51 - " إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 128 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 529 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 361 ) من طريق حماد
ابن عيسى ، حدثنا موسى بن عبيدة ، أخبرني القاسم بن مهران عن عمران بن حصين
مرفوعا .
و قال العقيلي في ترجمة القاسم : لا يثبت سماعه من عمران بن حصين ، رواه عنه
موسى بن عبيدة و هو متروك .
و أقره البوصيري في " الزوائد " ( 253 / 2 ) و قال : هذا إسناد ضعيف .
قلت : فللحديث علتان تبينتا في كلام العقيلي و هما الانقطاع و ضعف ابن عبيدة .
و له علة ثالثة : و هي جهالة ابن مهران هذا ، قال الحافظ في " التقريب " :
مجهول .
و علة رابعة و هي حماد بن عيسى و هو الواسطي ، قال الحافظ : ضعيف ، و لذلك قال
العراقي : سنده ضعيف كما نقله المناوي و ضعفه السخاوي أيضا في " المقاصد "
( رقم 246 ) .
قلت : و قد وجدت للحديث طريقا أخرى و لكنه لا يزداد بها إلا ضعفا ، لأنه من
رواية محمد بن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين به دون
قوله : " أبا العيال " ، أخرجه ابن عدي ( 295 / 1 ) و أبو نعيم ( 2 / 282 )
و قال : غريب من حديث محمد بن سيرين ، لم نكتبه إلا من حديث زيد و محمد بن
الفضل بن عطية .
قلت : و في هذا السند ثلاث علل أيضا :
الأولى : الانقطاع بين عمران و ابن سيرين ، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني
خلافا لما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه .
الثانية : زيد العمي و هو ابن الحواري ، ضعيف .
الثالثة : محمد بن الفضل بن عطية و هو كذاب كما قال الفلاس و غيره .
(1/128)
________________________________________
52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
ضعيف .
أورده الغزالي ( 2 / 195 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه
الحافظ العراقي : رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين
ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه .
قلت : و لفظه كما في " الفردوس " ( 3 / 558 ) : " من ساء خلقه من إنسان أو
دابة ، فأذنوا في أذنيه " .
(1/129)
________________________________________
53 - " عليكم بدين العجائز " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
لا أصل له .
كذا قال في " المقاصد " و ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( 7 ) و أورده
الغزالي ( 3 / 67 ) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه العراقي :
قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " ( رقم 511 ) : تداوله العامة ، و لم أقف له
على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة و لا سقيمة ، حتى رأيت حديثا لمحمد بن
عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : ثم ذكر الحديث الآتي :
(1/130)
________________________________________
54 - " إذا كان في آخر الزمان ، و اختلفت الأهواء ، فعليكم بدين أهل البادية و النساء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
موضوع .
قال ابن طاهر : و ابن البيلماني ( يعني الذي في سنده ) له عن أبيه عن
ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها .
قال الحافظ العراقي : و هذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء "
في ترجمة ابن البيلماني .
قلت : من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 271 ) و منه
تبين أن فيه علة أخرى ، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث
الحارثي و هو ضعيف ، و في ترجمته أورد الحديث ابن عدي ( 297 / 2 ) و قال :
و عامة ما يرويه غير محفوظ ، ثم قال ابن الجوزي : لا يصح ، محمد بن الحارث ليس
بشيء ، و شيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة ، و إنما يعرف هذا من قول عمر بن
عبد العزيز .
و أقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 131 ) و زاد عليه فقال : قلت :
محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه ، و قال في " الميزان " : هذا الحديث من
عجائبه .
قلت : الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث ، فإن هذا
قد وثقه بعضهم ، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه ، و قد أشار إلى ما
ذهبت إليه بعض الأئمة ، فقال الآجرى : سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال :
بلغني عن بندار قال : ما في قلبي منه شيء ، البلية من ابن البيلماني ، و قال
البزار : مشهور ليس به بأس ، و إنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني .
فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني و به أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم ،
و كذا السخاوي في " المقاصد " ، و قال الشيخ علي القاري : حديث موضوع .
ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده
في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن
البيلماني ، و مع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع ؟ ! و قد أقرهما على
ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " ( 136 / 1 ) فإنه أورده في " الفصل
الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يخالف فيه كما نص عليه في
المقدمة .
