مخبتًا اليوم


كن مخبتًا في ذلك اليوم



يومُ عرفةَ يومٌ أغرّ، هو ملتَقى المسلمين المشهود، يومُ رجاءٍ وخشوع وذلٍّ وخضوع، يومٌ كريم على المسلمين، يقول شيخ الإسلام: "الحجيجُ عشيةَ عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمانِ والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعْبير [عنه]".

أفضلُ الدعاء دعاء ذلك اليوم، يقول ابن عبد البر: "دعاءُ يوم عرفة مُجابٌ كلُّه في الأغلب". والإكثار فيه من كلمة التقوَى مع مفهوم مدلولها ومعانيها خيرُ الكلام، يقول النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير) رواه الترمذي.

يومٌ يكثُر فيه عُتَقاءُ الرحمن ويباهِي بهم ملائكتَه المقرّبين، يقول-صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟) رواه مسلم. قال ابن عبد البر: "وهذا يدلّ على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا من بعد التوبة والغفران".

فكن مُخبِتًا لله في ذلك اليوم، متواضعًا خاضعًا لجنابه، منكسِرًا بين يديه، طامِعًا في كرمِه، راغبًا في وعده، راهبًا من وعيده.

واجتماعُ الناس في عرفة تذكيرٌ بالموقف الأكبرِ يومَ الحشر لفصل القضاء بين الخلائق ليصيروا إلى منازلهم؛ إمّا نعيم وإما جحيم.

والدعاءُ عظيمُ المكانة رفيعُ الشأن، يرفع الحاجّ إلى مولاه حوائجَه، ويسأله من كرمه المتوالي، فتقيّد بشروطِه، وتمسّك بآدابه، واحذَر من الوقوع في شيء من موانع إجابته، وتحرَّ الأوقات والأمكنةَ الفاضلةَ لقبوله، وتوجَّه إلى الله بقلبك امتثالًا لأمره في قوله: {فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ}[غافر:14]. وارفع له سؤلَك، وناجِه بكروبِك، وأيقِن بتحقيق الإجابة، وألحَّ على الكريم في الطلب، ولا تيأس من تأخُّر العطاء، ففي التأخير رحمةٌ وحكمة، وهو الخلاق العليم: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}[يس:82].





نقلًا من موقع المنبر

للشيخ: عبد المحسن بن محمد القاسم-حفظه الله-



منقول



;k lofjWh td `g; hgd,l