يهـود كوشـين
Cochin Jews
«كوشين» مدينة هندية، وتُسمَّى بهذا الاسم أيضاً منطقة على ساحل مالابار تقع جنوب غربي الهند، وهي الآن جزء من ولاية كيرالا. وتضم كوشين جماعة يهودية متميِّزة تمثلت كثيراً من سمات الحضارة الهندية. وتعود أصول هذه الطائفة إلى عصور قديمة. ويَدَّعي يهود كوشين أنهم من قبيلة منَسَّى، وأنهم وصلوا إلى مالابار بعد هَدْم الهيكل. وفي حوزة يهود كوشين وثيقة مكتوبة على ألواح من النحاس تتضمن صك الانتماء إلى طائفة النبلاء، وقد منحها الراجا الهندي لليهودي يوسف رابان. وحسبما جاء فيها، فإن الصك يعطي يوسف هذا عدة مزايا، فقد أصبح من حقه أن يركب فيلاً، وأن يُحمَل في محفَّة، وأن يُحمَى من الشمس بمظلة من مظلات الدولة، ومن حقه أيضاً أن يفرض الضرائب، وأن تسبقه الطبول والمزامير كلما خرج إلى الشوارع، كما مُنح قرية انجوفانام على حدود كوشين يتوارثها أبناؤه من بعده. وقد كان يهود كوشين يساعدون الراجا في حروبه ضد الإمارات المجاورة، وانضمت إليهم عناصر يهودية جديدة في القرن السادس عشر (مع وصول الاستعمار الغربي)، فجاء يهود من هولندا وإسبانيا وألمانيا وحلب. وقد وقعت كوشين تحت حكم البرتغاليين (1502 ـ 1663). ولكن الراجا حمى اليهود من ممارسات البرتغاليين العنصرية، وعيَّن لهم رئيساً (مداليار). وقد أعقب ذلك مرحلة هولندية (1663 ـ 1795) كانت تتسم باستقرار اليهود النسبي حيث تَحوَّل بعض أعضاء الجماعة إلى وسطاء تجاريين، ونشأت علاقة بينهم وبين يهود هولندا. ثم جاء الاستعمار الإنجليزي بعد ذلك وعمَّق هذا الاتجاه.

ويُقسَّم يهود كوشين إلى:

1 ـ اليهود البيض أو «ميوحاسيم»، أي «المنتسب إلى»، ويُسمون أيضاً «بارناس» أي «شخص». فهم من نسل يهود أوربا الذين جاءوا مع الاستعمار وتزاوجوا مع أثرياء اليهود المحليين، وكونوا طائفة مغلقة متميِّزة عن اليهود السود.
2 ـ اليهود السود أو «ميشواريم».
3 ـ اليهود المعتَقين أو «ميشو حراريم».
ويشكل اليهود السود أغلبية أعضاء الجماعة اليهودية. أما اليهود البيض، فهم أقل عدداً، ولون جلدهم مختلف، وهم يدَّعون أنهم من نسل المهاجرين الأوربيين، وأن جلدهم قد اكتسب لونه الداكن نتيجة تَعرُّضهم للشمس الاستوائية. أما الفريق الثالث، فهو من سلالة عبيد الفريقين السابقين، أو ثمرة العلاقة بين اليهود البيض والسود من ناحية والمحظيات أو الجواري من ناحية أخرى. ولذا، يُقسَّم هذا الفريق أحياناً إلى مُعتَقين بيض ومُعتَقين سود.

ويهود كوشين مُستوعَبون تماماً في مجتمعهم الهندي، فهم يرتدون الأزياء الهندية ويتحدثون لغة المالايالام (وهي لغة سكان الهند الأصليين)، ويتحدث اليهود البيض منهم الإنجليزية إلى جانب هذه اللغة.

وقد ترك نظام الطوائف المغلقة فيهم أعمق الأثر. ولذا، فإن الفرق الثلاثة أو الأربعة لا تتزاوج فيما بينها إلا نادراً. ويعيش كلٌّ في حيٍّ مقصور عليه، ولا يسمح لأعضاء الفرق الأخرى بالسكنى فيه. ولم يكن من حق أعضاء الفريق الثالث، حتى عام 1932، أن يجلسوا في المعبد اليهودي أو يشاركوا في الصلوات. ويستخدم يهود كوشين العبرية في صلواتهم، وشعائرهم سفاردية مع بعض الأشكال الإشكنازية نتيجة الهجرة المُختلَطة في القرن السابع عشر. وكان عدد يهود كوشين عام 1781 نحو 422 أسرة، أي حوالي 2000 شخص. ونَقَص عددهم عام 1873 إلى 1039، وعام 1931 بلغ عددهم نحو 1774 حيث كانوا مُقسَّمين على النحو التالي: 1600 يهودي أسود، و144 أبيض، و30 ميشوحراريم أو مُعتَقين. وفي عام 1948، بلغ عددهم 2500، منهم مائة يهودي أبيض. وفي عام 1968، هاجر اليهود السود، ولم يهاجر من اليهود البيض أحد لأن الحكومة الهندية لم تسمح لهم بأخذ أموالهم.

