441 - " الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد ، و الخلق السوء يفسد العمل
كما يفسد الخل العسل " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 636 ) :


ضعيف جدا .


و له طريقان :
الأول عن ابن عباس ، رواه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 98 / 1 ) و أبو محمد
القاري في " حديثه " ( 2 / 203 / 1 ) عن عيسى بن ميمون قال : سمعت محمد بن كعب
القرظي يحدث عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، عيسى هذا ، هو المدني ، و يعرف بالواسطي ، و هو
الذي في سند الحديث المتقدم ، روى ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 287 ) عن أبيه أنه
قال : هو متروك الحديث .
و الحديث في " المجمع " ( 8 / 24 ) و قال :
رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " و فيه عيسى بن ميمون المدني ، و هو
ضعيف .
الآخر : عن أنس ، أخرجه تمام في " الفوائد " ( 53 / 1 ) عن مخيمر بن سعيد
المنبجي ، حدثنا روح بن عبد الواحد ، حدثنا خليد بن دعلج ، عن الحسن ، عن أنس
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا أيضا ، خليد بن دعلج ، قال النسائي : ليس بثقة ،
و عده الدارقطني في جماعة من المتروكين ، و روح بن عبد الواحد ، قال أبو حاتم :
ليس بالمتين ، روى أحاديث متناقضة ، و قال ابن عدي في ترجمة خليد ( 120 / 2 )
عقب حديث أورده من رواية روح عن خليد : لعل البلاء فيه من الراوي عنه .
(2/18)

________________________________________

442 - " إن حسن الخلق ليذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 636 ) :


ضعيف جدا .


رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( ص 7 ) من طريق بقية بن الوليد ، حدثني
أبو سعيد ، حدثني عبد الرحمن بن سليمان ، عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، أبو سعيد هذا من شيوخ بقية المجهولين الذين يدلسهم
، قال ابن معين :
إذا لم يسم بقية شيخه و كناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الخرائطي هذه ، و بيض له
المناوي فلم يتكلم عليه بشىء ! و أما في التيسير فقال : ....بإسناد فيه مقال .
(2/19)

________________________________________

443 - " ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور فى جوها ، فالله الله فى
إخوانكم من أهل القبور ، فإن أعمالكم تعرض عليهم " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 636 ) :


ضعيف .

أخرجه الحاكم ( 4 / 307 ) من طريق أبي إسماعيل السكوني ، قال : سمعت مالك بن
أدى يقول : سمعت النعمان بن بشير يقول مرفوعا ، و قال :
صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
قلت : فيه مجهولان .
قلت : و هما السكوني و ابن أدى كما صرح في " الميزان " أنهما مجهولان تبعا
لأصله " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 303 و 4 / 2 / 336 ) و لكنه قال : وثق
يشير بذلك إلى عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان إياهما ( 5 / 388 و 7 / 656 ) لما
عرف من تساهله في توثيق المجهولين .
(2/20)

________________________________________

444 - " كان إبليس أول من ناح و أول من تغنى " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 637 ) :


لا أصل له .

و قد أورده الغزالي ( 2 / 251 ) من حديث جابر مرفوعا ، فقال الحافظ العراقي
في تخريجه :
لم أجد له أصلا من حديث جابر ، و ذكره صاحب " الفردوس " من حديث علي بن
أبي طالب ، و لم يخرجه ولده في " مسنده " .
(2/21)

________________________________________

445 - " من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله ، و الأرض فراشه ، لم يهتم بشيء من أمر
الدنيا ، فهو لا يزرع و يأكل الخبز ، و هو لا يغرس الشجر و يأكل الثمار ، توكلا
على الله تعالى ، و طلبا لمرضاته ، فضمن الله السموات السبع و الأرضين السبع
رزقه ، فهم يتعبون فيه ، و يأتون به حلالا ، و يستوفي هو رزقه بغير حساب عند
الله تعالى حتى أتاه اليقين " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 637 ) :


موضوع .

أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 112 ) أطول منه و الحاكم ( 4 / 310 ) و
السياق له من طريق إبراهيم بن عمرو السكسكي حدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن
أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا ، و قال :
صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
قلت : بل منكر و موضوع ، إذ عمرو بن بكر متهم عند ابن حبان ، و إبراهيم ابنه ،
قال الدارقطني : متروك .
قلت : و في ترجمة إبراهيم من " الميزان " :
قال ابن حبان : يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة ، و أبوه أيضا لا شيء ، ثم ساق
له هذا الحديث .
قلت : و تمام كلام بن حبان تفرد به إبراهيم بن عمرو و هو مما عملت يداه لأن هذا
ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا ابن عمر و لا نافع و إنما هو
شيء من كلام الحسن .
(2/22)

________________________________________

446 - " ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل عليه السلام ، و أفضل النبيين آدم ، و أفضل
الأيام يوم الجمعة ، و أفضل الشهور شهر رمضان ، و أفضل الليالي ليلة القدر ،
و أفضل النساء مريم بنت عمران " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 638 ) :


موضوع .

رواه الطبراني ( 11361 ) من طريق نافع أبي هرمز ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن
ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، نافع أبو هرمز ، كذبه ابن معين ، و قال النسائي :
ليس بثقة ، و أفضل النبيين إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدليل الحديث
الصحيح :
" أنا سيد الناس يوم القيامة ... " .
أخرجه مسلم ( 1 / 127 ) ، فهذا يدل على وضع هذا الحديث و مع ذلك أورده في
" الجامع " و الحديثي أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 198 ) و ضعفه بنافع
و قال : متروك ثم ذكره في ( 3 / 140 ) و ( 2 / 165 ) و قال عنه في الموضعين :
ضعيف .
(2/23)

________________________________________

447 - " يكون فى آخر الزمان عباد جهال ، و قراء فسقة " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 639 ) :


موضوع .

أخرجه ابن حبان في " المجروحين " ( 3 / 135 ) و الحاكم ( 4 / 315 ) و أبو نعيم
( 2 / 331 ـ 332 ) و عنه الديلمي ( 4 / 319 ) و أبو بكر الآجري في
" أخلاق العلماء " ( ص 62 ) من طريق يوسف بن عطية ، عن ثابت ، عن أنس
مرفوعا ، و قال أبو نعيم :
غريب لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية ، و في حديثه نكارة .
قلت : اتهمه ابن حبان بالوضع ، و قد سكت عنه الحاكم ، و تعقبه الذهبي بقوله :
قلت : يوسف هالك ، و قال البخاري مشيرا إلى شدة ضعفه و اتهامه :
منكر الحديث و مع ذلك ذكره السيوطي في " الجامع " .
(2/24)

________________________________________

448 - " لا تزال هذه الأمة ، أو قال : أمتي بخير ما لم يتخذوا فى مساجدهم مذابح
كمذابح النصارى " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 639 ) :


ضعيف .

