700 - " أيما ناشئ نشأ في طلب العلم و العبادة حتى يكبر و هو على ذلك أعطاه الله يوم
القيامة ثواب اثنين و سبعين صديقا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 140 ) :

ضعيف جدا .

رواه تمام ( 29 / 112 / 1 رقم 2428 ) و ابن عبد البر في " جامع
العلم " ( 1 / 82 ) من طريق يوسف بن عطية قال : أخبرنا مرزوق - و هو أبو عبد
الله الحمصي - عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا
، من أجل يوسف بن عطية و هو الصفار البصري قال البخاري : " منكر الحديث " . و
قال النسائي و الدولابي : " متروك " . و من طريقه رواه الطبراني في " الكبير "
كما في " المجمع " ( 1 / 125 ) ثم قال : " و هو متروك الحديث " . و نقل المناوي
في " فيض القدير " عن " ميزان الذهبي " أنه قال : " هذا منكر جدا " . قلت : و
هذا صواب و لكن لم أره في ترجمة يوسف بن عطية من " الميزان " فلينظر .
(1/27)
________________________________________

701 - " كان نقش خاتم سليمان : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 140 ) :

موضوع .

رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 185 ) و ابن عدي ( 198 / 1 ) و تمام
الرازي ( 6 / 111 / 1 ) و ابن عساكر ( 7 / 288 / 1 ) من طريق شيخ بن أبي خالد
البصري : حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا . ساقه
العقيلي في ترجمة شيخ هذا و ساق له حديثين آخرين يأيتان قريبا ، ثم قال : "
كلها مناكير ليس لها أصل إلا من حديث هذا الشيخ " . و قال ابن عدي فيها : "
بواطيل " . و قال ابن حبان ( 1 / 360 ) : " لا يجوز الاحتجاج به بحال " . ثم
ساق له ثلاثة أحاديث هذا أحدها . ثم قال : " ثلاثتها موضوعات ، لا رسول الله
صلى الله عليه وسلم قاله ، و لا جابر رواه ، و لا عمرو حدث به ، و لا حماد بن
سلمة " ، و الثاني من الأحاديث الثلاثة يأتي بعد حديث . و قال الذهبي في ترجمته
: " شيخ مجهول دجال ، قال الحاكم : روى عن حماد بن سلمة أحاديث موضوعات في
الصفات و غيرها " . ثم قال الذهبي : " فمن أباطيله عن حماد ..... " فذكر له هذا
الحديث و الذي بعده . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن
عدي ثم قال : ( 1 / 201 ) : " لا يصح ، شيخ يروي الأباطيل ، لا يحتج به " . و
تعقبه السيوطي بأنه ورد من طريق آخر عن عبادة بن الصامت . قلت : و فيه متهم فلا
طائل من هذا التعقب كما يأتي بعده . و روي موقوفا على ابن عباس ! أخرجه السهمي
في " تاريخ جرجان " ( 169 ) ، و فيه داود بن سليمان الجرجاني و هو كذاب . و أما
حديث عبادة فهو : " كان فص خاتم سليمان بن داود سماويا ، فألقي إليه فأخذه
فوضعه في خاتمه ، و كان نقشه : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد عبدي و رسولي "
.
(1/28)
________________________________________

702 - " إن الرجل إذا ولي ولاية تباعد الله عز وجل منه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 140 ) :

لا أصل له .

ذكره الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 129 ) من حديث أبي ذر
مرفوعا ، فقال الحافظ العراقي في " تخريجه " : " لم أقف له على أصل " .
(1/29)
______________________________________

703 - " كان فص خاتم سليمان بن داود سماويا ، فألقي إليه فأخذه فوضعه في خاتمه ، و
كان نقشه : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد عبدي و رسولي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 141 ) :

موضوع .


رواه الطبراني و عنه ابن عساكر ( 7 / 288 / 1 ) عن مخلد الرعيني :
حدثنا حميد بن محمد الحمصي عن أرطاة بن المنذر عن خالد بن معدان عن عبادة بن
الصامت مرفوعا . ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 171 ) شاهدا للحديث الذي
قبله فأساء ، لأن الرعيني هذا قال ابن عدي : " حدث بالأباطيل " ثم ذكر له من
أباطيله حديثين سبق أحدهما و هو " التراب ربيع الصبيان " رقم ( 410 ) . و الآخر
يأتي بعد برقم ( 1252 ) إن شاء الله تعالى . و حميد بن محمد الحمصي لم أجده . و
الله أعلم .
(1/30)
________________________________________

704 - " أهل الجنة جرد إلا موسى بن عمران ، فإن له لحية إلى سرته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 142 ) :

باطل .

رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 185 ) و ابن عدي ( 198 / 1 ) و
الرازي في " فوائده " ( 6 / 111 / 1 ) عن شيخ بن أبي خالد البصري : حدثنا حماد
بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا . و قال العقيلي : " منكر ليس له
أصل إلا من حديث هذا الشيخ " . و قال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى : " و
هذه بواطيل كلها " . قلت : و هو متهم بالوضع ، و قد ذكر له الذهبي أباطيل هذا
أحدها ، و الثاني سبق قبله بحديث . و هذا الحديث أورده ابن الجوزي في "
الموضوعات " من رواية ابن عدي عن شيخ به . و قال ( 3 / 258 ) : " قال ابن حبان
: موضوع ، شيخ بن أبي خالد كان يروي عن الثقات المعضلات لا يحتج به بحال " . و
أقره السيوطي في " اللآلئ " ( 2 / 456 ) .
(1/31)
________________________________________

706 - " كان إذا سمع المؤذن قال : ( حي على الفلاح ) قال : اللهم اجعلنا مفلحين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 143 ) :

موضوع .

رواه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 90 ) عن أبي داود
سليمان بن سيف : حدثنا عبد الله بن واقد عن نصر بن طريف عن عاصم بن بهدلة عن
أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعا . قلت : و هذا إسناد موضوع ، آفته
نصر بن طريف ، قال النسائي و غيره : " متروك الحديث " . و قال يحيى بن معين : "
من المعروفين بوضع الحديث " . و قال الفلاس : " و ممن أجمع عليه أهل العلم <1>
أنه لا يروى عنهم قوم منهم نصر هذا " . و عبد الله بن واقد هو الحراني ، و هو
ضعيف جدا ، قال البخاري : " تركوه منكر الحديث " . و قال في موضع آخر : " سكتوا
عنه " . و قال النسائي : " ليس بثقة " . و ضعفه الجريري جدا . و سليمان بن سيف
( و في الأصل : يوسف خطأ ) هو الحراني ثقة ، فالآفة ممن فوقه . و من عجائب
السيوطي أنه أورد الحديث برواية ابن السني هذه في " الدرر المنتثرة " ( ص 86 )
و سكت عليه مع أنه ألفه لأجل " بيان حال الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة العامة
و من ضاهاهم من الفقهاء الذين لا علم لهم بالحديث " ! و أسوأ من ذلك أنه أورده
في " الجامع الصغير من حديث البشير النذير " !

-----------------------------------------------------------
[1] وقع في " الميزان " و اللسان " : " ...... من أهل الكذب ..... " و هو خطأ
فاحش ، صححته من " الجرح و التعديل " . اهـ .
(1/32)
________________________________________

707 - " كان إذا اهتم قبض على لحيته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 143 ) :

ضعيف .

