السؤال الثامن :
-
ما حكم شراء بيت بواسطة البنك ( عن طريق الربا ) بدعوى الضرورة، وأصدقك القول شيخنا أن هناك بعض المناطق والمدن يصعب فيها تأجير البيوت لأسباب كثيرة منها: العنصريّة والصورة السيّئة للمغتربين، وغير ذلك من الأسباب، وليس لهذه الأسر إلاّ شراء هذه البيوت عن طريق البنك.
- فما الحلّ شيخنا ؟ وهل من ضابط ؟
- ما حكم شراء سيارة بالطريقة السّابقة بدعوى أنها ضرورية للعمل ؟
- ما حكم من يؤجِّر غرفة في بيت اشتراه صاحبه عن طريق البنك، فهل بأجرته يعتبر مشاركًا في هذه المعصية، علمًا أنّ ثمن الكراء يضيفه صاحب البيت إلى المال الذي يدفعه للبنك ؟

الجواب:
لا يجوز الاقتراض من البنك بفائدة لشراء بيت ولا غيره، لأنّ هذا ربا محض، و الله تعالى يقول:{ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا }، و قد توعّد الله جلّ وعلا المرابين بما لم يتوعّد غيرهم فقال: { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ } فأخذ القرض بفائدة ربويّة محرّم بالكتاب و السنّة وإجماع المسلمين الذين يُعتدّ بقولهم.
وأما الفتوى بجواز الاقتراض بالربا، فهذا لمن كان في حالة اضطرار، فيكون حاله مثل حال من أشرف على الهلاك من الجوع، فيجوز لـه أكل الميتة والخنـزير لينقذ حياته، وشراء منـزل للسّكن لا يعدّ ضرورة ملجئة مع إمكان الحصول على السّكن بالأجرة.
ثمّ إنه لو قلنا بجواز الاقتراض من البنك للضّرورة فإنّ الأمر لا يترك لكلّ شخص، بل إنّ المفتي الثّقة ينظر في كلّ حالة على حدة ليحدّد الضّرورة من عدمها، فإنّ من المسلمين من يدّعي الضرورة في الاقتراض ولا ضرورة، بل هو من قبيل الحصول على الامتيازات الدّنيوية.

أمّا الحل : فعلى المسلم أن يتّقي الله تعالى ويلتزم بأمره، وقد وعد الله تعالى من فعل ذلك بالفرج والرزق في الدنيا، والسعادة والنجاة في الآخرة فقال: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }، ومن ترك الحرام مخافة الله عوّضه الله بالحلال أضعاف ما فاته من الحرام، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وعلى المرء أن يحرص على التماس الحلال في أكله، وشربه، وبيعه، وشرائه، وسائر عقوده، ومن تحرّى الحلال وفّقه الله لاستجابة الدعاء، كما أن الكسب الحرام سبب لعدم القبول، وقد ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : (( الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟!)).
أما أن يؤجر غرفة في بيت اشتراه صاحبه عن طريق البنك، فالأولى ترك ذلك إن وجد غيره، أما إن لم يجد جاز له ذلك ولاشيء عليه، فقد كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعامل الكفّار مع أنّهم يتعاملون فيما بينهم بالحرام، والله أعلم.