحوا بعيدا عن المدينة ,كما لو من سفينة تغرق ؛ لذلك كوستوباروس و شاول اللذان كانا متأخيين , بالإضافة إلى فيليب بن جاسيموس , الذي كان قائد قوات الملك أغريباس هربوا من المدينة , و ذهبوا إلى سيستيوس "
– WAR, 2, 20.1
عــنــاصــر الــقــصــة :
ـــ شاول كما الأغنياء الآخرين هرب من أورشليم بسبب الخطر
ســفـر أعــمــال الــرســل :
شاول يغادر اورشليم هربا من الخطر
{{ 28 فكان معهم يدخل ويخرج في اورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع. 29 وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا ان يقتلوه. 30 فلما علم الاخوة احدروه الى قيصرية وارسلوه الى طرسوس }}
يــوســيــفــوس :
" في نفس الوقت , لما علم سكان دمشق بدمار الرومان , بدؤوا في ذبح أولئك اليهود الذين كانوا بينهم ؛ حيث كانوا قد جمعوهم في الملعب ( الجمنازيوم), و هو ما قاموا به بعيدا عن الإشتباه فيهم , و ظنوا انهم سوف لن يقابلوا صعوبات في المحاولة ؛ لكنهم إرتابوا من زوجاتهم اللواتي كن في الأغلب من الملازمات للديانة اليهودية . و بناء عليه كان أعظم قلقهم هو كيف يخفون هذه الأشياء عنهن ؛ و هكذا وقعوا على اليهود و قطعوا حناجرهم , حيث كانوا في مكان ضيّق و عددهم 10 آلاف , و كلهم عزّل من السلاح , و كل ذلك في ساعة واحدة , و دون أن يزعجهم أحد . "
– WAR, 2, 20.2
عـنـاصـر الـقـصـة : ـ
ـــ التبشير في دمشق يؤدي إلى القتل .
ـــ أقنع اليهود زوجات السوريين بإعتناق اليهودية , هذا بدوره أدى إلى إستياء الشعب من اليهود . فقام هؤلاء بجمع اليهود في الملعب و ذبحوهم هناك .
سـفــر أعــمــال الــرســل :
{{ 22 واما شاول فكان يزداد قوة ويحيّر اليهود الساكنين في دمشق محققا ان هذا هو المسيح
23 ولما تمت ايام كثيرة تشاور اليهود ليقتلوه. 24 فعلم شاول بمكيدتهم.وكانوا يراقبون الابواب ايضا نهارا وليلا ليقتلوه }}
يــوـســيــفــوس :
" ... و لكن لمّا علم ألبينوس أن جيـسيوس فلوروس كلن قادما ليحل محله , رغب في الظهور بمظهر من يريد أن يفعل الإحسان لسكان أورشليم ؛ لذا فقد أخرج كل المساجين الذين كانوا في نظره يستحقون عقوبة الإعدام , و أمر بتنفيذ حكم الإعدام فيهم طبقا لذلك .
و أمّا أولئك المساجين الذيم وضعوا في السجن لأسباب غير خطيرة , فقد أخذ منهم أموالا و أطلق سراحهم , و بالتالي فقد أفرغت السجون , في الواقع , لكن البلاد أمتلأت باللصوص ..."
– ANTIQUITIES 20.9.5
عــنــاصــر الــقــصّــة :
ــــ المــدّعي العام يرغب في قبض رشوة من المساجين ذوي القضايا البسيطة .
ســفــر أعــمــال الــرّسل :
المدعي يأمل في نيل رشوة من بول البريء
{{ 24 ثم بعد ايام جاء فيلكس ......فاستحضر بولس وسمع منه عن الايمان بالمسيح. ......وكان ايضا يرجو ان يعطيه بولس دراهم ليطلقه ولذلك كان يستحضره مرارا اكثر ويتكلم معه }} ( 24 : 24 ..26 )
إنتهى الفصل الول , و سوف يليه الفصل الثاني و هو بعنوان مهمـّة مستحيلة .
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
الـفـصـل الـثّـانـي
مـهـمّـة مـسـتـحـيـلـة
هل قام فعلا القديس بول , المولود في طرسوس و المواطن الرّوماني مثلما يزعم , بالرحلات التي أسندت إليه , أم أنها مجرد إطار علقت فيه رسائله المؤثّرة ؟
هل الرابين السابق شاول , تلميذ غمالائيل و اليهوديّ الفرّيسي , عبر الجبال و البحار حقّا , أم قد تكون حكاية هذه الرحلات قد أعدّت بالتحديد كإطار عمل لتساؤلات عن العقيدة يستهدف المعابد اليهودية العنيدة في الشتات ؟
إن قرنا من علم الآثار يبدو مؤكّدا لتفاصيل ظرفية قليلة مذكورة في رسائله ,فيما الكتاب المقدس يدع مجالا للشكّ .
خــط الســيــر الغامض لرحلة بول الأولى :
في القرن الأول الميلادي , كانت جزيرة قبرص مشهورة بمناجم النحاس, و إخلاصها في عبادة الإلهة أفروديت . و كان الزواج المقدس و الزنا الطقوسي , و الدّعارة المعبدية مظاهر من عبادتها , لكن الإلهة أفروديت كانت أيضا حامية الزواج و الأطفال و البحّـارة .
ربما كانت العبادة ( و ليس النحّـاس ) قد لفتت إنتباه بول . إن أوضح المسالك من انطاكية إلى مدينتي ليقونه و بسيديا كان عن طريق البّر عبر بوابات سيليسية , و هو المسلك الذي فضّـله في رحلتيه الثانية و الثالثة .
حيث أنه كان قد وصل بعيدا حتّى ديرب , كان في إمكانه أن يعبر بسهولة سهل سيليسيا و الوصول إلى مسقط رأسه . بينما يقال لنا أنه أعاد إقتفاء خطواته و استهل رحلة الرجوع من أتيللا بدلا من ذلك .
فـــي جـــزيـــرة الـــحــــب :
ما الأفضل من عملية إهتداء إعجازية لبدء الميثلوجيا عن انتصار المسيحية في عالم الوثنيين ؟
أختيرت جزيرة قبرص لأول مغامرات بول في طريق التبشير , و هي جزيرة مكانها استراتيجي , حكمها بطالمة مصر حتى تم ضمها إلى روما سنة 58 ق.م . و الكثير من العدد الكبير للقبور المنحوتة في الصخر في هذه الجزيرة يتبع طريقة الدفن المصرية . مارك انطونيو منح هذه الجزيرة كمهر زواج لكليوباتره لكن أعيد ت محافظة رومانية بعد معركة أكتيوم
نظرا لرفاهيتها الإقتصادية بسبب مناجم النحاس ( التي أهدى أغسطوس نصفها لهيروداس الكبير ) أصبحت الجزيرة سنة22 ق.م. ولاية سيناتورية , تحت حاكم يحمل اللقب التشريفي بروقنصل .
باستثناء زلزال شديد حدث سنة 77 و تمرد يهودي عنيف 115-116 فإن الجزيرة المسالمة نادرة الظهور في التاريخ الروماني .
لكن يبدو أن برنباس رفيق بول في الحرفة , كان يهوديا من قبرص , لذا فماذا أفضل من بلد برناباس للبدء بالرحلة الدائرية التبشيرية الكبيرة ؟ ( حسنا , في الواقع , إن الإختيار الأكثر منطقية كان سيقع على مدن الديكابوليس ــالمدن العشرةــ المترعة بالوثنيين و القريبة جدا من اليد ) . يقال إن رحلة بول الأولى بدأت حوالي سنة48م , بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات متبطلا في طرسوس , و ليس هناك ما يدل على انه كان يقدم خلالها أي خدمة واضحة من اجل الرب , بل و حتى ما يدل على أنه كان يتواصل مع الأخويّة . لكنه أختير من الكنيسة في أنطاكية ( أو لعله أختير من الروح القدس ) ليحمل البشارة إلى قبرص و آسيا الصغرى .(لكنه ليس الأول في الواقع ــ يخبر سفر أعمال الرسل 11 :19 أن أخوة متفرقين و من دون ذكر أسماء كانوا هناك حينئذ يبشرون اليهود فقط { وهم لا يكلمون احدا بالكلمة الا اليهود فقط } ( هذه الملاحظة الجانبية مهمة جدا مثلما سنرى في حينه )
بعد توقف في سالاميس يعبر الرسولان الجزيرة ( لا ذكر إطلاقا للمدن سيتيوم, أماثوس , كوريوم ) و يتوجهان مباشرة إلى الحاكم في مدينة بافوس , الذي أرسل بشكل ملائم في طلبهما لسماعهما ( لماذا , يتساءل المرء ,سببا في مثل هذا الإضطراب في الطرف الآخر للجزيرة ؟ و إن كان كذلك لماذا لا نعلم عنه شيئا ؟ ) .كل ما يؤخذ هو الإعماء بحقد لساحر خصم ( للغرابة إسمه " بار يسوع " ) , و أن سيرجيوس باولوس , الأستقراطي الروماني و بلا شك أغنى السكان وأكثرهم سلطانا قد إنضم إلى المسيحيين . " تقليديا " صارت قبرص أول بلد يحكمها المسيحيون , و رغم ذلك من الغريب أن لن نسمع عن سيرجيوس مرة ثانية , وأن ليس هناك دليل واحد على مسيحية باكرة في الجزيرة .
بعد ذلك , يعرف شاول باسمه في صورته اللاتينية باولوس ( الذي صادف فقط أنه اسم الحاكم)
الــحــدّوتــة الــجــيّــدة تــسـتـحــق حــدوتــة أخــرى :
لم يحقّق بول نجاحا باهرا مع البروقنصل سيرجيوس فقط , بل و نال منه أيضا طريحة لم يأكلها حمار في مطلع !! قد يبدو ذلك متناقضا نوعا ما ؟ حسنا , إنه " تعليم كنسيّ " آخر , لذا فكل شيء ممكن . و لكن هناك دليل مادّي على هذه الحدّوتة يثير العجب ــ إنه بقايا العمود الذي جلد عليه بول ! ظاهريا يستطيع المؤمن التوفيق بين الفكرتين بالإصرار على أن بول أكل الطريحة أولا ثم أدخل الحاكم في الدين المسيحي بعد ذلك ( لا تاخذ كتابة حوار سينمائي من حضرتك غير بضعة دقائق من الحلم ــ الكلام لميل جبسون )
النتيجة الإعجازية لكل ذلك هو أن بقايا عمود مرمري تم إختياره عشوائيا في العصر الحديث يزودنا " بإثبات" عن النشاط التبشيري لبول , و في الوقت نفسه " كدليل على يسوع " . إذا كنت تصدق ذلك , فأنت من المحتمل ايضا أنك كنت مصدقا بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق و أن حكومتك ( الولايات المتحدة , الكاتب أمريكي الجنسية ) لم تكذب عليك .
إن كان يسعدك ذلك , فيمكن الإعتقاد بأن القديس بول جلد 39 مرة و هو مربوط على قرمة العمود المسالمة هذه , قبل أن يهدي جلاّده سيرجيوس باولوس إلى المسيحية .
الدليل الأكثر قبولا ( عن سيرجيوس باولوس , و ليس عن القديس بول ) هو هذا الحجر المنقوش الذي وجد في مكان سولي القديمة ( قيرينيا )في شمال قبرص , في نهاية القرن 19 , و في نفس الوقت تقريبا تم إكتشاف حجارة حدّ في روما تعود إلى زمن الأمبراطور كلاوديو ( 41ــ54) نقش عليها إسم سيرجيوس باولوس " كمعاين لضفتي و مجرى نهر التيبر . " هـل هو نفس الرجل في الحالتين ؟ إن رسالة بول إلى اهل رومية ( روما ) تغفل عن تحيته , مما يقترح علينا انه ليس نفس الرجل .