(1/131)
________________________________________
55 - " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 132 ) :
منكر جدا .
و قد روي من حديث أبي هريرة و ابن عمر و أنس و ابن عباس .
1 ـ أما حديث أبي هريرة فقد روي من ثلاث طرق عن أبي سعيد المقبري عنه .
الأولى : عن محمد بن يعقوب الفرجي قال : نبأنا محمد بن عبد الملك بن قريب
الأصمعي قال : نبأنا أبي عن أبي معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة .
أخرجه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " ( 5 / 1 ) و أبو نعيم
في " الحلية " ( 10 / 290 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 1 / 417 ) ، و من
طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1178 ) و قال : لم أسمع لمحمد بن الأصمعي
ذكرا إلا في هذا الحديث ، قال الذهبي في ترجمته : و هو حديث منكر جدا ، ثم ساقه
بهذا السند ثم قال : هذا غير صحيح ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
قلت : و لهذا الإسناد ثلاث علل :
أ - ابن الأصمعي هذا و هو مجهول كما يشير إليه كلام الخطيب السابق .
ب - الراوي عنه محمد بن يعقوب الفرجي ، لم أجد له ترجمة إلا أن الماليني أورده
في " شيوخ الصوفية " و لم يذكر فيه تعديلا و لا جرحا ، و كذلك فعل الخطيب في
" تاريخ بغداد " ( 3 / 388 ) إلا أنه قال : و كان يحفظ الحديث ، و لعله هو
الآفة .
ج - أبو معشر و اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعيف اتفاقا ، و ضعفه يحيى بن
سعيد جدا ، و كذا البخاري حيث قال : منكر الحديث .
الطريق الثانية : قال عبد الله بن سالم : حدثنا عمار بن مطر الرهاوي - و كان
حافظا للحديث - حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة ، أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( 5 / 72 ـ بيروت ) ، و عنه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 2 / 219 )
و قال : لا يصح ، و ذكره الذهبي في ترجمة عمار هذا ، و قال : هالك ، وثقه بعضهم
و منهم من وصفه بالحفظ ، ثم ساقه ثم ذكر أحاديث منكرة ، ثم ختم ترجمته بقوله :
قال أبو حاتم الرازي : كان يكذب ، و قال ابن عدي : أحاديثه بواطيل ، و قال
الدارقطني : ضعيف .
قلت : فهذه متابعة قوية لأبي معشر من ابن أبي ذئب ، و لكنه لا يعتد بها ، فإنه
و إن كان ثقة ففي الطريق إليه ذلك الهالك ، لكنه روي من طريق غيره و هو :
الطريق الثالثة : أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 5 / 72 ) ، و من طريقه ابن
الجوزي عن أبي شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر بن أبي ذئب أبي شهاب سمعه من صدقة
ابن أبي الليث الحصني - و كان من الثقات - عن ابن أبي ذئب ، ذكره ابن حجر في
" اللسان " في ترجمة عبد القدوس هذا بعد أن قال فيه الذهبي : له أكاذيب وضعها ،
ثم ذكر منها حديثا ، ثم ذكر الحافظ منها حديثا آخر هو هذا ثم قال : و هذا إنما
يعرف برواية عمار بن مطر عن ابن أبي ذئب ، و كان الناس ينكرونه على عمار ، و قد
عرفت حال عمار آنفا .
و خير هذه الطرق الأولى ، و مع ذلك فهي واهية لكثرة عللها ، و قد قال الحافظ في
" تخريج الكشاف " ( 130 رقم 181 ) : و إسناده ضعيف .
2 ـ و أما حديث ابن عمر ، فأخرجه عباس الدوري في " تاريخ ابن معين " ( ق 41 /
2 ) ، و ابن عدي ( 5 / 13 و 7 / 77 ) ، و الخطيب في " الجامع " ( 5 / 91 / 2 )
نسخة الإسكندرية و الواحدي في " الوسيط " ( 3 / 194 / 1 ) و الثعلبي في
" التفسير " ( 3 / 78 / 2 ) ، و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1177 ) عن الوليد
ابن سلمة - قاضي الأردن - حدثنا عمر بن صهبان عن نافع عنه ، و قال ابن عدي :
و عمر هذا عامة أحاديثه لا يتابعه الثقات عليه و يغلب على حديثه المناكير .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال البخاري : منكر الحديث ، و قال الدارقطني : متروك
الحديث .
