1. وقال النبي كفر بالله تبرؤ من نسب وان دق ومن حلف بغير الله فقد اشرك واية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان


  1. وقال ابن أبي مليكة ادركت ثلاثين من اصحاب النبي كلهم يخاف النفاق على نفسه # فوجه هذا الحديث ان يكون النبي عنى بالفاجر المنافق فلا ينقض الاستدلال او يكون عنى كل فاجر لان الفجور مظنة النفاق فما من فاجر الا يخاف ان يكون فجوره صادرا عن مرض في القلب او موجب له فان المعاصي بريد الكفر فاذا أحب الفاسق فقد يكون محبا للمنافق فحقيقة الايمان بالله واليوم الاخر ان لايواد من اظهر من الافعال ما يخاف معها ان يكون محادا لله ورسوله فلا ينقض الاستدلال ايضا او ان تكون الكبائر من شعب المحادة لله ورسوله فيكون مرتكبها محادا من وجه وان كان موالايا لله ورسوله من وجه اخر

ويناله من الذلة والكبت بقدر قسطه من المحادة كما قال الحسن وان طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ان ذل المعصية لفي رقابهم أبا الله الا ان يذل من عصاه فالعاصي يناله من الذلة والكبت بحسب معصيته وان كان له من عزة الايمان بحسب ايمانه كما يناله من الذم والعقوبة وحقيقة الايمان ان لايواد المؤمن من حاد الله بوجه من وجوه المودة المطلقة وقد جبلت القلوب على حب من احسن اليها وبغض من اساء اليها فاذ اصطنع الفاجر اليه يدا احبه المحبة التي جبلت القلوب عليها فيسير موادا له مع ان حقيقة الايمان توجب عدم مودته من ذلك الوجه وان كان معه من اصل الايمان ما يستوجب به اصل المودة التي تستوجب ان يخص بها دون الكافر
والمنافق وعلى هذا فلا ينقض الاستدلال ايضا لان من اذى النبي فانه اظهر حقيقة المحادة وراسها الذي يوجب جميع انواع المحادة فاستوجب الجزاء المطلق وهو جزاء الكافرين كما ان من اظهر حقيقة النفاق ورأسه استوجب ذلك وان لم يستوجبه من اظهر شعبة من شعبه والله سبحانه اعلم # الدليل الثاني على ذلك قوله سبحانه ^ يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا ان الله مخرجا ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل أبا لله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بانهم كانوا مجرمين ^ وهذا نص في ان الاستهزاء بالله وباياته وبرسوله كفر فالسب المقصود بطريق الاولى وقد دلت هذه الاية على ان كل من تنقص رسول الله جادا او هازلا فقد كفر

  1. وقد روى عن رجال من اهل العلم منهم ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن اسلم وقتادة دخل حديث بعضهم في بعض انه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطوننا ولا اكذب السنا ولااجبن عن اللقاء يعني رسول الله

واصحابه القراء فقال له عوف بن مالك كذبت ولكنك منافق لاخبرن رسول فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره فوجد القران قد سبقه فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته فقال يا رسول الله انما كنا نلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق # قال ابن عمر كاني انظر اليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله وان الحجارة لتنكب رجليه وهو يقول انما نخوض ونلعب فيقول له رسول الله ^ أبالله ورسوله كنتم تستهزئون ^ ما يلتفت اليه وما يزيد عليه
وقال مجاهد قال رجل من المنافقين يحدثنا محمد ان ناقة فلان بوادي كذا وكذا وما يدريه ما الغيب فانزل الله عز وجل هذه الاية # وقال معمر عن قتادة بينا رسول الله في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا ايظن هذا ان يفتح قصور الروم وحصونها فاطلع الله نبيه على ما قالوا فقال النبي علي بهؤلاء النفر فدعا بهم فقال اقلتم كذا وكذا فحلفوا ما كنا الا نخوض ونلعب

