بفأس الخليل...
نقد بنائية وهوية
العقل الإنسانى المعاصر
و
بتناول العقل العربى
دراسة نقدية حول : بنائية وهوية العقل الإنسانى المعاصربفأس الخليل
وبتناول العقل العربى .
بقلم الأخ / مُتبر الخرافات والأساطير تتبيرا ؛
الإهداء
لو كان فى هذا الكتاب حسنة واحدة فقط لا غير فهى ترجع من بعد توفيق الله تعالى كثمرة بسيطة من آلاف الثمار لمسيرة حياة رجل من رجالات الله وعالم ربانى موفق ومسدد، إنه شمس الزمان وقمر الإسلام ومجدد الأمة الوالد الكريم الشيخ / أبى عبدالله أسامة بن محمد بن عوض بن لادن قدس الله سره... فأرجوا من الله أن يتقبل هذا العمل منى عنى وعن والدنا الجليل مجدد الأمة وعن والدى وعن كل أبائى جميعا وأن يهدينى الصواب والحق ويجنبنى الهوى والزيغ .
مُتبر الخرافات والأساطير تتبيرا ؛؛؛
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا فمن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:102]؛
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا} [النساء:1]؛
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71] ... أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد.. :
تقديم بين يدى القراء الكرام :
من الطريف حين تلج إلى بحث يحاول كاتبه اظهاره فى ثوب علمى مبديا فى ذلك بعض التكلف لرفع وثوقية النص وتوثيقه وصولا للمستوى العلمى والمنهجى والمعرفى والثقافوى والتوثيقى المطلوب للخروج بشكل عام مقبول ذاتيا للنص سواء كان دراسة أو بحث أو مقال أو تعليق أوتعقيب أو تحليل أو غير ذلك.
حين تجد هذا النص الذى يحاول كاتبه وساطره أن يظهره فى هذا الثوب المعرفى الدقيق والعلمى الرفيع والثقافوى الواسع فمن العادة أن لا يبدأ النص منذ بدايته بداية أدبية أو سردية لاذعة فهذا عادة ينافى بنيوية النص العلمى والتوثيقى الذى أراد له كاتبه أن يظهر فى هذا الشكل العلمى التوثيقى والمعرفى الممنهج والمؤطر ببنية منطقية قوية تنسجه ألفاظ وكلمات وعبارات أقرب إلى المحتوى الذهنى البديهى والمنطقى وفقا لما تواضعت عامة العقول من بنى البشر على الإقرار له والتسليم به فى حده الأدنى على كونه هياكل منطقية عامة صحيحة ومحققة ومقبولة على كونها توفر الحد الأدنى من درجة الوثوقية العلمية والمنهجية بعيدا عن المحتوى الذهنى العاطفى أو الشاعرى أوالأدبى قدر المستطاع ...
ولكنك حين تعلم أن موضوعنا ومقدمتنا وبرغم ما يريد كاتبه مما سبق بيانه من إلباسه الثوب العلمى المنهجى الملتزم بمنهج 1- بحث 2- ودراسة 3- وعرض. مهيكل وصفيا منطقيا، ومبنى تحقيقيا، ومجرد عاطفيا، ومدقق لفظيا، بحيث تحمل العبارات محتويات وأوعية منهجية تحقيقية صارمة بحيث تتواصل المرادات ووظيفة وجوهر ووجدان أمانة العقل ومقتضى التكليف التى حملها عامة بنو الإنسان بما لا يسع هذا العقل إنكاره حسيا ووجدانيا معا.
إلا أنه ؛
وعادة ما تؤدى حروف الإعتراض والإستثناء دور بلاغى يحمل ثوب علمى فيزيائى ربما يوازى التركيبة الأساسية أو بنية المحتوى للعبارة محل الإرسال والتحبير وهذا شأن أخر لكن الإشارة لدور إلا المحورى هنا كان واجب التنبيه والتبيان لأهميته.
وإلا هنا دورها بيانى للغاية فهى تعنى علة الكاتب فيما قد يظنه البعض إبتعاد قليلا عن التقاليد المنهجية الصارمة من علمية منهج البحث والدراسة والتحليل وصولا لخروجها فى ثياب منهاجية علمية وتحقيقية ومرورا بهيكلية وبنيوية منطقية قوية لمنهج العرض داخل البحث ؛
هذا الإبتعاد الظنى عن التقاليد والمنهجية العلمية الدقيقة فى بعض المواضع يرى الكاتب إنه ليس إبتعاد عنها بقدر كونه يقع جزء لا يتجزأ من هذه المنهاجية العلمية الثاقبة والصارمة ويأتى مكملا وخادما لها وليشكل ذلك بذاته آداة خدمية ومنهجية لازمة ومطلوبة بشدة فى منهج البحث.
فهذة الآداة لم يستخدمها الكاتب بمراده بقدر ما جاء موازيا لحقيقة موضوع البحث وما يتعرض له من تناقضات ومفارقات وخرافات سطحية وساذجة للغاية تدعو للتعجب والدهشة البالغين بل وتتخطى التعجب والدهشة بكثير لتصل إلى التسخيف والسخرية.
ومثل هذة التناقضات والمفارقات توقع الكاتب فى إشكالية كبرى يعرفها جيدا المدققون والمحققون من أرباب العلم والقلم.
وهذة الإشكالية ضخمة للغاية فالكاتب فى هذه المواضع يقع بين أن يوضح الواضحات ويسهب فى البديهيات ويستطرد فى المسلمات وما يصاحب ذلك من جهد جهيد للخروج من حلقاتها الفراغية المتهافتة، أو يستعيض عن ذلك كله بآداة تمثل أسلوب بحثى مختلط فى عرض نصه ليحمل الأسلوب فى طياته لذعة ساخرة وتعبيرات بلاغية نقدية شديدة ليختزل ويختصر تلك المفارقات والعجائب والطرائف فيأتى منهج البحث العلمى حاملا بعضا من روح السخرية اللاذعة والتقريعات الشديدة برغم ما تعهد الكاتب لقلمه من منهاجية وصرامة فى البحث والعرض العلمى المحقق والموثق. ولكن وكما سبق يرى الكاتب ذلك الأسلوب وتلك الآداة فى ذاتهما ضرورة علمية وبحثية ملحة ليستطيع الكاتب بهذه الآداة المركبة علميا ولغويا معا تجاوز عقبات البحث من مفارقات وتناقضات تصل بأبسط العقول المنهجية والسوية الى حد السخرية من مثل هذا الكم الوافر من التناقضات والمفارقات والخرافات التى يدركها عقول ووعى الأطفال فى طور نشأة وتكوين العقل المدرك، ناهيك عن العقول الواعية الناضجة، مما أوجد لزوما منهجيا ودورا علميا بحثيا على تخطى التعجب والدهشة إلى السخرية اللاذعة والتقريع الشديد فى ثنايا بعض السطور، ويظهر هنا للقارئ أن الكاتب يرى فى هذه السخرية ضرورة ملحة وآداة بحثية وعلمية موائمة لإستكمال منهج البحث العلمى نفسه لموضوع يحتوى فى صلب محاوره مثل ما يحمل موضوعنا من مفارقات سطحية للغاية وعجائب تمتد لتجعل نفسها أقرب للطرائف ؛
ربما قد ينظر البعض لهذة المقدمة على كونها مقدمة تبريرية ليرفع الكاتب مطارق الإستخفاف والسخرية على مخالفيه.
لكننا نؤكد هنا ونقول أن هناك لا شك حدا فاصلا بين التبرير والتوضيح وأن ما سقناه فى المقدمة يقع على كونه توضيحا منهجيا لازما، لا تبريرا محضا.
