بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ناصر عباده المؤمنين و خاذل المشركين .
و الصلاة و السلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين و على آله و صحبه الغر الميامين .
أما بعد :
فإن النصارى لا يملون من تكرار الأكاذيب سعيا للنيل من الإسلام و المسلمين و في سبيل ذلك يلوكون بألسنتهم الفرى و الشبهات. و مما علقوا عليه آمالهم و أنفقوا فيه أموالهم لينفقوه فرية قول ابن عباس رضي الله عنهما: إن قضى كانت في القرآن وصى فالتصقت الواو بوصى فأصبحت و قضى .
و سأناقش النصارى رادا عليهم و أكسر بحثي إلى هذه :
مقدمة.
1 _ بيان تضارب الرواية عن ابن عباس و ضعف النقلة و دراسة لبعض الأسانيد .
2 _ أقوال بعض المفسرين و منم القرطبي الذي احتج به النصارى.
3 _ مخالفة الرواية للمنقول .
4 _ مخالفة الرواية للمعقول.
خاتمة .
مقدمة:
مما لا شك فيه أن مصدر تشريع الأحكام عند المسلمين هما القرآن و الحديث الصحيح . و من أراد أن يقيم الحجة عليهم فلا يجهد نفسه بعيدا عنهما .و لما كان القرآن و الحديث مصدرا تشريع فهما أفضل الكلام على الإطلاق و لذلك أولاهما المسلمون عناية فائقة و أنفقوا في ذلك الأوقات و الأموال و بذلوا النفوس و اقتحموا الأهوال .و أحاطوهما بأغي مظاهر العناية و الاهتمام و ما سمعنا بأحد اعتنى بكلام ربه و نبيه إلا من المسلمين .فتولاه أشرف الناس بعد الأنبياء و الرسل بالحفظ و الكتابة و الإقراء حتى بلغ المشارق و المغارب و حفظه ما لا يعد و لا يحصى كثرة من المسلمين من مختلف الألوان و البلدان و اللغات .
لقد كتب القرآن كله في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و جمع في عهد أبي بكر و عثمان رضي الله عنهما .و لنستمع إلى شهادة واحد ممن كتبوه .قال زيد بن ثابت رضي الله عنه:
أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ
« لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ «
إِلَى آخِرِهِمَا وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. رواه الإمام البخاري.
قال محمد الفضيل بن محمد الفاطمي الشبيهي رحمه الله في كتابه الذي سماه بالفجر الساطع على الصحيح الجامع:
إذ لابد من الجمع بين الحفظ والكتابة. انتهى قوله بنصه.
و قال أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري رحمه الله :
لما كان في نحو ثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان رضي الله عنه حضر حذيفة بن اليمان فتح أرمينية وآذربيجان فرأى الناس يختلقون في القرآن ويقول أحدهم للآخر قراءتي أصح من قراءتك فأفزعه ذلك وقدم على عثمان وقال أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلى إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك فأرسلتها إليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم فكتب منها عدة مصاحف فوجه بمصحف إلى البصرة ومصحف إلى الكوفة ومصحف إلى الشام وترك مصحفاً بالمدينة وأمسك لنفسه مصحفاً الذي يقال له الإمام ووجه بمصحف إلى مكة وبمصحف إلى اليمن وبمصحف إلى البحرين وأجمعت الأمة المعصومة من الخطأ على ما تضمنته هذه المصاحف وترك ما خالفها من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى مما كان مأذوناً فيه توسعة عليهم ولم يثبت عندهم ثبوتاً مستفيضاً أنه من القرآن. وجردت هذه المصاحف جميعها من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط. انتهى بالحرف .
إن من يعتمد على الكتابة و الحفظ لحري أن يكون دقيقا لا يتسرب الخلل إلى مكتوبه و محفوظه معا و هذا الذي وقع . لكن للنصارى رأي آخر حين استشهدوا برواية تقول:
: أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم « ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه » فالتصقت إحدى الواوين بالصاْد ، فقرأ الناس " وقضى ربك" ولو نزلت على القضاء ، ما أشرك به أحد . و هي مروية عن ابن عباس رضي الله عنهما. و سنناقشهم فيها و نحاججهم إن شاء الله .