  1. قال معمر وقال الكلبي كان رجل منهم لم يمالهم في الحديث يسير مجانبا لهم فنزلت ^ ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ^ فسمي طائفة وهو واحد # فهؤلاء لما تنقصوا النبي حيث عابوه والعلماء من اصحابه واستهانوا بخبره اخبر الله انهم كفروا بذلك وان قالوا استهزاء فكيف بما هو اغلظ من ذلك وانما لم يقم الحد عليهم لكون جهاد المنافقين لم يكن قد امر به اذ ذاك بل كان مامورا بان يدع اذاهم ولانه كان له ان يعفو عمن تنقصه واذاه


  1. الدليل الثالث قوله سبحانه ^ ومنهم من يلمزك في الصدقات ^ واللمز العيب والطعن قال مجاهد يتهمك يسألك يزراك وقال عطاء يغتابك # و ^ ومنهم الذين يؤذون النبي ^ الاية وذلك يدل على ان كل من لمزه او اذاه كان منهم لان ^ الذين ^ و^ من ^ اسمان موصولان وهما من صيغ العموم والاية وان كانت نزلت بسبب لمز قوم واذى اخرين فحكمها عام كسائر الايات اللواتي نزلن على اسباب وليس بين الناس خلاف نعلمه انها تعم الشخص الذي نزلت بسببه ومن كان حاله كحاله ولكن اذا كان اللفظ اعم من ذلك السبب فقد قيل

انه يقتصر على سببه والذي عليه جماهير الناس انه يجب الاخذ بعموم القول ما لم يقم دليل يوجب القصر على السبب كما هو مقرر في موضعه # وايضا فان كونه منهم حكم معلق بلفظ مشتق من اللمز والاذى وهو مناسب لكونه منهم فيكون ما منه الاشتقاق هو علة لذلك الحكم فيجب اطراده # وايضا فان الله سبحانه وان كان قد علم منهم النفاق قبل هذا القول لكن لم يعلم نبيه بكل من لم يظهر نفاقه بل قال ^ وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن اهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ^ ثم انه سبحانه ابتلى الناس بامور يميز بين المؤمنين والمنافقين كما ^ وليعلمن الله الذين امنوا وليعلمن المنافقين ^ و ^ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ^ وذلك لان الايمان والنفاق اصله في القلب وانما الذي يظهر من القول والفعل فرع له ودليل عليه فاذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتب الحكم عليه فلما اخبر سبحانه ان الذين يلمزون النبي والذين يؤذونه من المنافقين ثبت ان ذلك دليل على النفاق وفرع له ومعلوم انه اذا حصل فرع الشيء ودليله حصل اصله المدلول عليه فثبت انه حيثما وجد ذلك كان صاحبه منافقا سواء كان منافقا قبل هذا القول او حدث له النفاق بهذا القول

  1. فان قيل لم لا يجوز ان يكون هذا القول دليلا للنبي على نفاق اولئك الاشخاص الذين قالوه في حياته باعينهم وان لم يكن دليلا من غيرهم # قلنا اذا كان دليلا للنبي الذي يمكن ان يغنيه الله بوحيه عن الاستدلال فان يكون دليلا لمن لا يمكنه معرفة البواطن اولى واحرى # وايضا فلو لم تكن الدلالة مطردة في حق كل من صدر منه ذلك القول لم يكن في الاية زجر لغيرهم ان يقول مثل هذا القول ولا كان في الاية تعظيم لذلك القول بعينه فان الدلالة على عين المنافق قد تكون مخصوصة بعينه وان كانت امرا مباحا كما لو قيل من المنافقين صاحب الجمل الاحمر وصاحب الثوب الاسود ونحو ذلك فلما دل القران على ذم عين هذا القول والوعيد لصاحبه علم انه لم يقصد به الدلالة على المنافقين باعيانهم فقط بل هو دليل على نوع من المنافقين # وايضا فان هذا القول مناسب للنفاق فان لمز النبي واذاه لايفعله من يعتقد انه رسول الله حقا وانه اولى به من نفسه وانه لا يقول الا الحق ولا يحكم الا بالعدل وان طاعته طاعة لله وانه يجب على جميع الخلق تعزيره وتوقيره واذا كان دليلا على النفاق نفسه فحيثما حصل حصل النفاق


