محاكمة ديمانجوك
Demanjuk Trial
جون ديمانجوك مواطنأمريكي من أصل أوكراني اتُهم بارتكاب جرائم حرب إبَّان الحرب العالمية الثانية. وأشارت الاتهامات والادعـاءات الموجَّهة إليه، إلى أنه كان يقاتل في صفوف الجيشالسوفيتي حينما وقع في أسـر الألمـان ورُحِّل إلى أحد معـسكرات أسرى الحرب. وأثناءذلك، وافق ديمانجوك على الانضمام إلى إحدى الوحدات العسكرية المشكلة من الأجانبوالعاملة في خدمة قوات الإس. إس. الألمانية. وقد تدرب أولاً في أعمال الحراسة ثمنُقل إلى معسكر تربلينكا حيث أشرف على غرف الغاز وأُطلق عليه لقب «إيفان الرهيب» بسبب قسوته البالغة، وظل في المعسكر حتى إغلاقه عام 1943. ومع انتهاء الحرب، انتقلديمانجوك إلى الولايات المتحدة حيث عاش حياة هادئة إلى أن علمت السلطات الأمريكيةبماضيه، فقامت بتجريده من جنسيته الأمريكية. وفي عام 1986، تم ترحيله إلى إسرائيلحيث قُدِّم للمحاكمة عام 1987 بعد أن وُجِّهت إليه اتهامات بالقتل وارتكاب جرائم ضدالإنسانية وارتكاب جرائم ضد الشعب اليهودي. وقد أكد الدفاع أن هناك خطأً ولبساً فيشخصية المتهم، فجون ديمانجوك ليس هو «إيفان الرهيب»، كما شكك الدفاع في الأدلةالمقدمة ضده وفي قدرة الشـهود على تذكر أحـداث جـرت منذ أكـثر من 54 عاماً. ورغمذلك، أُدين ديمانجوك بالتهم الموجهة إليه وحُكم عليه بالإعدام عام 1988.

وبطبيعة الحال، حاولت المؤسسة الصهيونية استثمار عملية المحاكمة نفسها، بغضالنظر عن نتائجها، في تحقيق أهدافها الخاصة برفع ما يُسـمَّى «الوعي اليهودي» بينالأجيـال الجـديدة من أعضاء الجماعات اليهودية. كما حـاولت تذكير العـالم (الغربي) بالجرم النازي ضد اليهود، وذلك في محاولة للتغطية على القمع الإرهابي الذي تمارسهإسرائيل للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية. ولكن محاكمة ديمانجوك تبين أن هذهالعملية تقترب من نهايتها. فقد اعترف بعض المسئولين الأمريكيين (في مكتب التحقيقياتالتابع لوزارة العدل الأمريكية) بجرمهم في إخفاء الأوراق التي تثبت أن ديمانجوك ليسإيفان الرهيب. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفتح كثير من الملفات السرية، ظهرتدلائل جديدة تؤكد أن ديمانجوك ليس هو إيفان الرهيب وأنه عمل حارساً في معسكر آخرغير تربلينكا. وكتبت النيويورك تايمز تقول إنه لابد من الإفراج عنه لعدم توافر أيةأدلة، ونبه باتريك بوكانان عن الحـزب الجمهــوري) إلى أن السـلطات الإســرائيليةتماطل في إصدار الحكم ببراءة ديمانجوك على أمل أن يمـوت في السجن ولا تضطر إسرائيلإلى الاعتراف بخطئها. بل إن الصحف الإسرائيلية ذاتها بدأت تنبه إلى أن الاستمرار فيمثل هذه المحاكمات قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ولعل حكم البراءة الذي اضطرت المحكمةالإسرائيلية العليا إلى إصـداره في عـام 1993 هو نهاية هذه المهزلة. وقد عادديمانجوك فيما بعد إلى الولايات المتحدة.

ســـيمون وزنتــال (1908?- )
Simon Wiesenthal
يهودي من أصل تشيكي تخصص في مطاردة مجرمي الحرب النازيين. وُلد وتعلم في تشيكوسلوفاكيا حيث حصل على شهادة في العمارة عام 1940.