إن المتصدي للحديث عن الأخطاء المزعومة في القرآن الكريم يجب أن يكون ذا أهلية و هؤلاء النصارى لا يحسنون ترتيب جملتين مفيدتين و ما يكتبون جملة إلا نزفت دما من الأخطاء الإملائية و النحوية و قد سمعت بأذناي نصارى يقولون إن هناك أخطاء في القرآن في سورة كذا و يقرأ اسم السورة خطأ و إذا قرأ منها فحدث و لاحرج.
إنك لتقضي العجب من النصارى كيف أن اليهود و النصارى قبلهم من العرب لم يقع لهم من أخطاء القرآن شيء و هم الذين يحرصون على انتقاص الإسلام و المسلمين ؟ كيف لم يكتشفوها و بانت للعجم العجماء من متأخريهم ؟
كيف ذهلوا عنها و لم يلحظوا و لو خطأ واحدا و بانت لمتأخريهم الأخطاء الكثيرة؟
كيف للشعراء من النصارى الذين رضعوا اللغة العربية من أثداء أمهاتهم أن يطيشوا و يشتطوا و لم يتبين لهم ما في القرآن مما ادعاه بنو نحلتهم و ملتهم من المتأخرين ألا ساء ما يزرون .و العجب العجاب أنك إذا ناقشتهم تهربوا و لم يبينوا و في كل مرة يشمسون كما تشمس الخيل !
نعم لقد ناقشتهم في مناظرات فكان الفشل الذريع حليفهم و كانت الهزائم المنكرة أرديتهم . إنهم في كل مرة يسيئون فيها إلى الإسلام يحققون نصرا وهميا لا يشاركهم فيه إلا المغفلون ممن شرب دم يسوع و أكل لحمه أو قل من أكل الرب ببوله و عذرته فانتشى حتى إنه لا يعقل ما يقول.
إن مجرد القراءة في تفسير الطبري أو القرطبي يعد فتحا لدى هؤلاء و من سمعهم ممن لم يقع له ذلك عند المتكلم و حسبه من العلماء الأثبات فصفق له و حيى . لكن و الحق يقال لا ذاك و لا ذا يستحقون شيئا من الثناء لأن الدفاع عن الباطل بالباطل و الجهل لا يسوغ و لا يقبله عاقل في كل زمان و مكان .
إني أريد أن أسأل هؤلاء الأغبياء :
هل قمتم بدراسة استقرائية و تتبعتم ما سميتموه أخطاء نحوية و لغوية؟
هل تستطيعون الدفاع عن فريتكم حتى آخر رمق؟
ما الذي يشهد لفريتكم ؟ و ابدأوا بالقرآن نفسه مرورا بالحديث و كلام علماء المسلمين و كلام شعراء العرب و انتهاء بكلام الأعداء لكن بشرط العلم و النزاهة . أقدم مثالا بين يدي الرد على قلة بضاعة النصارى و ضحالة معارفهم .
قال صاحب اللسان:
وقوله تعالى يُؤْمنُون بالجِبْتِ والطَّاغُوت قال الليث الطاغُوت تاؤها زائدةٌ وهي مُشْتَقَّةٌ من طَغَى وقال أَبو إِسحق كلُّ معبودٍ من دون الله عز وجلّ جِبْتٌ وطاغُوتٌ وقيل الجِبْتُ والطَّاغُوتُ الكَهَنَةُ والشَّياطينُ وقيل في بعض التفسير الجِبْتُ والطَّاغُوت حُيَيُّ بن أَخْطَبَ وكعبُ بنُ الأَشْرفِ اليَهودِيّانِ قال الأَزهري وهذا غيرُ خارج عَمَّا قال أَهل اللغة لأَنهم إِذا اتَّبَعُوا أَمرَهما فقد أَطاعُوهما من دون الله وقال الشَّعبيُّ وعطاءٌ ومجاهدٌ الجِبْتُ السِّحرُ والطاغوتُ الشيطان والكاهِنُ وكلُّ رأْسٍ في الضَّلال قد يكون واحداً يُريدون أَن يَتحاكَمُوا إِلى الطاغوت وقد أُمِرُوا أَن يَكْفُروا به وقد يكون جَمْعاً والذين كفَروا أَوْ لِياؤهم الطاغوتُ يُخْرِجُونهم . فَجَمَع قال الليث إِنما أَخبر عن الطاغُوت بجَمْعٍ لأَنه جنسٌ على حدّ قوله تعالى أَو الطِّفْلِ الذينَ لم يَظْهَرُوا على عَوْراتِ النساء وقال الكسائي الطاغوتُ واحدٌ وجِماعٌ وقال ابن السكيت هو مثل الفُلْكِ يُذَكَّرُ ويؤنَّث والذين اجْتَنَبُوا الطاغوتَ أَن يَعْبُدوها. انتهى قول ابن منظور بالحرف .
