901 - " خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين : صلاتهم و صيامهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 302 ) :

موضوع .

رواه ابن ماجه رقم ( 712 ) عن بقية عن مروان بن سالم عن عبد العزيز
بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا . قلت : قال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 47 / 2 ) : " هذا إسناد ضعيف ، لتدليس بقية بن الوليد " . قلت : شيخه
مروان شر منه ، قال فيه البخاري و غيره : " منكر الحديث " . و قال أبو عروبة
الحراني : " يضع الحديث " ، و قال ابن حبان ( 2 / 317 ) : " كان ممن يروي عن
المشاهير المناكير ، و يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات " .
(2/400)
________________________________________

902 - " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله و الصلاة علي فهو أقطع أبتر ، مسحوق من
كل بركة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 303 ) :

موضوع .

رواه السبكي في " طبقات الشافعية الكبرى " ( 1 / 8 ) من طريق
إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة مرفوعا . و قال ( 1 / 10 ) : " لا يثبت " . قلت : بل هو موضوع بهذا
السياق ، و آفته إسماعيل هذا ، قال الدارقطني : " متروك الحديث " . قلت و قد
روي الحديث من طريق أخرى عن الزهري به دون ذكر الصلاة ، و دون قوله " أبتر ....
" و هو ضعيف الإسناد كما حققته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
" ( رقم 1 و 2 ) .
(2/401)
________________________________________

903 - " إذا توضأتم فأشربوا أعينكم الماء ، و لا تنفضوا أيديكم من الماء ، فإنها
مراوح الشيطان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 303 ) :

موضوع .

أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 36 رقم 73 ) و ابن حبان في
" المجروحين " ( 1 / 194 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 40 / 1 ) من طريق البختري
بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال ابن أبي حاتم : " سألت أبي
عنه ؟ فقال : هذا حديث منكر ، و البختري ضعيف الحديث ، و أبوه مجهول " . و كذا
قال ابن عدي أن الحديث منكر . قلت : و البختري هذا متهم ، قال أبو نعيم : " روى
عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات " ، و كذا قال الحاكم و النقاش ، و قال ابن حبان
: " روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب ، كان يسرق الحديث ، و ربما قلبه
" . قلت : و حديثه هذا من الأدلة على ذلك ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم ما
يقطع كل عارف بهديه صلى الله عليه وسلم في طهوره أنه لم يكن يفعل بمقتضى هذا
الحديث ، بل صح عنه ما يخالفه في شطره الثاني ، فقد أخرج الشيخان و غيرهما عن
ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم
غسلا فسترته بثوب ، و صب على يديه فغسلها ، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه ،
فضرب بيده الأرض فمسحها ، ثم غسلها ، فمضمض و استنشق ، و غسل وجهه و ذراعيه ،
ثم صب على رأسه ، و أفاض على جسده ، ثم تنحى فغسل قدميه ، فناولته ثوبا ، فلم
يأخذه ، فانطلق و هو ينفض يديه . و من تراجم البخاري لهذا الحديث : " باب نقض
اليدين من الغسل عن الجنابة " . قال الحافظ : " استدل به على جواز نقض ماء
الغسل و الوضوء ، و هو ظاهر قال : و فيه حديث ضعيف أورده الرافعي و غيره " ، ثم
ذكر هذا ثم قال : " قال ابن الصلاح : " لم أجده " . و تبعه النووي ، و قد أخرجه
ابن حبان في " الضعفاء " و ابن أبي حاتم في " العلل " من حديث أبي هريرة ، و لو
لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا لأن يحتج به " . و قال ابن عدي في "
الكامل " في ترجمة البختري ( ق 140 / 1 ) : " روى عن أبيه عن أبي هريرة قدر
عشرين حديثا ، عامتها مناكير ، فمنها : أشربوا أعينكم الماء " . و قال الذهبي :
" هذا أنكرها " . إذا عرفت هذا فمن العجائب قول بعضهم : أن الأولى ترك النفض
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم " ! فاحتج بالحديث
الضعيف ! و تأول بعضهم من أجله الحديث الصحيح الذي ذكرته فحمل النقض المذكور
فيه على تحريك اليدين في المشي ، حكاه القاضي عياض و رده بقوله : " و هو تأول
بعيد " . فتعقبه الشيخ علي القاري في " المرقاة " بقوله ( 1 / 325 ) : " قلت :
و إن كان التأويل بعيدا فالحمل عليه جمعا بين الحديثين أولى من الحمل على ترك
الأولى " ! قلت : و كأنه خفي عليه ضعف هذا الحديث و إلا فمثله لا يخفى عليه أنه
لا يسوغ تأويل النص الصحيح من أجل الضعيف ، فهذا من آثار الأحاديث الضعيفة و
الجهل بها ، فتأمل . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( ج 1 / 50 /
1 ) بهذا السياق من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة . و أورده
فيه ( 1 / 101 / 2 ) و في " الصغير " بلفظ " أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء ،
و لا تنفضوا ... " الحديث من رواية أبي يعلى و ابن عدي ، و زاد في " الكبير " :
" و ابن عساكر " و قال فيه : " و البختري ضعفه أبو حاتم ، و تركه غيره " ثم ذكر
قول ابن عدي المتقدم أن الحديث من مناكيره .
(2/402)
________________________________________