وقد يرى بعض المحققون أن هناك بالفعل قدر محدد من المفارقات من الممكن تجاوزها وتفنيدها بيسرعند التحقيق العلمى. وهذا حق لا خلاف فيه ولكن حين يتجاوز هذا القدر من المفارقات الحد المشار إليه، ويتجاوزه لدرجة العبثية المفرطة فنجد أننا هنا أمام تلك الإشكالية مضطرين إضطرارا لإستخدام وإجترار تلك الآداة البحثية المشار لها، وأننا بذلك نتقيد ونلتزم بالأصول المنهجية والبحثية الدقيقة وما يتماشى ويتماهى مع أخلاقية النص العلمى المنهجى ويتداخل معها ليصبح جزء واجب وملزم فى المنهج الأخلاقى للنص عندما يتطلب الأمر ذلك فمن باب الحفاظ على الأمانة العلمية والأخلاقية ومن دقة منهج التحقيق العلمى ولتحقيق التجرد على وجه الحقيقة وجوب إعطاء المحتويات مسمياتها الصحيحة التى تستحقها ويجب توقيف القارئ على موضوعية توجيه المصطلحات إلى حقيقة محتوياتها وكذلك توجيه المحتويات إلى إطلاق المصطلحات والمسميات المناسبة لجوهر تلك المحتويات ؛
من هنا نجد أن المقدمة توضيحا لا تبريرا وان إشكالية عرض ونقد المادة العلمية الواسعة و الغزيرة موضع البحث وما يصاحب هذه المادة من صعوبات بالغة ومتنوعة فى كثير من تلك المادة أوجدت لنفسها الآدوات المناسبة لكل منها وتستصحب هذه الصعوبة منهج البحث فى كل مراحله وقد فضلت طرح بعض صعوبات البحث قبل تحديد موضوعه ونطاقه على خلاف عادة المحققين لأهداف عدة وأهمها تجاوز تلك الجدلية أخلاقيا فى مراحل البحث المختلفة .
كما أن هناك صعوبات أخرى كثيرة إذ إن هذا البحث بالأصل يتناول فيوضات وأطياف الصعوبات والإشكالات التى واجهت مختلف الدارسين والمحققين وحتى الأصوليين وفى مجالات متنوعة نتناولها فى حينها.
وبذلك فقد تم المراد من التقديم ويتبعه عرض تمهيدى سريع ومختصر لموضوع البحث وروافد طيفه العريض والمتعدى زمانيا ومكانيا لمديات أدت بها لتلك الوفرة والغزرة فى المادة التى يتناولها الموضوع وأبعادها المتفاوتة ثم نتبع ذلك بتدقيق الفواصل والأطر المختلفة لنصل بالقارئ الفاضل إلى الإسترسال حول تكوينية وأبعاد وبنائية الهوية الإنسانية الحقيقية الدقيقة الذى هو محور ذلك كله والإشكالية الكبرى الرئيسية التى يتناولها البحث بدرجة من الإسهاب المقتصد لكل بعد من أبعادها وجدنا أن له الدرجة المطلوبة من الأهمية لمعالجته وتحقيق موارده والبت قدرنا فى ذلك بما يناسبه ؛
ولقد كان من فوائد التقديم أن أتينا بذكر وتمهيد لمنهج البحث المستخدم وأيضا تناولنا لمنهج العرض داخل البحث وهو منهج وصفى تحليلى بالمقام الأول يستخدم الوصف وفقا للمحتوى ولمنطق المسلمات المعرفية فى حدها الأدنى المقبول لما يتواضع على الإقرار به عامة عقلاء الجنس البشرى وسنشرح ذلك بنوع من التفصيل لاحقا ونقدم للآداة الأنموذجية القياسية المناسبة له ؛
وسيلاحظ الدارس للبحث أن من منهج البحث إستخدام آداة وقاعدة خاصة ربما تكون على خلاف عادة المحققيين الأكاديميين إلا النوادر منهم وهى أن التوصيف الدقيق سابق على التحقيق ومن ثم التأصيل وهذة الآداة غاية الأهمية فالبحث هنا كما سبق يتخذ طريق التقرير والتسليم للمادة العلمية وتحليلها الوصفى ومن ثم تحقيقها ونتائجها العلمية والبحثية من كافة القراء ليتدرج ليصل معهم إلى الإتفاق والإقرار على صحة وتوافق المحتويات للمادة العلمية وتحليلها وعرضها للوصول بها إلى المراد منها وهو أن تكون على درجة الإقرار التى ترفعها إلى درجة أقرب ما تكون للمسلمات، ولا عصمة فى هذا كله ولا ندعى ولا ينبغى لنا فالبشر بين الخطأ والصواب وإحاطة العلم لا تكون لغير الله تعالى بلا مراء ؛
وسنراعى فى جميع مراحل العرض للبحث القاعدة والآداة المناسبة من حيث السعى الدؤوب لسهولة ويسر وصول البيان والمحتوى المراد لكافة فئات القراء الكرام وبحيث ينتقل القارئ الكريم مع كافة مراحل العرض بيسر بالغ وإستيعاب للمحتوى العلمى بدرجة مناسبة وسنقوم بعرض تبسيطى لبعض المفاهيم المرادة وسنتدرج فى طريقة عرضها لنحاول أن نصل معها إلى درجة الوضوح التى ترفعها لمرتبة أقرب إلى البديهيات والمسلمات والتى لا يمارى فيها إنسان عاقل من بنى البشر والله الموفق لكل خير بفضله ؛
كما سنراعى مع هذا كله بذل الوسع والجهد الممكن فى عدم التكرار والإسهاب الزائد عن الحد لكن بشريطة الوصول لدرجة الوضوح التى تفى بالإقرار المطلوب وقد يظن القارئ أن هناك تكرار فى أجزاء من المادة العلمية المطروحة وهى فى الحقيقة ليست تكرار ولكنها عملية تحقيق وتأطير وعبور للفواصل الدقيقة بين ثنايا المادة العلمية وإظهار للزوايا المختلفة فيها وتقييد وتقعيد أطرها بشكل سلس ومنضبط وتعميق لما تحمله من محتويات وصفية ومعلوماتية حتى يكون القارئ وكأنه متوقف بحواسه الشاملة على المادة المعلوماتية العامة المقدمة بين يديه وحتى لا يطالبه النص فى الدخول إلى ذهن الكاتب أو إلى ثنايا السطور لمحاولة فكها وإستيعاب مرادها كما يفعل كثير من المتصدرين من الدارسين والمتخصصين، بل سيسعى الكاتب باذلا للممكن من وسعه وجهده لأن يصل النص بنفسه واضحا سهلا مسترسلا إلى ذهن القارئ الكريم والحمد لله رب العالمين ؛
وكتبه...
مُتبر الخرافات والأساطير تتبيرا ؛؛؛
يجدر بنا فى هذا التمهيد أن نشير لقارئنا الكريم بأن الموضوع الرئيسى الذى نعالجه ونتناول مادته العلمية والمعرفية هنا هو بنائية وهوية وتبعية العقل الإنسانى عامة والعربى منه خاصة، وهو موضوع يلامس جوهر وصلب الوجود الإنسانى نفسه عبر مختلف أحقاب التاريخ وحقول الجغرافيا بمفهومهما الكونى بل وتتعدى العلاقة ذلك لتمر بأحقاب وحقول وأزمنة وأمكنة أخرى غير معلومة لنا على وجه الدقة والتحديد لكن سبيل علمنا عنها هو التوصيف الخبرى المطلق العام بها.تمهيد لازم لمنهجية تحقيق وسرد وعرض الموضوع
وهذة العلاقة ليست ثانوية ولكنها أساسية للغاية ووجودية جوهرية وهذا من المسلمات التى لا يختلف فيها مسلم أو حتى كافر أو يختلف فيها عاقل حكيم وذو عقل بسيط وكما يقال فمن المعضلات توضيح الواضحات وبالإمكان الإسهاب وزيادة التبيان، لكن وفينا بالقدر الملزم وهذا سيكون المحل المراد لنا فى عامة عرض بحثنا القادم.