فكلمة طاغوت إن جهل متحدث بما تحيل عليه و نوعها حكم مستعجلا بالخطإ في الآية عندما قال الحق سبحانه و تعالى: والذين كفَروا أَوْ لِياؤهم الطاغوتُ يُخْرِجُونهم. فيقول تخرجهم بدل يخرجونهم . أو في قوله تعالى:وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا . أن يقول أن يجتنبوه .فإذا علم أن الطاغوت تطلق على المفرد و الجمع و المذكر و المؤنث بان له النور و أسفر الصبح و اتضحت المحجة .
1 _ بيان تضارب الرواية عن ابن عباس و ضعف النقلة و دراسة لبعض رجال إسناد الرواية :
قال السيوطي في الدر المنثور:
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : « وقضى ربك أَلاَّ تعبدوا إلا إياه « قال : التزقت الواو بالصاد ، وأنتم تقرؤونها « وقضى ربك « .
وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - « ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه » فالتصقت إحدى الواوين بالصاْد ، فقرأ الناس « وقضى ربك « ولو نزلت على القضاء ، ما أشرك به أحد .
لكن دعنا نسوق رواية أخرى عن الضحاك ينفي فيها علم ابن عباس و لا غيره بتلك القراءة .قال السيوطي:
وأخرجه[ يعني ابن اشته ] من طريق أخرى عن الضحاك أنه قال كيف تقرأ هذا الحرف قال وقضى ربك قال ليس كذلك نقرؤها نحن ولا ابن عباس إنما هو ووصى ربك وكذلك كانت تقرأ وتكتب فاستمد كاتبكم فاحتمل القلم مدادا كثيرا فالتصقت الواو بالصاد ثم قرأ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ولو كانت قضى من الرب لم يستطع أحد رد قضاء الرب ولكنه وصية أوصى بها العباد.
و لاحظ أن الضحاك بن مزاحم يستدرك على ابن عباس و ينسبه إلى الخطإ فضلا عمن هو أكبر منه إذا علمنا أنه من صغار الصحابة . لكن لن يطول استغرابنا و تعجبنا إذا علمنا أن تلك الروايات ضعيفة .
قال عبدالرحمن بن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى : « وقضى ربك « روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمَر ربك . ونقل عنه الضحاك أنه قال : إِنما هي «ووصى ربك» فالتصقت إِحدى الواوين ب «الصاد» ، وكذلك قرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وسعيد بن جبير : «ووصى» ، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإِجماع ، فلا يلتفت إِليه . وقرأ أبو عمران ، وعاصم الجحدري ، ومعاذ القارىء : «وقضاءُ ربك» بقاف وضاد بالمد والهمز والرفع وخفض اسم الرب . قال ابن الأنباري : هذا القضاء ليس من باب الحتم والوجوب ، لكنه من باب الأمر والفرض ، وأصل القضاء في اللغة : قطع الشيء بإحكام وإِتقان ، قال الشاعر يرثي عمر :
قَضَيْتُ أُمُوْراً ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا .ـــــــ. بَوائِقَ في أكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
أراد : قطعتَها محكِماً لها .انتهى قول ابن الجوزي .