فــحــص الـــواقـــع :
" إن رحلة بول الأولى تحت رعاية أنطاكية إنفرد بسردها لوقا ... و إن التحليل الدقيق لهذه القصة يسلط الضؤ على كثير من الأمور المستبعدة بحيث يصبح من المستحيل منحها ثقة حقيقية "
– Murphy O'Connor, Paul, His Story, p44.
إن القصة القبرصية تنهار من أساسها , في الواقع , لعدة اسباب , ليس أقلها أن قصر الحاكم يحفل إلى اليوم بوثنية مرئية نابضة بالحياة إمتدت عبرعدّة قرون من الإحتلال الروماني . إن القصر الملكي الضخم ( السراي) أبعاده 120×90 مترا , و يضم مساحة مغطاة للعامـّ’, و حجرات الدولة , و حدائق , و حمّامات . و أرضيات فسيفسائية بديعة تبرز أهم الآلهة الرومانية ــ الإغريقية , و كل ذلك من دون أيقونة مسيحية واحدة في المشهد !
كانت مدينة بافوس القديمة بها مسـرح و ساحة عامّـة , بل و كان بها ايضا أسكليبيون , المزارـ المستشفى لإله الشفاء الشعبي أسكليبيوس , قبل ان يطيح به يسوع . و لعله أيضا من المعقول أن نشكّ في عملية إختلاس بسبب التشابه الغريب ( مرة أخرى) بين عمل لوقا ( المؤلف المرجّح لسفر اعمال الرّسل ) و بين تاريخ يوسيفوس المكتوب في تسعينات القرن الأول .
منظر جوّي لمقـرّ البروقنصل , في بافوس .
هل دخل بول من البوّابة الـرّئيسية لهذا السراي ؟
هــــوامـــش الــبــنـــود الــسّــابقــة مــن الــفــصــل الــثــاني :
مـزار أفروديت ( كوكليا قبرص )
قبل ان تأخذ شكلها الجمالي التقليدي , كانت ربة الخصوبة تعبد كحجر مخروطي أسود , تحت إسم الربة العظمى , أو عشتروت .
في القرن الرابع قبل الميلاد أخذت الآلهة القبرصية المحلية أسماء إغريقية ( يونانية ) , عشتروت صارت أفروديت , و صار هيليت أبولّو , فيما صار إشمون أسكيليبيوس..إلخ
" في سوريا ... هناك معبد أفروديت أورانيا ــ قيل لي إنه أقدم معبد للآلهة .. و المعبد الموجود في قبرص يعترف القبرصيون أنفسهم أنه مشتق عنه ." ( هيرودوت , القرن الخامس قبل الميلاد )
بدأت عبادة أبولّو باكرا , في القرن الثامن قبل الميلاد على الأقل , و استمرّت حتّى القرن الرابع الميلادي , حيث منعها ثيوديسيوس .
معبد أبولّو , هيلاتس ( كوريوم ) , هل كان ملاذا من غضب برنابا ؟ ( سوف ترد هذه القصة في موضوع منفصل )
حمـّامات كوريوم
في نهاية القرن الرّابع الميلادي , أحيل النيمفايوم المقدس إلى كنيسة , و غرف تغيير الملابس أعيد تصميمها كمخبز . و على أنقاض المنتدى و مبان حكومية أخرى بنيت كنيسة الأسقف و محل إقامته . و أحال كلينس التماثيل الرخامية و القطع المعمارية إلى جير .
مـن إيقونية ( مدينة الأيقونات )
الــذوق الـوثني للبروقنصـل فـي بـافــوس :
إجتماع للآلهة الإغريقية في مقر إقامة البروقنصل في بافوس
كشفت اعمال الحفر عن الكثير من الفسيفساء و كثيرمن الأصنام لأبطال و آلهة إغريق .
فسيفساء دائرية رائعة في سراي البروقنصل . نشاهد في الوسط , ثيسيوس يقتل المينوتاورو
( لذا يطلق عليه إسم " بيت ثيسيوس " )
هــل كـان بــول هــنــا ؟
كـنيـسـة متواضعة من القرن السادس عشر ( أغيا كيرياكي , كريسوبوليتيسا , بافوس )
تقبع بين أطلال كنيسة أكبر من القرن الرابع , و التي بنيت بدورها فوق أنقاض معبد وثني أكبر . هل تقلّصت التـّقوى؟
قــبـرص خــاليــة مــن الــيــهـود ؟
بعد التّـمرّد اليهودي العنيف الذي جرى في 115ــ116م , الذي قاده اليهودي المسيحاني أرتيميون ــ صدر قانون يمنع اليهود حتى من المشي فوق تراب قبرص , حتّى و لو كانوا من الناجين من غرق .
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
أيــن لــطشـــوا الأفـــكـــار :
يـوسـيـفـوس (أخبار العصور القديمة Antiquities 20.7.2)
ساحر يهودي قبرصي , صديق للحاكم الروماني , يقوم بأعمال قذرة .
" و فيما كان فيلكس حاكما على مقاطعة اليهودية , رأى دروسيلا هذه , و وقع في غرامها ,
.. و أرسل إليها شخصا يدعى شمعون*** ؛ أحد أصدقائه , وهو يهودي من مواليد قبرص , مع آخر يزعم أنه ساحر , و سعيا لإقناعها بترك زوجها و الزواج منه "
(Antiquities 20.7.2)
ســفــر أعــمــال الــرســل 13 : 4ــ8
ساحر يهودي قبرصي صديق للوالي الروماني , يحاول القيام بأعمال قذرة :
{{ 4 فهذان اذ ارسلا من الروح القدس انحدرا الى سلوكية ومن هناك سافرا في البحر الى قبرس. 5 ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود.وكان معهما يوحنا خادما. 6 ولما اجتازا الجزيرة الى بافوس وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع. 7 كان مع الوالي سرجيوس بولس وهو رجل فهيم.فهذا دعا برنابا وشاول والتمس ان يسمع كلمة الله. 8 فقاومهما عليم*** الساحر.لان هكذا يترجم اسمه.طالبا ان يفسد الوالي عن الايمان }}
*** لكن طبقا لبعض المخطوطات يطلق يوسيفوس إسم "أتوموسAtomos " , و هو بذاته يمكن أن يكون تحريفا لإسم هيتويموس Hetoimos . ( عليمElymas؟)أو كلمة إغريقية بمعنى صغير ( مثل باولوس في اللاتينية ) لكن عليم Elymas ليست ترجمة لإسم باريسوع بأي حال , و لا حتى مكافئة لها .
------------------------------------------------------------------
دون ترك ولو فتات ضئل مفيد من القصة , فيلكس و معشوقته الزانية يظهران فيما بعد في سفر أعمال الرسل ــ حين و بخهما , على ما يبدو , بول !!
{{ 24 ثم بعد ايام جاء فيلكس مع دروسلا امرأته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عن الايمان بالمسيح. 25 وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة ان تكون ارتعب فيلكس واجاب اما الآن فاذهب متى حصلت على وقت استدعيك}}
قديسنا النبيل بول يحدّد المسار لألفي سنة من اللعن الشرير . و يواصل مؤلف سفر الأعمال تشويه سمعة اليهود. نوبة اللعن الملونة مستمدة من النسخة السبعينية ( الترجمة الإغريقية لكتاب اليهود المقدس )
الأصــحــاح 13 : 9 ــ12 من سفر اعمال الرسل
بواسطة عمل خبيث القسوة , يعمي القديس بول خصمه , و الحاكم من شدة دهشته يتحول فورا إلى المسيحية .
{{ واما شاول الذي هو بولس ايضا فامتلأ من الروح القدس وشخص اليه. 10 وقال ايها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن ابليس يا عدو كل بر ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة. 11 فالآن هوذا يد الرب عليك فتكون اعمى لا تبصر الشمس الى حين.ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. 12 فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشا من تعليم الرب }}
دون ترك ولو فتاتا ضئيلا مفيدا من القصة , فيلكس و معشوقته الزانية يظهران فيما بعد في سفر أعمال الرسل ــ حين و بخهما , على ما يبدو , بول !!
{{ 24 ثم بعد ايام جاء فيلكس مع دروسلا امرأته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عن الايمان بالمسيح. 25 وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة ان تكون ارتعب فيلكس واجاب اما الآن فاذهب متى حصلت على وقت استدعيك}}
قديسنا النبيل بول يحدّد المسار لألفي سنة من اللعن الشرير . و يواصل مؤلف سفر الأعمال تشويه سمعة اليهود. نوبة اللعن الملونة مستمدة من النسخة السبعينية ( الترجمة الإغريقية لكتاب اليهود المقدس )
الأصــحــاح 13 : 9 ــ12 من سفر اعمال الرسل
بواسطة عمل خبيث القسوة , يعمي القديس بول خصمه , و الحاكم من شدة دهشته يتحول فورا إلى المسيحية .
{{ واما شاول الذي هو بولس ايضا فامتلأ من الروح القدس وشخص اليه. 10 وقال ايها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن ابليس يا عدو كل بر ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة. 11 فالآن هوذا يد الرب عليك فتكون اعمى لا تبصر الشمس الى حين.ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. 12 فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشا من تعليم الرب }}
-
رقم العضوية : 7
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الجنـس : ذكر
المشاركات : 5,912
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 21
معدل تقييم المستوى
: 23
متابع بشغف
عزيزي يوسفوس ، هل أنت مؤلف هذه السلسلة أم أنت ناقل لها فقط ؟
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
فــي مــواجــهــة أبــنــاء إبــلــيــس :
{{ 11 واضطهاداتي وآلامي مثل ما اصابني في انطاكية وايقونية ولسترة.ايّة اضطهادات احتملت.ومن الجميع انقذني الرب }} ( رسالته الثانية إلى تيموثاوس 3:11)
بدلا من أن يستفيد شوال (بول , ألآن) من تحول الحاكم الغني ذي السلطان في قبرص , يسافر بول إلى بسيديا لمقابلة تحديات أكثر صعوبة . و بعد أن وصل إلى أنطاكية البسيدية ( مدينة يلفاك الحالية ) في اعالي جبال طوروس , يلقي بول في معبد يهودي محلي " الجزء الثاني " من خطبة أستيفانوس المعالجة في الأصحاح السابع من سفر أعمال الرسل ( الخطبتان معا تلخصان بدقّة تاريخ اليهود من إبراهيم إلى يوحنا المعمدان ) . بول , مثل استيفانوس , ينهي خطبته بشتم مستمعيه اليهود {{ انظروا ايها المتهاونون وتعجبوا واهلكوا لانني عملا اعمل في ايامكم.عملا لا تصدقون ان اخبركم احد به ( 13 : 41 ) }} . في السبت التالي حضر " معظم سكان المدينة " لسماع المحـرّض الكاريزماتي و " حسد اليهود" قدرة بول على الجذب .
هكذا نكون وصلنا إلى الـنـّقطة الحاسمة في كل الملحمة المسيحية : " ننتقل إلى الوثنيين " يقول بول !
{{ 46 فجاهر بولس وبرنابا وقالا كان يجب ان تكلّموا انتم اولا بكلمة الله ولكن اذ دفعتموها عنكم وحكمتم انكم غير مستحقين للحياة الابدية هوذا نتوجه الى الامم. 47 لان هكذا اوصانا الرب.قد اقمتك نورا للامم لتكون انت خلاصا الى اقصى الارض. }} 13 : 46 ـ 47
على كل حال , كان أمام يهود أنطاكية البسيدية أسبوع بأكمله لكي يهجروا دين أسلافهم و يلتحقوا بمذهب بول الجديد , حتى ولو كانوا لم يحضوا بمشاهدة الإعماء الفوري الإعجازي مثل صديقنا سيرجيوس باولوس !
مدينة أنطاكية البسيدية إستقرّ بها رومان من قدامي المحاربين أيام الأمبراطور أغسطس سنة 25 ق.م . و هي تقوم على مساحة 14 كلم مربع و يقطنها حوالي 100 ألف مواطن تقريبا في القرن الأول الميلادي .