904 - " نسخ الأضحى كل ذبح و صوم رمضان كل صوم و الغسل من الجنابة كل غسل ، و الزكاة
كل صدقة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 304 ) :

ضعيف جدا .

رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 543 ) من طريق الهيثم بن سهل :
المسيب بن شريك : أخبرنا عبيد المكتب عن عامر عن مسروق عن علي مرفوعا ، و
قال : " خالفه المسيب بن واضح عن المسيب - هو ابن شريك - و كلاهما ضعيفان ، و
المسيب ابن شريك متروك " . ثم ساقه من طريق ابن واضح : أخبرنا المسيب بن شريك
عن عتبة بن يقظان عن الشعبي عن مسروق به و قال : " عتبة بن يقظان متروك أيضا "
. و رواه البيهقي ( 9 / 261 - 262 ) عن ابن شريك بالوجهين ، و نقل عن الدارقطني
ما سبق من التضعيف الشديد ، و أقره عليه ، و نقل الزيلعي في " نصب الراية " ( 4
/ 208 ) عنه أنه قال : إسناده ضعيف بمرة " . و أقره عليه . و من آثار هذا
الحديث السيئة أنه صرف جما غفيرا من هذه الأمة ، عن سنة صحيحة مشهورة ، ألا و
هي العقيقة ، و هي الذبح عن المولود في اليوم السابع ، عن الغلام شاتين و عن
الأنثى شاة واحدة ، و قد جاء في ذلك أحاديث كثيرة تراجع في كتاب " تحفة الودود
في أحكام المولود " للعلامة ابن القيم ، أجتزئ هنا بإيراد واحد منها و هو قوله
صلى الله عليه وسلم : " مع الغلام عقيقه ، فأهريقوا عنه دما " . رواه البخاري (
9 / 486 ) و غيره من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا . لقد ترك العمل بهذا
الحديث الصحيح و غيره مما في الباب حتى لا تكاد تسمع في هذه البلاد و غيرها أن
أحدا من أهل العلم و الفضل - دع غيرهم - يقوم بهذه السنة ! و لو أنهم تركوها
إهمالا كما أهملوا كثيرا من السنن الأخرى لربما هانت المصيبة ، و لكن بعضهم
تركها إنكارا لمشروعيتها ! لا لشيء إلا لهذا الحديث الواهي ! فقد استدل به بعض
الحنفية على نسخ مشروعية العقيقة ! فإلى الله المشتكى من غفلة الناس عن
الأحاديث الصحيحة ، و تمسكهم بالأحاديث الواهية و الضعيفة .
(2/403)
________________________________________

905 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه ، و إذا أتي بالتمر جالت يده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 305 ) :

موضوع .

رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 106 / 1 ) و ابن حبان ( 2 /
165 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 254 / 2 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى
الله عليه وسلم " ( ص 222 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 11 / 95 ) و اللفظ
له من طريق عبيد بن القاسم : أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا
. قلت : و هذا سند موضوع ، آفته عبيد هذا و هو ابن أخت سفيان الثوري كذبه ابن
معين . و قال صالح جزرة : " يضع الحديث " . و كذا قال أبو داود كما في "
الميزان " . ثم ساق له أحاديث هذا أحدها و قال ابن حبان : " كان يروي عن هشام
بنسخة موضوعة لا يحل كتابة حديثه إلا على وجه التعجب " : و الحديث مما سود به
السيوطي كتابه " الجامع الصغير " أورده فيه من رواية الخطيب فقط ! و تعقبه
المناوي فأجاد قائلا : " و ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه و سكت عليه و
هو تلبيس فاحش ، فقد تعقبه بما نصه : قال أبو علي ( صالح بن محمد جزرة ) : هذا
كذب و عبيد بن أخت سفيان كان يضع الحديث ، و له أحاديث مناكير ا هـ كلامه " .
أورده الهيثمي ( 5 / 27 ) و قال : " رواه البزار و فيه خالد بن إسماعيل و هو
متروك " . قلت : و الشطر الثاني منه رواه أبو الشيخ من طريق رجل من بني ثور عن
هشام بن عروة به . و هذا الرجل الذي لم يسم هو عبيد بن القاسم الكذاب المذكور
في الطريق الأولى لأنه ابن أخت سفيان الثوري كما سبق ، و هذا من الأدلة الكثيرة
على عدم الاحتجاج بحديث المجهولين لاحتمال أن يكونوا من الضعفاء ، أو الكذابين
، فلا يجوز الاحتجاج بهم حتى ينكشف حقيقة أمرهم . و لعل ما يتداوله أهل الشام
فيما بينهم و هم يتفكهون : " كل شيء بحشمة إلا التوت " أصله هذا الحديث الموضوع
! و له شاهد ضعيف من قوله صلى الله عليه وسلم ، سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى
برقم ( 1127 ) .
(2/404)
________________________________________

906 - " كرسيه موضع قدمه ، و العرش لا يقدر قدره " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 306 ) :

ضعيف .

رواه الضياء في " المختارة " ( 252 / 1 - 2 ) عن شجاع بن مخلد
الفلاس عن أبي عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله *( وسع كرسيه
السموات و الأرض )* قال : فذكره . و رواه من طرق أخرى عن أبي عاصم به موقوفا
على ابن عباس و قال : " إنه الأولى " . و الموقوف أخرجه الطبراني في " معجمه
الكبير " ( ج 3 ) و قد فاتني موضعه منه ، و غالب الظن أنه بين الورقة ( 150 و
الورقة 170 ) و قال الهيثمي ( 6 / 323 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . و كذلك
أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " العرش " ( 114 / 2 ) و الحاكم ( 2 / 282
) عن أبي عاصم به موقوفا و قال : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي . و
رواه ابن مردويه من طريق شجاع بن مخلد به مرفوعا كما في " تفسير ابن كثير " و
قال : " و هو غلط . و رواه ابن مردويه من طريق الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي و
هو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا و لا يصح أيضا " . و روى ابن
أبي شيبة أيضا ( 114 / 1 - 2 ) و ابن جرير في تفسيره ( 5 / 398 طبع ... ) و
البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 290 - هند ) عن عمارة بن عمير عن أبي موسى
قال : " الكرسي موضع القدمين ، و له أطيط كأطيط الرجل " . قلت : و إسناده صحيح
إن كان عمارة بن عمير سمع من أبي موسى ، فإنه يروي عنه بواسطة ابنه إبراهيم بن
أبي موسى الأشعري ، و لكنه موقوف ، و لا يصح في الأطيط حديث مرفوع ، كما تقدم
تحت رقم ( 866 ) ، و انظر تفسير ابن كثير ( 2 / 13 - 14 طبع المنار ) .
(2/405)
________________________________________

907 - " أعتقوا عنه ، يعتق الله بكل عضو منه ، عضوا منه من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 307 ) :

ضعيف .

