صفحة 2 من 9 الأولىالأولى 123456 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 88
 
  1. #11
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    تمهيد
    اعلم أيها المسلم وفقني الله وإياك أن أصول العقيدة الإسلامية التي هي عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة هي:
    الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره.
    وهذه الأصول دلت عليها نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، وأجمعت عليها الأمة:
    -: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}1
    و-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}2.
    و-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}3.
    و-: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً}4.
    وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".


    --------------------------------
    1سورة البقرة، الآية: 177.

    2 سورة
    القمر، الآية: 49.

    3 سورة البقرة، الآية: 285.
    4 سورة النساء، الآية: 136.



    ص -26- وهذه الأصول العظيمة (وتسمى أركان الإيمان) قد اتفقت عليها الرسل والشرائع، ونزلت بها الكتب السماوية، ولم يجحدها أو شيئا منها إلا من خرج عن دائرة الإيمان وصار من الكافرين؛ كما -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِالله وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الله وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً}1.

    وهذه الأصول العظيمة والأركان القويمة تحتاج إلى شرح وبيان، وهو ما سنحاول إن شاء الله تقديم ما نستطيع منه في هذا الكتاب.
    1 سورة النساء، الآيتان: 150 - 152.







  2. #12
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي



    ص -27- الأصل الأول: الإيمان بالله عز وجل
    وهو أساس العقيدة وأصلها، وهو يعني الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، المدبر للكون كله، وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده، لا شريك له، وأن كل معبود سواه فهو باطل وعبادته باطلة، -: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}1، وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال، منزه عن كل نقص وعيب، وهذا هو التوحيد بأنواعه الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
    أولا: توحيد الربوبية.
    فأما توحيد الربوبية؛ فإنه الإقرار بأن الله وحده الخالق للعالم، وهو المدبر، المحيي، المميت، وهو الرزاق، ذو القوة، المتين.
    والإقرار بهذا النوع مركوز في الفطر، لا يكاد ينازع فيه أحد من الأمم؛ كما -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله}2، و -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالآرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}3، و -: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ



    --------------------------------
    1 سورة الحج، الآية: 62.
    2 سورة الزخرف، الآية: 87.
    3 سورة الزخرف، الآية: 9.


    ص -28- الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}1...

    وهذا في القرآن كثير، يذكر الله عن المشركين أنهم يعترفون لله بالربوبية والانفراد بالحلق والرزق والإحياء والإمانة.
    ولم ينكر توحيد الربوبية ويجحد الرب إلا شواذ من المجموعة البشرية، تظاهروا بإنكار الرب، مع اعترافهم به في باطن أنفسهم

    وقرارة قلوبهم، وإنكارهم له إنما هو من باب المكابرة؛ كما ذكر الله عن فرعون أنه قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}2
    وقد خاطبه موسى عليه السلام بقوله: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إلاّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالآرْضِ بَصَائِرَ}3
    و -: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}4.
    وهم لم يستندوا في جحودهم إلى حجة، وإنما ذلك مكابرة منهم؛ كما -: {وَقَالُوا مَا هِيَ إلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إلاّ يَظُنُّونَ}5، فهم لم ينكروا عن علم دلهم على إنكاره ولا سمع ولا عقل ولا فطرة.
    ولما كان هذا الكون وما يجري فيه من الحوادث شاهدًا على وحدانية الله وربوبيته؛ إذ المخلوق لا بد له من خالق، والحوادث لا بد من محدث؛ كما -: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالآرْضَ}6.
    وقال الشاعر:
    وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
    لما كان لا بد من جواب على هذه الحقيقة؛ اضطرب هؤلاء المنكرون لوجود الخالق في أجوبتهم:



    --------------------------------
    1 سورة المؤمنون، الآية: 86.
    2 سورة القصص، الآية: 38.
    3 سورة الإسراء، الآية: 102.
    4 سورة النمل، الآية: 14.
    5 سورة الجاثية، الآية: 24.
    6 سورة الطور، الآيتان: 35 - 36