هل إستطاع بول حقّا أن يتنافس مع المسرح و الملعب الرياضي و الحانات و الحمّامات ؟
إن عدسة التشويه العقائدي المسيحي تشجع الفكرة السخيفة في ان الرسول بول مـرّ في المدينة مثل زوبعة , فتطايرت العبادات الوثنية مع المعابد اليهودية في الهواء !
ليس من غير المتوقع أن " اليهود " طردوا بول و برنابا من المدينة . لا خجل , فبطلانا الباسلان ينفضان نفسيهما و يرحلان إلى مسافة ابعد 100 ميل إلى الشرق إلى مدينة إيقونية ( قونية الحديثة ) . هنا تكرّر المأساة نفسها ( رغم أن الرسولين من المفترض أنهما مكثا "فترة طويلة " في المدينة) , يتكلمان " بجرأة " في معابد اليهود و يقسـّمان كل المدينة إلى " مؤمنين " ضد " اليهود " , و لما علما بتهديد بالموت رجما . بول و برنابا يهربان الآن جنوبا و شرقا إلى ليسترا ( هاتونساري) و إلى دربي ( كرتي هويوك) .
في ليسترا يقوم بول بجعل رجل قعيد يمشي ( حيلة موازية جدا لمعجزة بطرس في الإصحاح الثالث من أعمال الرسل ) فجعلت المعجزة السكان المحليين يعلنون أن بول هو الإله هرمز و أن برنابا هو ــ على نحو غريب ــ ملك الآلهة زيوس .
وكما حدث , يمكن العثور على زيارة زيوس و هرمز إلى فريجيا في أعمال أوفيد في القرن الأول المعروفه بإسم "ميثامورفوسيس" , لكن هل من المؤكد أن لوقا لم ينسخ الفكرة ؟
لم يستمر تملق الرسولين , مع ذلك , طويلا ؛ لأن بول ألقى خطبة لاذعة ضد تقديم الأضاحي لزميله برنبا الإله كما يظن .
الناس الآن بتحريضات من " اليهود " قادمة من أنطاكية البسيدية و إيقونية ( هل حدث ذلك لأنهم كانوا هناك , أم لاحقوا الرسولين لمسافة 150 ميل ؟) يرجمون بول و يلقون جسده الميت خارج المدينة , و بصورة إعجازية "يقوم" من الأموات و يرجع إلى ليسترا . بمعايير بافوس , هذا العمل العجائبي للروح القدس ينبغي ان يكون سببا في هداية سكان المدينة باجمعهم , إن لم يكن سكان لاكونيا بأسرها . لكنه بدلا من إبهار الجموع بشفائه ( أو هو قيامته من الأموات ؟) يقوم الرسولان الديناميكيان في اليوم التلي مباشرة برحلة إلى دربي
التي تبعد مسافة 50 ميل إلى الجنوب الغربي . و الآن هما على مسافة أقل من 200 ميل عن مسقط رأس بول في طرسوس .
في ديربي "بشّر" الرسولان و "علّما وحضّا " الكثيرين على الأيمان . و بعد ذلك عادا أدراجهما عبر مدن معادية مثل ليسترا و أيقونية و أنطاكية , و بشّرا في بيرج ( التي أغفلت في زمن الجولة الأولى ) , و مرّا بالشيوخ في "كل كنيسة" ( أعمال الرسل 14 : 23 ) . من الواضح جدا أن العداوة السابقة كانت قد خفّـت ( أو أن راوي القصّة قد إنزلق بعيدا ) و أن الكنائس كانت قد إنتشرت إنتشار فطر عيش الغراب في روث الخيل . ثم تسمح عودة هادئة إلى الوطن للبطلين أن يمتّعا الأخويّة في أنطاكية بسرد " كيف فتحا باب الإيمان للوثنيين " . عمل مرح إلى جانب أنه رائع ! و نحن الآن لدينا جماعات مسيحية في كل أرض آسيا الصغرى .
لكن هل كان ذلك حقيقة ام خيال ؟
جــدّول أعــمــال لاهــوتـــيّ :
إذا نظرنا من دون نظارة الإيمان المسيحي الملوّنة . فإن رحلة بول الأولى خيالية كرحلة سندباد الأولى ... غير محتملة إطلاقا, و تتداخل فيها أحداث غير معقولة مع خوارق و سخافات .
و يستطع الإيمان أن يقدم تأويلات خاصّة عن كل تناقض أو تضارب , لكن التفكير المنطقي لا يستطيع .
إن رحلة بول التبشيرية الأولى تملك جدول أعمال لاهوتيّ واضح , ألا وهو : تصوير "اليهود " كمكابيرن و أخسّاء , و تسجيل النجاح المزعوم المنسوب إلى بول في إنشاء شبكة كنائس بين الوثنيين . في كل فصل صغير من فصول الدراما ـــ الرد على الساحر في بافوس , "حسد" اليهود الذي قوبل به الرسولان في بسيديا و أنطاكية , "التهديدات" في إيقونية , محاولة القتل في ليسترا ــــ يتم إلباس اليهود مظهرا شيطانيا , " لا يريدون الإصغاء" و يريدون منع " الأخبار السارة " عن يشوع المشيح من الوصول إلى آذان الوثنيين . من الواضح ان اليهود هم أبناء إبليس .
على النقيض من ذلك , فإن الوثنيين من الحاكم في بافوس إلى الحشود في ديربي و بيرج
يهجرون على الفور و في حماس مندفع دياناتهم القديمة .حتى يسوع ذات نفسه لم يؤسس كنائس بمثل هذه المهارة .
مالذي كان عند بول ليقدمه لهم ؟ لم يكن لديه أناجيل ( فهي لم تكتب بعد ) ؛ و ليست لديه ذكريات أصلية خاصة عن ربه و مخلصه ( فهو لم يقابله قط ) . ماذا كان في استطاعته أن يقول عن رسل لم يقبلهم أبدا ؟ ( رسالته إلى غلاطية1: 19 و لكنني لم ار غيره من الرسل الا يعقوب اخا الرب ) .
لكي تصلح القصة يجب في الحقيقة أن يمتليء بول " بالروح القدس " ـــ يجب ان يكون مسايا حقيقيا لبيلي غراهام أو تيد هاجاردز في السرعة . إذا نظرنا إلى كل ذلك "كتاريخ " فمن المطلوب إلقاء كل الفكر الناقد في الزبالة , والتحلي بقدر كبير من الإيمان مع قدر أكبر من خداع الذات .
القصة لا تصلح إلا إذا نظرنا إليها من خلال عيون مسيحية . فمن اللحظة الأولى في أي مكان
بشره خدام الرب : ينادمون الملوك , و الحكام و نساء الطبقة الراقية , و الرجال ذوي السلطان في زمانهم . و كان الروح القدس الذي يرافقهم يضمن دخولهم إلى أفضل الأطراف و ينقذهم من أسوأ الورطات . و لكن لو لم يكن هناك الروح القدس , فإننا نكون نتعامل عندئذ مع أسطورة مقدسة و ليس تاريخا
حــاشــيــة : الإحـتـيـال بـمـخـالـبـه و أنـيـابـه :
التراكمات اللاحقة لحكاية بعثة التبشير الرسولية تسمح لنا بإدراك أفضل لكيفية عمل مصنع الفبركة المسيحي . إن التنافس الشرس في دنيا الواقع بين رجال دين طموحين كان على نحو مؤكد جدا مهمازا لمعجزات .
حظيت مدينة سلاميس القائمة على الطرف الشرقي لجزيرة قبرص , في القرن الرابع الميلادي , بإسم يحمل في ثناياه زلفى وتملقا ذليلا , ألا و هو كوستنتيا على شرف الأمبراطور الورع , و لو أنه أحمق , كوستانتيوس الثاني ( 337 ــ361 ) . و كانت المدينة ,التي أعيدت تسميتها , المنتجع المفضل للبطريرك إيبيفانيوس , و هو من قاد حملة تدمير الأضرحة الوثنية التي كانت موجودة منذ ألف سنة .
لمدة تقارب الأربعين سنة ( حتى سنة 403) مارس البطريرك إيبيفانيوس تأثيره السلطوي عبر شرقي البحر المتوسط , ساعيا للسيطرة على شؤون أنطاكية و أورشليم و الأسكندرية .
لو تحدثنا بدقة , فإنه حتى البحر المحيط بالجزيرة كان خاضعا في الواقع لسلطة أنطاكيا , لكن رد إيبيفانيوس كان بالترويج للبطل المحلي القديس برنابا ( آجيوس فارنافاس) بإعتباره "المؤسس للكنيسة " ( كنيسته) في قبرص , و دافعا ببرنابا في الغالب قبل بول في الترتيب الرسولى المثقوب . و طبعا منح برنابا , اليهودي القبرصى " نهاية إستشهادية " ملائمة . إذ تسجل "أعمال برنابا " المكتوبة في القرن الخامس , أن يهودا يقودهم باريسوع الذي من بافوس ـــ أغضبتهم إدانة القديس " لسباق العراة " , و المهرجانات الوثنية في المسرح , و المجون الداعر في المعابد ( هل الحديث آثم يا ولد ) ــ فقبضوا على برنابا المسكين و خنقوه و " أحرقوه ليصير رمادا ".
فقدت أنطاكية سلطتها على قبرص في مجمع افسس سنة 431 , و لكن في سنة 488 قام بطريرك أنطاكية الذي لا تثنيه الرحمة عن طموحاته بطرس القصّار أحيى المطالبة من جديد بجزيرة قبرص .
فقابل عندئذ رئيس أساقفة كوستنتيا أنثيميوس هذاالتحدي بحلم يبدو أنه قاده إلى قبر برنابا المجهول حتى ذلك الحين حيث وجد ليس أقل من النسخة الأصلية لإنجيل مـتـّى !! و عندما أهداها إلى الأمبراطور الساذج زينو( 474ــ491) ربح رئيس الأساقفة في المقابل إمتيازات أمبراطورية , و هي السلطة الكلملة على كل منطقة يمتد إليها نفوذه . و سادت الثيوقراطية جزيرة الحب .
منذ لك الحين تباهي رئيس الرؤساء , غبطة رئيس الأساقفة, بالصولجان بدلا من الشؤون الوظيفية الرعوية , و ارتدى عباءة قرمزية جميلة كما استخدم الحبر الأحمر في كتابة الأوامر الرسمية .
القداسة الّتي لا حــدود لــهــا :
الإختلاق الآخر من إختلاقات القرن الخامس كان " القديس إركلايدوس" و هو إبن كاهن وثني , كما يقال لنا , قام بمهمة الدليل للرسولين في أرجاء الجزيرة ( مغامرات جديدة لم تسجل في سفر اعمال الرسل ؟, أم أنها قد ضاعت منه فقط ؟) .
على أي حال لقد إهتدى إبن الكاهن الوثني للمسيحية و تم ترسيمه كأول أسقف لقبرص من طرف برنابا ـــ و بالتالي وضعت " الخلافة الرسولية " المطلوبة في مكانها , بحيث صارت مبررا لسلطة كل أسقف تال .
كطارد ارواح شرّيرة و شياطين , كوفيء إركلايدوس بجائزة الإستشهاد الإجبارية ( أولئك الوثنيون الغدارون مرة ثانية ) . و جمجمته ــ حسنا , جمجمة شخص ما ـــ هي نجمة الجذب لدير مبني في القرن الثامن عشر في مدينة تاماسوس . مسقط رأس القديس المزعوم .
ليس بعيدا عن تاماسوس , لا يستطيع الدير المنافس المشيد في كيكوس أن يدعي "تأسيسا رسوليا " لكنه بدلا من ذلك لديه أيقونة تفغر الفاه ــ لا شيء أقل من صورة العذراء المباركة مرسومة بيد القديس مـتّـى نفسه ! و رغم القوى الشهيرة للأيقونة ( جلب المطر و كذلك شفاء المرضى ) لم تستطع أن تفعل شيئا لوقف حرائق الدير في سنوات 1365 , 1542 , 1751 , و 1831 .