  1. وايضا فان هذا القول لاريب انه محرم فاما ان يكون خطيئة دون الكفر او يكون كفرا والاول باطل لان الله سبحانه قد ذكر في القران انواع العصاة من الزاني والقاذف والسارق والمطفف والخائن ولم يجعل ذلك دليلاعلى نفاق معين ولا مطلق فلما جعل اصحاب هذه الاقوال من المنافقين علم ان ذلك لكونها كفرا لا لمجرد كونها معصية لان تخصيص بعض المعاصي يجعلها دليلا على النفاق دون بعض لايكون حتى يختص دليل النفاق بما يوجب ذلك والا كان ترجيحا بلا مرجح فثبت انه لا بد ان يختص هذه الاقوال بوصف يوجب كونها دليلا على النفاق وكلما كان كذلك فهو كفر # وايضا فان الله سبحانه لما ذكر بعض الاقوال التي جعلهم بها من المنافقين وهو قوله ^ ائذن لي ولا تفتني ^ قال في عقب ذلك ^ لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر ^ إلى قوله ^ انما يستاذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ^ فجعل ذلك علامة مطردة على عدم الايمان وعلى الريب مع انه رغبة عن الجهاد مع رسول الله بعد استنفاره واظهار من القاعد انه معذور بالقعود وحاصله عدم ارادة الجهاد فلمزه واذاه اولى ان يكون دليلا مطردا لان الاول خذلان له وهذا محاربة له وهذا ظاهر


  1. واذا ثبت ان كل من لمز النبي واذاه منهم فالضمير عائد على المنافقين والكافرين لانه سبحانه لما قال ^ انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون ^ قال ^ لوكان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله ^ وهذا الضمير عائد إلى معلوم غير مذكور وهو الذين حلفوا ^ لو استطعنا للخرجنا معكم ^ وهؤلاء هم المنافقون بلا ريب ولا خلاف ثم اعاد الضمير اليهم إلى قوله ^ قل انفقوا طوعا او كرها لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله ^ فثبت ان هؤلاء الذين اضمروا كفروا بالله ورسوله وقد جعل منهم من يلمز ومنهم من يؤذي وكذلك قوله ^ وماهم منكم ^ اخراج لهم عن الايمان # وقد نطق القران بكفر المنافقين في غير موضع وجعلهم أسوأ حالا من الكافرين وانهم في الدرك الاسفل من النار وانهم يوم القيامة