  3. #13
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي



    ص -29- فتارة يقولون: هذا العلم وجد نتيجة للطبيعة التي هي عبارة عن ذات الأشياء من النبات والحيوان والجمادات؛ فهذه الكائنات عندهم هي الطبيعة، وهي التي أوجدت نفسها.
    أو يقولون: هي عبارة عن صفات الأشياء وخصائصها من حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وخشونة، وهذه القابليات من حركة وسكون ونمو وتزاوج وتوالد، هذه الصفات وهذه القابليات هي الطبيعة بزعمهم، وهي التي أوجدت الأشياء.
    وهذا قول باطل على كلا الاعتبارين؛ لأن الطبيعة بالاعتبار الأول - على حد قولهم - تكون خالقة ومخلوقة؛ فالأرض خلقت الأرض، والسماء خلقت السماء... وهكذا، وهذا مستحيل، وإذا كان صدور الخلق عن الطبيعة بهذا الاعتبار مستحيلاً؛ فاستحالته بالاعتبار الثاني أشد استحالة؛ لأنه إذا عجزت ذات الشيء عن خلقه؛ فعجز صفته من باب أولى؛ لأن وجود الصفة مرتبط بالموصوف الذي تقوم به؛ فكيف تخلقه وهي مفتقرة إليه؟! وإذا ثبت بالبرهان حدوث الموصوف؛ لزم حدوث الصفة، و أيضا، فالطبيعة لا شعور لها؛ فهي آلة محضة؛ فكيف تصدر عنها الأفعال العظيمة التي هي في غاية الإبداع والإتقان، وفي نهاية الحكمة، وفي غاية الارتباط؟!

    ومن هؤلاء الملاحدة من يقول: إن هذه الكائنات تنشأ عن طريق المصادفة؛ بمعنى أن تحميع
    أن الذرات والجزئيات عن طريق الماصادفة يؤدي إلى ظهور الحياة بلا تدبير من خالق مدبر ولا حكمة.
    وهذا قول باطل، ترده العقول والفطر؛ فإنك إذا نظرت إلى هذا الكون المنظم بأفلاكه وأرضه وسمائه وسير المخلوقات فيه بهذه الدقة
    والتنظيم العجيب؛ تبين لك أنه لا يمكن أن يصدر إلا عن خالق حكيم.

    ص -30- قال ابن القيم: "فسل المعطل الجاحد: ماذا تقول في دولاب دائر على
    نهر، وقد أحكمت آلاته، وأحكم تركيبه، وقدرت أدواته أحسن تقدير وأبلغه؛ بحيث لا يرى الناظر فيه خللاً في مادته ولا في صورته وقد جعل على حديقة عظيمة، فيها من كل أنواع الثمار والزروع، يسقيها حاجتها، وفي تلك الحديقة من يلم شعثها ويحسن مراعاتها وتعهدها والقيام بجميع مصالحها؛ فلا يختل منها شيء، يقسم قيمتها عند الجذاذ على أحسن المخاج بحسب حاجتهم وضروراتهم، فيقسم لكل صنف منهم ما يليق به، ويقسمه هكذا على الدوام؛ أترى هذا اتفاقا بلا صانع ولا مختار ولا مدبر، بل اتفق وجود ذلك الدولاب والحديقة وكل ذلك اتفاقا من غير فاعل ولا قيم ولا مدبر؟! أفترى ما يقول لك عقلك في ذلك لو كان؟! وما الذي يفتيك به؟! وما الذي يرشدك إليه؟! ولكن من حكمة العزيز الحكيم أن خلق قلوبا عميا لا بصائر لها؛ فلا ترى هذه الآيات الباهرة إلا رؤية الحيوانات البهيمية، كما خلق أعينا لا إبصار لها" انتهى كلامه رحمه الله.
    ثانيا: توحيد الألوهية.
    توحيد الألوهية: هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة؛ ف (الألوهية) معناها العبادة، و(الإله)

    معناه المعبود، ولهذا يسمى هذا النوع من التوحيد ب (توحيد العبادة).
    و(العبادة) في اللغة: الذل؛ يقال: طريق معبد: إذا كان مذللاً قد وطئته الأقدام.

    وأما معنى العبادة شرعا: فقد اختلفت عبارات
    العلماء في ذلك مع اتفاقهم على المعنى: فعرفها طائفة منهم بأنها ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي

    ص -31- ولا اقتضاء عقلي.
    وعرفها بعضهم بأنها كمال الحب مع كمال1الخضوع. وعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – "بأنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة". وهذا التعريف أدق وأشمل؛ فالدين كله داخل في العبادة، ومن عرفها بالحب مع الخضوع؛ فلأن الحب التام مع الذل التام يتضمان طاعة المحبوب والانقياد له؛ فالعبد هو الذي ذلله الحب والخضوع لمحبوبه؛ فبحسب محبة العبد لربه وذله له تكون طاعته؛ فمحبة العبد لربه وذله له يتضمنان عبادته له وحده لا شريك له.
    فالعبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، وهي تتضمن ثلاثة أركان؛ هي: المحبة، والرجاء، والخوف، ولا بد من اجتماعها، فمن تعلق بواحد منها فقط؛ لم يكن عابدًا لله تمام العبادة؛ فعبادة الله بالحب فقط هي طريقة الصوفية، وعبادته بالرجاء وحده طريقة المرجئة، وعبادته بالخوف فقط طريقة الخوارج، والمحبة المنفردة عن الخضوع لا تكون عبادة، فمن أحب شيئا ولم يخضع له؛ لم يكن عابدًا؛ كما يحب الإنسان ولده وصديقه، كما أن الخضوع المنفرد عن المحبة لا يكون عبادة؛ كمن يخضع لسلطان أو ظالم اتقاء لشره، ولهذا لا يكفي أحدهما عن الآخر في عبادة الله - تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء.
    والعبادة هي الغاية المحبوبة لله والمرضية له، وهي التي خلق الخلق من أجلها؛ كما -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ}2، وبها أرسل جميع الرسل؛ كما -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً

    --------------------------------
    1 قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -
    وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان
    وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان
    2 سورة الذاريات، الآية: 56.
    ص -32- أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}1.
    والعبادة لها أنواع كثيرة: فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الحيوان والأيتام والمساكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة... كل ذلك من العبادة، وكذلك حب الله، وحب رسوله، وخشية الله، الإنابة إليه...
    كل ذلك من العبادة، وكذلك الذبح، والنذر، والاستعانة، والاستغاثة...

    فيجب صرف العبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له، فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر، وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من
    الأنبياء أو لولي من الأولياء حي أو ميت؛ كما يفعل اليوم عند الأضرحة المبنية على القبور؛ فإن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد؛ لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي ولا غيرهم؛ -: {إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}2، و-: {فَلا تَدْعُو مَعَ الله أَحَداً}3، و-: {وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}4.
    ومع الأسف الشديد؛ فقد اتخذت القبور اليوم في بعض البلاد أوثانا تعبد من دون الله ممًّن يدَّعون الإسلام، وقد يدعو أحدهم غير الله في أي مكان، ولو لم يكن عند قبر؛ كمن يقول: يا رسول الله! عند قيامه أو مفاجأته بشيء غريب، أو يقول: المدد يا رسول الله (أو: يا فلان)! وإذا نهوا عن ذلك؛ قالوا: نحن نعلم أن هؤلاء ليس من الأمر شيء، ولكن هؤلاء أناس صالحون، لهم

    --------------------------------
    1 سورة النحل، الآية: 36.
    2 سورة النساء، الآية: 116.
    3 سورة الجن، الآية: 18.
    4 سورة النساء، الآية: 36.







  4. #14
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    4 سورة النساء، الآية: 36.
    ص -33- جاه عند الله، ونحن نطلب بجاههم وشفاعتهم، ونسي هؤلاء أو تناسوا وهم يقرؤون
    القرآن أن هذا بعينه قول المشركين كما ذكر الله في القرآن في قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ الله قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الآرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}1، وقوله تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زُلْفَى إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}2 فسماهم كفارًا كذبة، وهم يعتقدون أن هؤلاء الأولياء مجرد وسائط بينهم وبين الله في قضاء حوائجهم، وهذا ما يقوله عباد القبور اليوم، {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}3
    .
    فالواجب على علماء الإسلام أن ينكروا هذا الشرك الشنيع ويبينوه للناس، والواجب على حكام المسلمين هدم هذه الأوثان وتطهير المساجد منها.
    وقد أنكر كثير من الأئمة المصلحين هذا الشرك، ونهوا عنه وحذروا، وأنذروا، ومن هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد عبد الوهاب، والشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني، والشيخ محمد ابن علي الشوكاني... وكثير من الأئمة قديما وحديثا، وهذه مؤلفاتهم بين أيدينا.
    وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني في (نيل الأوطار): "وكم سرى من تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة كاعتقاد الكفار للأصنام وأعظم من ذلك، فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا الرحال، وتمسحوا بها، واستغاثوا،

    --------------------------------
    1 سورة يونس، الآية: 18.
    2 سورة الزمر، الآية 3.
    3 سورة البقرة، الآية: 118.