قلت : لكن الراوي عنه الوليد بن سلمة شر منه فقد قال فيه أبو مسهر و دحيم
و غيرهما : كذاب ، و قال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات .
و قد ساق ابن عدي له أحاديث ، و منها هذا الحديث أورده في ترجمته أيضا و قال و
كذا في " المنتخب منه " ( ق 350 / 1 ) و غيره : عامتها غير محفوظة .
3 ـ و أما حديث أنس ، فأخرجه ابن بشران في " الأمالي " ( 23 / 69 / 2 ) ،
و الخطيب في " الجامع " ( 2 / 22 / 1 ) من طريق محمد بن يونس حدثنا يوسف بن
كامل حدثنا عبد السلام بن سليمان الأزدي عن أبان عنه مرفوعا بلفظ : " ... بهاء
الوجه " .
و هذا إسناد باطل ليس فيهم من هو معروف بالثقة باستثناء أنس طبعا .
أما أبان فهو ابن أبي عياش الزاهد البصري ، و قال أحمد : متروك الحديث ، و قال
شعبة : لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان .
قلت : و لا يجوز أن يقال مثل هذا إلا فيمن هو كذاب معروف بذلك و قد كان شعبة
يحلف على ذلك ، و لعله كان لا يتعمد الكذب ، فقد قال فيه ابن حبان : كان أبان
من العباد يسهر الليل بالقيام و يطوي النهار بالصيام ، سمع من أنس أحاديث
و جالس الحسن فكان يسمع كلامه و يحفظ ، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن عن أنس
مرفوعا و هو لا يعلم ! و لعله روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من
ألف حديث و خمس مئة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع له ! .
و أما عبد السلام بن سليمان الأزدي ، فالظاهر أنه أبو همام العبدي ، فإنه من
طبقته سمع داود بن أبي هند روى عنه حرمي بن عمارة و أبو سلمة و يحيى بن يحيى
كما قال أبو حاتم على ما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 46 ) و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا فهو مجهول الحال ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 2 /
182 ) على قاعدته و أورد قبله راويا آخر فقال : عبد السلام بن سليمان يروي عن
يزيد بن سمرة ، عداده في أهل الشام ، روى عنه الأوزاعي .
و الظاهر أنه ليس هو راوي هذا الحديث فإن إسناده ليس شاميا ، فإنما هو الذي
قبله .
و أما يوسف بن كامل ، فالظاهر أنه العطار ، روى عن سويد بن أبي حاتم و نافع بن
عمر الجمحي ، روى عنه عمرو بن علي الصيرفي كما في " الجرح و التعديل " ( 4 /
2 / 228 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و لعله في " ثقات ابن حبان "
فليراجع في أتباع أتباع التابعين منه ، فإن نسختنا منه ينقص منها هذا المجلد
و ما دونه .
و أما محمد بن يونس فهو الكديمي قال ابن عدي : قد اتهم بالوضع ، و قال
ابن حبان : لعله وضع أكثر من ألف حديث ، و كذبه أبو داود و موسى بن هارون
و القاسم بن المطرز ، و قال الدارقطني : يتهم بوضع الحديث ، و ما أحسن فيه
القول إلا من لم يخبر حاله .
4 ـ و أما حديث ابن عباس فعزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار ، و لم أقف
على إسناده ، و غالب الظن أنه واه كغيره ، و قد بيض له المناوي .
فتبين من هذا التحقيق أن هذه الطرق كلها واهية جدا فلا تصلح لتقوية الطريق
الأولى منها ، و هي على ضعفها أحسنها حالا ، فلا تغتر بقول الحافظ السخاوي في
" المقاصد " ( 240 ) : و شواهده كثيرة ، فإنها لا تصلح للشهادة كما ذكرنا .
و الظاهر أن أصل الحديث موقوف رفعه أولئك الضعفاء عمدا أو سهوا ، فقد رأيت في
" المنتقى من المجالسة " للدينوري ( 52 / 2 ) بسند صحيح عن مغيرة قال : قال
إبراهيم : ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق ، و يقال : " سرعة المشي
تذهب بهاء المؤمن " .
و ذكره الشيخ على القاري في " شرح الشمائل " ( 1 / 52 ) من قول الزهري .
و يكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه ،
فقد كان صلى الله عليه وسلم سريع المشي كما ثبت ذلك عنه في غير ما حديث ، و روى
ابن سعد في " الطبقات " عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت : كان عمر إذا
مشى أسرع .
و لعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم
متباطئا متماوتا كأن به مرضا ! و هذه الصفة ليست مرادة قطعا بقوله تعالى :
*( و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما )* ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها : هونا : أي بسكينة و وقار من غير
جبرية و لا استكبار ، كقوله تعالى : * ( و لا تمش في الأرض مرحا )* ، فأما
هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار و لا مرح و لا أشر و لا بطر .
و ليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا و رياء ، فقد كان سيد ولد آدم عليه
الصلاة و السلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب و كأنما تطوى الأرض له ، و قد كره
بعض السلف المشي بتضعف ، حتى روى عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : ما
بالك أأنت مريض ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، فعلاه بالدرة و أمره أن يمشي
بقوة ، و إنما المراد بالهون هنا : السكينة و الوقار .
و قد روى الإمام أحمد ( رقم 3034 ) من حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل ، و رواه البزار ( 2391 ـ زوائده ) و
سنده صحيح ، و له شاهد عن سيار أبي الحكم مرسلا ، رواه ابن سعد ( 1 / 379 ) .
(1/132)
________________________________________
56 - " لولا النساء لعبد الله حقا حقا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 139 ) :
موضوع .
و له طريقان :
الأول : عن محمد بن عمران الهمذاني ، أنبأنا عيسى بن زياد الدورقي - صاحب ابن
عيينة - قال : حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا ، أخرجه ابن عدي ( ق 312 / 1 ) و قال : هذا حديث منكر
، و لا أعرفه إلا من هذا الوجه ، و عبد الرحيم بن زيد العمي أحاديثه كلها لا
يتابعه الثقات عليه .
قلت : و قال البخاري : تركوه ، و قال أبو حاتم : يترك حديثه ، منكر الحديث ،
كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات ، و قال ابن معين : كذاب خبيث .
قلت : و أبوه زيد ضعيف كما تقدم ( 51 ) .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 255 ) من طريق ابن عدي ثم
قال : لا أصل له ، عبد الرحيم و أبوه متروكان ، و محمد بن عمران منكر الحديث .
قلت : الظاهر أن ابن الجوزي توهم أن محمد بن عمران هذا هو الأخنسي الذي قال فيه
البخاري في " تاريخه الكبير " ( 1 / 1 / 202 ) : كان ببغداد ، يتكلمون فيه ،
منكر الحديث عن أبي بكر بن عياش ، و ليس صاحب هذا الحديث هو الأخنسي ، بل هو
الهمذاني كما صرح ابن عدي في روايته ، و هو ثقة و له ترجمة جيدة في " تاريخ
بغداد " ( 3 / 133 - 134 ) ، فعلة الحديث ممن فوقه .
و أما السيوطي فخفي عليه هذا ، فإنه إنما تعقب ابن الجوزي بقوله في " اللآليء "
( 1 / 159 ) : قلت : له شاهد ! و مع ذلك فهذا تعقب لا طائل تحته ، لأن الشاهد
المشار إليه ليس خيرا من المشهود له !
هو الطريق الآخر : عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لولا النساء دخل الرجال الجنة " .
رواه أبو الفضل عيسى بن موسى الهاشمي في " نسخة الزبير بن عدي " ( 1 / 55 / 2 )
و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 30 ) و الثقفي في " الثقفيات " .
قلت : و بشر هذا متروك يكذب كما تقدم ( 28 ) ، و من طريقه رواه الديلمي في
" مسند الفردوس " بلفظ : " لولا النساء لعبد الله حق عبادته " كما في " فيض
القدير " .
و قد اقتصر السيوطي في ترجمة بشر هذا على قوله عقب الحديث : متروك ، فتعقبه ابن
عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 204 ) : بل كذاب وضاع فلا يصلح حديثه شاهدا .
و مما سبق تعلم أن السيوطي لم يحسن صنعا بإيراده هذه الأحاديث الثلاثة في
" الجامع الصغير " خلافا لشرطه الذي ذكرته أكثر من مرة .