و قال ابن عطية رحمه الله في محرره الوجيز:
« قضى « في هذه الآية هي بمعنى أمر وألزم وأوجب عليكم وهكذا قال الناس ، وأقول إن المعنى « وقضى ربك « أمره « ألا تعبدوا إلا إياه « وليس في هذه الألفاظ الأمر بالاقتصار على عبادة الله فذلك هو المقضي لا نفس العبادة ، وقضى في كلام العرب أتم المقضي محكماً ، والمقضي هنا هو الأمر ، وفي مصحف ابن مسعود « ووصى ربك » وهي قراءة أصحابه ، وقراءة ابن عباس والنخعي وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وكذلك عند أبي بن كعب ، وقال الضحاك تصحف على قوم وصى ب « قضى » حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف وإنما القراءة مروية بسند ، وقد ذكر أبو حاتم عن ابن عباس مثل قول الضحاك ، وقال عن ميمون بن مهران : إنه قال إن على قول ابن عباس لنوراً ، قال الله تعالى « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك « [ الشورى : 13 ] ثم ضعف أبو حاتم أن يكون ابن عباس قال ذلك ، وقال لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا ، والضمير في « تعبدوا « لجميع الخلق ، وعلى هذا التأويل مضى السلف والجمهور. انتهى قول ابن عطية بالحرف من تفسيره .
نعم إذا قمنا بترجيح الروايات نجد ما يلي:
1 _ بعض نقلة الرواية عن ابن عباس ضعفاء و منهم : فرات بن السائب ضعفه الحفاظ كما في التاريخ الكبير للبخاري قال رحمه الله : فرات بن السائب أبو سليمان عن ميمون بن مهران تركوه منكر الحديث.و ضعفه الرازي في الجرح و التعديل و أورده النسائي في الضعفاء و المتروكين .
و من نقلة الرواية: عبد الله بن ميسرة الحارثي قال ابن حجر رحمه الله في تقريب التهذيب: عبد الله بن ميسرة الحارثي أبو ليلى الكوفي أو الواسطي ضعيف.
2 _ و من نقلة الرواية الضحاك بن مزاحم و هو كما ورد عنه في الثقات لابن حبان رحمه الله :
الضحاك بن مزاحم الهلالي من بنى هلال بن عامر بن صعصعة كنيته أبو القاسم وقد قيل أبو محمد لقى جماعة من التابعين ولم يشافه أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن زعم أنه لقى بن عباس فقد وهم حدثنا محمد بن المسيب قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال لم يلق الضحاك بن عباس إنما لقى سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير. فإن كان الضحاك من الثقات لكنه لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما فيعل الحديث بالإرسال.
و إذا أخذنا بقراءة من القراءات المتواترة أمكن الوقوف على حجم المؤامرة ضد الإسلام في إدخال الرواية الضعيفة و الموضوعة . لكن علم الحديث سلاح في وجه من تسول له نفسه اقتحام الحدود .
قلت إذا قارنا بين المتواتر و الآحاد أمكن لنا الرد على المتخرصين و أعني قراءة ابن كثير .
قال أبو بكر أحمد بن مجاهد التميمي البغدادي:
عبد الله بن كثير
مولى عمرو بن علقمة الكناني ويقال له الداري وكان مقدما في عصره قرأ على مجاهد بن جبر وقرأ مجاهد على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه انتهى بنصه و أكمل منه ما ورد في النشر في القراءات العشر لابن الجزري رحمه الله:
وقرأ ابن كثير على أبي السائب عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي وعلى أبي الحجاج مجاهد بن جبر المكي وعلى درباس مولى ابن عباس وقرأ عبد الله بن السائب على أبي بن كعب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقرأ مجاهد على عبد الله بن السائب وقرأ درباس على مولاه ابن عباس وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب وزيد بن ثابت وقرأ أبي وزيد وعمر رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.انتهى من النشر في القراءات العشر بالحرف.
هل تبين لك الآن القصد من الإيراد ؟
تواتر عن ابن عباس رضي الله عنهما قراءته : و قضى و رُوي عنه ووصى و الرواية ضعيفة !!! و في ميزان الترجيح فالمتواتر مقدم على الآحاد .
2 _ أقوال بعض المفسرين و منهم القرطبي الذي احتج به النصارى:
قال القرطبي رحمه الله:
فيه ست عشرة مسألة: الاولى - (قضى) أي أمر وألزوم وأوجب.
قال ابن عباس والحسن وقتادة: ليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر.
وفى مصحف ابن مسعود " ووصى " وهى قراءة أصحابه وقراءة ابن عباس أيضا وعلى وغيرهما، وكذلك عند أبى بن كعب.
قال ابن عباس: إنما هو " ووصى ربك " فالتصقت إحدى الواوين فقرئت " وقضى ربك " إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد.
وقال الضحاك: تصحفت على قوم " وصى بقضى " حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف.
