بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحه وسلم
هل هناك سقف للتطور ؟ (الجزء الثانى)
يقول المرحوم (محمد فريد وجدي ) في كتابه ((دائرة المعارف)) ج4 ص31 إن اكبر لاعتراضات على مذهب دارون تنحصر في ثلاثة أمور منها :
1 - عدم مشاهدة أي ارتقاء من أي نوع كان في الأحياء الأرضية منذ ألاف السنين , فلم يثبت في أي عصر من العصور أن عصفور تحول إلى ديك , أو أن قرد تطور إلى إنسان , فلو حدث شيء من هذا لظل مدى الدهر من الأخبار المتواترة , ولتكرر حدوثه في عدة عصور .
2 - عدم وجود الصورة المتوسطة بين الأنواع اللازمة لدعم مذهب التطور , كان يوجد مثلا زاحف في طريق تطوره إلى طير .
(المرحوم (محمد فريد وجدي ) في كتابه ((دائرة المعارف)) ج4 ص31)
ويمكن ان نقول هذا الكلام بمعنى اخر : اذا كان هناك فعلا ما يسمى بالتطور فلماذا لا نرى اى كائن (ولو حتى كائن واحد) من الكائنات الحية على سطح الارض فى طريقه لركوب هذه الموجة (موجة التطور) ليتحول الى كائن اخر .
قد يرد البعض بان الكائنات اصبح لديها قناعة بما هى عليه الان من صفات .
وقد يرد البعض الاخر بان الكائنات وصلت الى مرحلة من العجز لا تمكنها من ركوب الموجة مرة اخرى للاضافة او التعديل .
الرد على الاعتراض الاول :
اذا قيل ان الكائنات الحية يمكن ان يحدث لها استقرار وثبات على ما هى عليه من صفات اذا وصلت الى صفات الكمال المتعلقة بها ذاتيا , ولقد وصلت فعلا فى عصرنا الحالى الشىء الذى يجعلها لا تتطلع الى اى تطور اخر لما لديها من قناعة بما هى عليه الان من صفات ويمكن ان يكون ذلك تفسير لعدم تطور الكائنات الحية عامة او تطور بعض الكائنات التى لديها صفة شديدة التميز كالجراب فى الكنجارو الى كائنات اخرى مع احتفاظها بصفة الجراب .
1- هناك حلقة شديدة الاتساع بين الانسان وباقى المخلوقات على سطح الارض , هذه الحلقة سوف تعطى فراغا هائلا للتطور بالنسبة لهذه المخلوقات .
2- هناك كثير من الصفات لا يمكن ان يصل فيها الكائن الحى الى قناعة سواء كان الانسان او اى كائن اخر مثل تلك الصفات المسئولة عن القوة والضخامة او تلك المسئولة عن اعطاء الكائن الجمال وحسن الهيئة .
وخصوصا اذا كان هناك تفاوت كبير فى هذه الصفات بين كل كائن والاخر فهناك القوى وهناك الضعيف الذى يتطلع الى القوة وهناك الضخم وهناك الضئيل الذى يتطلع الى الضخامة وهناك الجميل وهناك القبيح الذى يتطلع الى الجمال .
وكل ذلك لن يتاتى الا من خلال التطور .
3- هناك الكثير من الاحلام التى يتطلع اليها كافة الكائنات على سطح الارض ومنها الانسان , هذه الاحلام كانت يمكن ان تتحقق تحت اطار التطور ولكنها لم تحدث الى الان :
فالانسان كان يحلم من قديم الازل بالطيران فلماذا لم يطور له جناحين يحلق بهما فى الفضاء .
لا يمكن ان يقال انه قد عجز عن ذلك لانه حقق هذا الحلم بطريق اخر يدل على قدرته وابداعه متمثل فى الطائرات والصواريخ وسفن الفضاء .
والحيوانات لو وجدت مجالا للتطور لطورت لها صفات تمكنها من التمرد على الانسان والكائنات الاخرى التى تسبب لها الخوف والزعر و الكثير من القهر و الالم والمعاناة .
الفراشات التى تتمتع بجمال الشكل وزهاء الالوان لو وجدت مجالا للتطور لطورت لها صفات تمكنها من التغلب على قسوة الطبيعة و الكائنات الاخرى.
فهل يعقل ان تكون هذه الكائنات وصلت الى هذا الجمال بالتطور ثم اغلقت على نفسها بعد ذلك جميع الابواب التى تعطى لها مجال للتطور لشىء اخر .
والغريب ان هناك كائنات تتمتع بصفات القوة فى نفس الوقت الذى تفتقر فيه لصفات الجمال وحسن الهيئة وهناك كائنات اخرى تفتقر لكلا الاثنين صفات الجمال وصفات القوة .
والقرد لو وجد مجالا للتطور لكسر الحلقة الضئيلة التى بينه وبين الانسان .
والحوت لو وجد مجالا للتطور لطور له خياشم حتى يضمن الانسجام الكامل مع الحياة المائية .
والاسماك لوجدت مجالا للتطور لطورت احجامها الى احجام هائلة الضخامة توفر لها جانب كبير من الامن والاستقرار.