(1/133)
________________________________________
57 - " اختلاف أمتي رحمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في
" الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .
و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه
وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له
على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم
في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث :
و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا
ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث
( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف
الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب
و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون
مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم
بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف
للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو
كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن
جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم
مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن
الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في
أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من
الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن
لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة ! و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه ، فانظر إلى
كثير من المساجد ، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة !
و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة ! و كيف
لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة ! يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله
صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم
و غيره ، و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب
كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام ! و جملة
القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ،
لأنه من أسباب ضعف الأمة كما: *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ،
و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم
الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق
أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ
منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في
خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور
أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين
و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله
تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه
و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا
إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن
و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك
القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم
في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير
طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول
العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ،
و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث
و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار
الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال
و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )* .
(1/134)
________________________________________
58 - " أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 144 ) :
موضوع .
رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2 / 91 ) و ابن حزم في " الإحكام "
( 6 / 82 ) من طريق سلام بن سليم قال : حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر مرفوعا به ، و قال ابن عبد البر : هذا إسناد لا تقوم به
حجة لأن الحارث بن غصين مجهول .
و قال ابن حزم : هذه رواية ساقطة ، أبو سفيان ضعيف ، و الحارث بن غصين هذا هو
أبو وهب الثقفي ، و سلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة و هذا منها بلا شك .
قلت : الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم - و يقال : ابن سليمان و هو
الطويل - أولى فإنه مجمع على ضعفه ، بل قال ابن خراش : كذاب ، و قال ابن حبان :
روى أحاديث موضوعة .
و أما أبو سفيان فليس ضعيفا كما قال ابن حزم ، بل هو صدوق كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و أخرج له مسلم في " صحيحه " .
و الحارث بن غصين مجهول كما قال ابن حزم ، و كذا قال ابن عبد البر و إن ذكره
ابن حبان في " الثقات " ، و لهذا قال أحمد : لا يصح هذا الحديث كما في
" المنتخب " لابن قدامة ( 10 / 199 / 2 ) .
و أما قول الشعراني في " الميزان " ( 1 / 28 ) : و هذا الحديث و إن كان فيه
مقال عند المحدثين ، فهو صحيح عند أهل الكشف ، فباطل و هراء لا يتلفت إليه !
ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة ، و الاعتماد عليها
يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها ، كهذا الحديث لأن الكشف أحسن أحواله -
إن صح - أن يكون كالرأي ، و هو يخطيء و يصيب ، و هذا إن لم يداخله الهوي ،
نسأل الله السلامة منه ، و من كل ما لا يرضيه .
و روي الحديث عن أبي هريرة بلفظ : " مثل أصحابي " و سيأتي برقم (438 )
و روي نحوه عن ابن عباس و عمر بن الخطاب و ابنه عبد الله .
أما حديث ابن العباس فهو :
(1/135)
________________________________________
59 - " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به ، لا عذر لأحدكم في تركه ، فإن لم يكن في كتاب الله ، فسنة مني ماضية ، فإن لم يكن سنة مني ماضية ، فما قال أصحابي ، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء ، فأيها أخذتم به اهتديتم ، و اختلاف أصحابي لكم رحمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 146 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " ( ص 48 ) و من قبله أبو العباس
الأصم في الثاني من حديثه رقم 142 من نسختي ، و عنه البيهقي في " المدخل " رقم
( 152 ) ، و الديلمي ( 4 / 75 ) ، و ابن عساكر ( 7 / 315 / 2 ) من طريق سليمان
ابن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا : سليمان بن أبي كريمة قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 /
138 ) عن أبيه : ضعيف الحديث .
و جويبر هو ابن سعيد الأزدي ، متروك ، كما قال الدارقطني و النسائي و غيرهما ،
و ضعفه ابن المديني جدا .
و الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي لم يلق ابن عباس ، و قال البيهقي عقبه : هذا
حديث متنه مشهور ، و أسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا إسناد .
و الحديث أورد منه الجملة الأخيرة الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 /
25 ) و أورده السيوطي بتمامه في أول رسالته " جزيل المواهب في اختلاف المذاهب "
من رواية البيهقي في " المدخل " ثم قال العراقي : و إسناده ضعيف .
