يقول رب العالمين (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴿15﴾ الأحقاف) وكلنا يعرف مكانة الوالدين ، وفي آيات أخرى قال (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴿233﴾ البقرة)

لم يقل الوالد بل المولود له عندما تكلم عنواجب المطلِّق تجاه زوجته المطلقة وإبنه الرضيع لم يقل وعلى الأب لماذا ؟
كأن الله سبحانه وتعالى يقول لهذا المطلِّق الذي طلق زوجته أنت آخر من يتكلم عن هذا الموضوع لقد طلقت زوجتك ولم تقم بدورك الصحيح في التقويم ولم تستطع أن تمسك عليك زوجك وولدك فمن تراه الآن سيربيه لك؟ ومن الذي سيغرس فيه الدين؟ وقد تتزوج أمه وهو لا يزال في حضنها فلا يحسن الزوج معاملة ولدك أي أن الحديث الموجه إليك يحمل عبارات اللوم الشديد والاستخفاف والتوبيخ ذلك لأنه في أغلب الأحوال غلّب مصلحته على مصلحة ولده ولذلك جاء الكلام عنه بالمولود له لم يقل الوالد أو الأب .... أبداً لوماً واستخفافاً لأنه لم يقم بحق القوامة والتقويم ولكن الله تعالى أمره بالإنفاق على ولده وسماه المولود له



قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) وفي آية أخرى (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿111﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيم112)

في آية أرسل وساحر في الآية الأخرى إبعث وسحار في نفس القضية. الفرق بينهما كلمة أرسل لعامة الناس عندما يرسل الملك يريد أن يبلغ الناس أمراً يرسل لهم أي رسول يخاطب الجميع لا فرق بين مستمعٍ ومستمع، عندما يكون هناك رجل مهم جداً في الدولة يبعث له وحده مبعوثاً خاصاً فالمبعوث هو لعلية القوم. الله قال (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴿109﴾ الأعراف) هؤلاء الملأ يعني الشخصيات الوزراء، كبار التجار، كبار الوجهاء هؤلاء ملأ يخاطبهم خطاباً خاصاً كل واحد يذهب إليه مبعوث أما عامة الشعب يقف واحد يقرأ عليهم منشور، ولهذا رب العالمين مرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم (أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ﴿151﴾ البقرة) هذا لعامة الناس ومرة يقول بعثنا. عندما يقول بعثنا الخطاب لعليةالقوم من قريش الذين أمعنوا في تكذيب الرسول ، هذا الفرق بين أرسل وابعث: أرسل لعموم الناس وإبعث لخاصة القوم.

ولذلك لما قال أرسل قال (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ) هم بالآلاف ولما قال إبعث قال (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍعَلِيمٍ) يعني أئمة السحرة وقادة السحرة والمهمين بهم، فهاتان الكلمتان المختلفتان ترسم صورتين مختلفتين من حيث أن فرعون طلب منه أن يخاطب عامة الناس وأن يخاطب الملأ الأعلى والشخصيات المهمة والطبقة الراقية كما يسمونها اللذين هم أنصار الملك.