تجربتي مع اليوتيوب / مريم النعيمي
المختصر / في هذا المقال سأعرض لتجربة جديدة لي لم يكن لي بها سابق عهد وصلة ولكن لحداثتها وطرافتها نسبيا وأهميتها من الزاوية الأكبر رغبت في عرضها على قرائي الكرام في هذا المساحة وكلي أمل بمشاركة جادة وقوية في التجربة التي ارغب بها أن تتكرر لدى المئات والآلاف من الشخصيات الجادة والمتطلعة لإحداث فرق في حياتنا الفكرية
يمكن أن نطلق على اليوتيوب قناة من لا قناة له ، ونافذة مرئية سمعية لمن لا يملك نوافذ اتصال من هذا النوع وبالتالي فالشروع الجاد في المشاركة الإيجابية في هذا الموقع يعد خطوة للأمام من قبل الباحثين عن سبل وطرق للعمل الصالح.
مزايا عدة يوفرها هذا الموقع الالكتروني والمواقع الأخرى الشبيهة ولو جلسنا لنحصي تلك المنافع التي يتيحها الاشتراك فيها لتطلب منا زمنا ليس بالقصير كونه نافذة حيوية متجددة تتيح لزواره فرصا هائلة للتعرف على ما يريدون من مواد إعلامية متاحة في هذا الموقع الكبير.
ولأن تجربتي ما زالت بكرا ووليدة فلمثلي أن يرفع من مستوى تطلعاته وطموحه حيث مع كل تجربة جديدة ثمة أمل جديد يبزغ لصاحبه ويشجعه على المضي شوطا قبل أن تأتي مرحلة التقييم وحساب النتائج
لكني قبل أن أعطي ما لدي ، أو جزء مما لدي في مقالي هذا أود لو أقدم انطباعي العام عن مشاركات العرب في موقع اليوتيوب
فقد لفت نظري شح المادة المصورة عموما على هذا الموقع وضآلة المحتوى العربي في المساحة الجادة من بين المواد المضافة في الموقع المذكور ما يشعر بحيرة وقلق ويضاعف حجم المسؤولية الملقاة على عاتق أفراد المجتمع لينهضوا بواجب المشاركة الفاعلة في هذا الماراثون المفتوح لقراءة الأفكار ونقدها
إن هذا الموقع لدي ليس مجرد مواد متراكمة مزدحمة لا يجمعها نظام أو يؤلف بينها قاسم مشترك بل على العكس من ذلك هي مواد متكاملة تقدم في النهاية فكر أصحابها اللذين أضافوا تلك المواد لجمهور هذا الموقع الشهير.
إن كل مادة مدرجة لهي مرآة لفكر صاحبها وذوقه وهواياته و اهتماماته ومعاييره وما يحب وما يكره ومن يرى أن العملية عبثية فهو لا يدرك معنى الحب والقبول والإعجاب الذي يغذي فكر وضمير المتعاطين مع هذا الموقع الالكتروني الكبير وسائر المواقع المشابهة.
ليست هناك عشوائية ولا عبثية غير مقصودة إنما هو الاختيار الواعي مع الإصرار والرغبة المسبقة في إشراك الجمهور كل الجمهور مع المواد المختارة من قبل كل مدرج وزائر وعضو في هذه الشبكة الخاصة !!
وعليه فمن المقلق والمثير للشعور بالخيبة والإحباط أن لا نرى مشاركة مكثفة وغزيرة تتناسب وحجم المسؤولية العظمى الملقاة على عواتقنا نحن أبناء هذه الأمة المباركة وأتباع هذا الدين العظيم .
إن السلبية واللامبالاة والشعور بالضآلة والعجز عن إحداث تغيير في حياتنا الفكرية والاجتماعية هو أحد أكبر المعوقات التي تحول دون تحقيق نقلة جادة وعميقة في مستوى ونوعية مشاركة السواد الأعظم من أفراد هذه الأمة.
بل لعل أغلبنا من المتشبثين بمواقع العجز والشعور بالهوان ينظرون لليوتيوب العربي في جانبه المظلم الذي يحتوي على صور إباحية ومناظر خلاعية فيرضون بالحوقلة والاسترجاع عملا وحيدا يجيدونه بامتياز مع إسقاط واجبهم في تقديم مادة جيدة على نفس الموقع الشهير يساهمون بها في إعادة الأمور إلى نصابها ، وتلقين العابثين منا دروسا في حيوية هذه الأمة وقدرتها على العمل الصالح في كل الظروف والأوضاع.