    ص -34- وبالجملة؛ إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون".
    ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف؛ لا عالما، ولا متعلما، ولا أميرًا، ولا وزيرًا، ولا ملكا.
    ولقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبورين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمة خصمه؛ حلف بالله فاجرًا، وإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني؛ تلعثم، وتلكأ، وأبى، واعترف بالحق! وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة!.
    فيا علماء الدين! ويا ملوك المسلمين! أي رزء للإسلام أشد من الكفر؟! وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟! وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟! وأي منكر يحب إنكاره لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا؟!
    لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
    ولو نارًا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
    انتهى كلام الشوكاني - رحمه الله، وقد زاد البلاء بعده، وصار أشد مما وصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    علاقة توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، والعكس:
    وعلاقة أحد النوعين بالآخر: أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإليهة، بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به، فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره؛ وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له،








  5. #15
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    ص -35- وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية؛ بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الألوهية، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئا؛ فلا بد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه؛ كما قال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الآقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}1.
    والربوبية والألوهية تارة يذكران معا؛ فيفترقان في المعنى، ويكون أحدهما قسميا للآخر؛ كما قال في قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ}؛ فيكون معنى الرب هو المالك المتصرف في الخلق، ويكون معنى الإلة أنه المعبود بحق المستحق للعبادة وحده، وتارة يذكر أحدهما مفردًا عن الآخر، فيجتمعان في المعنى؛ كما في قول الملكين للميت في القبر: من ربك؟ ومعناه: من إلهك وخالقك؟ وكما في قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله}2

    وقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً}3، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا}4، فالربوبية في هذه الآيات هي الإلهية.
    والذي دعت إليه الرسل من النوعين هو توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية يقر به جمهور الأمم، ولم ينكره إلا شواذ من الخليقة، أنكروه في الظاهر فقط، والإقرار به وحده لا يكفي؛ فقد أقر به إبليس {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}5، وأقر به المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دلت على ذلك الآيات البينات؛ كما -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله}6؛ فمن أقر بتوحيد الربوبية فقط؛ لم يكن مسلما، ولم يحرم دمه ولا ماله، حتى يقر بتوحيد الألوهية؛ فلا يعبد إلا الله.

    --------------------------------
    1 سورة
    الشعراء، الآيتان:75 - 82.
    2 سورة الحج، الآية: 40.
    3 سورة الأنعام، الآية: 164.
    4 سورة فصلت، الآية: 30.
    5 سورة الحجر، الآية: 39.
    6 سورة الزخرف، الآية: 87.


    ص -36- وبهذا يتبين بطلان ما يزعمه علماء الكلام والصوفية أن التوحيد المطلوب من العباد هو الإقرار بأن الله هو الخالق المدبر، ومن أقر بذلك؛ صار عندهم مسلما، ولهذا يعرفون التوحيد في الكتب التي ألفوها في العقائد يما ينطبق على توحيد الربوبية فقط؛ حيث يقولون مثلاً: التوحيد هو الإقرار بوجود الله وأنه الخالق الرازق... إلخ، ثم يوردون أدلة توحيد الربوبية.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "فإن عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع؛ فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث، وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها، ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو معنى قولنا: لا إله إلا الله، حتى معنى الألوهية القدرة على الاختراع، ومعلوم أن المشتركين من العرب الذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم أولاً لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، حتى إنهم كانوا يقرون بالقدر - أيضا، وهم مع هذا مشركون...".
    هذا كلام الشيخ - رحمه الله، وهو واضح في الرد على من اعتقد أن التوحيد المطلوب من الخلق هو الإقرار بتوحيد الربوبية.
    ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}1؛

    فالرسل لم يقولوا لأممهم: أقروا أن الله هو الخالق؛ لأنهم مقرون بهذا، وإنما قالوا لهم: اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت.

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - أيضا -: "التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الإلهية لله وحده؛ بأن يشهد أن لا إله إلا الله، لا يعبد إلا








  6. #16
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    1 سورة النحل، الآية: 36.
    ص -37- إياه...".

    إلى أن قال: "وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية، وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم، كما يظن ذلك من يظنه أهل الكلام والتصوف، ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل؛ فقد أثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه؛ فقد فنوا في غاية التوحيد".
    فإن
    الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء؛ لم يكن موحدًا، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده؛ فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلزم بعبادة الله وحده لا شريك له.