وكون العلاقة المشار لها تصل لهذه الدرجة فهذا يعنى بشكل مباشر ان المادة المتوفرة والتى تشكل فيوض وأطياف نطاق المحتوى البحثى لموضوعنا هنا هى فى غاية الإتساع ولدرجة بالفعل لا تصدق فهى تشمل حقول المعرفة والمعلوماتية البشرية كافة ومجرد حصر هذه الحقول بذاته يشكل صعوبة بالغة، فما بالنا بمعالجتها؟.
فنحن هنا بشكل إفتراضى بصدد معالجة وتناول كافة أشكال الإنتاج المعلوماتى والمعرفى البشرى، من الأصولى المبدئى وحتى النوعى منه والمتراكم عبر التاريخ وصولا لعلوم المقارنات بين تنظيرات البنائيات المختلفة ونماذجها المتعددة لجوهر الوجود البشرى ومآلاته ونطاقاته المختلفة وليس هذا فحسب بل سيكون هناك حاجة لتخطى الإنتاج البشرى المعرفى فى شتى العلوم الكونية والإعتقادية الوضعية للدخول إلى معارف أخرى تتخطى الإنتاج والتراكم البشرى نفسه لتتناول علاقة الإنسان بالمعرفة المتلقاة عن رسالات السماء وعلوم الوحى ؛
فى هذا الإطار المعرفى المرعب والمخيف بحق لأعتى المحققين نظرا لإتساعه الفائق، سنبدأ كما أوضحنا فى بداية الكلام بتوضيح وتبيان وتأصيل وتطبيق منهجنا فى البحث والدراسة والتحليل والعرض كما ذكرنا، وبدايتنا من نقاط الإلتقاء التى لا يسع عاقل يحمل توصيفية العقل بأدنى درجاتها أن يخالف فيه أو يتعارض مع الأسس البنائية له، ومن ما يجمع عليه بنى البشر عامة بلا خلاف مما يشكل فى وجدانهم الجمعى مفاهيم مسلم بها ولها بشكل أقرب إلى البديهيات العمومية لكافة البشرية والنوع الإنسانى، وحتى لا ننجرف فى بحثنا بطريقة تُدخل صعوبة فى متابعته للقراء الكرام وحتى يصبغ برغم خصوصيته البالغة فى صبغة الثوب المراد له من حيث سهولة إمكانية متابعته وإستفادة المتخصصين منه بدرجة متقاربة من اليسر والسهولة مع القراء العاديين غير المتخصصين ويجدون مادته مستساغة فهمها وإدارك محتواها برغم ما يمر به من صعوبات وتداخلات وعلوم مقارنة عديدة.
سنتوجه فى بحثنا بداية لإيجاد وتأصيل البنائية الصحيحة لآلية منهجية علمية ثاقبة وعميقة تصلح كنموذج منهجى تجريدى متكامل وأولى بديهى، ولتشكل بذلك غاية مفهوم الإعقال وآلية التلقى فائقة الدقة والتى توضح كيفية تلقى الحقائق المختلفة بشكل علمى فائق المنهجية والصحة وتصلح لفض مختلف الإستشكالات اللفظية والأهم أيضا تصلح لفض مختلف الإشكاليات الفيزيائية العلمية والتحقيقية والتجريبية والمنطقية الكبرى بين كافة أطياف البشر على إختلافاتهم الشتى، لتمثل تلك البنائية الشكل الصحيح لمفهوم العقل وحقيقة المراد بالمحتوى الوصفى الدقيق والمؤسس لعملية الإعقال داخل العقل البشرى والبداية والأرضية التى لا يمكن الخلاف فيها لكيفية التلقى الصحيح لمختلف العلوم والمعارف داخل العقل البشرى بحيث نضبط لقواعد فائقة الدقة ونضع مسار منهجى ثاقب للغاية لبنائية أساسية لمفهوم العقل لدى البشرية ولنلج سويا للأفاق الواسعة الحقيقية للعقل البشرى وقدراته الشاسعة فى التلقى،
وسنتاول خلال هذا العرض تدقيق وتحقيق لمحتوى المصطلحات ومحاولة الوصول إلى المحتوى والتعريف المتوافق المدقق والمحقق للمحتوى اللغوى الإصطلاحى بصدق بحيث نقارب بين الحقيقة الوصفية الواقعية للمصطلح ومحتواها التوصيفى التحقيقى وبين وعائه اللغوى أو مسماه ولفظته للوصول إلى أقرب وأدق تعريف إصطلاحى متوافق تدقيقيا وتحقيقيا للمحتوى الفيزيائى والواقعى للمصطلح وبشكل توافقى بين المصطلح اللغوى وواقعه الفيزيائى للخروج بمنطق البديهيات والمسلمات المنطقية المشار لها فى السابق،
وسنتناول هنا إلى معنى قولنا المحتوى الفيزيائى للمصطلح ونسهب فى تلك الآلية المعرفية الفائقة وتأصيلها ونسعى لإستخراج ما ذكرناه سلفا حول آدواتنا البحثية ومنهجنا البنائى للعقل البشرى الصحيح السوى وما هو الشكل الذى يجب على العقل تبنيه بنائيا كمفردات وآدوات بنائية أولية تسعى لتحصيل الحقائق الكونية الفائقة فى مراحل وصفية دقيقة، ثم لنسترسل بعدها فى تناول الهوية وتحقيق أصوليات ومقارنات تناولها البنائى والعقدى، ولنضع بعض المتفرقات اليسيرة والإشارات اللطيفة فى ختامنا لهذا الجزء من دراستنا للعقل والهوية الإنسانية المعاصرة ولنترك مساحة مقبولة من الأخذ والرد والشد والجذب العلمى والتحقيقى ..
ولله الحمد رب السموات والأرض ؛؛؛
بنائية العقل الإنسانى الصحيحة و طريقها العلمى الفائقمدخل عام نحو علوم المنطق الوصفى [ علوم فيزياء اللغة ]
لقد تواضعت شتى معارف البشر على أن اللغة هى حاضنة المعنى وحاويته ووعائه وهى معيار تصديق وتمرير وتلقى للعلم وليست فى ذاتها معيار صدق للعلم ولكنها شطر لمعيار وميزان العلم بما تمثله من أداء ذهنى للمحتويات والمعانى وشطر العلم الأخر يقع عند التحقيق الوصفى للمحتوى اللغوى ومفهوم العلم، ومعياره ومقياسه الجوهرى يقع عند موائمة وتطابق المحتوى اللغوى للمصطلح مع المحتوى الفيزيائى له وهذة الآداة بالغة الخصوصية تمثل جوهر ميزان العلم والمعلومات المختلفة ونموذجه القياسى فى شكله الأقصى والمثالى الدقيق وعندما نقول التحقيق الوصفى فإننا بهذا نضع معيار متناهى الدقة لأننا هنا لا نعتمد على نظرتنا الخاصة للحقائق والظواهر والسلوكيات المختلفة مع ما تحمله نظرتنا من تفاوت كبير بين كل إنسان وقدرته العقلية مع باقى البشر ,هذا بخلاف التحيز الذى لا يمكن الهروب منه أبدا فالهروب التام من التحيز يقابله التحيز التام للحقيقة وبدون هذا المفهوم تتساقط المعانى وتتداعى على بعضها محطمة للدلالات والمناهج البحثية والعلمية نفسها. فكيف سيكون الحال مع محتويات تلك المناهج والعلوم فى خضم ذلك التداعى والتساقط إذا لم يكن هناك تحيز تام للحقيقة.