رواه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 345 ) و تمام الرازي في "
فوائده " ( 6 / 111 ) : أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام
الكندي ابن بنت عديس : حدثنا أبو زيد الحوطي : حدثنا محمد بن مصعب : حدثنا
الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف
، جعفر بن محمد هذا لم أجد له ترجمة . و أبو زيد الحوطي اسمه أحمد بن عبد
الرحيم قال ابن القطان : " لا يعرف حاله " . و محمد بن مصعب هو القرقساني ضعيف
لكثرة خطأه ، و قال ابن حبان : " يروي عن الثقات ما لا أصل له من حديث الأثبات
" . قلت : لكنه عند ابن حبان من طريق أبي حريز سهل مولى المغيرة عن الزهري عن
أبي سلمة عن أبي هريرة به . و قال : " أبو حريز يروي عن الزهري العجائب " . و
الحديث أورده السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن السني و أبي نعيم في "
الطب " عن عائشة ، و أبي نعيم عن أبي هريرة " . و لم يتكلم شارحه المناوي على
حديث عائشة بشيء ، و قد عرفت علته ، و إنما حصر كلامه في حديث أبي هريرة فقال :
" قال الزين العراقي : إسناده حسن ا هـ . لكن أورده في " الميزان " و " لسانه "
في ترجمة سهل مولى المغيرة من حديث أبي هريرة فقال : قال ابن حبان : لا يحتج به
، يروي عن الزهري العجائب ، و رواه البزار عن أبي هريرة قال الهيثمي : و فيه
رشدين ضعفه الجمهور " . قلت : و هو في " زوائد البزار " ( ص 25 - 26 ) من طريق
رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به . و رواه ابن عدي
( ق 188 / 2 ) عن سهل المتقدم عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة عن عائشة . و قال
: " سهل عامة ما يرويه لا يتابع عليه و هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق " . و
بالجملة فالحديث ضعيف من جميع طرقه ، لضعف رواته و اضطرابهم في إسناده . و روى
عن عائشة بلفظ : " كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه و لحيته و تنفس صعداء ،
و قال حسبي الله و نعم الوكيل ، فيعرف بذلك شدة غمه " . رواه أبو بكر الكلاباذي
في " مفاتيح المعاني " ( 258 / 2 ) : حدثنا أبو بكر محمد عبد الله الفقيه :
حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن علي : حدثنا أبو سفيان الغنوي : حدثنا أحمد
بن الحارث : حدثتني أمي أم الأزهر عن سدرة مولاة ابن عامر قالت : سمعت عائشة
تقول : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، آفته أحمد بن الحارث قال
أبو حاتم : " متروك الحديث " . و قال البخاري : " فيه نظر " . و من فوقه لم أجد
من ذكرهما . و الحديث حسن إسناده الهيثمي في " أسمى المطالب " ( 46 / 1 ) فلعله
بزعمه لطرقه ! أو تقليدا منه للعراقي !
(1/33)
________________________________________

708 - " كان لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بسراج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 144 ) :

موضوع .

ابن سعد ( 1 / 387 ) و تمام ( 9 / 141 / 1 ) من طريق يحيى بن يمان
عن سفيان عن جابر عن أم محمد عن عائشة مرفوعا . قلت : و هذا موضوع ، و آفته
جابر ، و هو ابن يزيد الجعفي ، و هو كذاب كما قال أبو حنيفة و ابن معين و
الجوزجاني و غيرهم . و أم محمد هذه لم أعرفها ، و لعلها زوجة زيد بن جدعان . و
يحيى بن يمان ضعيف من قبل حفظه ، و لكن الحديث أورده الذهبي عن أبي محمد عن
عائشة به . ثم قال : " رواه إبراهيم بن شماس عن يحيى القطان عن سفيان عن جابر
الجعفي عن أبي محمد ، قال ابن حبان : و جابر قد تبرأنا من عهدته ، و أبو محمد
هذا لا يجوز الاحتجاج به " . قلت : فقد تابع يحيى بن يمان يحيى القطان ، فالآفة
من جابر أو شيخه . و الحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن سعد في
الطبقات " عن عائشة ، و تعقبه المناوي بقول ابن حبان المذكور آنفا . و ذكر أن
البزار رواه أيضا . و بالجملة فالحديث موضوع بهذا الإسناد و الله أعلم ! ثم
رأيت الحديث في " المجمع " ( 8 / 60 - 61 ) و قال : " رواه البزار ، و فيه جابر
بن يزيد الجعفي و هو متروك " .
(1/34)
________________________________________

709 - " إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 145 ) :

موضوع .

رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " قال : " حدثنا محمد بن عبد
الرحمن بن ريسان : حدثنا محمد بن الواقدي : حدثنا شعيب بن طلحة بن <1> عبد الله
بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : حدثني أبي ، عن أبيه عن جده عن أبي بكر
مرفوعا . نقلته من " الميزان " ، أورده في ترجمة الواقدي . قلت : و هذا سند
هالك ، و فيه آفات و علل : 1 - طلحة بن عبد الله ، مجهول الحال ، قال يعقوب بن
شيبة : " لا علم لي به " ، و وثقه ابن حبان على قاعدته . 2 - شعيب بن طلحة ،
مثل أبيه ، قال ابن معين : " لا أعرفه " . و قال معن ( ابن عيسى ) : " لا يكاد
يعرف " . و تباين فيه رأي أبي حاتم ، و الدارقطني فقال الأول : " لا بأس به " !
و قال الآخر : " متروك " . 3 - الواقدي و هو كذاب كما قال الإمام أحمد ، و قال
ابن المديني و ابن راهويه و أبو حاتم و النسائي : " يضع الحديث " . 4 - ابن
ريسان قال الخطيب و محمد بن مسلمة : " كذاب " .
( تنبيه ) و ما سبق من أقوال الأئمة في الواقدي ، جرح مفسر لا خفاء فيه ، فلا
تلتفت بعد ذلك إلى محالة ابن سيد الناس في مقدمة كتابه " عيون الأثر " ( ص 17 -
21 ) المدافعة عنه اعتمادا منه على توثيق من وثقه ، ممن لم يتبين له حقيقة أمره
، و لا إلى قول ابن الهمام معبرا عن رأي الحنفية فيه : " و الواقدي عندنا حسن
الحديث " ، كما نقله الشيخ أبو غدة الكوثري ( ! ) في تعليقه على " قواعد في
علوم الحديث " للتهانوي ( ص 349 ) ، بمناسبة قول التهانوي هذا في صدد رده على
قول الحافظ في " الفتح " : " و قد تعصب مغلطاي للواقدي ، فنقل كلام من قواه و
وثقه ، و سكت عن ذكر من وهاه و اتهمه ، و هم أكثر عددا و أشد إتقانا ، و أقوى
معرفة من الأولين ... و قد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه " . فرده التهانوي
بقوله : " و لم يتعصب مغلطاي للواقدي ، بل استعمل الإنصاف ، فإن الصحيح في
الواقدي التوثيق " ! أقول : فلا تغتر بهؤلاء الذين مالوا إلى توثيقه ، فإنهم
خالفوا القاعدة المتفق عليها عند المحدثين أن الجرح المفسر مقدم على التعديل ،
و لعل الحنفية يقولون هنا كما قالوا فيما جرح به أبو حنيفة رحمه الله : إن مصدر
ذلك التعصب ! و بذلك طعنوا في أئمة المسلمين بغير حق ، في سبيل تخليص رجل منهم
مما قيل فيه بحق . فاعتبروا يا أولي الأبصار . و بعد كتابة ما سبق رأيت للشيخ
زاهد الكوثري كلاما حسنا حول جرح الواقدي اتبع هنا سبيل أئمة الحديث و أقوالهم
، فأرى أنه لا بأس من نقل كلامه ملخصا ، لا احتجاجا به - فليس هو عندنا في موضع
الحجة - و إنما ردا به على متعصبة الحنفية - و هو منهم - الذين لا يبالون
بمخالفة أقوال أئمة الحديث و نقاده ، إذا كان لهم في ذلك هوى ، كما فعل
التهانوي ، و قلده أبو غدة الكوثري ، مع أنه خلاف قول شيخه الكوثري الذي يفخر
بالانتساب إليه ، فقد قال في " مقالاته " ( ص 41 - 44 ) في صدد رده على من احتج
بحديث الواقدي المتقدم برقم ( 14 ) : " انفرد بروايته من كذبه جمهرة أئمة النقد
بخط عريض ، فقال النسائي في " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول
الله صلى الله عليه وسلم أربعة : الواقدي بالمدينة . و قال البخاري : قال أحمد
: الواقدي كذاب . و قال ابن معين : ضعيف ليس بثقة . و قال أبو داود : لا أشك
أنه كان يفتعل الحديث . و قال أبو حاتم : كان يضع . كما في " تهذيب التهذيب " و
غيره . و جرح هؤلاء مفسر لا يحتمل أن يحمل التكذيب في كلامهم على ما يحتمل
الوهم كما ترى ، و إنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث
الصناعة الحديثية هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ ، لا
النظر إلى ما في نفس الأمر ، لأنه غيب . فالعمدة في هذا الباب هي علم أحوال
الرواة ، و احتمال أن يصدق الكذاب في هذه الرواية مثلا احتمال لم ينشأ من دليل
فيكون وهما منبوذا " . و من الغرائب أن يغتر بتوثيق الواقدي بعض متعصبة الشافية
، ما سبب ذلك إلا غلبة الأهواء ، و الجهل بهذا العلم على كثير من الكتاب