يقولون للذين امنوا ^ انظرونا نقتبس من نوركم ^ الاية إلى قوله ^ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ^ وامر نبيه في اخر الامر بان لايصلي علي أحد منهم واخبر انه لن يغفر لهم وامره بجهادهم والاغلاظ عليهم واخبر انهم ان لم ينتهوا ليغرين الله نبيه بهم حتى يقتلوا في كل موضع # الدليل الرابع على ذلك ايضا قوله سبحانه وتعالى ^ فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ^ اقسم سبحانه بنفسه انهم لا يؤمنون حتى يحكموه في الخصومات التي بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم ضيقا من حكمه بل يسلموا لحكمه ظاهرا وباطنا
وقال قبل ذلك ^ الم تر إلى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا واذا قيل لهم تعالوا إلى ما انزل الله والى الرسول رايت المنافقين يصدون عنك صدودا ^ فبين سبحانه ان من دعي إلى التحاكم إلى كتاب الله والى رسوله فصد عن رسوله كان منافقا وقال سبحانه ^ ويقولون امنا بالله وبالرسول واطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين واذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق ياتوا اليه مذعنين افي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله بل اولئك هم الظالمون انما كان قول المؤمنين اذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا ^ فبين سبحانه ان من تولى عن طاعة الرسول واعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن وان المؤمن هو الذي يقول سمعنا واطعنا فاذا كان النفاق يثبت ويزول الايمان بمجرد الاعراض عن حكم الرسول وارادة التحاكم إلى غيره مع ان هذا ترك محض وقد يكون سببه قوة الشهوة فكيف بالتنقص والسب ونحوه # ويؤيد ذلك ما رواه أبو اسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن
ابراهيم بن دحيم في تفسيره حدثنا شعيب بن شعيب حدثنا أبو المغيرة حدثنا عتبة بن ضمرة حدثني أبي ان رجلين اختصما إلى النبي فقضى للمحق على المبطل فقال المقضي عليه لا ارضى فقال صاحبه فما تريد قال ان نذهب إلى أبي بكر الصديق فذهبا
اليه فقال الذي قضي له قد تخاصمنا إلى النبي فقضى لي عليه فقال أبو بكر فانتما على ما قضى به النبي فابى صاحبه ان يرضى قال ناتي عمر بن الخطاب فاتياه فقال المقضي له قد اختصمنا إلى النبي فقضى لي عليه فابى ان يرضى ثم اتينا أبا بكر الصديق فقال انتما على ما قضى به النبي فابى ان يرضى فساله عمر فقال كذلك فدخل عمر منزله فخرج والسيف بيده قد سله فضرب به راس الذي ابى ان يرضى فقتله فانزل الله تبارك وتعالى ^ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ^ الاية # وهذا المرسل له شاهد من وجه اخر يصلح للاعتبار قال ابن دحيم حدثنا الجوزجاني حدثنا أبو الاسود حدثنا
ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة بن الزبير قال اختصم إلى رسول الله رجلان فقضى لاحداهما فقال الذي قضى عليه ردنا إلى عمر فقال رسول الله نعم انطلقوا إلى عمر فانطلقا فلما اتيا عمر قال الذي قضي له يا ابن الخطاب ان رسول الله قضى لي وان هذا قال ردنا إلى عمر فردنا اليك رسول الله فقال عمر اكذلك للذي قضي عليه قال نعم فقال عمر مكانك حتى اخرج فاقضي بينكما فخرج مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وادبر الاخر إلى رسول الله فقال يارسول الله قتل عمر صاحبي ولولا ما اعجزته لقتلني فقال
رسول الله ما كنت اظن ان عمر يجتري على قتل مؤمن فانزل الله تعالى ^ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ^ فبرا الله عمر من قتله # وقد رويت هذه القصة من غير هذين الوجهين قال أبو عبد الله احمد بن حنبل ما اكتب حديث ابن لهيعة الا للاعتبار والاستدلال وقد اكتب حديث هذا الرجل على هذا المعنى كاني استدل به مع غيره يشده لا انه حجة اذا انفرد # الدليل الخامس ما استدل به العلماء على ذلك قوله سبحانه ^ ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ^ الاية ودلالتها من وجوه

  1. احدها انه قرن اذاه باذاه كما قرن طاعته بطاعته فمن اذاه فقد اذا الله تعالى وقد جاء ذلك منصوصا عنه ومن آذى الله فهو كافر حلال الدم يبين ذلك ان الله تعالى جعل محبة الله ورسوله وارضاء الله ورسوله وطاعة الله ورسوله شيئا واحدا ف ^ قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله ^ وقال ^ واطيعوا الله والرسول ^ في مواضع متعددة وقال أيضا والله ورسوله أحق أن يرضوه فوحد الضمير وقال ايضا ^ ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ^ وقال ايضا ^ يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول ^ # وجعل شقاق الله ورسوله ومحادة الله ورسوله واذى الله ورسوله ومعصية الله ورسوله شيئا واحدا فقال ^ ذلك بانهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله ^ وقال ^ ان الذين يحادون الله ورسوله ^ و ^ الم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله ^ وقال ^ ومن يعص الله ورسوله ^ الاية


  1. وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين وان جهة حرمه الله ورسوله جهة واحدة فمن اذى الرسول فقد اذى الله ومن اطاعه فقد اطاع الله لان الامة لا يصلون ما بينهم وبين ربهم الا بواسطة الرسول ليس لاحد منهم طريق غيره ولا سبب سواه وقد اقامه الله مقام نفسه في امره ونهيه واخباره وبيانه فلا يجوز ان يفرق بين الله ورسوله في شئ من هذه الامور # ثانيها انه فرق بين اذى الله ورسوله وبين اذى المؤمنين والمؤمنات فجعل هذا قد احتمل بهتانا واثما مبينا وجعل على ذلك لعنته في الدنيا والاخرة واعد له العذاب المهين ومعلوم ان اذى المؤمنين قد يكون من كبائر الاثم وفيه الجلد وليس فوق ذلك الا الكفر والقتل # الثالث انه ذكر انه لعنهم في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا واللعن الابعاد عن الرحمة ومن طرده عن رحمته في الدنيا والاخرة لا يكون الا كافرا فان المؤمن يقرب اليها بعض الاوقات ولا يكون مباح الدم لان حقن الدم رحمة عظيمة من الله فلا يثبت في حقه


