الزملاء الأعزاء
اثناء تصفحي فضاء الشبكة العنكبوتية وجدت منتداكم هذا ولفت نظري أنه يحتوي على قسمٍ للحوار مع الملحدين وهي خطوة شجاعة بالفعل أهنئكم عليها ، وبالرغم من أنني لا أسمّي نفسي بملحد إلا أنني يسعدني أن أتناقش بموضوعية ومنطقية حول ميراث الأنثى في الإسلام. فمِن المعروف أن القرآن قد حدّد حق الإبنة الأنثى في الميراث بنصف حق الإبن الذكر وذلك عملاً بالآية 11 من سورة النساء التي تقول (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)، وكذلك فقد حدّد القرآن حق الأخت الأنثى في الميراث بنصف حق الأخ الذكر وذلك عملاً بالآية 176 من سورة النساء التي تقول (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). وقد انبرى العديد من الدعاة الإسلاميين للدفاع عن تلك التفرقة الواضحة في حق الأنثى وذلك بقولهم إن الإناث عليهن مسئوليات اقتصادية أقل من الرجال وبالتالي فهنّ أقل حاجة للمال.
وبالرغم من أن ذلك التفسير لايصلح لكل المجتمعات ولا لكل الأزمنة إلا أنه لايعطي تبريراً للتفرقة بين الذكر والأنثى في حالة ثالثة وهي حالة وفاة الزوج (أو الزوجة) حيث تقول الآية 12 من سورة النساء (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، ومعنى الآية ببساطة أن الزوجة يجب أن تنال دائماً (في حالة وفاة زوجها) نصف ما كان يستحق لزوجها (في حالة وفاتها هي). ففي حالة وجود زوجين لديهم أولاد فإن القرآن يحدّد للزوج رُبع ماتتركه زوجته من مال في حالة وفاتها بينما يحدّد للزوجة فقط ثُمن مايتركه زوجها من مال في حالة وفاته. أما في حالة عدم وجود أولاد فإن القرآن يحدّد للزوج نصف ماتتركه زوجته من مال في حالة وفاتها بينما يحدّد للزوجة فقط ربع مايتركه زوجها من مال في حالة وفاته.
وفي الحقيقة فإنني قد لاحظتُ تمييزاً ضد الأنثى في هذه الآية التي تعطي مثل ذلك الحكم الجائر (في رأيي). فإذا وافقنا على مايذهب اليه الدعاة الإسلاميين في تفسيرهم لميراث الأبناء والأخوات فإن تفسيرهم ذلك يعتمد بشكل كبير على حقيقة أنه في العديد من المجتمعات نجد أن معظم النساء يعتمدن بشكل كبير على دخول أزواجهن (وذلك بسبب بقائهن في المنزل أو اكتفائهن بأعمال خفيفة ذات دخل بسيط بهدف رعاية الأبناء) وفي تلك الحالة فإن وفاة الزوج تحدث هزة اقتصادية شديدة في حياة الزوجة الأرملة وبالتالي فهي أحوج للمال الذي يتركه زوجها والذي غالباً ماتكون قد ساعدته في جمعه. ولكن القرآن - للأسف الشديد - يعطيها الحق في ثُمن هذا المال فقط والذي لن يكفيها بالتأكيد . وبالطبع فإن الدعاة الإسلاميين قد لايعدمون الحيلة فيقولون إن تلك الزوجة الأرملة غير مُلزمة بالإنفاق على نفسها وأنها يجب عليها أن تجد قيّماً ينفق عليها سواء كان أخاً أو إبناً أو والداً أو حتى وليّ أمر المسلمين ( في حال عدم وجود أقارب من الرجال)، ولكني أتساءل في المقابل عن السبب الذي يدعو القرآن لاعتبار المرأة هي شخص قاصر لايستطيع الإنفاق على نفسه ولايؤتمن على مالٍ كافٍ للإنفاق على نفسه. بالتأكيد فإن السماح للأرملة بالإنفاق على نفسها يجعلها أكثر احتراماً لنفسها بدلاً من استجداء المال من أخ أو أب أو حاكم، وخصوصاً أن القرآن يُفترض فيه أنه قد نزل على بشر لهم أخطاؤهم وهفواتهم وبالتالي فقد يكون ذلك القيّم الذي سينفق على تلك الأرملة بخيلاً أو غير أمين في الإنفاق عليها مثلما ستكون هي أمينة على نفسها.
الملاحظة الأكثر غرابة هي أن الفقه الإسلامي يفرّق في المعاملة بين الأقارب من نفس الدرجة في حال لو كانت هناك أنثى في صلة القرابة. فطبقاً للإسلام فإن وجود أنثى في صلة القرابة يُخرج الوريث في معظم الحالات من دائرة ذوي الفروض والتعصيب (المستحقين لنصيبٍ معروف من الميراث) الى دائرة ذوي الأرحام (الذين يستحقون نصيباً أقل بكثير وقد لايستحقون على الإطلاق). وبالتالي فطبقاً للشريعة الإسلامية فإن ميراث ابن العمة يختلف تماماً عن ميراث ابن العم، وميراث ابن الخال يختلف تماماً عن ميراث ابن العم، وميراث ابن الخالة يختلف تماماً عن ميراث ابن العم، وميراث ابن الأخ يختلف تماماً عن ميراث ابن الأخت، وميراث الحفيد (ابن الإبنة) يختلف تماماً عن ميراث الحفيد (ابن الإبن). والسبب في كل تلك الاختلافات هو وجود أنثى في صلة القرابة.
فهل أجد لدى أحدٍ مِن الزملاء الأفاضل تفسيراً لمثل تلك التفرقة؟glh`h hojght ldvhe hgHken td hgYsghl?
المفضلات