رواه أبو داود ( 2964 ) و عنه الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 2 /
45 - طبع الرياض ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 315 ) و الحاكم ( 2 / 212 ) و
عنه البيهقي ( 8 / 132 - 133 و 133 ) و أحمد ( 3 / 471 ) عن ضمرة بن ربيعة عن
إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف بن الديلمي قال : " أتينا واثلة بن الأسقع
فقلنا له : حدثنا حديثا ليس فيه زيادة و لا نقصان ، فغضب و قال : إن أحدكم
ليقرأ و مصحفه معلق في بيته فيزيد و ينقص ! قلنا : إنما أردنا حديثا سمعته من
النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب
لنا أوجب - يعني النار - بالقتل ، فقال : فذكره . ثم رواه الطحاوي ( 1 / 314 )
و أحمد ( 4 / 107 ) من طريق عبد الله بن المبارك ، و الخطيب من طريق يحيى بن
حمزة ، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريق بن عياش به مختصرا بلفظ : أتى
النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم ، فقالوا : إن صاحبا لنا أوجب ، قال
: " فليعتق رقبة ، يفدي الله بكل عضو منها عضوا منه من النار " . ثم رواه أحمد
( 3 / 490 ) من طريق أبي علاثة قال : حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن واثلة بن
الأسقع به . و أسقط من الإسناد الغريق هذا . و ابن علاثة فيه ضعف . قلت و
الإسناد ضعيف من أجل الغريق فإنه لم يرو عنه غير إبراهيم بن أبي عبلة ، و لم
يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 183 ) . قال الحافظ في " التهذيب " : " و قال ابن حزم
: مجهول . و ذكره بالعين المهملة " . قلت : و كذلك وقع في " مستدرك الحاكم " و
قال : " عريف هذا لقب عبد الله بن الديلمي ، حدثنا بصحة ما ذكرته أبو إسحاق
إبراهيم ابن فراس الفقيه : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي : حدثنا عبد الله بن يوسف
التنيسي : حدثنا عبد الله بن سالم : حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال : كنت جالسا
بـ ( ريحاء ) فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئا على عبد الله بن الديلمي ، فأجلسه
، ثم جاء إلي فقال : عجب ما حدثني هذا الشيخ ، يعني واثلة ، قلت : ما حدثك ؟
فقال : حدثني : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتاه
نفر من بني سليم فقالوا .... " . قلت : فذكر الحديث مثل رواية ضمرة ثم قال
الحاكم : " فصار الحديث بهذه الروايات صحيحا على شرط الشيخين " . قلت : و وافقه
الذهبي ، و ليس كذلك لأمرين : الأول : أن هذه الرواية التي ساقها مستدلا على
صحة ما ذكر ، فيها الدمياطي و هو ضعيف . لكنه قد توبع فقال الطحاوي ( 1 / 316 )
: حدثنا علي بن عبد الرحمن : حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي : حدثنا عبد الله
بن سالم به . و علي بن عبد الرحمن هو المعروف بـ ( علان ) المصري ، قال ابن أبي
حاتم ( 3 / 1 / 195 ) : " صدوق " . و تابعه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : حدثنا
عبد الله بن يوسف به . أخرجه ابن حبان ( 1206 ) . ثم رواه الطحاوي من طريق
الوليد بن مسلم : حدثني مالك بن أنس و غيره عن إبراهيم بن أبي عبلة أنه حدثهم
عن عبد الله بن الديلمي عن واثلة نحو حديث ابن المبارك . قلت : فهذا كله يصحح
ما ذكره الحاكم أن الغريف لقب لعبد الله بن الديلمي ، أو على الأصح يدل على أن
