[frame="5 90"]
معركة وادي

معركة وادي راس


في اليوم الثالث والعشرين على الساعة الثانية صباحا ،سمع دوي المدفع قادما من القصر ،فاستيقظ له الناس الذين كانوا نياما تلك الليلة ،ثم دوى بوق الايقاظ ،وصدرت الاوامر فورا بتقويض الخيام ،وكان الضباب حينئذ كثيفا والطقس باردا ،وكان الجنود يستعدون في صمت وثبات رهيبين وبعد ساعتين ،كانت البغال محملة بالمتاع ،وكان الجنود قد تجهزوا واستعدوا للرحيل .
وقد يعجز الواصف عن وصف المعركة التي دارت على تلك المرتفعات بين هؤلاء الذين لم يبقى لهم من ملجأ الا بعض الاجمات على الجبال ،وبين الاسبانيين الذين شعروا بانهم لا يبلغون اغراضهم مالم يستولوا على تلك المواقع وزحفت عدة كتائب خمس مرات أحيانا ،وكانت كل مرة تنسحب ،لما تلقاه من استبسال المغاربة ،اذ انهم قاتلوا قتال الابطال بشجاعة وحماسة ،فكانوا ينقضون على الاعداء ،فيلاحمون بهم ،وفي كلتا يدي كل منهم خنجر وكانت الخسائر فظيعة من كلا الجانبين .
ولم يكن من السهل معرفة مدى تقدم كل منهما نظرا لوعورة ميدان المعركة .
ولم يكن القتال لينقطع اذ ان المغاربة كانوا ،كلما استولى الاسبانيون على احدى قراهم واحرقوها ،ينتقلون الى قرية اخرى ويتحصنون بها ،واضطر الجنرال الى ان يدفع بالخيالة الذين كانوا اسحبوا الى الاجمة الاولى ثم استعان بكتائب شيكلانا chiclana ونابارا navarra وليون وطوليدو وقد اصابها من الفتك والتشتيت ما افقدها نصف رجالها ،ثم اخذ يهجم على المغاربة ويتراجع حتى استولى على آخر قرية وعلى أعلى قمة .
واشتدت الحرارة على الجنود الاسبانيين ،ولو كانت المعركة في بداية فصل الربيع ،اذ كان كل جندي يحمل متاعا ثقيلا يتألف من خيمته وعدته ومؤونة خمسة ايام
ولم يسبق لي ان رايت الجنود مهمومين مثل همهم مساء تلك المعركة ،وكانت شجاعة المغاربة تفوق كل ما يمكن وصفهم به ..
...وهاجمناهم في شهر رمضان ،وهو مبعثة على الحماس ،وكان الشيوخ قد دعوا الناس الى الجهاد ،وذكروهم بان مأوى الشهداء الجنة ،لذلك كانوا يستشهدون ولا يبالون ...
...ولم يقع واقع في تلك الليله ونمنا حول نار كئيبة اوقدت بالحطب المبلل ،كما يمكن ان ينام كل من يوجد في تلك الظروف ،وقد ارهبنا أنين الجنود النزع ،وقد مزق الجوع احشاءنا وفترت اعضاؤنا من فرط برد الضباب الذي كان ينقذ الى جسمنا مهما حاولنا اتقاءه ،وكان الكهنة يعودون كل مرة الى مجلسهم حول النار بعد منح المحتضرين الاسرار ،وفي كل مرة يعاودنا الحزن والالم .
وكثيرا ما كنا نجتمع بعد احدى المعارك الدامية ،وما زلنا متاثرين لما قاسيناه في ذلك اليوم ،وقد شاهدنا مشاهد مؤلمة وسمعنا البكاء على موت صديق او شقيق او رفيق من الجنود .
وكنا تحت الخيمة لا يمتد بصرنا الا الى ما كان قريبا منا ،وكنا نستطيع ان نعتزل عما يجري خارج الخيمة ،ولكننا ،في ذلك اليوم ،لم نكن نرى الا ظلاما ولا نسمع الا الما حيثما التفتنا ،ورقد الجنود عند اقدامنا وقد نهكهم التعب ،واختلطت اجسادهم اختلاطا غريبا ،اما الاطباء ومساعدوهم فما فتئوا يسعفون الجند ،وكنا نشاهد بأعيننا مناظر وعمليات فظيعة ،لو شاهدنا ادناها في الحياة العادية لنهكنا منظرها وهدنا هدا

عن ش .####ات ch.yriate "قصص عن الحروب والاسفار 1863"
[/frame]

luv;m ,h]d vhs