وذكر أبو حاتم عن ابن عباس مثل قول الضحاك.
وقال عن ميمون بن مهران أنه قال: إن على قول ابن عباس لنورا، قال الله تعالى: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك " ثم أبى أبو حاتم أن يكون ابن عباس قال ذلك.
وقال: لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا، ثم قال علماؤنا المتكلمون وغيرهم: القضاء يستعمل في اللغة على وجوه: فالقضاء بمعنى الامر، كقوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " معناه أمر.
والقضاء بمعنى الخلق، كقوله: " فقضاهن سبع سموات في يومين " يعنى خلقهن.
والقضاء بمعنى الحكم، كقوله تعالى: " فاقض ما أنت قاض " يعنى احكم ما أنت تحكم.
والقضاء بمعنى الفراغ، كقوله: " قضى الامر الذى فيه تستفتيان ".
أي فرغ منه، ومنه قوله تعالى " فإذا قضيتم مناسككم ".
وقوله تعالى: " فإذا قضيت الصلاة ".
والقضاء بمعنى الارادة، كقوله تعالى: " إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ".
والقضاء بمعنى العهد، كقوله تعالى: " وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر ".
فإذا كان القضاء يحتمل هذه المعاني فلا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء
الله، لانه إن أريد به الامر فلا خلاف أنه لا يجوز ذلك، لان الله تعالى لم يأمر بها،فإنه لا يأمر بالفحشاء. انتهى قول القرطبي بنصه من تفسيره.
قال ابن عطية في تفسيره:
« قضى « في هذه الآية هي بمعنى أمر وألزم وأوجب عليكم وهكذا قال الناس ، وأقول إن المعنى « وقضى ربك « أمره « ألا تعبدوا إلا إياه « وليس في هذه الألفاظ الأمر بالاقتصار على عبادة الله فذلك هو المقضي لا نفس العبادة ، وقضى في كلام العرب أتم المقضي محكماً ، والمقضي هنا هو الأمر ، وفي مصحف ابن مسعود « ووصى ربك » وهي قراءة أصحابه ، وقراءة ابن عباس والنخعي وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وكذلك عند أبي بن كعب ، وقال الضحاك تصحف على قوم وصى ب « قضى » حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف .
قال القاضي أبو محمد بن عطية في تفسيره : وهذا ضعيف وإنما القراءة مروية بسند ، وقد ذكر أبو حاتم عن ابن عباس مثل قول الضحاك ، وقال عن ميمون بن مهران : إنه قال إن على قول ابن عباس لنوراً ، قال الله تعالى « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك « [ الشورى : 13 ] ثم ضعف أبو حاتم أن يكون ابن عباس قال ذلك ، وقال لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا. انتهى بالحرف قول أبي محمد ابن عطية رحمه الله.
قال ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير:
وله تعالى : « وقضى ربك « روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمَر ربك . ونقل عنه الضحاك أنه قال : إِنما هي «ووصى ربك» فالتصقت إِحدى الواوين ب «الصاد» ، وكذلك قرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وسعيد بن جبير : «ووصى» ، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإِجماع ، فلا يلتفت إِليه . وقرأ أبو عمران ، وعاصم الجحدري ، ومعاذ القارىء : «وقضاءُ ربك» بقاف وضاد بالمد والهمز والرفع وخفض اسم الرب . قال ابن الأنباري : هذا القضاء ليس من باب الحتم والوجوب ، لكنه من باب الأمر والفرض ، وأصل القضاء في اللغة : قطع الشيء باحكام وإِتقان ، قال الشاعر يرثي عمر :
قَضَيْتُ أُمُوْراً ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوائِقَ في أكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
أراد : قطعتَها محكِماً لها . انتهى قول ابن الجوزي بنصه.