اسم الغريف عبد الله ، و هي فائدة لا تجدها في كتب الرجال ، و لكن هل يصير
الحديث بذلك صحيحا ؟ ذلك ما سترى الجواب عنه فيما يأتي . الأمر الثاني : أن عبد
الله بن الديلمي المذكور في هذه الروايات ليس هو الذي عناه الحاكم : عبد الله
بن فيروز الديلمي أبو بشر و هو الذي وثقه ابن معين و العجلي و غيرهما ، و روى
له أصحاب السنن إلا الترمذي ، بل هو ابن أخي هذا ، فقد تقدم في بعض الرويات أنه
الغريف بن عياش ، و في أخرى عند الطحاوي و الخطيب " الغريف بن عياش بن فيروز
الديلمي " ، و لذلك قال في ترجمة أبي بشر من " التهذيب " : " هو أخو الضحاك بن
فيروز و عم الغريف بن عياش بن فيروز " . فإذا ثبت أنه عبد الله بن عياش بن
فيروز و هو غير عبد الله بن فيروز ، وجب أن نتطلب معرفة حاله ، و إذا عرفت مما
سبق في ترجمته أنه مجهول ، نستنتج من ذلك أن الحديث ضعيف لا يصح و أن الحاكم و
الذهبي وهما في تصحيحهما إياه ، لاسيما و قد صححاه على شرط الشيخين ، و العصمة
لله وحده . و في الحديث علة أخرى ، و هي الاضطراب في متنه ، ففي رواية ضمرة و
عبد الله بن سالم : " أعتقوا عنه " ، و في رواية ابن المبارك و مالك : " فليعتق
رقبة " . و تابعهما عليها يحيى بن حمزة و هانىء بن عبد الرحمن عند الطحاوي ، و
لفظ هانىء : " مروه فليعتق رقبة " . فهذه الرواية أرجح لاتفاق هؤلاء الأربعة
عليها ، و فيهم مالك و ابن المبارك و هما في التثبت و الحفظ على ما هما عليه ،
كما قال الطحاوي . ثم ذكر أن الرواية الأولى تعارض القرآن فقال : " و وجدنا
كتاب الله قد دفع مثل هذا المعنى عن ذوي الذنوب ، و هو قوله تعالى في الجزاء عن
كفارة الصيد المقتول في الإحرام في ( سورة المائدة ) على ما ذكر فيها ، ثم
أعقبه بقوله : *( ليذوق وبال أمره )* فأخبر أنه جعل الكفارة في الصيد في
الإحرام على قاتله ليذوق وبال قتله ، فمثل ذلك على كل كفارة عن ذنب ، إنما يراد
بها ذوق المذنب وبالها ، و في ذلك ما يمنع تكفير غيره عنه في ذلك بعتاق عنه أو
بغيره " . ثم ختم الطحاوي كلامه على الحديث بأن ذكر وجها للتوفيق بين الروايتين
لا أرى فائدة من حكايته ، لسببين : الأول : أن الحديث من أصله ضعيف . الثاني :
أنه لو صح فإحدى الروايتين خطأ قطعا ، لأن الحادثة واحدة لم تكرر ، و بالتالي
فاللفظ الذي نطق به عليه السلام واحد ، اختلف الرواة في تحديده ، فلابد من
المصير إلى الترجيح ، و قد فعلنا ، و ذلك يغني عن محاولة التوفيق ، و الله أعلم
. ( تنبيه ) : الحديث سكت عليه المنذري في " مختصر السنن " ( 5 / 424 ) و قال :
" أخرجه النسائي " . و الظاهر أنه يعني في " الكبرى " له فإني لم أجده في "
الصغرى " ، و لا عزاه إليه النابلسي في " ذخائر المواريث " ( 2 / 125 - 126 ) ،
و عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 107 / 1 ) لأبي داود و ابن حبان و
الطبراني في " الكبير " و الحاكم و البيهقي . هذا و قد يستدل بالحديث من يقول
بوصول ثواب العمل إلى غير عامله إذا وهبه له ، و هو خلاف قوله تعالى *( و أن
ليس للإنسان إلا ما سعى )* و ما في معناه من الأحاديث و لو صح هذا الحديث لكان
من جملة المخصصات للآية ، و قد حقق الإمام الشوكاني القول في هذا الموضوع و ذكر
ما وقف عليه من المخصصات المشار إليها ، فراجعه في " نيل الأوطار " ( 3 / 333 -
336 ) ، مع فصل " ما ينتفع به الميت " من كتابي " أحكام الجنائز " ( ص 168 -
178 ) .
(2/406)
________________________________________