  1. ويؤيد ذلك قوله ^ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا ^ فان اخذهم وتقتيلهم والله اعلم بيان لصفة لعنهم وذكر لحكمة فلا موضع له من الاعراب وليس بحال ثانية لانهم اذا جاوروه ملعونين ولم يظهر اثر لعنهم في الدنيا لم يكن في ذلك وعيد لهم # بل تلك اللعنة ثابته قبل هذا الوعيد وبعده فلابد ان يكون هذا الاخذ والتقتيل من اثار اللعنة التي وعدوها فثبت في حق من لعنه الله في الدنيا والاخرة # ويؤيده قول النبي لعن المؤمن كقتله متفق عليه فاذا كان الله لعن هذا في الدنيا والاخرة فهو كقتله فعلم ان قتله مباح


  1. قيل واللعن انما يستوجبه من هو كافر لكن ليس هذا جيدا على الاطلاق # ويؤيده ايضا قوله تعالى ^ الم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ^ ولو كان معصوم الدم يجب على المسلمين نصره لكان له نصير # ويوضح ذلك انه قد نزل في شان ابن الاشرف وكان من لعنته ان قتل لانه كان يؤذي الله ورسوله # واعلم انه لايرد على هذا انه قد لعن من لايجوز قتله لوجوه # احدها ان هذا قيل فيه لعنه الله في الدنيا والاخرة فبين انه سبحانه اقصاه عن رحمته في الدارين وسائر الملعونين انما قيل فيهم لعنه الله او عليه لعنة الله وذلك يحصل باقصائه عن الرحمة في وقت من الاوقات وفرق بين من لعنه الله لعنة مؤبدة عامة ومن لعنه لعنا مطلقا

الثاني ان سائر الذين لعنهم الله في كتابه مثل الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ومثل الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ومثل من يقتل مؤمنا متعمدا اما كافر او مباح الدم بخلاف بعض من لعن في السنة # الثالث ان هذه الصيغة خبر عن لعنة الله له ولهذا عطف عليه ^ واعد لهم عذابا مهينا ^ وعامة الملعونين الذين لايقتلون او لا يكفرون انما لعنوا بصيغة الدعاء مثل قوله لعن الله من غير منار الارض ولعن الله السارق ولعن الله اكل الربا
وموكله ونحو ذلك # لكن الذي يرد على هذا قوله تعالى ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم ^ فان في هذه الاية ذكر لعنتهم في الدنيا والاخرة مع ان مجرد القذف ليس بكفر ولا يبيح الدم # والجواب عن هذه الاية من طريقين مجمل ومفصل # اما المجمل فهو ان قذف المؤمن القذف المجرد هو نوع من اذاه واذا كان كاذبا فهو بهتان عظيم كما قال سبحانه ^ ولولا اذ
سمعتموه قلتم ما يكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ^ والقران قد نص على الفرق بين اذى الله ورسوله وبين اذى المؤمنين ف ^ ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ^ فلا يجوز ان يكون مجرد اذى المؤمنين بغير حق موجبا للعنة الله في الدنيا والآخرة وللعذاب المهين إذ لو كان كذلك لم يفرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين ولم يخصص مؤذي الله ورسوله باللعنة المذكورة ويجعل جزاء مؤذي المؤمنين انه احتمل بهتانا واثما مبينا كما قال في موضع اخر ^ ومن يكسب خطيئة او اثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا ^ كيف والعليم الحكيم اذا توعد على الخطيئة زاجرا عنها فلابد ان يذكر اقصى ما يخاف على صاحبها فاذا ذكر خطيئتين احداهما أكبر من الاخرى متوعدا عليهما زاجرا عنهما ثم ذكر في احداهما جزاء وذكر الاخرى ما هو دون ذلك ثم ذكر هذه الخطيئه في موضع اخر متوعدا عليها بالعذاب الادنى بعينه علم ان جزاء الكبرى لايستوجب بتلك التي هي ادنى منها
فهذا دليل يبين لك ان لعنة الله في الدنيا والاخرة واعداده العذاب المهين لا يستوجب بمجرد القذف الذي ليس فيه اذى لله ورسوله وهذا كاف في اطراد الدلالة وسلامتها عن النقض واما الجواب المفصل فمن ثلاثة اوجه احداها ان هذه الاية في ازواج النبي خاصة في قول كثير من اهل العلم فروى هشيم عن العوام بن حوشب ثنا شيخ من بني كاهل قال فسر ابن عباس سورة النور فلما اتى على هذه الاية ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ^ إلى اخر الاية قال هذه في شان
عائشة وازواج النبي خاصة وهي مبهمة ليس فيها توبة ومن قذف امراة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرا ^ والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا باربعة شهداء ^ إلى قوله ^ الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا ^ فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لاولئك توبة قال فهم رجل ان يقوم فيقبل راسه من حسن ما فسر # وقال أبو سعيد الاشج ثنا عبد الله بن خراش عن العوام عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ^ نزلت في عائشه رضى الله عنها
خاصة واللعنة في المنافقين عامة فقد بين ابن عباس ان هذه الاية انما نزلت فيمن يقذف عائشة وامهات المؤمنين لما في قذفهن من الطعن على رسول وعيبه فان قذف المراة اذى للزوجها كما هو اذى لابنها لانه نسبة له إلى الدياثة واظهار لفساد فراشه فان زنى امراته يؤذي أذى عظيما ولهذا جوز له الشارع ان يقذفها اذا زنت ودرا الحد عنه باللعان ولم يبح لغيره ان يقذف امراه بحال # ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف اهله أعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف ولهذا ذهب الإمام احمد في احدى الروايتين المنصوصتين عنه إلى ان من قذف امرأه غير محصنة كالامة والذمية ولها زوج او ولد محصن حد لقذفها لما الحقه من العار بولدها وزوجها المحصنين