3 _ مخالفة الرواية للمنقول :
سبقت الإشارة إلى تواتر قراءة : و قضى ربك عن ابن ابن عباس رضي الله عنهما و المتواتر مقدم على الآحاد .قال الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية تحت عنوان:
( باب القول في ترجيح الأخبار )
ما أوجب العلم من الاخبار لا يصح دخول التقوية والترجيح فيه لان المعلومين إذا تعارضا استحال تقوية أحدهما على الآخر إذ العلوم كلها تتعلق بسائر المعلومات على طريقة واحدة لا يصح التزايد والإختلاف فيها واما ما لا يوجب من الإخبار دخول التقوية والترجيح فيها إذا لم يمكن الجمع بينها في الإستعمال لتعارضها في الظاهر وإنما يصبح دخول الترجيح فيما لأنها تقتضي غلبة الظن دون العمل والقطع ومعلوم ان الظن يقوي بعضه على بعض عند كثرة الأحوال والأمور المقوية لغلبته فصح بذلك تقوية أحد الخبرين على الآخر بوجه من الوجوه فتارة بكثرة الرواة وتارة بعدالتهم وشدة ضبطهم وتارة بما يعضد أحد الخبرين من الترجيحات التي نذكرها بعد إن شاء الله وكل خبر واحد دل العقل أو نص الكتاب أو الثابت من الأخبار أو الإجماع أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته وجد خبر آخر يعارضه فإنه يجب اطراح ذلك المعارض والعمل بالثابت الصحيح اللازم لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال. انتهى قول الخطيب البغدادي رحمه الله بنصه.
فقراءة ابن كثير رواها جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب و حتى لو صحت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما التي ورد فيها قراءته بووصى لكانت مرجوحة فكيف و هي رواية ضعيفة ؟
4 _ مخالفة الرواية للمعقول:
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره:
وأولى الأقوال عندي بالصواب، أن يكون"المقيمين" في موضع خفض، نسَقًا على"ما"، التي في قوله:"بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك" وأن يوجه معنى"المقيمين الصلاة"، إلى الملائكة. فيكون تأويل الكلام:"والمؤمنون منهم يؤمنون بما أنزل إليك"، يا محمد، من الكتاب"وبما أنزل من قبلك"، من كتبي، وبالملائكة الذين يقيمون الصلاة. ثم يرجع إلى صفة"الراسخين في العلم"، فيقول: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون بالكتب والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر.
وإنما اخترنا هذا على غيره، لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ )، وكذلك هو في مصحفه، فيما ذكروا. فلو كان ذلك خطأ من الكاتب، لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف غير مصحفنا الذي
كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه بخلاف ما هو في مصحفنا. وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبيّ في ذلك، ما يدل على أنّ الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ. مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخطِّ، لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن، ولأصلحوه بألسنتهم، ولقَّنوه الأمة تعليمًا على وجه الصواب.
وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً، على ما هو به في الخط مرسومًا، أدلُّ الدليل على صحة ذلك وصوابه، وأن لا صنع في ذلك للكاتب. انتهى قول الطبري و هو كما ترى قول نفيس للغاية و رد جيد و قوي . و من استعمل عقله تبين له صدق ما قيل و الحمد لله رب العالمين.
و من الأمور العقلية التي ترد زعم النصارى أن العرب يفخرون بالفصاحة
و المسلمين يشددون النكير على من غير القرآن و يصححون لمن أخطأ في القراءة و الكتابة قال السيوطي في البرهان :
قال ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك لا تقوم بها حجة لأنها منقطعة غير متصلة وما يشهد عقل بأن عثمان وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام فيتبين فيه خللا ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه ومن زعم أن عثمان أراد بقوله أرى فيه لحنا أرى في خطه لحنا إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب فقد أبطل ولم يصب لأن الخط منبئ عن النطق فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن متقنا لألفاظه موافقا على ما رسم في المصاحف المنقذة إلى الأمصار والنواحي ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن مبارك حدثنا أبو وائل شيخ من أهل اليمن عن هانئ البربري مولى عثمان قال كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها لم يتسن وفيها لا تبديل للخلق وفيها فأمهل الكافرين قال فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب لخلق الله ومحى فأمهل وكتب فمهل وكتب لم يتسنه ألحق فيها الهاء قال ابن الأنباري فكيف يدعى عليه أنه رأى فسادا فأمضاه وهو يوقف على ما كتب ويرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده انتهى
و قال ابن شبة في تاريخ المدينة:
(كتابة القرآن وجمعه) (كتابة عثان رضي الله عنه المصاحف وجمعه القرآن) :
حدثنا الحسن بن عثمان قال، حدثنا الربيع بن بدر، عن سوار بن شبيب قال: دخلت على ابن الزبير رضي الله عنه في نفر فسألته عن عثمان، لم شقق المصاحف، ولم حمى الحمى ؟ فقال:
قوموا فإنكم حرورية ، قلنا: لا والله ما نحن حرورية.