كالدكتور البوطي الذي اعتمد على روايات الواقدي و صححها في كتابه " فقه السيرة
" ، كما تراه مفصلا في ردي عليه في رسالة مطبوعة ، فليراجعها من شاء . و قد قصر
الكلام على الحديث بعض الأئمة ! فأعله الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 360 )
بالواقدي فقط ، فقال : " و هو ضعيف جدا " . و نقله عنه المناوي في " الفيض "
بإسقاط لفظ " جدا " ! و أغرب منه قول الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( 206 ) :
" و رجاله موثقون ، إلا أنه نقل عن الدارقطني في شعيب أنه متروك ، و الأكثر على
قبوله " . قلت : و هذا قصور فاحش من مثل هذا الحافظ ، فكيف يصح إعلال الحديث
برجل مختلف فيه و لم يتهم ، و في الطريق إليه كذابان ؟! و ممن قصر فيه أيضا
الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " ( 1 / 213 ) ، فإنه نقل كلام السخاوي باختصار
، و أقره ! و لا عجب في ذلك فهو في الحديث ناقل مقلد ، و ليس بالعالم المجتهد .
أقول : و حري بمثل هذا الحديث الباطل أن لا يرويه إلا مثل هذين الكذابين ، فإنه
حديث خطير يقضي على باب كبير من أبواب التربية و الإصلاح في الشرع ، ألا و هو
باب الوعيد و ما فيه من الآيات و الأحاديث في إيعاد العصاة من هذه الأمة بالنار
الموقدة *( التي تطلع على الأفئدة )* ، و الأحاديث الصحيحة في بيان هذا كثيرة
جدا أذكر بعض ما يحضرني الآن منها على سبيل المثال : 1 - " ثلاث لا يكلمهم الله
يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم : المسبل إزاره و
المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة ، و المنفق سلعته بالحلف الكاذب " . رواه
مسلم عن أبي ذر و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 892 ) و " تخريج الحلال " (
170 ) . 2 - " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لا ينظر إليهم و
لهم عذاب أليم : شيخ زان ، و ملك كذاب و عائل مستكبر " . رواه مسلم عن أبي
هريرة . 3 - قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة : " حتى إذا فرغ الله من
القضاء بين عباده و أراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا
إله إلا الله أمر الله الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ، و
حرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، فيخرجونهم قد امتحشوا "
<2> رواه الشيخان عن أبي هريرة . و في حديث أبي سعيد : فيخرجون خلقا كثيرا قد
أخذت النار إلى نصف ساقيه ، و إلى ركبتيه و ... " . رواه مسلم . فهذه الأحاديث
و غيرها صريحة في بطلان هذا الحديث ، إذ كيف يكون العذاب أليما و هو كحر الحمام
؟! بل كيف يكون كذلك و قد أحرقتهم النار ، و أكلت لحمهم ، حتى ظهر عظمهم ؟! و
بالجملة فأثر هذا الحديث سيء جدا لا يخفى على المتأمل فإنه يشجع الناس على
استباحة المحرمات ، بعلة أن ليس هناك عقاب إلا كحر الحمام !

-----------------------------------------------------------
[1] الأصل : حدثنا ، و التصويب من " المقاصد الحسنة " و تراجم الرجال .
[2] أي احترقوا ، و المحش احتراق الجلد و ظهور العظم . كذا في " الفتح " . اهـ
.
(1/35)
________________________________________

710 - " كان يستعط بدهن الجلجان إذا وجع رأسه . يعني دهن السمسم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 148 ) :

لا يصح .

رواه المخلص ( 203 / 2 ) عن عثمان بن عبد الرحمن عن أبي جعفر عن
أبيه عن علي مرفوعا . قلت : و عثمان هذا هو الوقاصي و هو كذاب كما مضى
مرارا . و الحديث ذكره السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن سعد عن أبي
جعفر مرسلا . و لم يتكلم عليه المناوي بشيء فإن كان في طريقه الوقاصي هذا
فالحديث موضوع ، و إلا فينظر فيه . ثم رأيت ابن سعد أخرجه في " الطبقات " : ( 1
/ 448 ) من طريق إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر به نحوه و زاد : " و يغسل رأسه
بالسدر " . قلت : و جابر هو ابن يزيد الجعفي ، و هو متهم كما تقدم ( 708 ) .
(1/36)
************************************
يتبع ان شاء الله...