  1. والرواية الاخرى عنه ووهي قول الاكثرين انه لاحد عليه لانه اذى لهما لاقذف لهما والحد التام انما يجب بالقذف وفي جانب النبي اذاه كقذفه ومن يقصد عيب النبي بعيب ازواجه فهو منافق وهذا معنى قول ابن عباس اللعنة في المنافقين عامة وقد وافق ابن عباس على هذا جماعة فروى الإمام احمد والاشج عن خصيف قال سالت سعيد بن جبير فقال الزنى اشد او قذف المحصنة قال لا بل الزنى قال قلت فان الله تعالى يقول ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ^ فقال انما كان هذا في عائشة خاصة

وروى احمد باسناده عن أبي الجوزاء في هذه الاية ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ^ قال هذه لامهات المؤمنين خاصة وروى الاشج باسنادة عن الضحاك في هذه الاية قال هن نساء النبي وقال معمر عن الكلبي انما عني بهذه الاية ازواج النبي فاما من رمى امراة من المسلمين فهو فاسق كما قال الله تعالى او يتوب ووجه هذا ما تقدم من ان لعنة الله في الدنيا والاخرة لاتستوجب
بمجرد القذف فتكون اللام في قوله ^ المحصنات الغافلات المؤمنات ^ للتعريف المعهود هنا ازواج النبي لان الكلام في قصة الافك ووقوع من وقع في أم المؤمنين عائشة او يقصر اللفظ العام على سببه للدليل الذي يوجب ذلك ويؤيد هذا القول ان الله سبحانه رتب هذا الوعيد على قذف محصنات غافلات مؤمنات وقال في أول السورة ^ والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ^ الاية فرتب الجلد ورد الشهادة والفسق على مجرد قذف المحصنات فلابد ان تكون المحصنات الغافلات المؤمنات لهن مزية على مجرد المحصنات وذلك والله اعلم لان ازواج النبي مشهود لهن بالايمان لانهن امهات المؤمنين وهن ازواج نبيه في الدنيا والاخرة وعوام المسلمات انما يعلم منهن في الغالب ظاهر الايمان ولان الله سبحانه قال في قصة عائشة ^ واللذين تولى كبره منهم له عذاب عظيم ^ فتخصيصه بتولي كبره دون غيره دليل على اختصاصه بالعذاب العظيم وقال ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والاخرة لمسكم فيما افضتم فيه عذاب عظيم ^ فعلم ان العذاب العظيم لايمس كل من قذف وانما يمس
متولي كبره فقط وقال هنا ^ ولهم عذاب عظيم ^ فعلم انه الذي رمى امهات المؤمنين يعيب بذلك رسول الله وتولى كبر الافك وهذه صفة المنافق ابن أبي # واعلم انه على هذا القول تكون هذه الاية حجة ايضا موافقة لتلك الاية لانه لما كان رمي امهات المؤمنين اذى للنبي لعن صاحبه في الدنيا والاخرة ولهذا قال ابن عباس ليس فيها توبة لان مؤذي النبي لا تقبل توبته او يريد اذا تاب من القذف حتى يسلم إسلاما جديدا وعلى هذا فرميهن نفاق مبيح للدم اذا قصد به اذى النبي او اوذين بعد العلم بانهن ازواجه في الاخرة فانه ما بغت امراة نبي قط # ومما يدل على أن قذفهن اذى للنبي ما خرجاه في الصحيحين في حديث الافك عن عائشة قالت فقام رسول الله فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول قالت فقال رسول وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني اذاه في اهل