لكنها يجب أن تكون حقيقية لأن الدير هو أغنى دير في الجزيرة , و به مجموعات من الأواني و المعدات و الأدوات الذهبية تبلغ قيمتها الملايين .
من العار أن الأيقونة ــ المقدسة جدا على أن تنظر إليها عيون الناس , لم تر منذ قرون .
آه حسنا , ذلك يظهر أعمالا تجارية .
هــوامــش الــبنــود الـــســابــقــة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت
هــل كــان بــول هــنــا ؟
بيرج ( برجة بمفيلية)ـــ مدينة ساحلية من العصور القديمة ـــ في سفر اعمال الرسل يترك يوحنا
( الملقب مرقس ) رفقة بول هنا و يرجع إلى أورشليم . ربما كان يعلم ان أولئك اليهود سوف يهتاجون
" الـمـوت لـلـمـتسـابـقـيـن الـعـراة "
عـقـلـيـة الـقـرن الـخـامـس الـمـسـيـحـيـة
" و رأينا سباقا بغيضا معينا يجرى في طريق قريب من المدينة حيث يقوم عدد كبير من الرجال و النساء العراة بالتسابق , و كان هناك ضلال كبير و خطأ في ذاك المكان ....
و عاد برنابا و وبخهم على ذلك فسقط الجزء الغربي , وجرح الكثير منهم , و بل وكثيرون أيضا ماتوا , و هرب الباقون إلى معبد ابولو الذي كان قريبا جدا في المدينة , و الذي يدعى مقدسا ."
(( أعمال برنابا ))
مقبرة قـديـمـة تـتـحـول إلـى مـلـكـيـة مـسـيـحيـة :
آجيا سولوموني , بافوس ــــ
مع شجرة محظوظة مزينة بمخلفات من قطع الأقمشة و اكياس البلاستك . بالداخل هناك قمامة زيادة ليسوع .
أعلن البيزنطيون أن المقبرة الصغيرة تحتوي على " المثوى الأخير للإخوة المكابيين السبعة "
كل هذا البريق و اللمعان . دير كيكوس في جبال ترودوس بقبرص كان أملاكا موروثة بقدر حقل مثل روسيا .
يحتوي المجمع المقدس على مخازن خمور و أنبذة لأولئك الذين لا يريدون أن يسكروا (يتسمموا ) بأصبع مقدسة محتفظ بها في علبة ذهبية .
إنتهى الفصل الثاني , و سوف يليه الفصل الثالث قريبا
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
الفصل الثالث
الرسالة إلى أهل غلاطية ــ الرجل , و الأسطورة و السحر
مغامرات أخرى لبول اللامحتمل
رسالة بول إلى أهل غلاطية " و هي الأكثر جدارة بالتصديق" تثير أسألة أكثر مما تقدم من أجوبة . إذا كان كاتبها المشاكس في الواقع مبشرا مبكرا بالمسيحية , فالرسالة عندئذ لعلها أول تسجيل لتصادم مع منافسين على مناطق نفوذ كان قد إدعاها لنفسه . و لكن أيمناطق نفوذ؟
رسالة بول موجهة ظاهريا إلى " كنائس غلاطية " لكنها لا تعطي أي دليل دقيق عن مواقع هذه الكنائس . و يقع التخمين على ميدانين ؛ نظرية " شمال غلاطية" المتمحوره حول قبائل الغال الأصلية ؛ و نظرية " جنوب غلاطية " المرتكزه على المدينتين المنطبعتين بطابع روماني بسيديا ــ ليقونية المذكورتين في سفر اعمال الرسل . وقد تكون النظريتان معا خاطئتين .
لماذا كان على بول ــ أو أي رسول من الشرق يحمل رسالة للوثنيين ــ أن يتحاشي المدن الساحلية في آسيا الصغرى الناطقة باللغة الإغريقية( اليونانية القديمة) و ألأيسر بلوغا و يذهب إلى أعالي هضبة الأناضول , التي تقطنها قبائل مختلفة اللغات و محبـّة للقتال ؟
إذا كانت هذه " المنطقة الحدودية " زوّدت اليهودي حادّ الذهن بمعتنقين سذّج , فهل كان رجال القبائل أشباه الأميين هؤلاء هم الجمهور المستمع لرسالة تحتوي على لاهوت رائع الدقّة ؟. كذلك , إذا كانت الرسالة الخطّية موجهة لمستعمرات رومانية في الداخل , فلماذا إختار هذه المدن العسكرية النّاطقة باللاتينية ( لغة الرومان) لتبليغهم رسالته عن الخلاص و عن نقد الديانة اليهودية ؟
شيء ما في تعامل بول مع أهل غلاطية ليس كوشير تماما (حلالا تماما )
هــــوامـــش :
ــــــــــــــــــــــــــــ
بلاد جبهوية ,لصـدّ المهاجمين
موطن رجال القبائل الأناضولية الشرسة .
أشار كاتب إغريقي من القرن الأول سترابو إلى أهل غلاطية كما هو الحال من ممتلكات فيريجيا
(Geography, 12.2.8.).
تقهقرت ثقافة العصر البرونزي الواسعة للفريجين في أعقاب غزو من محاربين فرسان قدموا من وراء القوقاز , السيميريون , في القرن السابع قبل الميلاد .
بعد ذلك دخل غزاة جدد من الشمال الغربي, و هم الغلاط (الغال) إلى الأناضول سنة 278 قبل الميلاد . و ظلوا الطبقة المحاربة , فيما إستمر الفيريجيون الأصليون في العمل بالزراعة
احـتـضـار الـغـال
صار آتالوس الأول ملك برغمون Soter ("المخلّص") ("Saviour")للإغريق بعد هزيمته لرجال قبائل الغال المجتاحة حوالي سنة 230 قبل الميلاد .
كانت قبائل الغال قد نفذت عبر ثريس قبل خمسين سنة و استقرت في منطقة وسط شمال الأناضول ــ مثلما فعل الفريجيون و الحثيون قبلهم . أخذت المنطقة إسمهم و صارت تسمى غلاطية , و تركزت أرض الوطن للقبائل حول أنسيره ( أنقرة ) ثم تحولت إلى مقاطعة رومانية اوسع فيما بعد تمتد جنوبا إلى جبال طوروس .
عــودة إلى النصّ الرئيس :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بــول ـــ تـائـه فـي الــّسهــول الــمــرتــفــعــة ؟
يستخدم سفر أعمال الرسل مصطلحات قديمة على نحو غريب كما أنها غير مفيدة لوصف المجالات الرئيسة لبعثات " بول" إلى الوثنيين :
{{ 6 وبعدما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس ان يتكلموا بالكلمة في اسيا }} ( أعمال الرسل 16 : 6)
{{23 وبعدما صرف زمانا خرج واجتاز بالتتابع في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ }} ( أعمال الرسل 18 : 23 )
إن تسليط الضوء على فريجيا و غلاطية معا على السواء هو على شمال السهل الأوسط للأناضول و لكن " تفاصيل" المغامرات التي توجد في سفر أعمال الرسل تنتمي كليا في الواقع إلى الجهةالجنوبية الوسطى , في المنطقة المحيطة بسليسيا و جبال طوروس .
في زمن ما ــ قبل أن يجمع مؤلف سفر اعمال الرسل قصته بوقت طويل ــ إمتدت فريجيا فوق جزء كبير من وسط الأناضول , و كانت كونفيدرالية قبلية وصلت إلى ذروة مجدها في القرنين الثامن و السابع قبل الميلاد . و في القرن الثالث قبل الميلاد إستقرّت قبائل سلتية في فريجيا و التي مثل القبائل الفريجية و الحثية من قبلها هاجرت من إقليم تراقيا إلى آسيا .
إستقر السلت على حدود بيثينيا و بونتوس و أعطوا إسمهم للمنطقة ـــ، غلاطية من الكلمة الإغريقية Galtae المرادفة لكلمة سلت .
و كان مقتل آخر ملك غلاطي ــ في معركة ضد قبائل الجنوب ــ هو ما دفعها إلى حكم روماني مباشر .
في " زمن بول " كانت غلاطية لا تشير إلى أرض قبائل الغال الأناضولية بل إلى مقاطعة رومانية أكبر بكثير أسسها الأمبراطور أوغسطوس سنة 25 قبل الميلاد . و كانت هذه المقاطعة تشمل جميع المناطق المختلفة من هضبة الأناضول التي لا تندرج تحت تبعيةالمقاطعات الساحلية و كانت تمتد بعيدا إلى حدود كابدوكيا . و سميت بهذا الإسم لأن ملوكا غلاطيون عملاء نالوا السلطة على كل المنطقة تقديرا لهم . و بعد قرن من زمن أوغسطس صارت المنطقة رومانية مع شبكة من المستعمرات و مدن إغريقية أعيد تطويرها .
هــامـــش :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خضع شبه جزيرة آسيا الصغرى لحكم الرومان مدة مائتي سنة . و في أواسط القرن الأول قبل الميلاد صارت كل المناطق الساحلية محافظات رومانية .
بعد هزيمة أنطونيو , ضم أوغسطوس مملكة الغلاطيين إلى أمبراطوريته ومد إدارته على كابدوكيا .
بدأ تطوير المقاطعة الجديدة مع أوغسطس رغم أنا الإنشاء الموسع لطرق مبلّطة بداخلها جرى بين سنتي 80 ــ122 م .
إن السفر سيرا على الأقدام قبل ذاك التاريخ , مع برد قارس في الشتاء و حر خانق في الصيف
ما كان ليسمى قرار مهني حكيم .
عودة إلى النص الرئيس :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أهــل غـلاطـيـة الـشـمـالـيـون ـــ بـرابـرة لـيـسـوع ؟
{{ ولكنكم تعلمون اني بضعف الجسد بشرتكم في الاول. 14 وتجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها ولا كرهتموها بل كملاك من الله قبلتموني كالمسيح يسوع }} ( رسالة بول إلى اهل غلاطية 4 : 13ـ14)
القليل يمكن إفتراضه حول تقديم شمال أوسط الأناضول تشجيع ليهودي ناطق باللغة الإغريقية و ذي رؤية عن الإله البشري الذي انتصر على الموت. لشيء واحد , كانت قبائل الغلاطيين تتكلم لغة شبيهة بلغة أقاربهم في بلاد الغال (و استمروا على ذلك حتى القرن الخامس على الأقل ) و حتى لو كانت هناك أقلية ضئيلة متآلفة مع اللغة الإغريقية المحكية , فهل كانوا حقا سيفهمون شخصا غريبا يروي لهم قصة فداء لتخليصهم من ذنوبهم ؟
دخلت قبائل السلت آسيا في القرن الثالث قبل الميلاد عندما دعاهم نيقوميديس الأول ملك بيثينيا , المملكة الإغريقية الواقعة على مرمرة و البحر الأسود . في مقابل أراض في الدواخل وافق رجال القبائل على القتال كمرتزقة ضد ملك إغريقي منافس , أنتوخوس الأول ملك سلوقيا الذي كان يضايق من الجهة الشرقية . و ظل الغلاطيون يشكلون طبقة المحاربين بين طبقات السكان المحليين . و لجيل واحد كانوا يغيرون عبر آسيا الصغرى إلى أن طردتهم في نهاية الأمر مملكة إغريقية أخرى برزت في الجنوب الشرقي , مملكة برغمون الحليفة الإغريقية الوحيدة للرومان .
الغلاطيون المتراجعون يقاتلون الآن بجانب خصومهم القدماء السلوقيين في الشام . فاستنجدت بيرغمون بالرومان الذين كانوا قد فتحوابلاد الإغريق , و في سنة 190 قبل الميلاد , في معركة مغنيسيا , هزمت جحافل شيبيو أسياجينوس الجيش السلوقي الغلاطي المختلط . و بعد المعركة قاد الجنرال الروماني منليوس فولسو حملة تأديبية إلى قلب أراض الغلاطيين , قامت خلالها قواته بأعمال السلب و النهب و بيع الألاف من السلتيين عبيدا .
