السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من المتناظرين قد يجعل عمدته في نفي وجود أمر ما، عدم علمه بالدليل على وجوده، والأصل أن عدم العلم بالدليل ليس علماً بالعدم،، وعدم الوجدان ليس نفياً للوجود، فكما أن الإثبات يحتاج إلى دليل, فكذلك النفي يحتاج إلى دليل، وإلا فما لم يعلم وجوده بدليل معين، قد يكون معلوماً بأدلة أخرى، فمثلاً: عدم الدليل العقلي على وجود أمر ما، لا يعني عدم وجوده، لأنه قد يكون ثابتاً بالدليل السمعي، أو غيره.
فالدليل يجب فيه الطرد لا العكس، بمعنى أنه يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من عدمه العدم، أي عدم المدلول عليه، : ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) [يونس: 39] فهذا نعي على كل من كذب بما قصر عنه علمه.
مثال : كثير من النصارى الذين يحاورون المسلمين يطلبون منهم دليل تاريخي على حدوث حادثة مذكورة أو دليل مادي على وجود شخصية معروفة في القرآن ، أو ربما اخترعوا حادثة من عندهم ثم يطلبوا منا دليلا ، واذا انعدم هذا الدليل حكموا بعدم وجود هذه الشخصية أو حدوث هذه الحادثة ، ثم تجدهم يطبلوا ويصوتوا ، ويظنون أنهم بغبائهم هذا قد طعنوا في القرآن !!! .
وهذا خطأ منهجي لأن الأصل عدم العلم بالدليل ليس علما بالعدم ، فالنصارى مطالبين في هذه الحالة بتقديم دليل نفي ، اذا لم نجد نحن دليل وجود ، واذا عدموا دليل النفي يجب عليهم أن يبلعوا ألسنتهم ، لأن البينة على من أدعى ! ، ومجادلتهم في هذه الحالة تصبح شيئا من الجدال العقيم لأشخاص ليس لديهم الاستعداد للفهم من الأساس !!!!.
فالتاريخ لم يسجل كل الأحداث وعلى ذلك اجماع المؤرخين التي حدثت منذ بدء البشرية والى وقتنا هذا ، والا لما كانت البشرية في حاجة الى تلك الاكتشافات العلمية التي تغير تواريخ بأكلمها !!!!
ونقدم لكم هذا النقل من أحد علماء التاريخ وهو الدكتور الأمريكي لويس جوتشلك :
يقول الدكتور لويس جوتشلك في كتابه : "كيف نفهم التاريخ ... مدخل الى تطبيق المنهج التاريخي " ،
وتحت عنوان : " نقص السجلات يحد من المعرفة التاريخية" ص 59 - 61 :
"ولسوء الحظ فاننا لا نفتقر وحسب بالنسبة لمعظم الماضي ، الى دليل أوفى يبين الانسان في المخلفات الأثرية الباقية ، بل اننا لا نملك حتى تلك المخلفات نفسها . ان معظم المسائل المتعلقة بالانسان تحدث دون أن تترك أثرا أو سجلا من أي نوع يمكن الرجوع اليه لدراستها . فالماضي اذن ، قد حدث وانتهى ، وقد انقضى الى الأبد تاركا وراءه آثارا محدودة للغاية . ويجدر بنا أن نقول انه على الرغم من أن العدد الكثير من الكتابات التاريخية الصرفة غير راسخة ، فان قدرا صغيرا فقط مما حدث في الماضي كان قد استرعى الانتباه ودون . وان التأمل لفترة قصيرة في هذا الموضوع يكفي للتأكد من تلك الحقيقة . فمثلا : كم من الأشياء التي تعملها أو تسمعها أو تفكر فيها يلاحظه أي انسان (بما فيهم أنت نفسك) ؟ واذا ضاعفت اعمالك وأفكارك وكلماتك وتحركاتك الفسيولوجية غير الملحوظة بضربها في 2,000,000,000 فانك تحصل على تقدير تقريبي للأشياء التي تحدث دون أن يلاحظها احد في العالم طوال الوقت . ان قدرا فقط مما لوحظ في الماضي قد تذكره أولئك الذين لاحظوه ، وأن جزءا فقط مما تذكر سجل ، وان جزءا فقط مما قد سجل حفظه لنا التاريخ ، وأن جزءا من ذلك الذي وصل يمكن تصديقه ، وأن جزءا من ذلك الذي يمكن تصديقه هو الذي حفظ ، وأن جزءا من ذلك الذي حفظ يمكن أن يوسعه المؤرخ أو يقصه ، وأن تاريخ الماضي بأكمله (ما سمي بالتاريخ الواقع) لا يعرفه المؤرخ الا بواسطة السجل المحفوظ (التاريخ المسجل) ، وأن معظم التاريخ المحفوظ هو الجزء الباقي من الجزء المسجل عن الجزء المتذكر من الجزء الملاحظ من ذلك الكل . وحتى عندما يكون سجل الماضي مأخوذا مباشرة من المخلفات الأثرية أو الأنثروبولوجية فهذه فقط هي الأجزاء التي اختارها العالم من بين الأجزاء المكتشفة لما ساعد الحظ على بقائه من مجموع الماضي كله .
وبالنسبة لما قد يدرسه المؤرخ من أمر متعلق بموضوع خارجي فأن التاريخ الذي انقضى ليس هو الذي حدث (التاريخ الواقع) وانما هو السجلات الباقية لما حدث (التاريخ المسجل) . و التاريخ لا يمكن أن يروى الا من (التاريخ المسجل) ، والتاريخ كما يروى (التاريخ المقصوص أو المكتوب) هو فقط الجزء الذي شرحه المؤرخون من الجزء المفهوم من الجزء الذي أمكن تصديقه من الجزء الذي اكتشف من (التاريخ المسجل) . وقبل أن يصف المؤرخ الماضي ، من المحتمل أن يكون قد مر من خلال ثماني خطوات منفصلة ضاع في كل واحدة منها بعض الشيء ، وليس هنالك ما يضمن أن ما تبقى هو أهم جزء وأكبره وأقيمه وأفضله وأخلده ، وبلغة أخرى فأن "الموضوع" الذي يدرسه المؤرخ ليس غير كامل فحسب ، بل هو دون شك متغير ، فالسجلات تضيع او تكتشف من جديد " .
وكتبه
أبو عبد الله السكندرى
(سيل الحق المتدفق)ig s[g hgjhvdo ;g lh p]e lk` f]x hgfavdm ?!!!
المفضلات