بيتي فوالله ما علمت على اهلي الا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه الا خير وما كان يدخل على اهلي الا معي فقام سعد بن معاذ الانصاري فقال انا اعذرك منه يارسول الله ان كان من الاوس ضربنا عنقه وان كان من اخواننا من الخزرج امرتنا ففعلنا امرك فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام اسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فانك منافق تجادل عن المنافقين قالت فثار الحيان الاوس والخزرج حتى هموا ان يقتتلوا ورسول الله قائم على المنبر فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت وفي رواية اخرى صحيحة قالت لما ذكر من شاني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله في خطيبا وما علمت به فتشهد فحمد الله واثنى عليه بما هو اهله ثم قال اما بعد اشيروا
علي في اناس ابنوا اهلي وايم الله ما علمت على اهلي سوءا قط وابنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ولا دخل بيتي قط الا وانا حاضر ولا كنت في سفر الا غاب معي فقام سعد بن معاذ فقال يارسول الله مرني ان تضرب اعناقهم # فقوله من يعذرني اي من ينصفني ويقيم عذري اذا انتصفت منه لما بلغني من اذاه في اهل بيتي وابنه لهم فثبت انه قد تاذى بذلك تاذيا استعذر منه وقال المؤمنون الذين لم تاخذهم حمية مرنا نضرب اعناقهم فانا نعذرك اذا امرتنا بضرب اعناقهم ولم ينكر النبي على سعد استئماره في ضرب اعناقهم وقوله انك معذور اذا فعلت ذلك # يبقى ان يقال فقد كان من اهل الافك مسطح وحسان
وحمنه ولم يرموا بنفاق ولم يقتل النبي احدا بذلك السبب بل قد اختلف في جلدهم # وجوابه ان هؤلاء لم يقصدوا اذى النبي ولم يظهر منهم دليل على اذاه بخلاف ابن أبي الذي انما كان قصده أذاه ولم يكن اذ ذاك قد ثبت عندهم ان ازواجه في الدنيا هن ازواجا له في الاخرة وكان وقوع ذلك من ازواجه ممكنا في العقل ولذلك توقف النبي في القصة حتى استشار علي وزيدا وحتى سال
بريرة فلم يحكم بنفاق من لم يقصد اذى النبي لامكان ان يطلق المراة المقذوفة فاما بعد ان ثبت انهن ازواجه في الاخرة وانهن امهات المؤمنين فقذفهن اذى له بكل حال ولا يجوز مع ذلك ان يقع منهن فاحشه لان في ذلك جواز ان يقيم الرسول مع امراة بغي وان تكون أم المؤمنين موسومه بذلك وهذا باطل ولهذا قال سبحانه ^ يعظكم الله وان تعودوا لمثله ابدا ان كنتم مؤمنين ^ وسنذكر ان شاء الله تعالى في اخر الكتاب كلام الفقهاء فيمن قذف نساءه وانه معدود من اذاه # الوجه الثاني ان الاية عامة قال الضحاك قوله تعالى ^ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ^ يعني به ازواج النبي خاصة ويقول اخرون يعني ازواج المؤمنين عامة