ضمت روما , السيد الجديد للأناضول , بيرغمون كمقاطعة آسيوية , و أسست ولايات عميلة عبر المنطقة .
خلال العشرين سنة من الصراع مع بونتيوس ( الحروب الميثريدية) حارب السلتيون كمعاونين للرومان . و عندما فرض بومبي العظيم سنة 64 قبل الميلاد الحكم الروماني على بونتيوس فوّض شؤون التهدئة الداخلية لزمر السلتيين , ثم عين زعيما مؤيدا يدى ديتاريوس "ملكا على كل غلاطية " ,وحصلت المملكة على أراض إضافية من انطونيو سنة 39 قبل الميلاد , لكن المملكة لم تدم طويلا فقد إنتهت بموت أميتاس سنة 25 قبل الميلاد و أعيد ضمها إلى روما .
صار اهل غلاطية الآن " أصدقاء و حلفاء " لروما . في عهد أوغسطس , و لعدة قرون بعد ذلك سوف يزود هذا الشعب المقاتل الجيش الأمبراطوري بمجندين . كان الفيلق الروماني الثاني و العشرون مكونا من مجندين من رجال قبائل غلاطية و اطلق عليه اسم ملكهم الأول فصار اسمه الفيلق الديوتارياني . استقر هذا الفيلق في الأسكندرية حتى دمره المتمردون اليهود في خلال الحرب ضد شمعون بن كوشيبا ( 132 ــ136 م )
إمــكــانــيّــة مــلائــمــة فــي بـيـسـنـيـوس ؟ :
{{ 1 واما من جهة الجمع لاجل القديسين فكما اوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا انتم ايضا.}} ( رسالته الأولى إلى كورنثيوس 16 :1 )
إذا كانت رحلة بول التبشيرية إلى القبائل الشمالية , المحبة للقتال , مثيرة للشك إلى درجة كبيرة , فإن فكرة أنه أستطاع تبعا لذلك أن " يبعث لهم رسائل " هي محظ خيال . " ليس هناك لا يهودي و لا يوناني " يكتب بول في رسالته إلى غلاطية 3:28 , و لكن هل كان ذلك سيعني أي شيء لإناس هم من السلت ؟ هل الوعد بأنهم سيصبحون " نسل إبراهيم " كان سيمنحهم الرضاء ( 3 : 29) ؟ و إذا كان خلب لبهم الوعد بحياة أبدية فهل كانوا حقا سيكرمون إلتماسا بطلب "جمع الصدقات للصديقين " ؟ في زمان و مكان يستعبد فيه كل الناس فإن فكرة ان بول , الغريب , و المريض , كان قد استطاع التجول في قرية من قرى غلاطية , و نال عناية كما لو كان " ملاك من الله " ( غلاطيه4 : 13) و أسّـس كنيسة أو إثنتين تبدو مثيرة للسخرية .
لكن بعض الدارسين ينظرون إلى مدينة بيسينيوس , مركز العبادة ذات الطابع الإغريقي , التي تقع ضمن الأراض التي استقرت عليها قبائل السلت , كفرصة تبشيرية ممكنة .
هل استطاع بول الوصول إلى هذه المدينة ذات المزار الوثني البالغ من العمر ألف سنة , و تكلم بالكلمة , و خلّف وراءه جماعة مؤمنة ؟
كان في مدينة بيسينيوس أول مزار شيّد للربـّة سيبيل " الأم العظمى " ربة الفريجيين المغلوبين . و بدلا من أن ينهب الغلاطيون المركز ( مثلما فعلوا في دلفى الواقعة في بلاد الإغريق) أضافوا الربة سيبيل إلى مجموعة آلهتهم . وصارت بيسينيوس واحدة من العواصم القبلية الغلاطية الثلاث , فيما تحصنت الأخريان في أنقرة و تافيوم . و استمرت المدينة كمركز للحج و التجارة . و في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد , عندما كان هانيبال يهدد مدينة روما نفسها , جرى التيمن بــ"ـالأم العظمى" إلى درجة ان الرومان فاوضوا من
أجل إمتلاك " حجر الربة الأسود " المقدس . و استقرت سيبيل في روما , فيما عرف كهنتها الخصيان باسم Galli . عند وصول الربة إلى روما جرى حملها إلى معبد النصر في البلاتين .
كانت الربة سيبيل قديمة قدم الألهة في مرتفعات اليهودية , و كان لها قرين أيضا , مات و قام من الأموات , إسمه آتيس . أصدر الإمبراطور كلاوديوس , حوالي سنة50م , قرارا رسميا بالإحتفال سنويا بالأم العظمي و قرينها آتيس في روما . و في أواسط القرن الثاني كان الإمبراطور أنطونيوس الورع ملازما لعبادتها , و بقيت عبادة سيبيل ديانة الدولة حتى وقت متأخر إلى عهد ماركوس آوريليوس , و في القرون اللاحقة تم دمج الأم العظمى مع آلهة أخرى مثل إيزيس و ديمتري .
من الأسلم أن نفترض أن الغلاطيين كان لهم كهنتهم الخاصين , القادرين على التعامل مع غرباء يهددون بتدمير آلهتهم و تحطيمها . أكثر من ذلك , لا يوجد دليل واحد لا في الكتاب المقدس , و لا في الأدبيات , و لا في بحوث علم الآثار , يدعم التكهن بأن بيسينيوس كان بها كنيسة مسيحية باكرة . و في الواقع , قام الإمبراطور جوليان " المرتد" بتقديم ولائه للربة سيبيل في معبد بيسينيوس و هو في طريقه إلى الجبهة الفارسية سنة 362م . و إن أقدم كتابات مسيحية في المدينة يرجع تاريخها إلى هذا الزمن مع تكاثر وجودها في القرن الخامس و ما يليه . وأول أسقف معروف للمدينة كان ديميتريوس الذي تم ترسيمه سنة 403
و بناء على ذلك , إذا كانت " غلاطية الوثنية " غير معقولة كمركز لنشاط بول التبشيري , فأين أسـّس بول كنائسه , و لمن كان في الواقع يكتب رسائله ؟
بيسينيوس ــــ موطن الربة سيبيل , و العاصمة لقبيلة توليستواغي السلتية .
في الميثولوجيا الفريجية , كانت بيسينيوس مملكة ميداس الملك الذي تمنى أن يكون كل ما يلمسه ذهبا .. و في الواقع , صارت المدينة غنية بعبادة الأم العظمى .
"أهـــل غــلاطــيــة الــجــنــوبــيــون" ـــ مــســتــوطــنــون لـلـخــلاص ؟
وقـت للـفـرجــة Show Time
{{ ايها الغلاطيون الاغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق ؟ انتم الذين امام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبا }} ( رسالته إلى اهل غلاطية 3 : 1 )
{{ في ما بعد لا يجلب احد عليّ اتعابا لاني حامل في جسدي سمات الرب يسوع }} ( الرسالة إلى اهل غلاطية 6: 17)
{{ مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ }} ( الرسالة إلى أهل غلاطية 2 :20)
سفر أعمال الرسل ـــ و لكن ليس بول نفسه* ـــ يذكر مدنا شمال جبال طوروس مباشرة كميدان لمغامرات الرسول , في منطقة يطلق عليها بأشكال مختلفة بيسيديا لاكونيا أو إساوريا . و كلها كانت في منتصف القرن الأول جزءا من مقاطعة غلاطية .
الوجود الروماني في جنوب غرب الأناضول في " زمن بول " , حوالي 50ــ135 م .
تضم المساحة أجزاء من ليسيا , بيسيديا , ليكاونيا , كابادوكيا , " سيليسيا الخشنة" ــ تراقيا سيليسيا .
يبد الطريق الإمبراطوري , طريق سسيباست , من أزمير عبر انطاكية إلى طرسوس , و يرسم الخط الخدودي المؤقت عبر الأراضي المرتفعة فيما كان يجري تنظيم مقاطعني غلاطية و كابادوكيا .
و على النقيض من الأراضي المرتفعة المتخلفة , كان السهل الساحلي يزخر بمدن كبرى , أسس الكثير منها في العهد الإغريقي الباكر و تلقت إهتماما امبراطوريا .
لكن يبدو أن بول إختار بلاد العصابات و قطاع الطرق وراء الجبال لتاسيس " أول كنائسه " بين الوثنيين .
حـــقــّـا ؟؟
هـــوامـش الـبـنـد الـسـابـق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
* تــلــفــيــق ـــ الــرســائــل إلــى تــيــمــوثــاوس :
{{ 10 واما انت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وقصدي وايماني واناتي ومحبتي وصبري 11 واضطهاداتي وآلامي مثل ما اصابني في انطاكية وايقونية ولسترة.ايّة اضطهادات احتملت.ومن الجميع انقذني الرب }} ( رسالته الثانية إلى تيموثاوس 3 : 10ـ11 )
تأكيد مفيد لمغامرات بول في غلاطية ولكن للحق فإن رسالتي بول الأولى و الثانية إلى تموثاوس و تيطس ـــ التي يطلق عليها إسم الرسائل الرعوية ــ هي الأكثر إثارة للريبة و الشك من بين كل رسائله ( سوف نتطرق إلى ذلك في باب منفصل )
أنــطــاكــيــة بــيــســديــا :
هل هذه كنيسة بول ؟؟ لا , لكنها كنيسة سميت على اسمه و يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الخامس .و يفترض أنها أنشأت على انقاض المعبد اليهودي الذي كرز فيه بول . حسنا كانوا يقولون ذلك , اليس كذلك ؟
مسرح في أنطاكية , و الآن : أين كان اليهود يجتمعون بعد إستبدال معبدهم بكنيسة ؟
عودة إلى النص الرئيس :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـــول غير المعقول :
{{ 15 ولكن لما سرّ الله . . . . . ان يعلن ابنه فيّ . . . . . انطلقت الى العربية ثم رجعت ايضا الى دمشق. 18 ثم بعد ثلاث سنين صعدت الى اورشليم . . . .
فمكثت عنده خمسة عشر يوما. . . . وبعد ذلك جئت الى اقاليم سورية وكيليكية. . . . . ثم بعد اربع عشرة سنة صعدت ايضا الى اورشليم }} ( رسالته إلى اهل غلاطية 1 : 15 ــــ 2 : 1 )
بول في رسالته إلى أهل غلاطية لا يذكر شيئا عما حدث له في طريق دمشق " مشهد الصوت و الضؤ ) المكرر ثلاث مرات في سفر اعمال الرسل . و طبقا لكلام لسانه أصبحت الدراما التي غيرت حياته ركيكة : في مناسبة لم يتم ذكرها " كشف" الله إبنه .
تحركات بول التالية المعلنة هي ثلاث سنوات في العربية و أربع عشرة سنة في سوريا و سيليسيا . أي مرت سبع عشرة سنة على الأقل منذ أول رؤية الرسول " للضؤ " إلى المناسبة التي كتب فيها إلى اهل غلاطية . و هذه الرسالة , ظاهريا , كتبت فور تنصير غلاطية ( انظر 1: 6) . و لكن لا شيء في الرسالة , لا ملوك و لا حكام , ولا علامات تاريخية تسمح حتى بتحديد تاريخها تقريبيا . " كل التأويل يحتاج إلى حسابات "
طبقا لسفر اعمال الرسل , متى نـصـّر بول أولا مستلمي رسالته إلى غلاطية ؟
إن أول ما يذكر سفر أعمال الرسل في الواقع النفاذ إلى غلاطية هو في البعثة الثانية للرسول و لكن كديباجة لمغامراته في أوربا . في المرحلة الأولى من بعثة بول الثانية يقوم بإعادة زيارة ما أسسه في السابق " لتفقد الإخوة " ( أعمال الرسل 15 : 36 ) , و هذه البعثة الثانية جرت بعد "وقت طويل " من البعثة الأولى ( أعمال الرسل 14 : 28)
متي كانت الرحلة الأولى ؟
وجه الروح القدس عملية إختيار بول لهذه المهمة في وقت ما بعد موت هيرودس أغريبا الأول ( سنة 44م حسب الدنيا المعروفة ) و في مقدمة لهذه البعثة , إخوة آخرون , من الرسل و المشايخ في أنطاكية , هم الذين استلموا تعليمات من الروح القدس ـــ و ليس "بول" . إن " بـول" في سفر اعمال الرسل يلوح بالطبع كفرد ضمن فريق , و ليس كشخص إختط مساره لوحده مثلما تبرز لنا رسائله .