908 - " إن عيسى بن مريم كان يقول : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم
، فإن القلب القاسي بعيد من الله ، و لكن لا تعلمون ، و لا تنظروا في ذنوب
الناس كأنكم أرباب ، و انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ، فإنما الناس مبتلى و
معافى ، فارحموا أهل البلاء ، و احمدوا الله على العافية " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 309 ) :

لا أصل له مرفوعا .

و إنما أورده الإمام مالك في " الموطأ " ( 2 / 986 / 8
) بدون إسناد أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقوله . و ليس من عادتي أن أورد مثل
هذا الكلام لأن راويه لم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم و لكني رأيت
الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي كتب تحت هذا الكلام في نسخة " الموطأ " التي قام
هو على تصحيحها و تخريج أحاديثها ما نصه : " مرسل ، و قد وصله العلاء بن عبد
الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة ، أخرجه مسلم في : 45 - كتاب البر و
الصلة و الآداب ، 20 - باب تحريم الغيبة ، حديث 7 " . و لما وقف على هذا بعض من
لا علم عنده ، نقل هذا الكلام المنسوب إلى عيسى عليه السلام في كتاب له ، و
عزاه للموطأ و مسلم ! فلما وقفت عليه ( قبل أن يطبع كتابه ، و خير له أن لا
يطبعه لكثرة أوهامه ) استنكرت عزوه لمسلم أشد الاستنكار ، و لما نبهته على ذلك
احتج بتخريج فؤاد عبد الباقي - و هو يظنه لبالغ جهله بهذا العلم أنه من تخريج
الإمام مالك نفسه ! - فأكدت له أنه خطأ ، ثم رأيت من الواجب أن أنبه عليه هنا ،
كي لا يغتر به آخرون ، فيقعون في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من
حيث لا يريدون و لا يشعرون . و قد تبين لي فور رجوعي إلى تخريج عبد الباقي أن
الخطأ - فيما أظن - ليس منه مباشرة ، بل من الطابع ، فإن هذا التخريج كان حقه
أن يوضع في الباب الذي يلي كلام عيسى عليه السلام ، ففيه أورد مالك حديثا مرسلا
في الغيبة ، و هو الذي وصله مسلم في الباب الذي ذكره فؤاد عبد الباقي ، فيبدو
أن التخريج كان مكتوبا في ورقة مفصولة عن الحديث ، فسها الطابع و طبعه تحت كلام
عيسى عليه السلام ، فكان هذا الخطأ الفاحش ، و بقي حديث الغيبة بدون تخريج ، ثم
لا أدري إذا كان الأستاذ فؤاد أشرف على تصحيح الكتاب بنفسه و هو يطبع ، فذهل عن
هذه الخطيئة ، أو وكل أمر التصحيح إلى من لا علم عنده بالحديث إطلاقا ، فبدهي
أن تنطلي عليه الخطيئة ، و العصمة لله وحده . نعم قد روي الحديث مرفوعا مختصرا
، و إسناده ضعيف كما سيأتي بيانه برقم ( 920 ) .
(2/407)
________________________________________

909 - " يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني ، و القمر في يساري ، على أن أترك هذا
الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 310 ) :


ضعيف .

أخرجه ابن إسحاق في " المغازي " ( 1 / 284 - 285 سيرة ابن هشام ) :
حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث : أن قريشا حين قالوا لأبي
طالب هذه المقالة <1> بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا ابن
أخي إن قومك قد جاؤني فقالوا لي كذا و كذا ، للذي كانوا قالوا له ، فأبق علي و
على نفسك ، و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق ، قال : فظن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء ..... و مسلمه ، و أنه قد ضعف عن نصرته و
القيام معه ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قال : ثم
استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب :
أقبل يا ابن أخي ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اذهب يا ابن
أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا . قلت : و هذا إسناد ضعيف معضل ،
يعقوب بن عتبة هذا من ثقات أتباع التابعين ، مات سنة ثمان و عشرين و مائة . و
قد وجدت للحديث طريقا أخرى بسند حسن لكن بلفظ : " ما أنا بأقدر على أن أدع لكم
ذلك ، على أن تستشعلوا لي منها شعلة يعني الشمس " . و قد خرجته في " الأحاديث
الصحيحة " رقم ( 92 ) .
-----------------------------------------------------------
[1] يعني قولهم - كما ذكره في السيرة قبيل هذا الحديث : " يا أبا طالب إن لك
سنا و شرفا و منزلة فينا و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا و إنا لا
نصبر على هذا من شتم آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله و إياك في ذلك حتى يهلك أحد
الفريقين " . اهـ .
(2/408)
________________________________________