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 107 / 1 ) : حدثنا وكيع قال حدثنا أبو
إسرائيل عن موسى الجهني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الإعضال ، فإن موسى الجهني و هو ابن عبد الله إنما يروي عن الصحابة
بواسطة التابعين ، أمثال عبد الرحمن بن أبي ليلى ، و الشعبي ، و مجاهد ، و نافع
، و غيرهم ، فهو من أتباع التابعين ، و فيهم أورده ابن حبان في " ثقاته " ( 7 /
449 ) ، و عليه فقول السيوطي في " إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب " ( ص 30
) إنه مرسل ، ليس دقيقا ، لأن المرسل في عرف المحدثين إنما هو قول التابعي :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هذا ليس كذلك .
الآخرى : ضعف أبي إسرائيل هذا ، و اسمه إسماعيل بن خليفة العبسي ، قال الحافظ
في " التقريب " : صدوق سيء الحفظ .
و هذا على ما وقع في نسختنا المخطوطة من " المصنف " ، و وقع فيما نقله السيوطي
عنه في " الأعلام " : إسرائيل يعني إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، و
هو ثقة ، و هو من طبقة أبي إسرائيل ، و كلاهما من شيوخ وكيع ، و لم أستطع البت
بالأصح من النسختين ، و إن كان يغلب علي الظن الأول ، فإن نسختنا جيدة مقابلة
بالأصل نسخت سنة ( 735 ) ، و بناء على ما وقع للسيوطي قال :
هذا مرسل صحيح الإسناد ، و قد عرفت أن الصواب أنه معضل ، و هذا إن سلم من أبي
إسرائيل ، و ما أظنه بسالم ، فقد ترجح عندي أن الحديث من روايته ، بعد أن رجعت
إلى نسخة أخرى من " المصنف " ( 1 / 188 / 1 ) فوجدتها مطابقة للنسخة الأولى ،
و عليه فالسند ضعيف مع إعضاله ثم رأيته كذلك في المطبوعة ( 2 / 59 )
فائدة : المذابح : هي المحاريب كما في " لسان العرب " و غيره ، و كما جاء مفسرا
في حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب .
رواه البيهقي ( 2 / 439 ) و غيره بسند حسن ، و قال السيوطي في " رسالته " ( ص
21 ) حديث ثابت و استدل به على النهي عن اتخاذ المحاريب في المساجد ، و فيه نظر
بينته في " الثمر المستطاب في فقه السنة و الكتاب " ، خلاصته أن المراد به صدور
المجالس ، كما جزم به المناوي في " الفيض " ، نعم جزم السيوطي في الرسالة
السابقة ، أن المحراب في المسجد بدعة . و تبعه الشيخ علي القاري في " مرقاة
المفاتيح " ( 1 / 473 ) و غيره ، فهذا أعني كونه بدعة يغني عن هذا الحديث
المعضل ، و إن كان صريحا في النهي عنه ، فإننا لا نجيز لأنفسنا الاحتجاج بما لم
يثبت عنه صلى الله عليه و آله وسلم ، و قد روى البزار ( 1 / 210 / 416 ـ كشف
الأستار ) عن ابن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب و قال : إنما كانت للكنائس ،
فلا تشبهوا بأهل الكتاب يعني أنه كره الصلاة في الطاق .
قال الهيثمي ( 2 / 51 ) : و رجاله موثقون .
قلت : و فيما قاله نظر فقد أشار البزار إلى أنه تفرد به أبو حمزة عن إبراهيم و
اسم أبي حمزة ميمون القصاب و هو ضعيف اتفاقا و لم يوثقه أحد فإعلاله به أولى من
إعلاله بشيخ البزار محمد بن مرداس بدعوى أنه مجهول ، فقد روى عنه جمع من الحفاظ
منهم البخاري في " جزء القراءة " و قال ابن حبان في ثقاته ( 9 / 107 ) : مستقيم
الحديث لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم قال : قال عبد
الله :
اتقوا هذه المحاريب . و كان إبراهيم لا يقوم فيها .
قلت : فهذا صحيح عن ابن مسعود ، فإن إبراهيم و هو ابن يزيد النخعي و إن كان لم
يسمع من ابن مسعود ، فهو عنه مرسل في الظاهر ، إلا أنه قد صحح جماعة من الأئمة
مراسيله ، و خص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود .
قلت : و هذا التخصيص هو الصواب لما روى الأعمش
قال : قلت : لإبراهيم : أسند لي عن ابن مسعود ، فقال إبراهيم :
إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ، فهو الذي سمعت ، و إذا قلت : قال عبد الله ،
فهو عن غير واحد عن عبد الله .
علقه الحافظ هكذا في " التهذيب " ، و وصله الطحاوي ( 1 / 133 ) ، و ابن سعد في
" الطبقات " ( 6 / 272 ) ، و أبو زرعة في " تاريخ دمشق " ( 121 / 2 ) بسند صحيح
عنه .
قلت : و هذا الأثر قد قال فيه إبراهيم : " قال عبد الله " ، فقد تلقاه عنه من
طريق جماعة ، و هم من أصحاب ابن مسعود ، فالنفس تطمئن لحديثهم لأنهم جماعة ،
و إن كانوا غير معروفين لغلبة الصدق على التابعين ، و خاصة أصحاب ابن مسعود رضي
الله عنه ، ثم روى ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال :
" لا تتخذوا المذابح في المساجد " .
و إسناده صحيح ، ثم روى بسند صحيح عن موسى بن عبيدة قال : رأيت مسجد أبي ذر ،
فلم أر فيه طاقا ، و روى آثارا كثيرة عن السلف في كراهة المحراب في المسجد ،
و في ما نقلناه عنه كفاية .
و أما جزم الشيخ الكوثري في كلمته التي صدر بها رسالة السيوطي السالفة ( ص 17 )
: أن المحراب كان موجودا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو مع مخالفته
لهذه الآثار التي يقطع من وقف عليها ببدعية المحراب ، فلا جرم جزم بذلك جماعة
من النقاد ، كما سبق ، فإنما عمدته في ذلك حديث لا يصح ، و لا بد من الكلام
عليه دفعا لتلبيسات الكوثري ، و هو من حديث وائل بن حجر ، و هو قوله :
(2/25)