كما أن مفهوم التحقيق الوصفى للمصطلح الذى يوازى لدينا مفهوم علم فيزياء اللغة ميزان متناهى الحساسية ضد أى تضليل وهذا يساوى فى بداهته بداهة جوهر الحقائق العلمية لمختلف المعلومات نفسها لأننا كما أظهرنا ننطلق إلى تحقيق هذة المعلومات وتدقيقها من حيث تقع هى فى جوهرها وحقيقتها وبشكل يجعلنا نصب جهودنا فى التحقيق الفيزيائى أو الوصفى لتلك المعلومات أى أننا نحض على بذل الفكر والتدبر والنظر فى الحقائق الكونية المكينة ودراستها المتعمقة وفقا لمنهج غاية الدقة يتمثل فى جوهر تلك الحقائق نفسها بشكل يجعل مناط التحقيق والجوهر العلمى فى القدرة الدقيقة على التوصيف المحكم للحقيقة الكونية التى يتم تناولها وتأصيل سلوكها التجريبى للإستفادة منه معرفيا وتطبيقيا فى شتى نواحى الحياة البشرية على كوكب الأرض، وهذا ما نسعى لتحقيقه وتقعيده ووضع آلية دقيقة وصارمة لتكون ممثلة لمنهج ونموذج قياسى عام فى آلية تخريج وتحقيق علوم فيزياء اللغة والمنطق الوصفى.
ومن الأهمية الإشارة إلى كون فيزياء اللغة تهدف بشكل محورى إلى الهروب من الخرافات والمغالطات المعرفية التى أنتشرت فى البشرية وأيضا للهروب من تضليلات الإصطلاحات الإسطورية المغلوطة الكثيرة المنتشرة، فترد فيزياء اللغة الإصطلاحات المختلفة إلى معانيها الوصفية الدقيقة للغاية، وعلم فيزياء اللغة علم تحليلى وإجرائى وتوفيقى يعيد النظر إلى التراكم المعرفى فى شتى المجالات لتدقيق الإصطلاح المستخدم ليتوافق المصطلح مع المحتوى المحمول على اللفظ وعملية التوفيق الدقيق هذة عملية مناطقية وفقا لأسس التوصيف الدقيق للظاهرة أو السلوك محل الدراسة وبتبعية أصولية لسلطان التسميات والمسميات والأسماء وفقا لسلطان كل باب منها.
وفيزياء اللغة تتخطى تحقيق وتدقيق التعريفات الإصطلاحية لمحتوى الألفاظ إلى إجراء تحقيق وتدقيق وصفى شامل للمحتوى نفسه فى محاولة لتأكيد الوصف الأدق والأعمق للمحتوى ثم إجراء التوافقية التحقيقية بين المحتوى الوصفى وإصطلاحه المتعارف عليه ليتم بذلك جرحه ثم تعديله ثم الإستقرار على النتائج البحثية التى تم التوصل إليها.
تقعيد وتأصيل لآليات علم فيزياء اللغةتحقيق النموذج المنهجى العام لعلوم المنطق الوصفى
عند التحقيق الأدق سنجد بالإمكان تعريف علوم المنطق الوصفى (فيزياء اللغة) ومصطلحاتها كالتالى :
هى ميزان دقيق متجرد ومانع لمنهج معرفى معلوماتى شامل والذى يؤدى وظيفة محتوى المنطق الوصفى لمحتوى مختلف الحقائق والظواهر الكونية بمفهومها الواسع والمطلوب 1- توافق محتواه الوصفى 2- وتوافق محتواه اللفظى 3- وتوافق محتواه الإصطلاحى .
وقولنا فى التعريف أن علوم فيزياء اللغة أو علوم المنطقى الوصفى هى ميزان دقيق لأنها كما أوضحنا تنطلق نحو جوهر الظواهر والمعارف الكونية من حيث تقع هذة الظواهر فى نفسها وفى حقيقتها وجوهرها لا من حيث يريد أن يراها كل ناظر فيضع لها الإفتراضات المتفاوتة ومن ثم التفسيرات التى تتوافق وهواه الشخصى أو معتقده الخاص أو خياله الفضفاض، وقد يغالى البعض فى تصوراته للظواهر والمعارف الكونية فتحمل فى طياتها هلاوس وخرافات تخيلية لا يوجد لها أى أصل من قريب أو من بعيد فى الوجود الكونى لها، من هنا سنرى أن دقة علوم المنطق الوصفى وفيزياء اللغة توازى دقة الحقائق والظواهر والتى تخبرنا بها وتكشفه لنا تلك الحقائق عن نفسها.
وهذا الميزان غاية التجرد الممكن الوصول لها فنحن نتواضع هنا على دراسة وتناول الحقائق بشكل أبعد ما يكون عن الأهواء والتحيزات العقلية والشخصية أو المذهبية الضيقة وهذة الخاصية ميزة من الصعب للغاية الوصول لها وفق كافة المعارف البشرية الوضعية. وهى آداة صالحة للفصل الدقيق بين الأهواء والتخيلات والخرافات وبين الحقائق التجريدية الكونية ويعلم الدارسون فى مختلف المجالات أن تحقيق التجرد الحقيقى أقرب للمستحيل وهذا لأن مناهجهم الدراسية نفسها على إختلافها لا تستطيع تحقيق التجرد لهم وهذا ما حاولنا معالجته بهذة الآداة لتكون آداة متجردة مبتعدة عن المناهج والآدوات المختلفة المستخدمة حاليا والتى تجبر باحثيها على درجة مفرطة من التحيز الأعمى لآدوات مختلفة غير دقيقة وغير متجردة فى تناولها لشتى الظواهر والحقائق ومن المهم الإشارة إلى أن تجرد الآداة المختارة تجرد تام فهى لا تتحيز لشيئ مطلقا سوى الحقائق فى ذاتها وما تخبرنا به الحقائق بنفسها عن نفسها.
لذلك فقد أشرنا فى تعريفها إلى أنها آداة مانعة فهى تمنع إختلاط الحقائق والظواهر الكونية المختلفة بالأهواء والخرافات البشرية التى لا تعد ولا تحصى كما أنها تمنع التعارض الظنى فى الحقائق و الظواهر الكونية فى ذاتها ولكن تصرف الظنية أو النسبية لتقع فى عقولنا وأفهامنا وإكتشافتنا نحن كبشر لهذة الحقائق لا فى جوهر تلك الحقائق والظواهر ومما لاشك فيه أن الحقائق مطلقة فى نفسها وفى جوهرها ومهما بدت لنا الحقائق الكونية فى ظننا وكأنها عشوائية أو غير مفهومة فإن القصور والعشوائية بالتأكيد وعلى التحقيق فى معرفتنا نحن بالنظام فائق الدقة فى جوهر تلك الحقائق، فبكل بساطة متناهية فان الحقائق تقع كما هى فى جوهرها وهذا ما يجعلها فى نفسها حقائق راسخة للغاية. وهذا أمر متناهى فى البداهة والبساطة والوضوح فالحقيقة العلمية مهما كانت ومهما كانت خواصها ومفرداتها فهذة الخصائص والمفردات العلمية لا يستطيع عاقل أو حتى غير عاقل أن ينكر أن هذة الخصائص والمفردات تمثل جوهرية الحقيقة أو الظاهرة محل الدراسة وهى المقصودة بالدراسة وهى تمثل جوهرية الظواهر المعلوماتية المختلفة. وإذا ظن ظان في هذا أى نوع من التعارض أو الإمتناع فمثل هذا الكائن ذو الإحتياجات التأهيلية شديدة الخصوصية لا يحسب على عامة بنى البشر وبشكل عام ودقيق فإن النسبية والظنية تقع فى درجة معرفتنا بهذة الحقائق والظواهر وهى على صنفان صنف كانت النسبية والظنية فيه ناتجة من قصور فى إكتشافنا لمدى عمق الظواهر والعلاقات والروابط والحقائق الكونية ووقع الصنف الأخر فى النسبية والظنية من المحاولات العبثية لخلط الحقائق والظواهر الكونية بالخرافات والأوهام والنماذج النظرية الأساطيرية الوضعية الشتى.
وعرفنا علوم فيزياء اللغة بكونها منهج معلوماتى شامل نظرا لصلاحيتها كطريق علمى ومنهجى فى تحقيق مختلف الظواهر والحقائق الكونية الشتى ولها صلاحية واسعة فى تناولها من منطلقاتها التحقيقية بإتساع هذة الحقائق والظواهر الكونية والعلمية البشرية المختلفة.