و التحقيق أنه ضعيف جدا لما ذكرنا من حال جويبر ، و كذلك قال السخاوي في
" المقاصد " و لكنه موضوع من حيث معناه لما تقدم و يأتي .
فإذا عرفت هذا فمن الغريب قول السيوطي في الرسالة المشار إليها : في هذا الحديث
فوائد ، منها إخباره صلى الله عليه وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع ،
و ذلك من معجزاته ، لأنه من الإخبار بالمغيبات ، و رضاه بذلك و تقريره عليه حيث
جعله رحمة ، و التخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء ... .
فيقال له : أثبت العشر ثم انقش ، و ما ذكره من التخيير باطل لا يمكن لمسلم أن
يلتزم القول و العمل به على إطلاقه لأنه يؤدي إلى التحلل من التكاليف الشرعية
كما لا يخفى .
و انظر الكلام على الحديث الآتي ( 63 ) .
و مما سبق ، تعلم أن تصحيح الشيخ مهدي حسن الشاهجهانبوري لهذا الحديث في كتابه
" السيف المجلى على المحلى " ( ص 3 ) و قوله : إنه حديث مشهور ليس بصحيح بل هو
مخالف لأقوال أهل العلم بهذا الفن كما رأيت ، و له مثله كثير فانظر الحديث
( 87 ) .
و أما حديث عمر بن الخطاب فهو :
(1/136)
________________________________________
60 - " سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الله إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 147 ) :
موضوع .
رواه ابن بطة في " الإبانة " ( 4 / 11 / 2 ) و الخطيب أيضا و نظام الملك في
" الأمالي " ( 13 / 2 ) ، و الديلمي في " مسنده " ( 2 / 190 ) ، و الضياء في
" المنتقى عن مسموعاته بمرو " ( 116 / 2 ) و كذا ابن عساكر ( 6 / 303 / 1 ) من
طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا .
و هذا سند موضوع ، نعيم بن حماد ضعيف ، قال الحافظ : يخطئ كثيرا ،
و عبد الرحيم بن زيد العمي كذاب كما تقدم ( 53 ) فهو آفته و أبوه خير منه .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية السجزي في " الإبانة "
و ابن عساكر عن عمر ، و قال شارحه المناوي : قال ابن الجوزي في " العلل " : هذا
لا يصح نعيم مجروح ، و عبد الرحيم قال ابن معين : كذاب ، و في " الميزان " :
هذا الحديث باطل ، ثم قال المناوي : ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر أخرجه ساكتا
عليه و الأمر بخلافه فإنه تعقبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري
كان ضعيفا في الحديث ، و قال ابن عدي : عامة ما يرويه و من يروي عنه ضعفاء ،
و رواه عن عمر أيضا البيهقي ، قال الذهبي : و إسناده واه .
قلت : و روى ابن عبد البر عن البزار أنه قال في هذا الحديث : و هذا الكلام لا
يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن
سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و ربما رواه
عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر ، كذا في الموضعين : ابن عمر ، و الظاهر أن لفظة
( ابن ) مقحمة من الناسخ في الموضع الأول و إنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد
الرحيم بن زيد ، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه ، و الكلام أيضا
منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
بإسناد صحيح : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها
بالنواجذ " ، و هذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت ، فكيف و لم يثبت ؟!
و النبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه .
ثم روى عن المزني رحمه الله أنه قال : إن صح هذا الخبر فمعناه : فيما نقلوا عنه
و شهدوا به عليه ، فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به ، لا يجوز عندي غير هذا ،
و أما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا ، و لا
أنكر بعضهم على بعض ، و لا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر .
قلت : الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه الله ،
بل المراد ما قالوه برأيهم ، و عليه يكون معنى الحديث دليلا آخر على أن الحديث
موضوع ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم ، إذ كيف يسوغ لنا أن نتصور أن النبي
صلى الله عليه وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكل رجل من الصحابة مع أن فيهم العالم
و المتوسط في العلم و من هو دون ذلك ! و كان فيهم مثلا من يرى أن البرد لا يفطر
الصائم بأكله ! كما سيأتي ذكره بعد حديث .
و أما حديث ابن عمر فهو :
(1/137)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
يتبع ..v]: hgsgsgm hgqudtm
المفضلات