الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَآخَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ [ ص 505 ] وَالْأَنْصَارِ ، فَقَالَ - فِيمَا بَلَغَنَا ، وَنَعُوذُ بِاَللّهِ أَنْ نَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُقَلْ - : تَآخَوْا فِي اللّهِ أَخَوَيْنِ أَخَوَيْنِ ثُمّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ هَذَا أَخِي فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَيّدَ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامَ الْمُتّقِينَ وَرَسُولَ رَبّ الْعَالَمِينَ الّذِي لَيْسَ لَهُ خَطِيرٌ وَلَا نَظِيرٌ مِنْ الْعِبَادِ وَعَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَخَوَيْنِ وَكَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، أَسَدُ اللّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَمّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، مَوْلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَخَوَيْنِ وَإِلَيْهِ أَوْصَى حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ حَيْنَ حَضَرَهُ الْقِتَالُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَادِثُ الْمَوْتِ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ذُو الْجَنَاحَيْنِ الطّيّارُ فِي الْجَنّةِ وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، أَخُو بَنِي سَلَمَةَ ، أَخَوَيْنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمئِذٍ غَائِبًا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَخَارِجَةُ بْنُ زُهَيْرٍ ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَخَوَيْنِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ ، أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَخَوَيْنِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْجَرّاحِ ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النّعْمَانِ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، أَخَوَيْنِ . وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَسَعْدُ بْنُ الرّبِيعِ ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، أَخَوَيْنِ . وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ ، وَسَلَامَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، أَخَوَيْنِ . وَيُقَالُ بَلْ الزّبَيْرُ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ ، أَخَوَيْنِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ ، وَأَوْسُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَخُو بَنِي النّجّارِ ، أَخَوَيْنِ . وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، أَخُو بَنِي سَلَمَةَ ، أَخَوَيْنِ . وَسَعْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، وأُبَيّ بْنُ كَعْبٍ [ ص 506 ] أَخُو بَنِي النّجّارِ : أَخَوَيْنِ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ ، وَأَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ ، أَخُو بَنِي النّجّارِ : أَخَوَيْنِ وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعَبّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ وَقْشٍ ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ : أَخَوَيْنِ . وَعَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، أَخُو بَنِي عَبْدِ عَبْسٍ ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ : أَخَوَيْنِ . وَيُقَالُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الشّمّاسِ ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، خَطِيبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ : أَخَوَيْنِ . وَأَبُو ذَرّ ، وَهُوَ بُرَيْرُ بْنُ جُنَادَةَ الْغِفَارِيّ ، الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو ، الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ : أَخَوَيْنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَسَمِعْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ أَبُو ذَرّ جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ ، حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، أَخَوَيْنِ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيّ ، وَأَبُو الدّرْدَاءِ ، عُوَيْمِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، أَخَوَيْنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : عُوَيْمِرُ بْنُ عَامِرٍ وَيُقَالُ عُوَيْمِرُ بْنُ زَيْدٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَبِلَالٌ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا ، مُؤَذّنُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو رُوَيْحَةَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الْخَثْعَمِيّ ، ثُمّ أَحَدُ [ ص 507 ] سُمّيَ لَنَا ، مِمّنْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ آخَى بَيْنَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ .


ومن هنا بدأ الرسول في نشر الرسالة وفي إرساء قواعد وأسس هذا الدين علم الصحابة وأرسل الرسل إلي البلاد ليخبرهم عن الإسلام وعن شأن هذا الدين العظيم , وبدأت تتشعب رقعة الدولة الإسلامية وتزداد شيئاً فشيئاً, وأقبلت القبائل تبايع الرسول على الإسلام , وأقام الرسول صلى الله عليه وسلم دولة للإسلام وسط فتات متناثر .
ومر النبي في تلك الفترة بحروب وغزوات كبار لتوسيع رقعة الدولة الإسلامية ومن أشهر تلك الغزوات على الإطلاق هما غزوة بدر وغزوة أحد قد كتب للمسلمين النصر في بدر برغم قلة في العدة والعتاد وبرغم كثرة عتاد قريش وجيشها , أما في غزوة أحد كادت أن تحسم الغزوة للمسلمين لولا أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وطوق خالد أبن الوليد جيش المسلمين من الخلف وأنتشر خبر قتل الرسول صلى الله عليه وسلم , وفر الصحابة من الميدان وألقوا السلاح حتى مر عليهم أنس أبن النضر فقال لهم ماذا تفعلون قالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا نفعل بالحياة من بعده , قال لهم انس قوموا فموتوا على مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

بَيْعَةُ الرّضْوَانِ
[ مُبَايَعَةُ الرّسُولِ النّاسَ عَلَى الْحَرْبِ وَتَخَلّفُ الْجَدّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ لَا نَبْرَحُ حَتّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ إلَى الْبَيْعَةِ فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرّضْوَانِ تَحْتَ الشّجَرَةِ ، فَكَانَ النّاسُ يَقُولُونَ بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْمَوْتِ وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يُبَايِعْنَا عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعَنَا عَلَى أَنْ لَا نَفِرّ . [ ص 316 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ وَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَهَا ، إلّا الْجَدّ بْنَ قَيْسٍ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ ، فَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ وَاَللّهِ لَكَأَنّي أَنْظُرُ إلَيْهِ لَاصِقًا بِإِبْطِ نَاقَتِهِ . قَدْ ضَبَأَ إلَيْهَا ، يَسْتَتِرُ بِهَا مِنْ النّاسِ . ثُمّ أَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ الّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بَاطِلٌ .