وقال أبو سلمه بن عبد الرحمن قذف المحصنات من الموجبات ثم قرا ^ ان الذين يرمون المحصنات ^ الاية وعن عمرو بن قيس قال قذف المحصنة يحبط عمل تسعين سنة رواهما الاشج وهذا قول كثير من الناس ووجهه ظاهر الخطاب فانه عام فيجب اجراءه على عمومه اذ لا موجب لخصوصه وليس هو مختصا بنفس السبب بالاتفاق لان حكم غير عائشه من ازواج النبي داخل في العموم وليس هو من السبب ولانه لفظ جمع والسبب في واحدة ولان قصر عمومات القران على اسباب نزولها باطل فان عامة الايات نزلت باسباب اقتضت ذلك وقد علم ان شيئا منها
لم يقصر على سببه والفرق بين الايتين انه في أول السورة ذكر العقوبات المشروعة على ايدي المكلفين من الجلد ورد الشهادة والتفسيق وهنا ذكر العقوبة الواقعة من الله سبحانه وهي اللعنة في الدارين والعذاب العظيم # وقد روي عن النبي من غير وجهه وعن اصحابه ان قذف المحصنات من الكبائر وفي لفظ في الصحيح قذف المحصنات الغافلات المؤمنات وكان بعضهم يتاول على ذلك قوله ^ ان الذين
يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ^ ثم اختلف هؤلاء # فقال أبو حمزة الثمالي بلغنا انها نزلت في مشركي اهل مكة اذ كان بينهم وبين رسول الله عهد فكانت المراة اذا خرجت إلى رسول الله إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من اهل مكة وقالوا انما خرجت تفجر فعلى هذا تكون فيمن قذف المؤمنات قذفا يصدهن به عن الايمان ويقصد بذلك ذم المؤمنين لينفر الناس عن الإسلام كما فعل كعب ابن الاشرف # وعلى هذا فمن فعل ذلك فهو كافر وهو بمنزلة من سب النبي
وقوله انها نزلت زمن العهد يعني والله اعلم انه عني بها مثل اولئك المشركين المعاهدين والا فهذه الاية نزلت ليالي الافك وكان الافك في غزوة بني المصطلق قبل الخندق والهدنة كانت بعد ذلك بسنتين ومنهم من اجراها على ظاهرها وعمومها لان سبب نزولها قدف عائشه وكان فيمن قذفها مؤمن ومنافق وسبب النزول لا بد ان يندرج في العموم ولانه لا موجب لتخصيصها # والجواب على هذا التقدير انه سبحانه قال هنا ^ لعنوا في الدنيا والاخرة ^ على بناء الفعل للمفعول ولم يسم اللاعن وقال هناك ^ لعنهم الله في الدنيا والاخرة ^ واذا لم يسم الفاعل جاز ان يلعنهم
غير الله من الملائكة والناس وجاز ان يلعنهم الله في وقت ويلعنهم بعض خلقه في وقت وجاز ان الله تعالى يتولى لعنة بعضهم وهو من كان قذفه طعنا في الدين ويتولى خلقه لعنة الاخرين واذا كان اللاعن مخلوقا فلعنته قد تكون بمعنى الدعاء عليهم وقد تكون بمعنى انهم يبعدونهم عن رحمة الله # ويؤيد هذا ان الرجل قذف امراته تلاعنا وقال الزوج في الخامسه ^ لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ^ فهو يدعو على نفسه ان كان كاذبا في القذف ان يلعنه الله كما امر الله رسوله ان يباهل من حاجه في المسيح بعد ما جاءه من العلم بان يبتهلوا فيجعل لعنة الله على الكاذبين فهذا مما يلعن به القاذف ومما يلعن به ان يجلد وان ترد شهادته ويفسق فانه عقوبة له واقصاء له عن مواطن الامن والقبول وهي من رحمة الله وهذا بخلاف من اخبر الله انه لعنه في الدنيا والاخرة فان لعنة الله له توجب زوال النصر عنه من كل وجه وبعده عن اسباب الرحمة في الدارين