قال: قام إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رجل فيه كذب وولع، فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس قد اختلفوا في القراءة، فكان عمر رضي الله عنه قد هم أن يجمع المصاحف فيجعلها على قراءة واحدة، فطعن طعنته التي مات فيها.
فلما كان في خلافة عثمان رضي الله عنه قام ذلك الرجل فذكر له، فجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف، ثم بعثني إلى عائشة رضي الله عنها فجئت بالصحف التي كتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فعرضناها عليها حتى قومناها، ثم أمر بسائرها فشققت.
أخرج الخطيب البغدادي في كتابه الماتع الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع عن أبي إسحاق الطلحي : « أن علي بن أبي طالب ، كان يضرب الحسن والحسين على اللحن »
و أخرج أيضابسنده عن نافع ، عن ابن عمر : « أنه كان يضرب بنيه على اللحن ، قال : فقلت : يا أبا أسامة إن أخذنا بهذا الحديث لم تزايل الدرة إستك » قال أبو بكر : كان أبو أسامة موصوفا باللحن وكذلك أبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي.
و أخرج أيضا عن أبي الحسن الشيباني ، نا الهيثم بن عدي ، قال : « كنت عند أبي شيبة القاضي فقال : يا أبا إسحاق إن المستورد أخو بني فهر فقال له رقبة بن مصقلة : « لو كان لحنك من الذنوب كان من الكبائر . »
و قال القاضي عياض رحمه الله في الإلماع :
عن أبى داود السنجى قال سمعت الأصمعى يقول
إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبى صلى الله عليه و سلم من كذب على فليتبوأ مقعده من النار لأنه لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه .
خاتمة:
إن التوفيق بعيد من النصارى لخبثهم و فساد معتقدهم . في كل مرة يجابهون فيها المسلمين تكون الهزيمة رداء تقطع لهم منها الثياب !
و أحب أن أختم بهذه الملحوظة التي سبقت الإشارة إليها بنوع من الإيجاز :
إن النصارى سواء في المنتديات أو على الفضائيات و البالتوك و الإنسبيك و غيرها من وسائل الإعلام و الاتصال إنما يظهرون بمظهر الواثق المنتصر العارف في علاقتهم بنوعين من الناس:
النوع الأول: مسلم لا معرفة له و لا زاد يمطرونه بسيل من الشبهات و الأكاذيب تتركه حيران لا يعرف أن يقدم و لا أن يؤخر فيعتبرون سكوته عن الرد نصرا مؤزرا .
النوع الثاني : نصراني مسكين لا يفقه في دينه شيئا لا يحفظ إلا بعض الأناشيد و المقاطع تلحن له فيرددها و من كان ذاك شأنه لا علم له بدينه فكيف يعرف عن دين غيره ؟ فمتى ساق له إخوته ما يرونه عيوبا في الإسلام و أخطاء عد ذلك من علو كعب أولائك و رسوخ قدمهم في العلم و المعرفة فتراه يردد : أجب يا مسلم إن استطعت !!!
لكن عندما تبزغ الشمس تفر الوطاويط و الخفافيش هاربة يعميها ضوء النهار الساطع لأن أعينها لا تطيقه و ذاك ما يقع إن حل بساحتهم من يلجمهم و يخرسهم فتراهم ينقبون و ينقرون عن فرص للهرب أمام صولات المسلم و جولاته و ما أشد سلاح النتن ينشرونه في ساحة المعركة : نتن السباب و الشتم فيترك الفارس المسلم الساحة ما به من جرح و لا كلم إلا أنه نزه فرسه و أنفه أن يشما رائحة النتن في انتظار هبوب ريح زكية طيبة تقضي على نتن أولائك.
كتبه أبو أنس الصارم الصقيل
الأربعاء 16 جمادى الآخرة 1431 للهجرة بإحدى واحات جنوب المغرب الأقصى بعد صلاة الظهر .
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و الصلاة و السلام على محمد و آله و صحبه أجمعين.hgv] ugn hg[ihg hgkwhvn td afim rqn Hl ,wn >
المفضلات