ما يُذَكَّر به الأزواج الظرفاء! وينصح به أولياء بيوت المسلمين اللطفاء! أن يجعلوا لأنفسهم نصيبا من المرآة، يصلحون عندها من حالهم، ويتزينون أمامها.. لزوجاتهم! فإن لأهل الرجل عليه حقا كما : (ولهُنَّ مِثلُ الذِّي عليهِنَّ بالمَعرُوف)؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولأهلك عليك حق).
روى ابن أبي حاتم في تفسيره (2/417) وابن أبي شيبة في المصنف (4/196) عن وكيع عن بشير بن سلمان عن عكرمة عن ابن عباس قال: (إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تزين لي المرأة؛ لأن الله يقول (وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ).
قال أبو منصور الثعالبي في الإيجاز والإعجاز (ص:6): (وهو كلام يتضمن جميع ما يجب على الرجال من حسن معاشرة النساء وصيانتهن وإزاحة عللهن وبلوغ كل مبلغ فيما يؤدي إلى مصالحهن ومناجحهن وجميع ما يجب على النساء من طاعة الأزواج وحسن مشاركتهم وطلب مرضاتهم وحفظ غيبتهم وصيانتهم عن خيانتهم).
ومن توابع ذلك استعماله السواك عند دخول البيت؛ فقد روى مسلم (252) عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة قلت بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: (بالسواك).
قال علي القاري في مرقاة المفاتيح (2/83): (رأيت ابن حجر قال: يتأكد لكل من دخل منزله أن يبدأ بالسواك فإنه أزيد في طيب فمه؛ وأدعى لمعاشرة أهله؛ وأذهب بما عساه حدث بفمه من تغير كريه سيما إن طال سكوته).
وقال القرطبي: (إذا دخل البيت كان من حسن معاشرة الأهل إزالة ذلك، وفي الحديث دلالة على استحباب السواك عند دخول المنزل وقد صرح به أبو شامة والنووي. قال ابن دقيق العيد: ولا يكاد يوجد في كتب الفقهاء ذكر ذلك).
فليجعل عنايته بفمه من أولوياته، فإن النساء ينفرن ممن من ابتلي بفساد ريح فمه؛ ولم يسلم من ذلك الخلفاء والسلاطين وفي مثل ذلك كان يقال: لا ابتلاك الله ببخر عبد الملك بن مروان ولا بصمم ابن سيرين ولا بعمى حسان. (انظر البحر الرائق شرح كنز الدقائق؛ لابن نجيم).
وحكي كما في السير (5/285) أن الحليفة الأموي عبد الملك أكل من تفاحة ثم رماها إلى زوجته لبابة بن بنت عبد الله بن جعفر فتناولت السكين فسألها فقالت: لأزيل الأذى عنها فغضب وطلقها. وتزوجها علي بن عبد الله الملقب بالسجاد وكان أقرع فكانت تقول كما في الوافي بالوفيات للصفدي: (هاشمي أقرع أحب إلينا من أموي أبخر).
ومن طريف ما يذكر هنا ما حكاه ابن القيم فائدة من بدائع فوائده فقال (بدائع الفوائد 3/728): (فائدة: من شؤم الآباء على الأبناء، عتبة بن أبي وقاص الذي كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال بعض العلماء بالإخبار أنه استقرى نسله فلا يبلغ أحد منهم الحلم إلا أبخر وأهتم يعرف ذلك فيهم من شؤم الآباء على الأبناء) والأهتم من سقطت ثناياه. ولم يكن الهتم حسنا في أحد إلا لرجل واحد زاده ذلك جمالا السيرة الحلبية.
قال بعضهم كما في بعض كتب السير : لما سقط مقدم أسنان أبي عبيدة صار أهتم ولم يرقط أهتم أحسن من أبي عبيدة لأن ذلك الهتم حسن فاه). وكان سبب ذلك أن انتزع من وجنتي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد حلقتين من حلقات المغفر من وجنة النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
وليس الهتم ولا الكسر في الثنايا عيبا يعاب به الرجل بإطلاق. فقد كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وكان مع ذلك أجمل الناس إذا ابتسم!
