أخي الكريم الخضوع للحاكم الظالم مذموم شرعا ... والحل هو أن تتم إزاحته من السلطة بالطرق السلمية فإن رفض فالخروج عليه بالقوة
ماذا تقول أخي أسد من قال لك ذلك ؟
من يفعل ذلك هم الخوارج والمعتزلة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه لم يأذن في أخذ الحق بالقتال
الخروج على الحاكم بالقوة يجر للبلاد الفتن
اقرأ كلام أهل العلم في مسألة الخروج على الحكام
قال شيخ الاسلام ابن تيمية –بعد أن ذكر أقوالا فى طاعة ولى الأمر -. ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لايرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وان كان فيهم ظلم ,لما دلت على ذلك الأحاديت المستفيضة عن النبى صلى الله عليه وسلم لأن الفساد فى القتال ,والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة ,فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما,ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذى سلطان الا وكان فى خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذى أزالته , والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان,ولا أمر بقتال الباغين ابتداء, بل قال " وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل" ( الحجرات ,9) فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء, فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداء
في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال . " سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون ,فمن عرف برىء , ومن أنكر سلم , ولكن من رضي وتابع. قالوا. أفلا نقاتلهم قال لا, ماصلوا " فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتالهم مع اخباره أنهم يأتون أمورا منكرة فدل على أنه لا يجوز الانكار عليهم بالسيف كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من . الخوارج والزيدية والمعتزلة , وطائفة من الفقهاء وغيرهم
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ." انكم سترون بعدي أثرة , وأمور تنكرونها. قالوا . فما تأمرنا يا رسول الله. قال تؤدون الحق الذي عليكم , وتسألون الله الذي لكم " فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمراء يظلمون ويفعلون امورا منكرة ومع هذا أمرنا أن نؤتيهم الحق الذي لهم ونسال الله الحق لنا ولم يأذن في أخذ الحق بالقتال ولم يرخص في ترك الحق الذي لهم
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فانه من فارق الجماعة شبرا فمات مات ميتة الجاهلية " وفي لفظ ".. من خرج من السلطان شبرا فمات مات ميتة الجاهلية ". واللفظ للبخاري
وقد تقدم (1) قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنهم لا يهتدون بهدية ولا يستنون بسنته قال حذيفة " كيف أصنع يا رسول الله انأدركت ذلك قال تسمع وتطيع للأمير وان ضرب ظهرك وأخد مالك فاسمع واطع "
فهذا أمر بالطاعة مع ظلم الأمير وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم " من ولي عليه وال فراه يأتي شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا عن طاعة " أخرجه مسلم واحمد وغيرهم وهذا نهي عن الخروج عن السلطان وان عصى
وتقدم حديث عبادة رضي الله عنه "" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا والا ننازع الأمر أهله قال 'الا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " وفي رواية " وأن تقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم "
فهذا أمر بالطاعة مع استئثار ولي الامر وذلك ظلم منه ونهي عن منازعة الامر أهله وذلك نهي عن الخروج عليه لأن أهله هم أولو الامر الذي أمر بطاعتهم وهم الذين لهم سلطان يأمرون به وليس المراد من يستحق أن يولى ولا سلطان له ولا المتولي العادل لأنه ذكر أنهم يستأثرون فدل على انه نهى عن منازعة ولي الامر وان كان مستاثرا وهذا باب واسع "اه (2)
قال ابن القيم " نهيه عن قتال الامراء والخروج على الائمة وان ظلموا وجاروا ما اقاموا الصلاة سدا لذريعة الفساد العظيم في الشر الكثير بقتالهم كما هو الواقع فان حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف ما هم عليه والامة في بقايا تلك الشرور الى الان وقال "" اذا بويع الخليفتان فاقتلوا الاخر منهم "" سدا لذريعة الفتنة اه ( 3)
قال الامام محمد بن نصر المروزي قال بعض اهل العلم " وأما النصيحة لائمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الامة عليهم وكراهة افتراق الامة عليهم
والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الالخروج عليهم وحب اعزازهم في طاعة الله" اه (4)
قال ابو عمرو بن الصلاح "أما النصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الاغيار على ذلك " اه (5)