نعم لقد استفزتني الصور والأفلام الإباحية التي أدرجها أفراد عابثون من أمتنا ووجدت نفسي مسؤولة عن المشاركة بجزء من جهدي ووقتي في هذا الموقع الذي لا يتردد بعض العرب من تقزيم قيمته وتسطيح دوره في حياتنا الفكرية والاجتماعية
إن المشاركة في كل مجال وموقع متاح للدعوة والإصلاح وتعليم الناس وتوعيتهم هو واجب كبير ومسؤولية ضخمة أبت الجبال حملها واعتذرت لخالقها ولكن جاء الإنسان فقبل بها وإذا به ظلوما جهولا !!
من ظلم الإنسان لنفسه أن يستخدم التكنولوجيا لتدويخه وقمع ضميره وتفتيت روحه حتى يغدو كائنا ماديا يتبع غرائزه الهوجاء ولا يرى لنفسه دورا في الفعل والبناء والنهضة
آفة جزء من أفراد الأمة اليوم أنهم سادرون في معضلة فكرية صنعوها لأنفسهم واشتبكوا بها ولم يعودوا قادرين على الفرار منها!!
آفتهم أنهم بخسوا أنفسهم قدرها ، ودينهم حقه فانتكسوا أو قبلوا بدور التفرج وانتظار ما تسفر عنه الأيام القادمة !!
هكذا حال عدد كبير منا هكذا هو حال القطاع الأعظم الذي غفل عن استثمار الفرص لرسم واقع جديد عنوانه الكبير يقظة المسلمين وتقدمهم للأمام
ويطل السؤال من جديد لماذا أصبح لدى البعض منا شبه يقين بأننا غير قادرين على إحداث فرق كبير في حياتنا وفي العالم من حولنا؟
لماذا تجف الأفكار لحد القحط والجدب والمحل والندرة عن استثمار ملايين الفرص المتاحة لنا يوميا لنقول كلمتنا للعالم في كل ما يدور حولنا ، وما يراد بنا ؟ لماذا صار الكسل أحب إلينا من العمل والنوم أحب إلينا من اليقظة والسبات أقرب لنفوسنا من الصحو والنهوض والخدر أقرب لنفوسنا من النشاط والجد والتعب ؟!!
لماذا هو تعب العمل مبغوض بل ومنبوذ لدينا وخدر الراحة مطلوب حتى لا نكاد نمل منه ولا نتعب ؟!!
لماذا نقبل بدور المتفرج حتى النهاية ولا نكاد نتصور لأنفسنا دورا في إحداث فرق كبير ينقلنا من ضفة لأخرى ومن موقع لآخر ؟
بدا لي اليوتيوب بعد سنوات من متابعته انه باهت في محتواه العربي وما به من مواد جيدة على قلتها فهي منقولة من التلفاز مباشرة وليس هناك من جهد على مدرجها في الموقع المذكور إلا انه قسم المادة ووضع لها عناوين . ومع الشكر والتقدير لمن قام بهذا الدور الجاد إلا أن السؤال الكبير هو أين الابتكار يا عرب؟
أين هو الإبداع والصناعة العقلية الفاخرة؟
أين هي البرامج التي تدل على ظهور عقل عربي جديد يتمتع بالقدرة الفائقة على تقديم أفضل ما لديه في موضوعات علمية وحياتية تضيف لمواد مثل هذه المواقع الكثير وتغذي عقولهم بدل أن تستلبها وتزيدها ضعفا وهشاشة ؟!!
لعل قراءة معمقة من قبل الآلاف منا من رواد مثل هذه المواقع تتفق معي على أن قبولنا لتحدي الانترنت ما زال في بدايته وان قدرتنا على تطوير نوعية المشاركة من خلاله تحتاج لقراءات معمقة وتجارب متنوعة تساهم في ترشيد السلوك العام لأبناء العرب من رواد هذه الشبكة الضخمة
قد يطل سؤال جديد وهل ستحدث مادة او مادتين من النوع الجيد فرقا في النتائج؟
الإجابة المدهشة هي نعم ولا شك وذلك لعدة مبررات وأسباب ألخصها في التالي:
1- الفكرة الجيدة المقدمة بأسلوب جيد ستؤثر ولا شك على من يشاهدونها في المواقع الاتصالية الكبرى التي يتابعها مئات الملايين من الزوار يوميا .