وزدنا فى تفسير وشرح التعريف بالقول حول علم فيزياء اللغة بأنه الذى يؤدى وظيفة المنطق الوصفى لمختلف الظواهر الكونية وهذا كى ندخل مفهوم علوم فيزياء اللغة بشكل وظيفى مواز ومتقارب للغاية ولكن بداخل إطار مفهوم المنطق الوصفى لأن مفهوم المنطق الوصفى أوسع عندنا من مفهوم فيزياء اللغة لأن المنطق الوصفى يتناول الظواهر المعلوماتية فى ذاتها وجوهرها وكذلك فى خواصها وأثارها وعلاقاتها وهذا يؤدى لأمران الأول أنه لن تخرج ظاهرة أو حقيقة علمية عن نطاق المنطق الوصفى والأمر الثانى يقع فى إستحالة تحقيق الأمر الأول بشكل علمى تجريبى على البشر جميعا أيا كان النطاق المعلوماتى والمعرفى الممكن للبشر الوصول له ولو بعد ملايين السنين لأن معرفة البشرية التراكمية الوضعية مهما توصلت لآفاق جديدة فستظل محدودة بالنظر لتراكبية العلوم المختلفة داخل الكون بشكل عام ولنزيد الأمر وضوحا فإن هناك حقائق كثيرة ملموسة فقط بأثرها والتوصيف الفيزيائى لهذة الحقائق لا يتناول سوى أثرها فقط لكنه لا يستطيع تناول جوهر تلك الحقائق وأبسط مثال على هذة الوضعية التقليدية فى علوم المنطق الوصفى ولكنها وضعية تتميز بالخصوصية فى فيزياء اللغة سنجد مثال كالروح البشرية فمختلف العلوم والمعارف البشرية بشكل شامل تعلم تمام العلم اليقينى وتقربأن هناك شئ ما إسمه الروح وهم لا يعلمون عنها أى شئ من خواصها أو ظواهرها العلمية سوى ما يعرف منه فقط بأثرها الإجمالى وليس بجوهرها وعلم جوهر الروح منقطع عن البشر مهما توصلوا إلى معارف وعلوم وأيضا هناك مثال من نوع أخر فمثلا سلوك الإلكترونات داخل الذرات فى دورانها حول النواة فنحن لا نعلم حقيقة جوهر ذلك السلوك وكيفيته حتى وصل الأمر بعلماء الفيزياء أن يوصفوا هذا السلوك بالعشوائى، ومما لا يحتاج للتدليل أن العشوائية والعبثية هنا تقع فقط فى فهم علماء الفيزياء وليس فى طبيعة وجوهر سلوك الإلكترونات حول النواة فهذا مستحيل بالقطع التام لأنه ببساطة متناهية مهما كان هذا السلوك عشوائى فهذة العشوائية والعبثية الظنية حاليا ستمثل مستقبلا إكتشاف علمى مذهل يمثل معرفة جديدة تماما حول حقيقة وكيفية سلوك الإلكترونات حول النواة وأن ما ظنه العلماء فى مرحلة ما عشوائية وعبثية كانت على العكس تماما فتمثل فى نفسها جوهر حقيقة سلوك الإلكترونات وهو الغاية فى الدقة والمتناهى فى النظام لدرجة جعلت صعوبة إكتشافه على جيل علماء الفيزياء السابقين على الجيل المكتشف للحقيقة يوصفونها بالعشوائية. وببساطة وبداهة متناهية فبطبيعة الحال فإن الخلل هنا لا يقع فى ظاهرة سلوك الإلكترونات حول النواة ولكن الخلل جاء فى فهمنا وقصورنا فى تلقى تلك المعرفة الفائقة وإدراك مدى عمقها وعمق محتواها العلمى والسلوكى الغاية فى الدقة والنظام. وأيضا حقيقة معرفية أخرى كظاهرة الكهرباء فنحن إلى الأن لا نعلم عن حقيقة وجوهر الكهرباء شيئا على الرغم أننا إستطعنا إكتشاف الكهرباء بل وأيضا إستطعنا تطويعها لخدمة الحياة البشرية بشكل كثيف واستعملناها فى تطبيقات لا حصر لها ووجودها اليوم فى حياة البشر أصبح جزء أساسى من حياتهم اليومية ومخترعاتهم التطبيقية ولكن وإلى الأن وبرغم كل هذا وبإستخدام كافة المعارف والعلوم الشاملة التى توصلت لها البشرية فنحن لا نعرف بالضبط ما هى الكهرباء ولا نستطيع إيجاد المحتوى الوصفى المدقق لظاهرة الكهرباء نفسها ولكننا نستطيع إيجاد محتوى وصفى لأثر الكهرباء وبعض صفاتها وخواصها وأثرها وقياس أثرها وتطويعها وتجربتها وتطبيقها فى مختلف جوانب الحياة البشرية.
وبالنظر للأمثلة السابقة فسنقول أن توصيفنا لمفاهيم مثل الكهرباء أو سلوك الإلكترونات حول النواة أو الروح وفق لعلوم المنطق الوصفى ينبغى أن يتناول الظاهرة نفسها وجوهرها ومكتفيا بالقدر الذى تكشفه لنا الظاهرة عن نفسها وبالقدر الداخل فى إمكانية معرفتنا البشرية من حقيقة الظاهرة وهذا حتى لا تختلط الظواهر فى حقيقتها بأى نوع من الخرافات البشرية الشتى ولكن توصيف هذة المفاهيم والظواهر وفقا لعلوم فيزياء اللغة فقد نقبل فيه بالإنتقال من توصيف الحقائق بنفسها وجوهرها إلى توصيف أثار وتطبيقات وخواص ما يدخل فى معرفتنا البشرية من هذة المفاهيم والظواهر الكونية وهذا التفريق بين علوم فيزياء اللغة وعلوم المنطق الوصفى هو تفريق خاص وإجرائى بالمقام الأول، ولكن فى الإجمال فالإثنان يقعان على درجة تقاربية واحدة فى المعنى والتأصيل العام ويشتركان فى التعريف ولكن يختلفان عند تناول المحتوى الذى يعالجه ويقبل بتناوله كل منهما لذا فعند ذكر أى منهما بشكل عام فهما يجريان نفس المجرى ولكن عند تخصيص القضايا والمحتويات سنجد أن هناك فارق تخصصى وهذا الفارق سينتج عنه تقسيمات وأنواع جديدة من العلوم والمعارف الفائقة وبتصنيفات جديدة مختلفة لأبواب العلوم وحتى أسمائها ستخضع لمراجعة تدقيقية شاملة للمحتوى والمعارف الشتى وستكون عملية تدقيق ومراجعة محتوى الإنتاج المعرفى البشرى فى كافة الحقول محدثا فرزا واسع النطاق مما أختلط داخل هذة العلوم والمعارف بأنواع الخرافات البشرية الشتى والأمر يحتاج لتفصيل كبير وواسع بقدر المعارف البشرية المختلفة ولكن حسبنا أننا لم نخصص بحثنا فى علوم المنطق الوصفى وتطبيقاتها المعرفية والمعلوماتية الشاملة وإنما تقديمنا له وعروجنا عليه فى عجالة شديدة تفى بالغرض منه داخل موضوعنا التخصصى والتعريف به وإستيراده كآداة ومنهج علمى شامل صالح للإرتكاز عليه وتصدره للفصل بين ما هو علمى ومنطقى ويمثل حقيقة راسخة وبين ما أختلط بهذا من خرافات وأساطير بشرية شتى.
ثم أكملنا التعريف بالقول "محتوى مختلف الحقائق والظواهر الكونية بمفهومها الواسع " وهذا يحمل أنواع شتى من المحتوى المعلوماتى المتباين فقد يتناول المحتوى أنواع ظواهر مادية تركيبية أو تحليلية وهى علاقات تخص سلوك المواد الطبيعية وتركيبها وخواصها وظواهرها العلمية المختلفة سواء بشكل منفرد أو فيما بينها وبعضها البعض.