قال الامام الاجري فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على امام عدل كان او جائر فخرج وجمع جماعة وسل سيفه واستحل قتال المسلمين فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرأن ولا بطول قيامه في الصلاة ولا بدوام صيامه وبحسن ألفاظه في العلم اذا كان مذهبه الخوارج ....." ثم تكلم على الخوارج والتحذير عن منهجهم وساق الاحاديث الواردة في ذلك
ثم قال " وقد ذكرت من التحذير عن مذهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله عز وجل عن مذهب الخوارج ولم ير رأيهم وصبر على جور الائمة وحيف الامراء ولم يخرج عليهم بسيفه وسأل الله العظيم كشف الظلم عنه وعن جميع المسلمين ودعا الولاة بالصلاح وحج معهم , وجاهد معهم كل عدو للمسلمين , وصلى خلفهم الجمعة والعيدين, وان أمروه بطاعتهم فأمكنته طاعتهم أطاعهم, وان لم يمكنه اعتدر اليهم , وان أمروه بمعصية, لم يطعهم, واذا دارت بينهم الفتن لزم بيته , وكف لسانه ويده ولم يهو ما هم فيه , ولم يعن على فتنة , فمن كان هذه أوصافه كان على الطريق المستقيم ان شاء الله تعالى " اه (6)
قا ل الامام الشوكاني- رحمه الله - . " ينبغي لمن ظهر له غلط الامام في بعض المسائل أن يناصحه, ولا الشناعة عليه على رءوس الأشهاد , بل كما ورد في الحديث أنه يأخد بيده ويخلو به ويبدل له النصيحة, ولا يذل السلطان الله وقد قدمنا في أول كتاب السير أنه لايجوز الخروج على الأئمة ,وان بلغوا فى الظلم أى مبلغ ,ما أقامو الصلاة ,ولم يظهر منهم الكفر البواح ,والأحاديت الواردة فى هذا المعنى متواترة ,ولكن على المأموم أن يطيع الامام فى طاعة الله ,ويعصيه فى معصية الله ,فانه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق "اه(7)
قال الشيخ الألبانى فى الكلام على قول الله ."ومن لم يحكم بما أنزل الله "."فى هذه المسألة يغفل عنها كتير من الشباب المتحمسين لتحكيم الاسلام ,ولذلك فهم فى كثير من الاحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالاسلام , فتقع فتن كثيرة ,وسفك دماء أبرياء ,لمجرد الحماس الذى لم تعد له عدته ,والواجب عندى تصفية الاسلام مما ليس منه , كالعقائد الباطلة ,والأحكام العاطلة ,والاراء الكاسدة المخالفة للسنة ,وتربية الجيل على هذا الاسلام المصفى ,والله المستعان (8)
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن الذين يدعون الشباب الى تبني العنف في التغيير والى الخروج على الحكام
فقال " هذا غلط من قائله وقلة فهمه لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي وانما تحملهم
الحماسة والغيرة لازالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة
وبعد كلام له قال فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية
فيقفون مع النصوص كما جاءت وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاصر وقعت منه عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة بالطرق الطيبة الحكيمة "(9)
قال الشيخ ابن عثيمين
" أما هؤلاء فقد ظلموا أنفسهم بتكفيرهم الحكام من غير دليل شرعي فان هذا يوجب اثارة الفتن في الشعوب
والفوضى التي لا نهاية لها ولا حد لها والواجب على كل انسان أن يتقي الله في نفسه وفي اخواته وأن يتدبر الواقع
وان كل الذين ثاروا على الحكام مهما كانت منزلتهم من الدين كلهم باءوا بالفشل وأثاروا الفوضى واتلاف الاموال والأنفس والخوف والذعر وقلة المعيشة وغير ذلك من المفاسد العظيمة
ولا حاجة الى أن نضع النقاط على الحروف ونقول انظروا كذا وانظروا كذا .... الانسان يسمع الأخبار ويعرف وعلى فرض أن هؤلاء وصلوا الى الحكم فهل الذين وصلوا الى الحكم وخرجوا على من قبلهم هل أصلحوا شيئا بل عاد الأمر الى أسوأ ما كان عليه من قبل لذلك نحن نحذر هؤلاء من نشرهم لهذه المباذئ الباطلة
أما بالنسبة لغيرهم فأرى أن يتركوهم لا يهتموا بهم ولكن لا بأس أن ينشروا مذهب السلف في الصبر على الحكام وعلى أذاهم وعلى وجوب طاعتهم سواء كانوا عصاة أو فاسقين الا اذا أمروا بمعصية فلا نطيعهم أما اذا امروا بغير معصية ولو كانوا فساقا فانهم يجب علينا طاعتهم كما كان أئمة هذه الامة يفعلون ذلك
" اه (10)
المصادر
(1). أي في الأصل
(2)." منهاج السنة النبوية" ( 390/3) تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم.
(3). " اعلام الموقعين" ( 207/3) تحقيق عبد الرحمن الوكيل
(4)." تعظيم قدر الصلاة" ( 693/2).
(5) . نقلا عن كتاب" جامع العلوم والحكم" ( 79ص).
(6). " الشريعة "( 157/1) تحقيق الوليد بن محمد بن نبيه.
(7)." السيل الجرار" ( 556/4) تحقيق محمود بن ابراهيم زايد.
(8). " السلسلة الصحيحة" ( 457/6).
(9). نقلا عن كتاب " المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم " اعداد أبي عبد الله بن ابراهيم الوايلي ( 12-11ص).
(10). نقلا عن شريط " الأسئلة السويدية.
نقلته من كتاب " تنبيه الأفاضل على تلبيسات أهل الباطل"
تأليف "محمد بن علي الصومعي"
تقديم" العلامة احمد بن يحيى النجمي "رحمه الله.
المفضلات