910 - " يا جبريل صف لي النار ، و انعت لي جهنم ، فقال جبريل : إن الله تبارك و تعالى
أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى
احمرت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لا يضيء
شررها ، و لا يطفأ لهبها ، و الذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى
أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ، و من نتن ريحه ، و
الذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه
وضعت على جبال الدنيا لارفضت و ما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي ، فأموت ، قال :
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل و هو يبكي ، فقال : تبكي يا جبريل
و أنت من الله بالمكان الذي أنت به ، فقال : مالي لا أبكي ؟ أنا أحق بالبكاء !
لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس ، فقد كان من الملائكة ، و ما أدري لعلي ابتلي
مثل ما ابتلي به هاروت و ماروت ، قال : فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم و
بكى جبريل عليه السلام ، فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل و يا محمد إن
الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه ، فارتفع جبريل عليه السلام ، و خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون و يلعبون ، فقال : أتضحكون و
وراءكم جهنم ؟! لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا ، و لما أسغتم
الطعام و الشراب ، و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل .. فنودي : يا
محمد ! لا تقنط عبادي ، إنما بعثتك ميسرا و لم أبعثك معسرا فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : سددوا و قاربوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 311 ) :

موضوع .

أخرجه الطبراني في " الأوسط " بسنده عن عمر بن الخطاب قال : "
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ،
فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا جبريل : مالي أراك متغير
اللون ؟ فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : يا جبريل صف لي النار . الحديث ، أورده المنذري في " الترغيب و
الترهيب " ( 4 / 225 - 226 ) و أشار لضعفه أو وضعه ، و قد بين علته الهيثمي في
" المجمع " فقال ( 10 / 387 ) : " و فيه سلام الطويل و هو مجمع على ضعفه " .
قلت : و ذلك لأنه كان كذابا كما قال ابن خراش ، و قال ابن حبان : ( 1 / 335 -
336 ) : " روى عن الثقات الموضوعات ، كأنه كان المعتمد لها " . و قال الحاكم -
على تساهله - : " روى أحاديث موضوعة " . قلت : و هذا منها بلا شك فإن التركيب و
الصنع عليه ظاهر ، ثم إن فيه ما هو مخالف للقرآن الكريم في موضعين منه : الأول
: قوله في إبليس : " كان من الملائكة " و الله عز وجل يقول فيه : *( كان من
الجن ففسق عن أمر ربه )* ، و ما يروى عن ابن عباس في تفسير قوله : *( من الجن
)* أي من خزان الجنان ، و أن إبليس كان من الملائكة ، فمما لا يصح إسناده عنه ،
و مما يبطله أنه خلق من نار كما ثبت في القرآن الكريم ، و الملائكة خلقت من نور
كما في " صحيح مسلم " عن عائشة مرفوعا ، فكيف يصح أن يكون منهم خلقة ، و إنما
دخل معهم في الأمر بالسجود لآدم عليه السلام لأنه كان قد تشبه بهم و تعبد و
تنسك ، كما قال الحافظ ابن كثير ، و قد صح عن الحسن البصري أنه قال : " ما كان
إبليس من الملائكة طرفة عين قط و إنه لأصل الجن ، كما أن آدم عليه السلام أصل
البشر " . الموضع الثاني : قوله : " ابتلي به هاروت و ماروت " . فإن فيه إشارة
إلى ما ذكر في بعض كتب التفسير أنهما أنزلا إلى الأرض ، و أنهما شربا الخمر و
زنيا و قتلا النفس بغير ، فهذا مخالف لقول الله تعالى في حق الملائكة : *( لا
يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون )*، و لم يرد ما يشهد لما ذكر ، إلا في
بعض الإسرائيليات التي لا ينبغي أن يوثق بها ، و إلا في حديث مرفوع ، قد يتوهم
- بل أوهم - بعضهم صحته ، و هو منكر بل باطل كما سبق تحقيقه برقم 170 ، و يأتي
بعد حديث من وجه آخر .
(2/409)
**********************************
يتبع ان شاء الله ...