وضعت الأخوية في أنطاكية يدها على برنابا و شاول و بعثوا بهما في طريقهما ( سفر اعمال الرسل 13 : 1ـ 3)
يرجع بول/شاول بعد مغامرته لإخبار الكنيسة الأنطاكية ( الذين تم إختيارهما منها ــ أعمال الرسل 14 : 26 ــ 27 ) إن نظام التسلسل حتمي , غير أن تاريخ البعثة يبقى غامضا . و حول المغامرة نفسها , فإن الفعل الأساسي قد جرى في انطاكية بيسيديا , مع إنشطة داعمة في إيقونية و ليسترا و ديربي , و كلها مدن في ليكاونيا .
و هكذا فهويـّة " أهل غلاطية " , و تاريخ البعثة , و تاريخ الرسالة الموجهة إليهم مرتبطة ببعضها إرتباطا عضويا . و إذا كانت نظرية " أهل غلاطية الجنوبيون" ليست أفضل من نظرية " أهل غلاطية الشماليون " فإن ما في رسالة بول إلى اهل غلاطية عندئذ هو شيء ما شائع بكثرة في الكتاب المقدس , ألا و هو : تلفيق بحسن نيـّة .
أنــطــاكــيــة بـيـسـيـديـة :
{{ ثم اقلع من بافوس بولس ومن معه وأتوا الى برجة بمفيلية.واما يوحنا ففارقهم ورجع الى اورشليم. 14 واما هم فجازوا من برجة وأتوا الى انطاكية بيسيدية ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. 15 وبعد قراءة الناموس والانبياء ارسل اليهم رؤساء المجمع قائلين ايها الرجال الاخوة ان كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا. 16 فقام بولس واشار بيده وقال ايها الرجال الاسرائيليون والذين يتقون الله اسمعوا. }} ( أعمال الرسل 13 : 13 ـ 16 )
في قبرص , إستطاع بول ان يكسب مؤمنا جديدا بالمسيح ــ ليس اقل من حاكم المقاطعة ــ بعد أن أفقد ساحرا خصما بصره ( سفر اعمال الرسل 13 : 11 ) . لكنه لم يعمل لا معجزات و لا آيات في مقاطعة بمفيليا الساحلية الغنية بالمدن الكبرىالمتحضرة مثل برجة و اسبيندوس و سيدي و أتاليا . و في الواقع , لم يسجل سفر اعمال الرسل اي شيء من " الأعمال الجيدة" في هذه المدن الكبرى , لكنه يقذف بالمبشرين الرائدين ( ضمنيا ) على طول وادي نهر كيستروس( أكسو شاي , الحالي ) عبر الجبال متجاوزين مدينتي كريمنا و ساجالوسوس ( غير المذكورتين ) , ليقعا في معبد يهودي في أنطاكية بيسيديا حيث يدعيان على نحو غريب للكلام . على نحو غريب لأنهما غريبان على المدينة , بعد كل شيء , و انظروا ماذا يحدث عندما يتيح حاخام متراخ الكلام لزائر مجهول :
يستغل بول الفرصة و يلقي خطبة لاذعة قوامها 600 كلمة ـــ و هي وهمية كقطعة ريبورتاج مثل أي شيء آخر يمكن إيجاده في الكتاب المقدس .هي بمجملها طاقم من قطعة واحدة , و عرض سطحي " ضروري" لليهود لإعتناق الجديد فورا أو الهلاك .
{{ فجاهر بولس وبرنابا وقالا كان يجب ان تكلّموا انتم اولا بكلمة الله ولكن اذ دفعتموها عنكم وحكمتم انكم غير مستحقين للحياة الابدية هوذا نتوجه الى الامم. 47 لان هكذا اوصانا الرب.قد اقمتك نورا للامم لتكون انت خلاصا الى اقصى الارض. }} ( اعمال الرسل 13 : 46 ــ 47)
خطبة بول تكمل الخطبة التي في قصة استيفانوس المذكورة في الأصحاح السابع من سفر أعمال الرسل . ستيفانوس و هو يشرف على الإستشهاد يروي القصة المقدسة لليهود منذ إبراهيم إلى سليمان و ينهيها مستخدما كلام أسفار الأنبياء في التنديد بــ" اليهود" . و بول الآن يضيف إلى قصة اليهود غزو ارض كنعان , و فترة سلطة القضاة , و التمهيد الذي قام به يوحنا المعمدان ثم قدوم يسوع .و بول أيضا ينهي خطبته اللاذعة بتحذيرات من اسفار الأنبياء .
النص الأصلي للخطبة هو قصّ و لصق في إصحاحين منفصلين من سفر اعمال الرسل , و في كلا المكانين , كان " تحذير اليهود " مرغوبا . كلا اليهوديين الناطقين باللغة الإغريقية ستيفانوس و بول رجما لمشاكلهما ــ أولئك اليهود الإخساء ! . مع ذلك وخلافا لستيفانوس ذي الحظ العاثر كان بول ما زال مطلوبا ليستمر في القصة : حدث رجمه في صفحات لاحقة من القصة و قام بالإنتعاش على الفور , رغم انه "رجم حتى الموت" خارج اسوار ليستره .
في تناقض صارخ مع اليهود " جعل الامم ( الوثنيون ) يطلبون اليهما ان يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم." ( 13 : 42 ) و " وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا " ( ماذا ؟ كل المائة ألف ؟ ) و رأى اليهود ذلك في الأسبوع التالي , فزاد غليان حقدهم . و كان التحول إلى المسيحية فوريا و متعددا و " في جميع أرجاء المنطقة " . كـما لـو . . .
هــــوامـــــش :
ـــــــــــــــــــــــــــ
Colonia Caesarea Antiocheia
أنـطـاكـيـة بـيـسـيـديـة يرجع تاريخ البوابة الرئيسة إلى عهد حكم هدريان . كانت أسوارها تضم حوالي 115 إيكر ( أورشليم مثلا 220إيكر ) . و كانت تصلها المياه عبر قناة في نيمفايوم و تتوزع بعدئذ عبر المدينة .
الساحة المركزية , التي أطلق عليها إسم تيباريوس " ميدان تيباريوس " كانت تحيط بها المتاجر و الحانات .
وراء الميدان يقف المزار الوثني الذي فرضه الإمبراطورالإمبراطور . في سنة 1914 شظايا من وصيّة أوغسطس Res Gestae Divi Augusti وجدت في هذا المكان .
المزار الوثني الإمبراطوري ( الأوغسطي) كما لعله كان يبدو في القرن الأول الميلادي .
فـــحـــص الــــواقـــــــع :
أنطاكية بيسيدية مدينة أسـّسها السلوقيون في القرن الثالث قبل الميلاد . و استقرّ بها مستعمرون إغريق من مغنيسيا , بنـيّـة صـدّ غارات الغلاطيين .و لما كانت المدينة حدودية لكل من بيسيديا و لاكونيا فقد بقيت بوصفها مدينة جبهوية في النزاعات اللاحقة بين روما و أنطاكيوس الثالث السوري . و بأمر من اغسطس سنة 25 استقر بالمدينة 3000 مقاتل محترف من الفيلق الخامس ألاودا ( و هو أحد فيالق أنطونيو , كان قد جنده قيصر من بلاد الغال ) حيث أعيد تأسيسها كحامية عسكرية رومانية Colonia Caesarea Antiocheia و كانت أكبر و اكثر إنطباعا بالطابع الروماني من كل المستعمرات الرومانية في المنطقة . و قد حظيت أنطاكية وحدها بــ“Ius Italicum” ( الحقوق اللاتينية ) و هو شرف تؤكده مرثية لأغسطس “Res Gestae Divi Augusti", إكتشفت قرب المزار الوثني الأمبراطوري في وسط المدينة . و رغم ان الكثير من القاطنين كانوا يتكلمون اللغة الإغريقية فإن اللغة الرسمية ظلت اللغة اللاتينية حتى ختام القرن الثالث الميلادي .
× في مثل مدينة كهذه , هل كان يمكن حقا لبول أن يأخذ المواطنين اخذ العاصفة , و هو نفس الرسول الذي لم يكن له أي تأثير على الإطلاق في المدن الكثيرة الاخرى التي يجب ان يكون مرّ بها ؟
× هل كان أي رجل دين متطرّف طـوّاف يستطيع ان يتنافس مع المسرح و ميدان الرياضة و الحانات و الحمّـامات ـــ و لا نقول شيئا عن كهنة مناوئين ـــ في اي شيء إلا أشد الأمور هامشية ؟
إن عدسة الإيمان المسيحي الماسخة فقط هي التي تشجع الفكرة السخيفة في أن بول مـّر عبر المدينة كزوبعة فتطايرت الديانات الوثنية و المعابد اليهودية معا .
في أنطاكية بيسيديا , كما في أماكن كثيرة أخرى , يفعّل بول إرتباطه اليهودي ليجند غير اليهود . ولكن في المقام الأول : هل كان هناك أي يهود في المدينة ؟
هــل كــان هـنـاك يـهـود فـي أنـطـاكـيـة بـيـسـيـديـة ؟ هـل كـان هـنـاك مـعـبـد يـهـودي ؟
" النقش . . . شاهد قبر من أبولونيا . . . لديبوره . . . و هي من إسمها يهودية من دون أدنى شك . . . كانت متزوجة من بمفيلوس ( الذي يمكننا إفتراض أنه يهودي على وجه الإحتمال) . . . هو الدليل الحقيقي الوحيد عن جالية يهودية في أنطاكية "
Sir William Ramsay, Cities of St Paul, p256/7.
بعد إنتصار المسيحية في القرن الرابع تغير المعبد الكبير في انطاكية ليصبح كنيسة و مقرّ إقامة الأسقف المحلي . و تدل أرضية فسيفسائية من اواخر القرن الرابع , مسجل بها اسم الأسقف أوبتيموس أحد أتباع مجلس القسطنطينية , على هذا المبني المعاد استخدامه لغرض آخر , كأقدم كنيسة وجدت في كل الأناضول .
الكنيسة الأصلية نفسها جرى التعرف إليها كــ"ـكنيسة القديس بول " بواسطة مذبح من القرن السادس , إكتشف في حمامات يلفاش التي استخدمت لغرض آخر ــــ و هذا الربط جيد من أجل ترويج السياحة , لكنه مجرد لعبة صبيانية .
الأكثر ريبة من كل ذلك هو إفتراض ان "كنيسا يهوديا " باكرا يقبع تحت هذا المعبد كان المكان الذي خاطب فيه القديس بول " المدينة كلها تقريبا " . هذا الإفتراض مؤسس فقط , و فقط ليس غير , على أحجار أساسات متقطعة للحيطان , و على سفر اعمال الرسل , بالطبع .
× و لكن هل كان اليهود في القرن الأول , غير المعروفين , في أنطاكية يملكون حقا قاعة إجتماعات مثيرة للدهشة( تسع كل سكان المدينة تقريبا ) في وسط مستعمرة لاتينية , على مسافة خمس دقائق مشيا على الأقدام من المزار الوثني الأمبراطوري ؟
السير وليم رامسي , الذى لا زال يبجل عند بعض المسيحيين بإعتباره " أعظم عالم آثار في كل الأزمنة " ( لأنه , بالطبع , وصل إلى الإستنتاجات "الصحيحة" ) قام منذ أكثر منذ قرن مضى برسم إفتراضات مريبة جدا بناء على إكتشافات هزيلة للغاية . مجرد شاهد قبر وجد في مدينة اخرى تبعد خمسين ميلا منقوش عليه اسم "ديبوره " و مشيرا إلى أسلاف انطاكيين أعتبر دليل إثبات على وجود " جالية يهودية " في انطاكية ( لا مجال إذن لإفتراض ان وثنيا إختار لإبنته إسما يهوديا ؟ )
كان اسم زوج ديبوره بمفيلوس , و على الرغم من أنه إسم إغريقي أصيل , إلا أن السير رامسي يقول عنه أنه لا بد أنه كان يهوديا متنكرا !!!