________________________________________

449 - " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المسجد ، فدخل المحراب يعني
موضع المحراب ، ثم رفع يديه بالتكبير ، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 643 ) :


ضعيف .

أخرجه البيهقي ( 2 / 30 ) عن محمد بن حجر الحضرمي حدثنا سعيد بن عبد الجبار ابن
وائل عن أبيه عن أمه عن وائل .
و من هذا الوجه رواه البزار و الزيادة له و الطبراني في " الكبير " كما في "
المجمع " ( 1 / 232 ، 2 / 134 - 135 ) و قال :
و فيه سعيد بن عبد الجبار ، قال النسائي : ليس بالقوي ، و ذكره ابن حبان في
" الثقات " ، و محمد بن حجر ضعيف و قال في الموضع الآخر :
و فيه محمد بن حجر ، قال البخاري : فيه بعض النظر ، و قال الذهبي : له مناكير
.قلت : و به أعله ابن التركماني في " الجوهر النقي " و زاد :
و أم عبد الجبار ، هي : أم يحيى ، لم أعرف حالها ، و لا اسمها ، فتبين من كلام
هؤلاء العلماء أن هذا الإسناد فيه ثلاث علل :
1 - محمد بن حجر .
2 - سعيد بن عبد الجبار .
3 - أم عبد الجبار .
فمن تلبيسات الكوثري : أنه سكت عن العلتين الأوليين ، موهما للقاريء أنه ليس
فيه ما يخدش إلا العلة الثالثة ، و مع ذلك فإنه أخذ يحاول دفعها بقوله :
و ليس عدم ذكر أم عبد الجبار بضائره ، لأنها لا تشذ عن جمهرة الراويات اللاتي
قال عنهن الذهبي : و ما علمت في النساء من اتهمت و لا من تركوها .
قلت : و ليس معنى كلام الذهبي هذا ، إلا أن حديث هؤلاء النسوة ضعيف ، و لكنه
ضعف غير شديد ، فمحاولة الكوثري فاشلة ، لا سيما بعد أن كشفنا عن العلتين
الأوليين .
و لذلك المقدم الآخر لرسالة السيوطي ، و المعلق عليها و هو الشيخ عبد الله محمد
الصديق الغماري كان منصفا في نقده لهذا الحديث و إن كان متفقا مع الكوثري في
استحسان المحاريب ، فقد أفصح عن ضعف الحديث فقال ( ص 20 ) و كأنه يرد على
الكوثري ، و قد اطلع قطعا على كلامه :
و الحق أن الحديث ضعيف بسبب جهالة أم عبد الجبار ، و لأن محمد بن حجر بن
عبد الجبار له مناكير كما قال الذهبي ، و على فرض ثبوته يجب تأويله بحمل
المحراب فيه على المصلي بفتح اللام للقطع بأنه لم يكن للمسجد النبوي محراب إذ
ذاك كما جزم به المؤلف يعني السيوطي و الحافظ و السيد السمهودي .
قلت : و ما ذهب إليه من التأويل هو المراد من الحديث قطعا لو ثبت بدليل زيادة
البزار يعني موضع المحراب ، فإنه نص على أن المحراب لم يكن في عهده صلى الله
عليه وسلم و لذلك تأوله الراوي بموضع المحراب ، و من ذلك يتبين للقاريء المنصف
سقوط تشبث الكوثري بالحديث سندا و معنى ، فلا يفيده الشاهد الذي ذكره من رواية
عبد المهيمن بن عباس عند الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه و فيه ....
" فلما بنى له محراب تقدم إليه ... " .
ذلك لأن هذا اللفظ " بنى له محراب " منكر تفرد به عبد المهيمن هذا ، و قد ضعفه
غير واحد ، كما زعم الكوثري ، و حاله في الحقيقة شر من ذلك ، فقد قال فيه
البخاري : منكر الحديث ، و قال النسائي : ليس بثقة .
فهو شديد الضعف ، لا يستشهد به كما تقرر في مصطلح الحديث ، هذا لو كان لفظ
حديثه موافقا للفظ حديث وائل ، فكيف و هما مختلفان كما بينا ؟ !
