أقواله وحكمه

رويت عن أبي هريرة رضي الله عنه أقوال وحكم ومليئة بالعظات والمعاني الدالة على قوة إيمانه بالله وباليوم الآخر، وما يكون فيه من حساب وثواب وعقاب، وعلى سعة إدراكه وفهمه لتعاليم الإسلام وأبعاده، ومعرفته بالدنيا وزهده فيها، وسنقتطف طائفة من تلك الأقوال، لنقف على ما فيها من عمق المعاني، وبليغ العظات:
1- فمن ذلك قوله لأبي سلمة بن عبد الرحمن حين دعا له بالشفاء: "يا أبا سلمة إن استطعت أن تموت فمت، فوالذي نفس أبي هريرة بيده ليوشكن أن يأتي على العلماء زمن يكون الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر، أو ليوشكن أن يأتي على الناس زمان يأتي الرجل قبر المسلم فيقول: وددت أني صاحب هذا القبر".(1)
2- وقوله فيما رواه أبو المتوكل: "إن أبا هريرة كانت له زنجية قد غمُّتهم بعملها، فرفع عليها السوط يوماً، فقال: لولا القصاص لأغشيتك به، ولكن سأبيعك، ممن يوفني ثمنك، اذهبي فأنت لله".(2)
3- وقوله: "إن هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم، يعني الأموال والشهوات".

_______________
(1) ابن سعد: الطبقات 4/337.
(2) أبو نعيم: الحلية 2/384، وابن الجوزي: صفة الصفوة 1/692
1- وقوله فيما روي عن معمر: "أنه كان إذا مرت به جنازة قال: روحوا فإنا غادون، أو اغدوا فإنا رائحون

موعظة بلغية، وغفلة سريعة، يذهب الأول، ويبقى الآخر لاعقل له".(1)
2- وقوله حين قال له رجل من أهل المدينة بنى داراً: ما أكتب على باب داري؟، فقال: اكتب على بابها، ابن للخراب، ولد للثكل، واجمع للوارث.(2)
3- وقوله: "ما وجع أحب إلي من الحمى، لأنها تعطي كل مفصل قسطه من الوجع، وإن الله تعالى يعطي كل مفصل قسطه من الأجر".(3)
4- وقوله في مرضه:"اللهم إني أحب لقاءك، فأحب لقائي".(4)
5- وقوله لابنته: "لا تلبسي الذهب، فإني أخشى عليك اللهب".

وقد نهاها عن لبس الذهب ورعاً، وربما لأن لبسه قد يؤدي إلى الترف، المفضي أحياناً إلى الفتور عن العبادة، والتقصير في الطاعة، وإلا فإن التحلي به للنساء جائز شرعاً. عنده وعند غيره من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمة فيما نعلم، ما لم يكن للفخر أو الاختيال، فإنه يحرم، كمن جر ثوبه خيلاء. (5)
_______________________
(1) ابن كثير: البداية 8/114-115.
(2) أبو نعيم: الحلية 2/385.
(3) ابن الجوزي: صفة الصفوة 1/692.
(4) الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/625، وابن كثير: البداية والنهاية 8/118.
(5) الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/629.