وذكر الأبشيهي في المستطرف في كل فن مستظرف (2/562) أنه حكي أن أبخر تزوج بامرأة فلما ضاجعها عافته وتولت عنه بوجهها ثم أنشدت تقول :
يا حب والرحمن إن فاكا ***أهلكني فولني قفاكا
إذا غدوت فاتخذ مسواكا ***من عرفط إن لم تجد أراكا
لا تقربني بالذي سواكا *** إني أراك ماضغا خراكا
وما أقوله للزوج هنا ينسحب على الزوجة سوى أنني عاكف على الزوج لا ألوي على غيره، ولكني اذكر شيئا طريفا في السواك وما أكثر ما يحكى في مثل هذا؛ أن الفارعة أم الحجاج بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي كانت تحت الحارث بن كلدة الثقفي حكيم العرب؛ فدخل مرة عليها سَحَرا فوجدها تتخلل؛ فبعث إليها بطلاقها؛ فقالت: لم بعثت إلي بطلاقي هل لشيء رابك مني؟ قال: نعم؛ دخلت عليك في السَّحَر وأنت تتخللين؛ فإن كنت بادرت الغداء فأنت شرهة، وإن كنت بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة، فقالت: كل ذلك لم يكن لكنني تخللت من شظايا السواك. فتزوجها بعده يوسف عقيل الثقفي فولدت له الحجاج وزير داخلية عبد الملك بن مروان! والله أعلم.
وترجل وأصلح شعرك، وادهننه بالدهن المطيب، وإياك أن ترد ذلك بما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن الترجل إلا غبا)، فإننا نقول لك: فاجعل الغب هذا لزوجتك!!
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الشعر وإصلاحه فقد روى أبو داود (4163) عن أبي هريرة قال: (من كان له شعر فليكرمه)، ورأى رجلا شعثا ثائر الرأس فقال: (أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه)، والحديث رواه أحمد والنسائي وأبو داود وغيرهما.
واحرص على الأخذ من الشوارب فإن من لم يأخذ من شاربه فليس منا، وللزوجة في ذلك أيضا مقالة فاسألها!
وإياك وحلق لحيتك فإن إعفاء اللحية من الزينة؛ قال المناوي في فيض القدير (6/14): (لحية الرجل زينة له ومن ثم كانت عائشة تقسم فتقول: والذي زين الرجال باللحى).
وذكر القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله في المعونة (2/578) أن : (إعفاء اللحية توفيرها وتكثيرها، لأن في ذلك جمالا للوجه وزينة للرجل). وليس قصدي بيان حكم إعفائها فقد كتب في ذلك الكثير!
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/343) عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: (إن يمين ملائكة السماء والذي زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب) لكن قال ابن عساكر : (هذا حديث منكر).
ورواه الديلمي في الفردوس (6488) عن عائشة مرفوعا بلفظ: (ملائكة السماء يستغفرون لذوائب النساء ولحى الرجال يقولون سبحان الله الذي زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب).
ـ وقال البغوي في تفسيره (3/125) في قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم): (قيل الرجال باللحى والنساء بالذوائب)؛ ولذلك جعل العلماء ديَّة إزالة اللحية من وجه الحر ديَّة كاملة؛ لأنها زينته وعلامة رجولته، واختلفوا في لحية العبد كما في سنن البيهقي ومصنف ابن أبي شيبة والمدونة وبدائع الصنائع والمبسوط للسرخسي وتبيين الحقائق.
وليحرص الأخ الزوج على قلم أظافره، وليس من التزين في شيء أن ينتف الرجل شيبه أو يصبغه بالسواد فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب الرجال للسواد؛ ووقت للأظافر أربعين يوما حدا أقصى؛ وإلا فإن الأولى أن يقصها قبل ذلك.
واحرص أخي على التطيب في بيتك ولو من طيب أهلك...لأهلك، فإنها تشم منك ما تشم منها، أم نسيت أن لها أنفا بمنخرين؟!! وما أدراك ما أنف الزوجة!
وإياك والعرق فإنه مما يبعدها عنك إذا حاولت قبلة أو قصدت احتضانها، فإن استسلَمَتْ، فاستسلام سرية ضعيفة أمام خميس كاسح... فليس عرقك كعرق النبي صلى الله عليه وسلم!
واحذر من أن تطول الجوارب في قدمك، فإنه يحرم عليك في شريعة أهلك أن تدخل معها في لحاف واحد وأنت تلبسهما، فإنك لو فعلت وجدت أهلك في أقصى طرف الفراش! وأظنك فهمت عني!
والزم تنظيف الأف من أذنك، وإلا سمعت أفا من زوجتك، وقس ما لم أذكره على ما ذكرته إن كنت ممن يرى القياس! وإلا فقد : (وثيابك فطهر)؛ وقال سبحانه: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).
واعلم أنه ليس قصدي استيفاء صور التزين للزوجة، إنما قصدت الدلالة على الكل بالبعض، فاحرص على الاستزادة. فالسلفية نظافة وزينة.. خصوصا للزوجات!...فأصلح نيتك!
موقع / منزلة المرأة في الإسلامglh`h gh jj.dk g.,[j;?
المفضلات