[ أَوّلُ مَنْ بَايَعَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشّعْبِيّ : أَنّ أَوّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْعَةَ الرّضْوَانِ أَبُو سِنَانٍ الاسديَ ابْنُ هِشَامٍ : وَحَدّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَمّنْ حَدّثَهُ بِأَسْنَادٍ لَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَرَ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَايَعَ لِعُثْمَانِ فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى .

أَمْرُ الْهُدْنَةِ
[ إرْسَال قُرَيْشٍ سهيلاً الرّسُولِ لِلصّلْحِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ : ثُمّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، أَخَا بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ ، إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالُوا لَهُ ائْتِ مُحَمّدًا فَصَالِحْهُ وَلَا يَكُنْ فِي صُلْحِهِ إلّا أَنْ يَرْجِعَ عَنّا عَامَهُ هَذَا ، فَوَاَللّهِ لَا تُحَدّثُ الْعَرَبُ عَنّا أَنّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً أَبَدًا . فَأَتَاهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُقْبِلًا ، قَالَ قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرّجُل فَلَمّا انْتَهَى سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَكَلّمَ فَأَطَالَ الْكَلَامَ وَتَرَاجَعَا ، ثُمّ جَرَى بَيْنَهُمَا الصّلْحُ .


[ عَلِيّ يَكْتُبُ شُرُوطَ الصّلْحِ ]
قَالَ ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ اُكْتُبْ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ قَالَ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا ، وَلَكِنْ اُكْتُبْ بِاسْمِك اللّهُمّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اُكْتُبْ بِاسْمِك اللّهُمّ فَكَتَبَهَا ؛ ثُمّ قَالَ اُكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمّدٌ رَسُولَ اللّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ؛ قَالَ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَوْ شَهِدْت أَنّك رَسُولُ اللّهِ لَمْ أُقَاتِلْك ، وَلَكِنْ اُكْتُبْ اسْمَك وَاسْمَ أَبِيك ؛ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اُكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، اصْطَلَحَا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَنْ النّاسِ عَشْرَ سِنِينَ يَأْمَنُ فِيهِنّ النّاسُ وَيَكُفّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَنّهُ مَنْ أَتَى مُحَمّدًا مِنْ قُرَيْشٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيّهِ رَدّهُ عَلَيْهِمْ وَمَنْ جَاءَ قُرَيْشًا مِمّنْ مَعَ مُحَمّدٍ لَمْ يَرُدّوهُ عَلَيْهِ وَإِنّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً وَأَنّهُ لَا إسْلَالَ وَلَا إغْلَالَ وَأَنّهُ مَنْ أَحَبّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ وَمَنْ أَحَبّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ [ ص 318 ]

[ مَنْ شَهِدُوا عَلَى الصّلْحِ ]
فَلَمّا فَرَغَ ( رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) مِنْ الْكِتَابِ أَشْهَدَ عَلَى الصّلْحِ رِجَالًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرِجَالًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ، وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ ، وَمَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ وَعَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَتَبَ وَكَانَ هُوَ كَاتِبَ الصّحِيفَةِ .

[ نَحَرَ الرّسُولُ وَحَلْقُ فَاقْتَدَى بِهِ النّاسُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُضْطَرَبًا فِي الْحِلّ وَكَانَ يُصَلّي فِي الْحُرُمِ ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ الصّلْحِ قَدِمَ إلَى هَدْيِهِ فَنَحَرَهُ ثُمّ جَلَسَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَكَانَ الّذِي حَلَقَهُ فِيمَا بَلَغَنِي ، فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خِرَاشَ بْنَ أُمَيّةَ بْنِ الْفَضْلِ الْخُزَاعِيّ ؛ فَلَمّا رَأَى النّاسُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ نَحَرَ وَحَلَقَ تَوَاثَبُوا يَنْحَرُونَ وَيَحْلِقُونَ .
أود أن أعلق تعليقاً بسيطاً على تلك الفقرة هو ان الرسول صلى الله عليه وسلم تنازل عن أمور في الصلح لو عرضت علينا ما تنازل عنها واحد من قادتنا الآن ولكنه قبل هذا لأنه يريد أن يؤسس دولة لا يريد الحرب الآن فقبل الشروط من غير ضعف في موقفه ولكن لكي يعلمنا نحن أنه في كل أمر خير وأن الفرج مع الكرب , هذا هو القائد الأعظم يتنازل عن صفوة النبوة ثم يتنازل ويشطب قولة الرحمن الرحيم , ويرجع أبا جندل إلي سهيل بن عمرو , ووالله لو تنازل أحد وقبل أن يشطب قولة الرحمن الرحيم لقام عليه المسلمون جميعا . ولكنه الفقه ومناطات الدليل ومراتبه وفهم الواقع .