بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا شرح مختصر لحديث اللهم اقسم لنا من خشيتك مايحول بيننا وبين معاصيك
روى الإمام الترمذي في سننه من حديث ابن عمر قال : قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه : (اللهم إقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما احييتنا ، وأجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا)..
قوله" اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا ، وبين معاصيك " اقسم: أي قدر ، والخشية هي الخوف المقرون بالعلم ، : ( إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) سورة فاطرالآية 28
والإنسان كما خشي الله عز وجل منعته خشيته من الله أن ينتهك محارم الله ، ولهذا قال : "ما يحول بيننا وبين معاصيك".
قوله : "ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك " : يعني واقسم لنا من طاعتك ما تبلغنا به جنتك فإن الجنة طريقها طاعة الله عز وجل ، فإذا وفق العبد بخشية الله واجتناب محارمه والقيام بطاعته نجا من النار ودخل الجنة بطاعته.
قوله : "ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا" : اليقين: هو أعلى درجات الإيمان لأنه إيمان لا شك معه ولا تردد . قال ابن مسعود اليقين هو الإيمان كله ، فإذا كان عند الإنسان يقين تام بما أخبر الله تعالى من أمور الغيب فيما يتعلق بالله عز وجل أو بأسمائه أو صفاته أو اليوم الآخر وغير ذلك وصار ما أخبر الله به من الغيب عنده بمنزلة الشاهد فهذا هو كمال اليقين ، والدنيا فيها مصائب كثيرة ، ولكن هذه المصائب إذا كان عند الإنسان يقين تام أنه يكفر بها سيئاته ويُرفع بها من درجاته إذا صبر واحتسب الأجر من الله ، هانت عليه المصائب وسهلت عليه المحن مهما عظمت سواء كانت في بدنه أو في أهله أو في ماله.
قوله : " ومتعنا بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما احييتنا " : أي إجعلنا متمتعين ومنتفعين بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أي بأن نستعملها في طاعتك.
قال ابن الملك : التمتع بالسمع والبصر إبقاؤهما صحيحين إلى الموت وإنما خص السمع والبصر بالتمتع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفة الله وتوحيده إنما تحصل من طريقها لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات القرآنية وذلك بطريق السمع أو من الآيات الكونية في الآفاق والأنفس بطريق البصر ، والإنسان إذا تمتع بهذه الحواس حصل على خير كثير وإذا افتقدها فاته خير كثير ، (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْوَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ)
قوله : " وأجعله الوارث منا " : واجعله أي المذكور من الأسماع والأبصار والقوة (الوارث) أي الباقي بأن يبقى إلى الموت.
قوله : " واجعل ثأرنا على من ظلمنا " : أي اجعلنا نستأثر وتكون لنا الأثرة على من ظلمنا بحيث تقتص لنا منه إما بأشياء تصيبه في الدنيا أو في الآخرة . : (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِمِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) .
قوله : " وانصرنا على من عادانا " : من الأعداء وهم كثر من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين وغيرهم ومن أكبر أعدائنا وأشدهم ضرراً علينا الشيطان الذي حذرنا الله منه فقال : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) فاطر الآية6 .
و عن الكفار : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) سورة المائدة 51
، و عن المنافقين (..هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْقَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( سورة المنافقون: من الآية 4).
قوله : " ولا تجعل مصيبتنا في ديننا " : أعظم مصيبة هي مصيبة الدين وهي على قسمين : إما أن يبتلى بالمعاصي كأكل الحرام واعتقاد السوء أو يبتلى بما هو أعظم من ذلك كالشرك والكفر والنفاق وما أشبه فهذه مهلكة مثل الموت للبدن.
قوله : " تجعل الدنيا أكبر همنا " : أي لا تجعل طلب المال والجاه أكبر قصدنا وهمنا ، بل اجعل أكبر قصدنا مصروفاً في عمل الآخرة.
قوله : " ولا مبلغ علمنا " أي لا تجعلنا حيث لا نعلم ولا نتفكر إلا في أمور الدنيا بل اجعلنا متفكرين في أحوال الآخرة ، و(المبلغ) أي الغاية التي يبلغها الماشي والمحاسب فيقف عنده.
قوله : " ولا تسلط علينا من لا يرحمنا " : أي لا تجعلنا مغلوبين للكفار والظلمة أو لا تجعل الظالمين علينا حاكمين ، فإن الظالم لا يرحم الرعية.
..من كتاب الدرر المنتقاه من الكلمات الملقاه..
"دروس يوميه" للشيخ الدكتور أمين عبدالله الشقاوي
عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية"..
hggil Yrsl gkh lk oadj; lh dp,g fdkkh ,fdk luhwd;
المفضلات