[justify]وقفت عند قوله صلى الله عليه وسلم: "إن قوما ركبوا في سفينة، فاقتسموا، فصار لكل رجل منهم موضع، فنقر رجل منهم موضعه بفأس فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني أصنع فيه ما شئت! فإن أخذوا على يده نجا و نجوا، و إن تركوه هلك و هلكوا..
فكان لهذا الحديث في نفسي كلام طويل عن هؤلاء الذين يخوضون معنا البحر و يسمون أنفسهم بالمجددين، و ينتحلون ضروبا من الأوصاف: كحرية الفكر و الغيرة، و الإصلاح، و لا يزال أحدهم ينقر موضعه من سفينة ديننا و أخلاقنا و آدابنا بفأسه، أي بقلمه.. زاعما أنه موضعه من الحياة الاجتماعية يصنع فيها ما يشاء و يتولاه كيف أراد، موجها لحماقته وجوها من المعاذير و الحجج، من المدنية و الفلسفة، جاهلا أن القانون في السفينة إنما هو قانون العاقبة دون غيرها، فالحكم لا يكون على العمل بعد وقوعه كما يُحكم على الأعمال الأخرى، بل قبل وقوعه؛ و العقاب لا يكون على الجرم يقترفه المجرم كما يعاقب اللص و القاتل و غيرهما، بل على الشروع فيه، بل على توجه النية إليه، فلا حرية هنا في عمل يُفسد خشب السفينة أو يمسه من قرب أو بعد، ما دامت ملجِّجة في بحرها، سائرة إلى غايتها، إذ كلمة ( الخرق) لا تحمل في السفينة معناها الأرضي، و هناك لفظة ( أصغر خرق) ليس لها إلا معنى واحد و هو ( أوسع قبر)...
ففكِّر في أعظم فلاسفة الدنيا مهما يكن من حريته و انطلاقه، فهو ههنها محدود على رغم أنفه بحدود من الخشب و الحديد تفسيرها في لغة البحر حدود الحياة و المصلحة و كما أن لفظة ( الخرق) يكون من معانيها في البحر القبر و الغرق و الهلاك، فكلمة ( الفلسفة) يكون من بعض معانيها في الاجتماع الحماقة و الغفلة و البلاهة، و كلمة الحرية يكون من معانيها الجناية و الزيغ و الفساد ، و على هذا القياس اللغوي القلم في أيدي بعض الكتاب من معانيه الفأس، و الكاتب من معانيه المخرِّب، و الكتابة من معانيها الخيانة..[/justify]lk k,v ;glhj hgvhtud K lj[]] fY`k hggi
المفضلات