في سورة البقرة (َإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)﴿58البقرة

نفس الآية بالضبط جاءت في سورةالأعراف 161 تقول ما يأتي (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُواالْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)﴿161الأعراف

تعالوا نقارن كلمة كلمة :
في آية البقرة (وإذ قلنا) بآية الأعراف (وإذ قيل لهم) هذا ليس عبثاً.

في آية البقرة (ادخلوا هذه القرية) وفي الأعراف (اسكنوا هذه القرية)،

في آية البقرة (فكلوا) في آية الأعراف (وكلوا) بالواو ففي الأولى فاء والثانية واو،

(نغفر لكم خطاياكم) هذا في البقرة، في الأعراف (نغفر لكم خطيئاتكم)،

في البقرة (وسنزيد المحسنين) فيها واو وفي الأعراف (سنزيد المحسنين)،

في البقرة (ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة) في الأعراف (قولوا حطة وادخلوا الباب سجداً)


هذه مجمل الاختلافات بين الآيتين وكلها تدور في حدثٍ واحد في مقطعٍ واحد في أرضٍ واحدة ولكن تركيب الآية أو الصياغة اللفظية تختلف اختلافاً شديداً بين الآيتين وكما نعلم أن هذا هو المتشابه وكل اختلافٍ من هذه الاختلافات يعطيك جانباً من الصورة إذا ألممت بها كثيراً فإنك حينئذٍ تكون قد عرفت تفاصيل القصة.

اللقطة الاولى :
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) وإذ قلنا، في الأعراف (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ) نفس القضية؟
لا، في البداية رب العالمين لما تاهوا وقالوا يا موسى نحن جُعنا وشكوا له فأمرهم رب العالمين و قال (وَإِذْ قُلْنَا) لهم أي نحن _الله عزوجل_ قلنا لهم (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) وهي بيت المقدس كما تقول أصح الروايات إذاً رب العالمين في البداية أمرهم أن يدخلوا هذه القرية بينما هنا(وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ) هنا بسبب أن بني اسرائيل لا ينقادون لأمر ربهم فأنبيائهم واحد تلو الآخر بدأوا يحثونهم إذاً رب العالمين عندما قال (قُلْنَا) كان سيدنا موسى موجوداً، ففي زمن سيدنا موسى رب العالمين هو الذي قال، بعد سيدنا موسى محاولات أخرى جادة من أنبيائهم ضد لجاجات بني إسرائيل ادخلوا ادخلوا ادخلوا إذاً هذا الفرق بين (وَإِذْ قُلْنَا) نحن الله و (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ )




اللقطة الثانية:
في البقرة (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) وفي الأعراف (اسْكُنُوا هَذِهِالْقَرْيَةَ) واضح الفرق ادخلوا في البداية، رب العالمين أمركم أن تدخلوا هذه القرية. يا ترى الدخول مؤقت؟ يوم يومين؟ فلما قال (اسْكُنُوا) يعني بعد أن تدخلوا لا تفكروا بالخروج منها وإنما اسكنوا بها بشكل نهائي هذا الفرق بين ادْخُلُوا ، وبين اسْكُنُوا.


اللقطة الثالثة :
مرة قال (فَكُلُوا مِنْهَا) ومرة قال (وَكُلُوا مِنْهَا )بالواو أنظر إلى دقة القرآن الكريم لما شكوا له من الجوع وقالوا إبعث لنا شيئاً نأكله (مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) قال (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا) لأنهم جائعون وحينئذٍ ادخلوا هذه القرية بسبب هذا الدخول سوف تأكلون (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا) هذا بعد أن دخلوا لأول مرة. لما سكنوا كلما جاعوا يأكلون قال (وَكُلُوا) إذاً مستمرة .

اللقطة الرابعة :
ثم قال رب العالمين (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ) في الأعراف (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) الباب باب المسجد فلما قال (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ) يعني ادخلوا الباب وقولوا حطة اللهم حُطَّ عنا خطايانا لأن خطايا بني إسرائيل كثيرة جداً من زمن سيدنا موسى إلى اليوم ما من أهل دين عصوا أنبياءهم وقتلوهم وشردوهم واتهموهم باللواطة وبالزنا كما فعل اليهود بأنبيائهم. إذاً الآية تقول (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًاوَقُولُوا حِطَّةٌ) .. لكن في الأعراف (وَقُولُواحِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) معنى ذلك عليك أن تستغفر الله عز وجل قبل الدخول وأثناءه وبعده وهذه حتى عند المسلمين من لزم الاستغفار (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) ، فرب العالمين لما أراد أن يتوب عليهم وقد ساءت أعمالهم قال (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا) يعني أنتم عندما تدخلون المسجد ائتوه وأنتم تزحفون ساجدين وقولوا ربي اغفر ربي حط عنا خطايانا يا رب العالمين فإذا دخلتم المسجد استمروا بهذا. فاختلاف التقديم والتأخير يقوم برسم مقطعين مختلفين في هذه القصة.


اللقطة الخامسة :
في سورة البقرة (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) في الأعراف (نَغْفِرْلَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ) ما الفرق؟

كل واحد منا ذنوبه لا تحصى ، في الآية الأولى قال( نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) كلها بدون تعداد كل الخطايا. أما الخطايا المعدودة اسمها خطيئات وهي محسوبة علينا نعرفها ولا ننساها أما جملة الذنوب سماها خطايا. فرب العالمين مرة قال (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) كلها ثم قال حتى تلك الرهيبة وهي الخطيئات لأنها معدودة محددة معروفة لا ينساها العبد ويتذكرها جيداً وهو على فراش الموت وهي التي تهلكه وتوبقه يوم القيامة. هذا الفرق بين (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ) و (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ)


أخيراً
قال في سورةالبقرة (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) بينما في الأعراف قال (سَنَزِيدُالْمُحْسِنِينَ) أنت لاحظ أن آية البقرة فيها قوة لماذا؟ رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا) أنا رب العالمين الذي قلت أنا قلت لكم، لما كان المخاطِب رب العالمين يكون عطاؤه أكثر يعني عندما يخاطبك الملك مباشرة يكون عطاؤه أعظم بينما عندما يرسلك شخص يبلغك يكون العطاء أقل والله قال (وَإِذْ قُلْنَا) قال (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) واو للتأكيد تدل على كمية العطاء الهائلة بينما في سورة الأعراف : أنبياء كانوا يتكلمون معهم وليس رب العالمين بشكل مباشر قال (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)