والغريب ان الحيتان والاسماك كلا منهما يتميز بما يفتقراليه الاخر فالحيتان تتمتع بالحجم الهائل وتتفتقر الى الخياشيم مع عدم قدرتها على الظفور بها بينما الاسماك تتمتع بالخياشيم وتفتقر الى الحجم الهائل مع عدم قدرتها على الظفور به مع ان كلا منهما تطور عن الاخر الشىء الذى يحتم ان تكون الحيتان متمتعة بالخياشيم لانها من الطبيعى ان تكون قد تطورت عن اسماك صغيرة ذات خياشيم وان لم يحدث ذلك لكون كل الحيتان التى تطورت عن اسماك ذات خياشيم تخلت عن الخياشيم فى فترة لاحقة نقول ان هذا التخلى لن يمتد ليشمل كل الحيتان فلابد من وجود البعض باقى على اصل الصفة .
وان قيل لا بل الحيتان التى نراها الان لم تتطور عن الاسماك المعروفة بل تطورت عن مخلوقات اخرى مشابهة للاسماك ولكنها بلا خياشيم .
نقول ان حدث ذلك فلابد من وجود حيتان بحجم الاسماك الصغيرة , لماذا ؟ لان التطور من حيتان ذات احجام صغيرة الى حيتان بهذا الحجم الهائل لن يشمل كل الحيتان مما يؤدى الى وجود بعض الحيتان ذات احجام صغيرة تتوازى مع وجود حيتان ذات احجام كبيرة وكلا منهما لا يحتوى على خياشيم .
الرد على الاعتراض الثانى :
واذا قيل ان الكائنات سوف تستقر على ما هى عليه من صفات بسبب العجز (حيث انها يمكن ان تكون عاجزة عن تطوير صفاتها او اضافة صفات اخرى)
1- نقول العجز لا يمكن ان يشمل كل الكائنات الموجودة على سطح الارض وهذا اذا كان هناك عجز فعلا (اى اذا كان هناك كائنات عاجزة عن التطور سوف يكون هناك كائنات قادرة عليه)
2- اذا كان هناك عجز فانه سوف يكون وارد فى كل الاجيال السابقة مما يساعد على بقاء وتحديد صفات شديدة التميز يمكن ان تستخدم فى تمييز الكائنات بعضها عن البعض بسهولة تامة باستخدام مبدا الحد الفاصل ((حيث سوف تتجمد بعض الصفات فى البعض بينما ترتقى بالتطور فى البعض الاخر وذلك سوف يساعد على التقاء الكثير من الكائنات فى الكثير من الصفات شديدة التميز التى يمكن تتبعها بسهولة باستخدام مبدا الحد الفاصل)) (الصفات التى تجمدت نتيجة العجز عن التطور)
ثانيا : العجز له اكثر من حال فقد يعجز الكائن عن تغيير بعض صفاته القائمة وقد يعجز عن اضافة بعض الصفات الاخرى لها وقد يعجز عن ذلك وذلك ولاحظ ان العجز فى اى جانب من هذه الجوانب سوف يشمل جميع الكائنات فما البال اذا كان هناك اكثر من جانب , ذلك سوف يؤكد على حدوث الكلام السابق فعلايا (تجمد بعض الصفات وبقائها للان بعد حصولها على لقب صفات شديدة التميز) نظرا لكثرة الجوانب والابعاد التى يمكن ان يحدث فيها العجز فاذا لم يحدث العجز فى جانب يمكن ان يحدث فى جانب اخر وبالطبع هذا العجز سوف يصيب الكائنات الوسيطة المترسبة عن مراحل التطور فلا تستطيع ان تكمل المراحل الاخرى مما يؤدى الى وجود كثير من الكائنات غير مكتملة التكوين .
3- كيف استطاع الكائن البدائى مع كل ما كان يعتريه من نقص وقصور فى السمات والصفات والعقل والتفكير ان يتطور الى ما هو ارقى واكمل منه من جميع النواحى , فى حين ان هذا الكائن الارقى والاكمل الذى اسطاع الكائن البدائى الوصول اليه لا يستطيع ان يخوض فى مرحلة بسيطة من مراحل التطور , ولحسم الامر برد موجز لن نجد افضل مما قاله القاضي الباقلانى في كتابه الإنصاف الذى يقول فيه :
"أنا وجدنا أنفس الموجودات في العالم، الحي القادر العاقل المحصل، هو الآدمي، ثم. تم العلم يقينا بأنه كان في ابتداء أمره نطفة ميتة، لا حياة فيها ولا قدرة، ثم نقل إلى العلقة، ثم إلى المضغة، ثم من حال إلى حال، ثم بعد خروجه حياً من الأحشاء إلى الدنيا. تعلم وتحقق أنه كان في تلك الحالة جاهلاً بنفسه وتكييفه، وتركيبه، ثم بعد كمال عقله وتصوره وحذقه وفهمه لا يقدر في حال كماله أن يحدث في بدنه شعرة ولا شيئاً، ولا عرقاً فكيف يكون محدثاً لنفسه ومنقلاً لها في حال نقصه من صورة إلى صورة ومن حالة إلى حالة وإذا بطل ذلك منه في حال كماله كان أولى أن يبطل ذلك منه في حال نقصه ".
ig ikh; srt ggj',v ? (hg[.x hgehkn)
المفضلات