في احسن الأحوال , لم يصدر الحكم بعد فيما إذا كانت هناك أي مجموعة يهودية لها وزنها وجدت ذات يوم في أنطاكية بيسيديا * . و لكن في أحلام اليقظة للمسيحية , بالطبع كانت هناك جالية يهودية ذات تاثير كبير مستقرة في تلك المستعمرة الرومانية و لها معبد في مركز تلك المدينة الكبرى , حتى في عقود سبقت التشرد و الشتات الذي سببته حرب اليهود . إنها مجرد مسألة إنتظار ان تبرز الأدلة .
و لكن في الواقع , إن سفر أعمال الرسل فقط هو الذي لا يسند فكرة وجود جالية يهودية فحسب بل و يقول أيضا أنها كانت ذات صلات و تأثيرات قوية. إذ يحدثنا هذا السفر عن تحريض اليهود "للنساء الشريفات ـ المتنفذات ـ و الرجال ذوي الشأن " , و هم الذين عندئذ طردوا برنابا و بول خارج المدينة .
{{ ولكن اليهود حركوا النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة واثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا واخرجوهما من سواحلهم. }} سفر اعمال الرسل 13 : 50
إن إستخدام كلمة سواحل ( التي عدلت في النسخ الحديثة لتصبح "region" في اللغة الإنجليزية , و "تخوم" في اللغة العربية ) في الحديث عن مدينة داخلية غريب فعلا كغرابة الإشارة إلى النساء الشريفات ((( ملحوظة من رومل : أي نساء من الطبقة الحاكمة و ليس من طبقة الرعاع )) . لو تتبعنا طريقة السير رامسي فما لدينا هنا ربما يتعلق بمدينة أخرى و يشير إلى القرن الثاني لهذا "التفصيل " !**
× لو كان اليهود حقا مستقرين جيدا و ذوي تأثير في انطاكية فهل كانوا سيحتاجون حقا إلى إلإلتماس من الطبقة الحاكمة طرد ثنائي مثير للمتاعب من يهود غرباء ؟
× و ماذا عن جنسية بول الرومانية في هذه المناسبة ؟
أليس كل ذلك في الواقع مجرد معيار المسيحية في تفخيم أبطالها , إما بمنادمة " أولئك الذين في السلطة " أو بموجهتهم ؟؟؟
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
هـــوامـــش:
ــــــــــــــــــــــ
أثــيــنــا : بــول يــقــوم بــخــروج ســريــع
لم يبهرج بول وينمـّق لقائه مع الأبيقوريين و الرواقيين في المدينة الكبرى , على الرغم من انهم عرضوا إستعدادهم للإصغاء إليه .( سفر أعمال الرسل 17.19 ؛32 ) . و أخبر الآثينيين بأنهم " مؤمنون بالخرافات جدا " و هي تهمة رائعة من رجل إدعى سماع صوت الإله .!
ترك بول أثينا سريعا و ذهب إلى القوم الأسهل في كورينثوس ليستقر هناك ـــ و نال رسالة مشجعة من يسوع حول الصفقة( سفر اعمال الرسل 18 : 9 ـ 10 ) .
إن تعليقا صادقا جدا جاء مواكبا للعدد21 من الإصحاح 17 : و هو استهجان يحط من شأن فضول الأثينيين .{ 21 اما الاثينيّون اجمعون والغرباء المستوطنون فلا يتفرغون لشيء آخر الا لان يتكلموا او يسمعوا شيئا حديثا }
المسيحية بالطبع عرفت الحقيقة المطلقة , إذن ما الحاجة للتحققات و الإستفسارات العلمية ؟
كــلاوديــــوس : الــتــســامـــح مـع الــيــهــود
"تيباريوس كلاوديوس قيصر أوغسطس جيرمانيكوس الكاهن الأكبر , منبر خطابة الشعب , المختار قنصلا للمرة الثانية يأمر بما يأتي :
نزولا عند رغبة الملك أغريبا و الملك هيرود , و هما شخصان عزيزان علي , أضمن أن نفس الحقوق و المزايا سوف تحفظ لكل اليهود القاطنين في جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية كالتي منحتها لؤلئك القاطنين في الأسكندرية . و مما يطيب له خاطري الإمتثال لمثل هذه الإتفاقات .
هذه المنحة التي أهبها ليس لصالح مقدمي الطلب فقط , و لكن كحكم أقضي به لؤلئك اليهود الذين يلتمسون مثل هذا الفضل بناء على صداقتهم و إخلاصهم للرومان ."
( جوزيفوس , أخبار العهود القديمة 19 . 5 . 3 )
– Josephus, Antiquities, 19.5.3.
الـــظـــلام يبدأ من هنا
سفر أعمال الرسل 19 :19 بول يشرف على عملية حرق الكتب في افسس .
لقد ملأ الرسول جميع اليهود و اليونانيين خوفا { ...وصار هذا معلوما عند جميع اليهود واليونانيين الساكنين في افسس. فوقع خوف على جميعهم ...} أعمال الرسل 19 : 17 و أسعد بسطاء التفكير بأن وزّع عليهم مناديل " طاردة للشياطين " ( سفر اعمال الرسل 19 : 12 )
كل ذلك خرافة بالطبع ــ لكنه حدّد المسار للقرون التي تلت .
أسقط المسيحيون في القرن الخامس صور " الشيطان أرتميس " .
بــول يــنــجو مـن الـوحـوش فـي أفـسـس !
رغم عدم ذكر سفر أعمال الرسل لهذه الخارقة , إلا أن بول نفسه يدعي أنه نجا من الوحوش في افسس ـــ و هي نتيجة مذهلة لمصارع غير محترف .
{{ 32 ان كنت كانسان قد حاربت وحوشا في افسس فما المنفعة لي.ان كان الاموات لا يقومون فلنأكل ونشرب لاننا غدا نموت }} (رسالة بول الأولى إلى أهل كورنثوس 15 : 32 )
ربما يزودنا سفر أعمال بول الأبوكريفي بالإجابة (( أبوكريفي = تم إسقاطه أو خذفه وغير معتمد)) .
يبدو أن الرسول بول واجه في ميدان المصارعة أسدا متوحشا كان قد عمـّده منذ زمن ليس ببعيد !
بول عندئذ دخل في دردشة ودّيّة مع الأسد الناطق ؛ فيما أطلق الرب القدير العنان لعاصفة شديدة على المتفرجين , فقتلت الكثير منهم .
و كله مادة مسيحية جيـّدة .
عــودة إلى الـنـص الـرئـيس :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سجلّ الوقائع و الأدلة
لكي تتلائم رسائل بول ولو بصورة هشـّة مع نسيج سفر أعمال الرسل , كان من الضروري وضعها زمنيا بأجمعها في إطار بضعة سنوات قبل نهاية حياة الرسول المفترضة . و هكذا , فالرسالة إلى أهل غلاطية , مثلا , ينسب تاريخها تقليديا إلى سنة 60 و يقال أنها كتبت من كورينثوس . ورغم كونها ذات فائدة من حيث عرضها و تقديمها لوجهة نظر المؤيدين في النزاع مع " المهـّودين " الخصوم , إلا أنها تقدم القليل جدا حول الدليل على مصدرها .
و ما يلخصه العددان 1 : 15و2 :14 لا ينسجم و يتوافق إلا بصورة رديئة مع الحكاية في سفر أعمال الرسل : " مفرز من بطن أمه" , و زيارة مدتها " ثلاثة سنوات" للعربية و دمشق , و غزوه لكليكيا ( سيليسيا) و سوريا , و غير معروف " بالوجه" في مقاطعة اليهودية , و مرافقته لتيطس , و نزاعه مع رسل أورشليم . إن أفضل ما قد يقال هو أن الإشارة إلى " الثلاث سنوات " و الأربع عشرة سنة " , على وجه الإحتمال , تضع التأليف في وقت متأخر من مهنة المؤلف .
رسالة بول إلى أهل رومية ( روما) أيضا " يحدد مصدرها " تقليديا على نحو مشابه في كورنثوس حوالي سنة 60 , مع توقع زيارته الأولى إلى روما . لكن لا توجد إشارة إطلاقا لكورينثوس و تركيز المؤلف في الواقع هو على إسبانيا , لاحقة لرحلة وشيكة إلى أورشليم .
{{ 22 لذلك كنت أعاق المرار الكثيرة عن المجيء اليكم. 23 واما الآن فاذ ليس لي مكان بعد في هذه الاقاليم ولي اشتياق الى المجيء اليكم منذ سنين كثيرة 24 فعندما اذهب الى اسبانيا آتي اليكم.لاني ارجو ان اراكم في مروري وتشيعوني الى هناك ان تملأت اولا منكم جزئيا. 25 ولكن الآن انا ذاهب الى اورشليم لاخدم القديسين. 26 لان اهل مكدونية واخائية استحسنوا ان يصنعوا توزيعا لفقراء القديسين الذين في اورشليم. 27 استحسنوا ذلك وانهم لهم مديونون.لانه ان كان الامم قد اشتركوا في روحياتهم يجب عليهم ان يخدموهم في الجسديات ايضا. 28 فمتى اكملت ذلك وختمت لهم هذا الثمر فسأمضي مارّا بكم الى اسبانيا.}} ( رسالة بول الرسول إلى أهل رومية 15 : 22 ــ 28 ) .
ليس فقط غريبا أن يقول المؤلف " ليس لي مكان بعد في هذه الأقاليم" ( و الحديث عن عمله التبشيري) ــ من الصعب تصديقه عن بلاد اليونان الوثنية ــ بل ايضا يشير إلى أنه بشر فيما يعرف الان بكرواتيا , و هي , مرة أخرى , منطقة غير مذكورة في سفر اعمال الرسل .
{{ بقوّة آيات وعجائب بقوة روح الله.حتى اني من اورشليم وما حولها الى الليريكون قد اكملت التبشير بانجيل المسيح }} ( الرسالة إلى اهل رومية 15 : 19 )
الرسالة الأولى إلى اهل كورينثوس هي رسالة كبرى اخرى يزعم أنها كتبت في افسس ( 16 : 8) , عندما كان بول يستبق زيارة لهذه المدينة , و هو في طريق " يعبر خلال مقدونية " . يفصح في هذه الرسالة عن رغبته في قضاء الشتاء في كورينثوس , ثم الحصول على المساعدة " و تشعيوني حيثما اذهب" ( 16 : 5 ـ 6 ) . و الطريق التي ينوي إجتيازها غريبة , فهي تتجاهل العبور البحري الواضح و المنطقي من أفسس إلى كورينثوس. فهل هذه الرحلة جزء من الرحلة الثالثة في سفر أعمال الرسل ؟
يعلن بول انه امر بجمع تبرعات للقديسين في غلاطية ( 16 : 1) , على نحو مشابه لما أمر به في كورينثوس , رغم أنه لم يرجع قط إلى غلاطية ليجمع تبرعات . ربما كانت معه إذ ذاك التبرعات للقديسين , و لكن في هذه الحالة هل كان حقا يخطط لمثل هذه الرحلة الخطرة و الملتوية و معه أموال مجموعة لكي يجمع أموالا اخرى ؟
..رسالة بول الثانية إلى أهل كورينثوس لا تقدم شيئا يقنع بأن الخطبة التي تتضمنها جزء من رسالة أصلية كتبها مبشر جوّال .. الموقع المفضل لمصدر الرسالة هذه المرة هو مدينة فيلبي .
من الواضح أن رسالة بول الأولى إلى سكان كورينثوس ذوي العقلية المستقلة قد هبطت مثل بالون من الرصاص فكان رد الرسول بالسخرية و الرثاء للذات .