2- الفيديو الجيد الذي يعرض على مثل هذه المواقع يشجع الآخرين على التقليد والمحاكاة ليس في نوعية العمل المقدم إنما في المضامين والدلالات التي يحملها .
3- كل من يشاهد مادة فيديو جيدة على اليوتيوب أو غيره من الموقع الشهيرة لأبناء العرب والمسلمين يعتبر ذلك مؤشرا على الإيجابية والتفاعل الصحيح مع الفرص المتاحة على المواقع الالكترونية
4- يمثل أي فيديو عربي صالح في محتواه ورسالته في هذا الموقع شيء من العزاء وفتح نافذة للأمل بتضافر الجهود وتواصلها لرسم صورة جديدة لتعامل العرب الايجابي مع الفرص الاتصالية المتاحة .
5- تفتح المشاركة في هذه الوسيلة فرص حقيقية لأصحاب المواهب لتقديمها للجمهور بالمجان وبدون حاجة لواسطة أو نافذة رسمية الأمر الذي يشجع أصحاب المواهب والأعمال المتميزة لأن يبادروا لإظهار ما لديهم من مهارات عبر برامج فيديو قد لا تتطلب أكثر من ثلاث دقائق للتعريف بهم وبما لديهم من إمكانات نحن أحوج ما نكون إليها .
6- تساهم المشاركات المتنوعة والمكثفة على تقديم صورة إيجابية لأبناء الجيل الجديد اللذين يريدون أن يستلهموا من الكبار تجربتهم وأداءهم الصحيح في تحمل الواجب والمسؤولية
7- تفتح الفرص الاتصالية الجديدة نوافذ متنوعة للتعريف بنا وبهويتنا بلغات العالم أجمع واليوم ومع الاتصال المفتوح صار التحدث إلى غير العرب أمرا متاحا وسهلا ولا يحتاج لكبير عناء لتحقيق خطوات لتفعيل علاقة العرب والمسلمين بالعالم وبأولئك اللذين رسموا عنا صورة قاتمة ينبغي إصلاحها.
إزاء كل هذه المعاني قمت بتجربتي البسيطة وتوكلت على الله ورفعت عدة ملفات من بينها ثلاثة ملفات بعنوان ( وسائل تشجيعية للقراءة) إضافة لرفع عدة ملفات تعريفية ببعض من إصداراتي السمعية والمكتوبة واللافت للنظر هي ردود الفعل الايجابية التي رافقت نشر تلك الملفات على اليوتيوب .
فقد وصلتني رسائل تحمل ملفات متكاملة حول موضوع القراءة الذي شاهدوه فيما يقارب الخمس عشرة دقيقة والتي فتحت لهم المجال ليرسلوا ما لديهم من أفكار وبرامج أكثر من متميزة متابعة للفكرة وتجاوبا معها .
وعلى مدى ثلاثة أيام شهدت تفاعلا على بريدي الالكتروني أذهلني حقا وعزز من قناعتي بأهمية التواصل عبر كل وسيلة قادرة على نقل أفكارنا والتعريف برؤيتنا في إحداث التغيير
للعثور على المواد المدرجة على اليوتيوب يمكن الوصول إليها عبر كتابة ( وسائل تشجيعية للقراءة) في محرك البحث بالموقع ، أو كتابة اسمي الثلاثي وسيكون متاحا مشاهدة تلك الموضوعات والتعليق عليها وإشراك الآخرين للتعليق والتفكير في ما قد تم إثارته من أفكار
شخصيا أجدني مسؤولة عن مواصلة الرحلة مع اليوتيوب كما أني أجد كل قادر على الفعل نفسه أن لا يبخل علينا بشيء من وقته وجهده لإطلاعنا على ما لديه من خبرة وعمل يراه مفيدا ونافعا
نعم لا بد من مضاعفة الجهد مرات ومرات لان الواجب كبير والتحدي عظيم والعقبات التي تواجه كل غيور ومصلح بات التغلب عليها هدفا يحتاج لأدوات متطورة ووسائل متنوعة تواكب العصر وتستجيب للغته وأسلوبه الخاص.
المصدر: صحيفة هادف الإلكترونية
j[vfjd lu hgd,jd,f L lvdl hgkudld
المفضلات