أو قد تكون محتويات الظواهر الكونية محل الدراسة والتحليل الوصفى لها تحمل سلوكيات توصيفية خاصة بمختلف أنواع النشاط الحيوى الشامل الخاص بالكائنات الحية وكذلك النشاط السلوكى الفائق لما نسميه جمادات فتلك الجمادات نفسها تتخذ شكل من أشكال السلوك الحى فى وضعيات معرفية فائقة ومنها كثير تكلم عنه بعض المتخصصون فالكون الذى يوجد فيه المخلوقات عامة أقرب ما يكون لكائن حى فى نفسه فهو دائم السلوك والتغيير وفقا لمنظومة فائقة الدقة كما أن بعض معايير توصيف الحياة للكائنات المختلفة سنجد كثيرا منها يتوافق مع الطبيعة السلوكية للكون الذى يعيش المخلوقات بداخله.
وقد تحمل المحتويات الوصيفة للمفردة اللغوية نوع معقد من العلاقات الكونية المعلوماتية يوازى درجة تطور العلاقات السلوكية للحقائق العلمية بداخل الكائنات الحية وبعضها البعض وبين سلوك وخواص المواد الطبيعية المختلفة وبعضها البعض هى الأخرى ولتصل فى حالتهم القصوى تلك التى تحمل تشابك بين كلا الحزمتين من العلاقات الكونية العلمية معا وتصل فى تعقدها إلى الدرجة التى تحمل معها علاقات حيوية غاية فى التشابك كتلك النوعية التى يسعى بحثنا لتناولها كقضية عامة رئيسية بداخله وهى طيف علاقات الإنسان المعلوماتية الكونية ومختلف أنواع الحقائق والظواهر المعلوماتية المرتبطة بها والهوية التى ينبغى أن يتطبع بها العقل البشرى وفقا لتحيزه البالغ للحقائق المجردة عن الخرافات والأهواء.
ومراحل التحقيق الفيزيائى للمصطلح تمر بثلاث مراحل وهذة المراحل الثلاث تشمل:
1- التوافق للمحتوى الوصفى : وهو محاولة فك الإشتباك القائم فى علاقات الظواهر المعلوماتية محل الدراسة ومن المهم للغاية علميا عزل الظاهرة المعلوماتية عن مختلف المؤثرات المتنوعة المحيطة بها للإنطلاق لدراسة الظاهرة أو السلوك من جوهره ثم نعمل على الدراسة بإدخال المؤثرات المختلفة تباعا على نموذج الدراسة بشرط هام وهو أن تكون المؤثرات بالفعل موجودة فى الطبيعة الكونية للظاهرة المعرفية المعلوماتية أو للنموذج الدراسى ثم فى مرحلة ثالثة يكون تحليل النموذج الدراسى مرتبط بقياساته وخواصه القصوى فى علاقاته بالحقائق ونماذج الظواهر الكونية الأخرى للوصول إلى أقرب وأشمل وأجمع تدقيق وصفى لتلك العلاقات المشتبكة ليخرج التوصيف اللغوى الخاص لتلك العلاقة فى الشكل المعبر عن أقرب مدى جامع وشامل ممكن توصيفه من حقيقة ومحتوى الظاهرة المعلوماتية محل الدراسة فى جوهرها ومفهومها الذاتى، ثم يتتبع منهج النموذج الدراسى تلك الحقيقة فى علاقاتها بالمؤثرات المختلفة ليصل أيضا إلى دراستها من وضعيات ركيزية مختلفة وبناء النموذج القياسى لتلك الظاهرة المعلوماتية بوضعية وصفية جديدة إن إحتملت تلك الظاهرة المعلوماتية هذة البنائية القصوى بشكل وجودى فى الكون وهنا يمثل التوصيف اللغوى للظاهرة توصيف فى العلاقة البنائية المشتبكة لكل ظاهرة مع مختلف الظواهر الكونية الأخرى مع شرطية الحفاظ على جوهر النموذج القياسى العام للمنطق الوصفى الذى يحافظ على المقاربة الوصفية القياسية بدون إدخال إفتراضات نظرية وتخيلية تفشل النموذج الدراسى لمختلف أنواع محتويات الظواهر المعلوماتية الكونية ولذلك فقد عرفنا المرحلة الأولى للنموذج القياسى للمنطق الوصفى بتوافق المحتوى الوصفى والمقصود منه أن تتوافق دراستنا الوصفية فى كل مراحلها مع شرطية رئيسية وهى الحفاظ على التوصيف للظواهر المعلوماتية دون إدخال لأى إفتراضات توهمية داخل النموذج القياسى أو داخل النموذج الدراسى ومرحلة توافق المحتوى الوصفى تسعى جاهدة لمطابقة النماذج الدراسية لمختلف الظواهر المعلوماتية مع النموذج القياسى العام للمنطق الوصفى فى مرحلته الوصفية التى تعتمد على التوصيف من خلال واقع الظواهر المعلوماتية الكونية بدون خلطها بتوصيفات أو افتراضات نظرية.
2- التوافق للمحتوى اللفظى : وهو مرحلة صياغة وبلورة وصقل وترسيخ للمفرادت اللغوية المستخدمة داخل النموذج القياسى العام للمنطق الوصفى وموافقة النماذج الدراسية لمختلف الظواهر المعلوماتية مع النموذج القياسى العام فى تحقيقها اللفظى وينقسم إلى:
أ- تحقيق لفظى عام وهو أن يكون اللفظ أو المفردة المستخدمة للتعبير عن العلاقة التوصيفية قيد الدراسة والتحليل محل القبول والإقرار والإتفاق من عموم أهل اللسان واللغة المستخدمة بداخل النموذج وكذلك أن يحظى اللفظ بدرجة الشيوع التى تفى بنفى غموضه عن عموم أهل المستخدمين للمفردات اللغوية محل الإستعمال.
ب- تحقيق لفظى خاص وهذا النوع من التحقيق اللفظى شائك ومعقد نوعا ما ويحتاج إلى دراسة خاصة به لأنه يتناول بداخله سلطان التشريع اللفظى الخاص وهو ينقسم بشكل عام إلى نوعان رئيسيان: الأول: ويتناول تحقيق المحتوى اللفظى الخاص هنا بمستجدات الظواهر المعلوماتية والمعرفية والتطبيقية التى تكشف اللثام عن نفسها بنمو التراكم المعرفى البشرى فى النطاق المعرفى التقليدى الذى يتناول حتى مستوى المعلوماتية الكونية المتراكبة ومن ثم يعمل التحقيق اللفظى فى تلك المرحلة المخصصة بصياغة وضبط وبلورة المفردات التى تفى بتوفير محتوى لغوى متوائم ومتوافق للظاهرة المعلوماتية الجديدة لتتوافق وتتوائم مع النسيج اللغوى العام فى اللغة التى يتم إستحداث المصطلح بداخلها. والنوع الثانى من التحقيق اللفظى الخاص هو ما قمنا بإستثنائه فيما بين الأقواس وهو حالة متوغلة فى الخصوصية وتتناول معتقدات الإنسان الفكرية والعقدية بشكل فردى أو إجتماعى وأبعاده المختلفة وهذه تحتاج تفصيل كبير ولكن وجب الإشارة بتخصيص نوع منفرد من التحقيق اللفظى لها كما أنها فى حالات كثيرة تحتاج لمراحل أكثر من التحقيق الفيزيائى للمصطلح فتحتاج لمنهج خاص لتوقيع الإصطلاح الخاص بها وقد تتاح لنا مناسبة نفرد بها مساحة مناسبة لهذا الباب عظيم الأهمية.
