حكم الترحم والتعزية في وفاة البابا شنودة الثالث
للشيخ حمد بن محمد الهاجري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن مما ابتلي به كثير من المسلمين المجاملة في دين الله عز وجل، و ضعف عقيدة الولاء والبراء في قلوبهم.
ومن ذلك ما يقوم به بعض المسلمين من الترحم على البابا شنودة الثالث، وتعزية أهل ملته فيه، ويمكن بيان حكم ذلك في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: حرمت الشريعة الإسلامية الدعاء للكفار بالرحمة والمغفرة والجنة ونحوها مما لا تحصل إلا للمسلم؛ قال سبحانه: ﴿ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أنْ يسْتغْفروا للْمشْركين ولوْ كانوا أولي قرْبى منْ بعْد ما تبيّن لهمْ أنّهمْ أصْحاب الْجحيم﴾[التوبة:113]، وقال سبحانه: ﴿ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون﴾. [التوبة:84].
المسألة الثانية: حكم تعزية الكفار تنقسم إلى حالتين:
الحالة الأولى: أن يعزي المسلم أهل الكافر الميت وقرابته؛ فعلى التفصيل الآتي:
(1) أن يكون الكافر حربيا أو عدوا للمسلمين؛ فلا تجوز التعزية.
(2) أن لا يكون الكافر حربيا أو عدوا للمسلمين.
فقد سئل الشيخ محمد العثيمين: ما حكم التعزية في الكافر إذا مات سواء كان أهله مسلمين أو كفاراً ؟
فأجاب- رحمه الله -:"أما إن كانوا مسلمين فلا بأس بتعزيتهم، لأنهم مسلمون مصابون، لهم حق. وأما إن كانوا كفاراً فينظر في ذلك للمصلحة، إن كان في ذلك مصلحة التأليف وجلب المودة من هؤلاء الكفار للمسلمين فلا بأس، وإن لم يكن فيها فائدة فلا فائدة" انظر: "الإجابات على أسئلة الجاليات" (1/14، 15).
ولا بد من التنبيه عند التعزية على الأمور الآتية:
(1) أن ينوي المسلم بذلك دعوتهم، وتأليف قلوبهم على الإسلام، ويدعوهم بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب.
(2) لا يُدعى لميّتهم بالمغفرة والرحمة أو الجنة – كما تقدم -، ولا لأهله الكفار بحصول الأجر والثواب، وإنما يدعو لهم بما يناسب حالهم بحثهم على الصبر، ومواساتهم، وتذكيرهم بأن هذه سنّة الله في خلقه.
فيقال: أخلف الله عليكم أو جبر الله مصيبتكم، أو أطال أعماركم وأكثر مالكم ونحو ذلك.
(3) لا يجوز تعزيتهم في الكنيسة؛ لأنه وإن لم يفعل ما يفعلونه أو يقل ما يقولونه؛ فإن حضوره على تلك الحال بدون إنكار فيه نوع إقرار وموافقة وقد : ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٤٠].
الحالة الثانية: أن يعزي المسلم أهل ملته إذا مات منهم قسيس ونحوه، فلا يجوز؛ لما فيه من التأييد والإقرار لدينهم، فيغتر الجهال من المسلمين والكفار بذلك، و يعتقدون أن دينه حق.
قال الشيخ محمد بن عثيمين في حكم تعزية الكافر: "والراجح أنه إذا كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً، وإلا فينظر في المصلحة". (مجموع فتاواه 2/303).
المسألة الثالثة: يحرم حضور المسلم جنازة الكافر و تشييعها ودفنها، و مشاركتهم في شعائرهم وطقوسهم عند الجنازة، لأنها من تعظيم الكافر وموالاته.
و كتبه
د. حمد بن محمد الهاجري
الأحد 25/ربيع الثاني/1433هـ
الموافق لـ18/مارس/2012
الورقات السلفيةp;l hgjvpl ,hgju.di tn ,thm hgfhfh ak,]i
المفضلات