طبقا لما يرد في سفر اعمال الرسل 16 : 9 فإن " رؤية ليلية" لشخص من مقدونيا هي التي نادت بول للذهاب من مدينة ترواس إلى فيلبي , و هو " حدث روحاني " يقبع بغرابة بجانب شرح الرسول المسهب إلى درجة الملل لرحلته نحو الشمال :
{{ 12 و لكن لما جئت الى ترواس لاجل انجيل المسيح و انفتح لي باب في الرب
13 لم تكن لي راحة في روحي لاني لم اجد تيطس اخي لكن ودعتهم فخرجت الى مكدونية}}( الرسالة الثانية إلى اهل كورنثوس 2 : 12 ـ 13 )
إن ذكر بول الوحيد الآخر لمدينة ترواس ( لـــيـــس إحــــيـــاء الــشـــاب أفتيخوس الـــمـــيـــت ! ــ اعمال الرسل 20 : 10 ) بل هو عندما طلب من رفيقه تيموثاوس أن يحضر له الكتب و الرقوق و رداءه الذي نسيه! ( 2 تيموثاوس 4 : 13 ) .
يؤكد الرسول في الواقع رفضه و فشله في مدينة فيلبي كرأس جسر للمسيحية , فقد كتب إلى تسالونيكي قائلا :
{{ 2 بل بعدما تالمنا قبلا و بغي علينا كما تعلمون في فيلبي جاهرنا في الهنا ان نكلمكم بانجيل الله في جهاد كثير 3 لان وعظنا ليس عن ضلال و لا عن دنس و لا بمكر }} ( رسالة بول الأولى إلى أهل تسالونيكي 2 : 2 )
و هذا ما يمكن فهمه على أنه تأكيد " للجلد " و " ليلة في السجن " و " زلزال إعجازي"
التي يدعيها سفر اعمال الرسل ــــ و في مثل هذه الحالة يجب ان نصدق أن بول لم يكن مناجيا للألوهية فحسب بل وكان أيضا بخيسا إلى درجة كبيرة !!
أســطــورة فـي غــاية الــضخــامــة :
رغم أن رحلة تبشير , في صورة مبشر طواف أو فيلسوف جوّال , قد تبدو معقولة جوهريا في زمن المسيحية الباكر , إلا أن رحلات بول المتميزة بالتنافر و التناقض و السخافة لا تبدو كذلك . ففي تلفيق هذه الرحلات الوهمية مدن كاملة , بل و مقاطعات تسحر و تغضب تباعا من قبل أنشطة رائد من رواد الإيمان الحقيقي .
لكن في الحقيقة نادرا ما لاحظت عينا العالم البراعم الأولى لحفنة من الهراطقة اليهود أو القليل من الوثنيين المفتونين بشريعة موسى و تأملات الأنبياء العبرانيين . إن المجهودات المتواضعة , و النجاحات المحدودة للمذاهب المسيحية في أوائل القرن الثاني تم نفخها و تضخيمها و تشجيعها بواسطة " تأسيس أساطير " ذات حجم يهز العالم !!
إن الكتبة المسيحيين في القرن الثاني , الذين كتبوا العهد الجديد كانوا يحتاجون , لتبرير إدعاءاتهم الخاصة , إلى الإرتفاع بأخلاق " الأسلاف " النبلاء الذين كانوا يسطعون مثل النجوم في العصر الرسولي الذهبي المفترض " و نقلوا الرسالة الإلهية " . لم يقرّوا بإختلاق أسطورة بل بوراثة شهادة مقدسة . و للتأكيد على ذلك , أخذوا في تطعيم النصوص المقدسة بعنصر حقيقة ــــ تفاصيل عرضية , و " أسماء شهيرة " جمعت من أعمال مؤلفين دنيويين ــــ في النصوص المقدسة , و لكن من جميع النواحي الأخرى فالتاريخ الكاذب يفيض بالهراء الوهمي .
الشخصيتان الثانيتان في المسرحية المسيحية , بطرس و بول , ليسا أكثر من كائنين بشريين فقط : بل هما شبحان وضعا لأغراض لاهوتية . و هما أيضا متنافسان. إن الإحتيال الديني نادرا ما يفضل الإحتكار للإختلاقات و في القرن الثاني , و هو " العصر الذهبي" للسلام و التسامح الروماني كان أي عدد ممكن من الكهنة الطموحين يتنافسون من أجل الشهرة الشعبية و الجوائز الدنيوية .
إن مرشح الكنسيين الرومان , القديس بطرس , تم الترويج له بإعتباره الحواري البارز ردا على تحدي المدرسة الآسيوية للرائين ومسافرهم المزور ( الأبوكريفي) القديس بول , الذي كان , مثل هرمس ( عطارد), رسول من الآلهة ( و هكذا سمي بول في سفر أعمال الرسل 14 : 12 !!!) بطرس لم يلفق حوله شيء من المثول أمام المحاكم و المحاكمات , التي كانت تظهر طبيعة معدن بول ( بالجلد بالسياط فوق ما يقاس , و بالسجن المتكرر , و بالموت أيضا . " من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة. 25 ثلاث مرات ضربت \ إلخ إلخ إلخ " رسالته الثانية إلى كورينثوس 11 : 24 .. ) و لكن بدلا من ذلك تم إضفاء أفضليته على وجه مخصوص ببداية متعالية حيث يجري تعيينه إلهيا من يسوع شخصيا ( متى 16 :18) . لا صراخ يهود بعد دم هذا الرجل !
إن بطرس هو بطل بسيط ملائم لؤلئك المفتونين بأفكار لاهوت عجائبي مراوغ . و هكذا عندما سجن بطرس , مثل بول , لفترة قصيرة , فإن ملاك الرب هو الذي هبط ليقوم بإطلاق سراحه ـــ ليس فرقة من الحرس الروماني ! ( سفر اعمال الرسل 12 : 7,10) .
بالنسبة لبطرس , لا شيء عن المجادلة المباشرة عن محرمات الطعام و قواعده المذكوره في الرسالة إلى أهل رومية ,الإصحاح14 . و بدلا من ذلك , ملائة عظيمة هبطت عليه من السماء مملؤة بالبهائم والوحوش و الزواحف و دواب الأرض فيما صوت الرب شخصيا يدوي صادحا : " قم يا بطرس إذبح و كل " ( أعمال الرسل 10 : 9 ,16 )).
رغم الإدعاء بأن بول هو " الرسول للأمم ( للوثنيين) " بعكس بطرس الذي هو رسول " للمختونين " , إلا أن بطرس في الحقيقة هو من أدخل أول الوثنيين في المسيحية ( أعمال الرسل 10 :48) و بطرس ايضا أول من قام بمعجزة رسولية . ففي اللد مجرد ظل هذا الرجل العظيم يشفي الجموع ( أعمال الرسل 5 : 15ـ16) و بمعالجة مريض واحد بالشلل ( أعمال الرسل 9 : 33 ـ 35 ) يحول بطرس مدينة كاملة إلى الديانة المسيحية بالإضافة إلى كل سكان سهل شارون . يا له من نجم !!!
لكن بطرس لم يكن عالما لاهوتيا عظيما ( أكثر من مبتكري شخصيته في روما! ) و بول كان قد كتب إطار مذاهب لاهوتية و تصحيحات مفيدة في الكفاح العملي من أجل تأسيس كنيسة عالمية .
و بينما لم تبتعد أنشطة بطرس " التبشيرية " عن يافا و قيصرية , و بالكاد إلى مسافة 40 ميلا من أورشليم, فإن رحلات بول ذهبت به شرقا و غربا .
في جميع الأرجاء قابل الرسول الثالث عشر عداء "اليهود" العنيف و نزوات الأقوياء و المتسلطين بحقيقة يسوع الثابتة . لم يكن هناك تحد فوق طاقة هذا الرجل . و في مشاجرات القرن الثاني العنيفة بشأن " العقيدة" تم إحتجاز التراث اللاهوتي القيم " لبول" من أجل القضية الكاثوليكية الكبرى .
-
رقم العضوية : 1412
تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 124
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 16
هــــوامـــــش
صـــورة الــقـديـس بـول فـي أفـسـس ؟
لا داعي للإنفعال , فهذه الصور في الكهف لا يرجع تاريخها إلى أبعد من القرن السادس . علماء الآثار الأتقياء الورعين لن يستطيعوا إيجاد تلك المناديل السحرية التي كان بول يطرد بها الأرواح الشريرة .
بفصل المتنصرين و فرزهم عن المعبد اليهودي المحلي , يبدو أن بول كان يحاور يوميا في " مدرسة تيرانوس" ( سفر اعمال الرسل 19 :9) إذا كان تيرانس فيلسوفا يونانيا فهو مجهول بالكامل في التاريخ.
من جهة أخرى , كتب سوفوكليس مسرحية أويدبوس تيرانس و فيها يصل رسول قادما " من كورينثوس " و يحمل أخبارا سارة
تــهــديــد لـــتـــجـــارة الــحـــلـــيّ الـفضـّية ؟
هـل كـان عـلـى صـاغـة الـفـضـة فـي أفـسـس أن يـقـلـقـوا !!
في أفسس "" المدينة كلها "" ( حسنا , هكذا ينبغي بالطبع , فهذا رجل إستعراضات مسيحي يقدم عرضا ) "" امتلأت إضطرابا "" بسبب مهاجمة بول للأيقونات الدينية الوثنية . و كان صاغة الفضة في هياجان و شغب نظرا لتعرض مصدر رزقهم لخطر .{{ . . . . استمال وازاغ بول هذا جمعا كثيرا قائلا ان التي تصنع بالايادي ليست آلهة}} ( أعمال الرسل 19 : 26)
للأسف لم يكن الرسول يتمتع في تلك اللحظة بقدرة التنبؤ , و إلا فلربما كان تنبأ بالتجارة الواسعة لبضاعة يسوع الرخيصة التي ستغرق القرون فيما بعد !!!
هل تلقى اليهود في كورينثوس إنذار دمويا , و قابل بول غاليون ؟؟
حين لم يترك يهود كورينثوس دين أسلافهم لينضموا إلى طائفة بول المبتكرة لعنهم بول :
{{ واذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم....}} ( اعمال الرسل 18 : 6)
و على نحو غير محتمل , يسجل سفر اعمال الرسل 18 : 12 ,17 أن يهود كورينثوس الغاضبين حملوا بول إلى "كرسي الولاية " و هي منصة تقف في جانب المجلس , و هناك يجب ان يحاكم من قبل القنصل غاليون .
بعد ذلك بثمانية عشر قرنا قام المدافعون عن المسيحية بإشهار الإشارة إلى غاليون لتأريخ زمن واعظهم الجوّال و تأسيس بناء تأريخ العهد الجديد بالكامل على هذه الإشارة .
مــنــاديــل مــقــدســة !!
بعد 2000 سنة ,الـغـش و الإحتيال مـا زال قائما
يقول الإعلان :
" مناديل مباركة رجال/ أطفال
السعر 5.00$
استخدم بول ذلك في علاج المرضى . فتركتهم الأمراض , و خرجت منهم الأرواح الشريرة . هذا النسيج يمكن إستخدامه لنفس الغرض من قبل المرضى , و للنجاة , و أكثر من ذلك .
إنه مبارك من الرب من خلال قسيسنا "
The Church House of God Word Faith Ministries
إنتهى هذا الفصل , و لنا لقاء قريب مع فصل آخر
-
رقم العضوية : 269
تاريخ التسجيل : 4 - 5 - 2008
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 1,157
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 12
البلد : المغرب الاسلامي
معدل تقييم المستوى
: 0
موضوع رائع أنا لا أفهم لمادا ليس لأي مسيحي الجرأة و الشجاعة ليرد على يوسفوس فلافيوس
[IMG]http://img7.xooimage.com/files/a/3/5/juifs-sataniques-2ba3cc9.gif[/IMG]
|
|
المفضلات