و أما استحسان الكوثرى و غيره المحاريب ، بحجة أن فيها مصلحة محققة ، و هي
الدلالة على القبلة ، فهي حجة واهية من وجوه :
أولا : أن أكثر المساجد فيها المنابر ، فهي تقوم بهذه المصلحه قطعا ، فلا حاجة
حينئذ للمحاريب ، و ينبغي أن يكون ذلك متفقا بين المختلفين في هذه المسألة لو
أنصفوا ، و لم يحاولوا ابتكار الأعذار إبقاء لما عليه الجماهير و إرضاء لهم .
ثانيا : أن ما شرع للحاجة و المصلحة ، ينبغي أن يوقف عندما تقتضيه المصلحة ،
و لا يزاد على ذلك ، فإذا كان الغرض من المحراب في المسجد ، هو الدلالة على
القبلة ، فذلك يحصل بمحراب صغير يحفر فيه ، بينما نرى المحاريب في أكثر المساجد
ضخمة واسعة يغرق الإمام فيها ، زد على ذلك أنها صارت موضعا للزينة و النقوش
التي تلهى المصلين و تصرفهم عن الخشوع في الصلاة و جمع الفكر فيها ، و ذلك منهي
عنه قطعا .
ثالثا : أنه إذا ثبت أن المحاريب من عادة النصارى في كنائسهم ، فينبغي حينئذ
صرف النظر عن المحراب بالكلية ، و استبداله بشيء آخر يتفق عليه ، مثل وضع عمود
عند موقف الإمام ، فإن له أصلا في السنة ، فقد أخرج الطبراني في " الكبير "
( 1 / 89 / 2 ) و " الأوسط " ( 2 / 284 / 9296 ) من طريقين عن عبد الله بن موسى
التيمي ، عن أسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن جابر بن أسامة
الجهني قال :
" لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه في السوق ، فسألت أصحاب رسول الله
أين يريد ؟ قالوا : يخط لقومك مسجدا ، فرجعت فإذا قوم قيام ، فقلت : ما لكم ؟
قالوا : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا ، و غرز في القبلة خشبة
أقامها فيها .
قلت : و هذا إسناد حسن أو قريب من الحسن رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال "
التهذيب " ، لكن التيمي مختلف فيه و قد تحرف اسم أحدهم على الهيثمي فقال في "
المجمع " ( 2 / 15 ) : رواه الطبراني في الأوسط و الكبير ، و فيه معاوية بن عبد
الله بن حبيب ، و لم أجد من ترجمه .
و إنما هو : معاذ لا معاوية و ابن خبيب بضم المعجمة ، لا حبيب بفتح المهملة ،
و على الصواب أورده الحافظ في " الإصابة " ( 1 / 220 ) من رواية البخاري في "
تاريخه " ، و ابن أبي عاصم ، و الطبراني ، و قد خفيت هذه الحقيقة على المعلق
على رسالة السيوطي ، و هو الشيخ عبد الله الغماري ، فنقل كلام الهيثمي في إعلال
الحديث بمعاوية بن عبد الله و أقره ،و جملة القول : أن المحراب في المسجد بدعة
، و لا مبرر لجعله من المصالح المرسلة ، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة ، و قلة الكلفة ، و البعد عن الزخرفة .
(2/26)

________________________________________

450 - " لو اعتقد أحدكم بحجر لنفعه " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 647 ) :


موضوع .

كما قال ابن تيمية ، و غيره : قال الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 66 ) :
و قال ابن القيم : هو من كلام عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالأحجار .
و قال ابن حجر العسقلاني : لا أصل له ، و نحوه : من بلغه شيء عن الله فيه فضيلة
..." .
قلت : يعني الحديث الآتى بعد :
(2/27)
******************************************
يتبع ان شاء الله...