ويبلغ عدد يهود كوشين الآن (في إسرائيل) ما يزيد على أربعة آلاف. وقد وُضعوا تحت الحجر الصحي بسبب انتشار مرض الفيل بينهم. ولا ندري هل اعترفت دار الحاخامية بهم يهوداً أم لا، فهم لا يعرفون إلا القليل من التلمود وتراث التوراة الشفوية بشكل عام. ويُقال إن عدد يهود كوشين المتبقين في الهند لا يزيد عن ثلاثين فرداً.

يهـود مانيبــور
Mainpur Jews
«مانيبور» منطقة في الهند، على حدودها مع بورما، تُوجَد فيها جماعة يهودية لا يزيد عددها عن مائة شخص. ويرى يهود مانيبور أن أصولهم تعود إلى يهود الصين، وأنهم هربوا من كايفنج منذ ثمانمائة عام أمام الغزو المغولي، ثم استوطنوا الكهوف في الهند الصينية ووصلوا مانيبور في القرن الثامن عشر. وقد نسي أعضاء الجماعة تراثهم اليهودي. وهم لا يمارسون معظم الشعائر، مثل الختان، ولا يعرفون التلمود، ونسوا حتى التوراة مثل يهود الصين. ولكن من المفارقات أنهم حينما احتكوا بالإرساليات المسيحية، اكتشفوا التوراة وبدأوا يمارسون بعض شعائرها، وإن كان بعضهم يمارس الشعائر المسيحية أو العبادات الوثنية السائدة في المنطقة مع الشعائر اليهودية جنباً إلى جنب. ويذهب يهود بني إسرائيل إلى أن يهود مانيبور ليسوا يهوداً، ولذا فإن عليهم التهود إن أرادوا الانضمام للجماعة اليهودية.

اليهـود البغداديـة
Baghdadi Jews
«يهود البغدادية» مجموعة من يهود بغداد السفارد هاجروا إلى الهند في القرن التاسع عشر، وكانوا على مستوى ثقافي راق كما كانوا من الأثرياء. وأسسوا كثيراً من الصناعات التي خلقت عدداً كبيراً من الوظائف. وقد رحب بهم يهود بني إسرائيل في البداية حيث لم يكن بينهم كاهن يقوم بالطقوس الكهنوتية، إلا أن اليهود البغدادية كونوا جماعة مستقلة عن يهود بني إسرائيل ويهود كوشين بسبب إحساسهم بالتفوق على أعضاء الجماعتين. ولذلك، أقام اليهود البغدادية سياجاً من العزلة حولهم وادعوا أن الدماء اليهودية الخالصة لا تسري إلا في عروقهم وحدهم. وأصبح لهم مؤسساتهم الدينية والخيرية المستقلة، وكانت لهم مدارسهم الخاصة التي يتم التدريس فيها بالإنجليزية. وقد بلغ إحساسهم بالتفوق أنهم كانوا لا يحسبون أعضاء بني إسرائيل ضمن النصاب اللازم لإقامة الصلاة في المعبد، كما لم يكن يُنادى على أيٍّ منهم لتلاوة التوراة. وحاولوا استبعادهم من استخدام الأسرَّة المخصصة لليهود في بعض المستشفيات، بل ومن العضوية في معبد رانجون. ولا يتزاوج اليهود البغدادية مع بني إسرائيل إلا في حالات نادرة. وقد بلغ تعداد اليهود البغدادية 6500 نسمة عام 1947، لكن هذا العدد تناقص بسبب الهجرة بحيث أصبح لا يزيد على الألف. ويبدو أنه لم يهاجر منهم سوى أعداد قليلة للغاية إلى إسرائيل، وربما يعود هذا إلى أن لديهم من رأس المال والخبرات ما يسمح لهم بالاستقرار في الغرب، تماماً كما استقرت النخبة الثرية والمثقفة من يهود المغرب العربي في فرنسا ولم تتجه إلى إسرائيل.