3- توافق المحتوى المنطقى : وهذة المرحلة تهتم بتحقيق التوافق البنيوى العام للمصطلح للموائمة بين التحقيق الوصفى إلى التحقيق اللفظى، ويعتبرمنهح التوافق المنطقى هو الوسيط القياسى النموذجى بين المحتوى الوصفى لواقع الظاهرة أو النموذج التحقيقى محل الدراسة وبين محتوى النسيج والحقل اللغوى العام وهو يمثل مرحلة تدشين الإصطلاح والإقرار به والتسليم له ونفى أى تعارض قد ينشأ بين المحتوى الوصفى وبين المحتوى اللفظى، ومما لا شك فيه أن الإصطلاح الفيزيائى للغة هو وسيط بين محتوى الواقع الكونى الوصفى للظاهرة أو السلوك محل الدراسة والتوصيف وبين الحقل اللغوى بشكل عام والتوافق المنطقى هنا يهتم بتحقيق دور الإصطلاح الفيزيائى داخل الحقل اللغوى بشكل عام والمضمون والمدلول الذى سيؤديه الإصطلاح داخل هذا الحقل اللغوى ومدى موافقة المضمون والمحتوى الوصفى الفيزيائى مع محتوى الإصطلاح اللغوى المختار ونموذج الموائمة المنطقى المستخدم فى هذا القياس التوافقى ليس هو المنطق النظرى الأعرج بل كما وضحنا فعامود المنطق هنا هو المنطق الوصفى والذى يعد هو المنطق التحقيقى الصحيح وهو عليه التعويل فى درء التعارض وسنتناول هذا فى شكل فوائد منفصلة ملحقة بنهاية كلامنا عن علم فيزياء اللغة أو علوم المنطق الوصفى.
وبهذا يتحقق التدقيق الجمعى لعملية التوصيف الفيزيائى الإصطلاحى للفظ أو المفردة اللغوية مع محتواها ليتم تمريره وقبوله فى إطاره الإصطلاحى قيد الإستخدام.
وهذه هى الوظيفة الأم والرئيسية للغة والتى تسبق مهمة اللغة كما يشاع عنها كمجرد آداة تواصل بمعنى أن التواصل اللغوى نفسه مبنى على الآداة الفيزيقية للتحقيق اللغوى أى أن علم فيزياء اللغة سابق على كل علوم اللغة المختلفة فهى تأتى جميعا بشكل بنيوى ومؤصل قائم على التحقيق الوصفى الفيزيقى لمختلف الآدوات والوظائف اللغوية الأخرى وهذا ربما تجاهلته أغلب الكتابات التأصيلية فى ما يسمى بــ " الفيلولوجيا " والتى يقال عنها أنها " علم اللغات " والأمر يحتاج مزيد بيان وإسهاب ولكن حسبى أن البحث ليس مخصص لتناول القضية بالتخصيص ولكن فى هذا المرور السريع عليها سنكتفى منها بالقدر الذى يفى بتوضيحها وتأصيل فواصلها وخطوطها وأطرها العامة كمبادئ غاية الوضوح لمن أراد سلوك السبيل وزيادة التأصيل والتفصيل فيه من بعدنا كما نرجوا.
وعلم فيزياء اللغة يهتم بشكل خاص بآلية التدقيق الوصفى وآلية التحقيق الإصطلاحى المشار لها ليضع الأطر اللغوية والإصطلاحية الدقيقة للظواهر السلوكية المختلفة سواء تعلقت الظواهر السلوكية بالعلوم التكوينية الكونية التجريبية وسلوكيات المواد وخواصها فيما بينها أو الظواهر السلوكية التوصيفية للنشاطات الحيوية لمختلف المخلوقات الحية.
لقد كان هدفنا من الشرح المبسط للمبادئ الأصولية والجذرية لعلوم المنطق الوصفى هو وضع القارئ الكريم على منهجنا العلمى الشامل للعلوم الكونية ومنطقها الوصفى والذى يعد بنظرنا أدق الطرق والمناهج العلمية التحقيقية الفائقة الممكن أن يصل لها العلم البشرى فى تحقيقه لأى مادة علمية من أى نوع وليتواكب القارئ مع طريقة عرض وتحليل باقى المادة العلمية القادمة وكيف يسعى البحث لتحقيقها وفقا لقواعد غاية التجرد وأبعد ما تكون عن التحيز ولنسهم بذلك فى تشكيل وعى نقدى وتحليلى ونوعى وفائق بشكل جديد لدى القراء الأفاضل والله وحده هو من وراء القصد ؛
وبعد أن تناولنا بشئ من التفصيل محاولة الوصول إلى أدق آداة معرفية قد نستطيع الوصول لها وفقا للمعارف البشرية المتواضع على القبول بها والإقرار لها ومتحرين فى ذلك قدر من التجرد يظهر للقراء جميعا مدى صعوبة الوصول له وتحقيق مناطه ودرء المتعارض، والتجرد هنا أهميته تمثل مطلب محورى ألا نكون كغيرنا ممن أدعى التجرد الذى كان عند تحقيقه عليه هو التحيز التام .
وبعد هذا الإسهاب فى علم فيزياء اللغة كآداة معرفية هامة ودقيقة فسوف نستوردها كآداة بحثية ومنهجية دقيقة فى مراحل دراستنا وتحليلنا للمادة العلمية والمعرفية التالية وسنلتزم معها أيضا بمراجعة منهجية لمنهجنا وآدواتنا فى مراحل العرض والتحليل حتى يظهر للقارئ مدى حرصنا على تحقيق التجرد بما لا يطيقه أ ى منهج علمى تحقيقى أخر ؛؛
فائدة ضرورية وهامة للغاية :-
جرح ونقد بنائية المنطق النظرى لأرسطو وجرح ونقد بنائية المنطق النسبى لإينشتاين:
أولا نقد وجرح بنائية المنطق النظرى لأرسطو :
مما لا شك فيه أنه يجب أن يستقر فى أفهامنا ومناهجنا وعلومنا ومعارفنا أن قضية المنطق قضية علمية بحتة ومعنى ذلك أنها تقع تماما على النقيض من الخرافة والعبثية والجدلية اللفظية الفارغة من المحتوى العلمى.
وأساس بنائية نموذج المنطق الأرسطى قائم على خرافة كبرى تسمى المنطق النظرى الذى يقوم على أساس بناء نماذج دراسة نظرية ويقوم بإفتراض العناصر والظواهر داخل النموذج النظرى ثم يقوم بعد هذة العملية بدراسة وتوصيف وإستقراء لهذا النموذج النظرى الإفتراضى.
بالطبع فمن المفترض ألا يخفى لعاقل كم الخرافات والسخافات التى يحملها هذا المنطق النظرى ولن نسهب كثيرا فى تهشيم المنطق النظرى لأنه يحمل كم مغالطات لا تحتاج لعناء فى تفكيكها وإظهارها فيكفى أن نشير إلى أنه منطق معكوس يقوم بتوصيف إفتراضى وإستقراء نتائج وحقائق علمية غير موجودة أصلا فى الواقع التحقيقى والكونى نفسه.
أى أنه يقوم بدراسة غير واقعية لظواهر غير موجودة إلا فى ذهن بانى النموذج ومؤطره وللأسف الكبير ومن المغالطة العظمى فإنك تجد هذا المنطق المخزى للعقل الإنسانى عامة بات هو أساس ما يسمى بعلم المنطق عند الأصوليين والمحققين لعلوم المنطق عامة وحقيقة هذا النموذج تقع فى جوهرها على كونه علم أقرب إلى الوساوس والهلاوس وليس علم للمنطق السوى الصحيح الموافق للحقائق والظواهر الكونية المختلفة المفترض بالأصل أنها وظيفة المنطق كعلم وهذا ظاهر للغاية فمناط المنطق هنا هو الإفتراض التخيلى.
أى منهج سوى أو أى عقلية سوية سوف ترى أن عملية التفكير والتدبر والبحث والإستقراء والدراسات المعلوماتية والإنسانية عامة مؤصلة على الجوهر الواقعى لمختلف أنواع السلوك والظواهر والعلاقات والمعلومات الكونية.
وحين تصبح عملية التفكير والتدبر والبحث والدراسة مجرد نماذج نظرية تحوى آلية تخيلية بحتة لا تستند إلى الواقع الكونى والتوصيف الدقيق فى تناول هذا الواقع الكونى ودراسته وتحقيقه وتستند فى هذا على تلك الآلية النظرية المحضة والقائمة على قدرة كل عقل على إفتراض وبناء حزمة من الإفتراضات والتخيلات والهلاوس والوساوس المختلفة فإنها تصبح عبثية فارغة وخرافة كبيرة تجلب الويلات والعبثية المتساخفة على بنى البشر، ونكون بصدد منهج مناقض للمنهج العلمى الصحيح وليس أن يذهب الناس ليقولوا بأن هذا المنهج الأساطيرى الخرافى هو المنهج المعبر عن علم المنطق.
كما أن عملية البناء النظرى الإفتراضى للنماذج الدراسية تتخطى الواقع لتطيح بالعقل فى دروب التشتت وحلقات مفرغة من الهلوسات والوساوس والتخيلات ويكون حينها المنطق الأقوى والأكثر منهجية وعلمية وفقا لهذا النموذج النظرى الخرافى هو الأكثر قدرة على بناء نموذج إفتراضى يبتعد أكثر وأكثر عن التوصيف الفيزيائى الصحيح لمختلف السلوكيات والظواهر فى الواقع الكونى.
أى كلما كان نموذج العلم والمنطق خرافيا هلوسيا أكثر وأكثر أصبح وفقا للمنطق الأرسطى النظرى هو الأكثر قدرة على فهم وإستيعاب وتدريس العلم والمنطق ولا يخفى على عاقل ما يحمله هذا النموذج من سخافة وسماجة وإستهانة وإستخفاف بقيمة الواقع العلمى للكون ناهيك عن إستخفافه بالعقل البشرى السوى الذى يفترض به أن يتناول الظواهر والنماذج الدراسية من حيث تقع هى على حقيقتها لا من حيث يريدها كل دراس بحسب هواه الشخصى. وهذه مسائل ظاهرة للغاية لا تحتاج لمزيد من الإسهاب أو التوضيح.
ولقد كان للنموذج النظرى لأرسطو أكبر وأعظم الأثر فى سخافة العقل الإنسانى المعاصر وبخاصة ما يسمى بالعقل الجماعى الغربى.
فقد أصل وأسس المنطق الأرسطى النظرى للخرافات العديدة المسيطرة على العقل الغربى وطيف أوهامه وخرافاته الشتى.
وبناءا على هذا النموذج النظرى الخرافى المتهافت فقد أسس أرسطو لواحدة من أكبر الأساطير والسخافات عبر مختلف العصور، وهى خرافة ومغالطة ما سماه بالقانون العقلى أو القانون العقلى المطلق أو قانون العقل الطبيعى الذى أسست بنائيته على منهج ومنطق العلم الإفتراضى الخرافى والنماذج التخيلية التى ذكرناها سلفا، وهى خرافة تقع بالشكل الموازى أو المساوى عند أرسطو لخرافة أخرى أكبر هى ما يسمى بقانون العدل الطبيعى الذى جعله أرسطو بمعنى العدل المطلق أى العدل فى ذاته كما يقول بإصطلاحه.
وخرافة أرسطو لقانون العدل والعقل الطبيعى المطلق تلك ومنهجها العلمى الخرافى ومنطقها الإفتراضى التوهمى تعتبر المخزون العقائدى والإيدولوجى الرئيس والمؤسس الذى استخدمه الغرب فى محاولة التأصيل لما يسمى بنهضة الغرب العلمية والحضارية الحديثة وتعد هى أيضا المغالطة الرئيسية المؤسسة لما يسمى بفكرة العقد الإجتماعى عند جان جاك روسو التى تعتمد على فكرة بنائية القانون الطبيعى المطلق المؤسسة على فرضية القانون العقلى. وهى مغالطات متراكبة بعضها فوق، وبناء على أفكار ومغالطات العقد الإجتماعى تم التأسيس فيما بعد لما أعتبره الغرب " مبادئ القوانين والأعراف الدولية " وبطبيعة الحال لم ينتهى بنا المطاف لهذا فنفس المخزون العقائدى يمثل الرصيد الأساسى والفروض التأسيسية لمفاهيم وعقائد كثيرة مثل الدستور ومثل " إعلانات حقوق الإنسان ". ومؤخرا ظهرت ما يسمى بعقيدة " الشرعية الدولية " و" النظام العالمى الجديد " وتلك العقائد والأفكار والخواطر وتنظيماتها وتحديثاتها ومسمياتها تعود بالإجمال فى منشأها جميعا إلى الخواطر الأرسطية الشاردة ومنهجه العلمى الخرافى وآلة منطقه الساقطة ونماذجه الإفتراضية التراكبية. كما مثلت فكرة القانون والعقل الطبيعى إلى جوار فكرة العقد الإجتماعى والدستور الأسس والأصول والجذورالإعتقادية والبنيوية لما يسمى حاليا " بالدولة العقلية " أو " الدولة المدنية " أو " الدولة الطبيعية " ولا يخفى على عاقل كم المغالطات والتناقضات والخرافات الموجودة فى تلك المسميات وكذب المضمون عن المسمى وتنافر تنظيراتها فى ذاتها ناهيك عن تنافر تنظيراتها مع الواقع الكونى ناهيك عن تناقض الأصول البنائية نفسها لهذا المنهج النظرى المؤسس لكل تلك التنظيرات التى سقط العقل الغربى الجماعى فيها بتلك النماذج النظرية الخرافية المتراكبة بعضها فوق بعض وكلما ازدادت الحمولة وزدت بتركيب نموذج على أخر كلما زادت الخرافات والأساطير التى تم إدراجها فى عقيلة الإنسان الغربى المعاصر.
ولا يخفى على عاقل هنا أن الغرب أعطى لنفسه حق التشريع المطلق على كافة الخلق وفقا لتلك النماذج الخرافية والأسطورية.
بل تمادى الغرب فى تطرفه الضلالى الوسواسى حتى وصل لتكفير من يقول بخرافة تلك النماذج النظرية ولا يؤمن بها ويفضح حقيقتها المريضة المتهافتة وينادى بحقوق المجتمعات المختلفة وفقا لأسس وعلوم المنطق الوصفى الفيزيائى وحقائقه الشرعية فى إحترام حقوق كل منها فى إعتناق وتطبيق ما تؤمن به من عقائد وتشريعات.
ومما لا شك فيه ولا يتمارى فيه عاقلان أن منطق آلة العلم الصحيح والفائق هى منطق آلة العلم الوصفى وعلومه وهى منطق لآلة أقرب ما يمكن تحقيقه إلى الدقة والتجرد وأبعد ما يكون عن التحيز فيقوم على إحترام أسس الواقع العلمى والحقائق الكونية وتدقيق المحتويات لموافقة الإصطلاح ويتيح مراحل وفواصل من العلم وتدقيقه ومراجعته ويتيح بناء مجتمع دولى وإنسانى على أسس العدل الواقعى وليس أسس العدل الإفتراضى والتخيلى التوهمى.
(( ولمن أراد التوسع والإستزادة فى النقد المقارن للمنطق الأرسطى خاصة وعامة منطق اللاتينيين واليونانيين القائم على بنائية النماذج النظرية, فيرجى الرجوع بهذا الصدد إلى المرجع النفيس لشيخ الإسلام أبى العباس أحمد بن تيمية الممهور بـ " نصيحة أهل الإيمان بالرد على منطق اليونان " وهو نفسه المشهور تحت اسم " الرد على المنطقيين " أو " نقد المنطق " ففى هذا السفر الجليل ستجد نفائس معرفية وعلمية مقارنة لا تحصى فعليك بإقتنائه والعناية بمجمله فى بابه. )).
تمت الحلقة الأولى بفضل الله وحده ...
أخوكم..
مُتبر الخرافات والأساطير تتبيرا ؛؛؛"ftHs hgogdg" ]vhsm Hw,gdm ,kr]dm glkhi[ hgjgrd hgugld ,hgj,wdt hg;,kd>
المفضلات