    والإله هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، وليس الإله بمعنى القادر على الاختراع، فإذا فسر الإله بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد، كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفايتة، وهو الذي يقولونه عن أبي الحسن وأتباعه؛ لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين، -: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِالله إلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ}1، قال طائفة من السلف: تسألهم: من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله. وهم مع هذا يعبدون غيره!.

    -: {قُلْ لِمَنِ الآرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}2.

    --------------------------------
    1 سورة يوسف، الآية: 106.
    2 سورة المؤمنون، الآيات: 84 - 89.

    ص -38- فليس كل من أقر بأن الله تعالى رب كل شيء وخالقه يكون عابدًا دون ما سواه، داعيا له دون ما سواه، يوالي فيه ويعادي فيه ويطيع رسله.
    وعامة المشركين أقروا بأن الله خالق كل شيء، وأثبتوا الشفعاء الذين يشركونهم به، وجعلوا له أندادًا...".
    إلى أن قال - رحمه الله -: "ولهذا كان من أتباع هؤلاء من يسجد للشمس والقمر والكواكب، ويدعوها، ويصوم وينسك لها، ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك إذا اعتقدت أنها المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة؛ لم أكن مشركا، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك..." انتهى كلام.
    قلت: وهذا ما يقوله عباد القبور اليوم؛ يتقربون إليها بأنواع العبادة، ويقولون: هذا ليس بشرك؛ لأننا لا نعتقد فيها أنها تخلق وتدبر، وإنما جعلناها وسائط نتوسل بأصحابها.
    أساليب القران في الدعوة إلى توحيد الإلهية:
    لما كان توحيد الربوبية قد أقر به
    الناس بموجب فطرهم ونظرهم في الكون، وكان الإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله ولا ينجي صاحبه من العذاب؛ ركزت دعوات الرسل على توحيد الإلهية، خصوصا دعوة خاتم الرسل نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام؛ فكان يطالب الناس بقول لا إله إلا الله، المتضمنة لعبادة الله وترك عبادة ما سواه، فكانوا ينفرون منه، ويقولون: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}1، وحاولوا مع الرسول "أن يترك هذه الدعوة، ويخلي بينهم وبين عبادة الأصنام، وبذلوا في ذلك معه كل الوسائل؛ بالترغيب تارة، وبالترهيب تارة، وهو عبيه الصلاة







  7. #17
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    1 سورة ص، الآية: 5.
    ص -39- والسلام يقول: "والله؛ لو وضعوا
    الشمس بيميني، والقمر بشمالي، على أن أترك هذا الأمر؛ لا أتركه، حتى يظهره الله أو أهلك دونه"، وكانت آيات الله تتنزل عليه بالدعوة إلى هذا التوحيد، والرد على شبهات المشركين، وإقامة الراهين على بطلان ما هم عليه.
    وقد تنوعت أساليب
    القرآن في الدعوة إلى توحيد الإلهية، وها نحن نذكر جملة منها؛ فمن ذلك:

    1- أمره - سبحانه - بعبادته وترك عبادة ما سواه؛ كما في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا الله وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}1، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ...} إلى قوله: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}2.
    2- ومنها: إخباره - سبحانه - أنه خلق الخلق لعبادته؛ كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ}3.
    3- ومنها: إخباره أرسل جميع الرسل بالدعوة إلى عبادته والنهي عن عبادة ما سواه؛ كقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}4.
    4- ومنها: الاستدلال على توحيد الإلهية بانفراده بالربوبية والخلق والتدبير؛ كما في قوله - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ...}5، وقوله: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}6، وقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ}7.
    5- ومنها الاستدلال على وجوب عبادته - سبحانه - بانفراده بصفات الكمال وانتفاء ذلك عن آلهة المشركين؛ كما في قوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ





  8. #18
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    سورة النساء، الآية: 36.
    2 سورة البقرة، الآيتان: 21 - 22.
    3 سورة الذاريات، الآية: 56.
    4 سورة النحل، الآية: 36.
    5 سورة البقرة، الآية: 21.
    6 سورة فصلت، الآية: 37.
    7 سورة النحل، الآية: 17.