اعتقله النازيون في الفترة 1941 - 1945. وبعد الحرب، انضم ويزنتال إلىاللجنة الأمريكية لجرائم الحرب. وأسس عام 1946، هو وآخرون، مركز التوثيق التاريخياليهودي الذي يوجد الآن في فيينا بالنمسا. وقد نجح ويزنتال في المساعدة على القبضعلى 1100 مجرم نازي من بينهم أيخمان. وقد نشر ويزنتال مقالاً في التورنتوستار (19مايو 1971) زعم فيه أن « عدة مئات » من مجرمي الحرب النازيين يعيشـون في كندا. وحينما شُـكِّلت لجنة للتحقيق لم يُقدَّم سـوى 217 اسماً، ولكن ثبت أن غالبيتهمالساحقة (187 اسماً) لم يدخلوا كندا قط، والباقون إما ماتوا أو غادروا كندا أو لميمكن العثور على أي دليل على تورطهم في جرائم الحرب، وقد أثر هذا كثيراً فيمصداقيته.

بعض التغيرات التي طرأت على الخطاب الغربي فيما يتصلبالإبادة النازية ليهود أوربا
Some Developments of the Western Discourse on the Nazi Extermination of European Jewry
رغم كل الهستريا الإعلامية الصهيونيةوغير الصهيونية ضد أية محاولة لتناول ظاهرة الإبادة بعقلانية واتزان، يمكن أن نلاحظتغيرات هامة بدأت تدخل على الخطاب الغربي فيما يتصل بالإبادة النازية:

1
ـبدأت محاولات إسرائيل في استخدام الإبادة لتبرير استمرارها في ارتكاب الجرائم ضدالفلسطينيين تصبح أمراً ممجوجاً، وبدأ بعض المفكرين اليهود وغير اليهود يُعبِّرونعن رفضهم لمثل هذا المنطق الابتزازي. كما بدأ كثير من يهود العالم يضيقون ذرعاًبجعل الإبادة هي النقطة المرجعية النهائية في رؤيتهم للكون والأغيار.

2
ـبدأ الخطاب السياسي في الغرب وفي إسرائيل يرفض التابو (التحريم) الذي يمنع تشبيهالإبادة النازية ليهود الغرب بأحداث مماثلة في التاريخ الماضي والوقت الحاضر. وقدتجرأ عدة متحدثين غربيين (من بينهم يهود) على تشبيه ما يحدث للفلسطينيين على يدالإسرائيليين بما حدث لليهود في أوربا على يد النازيين. فعلى سبيل المثال، صرحالكاتب الإسرائيلي يهوشاوا بأنه يفهم الآن سبب جهل الألمان بما حدث لليهود بعد أنرأى الإسرائيليين يرفضون معرفة ما يحدث للفلسطينيين. ويشير اليهود السفاردوالشرقيون إلى اليهود الغربيين بأنهم « إشكي نازي» وهو نوع من التلاعب بالألفاظيشير إلى أن ما كان محرماً أصبح مباحاً. ووصف البروفسير لايبوفيتز سياسة إسرائيل فيلبنان بأنها نازية يهودية (بالإنجليزية: جوديو/نازي Judeo-Nazi).

3
ـ نعتقدأن الأمور بعد توحيد ألمانيا وتحوُّلها إلى قوة عظمى ستتغيَّر كثيراً، وسيُنظَر إلىحادثة الإبادة النازية ليهود أوربا نظرة أكثر تفسيرية وتركيباً واتزاناً. كما أنكثيراً من الوثائق الألمانية والسوفيتية التي لم تُنشَر بعد ستجد طريقها إلى النشر. ولعل هذا يوفر جواً علمياً أكثر استقراراً وطمأنينة، بعيداً عن هستريا الأيقنةالكاملة للإبادة لصـالح اليهود، وعن هـسـتريا الإنكار الكـامل لها (بالمعنى العام،أي الإبادة عن طريق التجويع والسخرة؛ والمعنى الخاص، أي التصفية الجسدية).