    ص -40- هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}1، وقوله: {وَلِلَّهِ الآسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}2، وقوله عن خليله إبراهيم عليه السلام؛ أنه قال لأبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً}3، وقوله: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}4، وقوله: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً}5.
    6- ومنها تعجيزه لآلهة المشركين؛ كقوله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}6

    وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً}7
    وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالآرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ}8
    وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}9.
    7- ومنها: تسفيه المشركين الذين يعبدون غير الله؛ كقوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله أَفَلا تَعْقِلُونَ}10، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}11.
    8- ومنها: بيان عاقبة المشركين الذين يعبدون غير الله، وبيان مآلهم مع من عبدوهم؛ حيث تتبرأ منهم تلك المعبودات في أحرج المواقف؛ كما في قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ الله





  9. #19
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    1 سورة مريم، الآية: 65.
    2 سورة الأعراف، الآية: 148.
    3 سورة مريم، الآية: 42.
    4 سورة فاطر، الآية: 14.
    5 سورة الأعراف، الآية: 148.
    6 سورة الأعراف، الآيتان: 191 - 192.
    7 سورة الإسراء، الآية: 56.
    8 سورة النحل، الآية 73.
    9 سورة الحج، الآية: 73.
    10 سورة
    الأنبياء، الآيتان: 66 - 67.
    11 سورة الأحقاف، الآية: 5.

    ص -41- شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}1، وقوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}2، وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}3، و -: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}4، وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ}5.


    9 - ومنها رده - سبحانه - على المشركين في اتخاذهم الوسائط بينهم وبين الله بأن الشفاعة ملك له - سبحانه، لا تطلب إلا منه، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه بعد رضاه عن المشفوع له؛ قال - سبحانه -: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}6، وقوله - سبحانه -: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاّ بِإِذْنِهِ}7، وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ الله لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}8.
    فبين - سبحانه في هذه الآيات أن الشفاعة ملكه وحده، لا تطلب إلا منه، ولا تحصل إلا بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع له.
    10- ومنها: أنه بين - سبحانه - أن هؤلاء المعبودين من دونه لا يحصل منهم








  10. #20
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    1 سورة البقرة، الآية: 165.
    2 سورة فاطر، الآية: 14.
    3 سورة الأحقاف، الآيتان: 5 - 6.
    4 سورة سبأ، الآيتان: 40 - 41.
    5 سورة المائدة، الآية: 116.
    6 سورة الزمر، الآيتان: 43 - 44.
    7 سورة البقرة، الآية: 255.
    8 سورة النجم، الآية: 26.

    ص -42- نفع لمن عبدهم من جميع الوجوه، ومن هذا شأنه لا يصلح للعبادة؛ كما في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}1.
    11- ومنها: أنه - سبحانه - ضرب أمثلة كثيرة في
    القرآن يتضح بها بطلان الشرك، من ذلك قوله - سبحانه -: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}2.
    شَبَّه - سبحانه - التوحيد في علوه وارتفاعه وسعته وشرفه بالسماء، وشبه تارك التوحيد بالساقط من السماء إلى أسفل السافلين؛ لأنه سقط من أوج الأيمان إلى حضيض الكفر، وشبه الشياطين التي تقلقه بالطير التي تمزق أعضاءه، وشبه هواه الذي يبعده عن الحق بالريح التي ترمي به في مكان بعيد.
    هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة في
    القرآن، ذكرها الله - سبحانه - لبيان بطلان الشرك وخسارة المشرك في الدنيا والآخرة.
    وما سقناه في هذا البحث من أساليب
    القرآن في الدعوة إلى توحيد الألوهية وإبطال الشرك قليل من كثير، وما على المسلم إلا أن يقرأ القرآن بتدبر؛ ليجد الخير الكثير، والأدلة المقنعة، والبراهين الساطعة، التي ترسخ عقيدة التوحيد في قلب المؤمن، وتقتلع منه كل شبهة...
    حدوث الشرك في توحيد الإلهية:
    مطلوب من المسلم بعدما يعرف الحق أن يعرف ما يضاده من الباطل ليجتنبه؛ كما يقال:
    عرفت الشر لا للش ر لكن لتوقيه





 

صفحة 2 من 9 الأولىالأولى 123456 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قواعد الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى العقـيدة الإسلامية
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 2011-01-16, 08:38 PM
  2. كلمات في ميزان الاعتقاد (1- أهل السنة و الجماعة)
    بواسطة أبو صهيب المصري في المنتدى العقـيدة الإسلامية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2010-11-02, 06:22 AM
  3. جمعية هداية: المكتب التعاوني للدعوة و الإرشاد
    بواسطة هداية في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2010-11-01, 04:51 PM
  4. جمعية هداية: المكتب التعاوني للدعوة و الإرشاد
    بواسطة هداية في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2010-11-01, 04:48 PM
  5. جمعية هداية: المكتب التعاوني للدعوة و الإرشاد
    بواسطة هداية في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2010-10-30, 04:06 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML